عنوان الموضوع : الثورة الموءودة الحلقة العاشرة للجزئار
مقدم من طرف منتديات العندليب

Ahmed Boukou Akrouh

الثورة الموءودة
الحلقة العاشرة

في هذه الساحة الفسيحة و التي هي على ما يبدو موقفا لسيارات الشرطة كان هناك المئات من المعتقلين في حالة يرثى لها...ثياب ممزقة تكسوها بقع من الدماء و وجوه مصفرة , و فيهم من هو مصاب بجروح خطيرة , أو كسور و لم تقدم له أية إسعافات أولية . و كانت الأجساد متناثرة على الأرض , و رجال النظام يمرون فوقها غير مبالين , و الأنين ينبعث من كل أطراف الساحة , و الجوع يعصر البطون التي لم تذق الطعام منذ أيام.

أقبلت ظلمة الليل فعم السكون, و تمددت الأجساد على الأرض طالبة النوم. جلست بقرب الحنفية الوحيدة في الساحة التي كان يشرب منها كل المعتقلين, و أسندت رأسي للحائط, كان النعاس يراودني بين الفينة و الأخرى في تقطع مستمر. و بينما غشتني غفوة إذا بقوة من رجال الشرطة تقتحم الساحة و راحوا يوقظون المعتقلين مستعملين العصي و الهراوات فنهض الجميع مذعورين.

كانت الساعة تشير إلى حوالي الواحدة بعد منتصف الليل . قاموا بصفنا و قيدوا يدي كل شخصين إلى بعضهما, كنا نتساءل عن المصير الذي ينتظرنا.
سأل أحد المعتقلين شرطيا عما عساهم فاعلين بنا فأجابه بأنه سيقتلوننا , و هناك من صدق هذه الكذبة من هول ما رأى من وحشية .

شرعوا في إخراجنا إلى الشارع حيث وجدنا في انتظارنا أثنى عشر حافلة جديدة لم تستعمل من قبل. كانت مقاعدها ما زالت مغلفة بالبلاستيك, و كل حافلة يحرسها شرطيان, انطلقت في موكب واحد و تحت حراسة أمنية مشددة في اتجاه الدار البيضاء. كان الطريق محفوفا بالمدرعات. لكن الموكب أنحرف نحو تامنفوست و من هناك دخلنا المدرسة العسكرية للبحرية .

قاموا بإدخالنا إلى بناية أرضية داخل المدرسة العسكرية يبدو أنها مستودع لركن السيارات. تتكون من حجرتين صغيرتين حوالي 5 أمتار على 5 تقابلهما حجرة واسعة حوالي 10 أمتار على 10 توجد بها حنفية تصب الماء مباشرة على الأرضية, و يتوسط الحجرتين الصغيرتين و الكبيرة مرحاض.
قاموا في هذه الليلة بتدوين أسمائنا على سجل , ثم ذهبوا إلى حالهم ...أما نحن فقد ألقينا بأجسادنا على أرضية القاعات ناشدين الراحة من عناء يوم عسير قضيناه بالمحافظة المركزية للشرطة بدون أكل .

أشرقت علينا شمس نهارنا بمعتقل تمنفوست , كان الجو خريفيا دافئا.. لذا لم نكن في الليل نشعر ببرودة أرضية القاعات الأسمنتية .. و مع إشراقة شمس الصباح بدأت الأجساد تتحرك ..كان عدد المعتقلين يتجاوز الستمائة ..لذا فإن القاعات و إن اتسعت فلن تستوعب هذا العدد من الهائل.

بدأ المعتقلون في استعمال الحنفية الكائنة بالقاعة الكبرى و التي كانت كما ذكرت تصب مباشرة على الأرضية و بدأت المياه تتجمع في القاعات مختلطة بالبول المتسرب من المرحاض الوحيد و الذي يتداول عليه كل هذا العدد من المعتقلين مما أدى إلى انسداده , و بالتالي طرحه للفضلات (عفاكم الله) على أرضية المعتقل بحيث أصبحنا نجلس و ننام على هذه المياه القذرة التي كانت تنبعث منها روائح كريهة .

عند منتصف النهار قاموا بصفنا في ساحة المدرسة تحت حراسة مشددة من طرف الجنود , و وزعوا علينا وجبة الغذاء التي كانت عبارة عن قطعة خبز قديمة في حجم كف إنسان عادي إذ يبدو أنها من بقايا وجبات جنود المدرسة معها نصف حبة بصل ...
كنا لا نتناول إلا وجبة واحدة في اليوم أغلبها عبارة عن قطع خبز قديمة و بصل.. إلا مرة واحدة فقط ناولونا مع الخبزحبة بيض لكل معتقل , و كانت وليمة كبيرة, و كان فرحنا بها لا يوصف.

الحلقة الحادية عشر ستنشر لاحقا إن شاء الله



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

عام سعيد وكل عام وانتم بخيرصص


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

و انا اقرأ هذه السلسلة يا اخي

تذكرت مذكرات الشيخ عبد الحميد كشك رحمه الله

الطغيان لا جنسية له و لا دين له

واصل يا اخي

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

شكرا جزيلا اخي............................................... ......

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :