عنوان الموضوع : العميد شريف خدام ''ينسحب على أطراف الأصابع''.. الأغنية الجزائرية تفقد ''خادم'' الفن والوطن خبر
مقدم من طرف منتديات العندليب

العميد شريف خدام ''ينسحب على أطراف الأصابع''.. الأغنية الجزائرية تفقد ''خادم'' الفن والوطن




فقدت الجزائر في عز شتاء ربيعي، أعز أبنائها الأوفياء، الملحن والمغني شريف خدام، عن عمر يناهز 85 عاما، بفرنسا، حيث أغمض عينيه إلى الأبد بعد صراع مع المرض· دا شريف ترك وراءه مسيرة نضالية مزدوجة، واحدة للوطن وثانية للفن الجزائري الأصيل، كان اسما على مسمى، اخدام الفن ومكتشف المواهب المغمورة، تعفف عن الشهرة، ولم ير في ذاته نجما، مفضّلا البقاء قريبا من العمال و االخدامينب أمثاله من الجزائريين، ليتنفس الروح الوطنية التي قاوم لأجل بقائها· فقدان دا شريف لا يجعل الأغنية القبائلية وحدها ثكلى، بل الأغنية الجزائرية بكل طبوعها ولغاتها وتوجهاتها، فهو الصوت الذي رفض أن يسجن في خانة المحلية وحلم دوما ببعده المتوسطي الممتد على الآخر دون عقدة·

ولد سنة 1927 بقرية بومسعود (عين الحمام)، تعلم أولى حروفه العربية بالمدرسة القرآنية لقريته الصغيرة، حيث حفظ القرآن الكريم، اشتغل بمهن كثيرة، بالعاصمة، قبل أن يشد الرحال كغيره من أبناء الوطن، نحو فرنسا وعمره 20 عاما، هناك أيضا كان عاملا في أحد المصانع، وهناك تفطن إلى الحس الموسيقي الكبير الساكن في داخله، فراح يتعلم العزف على القيثارة ثم العود، فأجادهما معا .

روح محمد عبد الوهاب في الأغنية القبائلية

أول أغنية له كانت ابنت بلاديب لاقت إعجاب الكثيرين وجلبت له اهتمام أصحاب المهنة، وقد وجه سريعا إلى الالتقاء بمحمد حشلاف الذي كان آنذاك المدير الفني لشركة ''ماثي ماركوني'' التي كانت الموزعة الرئيسية لأعمال سليمان عازم، محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش. بعدها قرر شريف أن يتعلم السولفاج واجتهد في حفظ كل القواعد الموسيقية حتى يتمكن من كتابة ألحانه بنفسه ويهضم اللحن فيشعر به كما يقتضي الأمر. وقد زاده لقاءه بالموسيقار التونسي محمد الجاموسي تثقيفا وتعليما في هذا الشأن، خاصة ما تعلق بالألحان العربية الخالصة .

إنتهج شريف خدام، أسلوبا خاصا في التعامل مع الأغنية القبائلية، كانت نظرته إليها عصرية متفتحة على الموسيقى العالمية الأخرى، لكنه لم يهمل طابعها التقليدي الذي يميزها على باقي الموسيقى، فاحتفظ بالآلات الموسيقية المعهودة، مضيفا إليها الجديد، كما لم يتطاول على شعرية الأغنية القبائلية، بل احترم القصيد الأمازيغي في بنائه وخياله وروحه.

صام عن الشهرة و''اعتزل'' النجومية

لم يدع شريف خدام يوما النجومية، ولم يطلب الشهرة، كما لم تجلبه أضواء وسائل الإعلام، لهذا ظل مقلا في ظهوره، مفضّلا الحضور بأنغام تنطق بدله، سفيرة لنواياه الحسنة على هذه الأرض. يشهد له من عرفوه أنه كان يحب الوسط العمالي، ولا يخالط أقرانه الفنانين إلا عندما يحتاجهم في عمل. كان يتعفف من الجلسات التي قد تسيء لأي واحد منهم، أو تنقل عنه فكرة خاطئة، لهذا مخطئ من كان يظن أن خدام اعتزل الفن أو تقاعد عن الإبداع الموسيقي، بقدر ما كان نمطا معيشيا يمكنه من التفكير بعيدا عن تأثيرات أنية. ولعل وصف الطاهر جاووت له في 1993 كان صادقا حينما كتب: امن كان الطفل الذي هز الأغنية القبائلية، لا يمكن أن ينسحب على أطراف الأصابع''. فغالبا ما كان الفنان يعود إلى الساحة بعد فترة غياب، ليوقع حفلا لا تمحيه الأيام من الذاكرة.

شريف: الأب الروحي لآيت منفلات، إيدير ودومران

وقع شريف خدام، اسمه على أمواج أثير الإذاعة الوطنية، 24 عاما متواصلا بحصص فنية بارعة، وقد أخذ على نفسه مهمة فسح المجال للمواهب الشابة، وإعطائها الفرصة للإبداع، وترك الجمهور يكتشف ما تخبئه الأماكن البعيدة عن العاصمة. وفي هذا السياق، يشهد التاريخ الموسيقي لشريف خدام، دوره في بروز حكيم الأغنية القبائلية الشاعر لونيس آيت منفلات، إيدير، فرحات، مليكة دومران، كريمة، زهرة·.. وغيرها من الأصوات التي تتلمذت على أيدي الفنان، واستفادت من مساعدته في تسجيل أولى أعمالها الغنائية في الإذاعة الوطنية .

رفع خدام الرهان بعد الاستقلال، في إعطاء القناة الثانية الناطقة بالأمازيغية هويتها الأصيلة، في وقت عانت فيه القناتين الأولى والثالثة من نقص فادح في الإطارات ومبرمجي الحصص، واعتمدوا على الإنتاج الشرقي والغربي أساسا، لهذا قرر خدام أن يحافظ على التراث الثقافي الأمازيغي من خلال حصص تثري المستمع وتربطه بأرضه بكل السبل. كان لا بد من اكتشاف أصوات محلية جميلة، تعوّض الفراغ الذي تركته فرنسا المحتلة. منذ 1964 وجد ادا الشريفب نفسه يؤدي أكثر من وظيفة، فبات مختصا في حفظ الوثائق، الأرشيف والموسيقى.

الأغنية الرمز: ضد المستعمر الحزب الواحد من أجل حرية المرأة

أغانيه كانت كثيرة، عميقة في معانيها، لم تكن مجرد كلمات رصفت على ورق أبيض، وزينت ببديع يعجب الأذن في ساعتها، لتنساها فيما بعد. كان يغني هويته، أصله وانتماءه إلى الأرض، إلى جبال جرجرة البيضاء، إلى حقول القبائل الصغيرة المترامية الأطراف، إلى شجر زيتون لا يفارق أي رجل أمازيغي، لهذا كان لحن شريف خدام، حالما، هادئا، مثيرا للتفكير، ولهذا كانت أغاني مثل اجزائريب، النساءب، اسمعت صوت أميب، اقندورة بلاديب··· درسا إبداعيا محفوظا في ذاكرة الكبار والصغار. أما أغنية االمرآةب فهي الأخرى أثارت في نفسية أحد التشكيليين رغبة الرسم، فتخيل فتاة تقف أمام المرآة تمشط شعرها الطويل. سئل يوما ادا الشريفب عن مغزى تلك الأغنية التي أحبتها كل الأجيال بما فيها جيل الشباب الصعب في مزاجه وأذوقه، فأجاب: الا أحب أن أعطي مفاتيح هذه الأغنية، يحق للجميع تفسيرها على هواه، إلا أنني أعترف أنها أغنية غامضة''. لاحقا اعترف: اهذه الأغنية رمزية، تتمتع بشحنة عاطفية شديدة، لها مستويات عديدة للقراءة''. الأغنية سجلت في ,1963 من قبل الأوركسترا السمفونية لباريس، لم يكن الأمر هينا حينذاك، فليس أي صوت يمكن أن يقنع هذه المجموعة بالتعاون فنيا معها.

رمزية الكلمة في أغنية شريف خدام، كانت سببا في وضعها تحت المجهر، فالسلطة الاستعمارية كانت تشتم في نصوصه روائح الوطنية والتحرر، وتسعى لمنع أي أغنية قد تتحوّل إلى أنشودة للاستقلال، بعد ,1962 لم يسلم شريف من الرقابة، فالحزب الواحد كان العين الكبيرة الشاخصة المراقبة المنقبة عن كلمات قد تؤول إلى دعوة للانقسام. في كلتا الحالتين كان دا الشريف لا يبالي، مستمرا في كناياته وتشبيهاته. من جهة أخرى، لم يستجب الفنان يوما للحركات النضالية الدعائية، في المقابل عبّر بصراحة عن رأيه في مسألة حقوق المرأة الجزائرية، ودعا إلى تحريرها عن طريق أغنيته المشهورة الحجاب تحريسب أي لماذا تحجب المرأة الحرة؟



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :