عنوان الموضوع : ما الذي قاله أرنستو غيفارا عن العراق؟ اخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب
ما الذي قاله أرنستو غيفارا عن العراق؟
هيفاء زنكنة
ليس ما يتعرض اليه العراق من عنف وجرائم، تصل حد الابادة الجماعية، فريدا من نوعه كما يحاول الاستعمار الجديد، ايهامنا. وهو بالتأكيد ليس نتيجة طبيعية لنزعة 'العنف المتوارث' عبر العصور لدينا، كما يكرر مثقفو الاحتلال الليبراليين الجدد، وبعضهم من كان يتشدق بالشيوعية أو القومية أو الإسلاموية، لتغطية اختيارهم الوقوف بعيدا عن شعبهم. وهو ليس جراء تعدد الاديان والقوميات التي 'ألصقت مكرهة ببعضها البعض' في العراق الذي 'أسسته بريطانيا'، حسب نظريات اكاديميي الإحتلال.
فهناك العديد من البلدان، من التاريخ القريب، التي مرت، الى حد بعيد، بما نمر به الآن، وكانت يد الإحتلال البشعة، على اختلاف اشكالها واحجامها، هي السبب الرئيسي في خراب البلاد وتهجير السكان وقتل كل من يحاول مقاومة الهيمنة الأجنبية أو يمتلك المبادرة على الاتيان بشيء يحاول من خلاله كسر طوق الهيمنة الاقتصادية او السياسية او الفكرية. فأكثر مايخشاه الإحتلال هو ان يمتلك ابناء البلد المحتل القدرة على التفكير واستنباط الطرق للتخلص من هيمنته.
وترينا امثلة العديد من البلدان المحتلة، سابقا، والخاضعة حاليا، قدرة الامبريالية، وهي النظام المترابط الأوسع الذي يربط البلدان التابعة بمراكز الهيمنة، على تغيير وجهها على اختلاف المراحل وكما قال الزعيم الافريقي الماركسي الراحل كوامي نكروما: 'لكي تواجه الامبريالية مقاومة الشعوب تغير من تكتيكاتها'. وكان نكروما واحدا من اوائل السياسيين الذين كتبوا، تحليلا ونقدا، عن النيو كولونيالية استنادا الى تجربة بلاده، ويعتبر كتابه المعنون 'النيوكولونيالية: آخر مراحل الامبريالية'، 1965، من المراجع المهمة في هذا المجال. وكمحاولة للفهم عبر المقاربة ما بين ما حدث في بلدان افريقيا وآسيا وامريكا اللاتينية، في مرحلة ما بعد التحرير الوطني، وبين ما يمر العراق به اثر توقيع الاتفاقية الامنية طويلة الاجل ومعاهدة الاتفاق الاطار الاستراتيجي، من الضروري استعادة المنظور التاريخي الذي طرحه قائدان من مرحلة نجاح الحركات التحررية في الستينات، هما الزعيم الأفريقي كوامي نكروما، والزعيم الأرجنتيني الكوبي أرنستو غيفارا، لتحديد ملامح ومواصفات واساليب الهيمنة النيوكولونيالية. وكلاهما أكدا، في ظروف الحرب الباردة، أن تحرر شعوبنا ليس مرهونا بصراع الأقطاب الدولية بل بوقوف الإنسان على قدميه، في أرضه، ومقاومته لأشكال الإستعباد. ففي الفصل المعنون آلية عمل النيوكولونيالية يحذر نكروما من ان الاستعمار الجديد هو الاخطر لانه 'لا يهدف الى الهيمنة الاقتصادية فحسب ولكن ايضا السياسية والدينية الثقافية والايديولوجية'. وكأن نكروما، الذي توفى في عام 1972، حاضر عند تخلص الادارة الامريكية من ابنها المتبنى أحمد الجلبي عام 2016، وتسليم 'السيادة'، اذ كتب: 'بدون ان تشعر بتأنيب الضمير تستغني الامبريالية عن أعلامها، بل وحتى عن بعض المسؤولين المكروهين الذين تعاونوا معها في الغربة. وهذا يعني، كما تدعي، أنها ''تمنح' الاستقلال لرعاياها السابقين، على أن يليها تقديم 'المساعدات' من أجل تنميتهم. وتلجأ الى تغليف افعالها بعبارات من هذا القبيل، وطرح عدد لا يحصى من السبل لتحقيق الأهداف التي حققها الاستعمار المجرد سابقا.
ان المجموع الكلي لهذه المحاولات الحديثة لإدامة الاستعمار، بينما يتحدثون، في الوقت نفسه، عن 'الحرية'، هو الذي أصبح يعرف باسم الاستعمار الجديد'. ولأن الامبريالية تعرف جيدا بانها لن تستطيع اخضاع الشعوب طويلا فانها تطمح عبر تغيير اقنعتها وتجديد طروحاتها الاسمية الى ادامة الاحتلال لاطول فترة ممكنة، ونكروما الذي عانى وشعبه الأمرين من الامبريالية الامريكية هو خير من وثق تغير الاساليب، حيث كتب محذرا بان على الشعوب ان تحتاط وتدرس اساليب المستعمر الجديد في تمديد بقائه، وهو مايحدث حاليا في العراق تحت ادعاء انسحاب قوات الاحتلال: 'الاسلوب الأول هو احتفاظ المستعمرين المغادرين بكل أنواع الامتيازات التي تتعدى على سيادتنا مثل إقامة قواعد عسكرية أو تمركز الجنود في المستعمرات السابقة، وتزويد 'مستشارين' من نوع أو آخر. كما يطالبون، في بعض الأحيان، ببعض 'الحقوق' مثل: امتيازات الأراضي، حقوق التنقيب عن المعادن والنفط، و'حق' تحصيل الجمارك، للاضطلاع بالإدارة، وإصدار الأوراق النقدية، ان تكون معفاة من الرسوم الجمركية والضرائب على المؤسسات الأجنبية، وفوق كل شيء، 'حق' توفير 'المساعدات'. كما تطالب بمنحها امتيازات في المجال الثقافي؛ وان تكون الخدمات الإعلامية الغربية حصرية'.
وكان جيفارا الذي إستشهد في بوليفيا عام 1968، قد ركز في خطابه امام مؤتمر التضامن الأفرو آسيوي المنعقد في الجزائر عام 1965 وافتتحه الرئيس الجزائري المناضل أحمد بن بللا، على جانب الهيمنة الاقتصادية للامبريالية في شكل الحكم الاستعماري الجديد مبينا بان ما تناضل من اجله كوبا وما تدعمه كوبا في نضالات الشعوب الاخرى هو تحقيق الاستقلال الاقتصادي وبناء الاشتراكية قائلا بأن 'تعريف الاشتراكية هو انهاء استغلال الانسان للآخر'. محذرا بانه، على الرغم من اندحار الامبريالية في مناطق عديدة من العالم، الا انها لاتزال قوة لايستهان بها وان الطريق للتحرر منها هو الوحدة الوطنية ووحدة المقاومة ضدها. فكل حركة مقاومة ضد الامبريالية في العالم تتطلب مساعدة الشعوب الحرة وبكل الامكانيات والطرق وبلا شروط مفروضة مسبقا.
وفي وصفه للاستعمار الجديد، ذكر غيفارا: 'لقد تطور الاستعمار الجديد اولا في أمريكا الجنوبية، في أنحاء القارة بكاملها، واليوم بدأنا نراه في أفريقيا وآسيا كذلك. ان أشكال اختراقه وتطوره لها خصائص مختلفة. احدها هو الشكل الوحشي الذي شهدناه في الكونغو. حيث القوة الغاشمة، دون أي احترام أو تستر على الإطلاق، هو سلاحه الرئيسي. هناك شكل آخر أكثر دهاء: التغلغل في البلدان التي تحصل على الاستقلال السياسي، والربط ما بينه وبين البرجوازية المحلية الوليدة، وتطوير الطبقة البرجوازية الطفيلية التي هي الحليف الوثيق لمصالح المستعمرين السابقين. هذا التطور يستند إلى الارتفاع المؤقت في مستوى معيشة بعض الناس.' وبما ان العراق يعيش تحت ادعاء منحه ' المساعدات' من ادارة المستعمر مباشرة او من مؤسساته 'الانسانية والثقافية'، بشكل غير مباشر، فان اشارة غيفارا الى الانتباه الى اسلوب الهيمنة الامبريالية المتخفية تحت 'ستار المساعدات الثقافية'، مثلا، مع ابقاء القواعد العسكرية والديون المجحفة بحق الشعب بل واثقال كاهله بقروض يبتلعها الفساد، يأتي في اوانه تماما.
ويتفق القائدان غيفارا ونكروما بان لجوء الامبريالية الى تغيير وجوهها وأساليبها هو، بما لايقبل الشك، دلالة ضعف وليس قوة. وحسب نكروما: 'فإنه يدل على عدم قدرتها على الحكم فترة اطول بالطرق القديمة وان الاستقلال ترف لم يعد بوسع الامبريالية ان تسمح به للشعوب المستعمرة، حتى الاستقلال الذي كانت تدعي بانها 'منحته' باتت تسعى الى استرداده من جديد، مما يعني بان الاستعمار الجديد سيهزم حتما'.
هنا يحاول نكروما الاجابة على سؤال حول كيفية دحر الاستعمار الجديد، قائلا: ' حتى الآن، تشير كل أساليب المستعمرين الجدد في اتجاه واحد، هو الذي سلكته جميع الطبقات الحاكمة الممثلة لمصلحة الاقلية على مر التاريخ، انه فرق تسد. لذلك، من الواضح تماما، ان الوحدة الوطنية هي المطلب الاول لتدمير الاستعمار الجديد. ان الحاجة الى حكومة وحدة افريقية للقارة المقسمة أولية واساسية 'ويدفع نكروما باتجاه معاكس لسياسة فرق تسد الامبريالية موصيا بالتضامن الأفرو آسيوي ومع امريكا اللاتينية وكل الشعوب المناوئة للهيمنة الامبريالية وجوهرها العنصري الاستغلالي. كما دعا نكروما الى ' العمل مع الحركات التقدمية والافراد المناوئين للامبريالية في المعسكر الامبريالي نفسه، لانهم الوحيدون القادرون على انجاح او افشال الثورات'. والأهم من ذلك كله، يدعو نكروما، وهي نقطة من الضروري الانتباه اليها في واقعنا، حاليا: 'الى تطوير موقف سياسي واضح، يتجاوز الرطانة اللفظية، في معسكر المناهضين للامبريالية والاستعمار والداعمين لحركة التحرر الوطني، ومن ثم العمل مع الاتحادات والنقابات ومنظمات الشباب والنساء والصحافيين على توضيح طبيعة الاستعمار الجديد وكونه دلالة ضعف الامبريالية وانها قابلة للهزيمة'.
هنا، مرة اخرى، يتفق نكروما مع غيفارا، بان مصدر الحرية الحقيقي هو الانسان نفسه وروح المقاومة لديه واعتزازه بكرامته وانسانيته، حيث يقول نكروما في خاتمة كتابه: 'ففي خاتمة المطاف، سيكون الانسان المحني الظهر، المستغل، الذي يعاني من سوء التغذية، المقاتل من اجل الاستقلال، المغطى بالدم، هو الذي سيقرر ما الذي يختاره. وهو، حتما، سيختار الحرية'.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
شكراا لك اخي
بارك الله فيك
في انتظار الجديد...
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
شكراا لك اخي
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
شكرا لك أخي أنا دائما من متتبعي مواضيعك القيمة..... تحياتي
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :