القدس العربي
محمود معروف
تطورت المعاملات التجارية خلال بين المغرب والدولة العبرية خلال الشهور الماضية وترافق ذلك مع هجمة تطبيعية ملفتة للانتباه في الوقت الذي يتولى فيها تدبير الشأن العام حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الاسلامية والمناهض للتطبيع مع الدولة العبرية تصاعدت فيه حملات مناهضة التطبيع في ارجاء مختلفة من المغرب.
وقالت صحيفة 'المساء' المغربية أن المعاملات الاقتصادية بين المغرب وإسرائيل تطورت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الماضية، بعد ركود اقتصادي بين البلدين في تعاملهما معا، رغم قطع العلاقات بينهما، حيث وصل حجم التداول التجاري الخارجي بين المغرب وإسرائيل، في شهر شباط (فبراير) الماضي لوحده، مليارا و677 مليون سنتيم (2 مليون دولار)، ما بين صادرات وواردات.
وسجلت الأرقام التي تنشرها الصحيفة السبت أن حجم الصادرات المغربية نحو إسرائيل، في شباط (فبراير) الماضي لوحده، بلغ 800 ألف دولار (حوالي 677 مليون سنتيم)، مسجلا ارتفاعا ملحوظا مقارنة بشهر شباط (فبراير) من سنة 2016، حيث بلغت الصادرات المغربية نحو إسرائيل 300 ألف دولار فيما وصل حجم الواردات المغربية من إسرائيل، في الشهر نفسه الى مليون و200 الف دولار مسجلة انخفاضا مقارنة بالشهر نفسه من السنة الماضية، والتي وصلت فيها الواردات القادمة من إسرائيل مليونين و800 ألف دولار.
وتسجل المعاملات التجارية عجزا في الميزان التجاري بين البلدين لصالح إسرائيل، فقد بلغ هذا العجز المغربي، في سنة 2016، إلى ناقص 17.1 مليون دولار، بسبب تقدم الواردات الإسرائيلية القادمة إلى المغرب مقارنة بالصادرات المغربية نحو إسرائيل.
ويكشف التحقيق الذي تنشره الصحيفة السبت وجود شركات ومصانع إسرائيلية لديها مقرات في المغرب كما توجد شركات للصناعة الغذائية، وبينها شركة في إسرائيل واسمها 'ستار فود' وتربطها علاقة اقتصادية بأكبر مجموعة للصناعة السمكية في المغرب يوجد مقرها في آسفي، حيث تقوم المجموعة بتصنيع مصبّرات سردين ومواد غذائية لفائدة شركة 'ستار فود'، بينما تتكلف مطبعة يوجد مقرها في الدار البيضاء بطباعة العلب الكرتونية التي توضع داخلها المصبرات، حيث تحمل العلب كتابة باللغة العبرية وتـُختار للمنتجات أسماء مدن مغربية، مثل الدار البيضاء كما تضم رموزا مغربية، مثل مسجد الحسن الثاني، معدة للتصدير والاستهلاك داخل إسرائيل.
وقالت صحيفة 'المساء' بوجود مصانع ومراكز نداء وضيعات فلاحية وشركات إسرائيلية تنشط في مجالات مختلفة تعمل في المغرب وبلغ عدد المغاربة الذين زاروا إسرائيل، في اول شهرين من العام الحالي اكثر من 500 شخص بينهم وزير سابق للعدل يوجد حاليا في إسرائيل، وفي ضيافة رجل دين يهودي معروف يتحدر من عائلية يهودية مغربية، في حين بلغ عدد من دخلوا إسرائيل من المغاربة بغرض السياحة، في سنة 2016 الماضية، 2432 شخصا.
ونظمت عدة رحلات سياحية تقل سياحا إسرائيليين إلى المغرب، كما أظهر التحقيق الميداني الذي أنجزته 'المساء' في مدينة الصويرة انتقال عدد من الإسرائيليين، وبينهم يهود من أصول مغربية، إلى المغرب للعيش فيه وإقامة مشاريع سياحية عبارة عن فنادق ومطاعم. كما تطور عدد الرياضات ودور الضيافة والمنازل الذي اشتراها إسرائيليون انتقلوا إلى المغرب في الصويرة إلى 450 منزلا ورياضا، وفق معطيات غير رسمية، وحصلت كل هذه المشاريع على ترخيص من المصالح الإدارية المعنية.
وحذر ناشطون مغاربة مناهضون للتطبيع الاسبوع الماضي من مبادرات تطبيعية خطيرة تشير الى بدايات الانخراط الكامل لمغاربة في المشاريع الصهيونية المقيتة.
وقدمت الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني ومجموعة العمل الوطنية لمساندة العراق وفلسطين الى رئيس الحكومة المغربية عبد الاله بن كيران مذكرة حول التطبيع مع الكيان الصهيوني والصهاينة تلاحظ الاعلان عن مبادرات تطبيعية خطيرة على مستويات عدة، تجاوزت كل الخطوط الحمر، وشكلت إعلانا عن بدايات الانخراط الكامل في المشاريع الصهيونية.
واشارت الجمعيتان الى زيارة وفد رسمي للكيان الصهيوني للمشاركة في عيد الفصح، وزيارة صهاينة إلى المغرب من أجل تسويق طابعة من صناعة صهيونية إلى الإدارات المغربية، وتنظيم لقاء بالدار البيضاء بدعوة من شركة رضا كراف، والإعلان عن تأهب وفد مغربي لزيارة الكيان الصهيوني من أجل المشاركة في معرض فلاحي خلال شهر ايار (مايو) القادم، ومشاركة الصهيونية بييرشاهكال في دورة للتنس بمدينة فاس واعتبرتها مشاريع تطبيعية تأتي في سياق مخطط رهيب.
وأثارت مشاركة اللاعبة 'الإسرائيلية' شاهار بيير في الجائزة الكبرى للأميرة للامريم، المقامة إلى غاية اليوم السبت على ملاعب النادي الملكي للتنس بفاس والبالغة قيمة جوائزها 220 ألف دولار. جدلا واسعا في الوسط الرياضي ورفضا شديدا من مناهضي التطبيع مع 'إسرائيل'.
وكانت اللاعبة، المصنفة الأولى في الدولة العبرية والثامنة على مستوى البطولة، قد ودعت منافساتها الاربعاء من الدور الثاني ثم غادرت بعدها على الفور أرض المغرب.
ونقلت وكالة الانباء الاسبانية ايفي عن مصدر باللجنة المنظمة للبطولة أنه تم تحديد ملاعب فرعية مخصصة لمباريات اللاعبة الإسرائيلية، كما تم عزلها تماما عن وسائل الاعلام حيث لم تذع شاشات التلفزيون اي لقطات عن مبارياتها.
وواوضح المصدر حول ملف التطبيع مع 'إسرائيل' المرفوض من قبل غالبية اطياف الشعب المغربي، أن 'تلك بطولة دولية يشرف عليها اتحاد عالمي مثل اتحاد لاعبي التنس للمحترفين، وقد وقع الاختيار على المغرب لتكون الدولة المستضيف لفعالياتها فقط، دون أن يكون لها دخل في التنظيم أو انتقاء جنسيات اللاعبين'.
وكانت نفس اللاعبة قد أثارت الجدل حين تم رفض مشاركتها في بطولة دبي 2016 لدواع أمنية، وقد تلقت تعويضا قدره 300 الف دولار نظير استبعادها من اللعب، لكنها شاركت فيما بعد في بطولة أخرى بالعاصمة القطرية الدوحة.
وأشارت تقارير صحافية الى أن المباراتين اللتين خاضتهما بيير في الرباط استدعتا فرض اجراءات أمنية مشددة حرصا على سلامتها.
ويطالب مناهضو التطبيع بالمغرب من الائتلاف الحكومي بالإعلان عن موقف صريح من جرائم التطبيع مع 'اسرائيل ومما ترتكبه في حق القدس وفلسطين، والتي تخرج عن سياق ما يعلنه المسؤولون المغاربة من رفض لكل أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني ومع الصهاينة.
وطالبت المجموعة الوطنية لميساندة العراق وفلسطين والجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني بوضع حد لكل هذه المبادرات بمنع دخول وتسويق أية سلعة صهيونية وبمنع أي مغربي من زيارة الكيان الصهيوني وطرد الصهاينة من أرض المغرب ومنعهم من ولوجه تحت أي مبرر كان وإصدار قانون يجرم كل عمل تطبيعي مع الكيان الصهيوني والصهاينة أيا كانت طبيعته ومبرراته.
واكدتا أنهما لن تبقيا مكتوفتي الأيدي أمام هذه الاستفزازات المتواصلة وهذا السعار التطبيعي ، وسوف تتحملان مسؤوليتهما الكاملة يدا في يد مع كل شرفاء الوطن.
ويسود الجدل حول مختلف هذه الأنشطة الإسرائيلية في المغرب التي ارتفعت وتيرتها مع نجاح حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الاسلامية وقيادته للحكومة برئاسة عبد الاله بن كيران المعروف بتشدده تجاه اية خطوة تطبيعية مع الدولة العبرية وسجل انزعاجه من تسلل صحافي اسرائيلي اثناء ادلائه بتصريحات على هامش منتدى دافوس نهاية العام الماضي.
ووصفت راقصة اسرائيلية حكومة بن كيران بالجبانة والمنافقة بعد قرار السلطات الغاء مهرجان للقرص الشرقي كانت ستنظمه هذه الراقصة بحضور راقصين اسرائيليين اخرين في منتصف ايار (مايو) القادم.
ونقل موقع الف بوست عن مصادر حزب العدالة والتنمية أن ارتفاع هذا النشاط التطبيعي تقف وراءه جهات لم تسمها ترغب في وضع حكومة ابن كيران في مواجهة الرأي العام المغربي، لاسيما وأن الحكومة تعلم بهذه الأنشطة مثل زيارة الوفد المغربي لإسرائيل إلا بعد نشرها في الصحافة.