ونحن في شهر الاحتفاء بعيد العلم وذكرى وفاة رائد الإصلاح في الجزائر الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله تعالى و جزاه عن الجزائر و أبنائها خير الجزاء ، هذا العيد المتزامن سنويا مع السادس عشر من شهر أبريل ( نيسان ) لابد لنا من الإدلاء بدلونا في الموضوع ، لا تأريخا للحدث و إنما تذكيرا لأنفسنا كمعلمين ، حيث التحدي متجدد بالرغم من أنه متعدد ، و من حظنا أننا نمتلك اليوم خلاف لما امتلكه معلم الأمس كل مسهلات الفعل التربوي و وسائل التنشيط البيداغوجي ، و أدوات المسلك التعليمي ..لكننا دون شك نفتقد و في كثير من الأحوال رؤية الإمام و شعوره بعظمة المسؤولية و جسامة المهمة و خطورة الوظيفة .
إن الرجل لا يسود في قومه إلا بالعلم .. و نحن معاشر المعلمين طلاب علم و مورثي معرفة .
و لذلك إخوتي الأفاضل عليكم بسيد التأثير لتأدية الرسالة كما أداها تلاميذ الشيخ (التبسي ، و الميلي ، والعقبي ، و الإبراهيمي .. و جحافل التلاميذ الأساتذة) ، و منه و لبلوغ ذلك ينبغي لك سيدي المعلم أن :
1. ثق بأننا أخيار ولا فخر (أخيار بالرسالة التي نحمل ، أخيار بالمهنة التي نشتغل ، أخيار بالوظيفة التي نمتهن).
2. كن صقرا ، لا تشعر بالدونية أمام غيرك من الموظفين أو المسؤولين أو حتى أمام زملاء المهنة في بقية المراحل (المتوسطة ، الثانوية ، الجامعة ...) فالتعليم الإبتدائي هو الأهم عند من يقدر ذلك .
3. عليك بسيد التأثير ، و هذا هو مركز هذه الرسالة و عمودها (لما دخل الحجاج بن يوسف الثقفي البصرة قال: من سيد البصرة ؟ فقيل له: الحسن البصري، قال: كيف وهو من الموالي ؟! فقيل له: لأن الناس احتاجوا إلى علمه وزهد هو عما في أيدي الناس.)
4. افهم الواقع وأدرك أن حال الأمة لا يصلح إلا بجهد المصلحين .. و أنت تدرك أن بداية الإصلاح و محضنها إنما هي المدرسة ، فقد اجتمع لديك أبناء المجتمع دون عناء و من ثمة فهي فرصتك للتربية و التعليم و التكوين وغرس القيم و الرفع من الهمم ..ولا تأبه بانجدابات الدنيا و زينتها ، و ذلك من حقك ، لكنه ليس منتهى غايتك، تجنب الاستجابة السريعة للصوارف الأسرية والملهيات الاجتماعية. فعندك أعظم من ذلك كله ، عندك العقول و النفوس ، عندك الجواهر النفيسة و الأغصان النظرة الطرية ، عندك مئات بل آلاف الأبناء و من لديه كل هذه الأعداد ، عندك التلاميذ .
5. تعلم كيف يفكر الفاشل، ولكن لا لاستنساخ الفشل .. بل لتجنبه و تجنيبه واستبدال ذلك بتفكير الناجح و أنت الذي يعلم أن العقل البشري يفكر بسرعة الضوء ثلاث مرات ، فلا تحرق أعصابك و مادتك الرمادية فيما لا يزهر و لا يثمر و كن خزانا للتفكير ، حتى لا يشرب أبناؤك من ماء راكد آسن .
6. التصق بمؤثر لكن لا تكن ظلا له بل تعداه إلى فعل التأثير ، وشيخنا صاحب الذكرى واحد من هؤلاء ، و غيره من الأموات و الأحياء كثير .
7. استعن بالله سبحانه و تعالى وتوكل عليه ، فإن المهمة صعبة و المسؤولية عظيمة و الأمر جلل ، هذا ما فعله و شعر به الإمام ، واستشعر الأجر والثواب عند الله تعالى ، فلن يجازيك أحد غيره.
8. دفترك اليومي لا ينبغي أن يكون فقط لتحديد الأنشطة و ضبط الأهداف و فصل المواقيت ، بل اجعله من وسائل مراجعة برامجك اليومية وتحديد أعمالك بوضوح ، فالعمر ينصرم بسرعة و لكل بداية نهاية و لكل نهاية أثر و لكل أثر ذكر ، فلا يكون لك ذكر ما لم يكن لك أثر.
9. قراءة سِيَر أهل الجد والاجتهاد والهمة العالية ولا أروع في هذا المقام من شخص الإمام ، و تذكر أن أغلب العلماء و الفقهاء و الفلاسفة و المفكرين لم يكونوا من أصحاب الثروات ، و تذكر أيضا هل يبقى بعد مائة سنة ذكر ، أم ستكون في سجلاتك ولد ومات .
10. تفاءل بعد ذلك كله بالخير ، فلا تتشاءم ولا تصابن باليأس و الإحباط و القنوط ..
أختى المعلمة ، أخي المعلم هذه كلمتي الشهرية ، و هذه معاني رسالتي التربوية ، فلنتقي معا لنرتقي معا.
هل علمتم ما هو سيد التأثير ، إنه العلم .