>>>> الرد الثاني :
اعلم ان الطلب ليس موجه لي بالاضافة لست ادبي لكن تفضل
الأخلاق بين النسبي والمطلق
مقدمة:إذا كان الإنسان يختار فعاله الحرة بصفة إرادية وفي حدود معينة فهذاالاختيار يكون بين ممكنين على الإنسان في ذلك يعي ما يختار، أي لا يتمالاختيار إلا بعد تقييم ثم يترتب عليه الإقدام أو الأحجام فنقدم على الفعلإذا كان حسنا ونحجم عنه إذا كان مستهجنا، فلو أخذنا فعل السرقة، وفعلالعمل، لوصفنا الأول بأنه قبيح رغم ما يترتب عليه من أثار مادية كالربحونصف الثاني بأنه حسن رغم ما به من تعب ونصب، وهذا يعني أن الأول فعل لاأخلاقي أي انه شر أما الثاني فهو فعل أخلاقي وهو خير.
إن ما ينتج عن هذه الموازنة هو أن الإنسان العادي السوي ينشد الخير وينفرمن الشر وهذا أمر عادي ومعروف ولكن الموضوع سيصبح إشكاليا لو طرح السؤالمتى يكون الفعل خيرا؟ ومتى يكون شرا؟ هل ما كان خيرا سيظل كذلك ؟ أم أن ماهو خير اليوم يمكن إن يصبح شرا غدا؟ أن هذه التساؤلات تفرض علينا مستوى منالتحليل يبدل بضبط مفهوم للقيمة الأخلاقية ذاتها .
معنى القيمة الأخلاقية : القيمة في اللغة تعني المقدار فيقال قيمة الشيءمقداره وقيمة المتاع ثمنه ويطلق من الناحية الذاتية على الصفة التي تجعلمن ذلك الشيء مرغوبا ومطلوبا ، أما الناحية الموضوعية فتطلق على ما يتميزبه الشيء ذاته من صفات تجعله مستحقا للتقدير إن كثيرا أو قليلا . أما فيالأخلاق فلفظ القيمة الأخلاقية يعني الخير ونقيضه الشر، بحيث تكون قيمةالفعل فيما يتضمنه من خيريه أو ما نرى فيه من خيريه وكلما كانت المطابقةبين الفعل والصورة الغائية للخير كلما كانت قيمة الفعل اكبر .
طبيعة القيمة الأخلاقية:أ- ضبط المشكلة: إذا كان من السهل أن يقال أنالقيمة الأخلاقية هي المطابقة بين الفعل والصورة الغائية للخير فما طبيعةهذه القيمة؟ هل الخير خير في ذاته ومن ثمة فصورته ثابتة، موضوعية، مطلقةلتكون القيمة الأخلاقية موضوعية مستقلة عنا وعن كل ما يطرأ في حياة الناسمن تغيرات أم أن القيمة الأخلاقية (الخير) ذاتية لتكون صورته الغائيةمتغيرة، نسبية، تتصل بالزمان والمكان ؟ بصورة وجيزة هل طبيعة القيمةالأخلاقية موضوعية أم ذاتية.؟
ب- التحليل: 1- القيمة الأخلاقية موضوعية: يذهب المثاليون إلى الاعتقاد أنالقيم الأخلاقية ينبغي أن تكون موضوعية مستقلة عن عالم الكون والفساد.فأفلاطون قديما يعتقد أن الفضيلة موجودة في عالم المثل، والروح تأتي منهوهي محملة بالفضيلة، وعليه فما كان خيرا سيظل كذلك والروح تدرك بذاتها مافي الفعل من خيرية من خلال التذكر. على أن الفكرة تزداد وضوحا مع كانطالذي سلك منهجا نقديا قاده بالضرورة إلى افتراض ثلاث خصائص للقيمةالأخلاقية حتى تكون قيمة بالمعنى الإنساني الموضوعية والثبات والمطلقية،وإلا لم ولن تستطيع القيم الأخلاقية أن تكتسب الطابع الإنساني .
وقد تذهب المعتزلة في الفكر الإسلامي إلى أن في الفعل من الصفات ما يجعلهخيرا، الشرع مخير والعقل مدرك. فالفعل الخير كالجوهرة فيه من الصفاتالموضوعية ما يجعله خيرا, ويذهب فولتر إلى أن الخير يعرف بداهة ولا يختلففيه اثنان مهما اختلف الزمان والمكان فالراعي التتري والصباغ الهنديوالبحار الإنجليزي يتفوق على أن العدل خير والظلم شر, ومعناه إن في العدلمن الصفات ما يجعله خيرا بشكل موضوعي وثابت ومطلق.
النقد: يتضح من هذا الطرح أن القول بموضوعية القيم الأخلاقية هدفه تاميناليقين للقيم الأخلاقية وتجاوز كل تضارب أخلاقي يفقد القيم الأخلاقيةطابعها الإنساني وهو مسعى لا نعترض علبيه ولكنها طرح يتجاوز الوقائع منجهة ويتجاوز الحياة الإنسانية من جهة ثانية لأن النظر في الواقع يفيد أنلكل بيئة اجتماعية ثقافية نظاما من القيم يخالف بيئة أخرى فإذا كان العدلمثلا مطلبا إنسانيا فهو لا يطبق بنفس الكيفية فالعدل كما يراه الصباغالهندي يختلف من طبيعة ذاتية:- ( يمكن إدراج وجهة نظر الاشاعرة ضمنالاتجاه الذاتي). يذهب أنصار الاتجاه الذاتي الذي يشمل ذوي النزعةالواقعية التجريبية أن القيمة الأخلاقية ذاتية بنت بيئتها زمانيا ومكانيا,فإذا كنا نعيش عالما يتسم بالتغير فالأكيد إن القيم الأخلاقية تتغير ولاوجود لقيم موضوعية هي بذاتها ثابتة .فالنفعيون والاجتماعيون والعاطفيونيتفقون على أن القيم الأخلاقية ذاتية نسبية متغيرة مثلما تتغير المنافعوتتغير البيئات وتتقلب العواطف وخير دليل الواقع , إن تمثلنا للقيموتبنينا لها يخضع لما نتلقاه من تربية وتلقين, وما يلاحظ من تقارن بينالناس و بين البيئات الثقافية لذا كان حقد نيتشة على كانط كبيرا حينما زعمنمطا أخلاقيا متعاليا إنسانيا لأن الواقع يفرض نظاما من الأخلاق تبعالموقع الفرد الطبقي, الثقافي....الخ.
وفي الفكر الإسلامي ناهض الاشاعرة دعوى المعتزلة واعتقدوا أن الحسن والقبيح شرعيان وليسا عقليان , مختلفان باختلاف الشرائع.
النقد: إن كنا لا نستطع إن نقفز فوق الواقع الذي يثبت أن لكل نظام ثقافيمنظومة أخلاقية يساهم في إرسائها المعتقد الديني والواقع الثقافي والوضعالتاريخي فإننا في المقابل نؤكد أن هذه النظرة تمثل الأخلاق كممارسة وهنانفهم أن طبيعة القيم الأخلاقية من حيث الممارسة متغيرة وتتأثر بالذات فيحين أن النظر أليها من جهة الطبيعية النظرية وفي صورة إنسانية تبدو ثابتة.
نتيجة: تتأثر طبيعة القيمة الأخلاقية بالزاوية التي ننظر منها إلى القيمةفمن الناحية النظرية تبدو مطلقة لوضعية ثابتة حتى أن نحكم الحياةالإنسانية , أما من الناحية العلمية فهي تتأثر بالزمان والمكان ليغلبعليها الطابع الذاتي.
أساس القيمة الأخلاقية: إذا كان الاختلاف قائما حول طبيعة القيمةالاخلاقية فأن هذا الاختلاف امتد أيضا إلى الأساس الذي تقوم عليه هذهالقيمة ومن ثمة يطرح السؤال ما هو المعيار الذي بموجبه يغدو الفعل خيرا أوشرا ؟ هل يمكن أن تكون التجربة القائمة على اللذة والألم والنفع والضررأساسا موجها لأحكامنا الاخلاقية أم أن التجربة تعجز عن ذلك لتضارب اللذاتو المنافع و عليه لا يكون الأساس سوى عقليا بعيدا عن الميول والعواطفوالهواء أم أن العقل هو الآخر لا يكفي لأنه قد يؤدي إلى أحكام صورية نظريةيصعب تطبيقها و بالتالي يكون التفكير في المجتمع كأساس لأحكامنا الاخلاقية, فما حسنه المجتمع كان حسنا وما قبحه كان قبيحا ؟ وبصيغة موجز هل أساسالقيمة الاخلاقية هو الطبيعة البشرية ( اللذة والالم) أم الطبيعةالإنسانية العاقلة (العقل) آم الطبيعة الاجتماعية ؟
أ- المذهب التجريبي: (من اللذة إلى المنفعة) يعد هذا المذهب من أقدمالمذاهب الفلسفية إذ تعود جذوره الأولى إلى الفكر اليوناني إذ يذهب ارستيبإلى تأكيد أن اللذة هي مقياس الفعل، بل هي الخير الأعظم، هذا ما يلائمالطبيعة البشرية التي تنجذب بصورة تلقائية وعفوية إزاء ما يحقق لها متعةالحياة وتنفر في المقابل من كل ما يهدد أو يقلل من هذه المتعة هذا هو صوتالطبيعة ، فلا خجل ولا حياء ، أن اللذة المقصودة عنده هي لذة الجسدوأقواها إطلاقا لذة البطن ويلزم على ذلك أن كل القوى تتجه نحو تأكيدوتمجيد هذا المقياس .
لكن اتباع هذا المذهب عدلوا من هذا الطرح لأنه يتضمن صراحة الإساءة إلىحياة إنسانية يقترض فيها التميز عن حياة حيوانية هذا ما يؤكد ابيقوروالابيقوريون.الذين ميزوا بين الذات يعقبها الم وأخرى نقية لا يعقبها المالأولى ليست مقياسا للفعل الاخلاقي هي لذة الفساق كالخمر والنساء، وبينماهي أساسه وانتهى ابيقور Epicure)(341-270 ق م التي تتوافق اكثر مع طبيعة الإنسان هي اللذات الروحية منقبيل الصداقة وتحصيل الحكمة ، وهي لذات تستلزم الاعتدال في السلوك، بينمارفع الرواقيون Les stoicims اللذة إلى مستوى روحي أعلى ومقياس اللذة عندهمكل ما يحقق السعادة، ولا تتحقق السعادة إلا إذا عاش الفرد على وفاق معالطبيعة .
أما الفلاسفة المحدثون الذين يعد فكرهم امتداد لمذهب اللذة فقد جعلوا منالمنفعة أساسا للفعل ويظل الاختلاف بين النفعيين في أي المنافع يصلحمقياسا للفعل فقد حرص جريمي بنتام على وضع مقاييس للمنفعة، كالشدة والدوامواليقين والقرب والخصوبة والصفاء أو النقاء والسعة أو الامتداد ، ومع ذلكلم يخرج بنتام عن الأنانية السائدة في تصوره لمذهب المنفعة فهو يشترط فينقاء اللذة إلا تنطوي على تضحية من جانب الشخص للآخرين وهذا ما رفضه جوناستورت مل الذي اثر المنفعة العامة عن المنفعة الخاصة . وهو ما سبقه إليهجون لوك (1704-1632 ) الذي يذهب إلى أن الغاية من الاختلاق اجتماعية.
النقد : يتميز هذا المذهب بنظرية الواقعية آذ لا احد يتصرف ضد مصالحهومنافعه وهذا ليس أمرا سيئا , لكن السيئ في الموقف هو الاكتفاء باللذة والمنفعة موجها للفعل و إلا ترتب على ذلك تضاربا في القيم نتيجة لتضاربالمصالح.
ب- المذهب العقلي: يذهب نيون إجمالا إلى اتخاذ العقل مقياسا للفعل فقد قرنسقراط الفضيلة بالمعرفة, لكن جميع الدارسين يقفون على محاولة كانط التيتعد أهم محاولة لتأسيس الأخلاق لسببين , الأول وضع الأخلاق على محك النقدفي محاولة لكشف الشروط القبيلة للفعل الاخلاقي و الثاني إيجاد مقياس يسمحلكل ذي عقل أن يميز بين الفعل الاخلاقي واللاخلاقي.
فعن السبب الأول رفض كانط رهن الواجب الأخلاقي لغايات تخرج عنه, بصيغةأوضح رفض كانط بتأسيس الأخلاق على التجربة الحية لما يطالها من تغير وتبدلوما ترتبط به من غايات خارجة عن الفعل ,وهذا معناه أن الفعل الأخلاقي لايكون كذلك إلا لذا كان واجبا إذا الواجب آمرا مطلق, كلي, ثابت, إنساني,منزه, صادر عن الإرادة الخبرة للإنسان وعن السبب الثاني يحدد كانط جملة منالقواعد أو الصيغ بها تقاس أفعالنا .
1-قاعدة الكلية: " اعمل دائما بحيث تستطيع أن تجعل من قاعدة فعلك قانونا كليا شبيها بقانون الطبيعة".
2- قاعدة التنزيه: اعمل دائما بحيث تعامل الإنسانية في شخصك وفي أشخاص الآخرين دائما كغاية لا كوسيلة".
3- قاعدة الحرية أو الإرادة: "اعمل دائما بحيث تستطيع أن تجعل عن إرادتك الإرادة الكلية المشرعة للقانون الأخلاقي."
بهذه القواعد يتضح سمو الواجب الاخلاقي الذي لا يمكن أن نخفضه إلى مجردواجب اجتماعي قل هو واجب لكل الكائنات العمالقة تمثلا للقانون لا أكبر.
النقد: طمح كانط إلى تأسيس أخلاق ثابتة أمن لها اليقين و المطلقة وجعلهامتعالية منزهة ومع ذلك كانت عرضة لانتقادات شديدة وخاصة من قبل الفيلسوفالألمان فريدريك نيتشة الذي لم ير في مساواة الناس جميعا في واجب مطلقيختفي وراءه هؤلاء الضعفاء في الوقت الذي يفترض فيه أخلاق القوة (أخلاقالسادة) تلك التي تعبر عن إرادة الحياة.
ج- المذهب الاجتماعي: في المقابل للمذاهب السابقة يرفض الاجتماعيون كلتأمل أخلاقي لا يأخذ بعين الاعتبار الواقع الاجتماعي و فقد جعلت الماركسيةالخلاق انعكاس للواقع الاجتماعي الذي يعد هو بحد ذاته صدى لعلاقاتالإنتاج, فالأخلاق السائدة هي أخلاق الطبقة المسيطرة , بينما تذهب المدرسةالاجتماعية بزعامة دوركايم وليفي بريل, إلى أن الأخلاق ethique هي فيالحقيقة العادات والتقاليد, فهي في نظر دوركايم ظاهر اجتماعية تمارس ضغطاوإكراها , "لسنا سادة وتقويمنا الأخلاقي , فنحن ملزمون ومجبرون ومقيدونوالذي يلزمنا ويجبرنا ويفيدنا هو المجتمع". معنى ذلك أن أساس الفعلالأخلاقي هو المجتمع, فما حسنه المجتمع وأمر به فهو واجب أخلاقي لأنالواجب الأخلاقي بالضبط هو الواجب الاجتماعي وما نهى عنه معناه شر ينبغيتجنبه, هذا ما يدل عليه الواقع وما يكشف عليه التاريخ.
النقد: لا شك أن للمجتمع حضورا قويا فيما لدينا من قيم أخلاقية نأخذهاكقوالب جاهزة علينا الاقتتال لها ومع ذلك فالأخلاق ليس كلها اجتماعية, فقدناهض برغسون الخلاق الاجتماعية ووصفها بالأخلاق المغلقة, الساكنة والراكدةالتي تتنقل من جيل إلى جيل في مقابل الأخلاق المفتوحة, الحيوية والمتطورةتلك التي يبدعاه الأفراد القديسون والأبطال...
ويعلق فرانسوا غريغوار على الأخلاق الاجتماعية وما بها من نقص"فهي تبرير للانسياق الاتباعي " الذي يحرمنا من كل إبداع.
نتيجة : نكشف من العرض السابق إن الإنسان كائن أخلاقي بلا ريب حتى لو شكفي هذا الأساس أو ذاك كما يكشف التحليل انه من الصعب اتخاذ أساس مطلقللأخلاق بسبب من تشعب الحياة وتعدد مناحيها.
مشكلة سلم القيم الأخلاقية وتعارض الواجبات .
ضبط المشكلة: تقرر من التحليل السابق أن الإنسان في جميع الأحوال يسلكبمقتضى رقم ونظام أخلاقي بغض النظر الطبيعية و الأساس و لكن كثيرا ما نجدأنفسنا إزاء واجبات نختار في أيتها نختار وبأيها نبدأ. فما هو السلم الذيينبغي أن نعتمده في اختيار الواجبات ؟
يمكن إخضاع الإجابة على هذا السؤال للمذاهب السابقة ونتوقع أن يوجهناأصحاب اللذة والمنفعة إلى اختيار السلوك على أساس من اللذة وبها تغدوالواجبات الشخصية سابقة على العامة, وفضائل الحس والجسد قبل تضائل التأملوالعقل, حلافا للاجتماعين الذين يضعون الواجبات الاجتماعية, الآتيةوالقائمة موضع التنفيذ قبل الواجبات الخاصة أو المتعالية , بينما ستكونإجابة كانط على ذلك من أن السلم الجدير بالاحترام هو أن نضع الواجبالاخلاقي موضع الاختيار باعتباره الأسمى والمنزه والكلي و الثابت و إجمالاالفضائل أصناف و ينبغي للإنسان أن يحرص على انتقاد واختيار الأجدر منها والأكمل, أي تلك التي تكمل بها إنسانية الإنسان. .
=========
>>>> الرد الثالث :
الموضوع :السؤال المشكل.إذا افترضنا أن الأطروحة القائلة (إن المجتمع هو النموذج والمصدر لكل سلطة أخلاقية)أطروحة فاسدة وتقرر لديك الدفاع عنها وتبنيها فما عساك إن تفعل ؟
طرح المشكلة مقدمة
إن مشكلة أساس القيمة الخلقية هي من أقدم المشكلات الفلسفية واعقدها التي اختلف حولها الفلاسفة والمفكرين منذ فجر التاريخ ،وتناولوها وفقا لأرائهم واتجاهاتهم الفكرية,ومن ابرز هذه الاتجــاهات .الاتجاه الاجتماعي الذي يرجع أصحابه أساس القيم الخلقية إلى سلطة المجتمع .فكيف يمكننا إثبات أن المجتمع هو المصدر والنموذج لكل سلطة خلقية؟
محاولة حل المشكلة
عرض منطق الأطروحة
ينطلق أنصار المدرسة الاجتماعية وفي مقدمتهم الفرنسي (دوركايم)من إن القيم الأخلاقية بمختلف أنواعها وأشكالها سببها المجتمع ,وما سلوك الأفراد في حياتهم اليومية إلا انعكاس للضمير الجمعي الذي يُهيمن على كل فرد في المجتمع .وفي هذا يقول –دوركايم –(إذا تكلم الضمير فينا فان المجتمع هو الذي يتكلم )ومنه فان المجتمع هو المنبع والأساس الوحيد للقيمة الأخلاقية .وكل فعل يقوم به الفرد خارج الأطر والقوانين الاجتماعية لا تكون له أية قيمة في المجتمع .وكل من يحاول التمرد على الأعراف والعادات الاجتماعية يُعَرضُ نفسه لاستهجانه وسخطه .ومن هنا كان للقيمة الخلقية قوة مؤثرة في الفرد فهو يستجيب لها راضيا أو كارها ولهذا يقول دوركايم –إذا استنكر احدنا الفاحشة فلان المجتمع استنكرها – ويقول أيضا *.....لا بُد أن تكون أخلاق الفرد هي الأخلاق التي يتطلبها المجتمع بالضبط .إذ أن أي فعل لا يقره المجتمع على انه أخلاقي مهما كان نوعه لا يمكن أن يكسب فاعله أي قدر من الهيبة والنفوذ........
تدعيم الأطروحة بحجج شخصية
إن الأفراد المتمردون على القيم الاجتماعية وعند قيامهم بأي تصرفات منافية للقيم الاجتماعية يقومون بها بعيدا عن أعين المجتمع .فالسارق لا يمكنه أن يسرق شيئا إذا اعتقد أن غيره يراه .كما أن الواقع يؤكد بان سلطة المجتمع على الكثير من الأفراد أعلى من سلطة الشرع والعقل معا بدليل إن السواد الأعظم من البشر يلتزمون اشد الالتزام بالأوامر والنواهي الاجتماعية .بينما يقل التزامهم بالتعاليم الشرعية ..بالإضافة غالى أن الطفل ومنذ نعومة أظافره يحتك بالمجتمع من اجل اكتساب القيم الأخلاقية فيُقَوم ويُعَدل سلوكا ته وفقا لأوامر ونواهي المجتمع .
نقد خصوم الأطروحة
يرى أنصار الاتجاه العقلي وفي مقدمتهم الألماني كانط أن العقل هو الأساس والمصدر لكل قيمة خلقية لأنه الوسيلة التي يميز به الإنسان بين الخير والشر.وهو الذي يُشَرع ُ ويضع مختلف القوانين والقواعد الأخلاقية التي تتصف بالكلية والشمول أي تتجاوز الزمان والمكان .وقد اعتبر كانط الإرادة الخيرة الدعامة الأساسية للفعل الأخلاقي والشرط الذي ينبغي توفره في الإرادة هو الواجب ولهذا تسمى الأخلاق الكانطية- أخلاق الواجب -
وفي هذا يقول( إن الفعل الذي يتسم بالخيرية الخلقية فعل نقي خالص ,وكأنما هو قد هبط من السماء ذاتها)
ولكن أنصار هذا الاتجاه لا يستطيعون تفسير اختلاف القيم الأخلاقية بين الأفراد رغم ان العقل هو اعدل قسمة بين الناس .,كما انه ليس كل البشر يملكون الإرادة الخيرة .وهذا الإضافة إلى أن الأخلاق الكانطية هي أخلاق متعالية مثالية ولا يمكن تطبيقها على ارض الواقع
حل المشكلة
إن المجتمع يمدنا بمختلف القيم والقوانين الأخلاقية وهو سلطة متعالية على جميع الأفراد .والمرجع الأساسي لمختلف السلوكات الإنسانية ومنه فان الأطروحة القائلة إن المجتمع هو المصدر والنموذج لكل سلطة خلقية هي أطروحة صحيحة في سياقها ونسقها
الاستاذ جعفري امحمد ثانوية المغيلي ولاية ادرار
=========
>>>> الرد الرابع :
هل يمكن إقامة الأخلاق على أساس العقل وحده؟
=========
>>>> الرد الخامس :
مقالة جدلية حول الأخلاق بين المنفعة و المجتمع
مقدمة:
إن من أوغل الاهتمامات في التاريخ البشري الأخلاق وهي جملة من القيم و الأفعال تقوم على أحكام تقديرية لا تصبوا إلى وصف ماهو كائن و إنما التوجيه نحو ما ينبغي إن يكون عليه السلوك الإنسان و غايتها من هذا السلوك التقويم و الإرشاد ومعنى ذلك إن الفعل الخلقي يستند دائما إلى قيمة خلقية غير إن أساس و مصدر هذه الأخيرة أثارت جدلا بين الفلاسفة والعلماء فالمشكلة المطروحة:هل مصدر الإلزام الخلقي تكمن في طبيعة الإنسان أم المجتمع؟
التحليل(محاولة حل المشكلة)
عرض الأطروحة الأولى:يرى أنصار هذه الأطروحة إن أساس القيمة الأخلاقية المجتمع حيث لم ينضروا إلى الإنسان على أساس انه كائن منزوع من الواقع بل كائن ومنخرط في جماعة و تحيط به ظروف معينة و يتأثر بها فالخير عندهم مجرد مصطلح تعارف عليه الناس في زمان و مكان محددين و هو متغير حسب الأحوال و الظروف الاجتماعية ولذلك رفعوا شعارهم و من ابرز فلاسفة المجتمع نجد "أميل دوركايم" الذي رأى إن أصل القيم الأخلاقية هو المجتمع و في هذا الصدد قال:{إذا تكلم الضمير فينا فان المجتمع هو الذي يتكلم}فالأخلاق خلقت من اجل المجتمع و المجتمع هو الذي خلقها و هذا ما أكد عليه في قوله أيضا:{لسنا سادة تقويما بل المجتمع هو الذي يفعل ذلك}فما وافق عليه المجتمع هو خير و ما خالفه هو شر,و في نفس السياق هذا ما ذهب إليه" بيارجانيه"الذي رأى إن الطفل يستمد عاداته الأخلاقية من المجتمع,و تربية الواليين و الحياة اليومية و شبه المجتمع بالمتجر الكبير الذي يختار منه الفرد ما يشاء و حجتهم في ذلك إن الفرد عاجز عن بناء حياة بمعزل عن الجماعة و انه من الضروري الانخراط في الجماعة و التأثر بهم,و نفسي الإطار هذا ما أكد عليه المفكر"زكريا إبراهيم"إن لكل مجتمع من العادات و الأخلاق ما ينسجم مع التركيبة البشرية و في هذا السياق قال:{إن شواهد التاريخ تؤكد إن لكل مجتمع من العادات ما يتلاءم مع تركيبته البشرية}وعليه فان أصل القيمة الأخلاقية هو المجتمع وعلى هذا الأساس فإنها متغيرة من زمان إلى زمان و من مجتمع إلى أخر.
نقد:
لو كان المجتمع هو الذي يفرض على إفراده هذه القيم و يطبعهم بطابعه لكان من المفروض ان يسود الثبات لا التغير و التطور داخل المجتمعات و يزول الاختلاف بين المجتمعات و بماذا يمكن تفسير ظهور العلماء و المصلحين و عليه فان أطروحتهم نسبية من حيث الشكل و المضمون.
عرض الأطروحة الثانية:وعلى نقيض الأطروحة الأولى يرى أنصار هذه الأطروحة إن أساس القيمة الأخلاقية تكمن في طبيعة الإنسان التي تدفعه إلى طلب اللذة و تمسك بها ,فاللذة خير و الم شر و برأيهم إن الإنسان أناني يبحث دائما عن مصلحته و القيم التي يؤمن بها هي التي تتلاءم مع هذه المصالح و يعود هذا الرأي إلى" ارستب بوس"و يتجلى ذلك في قوله ":{اللذة هي الخير اََََلاعضم هذا هو صوت الطبيعة فلا خجل ولإحياء}و هو يرى إن الذات الفردية هي أساس القيمة الأخلاقية ,غير إن" ابيقور" فضل الذات المعنوية على حساب الذات الحسية ,كالتأمل الفلسفي و هو يرى إن اللذة هي شرط السعادة و مقياس الأفعال و في هذا الصدد قال :{اللذة هي بداية حياة سعيدة و غايتها هي ما ننطلق منه لنحدد ما ينبغي فعله و ما ينبغي تجنبه}و في العصر الحديث ضهر ما يسمى بالمذهب "المنفعة العام" على يد فلاسفة الإنجليز و منهم"بنتام,و جون ستيوارت"حيث نقل" بنتام" موضوع الأخلاق من المجال الفلسفي إلى المجال التجريبي , و يتجلى ذلك في "مقياس حساب الذات"و وضع شروط وفي هذا السياق قال :{اللذة إذا اتحدت شروطها كانت واحدة لدى الجميع} أولها شرط "الصفاء"كون يجوب اللذة خالية من الألم,شرط "الشدة"أي شدة اللذة أو ضعفها هو الذي خيرتها أو شرها ,و أهم هذه الشروط على الإطلاق شرط"المدى"أي امتداد اللذة إلى أكبر عدد ممكن من الناس غير أن تلميذه "جون ستيوارت"نضر إلى موضوع الأخلاق من زاوية الكيف و ليس الكم و في نضره أن شقاء الإنسان مع كرامته أفضل من حياة خنزير متلذذ و هذا واضح في قوله في احد نصوصه:{إن يعيش الإنسان شقيا أفضل من أن يعيش خنزيرا راضيا و أن يكون سقراط شقيا خير من أن يعيش سخيفا سعيدا}وعليه فان أساس القيمة الأخلاقية المنفعة.
نقد:هذه الأطروحة نسبية لأن المنفعة معيار متغير ,فما ينفعني لا ينفع غيري بالضرورة ومن هذا المنطلق يحدث تضارب في القيم الأخلاقية و تفقد الأخلاق قديستها و بريقها.
التركيب:رغم ما يبدو من التعارض الظاهري بين مذهب المنفعة والنظرية الاجتماعية إلا أنه في العمق لا بد من التكامل بين المذاهب الأخلاقية و الأخلاق الحقيقية هي التي يحدث فيها التكامل بين مصالح الإفراد و متطلبات المجتمع و العقل الخاضع للدين هو من يستطيع فعل ذلك حيث قال"فيخته":{الأخلاق من غير دين عبث}ذلك أن الدين يرشد العقل و يهذب المصلحة ,و يحقق الإلزام الخلقي أمام الله و المجتمع وهذا الحل التوفيقي نجده بكل وضوح عند "أبو حامد الغزالي"الذي قال:{حسن الخلق يرجع إلى اعتدال العقل و كمال الحكمة و اعتدال الضب و الشهوات و كونها للعقل والدين مطيعة}.
الخاتمة:
و مجمل القول أن الأخلاق مجموعة من القواعد و الأحكام التقديرية التي تحدد الخير و الشر و قد تبين لنا من خلال التحليل أن المشكلة المطروحة تتعلق بمعيار الأخلاق حيث تطرقنا بالتحليل و النقد إلى أطروحتين النظرية النفعية و النظرية الاجتماعية ,و كمخرج للمشكلة نستنج أن الأخلاق تتم عن تفاعل و تكامل المنفعة مع مطالب المجمع و تفاعل العقل مع الدين
=========
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة smart_mind
اعلم ان الطلب ليس موجه لي بالاضافة لست ادبي لكن تفضل
|
بارك الله فيك اخي جزاك الله ألف خير
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aissa fatma
اخي يجب ان تصبر علينا حتى يتسنى لنا كتابة كل المقالات الكتعلقة بهذه المشكلة
الاستاذة عيسى فاطمة |
بارك الله فيك أستاذة جزاك الله ألف خير
المشكل الأخلاقي: من المشاكل لفلسفية ذات الطابع الأخلاقي التأثير حولها الصراع الفكري والاختلاف في طرح وجهات النظر وتبريرها والتي لاتزال مطروحة إلى يومنا هذا هي مشكلة القيم الأخلاقية أو مصدر الأخلاق والسؤال المطروح يمثلاه موقعان احدهما للفيلسوف كارل ماركس مؤسس المادية التاريخية والثاني للفيلسوف فريدريك نتيشه فيلسوف القوة وكلاهما عاشا في القرن التاسع عشرا وكلاهما من رواد الفلسفة الألمانية الحديثة والتساؤل ما هو شكل ومحتوى كل موقف ياترى ؟ وأي الموقفين اصح ؟
ق1 : الأخلاق من صنع الأقوياء وعلى رأس هذا الموقف كارل ماركس ممثل الماركسية وأتباعها هم انجلز و لينين فالماركسية في نظرتها المادية التاريخية ترى أن القيم الأخلاقية قيم الخير وقيم الشر ، من إنتاج الأقوياء اقتصاديا في المجتمع .. أو بعبارة أوضح مصدر وجودها النظام الاقتصادي الذي يعيشه المجتمع سواء كان ذا النظام الاقتصادي إقطاعي أو نظام اقتصادي رأسمالي أو اشتراكي فالقيم الأخلاقية انعكاس لعلاقات الإنتاج وتؤكد هذه الطبقة المسيطرة اقتصاديا هي الطبقة المسيطرة أخلاقيا سوء في النظام الاقتصادي الإقطاعي أو الرأسمالي أو الاشتراكي فقيمة الخير والشر مصدرها الطبقة المالكة لقوى الإنتاج وبالتالي المنتوج نحن لا نكرر أن الحياة الاقتصادية لها تأثير في تغير أذهان الناس في ثقافتهم وأخلاقهم لكن ما يؤخذ على مذهب الماركسية المبالغة في المصدر الوحيد للقيم الأخلاقية، هو أسلوب الإنتاج وعلاقته بالمنتوج فالأفكار الفلسفية قد يكون لها تأثير على المجتمع ومن ثم مصدر للقيم الأخلاقية ودليلنا على ذلك أن الفكر النخبوي الواعي له تأثير فعال على إحداث قيم أخلاقية أو تغيرها والايديولوجية الماركسية نفسها كان لها تأثير قوي عالمي وغيرت مجرى التاريخ حيث أصبحت ايديولوجية الطبقات الكادحة وميثاق البلدان الاشتراكية والشيوعية
ق2 الأخلاق من صنع الضعفاء يمثل هذا الموقف الفيلسوف نتيشه حيث يرى أن القيم الأخلاقية الحياة الإنسانية فلا توجد قيم مطلقة يقول " الحق إن الناس هم الذين اعطو لأنفسهم كل خير وشر" وبما أن الحياة الإنسانية ليست ثابتة بل هي متغيرة متجددة فالقيم الأخلاقية هي الأخرى ليست ثابتة وإنما متجددة وربط القيم الأخلاقية عند نتيشه بالإنسان الضعيف المقصود بها أن الحياة البشرية عبر التاريخ مسرح للصراع المحتدم بين الناس نتيجة في نظره دائما تغلب الأقوياء على الضعفاء مما يلجا الضعفاء عندما يفقدون كل أدوات الصراع والمقاومة والى الحقد وتبرير ضعفه وهزيمتهم ببعض الأحكام ذات الطابع السلبي يدعون بأنها فضائل وما يقابلها رذائل فالسيطرة والتسلط رذيلة بينما الاستكانة وتحمل الاعتداء فضيلة الظلم رذيلة والصبر على تحمله فضيلة حمل السلاح قصدا للقتال رذيلة وتجنبه فضيلة .. فالضعفاء عبر التاريخ في نظر نيتشه ينادونا بأخلاق تبرر عجزهم وعليه فهي ليست أخلاقا حقيقة وقيما خلقية حقيقة ،إ نما الأخلاق الحقيقة عند نيتشه هي أخلاق الإنسان المتعالي وقد بشر به نتيشه في كتابه " هكذا تتكلم زاردشت " طبيعة تاريخية حيث اعتمد نيتشه على التاريخ الحافل بالصراع بين الناس وبخاصة بين القوي والضعيف فالأقوياء هم السادة والضعفاء هم العبيد فقد كان في التاريخ أن طبقة السادة هم الكهنة والمحاربين ولكن لما اشتد الصراع بينهم الذي كان نتيجة الاستيلاء على الحكم أفضى إلى انتصار المحاربون انهزام الكهنة مما دفع بالكهنة الحاقدين فيما بعد إلى اللجوء بإبداع الروح والدين والترهات والكهنة في نظر نتيشه عملوا على تجنيد الضعفاء من مرضى وعاجزين ومعذبين " طبقة العبيد" ضد طبقة المحاربين بدعوى أنهم الصالحون وجسد هذه الفكرة في نظر اليهود الكهنوتي ضد الارستقراطيون وانتصر تحت شعار المسيحية باحتلالهم وتم في التاريخ الإنساني قلب القيم الأخلاقية رأسا على عقب فالصبح الخير ضعفا
نقد : صحيح أن الأخلاق من صنع الضعفاء وهذا ما يبرره الواقع المعاش فالضعيف إذا ما عجز يبرر عجزه باللجوء إلى مبادئ مثالية يحتج بها ضد القوي قصد رفع الظلم والجور أما القوي لا يعطي أهمية لهذا التبرير فيتمادي في قهره وإذلاله وهذا ما أكده علم النفس التحليلي حيث أن العقد النفسية كالشعور بالنقص غالبا ما يجعل صاحبه بالتعويض عنه لكن دعوة نتيشه آن الأخلاق من صنع الأقوياء هي دعوة تؤدي إلى تسلط الأقوياء على الضعفاء فالأخلاق الصحيحة عنده هي أخلاق القوة وهذا ما يدفع بوجود الأنظمة الديكتاتورية التي تقمع الضعفاء كالحرب بين الدول القوية والضعيفة
تركيب : رغم ما يبدوا من تعارض بين مذاهب نيتشه في الأخلاق ومذهب ماركس في الأخلاق وبالأخص حول مصدر القيم الأخلاقية ولكنهما يتفقان حول نسبة القيم الأخلاقية لكونها ليست ثابتة ولكن القيم الأخلاقية ليست تابعة للإنسان الضعيف وإنما تابعة إلى ظروف البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية فقد أثبتت الدراسات الانثروبولوجية أن العادات والتقاليد والطقوس والأديان قد تلعب دور أساسي في طرح القيم الأخلاقية ، وقد ذهب إلى هذا العلامة ابن خلدون من قبل أن القيم الأخلاقية تعود إلى البيئة الاجتماعية فقد لاحظ أن القيم في المجتمع البدوي تتمثل في الشجاعة والكرم والشهامة بينما في المجتمع الحضري عكس ذلك وهذا ما يبرر قولنا أن القيم تعود الى الظروف الاجتماعية والطبيعية المحيطة بالمجتمع الإنساني ، وأكد هذا الموقف دوركايم ايظا والاسلام لما جاء فقد حذف من المجتمع الجاهلي كثيرا من القيم الأخلاقية التي كان يعتبرها وقتذالك خيرا كالوأد والأخذ بالثار فحاربها الإسلام بكل قوة وبشر ونادى بقيم أخلاقية تتنافى مع قيم العصر الجاهلي.
خاتمة: وفي الأخير يمكن لقول أن القيم الأخلاقية نسبية تستمد وجودها من اتحاد عوامل مختلفة منها ما هي اجتماعية ومنها ما هي اقتصادية ومنها ما هي طبيعية ومنها ما هي دينية فالقيم الأخلاقية مرتبطة بثقافة وحضارة المجتمع الإنساني ، ولذلك أن تبدل القيم وتغيرها من عصر إلى آخر له علاقة بتطور أو تخلف ثقافة وحضارة المجتمعات الإنسانية ، وهذا ما تؤكده الكثير من الدراسات الاجتماعية والثقافية
الإشكال:هل يمكن أن نتصور فعلا أخلاقيا يكون فاعله مجبر عليه؟
لقد اختلف فلاسفة الأخلاق في تأطير هم للسلوك و كل ذلك ابتغاء تأطيره و الحكم عليه ساعين من خلال عمليهما إلى تحديد العناصر التي تجعله ذا قيمة و دلالة أخلاقية , و هذا من خلال ما يضفون عليه من قيم إنسانية ينشدها الفرد في فعله فإذا كان الإنسان من خلال قيامه بالفعل الأخلاقي يلتزم بمعايير و قيم أخلاقية معينة فهل أساس هذا الفعل و قوامه أن يكون فاعله مجبرا عليه ؟.
يرى النفعيون و على رأسهم أرستيب القورينظي والذي يعتبر المؤسس الأول لمذهب اللذة الفردية فهو يرى أن اللذة هي مقياس العمل الخلقي , فالعمل خير بمقدار ما فيه من لذات و شر بمقدار ما فيه من آلام و اللذة عي الباعث للعمل و في هذا يقول أي عمل لا يخضع للذة و الألم و أي شيء غير اللذة لا يمكن أن يكون باعثا على العمل , اللذة هي الخير الأعظم و هي مقياس القيم جميعا هذا هو صوت الطبيعة فلا خجل و لا حياء و ما القيود و الحدود إلا من وضع العرف ) _ ثم إن هذه اللذة التي تحملنا متع الدنيا و القناعة باللحظة الحاضرة تجعلنا في مستوى واحد مع الحيوان ـ و لعل هذا ما جعل أبيقور يطور هذا المذهب من اللذة إلى المنفعة لكنه مع ذلك يبقى مخلصا للمذهب السابق فهو يرى أن الإنسان يوجه أعماله للحصول على اللذة غير أنه يختلف معه في القول بأن هناك لذات أفضل من لذات عكس أرستيب الذي لا يفرق بين لذة وأخرى، إذن فما دامت هناك لذات أفضل فإنه يجب أن نمسك بزمام شهواتنا فنرفض اللذة إذا كانت متبوعة بألم أكبر منها، ونتحمل الألم إذا كان متبوعا بلذة أكبر منه فاقتلاع الضرس المسوس على الرغم مما فيه من ألم أفضل من تركه ولكي يسهل علينا اقتناء اللذات الأنفع يمدنا ببعض القواعد أولها أن إلى اللذات التي لا يعقبها أي ألم،وثانيها أن نبتعد عن الألم الذي لا يولد شيئا من اللذات،وثالثها أن نجتنب اللذة التي تفقدنا لذة أعظم منها،وأخيرا أن نقبل بالألم الذي يضمن لنا لذة أرجح من ذلك الألم أو يخلصنا من ألم أعظم منه،وقد ذهب وعلى شاملة هذا الطرح وبعد عشرين قرنا هوبز(1588-1697م) فهو يرى مثل أبيقور أن اللذة الشخصية هي المقياس الخلقي،وأن الإنسان الطبيعي لا يعرف إلا أنانية محضة فإن أي إنسان بطبيعته لا يبعثه على الفعل إلا حبه لنفسه وليس له أي باعث آخر إنه أناني بطبعه لا يطلب إلا خيرا لنفسه،ونجد كذلك الفيلسوف الإنجليزي بينتام (1748-1832) أنه يجب أن يكون في المنفعة العامة لا الشخصية فاللذة التي نسعى إليها ليست لذة العامل وحده بل لذة كل من لهم علاقة بالعمل لذلك يجب علينا أن نحكم على الأعمال بالخيرية أو الشريرة أن ننظر فيما ينتجه العمل من اللذات و الآلام لا لأنفسنا فحسب بل للنوع البشري كله فالقاضي مثلا عندما يقبل الرشوة تعد رذيلة حتى وإن انتفع بها هذا الأخير لأنها تؤدي إلى حالة من الفوضى فتكثر المظالم وتضيع حقوق الناس يقول بينتام المنفعة خاصية الشيء الذي تجعله ينتج فائدة أو لذة أو خيرا أو سعادة وخاصية الشيء التي تجعله يحمي السعادة من الشقاء والألم والشر والبؤس بالنسبة للشخص الذي تتعلق به المنفعة)،ولقد وضع بينتام صفات محددة للمنفعة هي كالتالي: الشدة، الخصب ،الدوام ،الصفاء ،القرب و الاتساع . وأخيرا جون ستوارت ميل (1806-1873) الذي يختلف مع أستاذه بينتام فهو يرى أن تقدير اللذات يجب أن يعود إلى مشورة أناس خبراء لا إلى الفرد و قد أقام ميل قاعدة السلوك الأخلاقي هي أن نعمل من أجل الآخرين ما ينبغي أن يفعلوه من أجلنا .
الواقع أن بناء الأخلاق على الطبيعة البشرية يلغي كل إلزام وكل مشروعية لها لأنه ما دام من طبيعة الفرد أن يسعى إلى ما يسره وينفعه فإنه لا يمكن أن نطلب منفعة غيره وإن كانت هذه الأخلاق تدعي الواقعية فإنها فقدت وظيفتها في تقييم السلوك و السمو به نحو المثل العليا يقول غولبر إن تقدير قيم اللذات على الرغم من اختلاف طبيعتها و نوعها وقربها بالإسناد إلى حساب شدتها وامتدادها وقربها وقد يوصلنا إلى قائمة طويلة من الأرقام لكنها أرقام تعسفية لا تخضع إلاّ للعبث و الأهواء).
وعلى عكس الرأي السابق يرى أنصار الاتجاه العقلي أن هذا الأخير هو مصدر القيمة الأخلاقية فهو تلك الماهية الخالدة التي لا تتأثر لا بالزمان و لا بالمكان فبه نحكم على الأشياء و نقومها وبه نهتدي في تصرفاتنا يقول ديكارت العقل هو أعدل الأشياء توزيعا بين الناس) ،فالعمل الأخلاقي هو كل ما يصدر عن اقتناع واختيار ومعرفة لذلك فإن أحكامه ضرورية تصلح لتقويم السلوك فالعقل هو أداة الإدراك و التبرير ولا يتم التمييز بين الخير و الشر إلاّ بالعقل فإنه ينطوي على مبدأ عدم التناقض يقول الدكتور محمد بدوي في كتابه (الأخلاق بين الفلسفة وعلم الاجتماع) هناك قوة كامنة في نفس الإنسان لا تهيئ له النصح و تضيء له السبيل فحسب بل إنها تحدد له ما يجب عمله وما يجب تحاشيه ،هذه السلطة الكامنة التي تسيطر على قدراتنا وعلى غرائزنا السفلى وهي أسمى جزء في نفوسنا هي العقل فخارج ما يأمرنا به العقل لا تكون هناك قاعدة أو سلوك له ما يبرره وسلطة العقل هي السلطة الشرعية الوحيدة). وعلى شاكلة هذا الطرح نجد كانط يجعل من العقل مصدرا للحياة الأخلاقية ليقطع به الطريق أمام العواطف المندفعة فيحتكم الناس إلى صرامته ونزاهته فهو يصدر من الإرادة خيرا فالإرادة الخيّرة هي التي تعمل بدافع الواجب لا طبقا للواجب فقط لأن هناك بعض الأعمال يمكن أن تتمة طبقا للواجب لكن بدافع المنفعة لا بدافع الواجب إذا فالإرادة الخيرة هي التي يكون الدافع إليها هو شعور الاحترام الذي يولده فينا مجرد تصور القانون ،إذاً فالإنسان الأخلاقي يؤدي فعله كممثل للإنسانية برمتها.
بما لأن الفعل الأخلاقي لا يمكن أن يكون أخلاقيا وهو خال من الأهواء خاضعا للعقل و للإرادة الخيرة فإن السلوك الأخلاقي هو السلوك الصادر عن الإنسان الواقعي الذي تتجاذبه الأهواء و الرغبات و الذي بإمكانه أن يؤدي أن يؤدي فعلاً خلقيا يكون ناتجاً عن حكمة في التصرف قوامها بناء سلوك ما تكون فيه الأهواء و الرغبات تعمل وفق ما يمليه العقل .
على ضوء ما سبق ذكره نصل إلى أن الجزاء أمر ضروري باعتباره عامل ضغط خارجي يحدد السلوك و يقيمه لكنه غير كاف يحتاج إلى أمر مقابل يتمثل في الضغط الداخلي أو التأثير الذي يحدثه العقل قبيل وأثناء القيام بالسلوك .
لا شكر على واجب
قمت بالنقل فقط
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة smart_mind
لا شكر على واجب
قمت بالنقل فقط |
جزاك الله ألف خير ،وكافأك بما ترضى يوم الراضون قليل
بارك الله فيك اخي
بارك الله فيكم - الاستاذ خالد بالضياف
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة khaledbeddiaf
بارك الله فيكم - الاستاذ خالد بالضياف |
نرجو مساهمتك معنا