عنوان الموضوع : المقــال الفلسفــــي و شروط الكتابة فيه
مقدم من طرف منتديات العندليب


ترشة عمار- حساني عبد الكريم- الوادي






محمود اليعقوبي يقول في كتاب المقالة الفلسفية : " إن كتابة المقالة الفلسفية صناعة ودراية و ابداع. فالصناعة يمكن اكتسابها بالتدريب. و الدراية يمكن الحصول عليها بالمطالعة و الابداع يمكن تحقيقه بالتفكير و اعمال الراي . لذلك يجب على التلميذ أن يقرأ كثيرا و أن يكتب كثيرا و أن يكون يقظا في القراءة و الكتابة والتأمل .لذلك ليس على التلميذ أن ينتظر من اساتذته نماذج جاهزة عن مواضيع فلسفية بل عليه أن يمتلك المنهجية بالدربة و المداومة لاقتحام المشاكل النظرية الفلسفية ..."









أبدأ اولاً بتحديد الهدف من المقال الفلسفي عموما سواء تعلق الامر بموضوع أو بنص ، انه اختبار يمتحن التلميذ او الطالب في مدى قدرته على التفكير في مسألة ما ، و التفكير هنا يعني التوصل الى تشخيص المسـالة المطروحة باعتبارها اشكالا فلسفيا . بعد ذلك يتم السعي الى تفكيك هذا الاشكال و تحليل ابعاده و تقويمه . ان الامر لا يتعلق بمعلومات نسردها اذن فالمصحح عموما لا يختبر المترشح في مدى قدرته على خزن المعلومات و استعراضها . و ببساطة نقول ان اختبار الفلسفة يختلف عن اختبار المحفوظات الذي يجري عادة في الفصول . و كل من لا يعنى بهذا الهدف فانه لا يستطيع النجاح في المقال الفلسفي . و قبل ان نشرع في تشخيص الصعوبات و ارجاعها الى اسبابها نقول باننا لا نزعم تقديم حلول جاهزة لهذه المسالة لان خير وسيلة لامتلاك تقنيات الكتابة هي الدربة المستمرة التي تصقل الملكة و تكسب الانسان الاليات اللازمة لمثل هذا العمل . عملنا اذن يندرج في اطار التشخيص و التوجيه وهما اداتان تسعيان الى المساعدة على الانجاز في الوجهة السليمة بقدر الامكان . نعود الان الى تشخيص الصعوبات و لنبدأ بالمسألة الرئيسية وهي :الاستنجاد الاولي بالذاكرة و التسرع في اقحام المسألة أو القضية داخل محور من محاور البرنامج. فعادة ما نستمع الى التلاميذ وهم يرددون :" الموضوع على محور كذا " و هذا يعكس الية تذكر خطيرة تجعل من المعلومات المخزونة سدا عاتيا امام ملكة التفكير . فكثيرة هي المقالات التي عندما نقرؤها نشعر و كأنها ركام من المعلومات لا يربط بينها رابط و لم توظف الى اية اشكالية كانت . فالاستنجاد بالذاكرة أمر ضروري لكن لا يجب أن يكون الا بعد الكشف عن ملامح القضية في ابعادها المختلفة . و عندها بدل أن تكون المعلومة غطاء يحجب القضية أو يطمس ملامح الموضوع تصبح ركيزة للتفكير توضحه تعمقه و تمثل سندا أساسيا له . لننتهي اذن الى الاستنتاج الاول أو القاعدة الاولية - المعلومات هي خيوط ننسج بها المقال لكن لابد من انتقائها و توظيفها أي لا بد أن تكون مسبوقة بجهد عقلي نظري . إن أولوية التفكير على التذكر لتسمح لنا بحسن استعمال المعلومات و تبعد الفواصل التي عادة ما توجد بين الدروس لغرض منهجي تربوي.
و لأوضح ذلك بمثال :لافترض أن موضوعا قدم يعالج مشكلة المعرفة في علاقتها بالممارسة. ان القراءة السريعة لموضوع مماثل قد توقع التلميذ في عيب السرد فينساق في استعراض ما درسه عن الاتجاهات الفلسفية التي تخص نظرية المعرفة دون أن يتفطن الى ان الموضوع يتمحور حول " العلاقة " بين المعرفة و الممارسة . فالتفطن للمشكل هو الذي يسمح لنا اذن بتوسيع دائرة معلوماتنا و يجعلنا نستحضر فضاءات متنوعة نكشف فيها عن نوعية العلاقة هذه و مستوياتها .






أن تجنب العيب ( السردي ) - أن صح التعبير - هو الذي سيؤدي بنا الى تحديد معنى تحرير مقال فلسفي . ان هذا الفعل يعني بالاساس التحليل المتدرج الذي ينم عن تقدم : من تحديد للقضية الى تحليلها بتفكيك عناصرها . الى تقويمها و التساؤل عما توحي به من ابعاد . يمكن ان نقول اذن بأن كتابة المقال الفلسفي تعني أولا و بالذات :- طرح المشكل و ليس هذا بالعمل اليسير اذ هو يستلزم بالضرورة تركيزا على المفاهيم المركزية للموضوع أو النص و الكشف عن العلاقات المنطقية التي تربط بين مفهوم و اخر مما يسمح بترتيب المفاهيم ضمن سلم أولويات و من ثمة يتم الكشف عن القضية الجوهرية و ما يتلوها من قضايا فرعية . يجب أن يحس كاتب المقال بالصعوبة أو الاشكال الذي يطرحه الموضوع . أن هذه الخطوة الرئيسية و الهامة في المقال لتدل دلالة قاطعة على ان مثل هذا الانجاز لا يشكل البتة استعراضا لمعلومات عن درس معين بل هو عمل أشمل و أعم . إن المقال الفلسفي هو بمثابة تقرير عن مسألة ما . لا بد أن يحدد له هدف و لا بد أن نتقدم فيه دون عودة للوراء أو تناقض مع ما قدمنا سابقا . أي دون استطرادات تخل بالتدرج و دون تضارب يخل بالمنطقية الداخلية للبناء .فكيف نحقق هذا الهدف ؟ عادة ما نطالب التلميذ باعداد تخطيط على المسودة لكي يكون ركيزة للتحرير. هذا الاعداد يبدأ أولا بتسطير الكلمات الاساسية أو استخراجها من القولة أو النص .ثانيا : تحديد موقع الكلمات من سائر الكلمات الاخرى الهامة و أيضا ذكر ما يمكن ان تحيل اليه مثل هذه الكلمات من مرجعيات أو مصطلحات أخرى . بمعنى آخر نحن في هذا المستوى بصدد التفكير في دلالة الكلمات و المعاني المستوحاة منها و هذا بالذات ما سيسمح بالتحديد الدقيق للمسألة المطروحة .نمر بعد هذا العمل الى مرحلة أخرى . هي مرحلة ترتيب الافكار التي لدينا عن هذا الموضوع و يتم ذلك وفق تدرج يقود كل خطوة من خطواتنا . و هذا يؤكد قولنا بأن المقال الفسلفي هو بالذات بناء نعد له المواد لكن نصمم خطـة لاقتحامه و لا يجب أن يغيب عن أذهاننا في هذا المجال التمثل المتمفصل للمقال فهو يحتوي على مقدمة و جوهر و خاتمة . و لكل مفصل و ظيفة محددة و خاصة . يجب أن يضطلع بها داخل هذا البناء المتكامل.






المقدمـــة :


ليست المقدمة مجموعة أفكار نرددها في الغالب . فالوظيفة الاساسية لهذا القسم من المقال تتمثل في خلق مركز اهتمام رئيسي وهو ما عبرنا عنه في السابق بطرح الموضوع. يمكن أن نصوغ المقدمة انطلاقا من قولة مثلا أو من فكرة نعتبر أنها تدفعنا مباشرة داخل القضية التي استشعرناها في الموضوع. يجب أن نضع نصب أعيننا و نحن نحرر المقدمة أنها تمثل القسم الذي من خلاله يتعرف المصحح على مدى استيعابنا للموضوع و تحديدنا له و الوجهة التي سيتخذها التحليل و التقويم تبعا لذلك .


جوهر الموضوع :


سمة هذا القسم هي التحليل و النقد . في هذا المستوى يدخل صاحب المقال في حوار مع القضية يقدم أطروحة صاحبها يضيف اليها أبعادا تتعلق بها . يكشف عن أسسها و ركائزها . يحدد استتباعاتها يقومها متخذا مسافة منها وهو في كل ذلك حريص على الانسجام متتبع للتدرج , مرتكز على الامثلة و الاستشهادات. و التحليل و النقد اللذان يوفران حالات عينية و وضعيات قابلة للتفكيك و التركيب هما اللذان يكونان في الغالب أشد متانة .


الخاتمــــة :


ليست الخاتمة اجترارا لما قدم في جوهر الموضوع . بل هي بالاساس حصيلة ما يترتب عن العمل التحليلي . في الخاتمة نعلن عن النتائج و المواقف . في الخاتمة ننتهي الى توضيح مركز الاهتمام الذي أعلنا عنه في المقدمة . في الخاتمة تكتمل الصياغة التاليفية للموقف .فإذا كانت المقدمة مجالا للكشف عن مهارة التلميذ في ضبط القضية و تحديدها و اذا كان جوهر الموضوع مناسبة للتأليف بين المعلومات و القدرة التحليلية فان الخاتمة تمثل بحق الذكاء الفلسفي ان صح القول أي القدرة على بناء الموقف إزاء قضية ذات بعدين نظري أو عملي .


-----------بتصرف من-----------
المقــال الفلسفــــي و شروط الكتابة فيه
محمد نجيب عبدالمولى متفقد عام.تونس









>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

شكرا لك استاد.

=========


>>>> الرد الثاني :

بارك الله فيك وفي الإمتحان لا نكتب بالطبع العناوين يعني مقدمة .طرح الاطروحة ..التركيب..الخاتمة؟

=========


>>>> الرد الثالث :

بوركت و دمت متألقا و مميزا بموضوعاتك الرائعة

=========


>>>> الرد الرابع :


=========


>>>> الرد الخامس :


=========