عنوان الموضوع : أثر جليس الصالح و جليس السوء
مقدم من طرف منتديات العندليب
[align=center]
أثر جليس الصالح و جليس السوء
لشيخ مصطفى العدوي
لابد لكل إنسان من جليس، يمسح عنه دمعته إذا حزن، ويكشف كربه إذا ادلهمت به الخطوب، ويؤنس مجلسه، ويعينه على قضاء حوائجه، ومعايشة تصاريف الحياة، وأقرب جليس للإنسان هو الزوجة، فإن كانت صالحة أنشأت أسرة صالحة، وإن كانت غير ذلك فالعكس من ذلك، لذا لابد من الاهتمام بما يصلح شأن المرأة، والحذر من كل الوسائل المساهمة في إفسادها، ولن يكون ذلك إلا بالسير على هدي الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة رضوان الله عليهم أجمعين.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1] ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71] . إن للجليس تأثيراً على جليسه أيما تأثير، فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته: (إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً نتنة -و في رواية- ريحاً خبيثة). فهذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للجليس الصالح وللجليس السوء، وحسّن بعض العلماء حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) ، وقال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام:68] ، وقال سبحانه: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا [النساء:140] ، وقال عليه الصلاة والسلام كذلك: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلسن في مائدة يدار عليها الخمر) ، فهذه النصوص وغيرها من النصوص تضبط لنا أصدقاءنا ومن نجالس، وتضبط لنا مجالسنا كذلك، فليس للمسلم أن يصادق من يشاء، ولا أن يجالس من يريد، ولا أن يقعد حيث أراد، بل في مجلسك أنت منضبط فيه بأمر الله، فليس لك -يا مسلم- أن تجالس من تشاء، وإنما هذا للكفار الذين انسلخوا من الأديان واعتبروه -بزعمهم- ديمقراطية، أما نحن -أهل الإسلام- فمقيدون بأمر الله لنا، فليس لنا أن نجلس مع كل شخص، وليس لنا أن نخوض في كل قول، وليس لنا أن نغشى كل مجلس، بل غشياننا للمجالس واختيارنا للأصدقاء كما أمرنا ربنا سبحانه وتعالى، وذلك أن الجليس يؤثر في جليسه، فإما أن يقربه من الله سبحانه، وإما أن يبعده عن الدين، فإن الذكرى لأهل الإيمان تنفعهم، وإنك إذا رأيت أقواماً صالحين اقتبست من أخلاقهم وعاداتهم، وإذا جالست أقواماً أشراراً علق بذهنك قولهم، وأخذت من سجاياهم وطبائعهم الخبيثة، فلذلك ضُبطنا في مجالسنا وضُبطنا في أصدقائنا، حتى إن كانت هذه الصداقات مع أقرب الأقربين وهو على انحراف عن كتاب الله يترك ولا يبالى به. ......
إن خليل الرحمن إبراهيم صلى الله عليه وسلم ذهب إلى تركته بنفسه يتفقد أحوالها، ويتفقد أحوال إسماعيل عليه السلام، فوجد امرأة غير حامدة لله سبحانه، ولا شاكرة لنعمائه، فأوصى ولده أن يغيّر عتبة بابه وأن يطلقها، وذلك لأن للمرأة تأثير في زوجها، ومن ثم جاءت بعض وجوه التأويل في تأويل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:14] ، وكذلك جاء قوله تعالى: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ)[آل عمران:14] ، وجاءت أقوال بعض المفسرين في تفسير فتنة النساء المذكورة في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) ، وهي أن فتنة النساء ليست كامنة في الإعجاب بهن والوقوع في الفاحشة معهن فقط، ولكن ثم أوجه أخر للإفتتان عظيمة قد يفتن الشخص بزوجته بسببها، أو تفتن المرأة بزوجها بسببها. وهذا يجرنا إلى تناول آيات الأحزاب بشيء من الشرح والتفسير والتأويل، يقول الله سبحانه في كتابه الكريم: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:28-29]، فهذه الآيات لها سبب نزول، فإن نساء النبي صلى الله عليه وسلم -وهن خير النساء- سألنه النفقة، واستقللن العطاء الذي يأخذنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلبن مزيداً من النفقة من رسول الله عليه الصلاة والسلام، وورد أن بعضهن قلن: لو كنا عند رجل آخر لكسينا الحرير، وللبسنا الذهب الوفير... إلى غير ذلك، فحزن النبي من ذلك حزناً شديداً عليه الصلاة والسلام، وفي بعض الروايات أنه اعتزلهن شهراً صلى الله عليه وسلم، فذهب إليه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، فدخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجداه واجماً حزيناً ساكتاً عليه الصلاة والسلام ونساؤه حوله، فأراد عمر أن يدخل السرور على رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: (لو رأيتني -يا رسول الله- وقد سألت بنت خارجة -يعني زوجته- النفقة، فقمت إليها يا رسول الله فوجأت عنقها -أي: ضربتها في عنقها وطعنتها في عنقها- فقال أبو بكر مثل ذلك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: هن حولي فيما ترى يسألنني النفقة)، فقام أبو بكر إلى عائشة ليطعنها في عنقها، وقال لها: تسألين النبي صلى الله عليه وسلم ما ليس عنده! وقال عمر لـحفصة مثل ذلك، وقام أبو بكر وعمر ليضرب كل منهما ابنته، فمنعهما النبي صلى الله عليه وسلم، ونزلت آية التخيير: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا [الأحزاب:28]، وذلك أن المرأة قد تطلب من زوجها شيئاً فوق طاقته فيضطر الشخص -وهذا ليس في حق رسولنا محمد فهو معصوم عليه الصلاة والسلام، ولكن الآيات تنزل عليه وهي عامة- فيضطر أن يمد يده إلى الحرام لإشباع رغبة زوجته، فنزلت آية التخيير، فبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بـعائشة فقال لها: (ياعائشة .. إني عارض عليك امراً فلا عليك ألا تعجلي حتى تستأذني أبويك)، ثم تلا عليها آية التحريم فقالت: يا رسول الله: أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أختار الله ورسوله والدار الآخرة، ولكن -يا رسول الله- لا تخبر أحداً من نسائك أني اخترت الله ورسوله والدار الآخرة فقال عليه الصلاة والسلام: (إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً، ولكن بعثني معلماً، لا تسألني امرأة منهن عن اختيارك إلا أخبرتها بالذي اخترتيه)، ثم مر النبي على سائر نسائه فاخترن مثل ما اختارت عائشة رضي الله تعالى عنها. فالإبقاء أحياناً على امرأة دينها ضعيف ورخيص قد يجعل زوجها معها في عذاب الله سبحانه وتعالى، فيدخلهما في ارتكاب المحاذير وارتكاب المحرمات، فحينئذ لا يجالس رجل امرأة أصرت على هذا الحال من الحياة الذي لا يبالي معه بأكل المال من الحلال وأكله من الحرام. فنزلت آية التخيير على رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن أزواجه رضي الله عنهن كن محسنات فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة، قال الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات الكريمات: وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا [الأحزاب:29-30]، فلمنزلتهن وشرفهن عظمت الذنوب في حقهن، وقوله تعالى: (بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ): قال بعض العلماء: منها سوء الخلق والنشوز. فكل ما علت مرتبة الشخص عظمت منه الذنوب، واستقبحت منه أشد من غيره. قال تعالى: وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا [الأحزاب:31]، والقنوت هنا: الطاعة. قال تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا [الأحزاب:32] (لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ) أي: في المنزلة والشرف لا يضاهيكن أحد من النساء، وإذا كان هذا قيل لنساء نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهن وهن قد سألن النبي النفقة واستكثرنه النفقة فلأن يصدر ذلك من بعض نساء زماننا فهو وارد. والله أعلم.......[/align]
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
موضوع شيق ، جدير بالمطاعة ، جزاك الله عنا خير الجزاء ،شكرا
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
تشرفت بالمرور
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :