عنوان الموضوع : الجزائريون ليسوا مرتزقة أيها الثوّار الليبيون !!بقلم أنور مالك خبر جزائري
مقدم من طرف منتديات العندليب

بقلم: أنور مالك

منذ انفجار الوضع الليبي في شهر فبراير من العام الجاري تحركت آلة دعائية في ظاهرها شيء وفي باطنها أشياء أخرى، حيث راحت جهات مما يسمى “المجلس الانتقالي الليبي” تتهم الجزائر بدعم نظام معمر القذافي بمن أطلق عليهم “المرتزقة”، وسال الحبر الكثير في ذلك دفع الأمر وزارة الخارجية الجزائرية إلى التنديد بهذه الاتهامات الخطيرة.
يد من الرباط وأخرى من باريس
كانت البداية مع وزير الدولة الليبي في شؤون الهجرة والمغتربين، المدعو علي الريشي، وذلك عندما إتهم الجزائر وجبهة البوليساريو بإرسال آلاف المرتزقة لليبيا، حدث ذلك في 3 مارس الماضي، ومن واشنطن، وعلى قناة تبث على شبكة الأنترنيت يرعاها لوبي مغربي بقيادة صحفي – لن أشرفه بذكر اسمه – كان من قبل مسؤول الإعلام في السفارة المغربية بأمريكا، والآن يعمل مراسلا لصالح قناة فرانس 24 التي تبث من باريس.
مصدر موثوق من واشنطن كان في مشروع إعلامي مع هذا الصحفي المغربي، أكد لي شخصيا من أنه مشبوه في علاقاته يستعمل أجهزة القناة الفرنسية واستديوهاتها لبث برامج على ما سماها قناته في الشبكة العنكبوتية، وبطريقة غير مرخص لها، حيث أشار محدثي إلى أن إدارة القناة في باريس تجهل هذا الإستغلال البشع وغير القانوني لعتادها وكاميراتها من قبل “قناة” أخرى برنامجها غير إعلامي وهدفه مغرض يسعى لتشويه جبهة البوليساريو والجزائر بالمعلومات المغلوطة والمفبركة التي تطبخ في سرايا خفية، ويقوم بخدمة لوبي مخزني مدعوم من بعض الأطراف الأمريكية والصهيونية التي تتلقى راتبها من خزينة جلالة أمير المؤمنين. في حين أشار مصدر آخر إلى أن القناة الفرنسية على علم بكل نشاطات مراسلها وتلتزم الصمت، ولم تصدر أي قرار تجاه ذلك الفعل الذي ترفضه كل الفضائيات في الدنيا، بما يفيد أنها راضية بها أو أن لها يد خفية في توجيه تلك النشاطات المشبوهة.
توسّعت الدائرة ومدت قطرها من هذا المنطلق الذي لعبت المخابرات المغربية دورا فاعلا فيه، وانطلاقا من العاصمة الأمريكية ومن طرف مغاربة يحملون الجنسية المزدوجة على غرار ما عليه شأن الوزير الليبي المستقيل من نظام زعيمه معمر القذافي. كما تصاعدت الحيثيات وبلغت مداها ووصل الأمر إلى قياديين في المجلس الانتقالي الليبي حيث اتهموا الجزائر بنقل المرتزقة الأفارقة عبر طائرات الخطوط الجوية الجزائرية وحتى طائرات حربية، وبعدها انتشر الأمر ليصير أن “مرتزقة جزائريين” يقاتلون إلى جانب قوات العقيد معمر القذافي.

عباسي مدني والآخرون

لم يقف الأمر عند هذا الحد بل اتجهت بعض الوجوه الفضائية الجزائرية التي تتبنى المعارضة من الخارج إلى توريط سياسيين ليبيين آخرين يعيشون في لندن، عندما راحوا يدفعونهم إلى العزف النشاز على الأسطوانة نفسها وبمعلومات مضللة، وهذا ديدنهم فقد سمعنا منهم العجب العجاب وطالما ورطوا حتى قناة الجزيرة في أخبار ملفقة اثبتت الأيام بهتانها وبالرغم من كل ذلك لا يزالون زبائنها المكرمين.
أما ما تسمي نفسها الآن “الجبهة الإسلامية للإنقاذ” المحظورة ومن العاصمة القطرية الدوحة حيث يقيم زعيمها تحت رعاية القصر والهبة الأميرية المعروفة بالسخاء الذي لا حدود له، فراحت عبر بيان روّج له تطالب فيه حكومة الجزائر بوقف هذه المساعدات وتتبرأ منها، ومن دون دليل يذكر سوى إتهامات تلاك عبر الأقمار الإصطناعية فقط، وأنا على يقين لو أعلنت الجزائر دعمها للمعارضة الليبية الثائرة لوجدت هذه الجبهة ما يدينها به قد تصل إلى ما لا يتقبله العقل والمنطق.
بلا شك أن الدوحة تحولت إلى عاصمة المعارضات العربية عموما والليبية بصفة أخص، حيث يؤممون وجوههم هناك ويقيمون في فنادق خمسة نجوم على حساب جهات ما، وتراهم يترددون تترى على أستديوهات الجزيرة للدفاع عن قضيتهم وهذا حقهم وهم أحرار في خياراتهم، كما تمكنوا من بثّ فضائية من الدوحة وبميزانية ثقيلة حتما وما نعرفه عنهم بحكم تواجدنا بالغرب أن أغلبهم يعتاشون من المساعدات الإجتماعية في أوروبا، طبعا هذا لا دخل لنا فيه أيضا وهو شأنهم والأيام كفيلة بكشف المستور، ولكن ليس من حقهم الطعن فيمن يرفضون الغرق بمستنقعهم، والكيد لدول أخرى لم ترضخ لمخططاتهم أو تلك التي رفضت أن تكون طرفا في هذه الحرب الأهلية ومن بينها الجزائر.
فقد سمعنا إتهامات كثيرة يوجهها للجزائر مثلا رجل الدين الليبي محمد علي الصلابي وهو عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، هذا الأخير يترأسه الدكتور يوسف القرضاوي المقيم بالدوحة والحامل لجنسيتها، الذي طالما تردد على الجزائر وعولج حتى في مشفاها العسكري الذي هو مخصص لأبناء الجيش الوطني الشعبي فقط وذويهم، وقد رعاه حتى الرئيس بوتفليقة شخصيا وقدم له كل إمكانيات الدولة ليخرج سالما معافى من وعكته الصحية وأشياء أخرى ليس المجال لبسطها.
كما سمعنا اتهامات وجهها الدكتور عباسي مدني الذي ليس غريبا أن يكيل ويكيد لوطنه الجزائر وحتى بما يندى له الجبين من المتناقضات الصارخة، فهو الذي شنّ إضرابا عن الطعام في سبتمبر 2016 تضامنا مع الرهائن الغربيين المختطفين في العراق، في حين تجاهل خطف الدبلوماسيين الجزائريين في 2016 وفضل أن ينحرهما الزرقاوي بالرغم من أن الشعب الجزائر تجنّد عن بكرة ابيه من أجل المطالبة بالإفراج عنهم، ولم يقتصر الأمر على ذلك فقط بل ذبح أكثر من مئة ألف مواطن – حسب رقم رسمي – ويتّم مئات الآلاف، من طرف الجماعات الإسلامية المسلحة التي خرجت من رحم حزبه وأخرى صارت جناحه العسكري بزعم إنقاذ البلاد، ولم ينطق ببنت شفة إلى يومنا هذا ولا حتى قدم تعازيه وأسفه لعائلات الضحايا، بل لا يزال ببراغماتيته يبارك بين جنبيه ولمحيطه، تلك السيارات المفخخة التي تمزق المدنيين أشلاء، وتراه من قصره العاجي يدعو الجزائريين للتمرد ضد الأمن وعلى إيقاع أحداث جوان 1991 ووفق أطروحات الجماعات الدموية التي أسسها سعيد مخلوفي وشبوطي ومحمد السعيد ورجام والملياني… إلخ، وكلهم من ابناء جبهته التي لا يزال يناصر فلولها لحد الآن.
أن يحلب الدكتور عباسي مدني في اقداح إمارة قطر أمر مفروغ منه ولا يمكن تخيل غير ذلك، فهو ينحني إجلالا لأميرها أمام الكاميرات، وهو الذي إنطلقت الطائرات من القاعدة العسكرية الأمريكية المتواجدة ببلاده من أجل تدمير العراق وإبادة شعبها بالفسفور الأبيض والسلاح المحرم دوليا، في حين ترى عباسي يقدح في حكام بلاده ويتهمهم بالعمالة لفرنسا وأمريكا بالرغم من أنه لم يسبق للجزائر وان باركت أو ساندت عدوانا أجنبيا على أي بلد عربي. كما أن فضائل الدوحة عليه كبيرة لا يمكنه أن يتجاوزها، فقد أقام سابقا بفندق الشيراطون الفاخر بجناح مخصص له على مدار ثلاث سنوات تقريبا، وتكاليف الليلة الواحدة تتجاوز 2016 دولار في أغلب الأحيان، مما يعني 60 ألف دولار في الشهر و720 ألف دولار في السنة وأكثر من مليونين دولار في 3 سنوات، بغض النظر عن الخدمات الراقية والباهضة التي تقدم للزبائن العاديين، أما ضيوف سمو الأمير فلهم شأن آخر، وقد أقمت بالفندق نفسه لأيام قليلة ورأيت العجب العجاب.
الآن يقيم فضيلة الشيخ بحيّ راق وبقصر فاخر لا يمكن تخيله، وقد دخلته بنفسي وكنت ضيفا عليه وتناولت معه وجبة إفطار رمضانية على مائدة تتسع لثلاثين شخصا على الأقل، لما قادتني خطاي للدوحة من أجل المشاركة في برنامج “الإتجاه المعاكس” بتاريخ 09 سبتمبر 2016، والذي جمعني حينها مع اللواء فؤاد علام، نائب رئيس أمن الدولة المصري الأسبق. أبناؤه الذين فرّوا لأوروبا خلال سنوات الدم ولم يتعرض أي منهم إلى خدش بسيط أو أدنى مكروه في حين بكت دموع الجزائريات ما يغرق البلاد التي تأويه وتدفع له تكاليف حياته الخاصة والعامة، هم حاليا يتمتعون بالجنسية القطرية ويديرون شركات تدرّ عليهم بالملايين من العملة الصعبة ولا يذكرون ضحايا والدهم إلا بما يشفي غليله، والذي برغم الأجر العالي الذي يتلقاه شهريا ومداخيل أسرته، لا يزال يتجاهل مساعدة رفقاء دربه الذين حرموا من العمل وكل مصادر الرزق لمقاربات سياسية هو طرف فيها، ولا تجرأ على المساعدة في فتح مركز للطفولة المشردة التي هي ضحية مأساة لا يزال يرفض الإعتراف بها. ولولا أن المجالس أمانات لرويت الكثير عن تلك الليلة الرمضانية في قصر عباسي مدني وصغاره ومريديه في الدوحة.

ما هكذا تورد الإبل في بنغازي !!
من دون الخوض في غمار وتفاصيل تطورات هذه القضية التي تتعلق بالاتهامات الموجهة للجزائر، ولا التناقضات التي عرفتها بين هذا وذاك، ولكن لا يمكن السكوت عن ذلك أبدا، وقد ثبت وجود مخططات قذرة تستهدف وحدة بلادنا الترابية والوطنية من وراء الحملة المنظمة التي بدأت عشوائية إرتجالية، فالطرف الأول فيها هي المملكة المغربية ممثلة في مخزنها حتى أستثني الشعب المغربي الشقيق وأحراره من مثل هذه الدسائس، فالقصر الملكي ما فتئ يحيك المؤامرات وأخواتها من أجل توريط الجزائر مع المجتمع الدولي وعلى رأسهم فرنسا والولايات المتحدة، وهذا من أجل الحفاظ على المكاسب القائمة وفرض الأمر الواقع في الصحراء الغربية.
أما الطرف الثاني فهي العاصمة الفرنسية باريس التي سارعت لقيادة الحملة العسكرية على ليبيا والباحثة عن موطئ قدم لها في المنطقة المغاربية ليس عبر الصفقات ولا تواجد الشركات ولا بالإتحادات ولا بالإتفاقيات الدبلوماسية والسياسية والأمنية، بل تريد أن تحطّ بقواتها العسكرية على حدود الجزائر، لحسابات مستقبلية صار اليمين المتطرف يحسب لها في كواليسه تحت طائلة تنامي مطالب الأجيال الجديدة فيما يخص الذاكرة الإستعمارية التي يعمل ساركوزي من أجل طمسها.
أما المعارضة الليبية فعليها الكثير، بالنسبة للمدعو مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الإنتقالي في بنغازي، الذي ناقض نفسه وعاود العزف على اسطوانة المرتزقة الذين تسللوا لبلاده بمساعدة الحكومة الجزائرية، فهو يغرق في الشبهات من رأسه إلى اخمص قدميه، وممن يجب أن تطالهم حملة الثورة التطهيرية إن كان هدفها كذلك فعليا، لقد رقّي لدرجة مستشار عام خلال 1996، بعدما كان قاضيا فقط، وهي السنة نفسها التي شهدت ليبيا أقذر مجزرة في حق الإنسانية ويتعلق الأمر بمجزرة سجن بوسليم التي ذهب ضحيتها 1200 مواطن ليبي في ليلة واحدة من 29 جوان 1996، ولم يقدّم المستشار العام إستقالته إحتجاجا على الجريمة المقترفة في حق المساجين السياسيين التي من المستحيل عدم علمه بها، ولا سجلت له كلمة عابرة فيها مجرد إيحاء بعدم رضاه، بل بقي في منصبه إلى غاية 2016 حيث تم تعيينه رئيسا لمحكمة الإستئناف، وأخيرا في 2016 عين وزيرا للعدل بما يؤكد مدى الوفاء الذي يكنّه لزعيمه معمر القذافي، الذي لا يمكن أن يعين شخصا في منصب حساس إلا من أدى طقوس الولاء المطلق له ولعائلته. وبالرغم من بلوغه هذا المنصب المهم وبالرغم من أن مجزرة بوسليم إستهدفت سجنا ينتمي لقطاع هو الرجل الأول فيه، وبالرغم من نضال المحامين بينهم المحامي فتحي تربل الذي يترأس لجنة عائلات ضحايا سجن بوسليم والذي كان توقيفه هو سبب إشتعال الثورة الليبية، إلا أن مصطفى عبدالجليل لم يتجرأ على الأمر بالمطالبة بفتح تحقيق قضائي حتى لما إعترفت ليبيا بالجرم بعد سنوات الإنكار، ونتمنى أن يحدثنا عن أسباب صمته ومواصلة عمله في القطاع المدان في هذه المجزرة وقضايا حقوقية كثيرة منها الإعتقالات العشوائية والجور والظلم والتعذيب في السجون وتلفيق القضايا للمعارضين والمناوئين لنظام الزعيم القذافي… الخ.
لا يوجد حسب إعتقادي لحد الآن سبب ثالث لما سأذكره من تبريرات لموقفه المتخاذل، فإما أن الوزير كان يرى العملية مشروعة وقانونية من أجل حماية الجماهيرية من المعارضين ويجب غضّ الطرف عنها، وإما أنه لا سلطة له بل كان مجرد واجهة يستعملها القذافي كما يريد ويحركه حيثما يشاء، وفي كلتا الحالتين ندين الرجل بشدة وندعو الثوار إن كان هدفهم الحقيقي هو العدالة والحرية والحقوق أن يحاسب كما سيحاسب أركان النظام من معمر وذريته ومواليهم وكل من بقوا في العزيزية أو هبّوا تباعا للقفز من السفينة التي غرقت في وحل الحرب الأهلية، من سفراء إلى وزراء وزعماء اللجان الشعبية ممن كانوا يصنعون مجد القذافي واسطورته الهلامية.
وإن اعتبرنا السبب الثاني هو الصواب فلا يليق بثورة أحرار يتزعمها جبان كان لا يقوى على رفع رأسه أمام القذافي بل ظل يستعمله كما يريد ويبتغي ويضرب به الأبرياء من خلال قطاع العدالة الذي وضع على رأسه، واليوم إستقوى بغيره ممن يدفعون الثمن في الميدان حيث تدكّ رؤوسهم الصواريخ وتحت اقدامهم ألغام عنيفة، فبعدما كان تحت الحماية التي يتمتع بها الوزراء ويعيش بأسرته في أرقى القصور بطرابلس، هاهو اليوم أيضا في قصر آخر ببنغازي تحت الحماية والحراسة المشددة واسرته بدورها لا تدفع الثمن الذي يطال فقراء الشعب الليبي… فهيهات أن يكون المستقبل مشرقا إن كانت البداية على هذا المنوال والمنعرج!!
لا يوجد في الجزائر مرتزقة أبدا، ولا الجزائري يسمح أن ينعت بهذه الصفة، ولا يمكن أبدا أن نقبل من أي كان أن ينعت أهالينا وابناء وطننا بذلك مهما كانت قداسة ثورته ومشروعية نضاله، وشخصيا لا أقبلها ولو تصدر ممن سيكون الخليفة الراشد السادس خلال أيام معدودة. فحتى الجماعات الإسلامية المسلحة التي إقترفت المجازر في حق المدنيين والعزل وبقرت بطون الحوامل لم يطلق يوما على عناصرها أنهم مرتزقة، بل كل ما وصفوا به أنهم خوارج وتكفيريون وإرهابيون ومجرمون وقتلة ومتطرفون وغلاة ودمويون ومتعطشون للسلطة، ولم اسمع من أي مسؤول سواء كان مدنيا أو عسكريا، وحتى من طرف عامة الناس، أن اطلق أحدهم هذه التسمية عليهم. حتى الطفولة المسعفة والأبناء غير الشرعيين ممن لا أهل لهم الذين نجدهم في الغرب وبعض الدول الإفريقية يشتغلون كمرتزقة، في الجزائر إما أنهم تتبناهم عائلات معروفة أو يوضعون في مراكز مخصصة ويسمح لهم بالدراسة والتكوين وتخرج منهم حتى إطارات يعتدّ بهم برغم النقائص التي لا يخلو منها عالمنا العربي، بل أكثر من ذلك أن الأطفال الذين ولدوا في الجبال عوملوا بمثل ما يعامل به الآخرون فبينهم من وضعوا بمؤسسات رسمية وتحت رعاية قانونية وصحية وعلمية وبعضهم تمكنت الدولة من الوصول لأهاليهم.
منذ مدة ونحن نسمع عن حكايات المرتزقة هذه وليومنا لم يتجرأ المجلس الإنتقالي الليبي على بث صورهم وشهاداتهم وإعترافاتهم ووثائق هوياتهم، وقنوات من العيار الثقيل مجندة لخدمتهم وتراها تمرر حتى صور عادية من الشوارع نقلها هواة وتم تحميلها على الفايس بوك أو اليوتوب، في حين لم نشاهد إلا بعض المقاطع العابرة التي قيل أنها لمرتزقة لم نفهم حديثهم ولا قدم دليل يثبت ذلك، كما شاهدنا صورا أخرى لجوازات سفر بينها الجزائري، فهل هذا دليل على وجود مرتزقة؟ !!
أعتقد أن التسليم بالإتهام مجافي للصواب، وخاصة إن أخذنا بعين الإعتبار أن العمالة الأجنبية في ليبيا كثيفة جدا، حيث بلغ عددهم في 1973 حوالي 200 ألف، أي بنسبة 8,8% من إجمالي السكان حسب إدارة الشؤون الإقتصادية والإجتماعية بالأمم المتحدة، وفي عام 2016 تم إحصاء 150 ألف عامل معترف بهم ولديهم عقودا مع مؤسسات الدولة الرسمية، هذا من بين ما يقارب 2 مليون آخر دخلوا التراب عبر المنافذ بحثا عن العمل وبقوا في البلاد وبينهم من تزوج وأنجب أطفالا، حتى انفجر الوضع حيث من نجوا منهم يتواجدون كلاجئين في الحدود.
روت عائلات جزائرية فرت من الجحيم ما يفتت الأكباد عن معاناتهم، كما توجد تسريبات مفادها أن القتلى الذين تم إظهارهم على أساس مرتزقة هم أفارقة كانوا يقيمون بصفة قانونية وآخرون يعملون في المزارع والفلاحة ولا يملكون وثائق إقامة شرعية، وتم الإنتقام منهم بطرق لا إنسانية مختلفة.
على كل حال عندما يقدم لنا المجلس الإنتقالي صورا مباشرة عن هؤلاء الذين يزعم أنهم مرتزقة من الجزائر أو أنهم مرّوا عبر ترابها بمساعدة رسمية حينها يكون لنا حديث آخر، ولكن المثير في الأمر أنه منذ مطلع الثورة الليبية والاتهامات تطال الجزائر والقذافي ولكن لم يقدم المعارضون أدلة على ادعاءاتهم حتى نصدقها وندين المتورطين إدانة شديدة.
الحقيقة التي لا تعرف المزايدات
من حق الجزائر كدولة ذات سيادة، أن ترفض التدخل في الشأن الليبي أو غيره، ولا تضع يدها في يد الحلف الأطلسي بعدما سارعت “الجامعة العربية” للإستنجاد بمجلس الأمن ومباركة العملية العسكرية ضد ليبيا تحت غطاء حماية المدنيين، ولكن سيتبين لاحقا أنه حق أريد به باطل ليس إلا، ومن حقها أيضا أن تتخوف من تواجد عسكري أجنبي على حدودها، كما من حقها أن تتحفظ من بعض الأمور وخاصة ما يتعلق بوضعها الأمني وكل المؤثرات عليه سواء كانت في الساحل والصحراء أو في ليبيا، ومن حقها أيضا أن ترفض إشتعال فتيل حرب أهلية على مرمى حجر منها، فما تسمى “القاعدة” تترصد لمثل هذه الفرص الثمينة لتعيد ترتيب بيتها ومخططاتها الإجرامية بعد الضربات الموجعة التي تلقتها من الجيش والشعب، وبلادنا لا تزال لم تندمل جراحها من سنوات الدم والدمار.
ولكن من جهة ثانية ليس من حق الجزائر أن ترفض إستقبال اللاجئين على ترابها وهي التي وقعت على معاهدات دولية بهذا الإطار، وأعتقد أن خدمات جزائرية كبيرة قدمت للاجئين التونسيين اثناء ثورة الياسمين ولا تزال تقدم لليبيين أيضا للأسف تتجاهلها وسائل الإعلام الثقيلة. كما أنه ليس من حق الجزائر أن ترفض الوساطة الدولية أو التردد في تقديم المساعدة للإتحاد الإفريقي أو الجامعة العربية أو حتى الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي يحقن الدماء بين الإخوة الأعداء، وطبعا هذا لم يحدث فقد استقبلت بعثة الاتحاد الإفريقي منذ أيام قليلة، وطالبت كثيرا بضرورة تغليب الحل السلمي وتوقيف إطلاق النار والحوار الجاد بين الفصائل المتناحرة.
لست أدافع عن الحكومة ولا النظام كما قد يتوهم البعض، ولست مخولا بالتحدث على لسان هذا أو ذاك، ولكن الذي وجب أن أقف عنده هو قول الحقيقة ولو تكون في صالح الشيطان، وواجب عليّ أن أرفض وصف الجزائريين بالمرتزقة. ورغم يقيني بخلفيات هذه الحملة، أؤكد لكل العالم أنه لو قدم الأدعياء دليلا مقنعا ومشروعا ودقيقا لا لبس فيه، ولو أتمكن بنفسي من الوقوف على أدلة ما تعضد ما يقال، فسأكون أول من يدين حكومة بلادي، وسأطالبها بضرورة التوقف عن إمداد نظام معمر القذافي بهذه المساعدات ولو كانت عقال بعير، وخاصة أن هذا الأخير قام في بداية فتنته بإطلاق تصريحات مثيرة وعدائية استهدفت المؤسسة العسكرية الجزائرية، ولا أظن مطلقا أن من يلوم الأمم المتحدة على عدم التدخل في الجزائر خلال التسعينيات يمكن أن يلقى دعما وخاصة أن هؤلاء يتهمون مباشرة وعلى الهواء من يسمونهم “جنرالات الجزائر”…
كفانا إساءة… كفانا تزييفا… وكفانا من حصائد الألسن التي ما تزيدنا إلا تشرذما وما تقوي إلا الأعداء المترصدين لثرواتنا وثوراتنا، فالجزائري الذي خاض ثورة عملاقة ضد الحلف الأطلسي لا يمكن اليوم أن يكحّل عيونه أو يحني كفيه بدماء المسلمين والعرب وكل الأبرياء، كما لا يمكن أن يبارك غزواته ضد بلد جار وفي قتال بين الاشقاء مهما كانت مشروعية المطالب، كما أن الجزائري الذي ذاق ويلات الإرهاب وفقد فلذات أكباده ذبحا وتفجيرا وسحقا وسحلا، لا يمكن أبدا أن يقبل العودة لسنوات أخرى لا تختلف عن ذلك، والجزائري الذي يعتزّ بأصوله وشرفه وعرضه وكرامته وهويته ويمتنّ للموت في سبيلها لا يقبل ابدا أن يساء إليه سواء من طرف ثوار تمردوا على عقيدهم أو من عقيد يقنبل أبناء شعبه البسطاء والعزّل…
__________________



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

بارك الله فيك اخي علالو..موضوعك لخص ما يدور في قلبي..

لا يوجد في الجزائر مرتزقة أبدا، ولا الجزائري يسمح أن ينعت بهذه الصفة، ولا يمكن أبدا أن نقبل من أي كان أن ينعت أهالينا وابناء وطننا بذلك مهما كانت قداسة ثورته ومشروعية نضاله، وشخصيا لا أقبلها ولو تصدر ممن سيكون الخليفة الراشد السادس خلال أيام معدودة..

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جزائرية ولي الفخر
بارك الله فيك اخي علالو..موضوعك لخص ما يدور في قلبي..

لا يوجد في الجزائر مرتزقة أبدا، ولا الجزائري يسمح أن ينعت بهذه الصفة، ولا يمكن أبدا أن نقبل من أي كان أن ينعت أهالينا وابناء وطننا بذلك مهما كانت قداسة ثورته ومشروعية نضاله، وشخصيا لا أقبلها ولو تصدر ممن سيكون الخليفة الراشد السادس خلال أيام معدودة..



__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

لا ثقة لنا فى هذا انور مالك ومن يكون اصلا
بارك الله فيك علالو شكرا جزيلا

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

الغريب هو : كيف تحول أنور مالك من معارض شرس يكشف مخططات النظام الجزائري و مخابراته الى مدافع عن هذا النظام بكل قوة
و كيف تحول أنور مالك من ناشط سياسي و حقوقي و كاتب يدعوا الى الحرية و الثورة ضد الانظمة الى مرتزق سياسي يدافع عن نظام الطاغية القذافي و يهاجم الثوار

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

يا اخي علالو أنا لا أتكلم من منطق العاطفة أحب بلدي ولا مزيادات
والشعب الجزائري معروف بمواقفه عند الظرورة يقف مع المظلوم لكن لندع الشعب جانبا

لا يوجد في دنيا شئ يرتكب ويطمس مهم كانت العاطفة والكل صار يعلم بأن في السياسة هناك علما لفن الكذب الأسود "لابروباكاندا" وهذا لن ينفع لا زيف الإسلام الذي تلقنه في أوروبا الشرقية خاصة ولا جنيرالات الجزائر المتواطئين مع القذافي المجرم ، العسكر في الجزائر ومخابراتهم لهم سوابق كثيرة في ذبح أبناء الجزائر أنفسهم أمام مرأى ومسمع العالم والقذافي معروف بدعمهم وكذا كل الحركات الفتنوية أينما كانت وهذه لوحدها تكفي لإدانتهم كذلك الثوارليبيا تلقو مساعدات من الغرب الصليبي والامريكان الملاعين لضرب إخوانهم الابرياء أصبحت حرب قذرة نخاف من الإنقسام الخطير والمعرج الكبير الذي لايستفيد منه سوى الغرب وطبعا البترول الكنز العرب...لادخان بدون نار . شكرا لك اخي علالو على الموضوع
__________________