عنوان الموضوع : |--*¨®¨*--|المرجع الشامل لضوابط واداب السفر|--*¨®¨*--|- عالم السياحة
مقدم من طرف منتديات العندليب
|--*¨®¨*--|المرجع الشامل لضوابط واداب السفر|--*¨®¨*--|
|--*¨®¨*--|المرجع الشامل لضوابط واداب السفر|--*¨®¨*--|
اخواني بمناسبة وجود هذا القسم قسم السفر والسياحه ...
وجدت ان هذا القسم يحتاج إلى سنن واداب وضوابط السفر والسياحه الشرعيه ...
ولعل هذا الموضوع يكون المرجع للسنن والادب والضوابط ...
(( أرجو التثبيت ))
وسأبدأ بسم الله ,,
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
شروط يجب اتباعها اثناء السفر والسياحة
يقترب الصيف كل سنه وتقترب معه خواطر الراحة والترفيه والسياحة، وترتبط فيه النفوس بمواعيد النجاحات والزيارات والزيجات والارتباطات الأسرية والاجتماعية المعروفة.
ومح كل ذلك يرتبط الإنسان المسلم المستقيم بمنهج ربه عز وجل وهدي رسوله صلى الله عليه وسلم من أجل قضاء صيفٍ يجمع بين المتعة الهادفة والالتزام المطلوب.
باعتبارها نشاطاً إنسانياً منتظماً، كثيراً مايرتبط فعله في فصل الصيف وفي بعض البقاع والبلدان المعينة، تحتاج إلى كلمة جامعةٍ وتوجيه حاسم، حتى تكون على صراط الله المستقيم، ولأجل نفي مايتعلق بها من تجاوزات أخلاقية ومالية وزمنية وغير ذلك.
السياحة في الشرع الإسلامي ينظر إليها من عدة زوايا:
- من زاوية كونها نشاطاً إنسانياً أو فعلاً بشرياً ينبغي أن يتقيد بجملة التعاليم والأدلة الشرعية، وألا يُفوّت فيه واجب ديني أو دنيوي، أو يكون طريقاً لارتكاب محظور ومبغوض، أو يكون هو نفسه فعلاً محرماً ومحظوراً.
- من زاوية كونها تجولاً في الأرض، ومشياً في مناكبها، وتأملاً في كون الله، والنظر في آياته ومعجزاته، والتدبر في تنوع خلقه واختلاف مخلوقاته. {ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم****** ال.
- من زاوية كونها مناسبة سنوية أو فترة زمنية يجدد فيها السائح نشاطه، ويُزيل عن نفسه أعباء الأعمال وأتعاب الأشغال، ويُلحق بنفسه وأهله ضروباً من الترفيه والانتعاش والانبساط والسرور، الأمر الذي يبعث فيهم الحماس ومعاودته، والإتقان وملازمته.
- من زاوية كونها طريقاً للتعرف على المسلمين وعلى همومهم وأحوالهم وأوضاعهم، ولتمكين الصلة بهم، وتحقيق معنى الأخوة العامة، المدعو إليها في القرآن العظيم، في قوله تعالى: {إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم******.
- من زاوية كونها إطلالة على شعوب وفئات كثيرة، واطلاعاً على ظروفهم وأوضاعهم، واغتنام ذلك من أجل الإفادة والتوجيه والإصلاح، فكم من فئة بشرية صلح حالها وهُدي أفرادها، بسبب كلمة مُوجهة من لسان رجل صادق، أو بسبب قدوة مُؤثرة بسيرة إنسان مستقيم. هذه أهم الزوايا التي نُظر بموجبها في حقيقة السياحة في الشرع الإسلامي، وهذا النظر متقرر في إطلاقه وعمومه، أي أنه متقرر من غير ما يمكن أن يتعلق بهذه السياحة من شبهات وشوائب وملابسات تجعل هذه السياحة غير مطلوبة أو منهياً عنها ومُرغباً في تركها.
ولذلك يتأكد على السائحين في الأرض استحضار الضوابط الشرعية للسياحة، والمعالم الأخلاقية لها، حتى لاتؤدي هذه السياحة إلى نقيض مقصودها، وإلى خلاف ما وُضعت له وشُرعت لأجله.
ضوابط السياحة :
1- التقيد بمنهج الشرع وتوجيهاته وأدلته.
2- عدم ترك واجب ديني، كإقامة صلاة، وأداء زكاة، وإسداء نصحٍ...
3- عدم ترك واجب دُنيوي، كتربية ولد، وإنفاقٍ على زوجة أو والدة، وإضاعة مالٍ،...
4- عدم الوقوع في المحرم أو في طريقٍ يؤدي إليه، فالمحرم كما ينص الفقهاء على ذلك، نوعان:
محرم لذاته، كالزنا والسرقة والظلم، ومحرم لغيره، كالخلوة بالأجنبية، فإنها مُنعت سداً لذريعة الفتنة.
5- عدم الإسراف في المباح وعدم المبالغة في ممارسة الحق الشخصي، ومن ضروب ذلك:
- الإسراف في النفقات والمصروفات، الأمر الذي يؤدي إلى إضاعة المال، وقد عُلم أن من مقاصد الشريعة حفظ المال وصونه من كل ضياع، وصرفه في مجالاته، وبمقاديره وشروطه.
وقد يكون هذا الإسراف ذريعة لحصول فقر أو وقوع حاجة في المستقبل، وقد يكون ذريعة لإحياء العجب والافتخار في نفس المنفق المسرف، وقد يكون ذريعة إلى تفويت حقوق مالية وأدبية أخرى كثيرة، كتفويت حق قريب تعينت النفقة عليه، أو حق أسير أو محتاج أو مظلوم أو يتيم أو أرملة أو غير هؤلاء ممن لزم الإنفاق عليهم وسد حاجاتهم وتفريج كربهم، بموجب النصوص الإسلامية الداعية إلى واجب النظر في أمور العامة، فضلاً عن الأمور الخاصة.
- هدر الأوقات والمبالغة في الترفيه واللعب والارتخاء، الأمر الذي يؤدي إلى إخلال وهفوات كثيرة وخطيرة، ومن هذا:
- الاستخفاف بالوقت الذي أقسم الله به لمكانته في تعميره بذكر الله وبالصلاح الخاص والإصلاح العام.
- تعويد النفس على إدامة الراحة والخلود إلى عدم العمل والحركة، والعزوف عن الفعل والنشاط والتحرك، والاستخفاف بأهمية العمل ومداومته، وبعظمة المجاهدة المستمرة واليقظة الدائمة.
وقد يؤدي هذا الخلل إلى ترك بعض الواجبات الشرعية أو الدنيوية، وإلى ترك بعض التكليف أو كله- لاقدر الله تعالى-.
- إشغال النفس بما لاينبغي الاشتغال به، وذلك بسبب الفراغ الذي تكون عليه النفس في مثل هذه الظروف، وقد عُلم أن النفس إذا لم تشغلها بالحق اشتغلت بالباطل، وإذا لم تلهها بالمعالي والمقاصد، ألهتك بالسفاسف والمفاسد.
ولاينبغي أن يفهم هذا الكلام على أنه دعوة إلى إشغال النفس بالالتزامات والجد والمجاهدة في جميع فتراتها وأطوارها، بل هو دعوة إلى التوسط والاعتدال والاتزان.
ولانرى بأساً أن نقول: إن الترويح عن النفس مطلوب لابد منه، وعمل جدي وملتزم إذا حَصّل أغراضه الشرعية. كتنشيط النفس وتجديد الحرص والإقبال على العمل والجد والمجاهدة، وغير ذلك.
السياحة في نظر علماء الأصول
لعل لفظ السياحة لم يذكره علماء أصول الفقه ومقاصد الشريعة في كتبهم وآثارهم بهذه الدلالة والإطلاق، أي بدلالة كونها نشاطاً إنسانياً على غرار ماهو عليه الآن، أو بدلالة كونها فعلاً بشرياً يتعلق به حكمه الشرعي، فالأصوليون والمقاصديون- كما هو معلوم- لاينصب شغلهم العلمي في مجال الأحكام الفقهية العملية وفي أدلتها التفصيلية، بل ينصب معظم جهدهم أو كله في دراسة الأصول والقواعد العامة والإجمالية، وفي مقاصد التشريع وغاياته وأهدافه.
غير أن علماء الأصول والمقاصد قد تكلموا عن السياحة من خلال الكلام عن بعض قواعدها وأصولها ومقاصدها التي اعتبرت إطاراً إسلامياً عاماً ومستنداً دينياً إجمالياً، استمدت منه السياحة حكمها الفقهي التفصيلي.
ويمكن أن نورد بعض هذه القواعد والأصول والمقاصد بكل اختصار واقتضاب:
- قاعدة (هل المباح تكليف)، أي هل المباح يحصل به الامتثال كفعل الواجب والمندوب، وكترك المحرم والمكروه. ومعلوم أن أقسام الحكم التكليفي خمسة: (الواجب والمندوب والمحرم والمكروه والمباح).
وقد قرر بعض العلماء أن المكلف إذا فعل المباح بنية التعبد وبقصد الامتثال ومن أجل تحقيق مقاصد شرعية معتبرة، فإنه يُعد تكليفاً يُثاب عليه ويُؤجر. أما إذا فعله بنية التذرع إلى الحرام وبقصد مخالفة الشرع، ومن أجل جلب مفاسد شرعية، فإنه يعد عصياناً يُعاقب عليه ويأثم به.
وفي موضوع السياحة، فإن السائح إذا فعل السياحة بنية التأمل في عظمة الله وفي كونه وخلقه، ويقصد تقوية البدن وتنشيط النفس وتشجيع الأولاد على القيام بالعبادة وإدامة العمل الصالح وفعل الخير وأداء مختلف الواجبات الشرعية والدنيوية فإنه مأجور ومشكور على كل ذلك. أما إذا فعلها بنية الفساد والمخالفة الشرعية وغير ذلك، فلا شك في أنه آثم ومذنب- والعياذ بالله-.
- قاعدة (دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح)، فإذا علم السائح أنه سيرتكب بعض الذنوب، وسيقع في بعض المحظورات أو في طرقها، فلا تردد في ترك السياحة، وإن كان يغلب على ظنه أنه سيجلب بعض المصالح، كمصلحة تقوية البدن وتنشيطه، ومصلحة التعارف مع أناس آخرين ودعوتهم، ومصلحة جلب بعض الأمتعة الخاصة. فدرء المفاسد مُقدم على جلب المصالح.
- قاعدة (سد الذرائع) فإذا كانت السياحة طريقاً أو ذريعة للفساد، أو الإسراف في المال والوقت أو تضييع الواجبات أو التهاون فيها، فلاشك في سد هذه الطرق والذرائع، لأن الذي يؤدي إلى الحرام حرام. وما لايتم الواجب إلا به فهو واجب.
- قاعدة (العذر يُزال)، فإذا كانت السياحة ستجلب ضرراً خلقياً أو بدنيا أو عقلياً، عقدياً أو سلوكياً، فلابد من إزالة هذا الضرر بإزالة سببه وطريقه، والذي هو السياحة.
- قاعدة (مالايتم الواجب إلا به فهو واجب)، فإذا كانت السياحة ستقوي السائحين جسمانياً وعقلياً ونفسياً، وتحقق التعارف الهادف والتواصل المفيد، وتقوي الاقتصاديات النافعة، وتجدد العزائم وتبعث في النفوس النشاط للعمل والعلم والإنتاج والتنمية، فإذا كانت كذلك، فهي مطلوبة، لأنها طريق إلى مقاصدها الشرعية المعتبرة.
- قاعدة (الموازنة بين المصالح)، ومعنى هذا أن المصالح إذا تزاحمت وتعارضت، فإنه يعمل بالترجيح والتغليب أي ترجيح المصالح الأهم على التي هي دونها، وتغليب الأوكد والأعظم والأعم والأدوم.
فعلى السائح أن يوازن بين مصالحه، فيقدم الأهم على المهم، كأن يُقدم الإنفاق لأجل الاقتيات والعيش على الإنفاق من أجل السياحة والترفيه وأن يقدم تسديد ديونه على تسديد مبالغ الفنادق والشواطئ والغابات وتذاكر الطائرات والقطارات والحافلات.
ولعل من قبيل هذا أن يقدم السياحة الداخلية على السياحة الخارجية، كأن يقدم السياحة داخل بلده وبين أهله وبني وطنه، على السياحة في بلادٍ أجنبية لايعرف فيها مآله ومصيره.
وفي السياحة الخارجية نفسها درجات وموازنات، فله أو عليه أن يقدم السياحة في بلادٍ عربية وإسلامية على السياحة في بلاد غربية أو شرقية قد يسيح فيها ويعود كفناً بعد أن عصى وغوى .
يتبع
7
7
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
من سنن وآداب السفر والسياحة
في الصيف وغيره يشدّ الكثير من الإخوة الرّحال إلى حيث يوجد الوالدان أو أحدهما، أو إلى الأقارب والديار، أو إلى الأماكن السياحية هنا أو هناك.
لذا ينبغي بيان بعض الآداب والتعاليم الشرعية المتعلقة بذلك.. ومنها: مسألة السفر إلى بلاد غير المسلمين، أو حتى إلى بلاد مسلمين ولكن بلاد يقل فيها الإلتزام بتعاليم الإسلام وآدابه، وتتراجع فيها مظاهر الحياة الإسلامية، حتى تنعدم أو تكاد..
ينبغي ألا يسافر المسلم إلى بلاد كهذه، حتى لا يعود من سفره وقد جرح إيمانه، وخدش دينه، وتراجع إلتزامه وعبادته وتقواه! فبئس السفر ذلك الذي يورث لصاحبه هذه النتيجة وتلك العاقبة، فعن جرير أن رسول الله قال: { أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ******. قالوا: يا رسول الله! ولم؟ قال: { لا تراءى ناراهما ****** [أبو داود] أي أنه يجب أن يكون الحد الفاصل الجغرافي بين المسلم والمشرك موجوداً بحيث إذا أشعل أحدهما ناراً في الليل لا يراها الآخر، ويمكن تقدير المسافة في الأرض المنبسطة بثلاثة كيلو مترات تقريباً..!
هذا وإن في بلاد المسلمين الواسعة متسعاً لمن أراد النزهة والسياحة، وتباً لنزهة وسياحة على حساب الدين والتقوى والآخرة والأخلاق..!
فإذا كان السفر سفر طاعة كما في حال برّ الوالدين وصلة الرحم والأقارب، وزيارة الإخوة في الله، ورؤية المسلمين ودعوتهم إلى الله تعالى، وتفقد أحوالهم، وإغاثتهم وغير ذلك، أو كان سفراً مباحاً لا إثم فيه ولا معصية، فهناك جملة من السنن النبوية والآداب الإسلامية للسفر في ما يلي بعض منها:
(1) إذا وجدت النية للسفر فتستحب الإستخارة له ولغيره، فعن جابر أنه قال: { إذا همّ أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين غير الفريضة، ثم ليقل: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ( ويسمي حاجته) خير لي في ديني ومعاشي، وعاجل أمري وآجله فاقدره لي، ويسّره لي، وبارك لي فيه، وإن كنت تعلمه شراً لي في ديني ومعاشي، وعاجل أمري وآجله فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رضّني به ****** [البخاري].
كما ينبغي للمسلم عموماً وللمسافر خصوصاً أن يكتب ويدوّن وصية إذا كان له شيء يوصي به. وينبغي أيضاً أن يقضي ويسدد ديونه.
(2) كان يحب أن يخرج يوم الخميس، قال كعب بن مالك: لقلما كان رسول الله يخرج إذا خرج من سفر إلا يوم الخميس. [البخاري].
(3) وكان إذا وضع قدمه في الركاب إستعداداً للركوب قال: { بسم الله ******.
(4) فإذا استوى على ظهرها قال: { الحمد لله ****** ثلاثاً.
(5) و { الله أكبر ****** ثلاثاً.
(6) ثم يقول: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ (13) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ [الزخرف:14،13].
(7) ثم يقول مرة ثانية: { الحمد لله ****** ثلاثاً.
(8) ويقول مرة ثانية أيضاً: { والله أكبر ****** ثلاثاً.
(9) ثم يقول: { سبحان الله ****** ثلاثاً.
(10) ثم يقول: { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، سبحانك إني ظلمت نفسي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ****** [النسائي].
(11) ثم يقول: { اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوّن علينا سفرنا هذا، واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في المال والأهل ****** [مسلم].
(12) وإذا رجع من السفر قالهن وزاد فيهن: { آيبون، تائبون، عابدون، حامدون، لربنا ساجدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ****** [البخاري].
(13) ورد عنه أنه كان يقول: { أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من الضبنة في السفر - وهي ما تحت يده من مال وعيال ومن تلزم نفقته - وكآبة المنقلب، ومن الحور بعد الكور - الحور: النقض، والكور: اللف والإبرام - ومن دعوة المظلوم، ومن سوء المنظر في الأهل والمال ****** [أحمد]. تعوّذ من كثرة العيال في مظنة الحاجة وهو السفر، ومن فساد الأمور بعد استقامتها، أو من نقصانها بعد زيادتها.
(14) وكان إذا ودّع أصحابه في السفر يقول لأحدهم: { أستودع الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك ****** [أبو داود].
(15) يشرع للمسلم أن يطلب التوجيه من أهل الصلاح، فقد جاء إليه رجل، فقال: يا رسول الله، إني أريد سفراً، فزوّدني؟ فقال: { زوّدك الله التقوى ****** قال: زدني! قال: { وغفر لك ذنبك ******. قال: زدني! قال: { ويسّر لك الخير حيثما كنت ****** [البيهقي].
(16) يشرع للمسافر أيضاً أن يخبر من يحب بعزمه على السفر فقد قال رجل للنبي : إني أريد سفراً! فقال: { أوصيك بتقوى الله! والتكبير على كل شرف ****** (أي كل مكان مرتفع)، فلما ولّى قال: { اللهم ازو له الأرض، وهّون عليه السفر! ****** [ابن حبان].
(17) وكان النبي وأصحابه إذا علوا الثنايا كبّروا، وإذا هبطوا سبّحوا، فوضعت الصلاة على ذلك ( أي في الوقوف التكبير، وفي الانخفاض التسبيح في الركوع والسجود) [أبو داود].
(18) وقال أنس: كان النبي إذا علا شرفاً من الأرض أو نشزاً قال: { اللهم لك الشرف على كل شرف، ولك الحمد على كل حمد ****** [أحمد].
(19) وكان إذا كان يسير في مجموعة سار سيراً هادئاً، ويسمى ( العنق) فإذا وجد فراغاً أسرع قليلاً، ويسمى ( النّص). [ابن خزيمة].
(20) وكان يقول: { لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس ****** [مسلم].
(21) ورد عنه أنه دخل أهله (أي على أهله) قال: { توباً توباً، لربنا أوباً، لا يغادر علينا حوباً ****** [أحمد].
(22) وكان يكره للمسافر وحده أن يسير بالليل، قال: { لو يعلم الناس ما في الوحدة ما سار أحد وحده بليل ****** [البخاري].
(23) وكان يكره السفر للواحد بلا رفقة، فقد ورد عنه أنه قال: { الواحد شيطان، والاثنان شيطانان، والثلاثة ركب ****** [مالك وأحمد].
(24) وكان يقول: { إذا نزل أحدكم منزلاً فليقل: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق"، فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه ****** [مسلم].
(25) ورد عنه أنه كان إذا غزا أو سافر، فأدركه الليل قال: { يا أرض ربي وربك الله! أعوذ بالله من شرّك وشرّ ما فيك، وشر ما خلق فيك، وشر ما دب عليك، أعوذ بالله من شر كل أسد وأسود، وحية وعقرب، ومن شر ساكن البلد، ومن شر والد وما ولد ****** [ابن خزيمة].
(26) وكان يقول: { إذا عرّستم (نزلتم في السفر) فاجتنبوا الطريق، فإنها طريق الدواب، ومأوى الهوامّ بالليل ****** [مسلم].
(27) وكان إذا رأى قرية يريد دخولها، قال حين يراها: { اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، إنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها ****** [ابن خزيمة].
(28) وكان إذا ظهر الفجر وبدا في السفر قال: { سمع سامع بحمد الله، وحسن بلائه علينا، ربنا صاحبنا، وأفضل علينا، عائذاً بالله من النار! ****** [مسلم].
(29) وكان ينهى أن تسافر المرأة بغير محرم ولو مسافة بريد (20 كلم تقريباً) [رواه ابن خزيمة]، وهو عند البخاري ومسلم بلفظ: { لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم ******.
(30) وكان يأمر المسافر إذا قضى نهمته (غرضه) من سفره أن يعجّل الأوبة ( الرجعة) إلى أهله. وأخبر أن { السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ****** [البخاري].
(31) وكان ينهى أن يطرق الرجل أهله ليلاً، إذا طالت غيبته عنهم، بل يدخل عليهم غدوة أو عشية [البخاري ومسلم]. وهذا من كمال الأدب وعظيم الاحترام بين رب الأسرة وزوجه وأفراد أسرته، وتقدير الخصوصيات بينهم، فمع أن البيت بيته، والملك ملكه، والأسرة أسرته، إلا أن الأدب النبوي اقتضى ألا يدخل الرجل بيته بعد السفر الطويل ( 3 أيام فأكثر) إلا في حال صحو ويقظة، وهذا إذا لم يتمكن من مهاتفتهم، وذلك حتى لا يشاهد الرجل في بيته ما يكره، ولكي لا ينزعج أفراد الأسرة أو بعضهم بدخول البيت وهم نائمون.
(32) وكان إذا قدم من سفر يلقّي (يستقبل) بالولدان من أهل بيته، قال عبد الله بن جعفر: قدم مرة من سفر فسبق بي إليه، فحملني بين يديه، ثم جيء بأحد ابني فاطمة: إما حسن وإما حسين، فأردفه خلفه، قال: فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة. [مسلم].
(33) وكان يعتنق القادم من سفره ويقبّله، قالت عائشة: قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله في بيتي، فأتاه، فقرع الباب، فقام إليه رسول الله يجرّ ثوبه، فاعتنقه وقبله. [الترمذي]. وعن الشعبي أن النبي تلقى جعفر بن أبي طالب فالتزمه، وقبّل ما بين عينيه [أبو داود].
(34) وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، فركع فيه. [البخاري ومسلم].
(35) يستحب أن يقوم الأصحاب في السفر بتأمير واحد منهم يطيعونه، فعن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله : { إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمّروا أحدهم ****** [أبو داود].
(36) خير أعداد الأصحاب أربعة، فعن ابن عباس أنه قال: { خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب إثنا عشر ألفاً من قلة ****** [أبو داود].
(37) كان النبي إذا نزل (الاستراحة) في السفر. فإن كان بليل اضطجع، وإن كان قبيل الصبح نصب ذراعه، ووضع رأسه على كفه. [مسلم]، قال أهل العلم: إنما نصب ذراعه لئلا يستغرق في النوم، فتفوت صلاة الصبح..!
(38) السير بالليل مستحب إذا لم تكن هناك مخاطر واضحة، فعن أنس أنه قال: { عليكم بالدّلجة، فإن الأرض تطوى بالليل ****** [ابن خزيمة]. أما إذا انطوى السير بالليل على خطورة بيّنة، من نعاس سائق أو ضعف أنوار السيارة، أو عدم وضوح الطريق، أو وجود ضباب ونحوه فلا يجوز السير بالليل..!
(39) لا ينبغي للأصحاب التفرق عند النزول في مكان أثناء السفر بل الأفضل الاجتماع والتقارب، فعن أبي ثعلبة قال: كان الناس إذا نزلوا منزلاً تفرّقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله : { إن تفرّقكم في الشعاب والأودية، إنما ذلكم من الشيطان! ****** فلم ينزلوا بعد ذلك منزلاً إلا انضمّ بعضهم إلى بعض. [أبو داود]. فتفرق الجماعة له سلبيات قد تكون خطيرة، إضافة إلى سلبية مخالفة هذه السنة النبوية الشريفة.
(40) ينبغي مساعدة من يحتاج إلى ذلك من الأصحاب في السفر،، فعن جابر قال: كان رسول الله يتخلف في المسير، فيزجي (يساعد) الضعيف، ويردف، ويدعو لهم. [أبو داود].
(41) يجب التزام أنظمة السير في السفر كما يجب التزامها داخل المدن، ولا يجوز الإخلال بها، لما في التزامها من طاعة من تلزم طاعتهم، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ [النساء]، ولما في التزامها من تحقيق المصلحة ودفع المفسدة.
(42) ينبغي تفقد المركبة، والحرص على استيفائها شروط السلامة، ومتطلبات السفر، حتى لا يقع محذور أو مكروه، وربما يمكن أن تقاس على البهائم، قال : { اتقوا الله في هذه البهائم، فاركبوها صالحة.. ****** الحديث [أبو داود]. وقال أنس: كنا إذا نزلنا منزلاً لا نسبّح ( أي لا نصلي النافلة) حتى نحلّ الرحال. [أبو داود]. أي أننا مع حرصنا على الصلاة لا نقدّمها على حطّ الرحال وإراحة الدواب..
(43) دعاء السفر ترجى استجابته، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالدة على ولده! ****** [أبو داود].
(44) إذا خيف من أناس أو غيرهم فيقال: ( اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم ) [أبو داود].
وصايا لمن لزمه السفر إلى بلاد يقل فيها الإلتزام بالإسلام أو ينعدم
قد يكون السفر إلى مثل تلك البلاد أمراً لا مناص منه لسبب من الأسباب المشروعة، وحينئذ لابد من تقديم بعض الوصايا، مثل:
(1) أن يعلم المسافر أن الله تعالى مالك الملك كله، وخالق السموات والأرض جميعاً، وهو تعالى مطّلع على الإنسان وغيره في أي زمان ومكان ولا تخفى عليه سبحانه خافية.
(2) أن يعلم المسافر أنه قد تنتهي حياته في أية لحظة. فلا بد من الحذر من سوء الخاتمة.
(3) أن يحذر المسافر من الازدواجية الرديئة في الشخصية. فلا يكون إنساناً صالحاً في زمان أو مكان، وإنساناً منحرفاً غافلاً في زمان أو مكان آخر.
(4) أنه بدلاً من أن يغفل المسافر تقليداً للغافلين.. بدلاً من ذلك يأخذ العبرة من حياة الغافلين ويشفق عليهم ويرحمهم.
(5) أن يضاعف المسافر الحرص على أداء حقوق الله تعالى عندما يجد نفسه في بيئة لا هية غافلة، لكي لا يتأثر بالغافلين.
(6) عدم الانخداع ببعض المظاهر البراقة في حياة الغافلين. فلو فتّش الإنسان عما وراءها لوجد المعاناة الكثيرة والمشكلات الخطيرة في حياتهم.
(7) أن يعلم المسافر أن الآخرين عندما يعلمون بأنه مسلم وعربي ومن جنسية معيّنة؛ فإنهم يعتبرونه ممثلاً وسفيراً للإسلام وللعرب وللجنسية التي يحملها، فهل يرضى الإنسان لنفسه أن يكون مفسداً لسمعة دينه وعروبته وجنسيته؟ إلى غير ذلك من الوصايا التي لا تخفى على اللبيب.
هذا ما تيسّر جمعه من سنن السفر وآدابه، التي يحسن بالمسلم أن يتفقّه فيها، ويعمل بها، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
وكتبه
حمدان بن محمد الحمدان
يتبع
7
7
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
وقفة قبل أن تسافر!!
إن للسفر فوائد كثيرة منها: الترويح عن النفس، والتفكر في مخلوقات الله... وغيرها الكثير، ولكن بعض الناس جعل السفر وسيلة لارتكاب المحرمات والفواحش.
وقد تحدث الشيخ عبدالرحمن السديس حفظه الله عن السفر واضعاً إياه في الميزان الشرعي، فذكر أحكامه، وضوابطه، وبعض آدابه، وذكر بعض الوصايا للمسافر، كما ذكر بعض محاذير السفر... ثم دعا للسفر والسياحة إلى بلاد الحرمين، وذكر بعض مميزاتها.
الرحلات في ميزان الشريعة
الحمد لله الواحد القهار، العزيز الغفار، مكور النهار على الليل ومكور الليل على النهار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له خلق الأنصار، وعمر الأرض بالديار، وباعد بين الأقطار، وكتب على الناس الأسفار، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله المصطفى المختار، خير من حل وارتحل، ومكث وانتقل وسار ونزل، أقام فكان الخير في إقامته، ورحل فكان الظفر في رحلته، دلنا على الخير في سفرنا وحضرنا، وإقامتنا وظعننا، صلى الله عليه وعلى آله الأطهار، وصحابته الأبرار، ومن اهتدى بهديه وسار على أثره واقتدى به في حضره وسفره ما تعاقب الجديدان الليل والنهار.
أما بعد:
فأوصيكم -عباد الله- ونفسي بتقوى الله عز وجل في كل ما نأتي ونذر، والاستجابة له سبحانه في كل ما نهى وأمر، ولزوم تقواه في الحضر والسفر، لتكن التقوى شعارنا ودثارنا: {اتق الله حيثما كنت ******.
أيها المسلمون: قضية مهمة وخطيرة، وظاهرة اجتماعية مؤرقة وكبيرة، جديرة برسم الخطط والمناهج، وإعداد العدد والبرامج لتأصيلها والعناية بها، وبذل مزيدٍ من الجهد حيالها والاهتمام بها، تلكم هي ما يحصل في مثل هذه الأيام من كل عام، حين تشتد حرارة الصيف، ويلقي بسمومه اللافح على بعض أقطار المعمورة؛ مما يحمل كثيراً من الناس إلى الهروب على المصائف والمتنزهات، والفرار إلى الشواطئ والمنتجعات، والعزم على السفر والسياحة، وشد الأحزمة للتنقل والرحلات؛ تذهب إلى المطارات فتجد ركاماً من البشر وفئاماً من الناس يسابقون الريح، وينافسون الآلات سرعة واشتغالاً، قد حملوا حقائبهم، ونقلوا أغراضهم، وأعدوا عدتهم لأسفارٍ كثيرة، ورحلاتٍ طويلة؛ اشرأبت أعناقهم وتطلعت أنفسهم إلى سياحة أثيرة، وتنقلاتٍ مثيرة، مع تباينٍ في حقيقة أسفارهم، واختلافٍ في آرائهم وأفكارهم.
ويتملكك العجب وأنت تقرأ عن السفر والمسافرين الإحصاءات المذهلة، والأرقام الهائلة، ولا ينتهي عجبك وأنت ترى تلك الوفود وقد أقفلت الحجوزات، وتزاحمت على البوابات، وتسارعت لامتطاء المركبات، وكل ما يستهويهم هو تحقيق الرغبات، بل لعل بضعهم ينسى في سبيل ذلك عقيدته وقيمه وأخلاقه، فيجعلها في عداد المخلفين والمخلفات، ولا يمنحها تأشيرة سفرٍ معه، فينزع رداء التقوى وجلباب الحياء قبل أن يطاول الفضاء.
وفي خضم هذه المشاهد والمناظر، ودوامة تلك الأحوال والمظاهر، وحيث إن الإجازة الصيفية هي الوقت الذي يحلو فيه السفر، وتعذب فيه الرحلات، ويحرك في عصى الحل والترحال، والسفر والانتقال، تعالوا -يا رعاكم الله- لنضع هذه القضية على الميزان الشرعي، ونعرضها على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مع إلماحة إلى واقع بعض الناس فيها، وبيان الآثار السلبية عند غياب الضوابط الشرعية في هذه القضية الواقعية، ولنذكِّر أنفسنا وإخواننا المسلمين ببعض الوصايا النافعة، والملامح الماتعة، التي ينبغي أن يتذكرها المسافرون في أسفارهم، والمرتحلون في تنقلاتهم.......
إباحة الترويح على النفس
إخوة العقيدة: إن الإسلام لا يحجر على أتباعه أن يروحوا على أنفسهم، أو يدخلوا السرور على أهليهم وأبنائهم وأن يعملوا بالوسائل المباحة في ذلك شرعاً، فالترفيه البريء والترويح المباح لا غضاضة على الإنسان فيه، بل قد يكون مطلوباً أحياناً لأغراض شرعية، وأهدافٍِ مرعية، لكن يجب أن يكون كل ترفيه وترويح في حدود ما هو مباحٌ شرعاً، أما أن يستغل ذلك فيما يضعف الإيمان، ويهز العقيدة، ويخدش الفضيلة، ويوقع في الرذيلة، ويقضي على الأخلاق والقيم والمثل، فلا. وكلا!!
يتبع
7
7
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
وصايا للمسافر
أيها المسافرون: تحلوا بآداب السفر، قدموا الاستخارة والاستشارة، ولا تنسوا دعاء السفر، وحسن اختيار الرفيق، وتفقد المركبة، والأخذ بوسائل السلامة والأمان، وعدم تجاوز السرعة النظامية، فإن في الحوادث -لاسيما حوادث السيارات- لعبراً.. عليكم بأداء حق الطريق، والمحافظة على البيئة، واجعلوا سفركم دراسة في سفر الحياة، وقراءة وتدبراً في دفتر الكون.
وكتابي الفضاء أقرأ منه سوراً ما قرأتها في كتابي
وتفكراً في ملكوت الله وعظيم خلقه وبديع صنعه.
تلك الطبيعة قف بنا يا ساري حتى أريك بديع صنع الباري
فالأرض حولك والسماء اهتزتا لروائع الآيات والآثار
أيها المسافرون: ولما كان السفر قطعة من العذاب كما أخبر به المصطفى الأواب، فيما أخرجه الشيخان في صحيحهما ؛ جعل الله له رخصاً تيسره مِنَّة منه ورحمة، فاحرصوا على الأخذ برخص السفر؛ فإن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته.
واقتفوا هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم في السفر، فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة الرباعية ركعتين، وإذا اشتد به السفر جمع بين الظهرين والعشائين، وكان يقتصر على صلاة الفريضة، ولم يكن يصلي الراتبة إلا الوتر وسنة الفجر فإنه لم يكن يدعهما حضراً ولا سفراً.
ورخص للمسافر أن يمسح على الخفين ثلاثة أيامٍ بلياليها، ونهى أن تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، خرَّجه الشيخان في صحيحيهما .
محاذير في السفر
أخي المسافر الكريم: تجنب المحاذير الشرعية من منكرات الحظر والسفر التي نهانا عنها الله جلَّ وعلا في كتابه، وحذرنا منها رسوله صلى الله عليه وسلم؛ تجنب الشرك بالله، فلا تخف إلا الله، ولا ترجو إلا الله، فلا تسافر إلى الأضرحة والقبور، ولا تدع أحداً من دون الله.
إياك والربا، اجتنب المرابين والربا، ولا تقربوا الزنا فإنه من أقبح الأمور وأعظم الآثار والشرور.
حذاري من الخمور والمسكرات وتعاطي المخدرات، فإنها خرابٌ للدين ودمارٌ للعقل، وكيف يسعى في جنونٍ مَنْ عَقِل.. إنها بغيضة إلى الرحمن، ورجسٌ من عمل الشيطان.
لا تتعامل بالحرام، ولا تتاجر فيما يسخط الملك العلام، فقد ذكر صلى الله عليه وسلم: {الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له؟! ****** خرَّجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
لا تسافر مع الذين أترعت قلوبهم بحب الشهوات، ولا ترافق الذين خلت أفئدتهم من مراقبة رب الأرض والسماوات: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً [النساء:27].
أيها المسلمون: من الناس من يطلق لنفسه وأسرته العنان في السفر إلى بلاد موبوءة؛ ليفتن نفسه بالشهوات المحرمة، والأفعال الآثمة، والمظاهر المخزية، والأعمال المردية، في مواخير الفجور والزنا، وحانات الغي والخنا، في دهاليز الميسر والقمار، وفي مستنقعات العار والشنار، بعيداً عن أنظار الخيرين، وأهل الفضل المصلحين، فاحذروا مواقع الزلل وأماكن الخطأ والخطل.
بل لقد وصل الحال ببعضهم وببعضهن أن تنزع جلباب حيائها قبل أن تغادر أرض بلادها، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فيا من أخفيت نواياك في سفرك عن البشر! ويا من قصدت مكاناً لا تقع فيه تحت عينٍ ونظر! ألا تخشى سطوة رب البشر، وأنت تبارزه بالقبائح، وتعامله بالفضائح؟!
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفيه عنه يغيب
......
حكم السفر إلى بلاد الكفار لغير ضرورة ملجئة
أمة الإسلام: إن سفر المسلم إلى ديار غير المسلمين لغير غرض شرعي ترجحت مصلحته وظهرت فائدته؛ لهو ضرر محض على الدين والنفس والعرض والمثل والأخلاق والقيم، فإنه -مع ما يظن من معاقرة لأنواع الفواحش والمنكرات، وتضييع للفرائض والواجبات- مخاطرة بالنفس غير مأمونة، بتعريضها لمواطن الريب والشبهات، وأماكن الهلكات وبؤر الدركات، هذا فضلاً عما يحيط بالمرء من أخطار لصوص القلوب، وسُرَّاق الجيوب، والغفلة عن رقابة علام الغيوب.
ألا فليتذكر هؤلاء وأولئك الموت والفناء، وليشعروا بمآسي إخواننا المسلمين البرآء في فلسطين و كشمير و الشيشان و كوسوفا ؛ فأين الأحاسيس المرهفة؟ والمشاعر الفياضة؟ فأناس يحملون قضايا أمتهم ويفكرون بمآسي إخوانهم في العقيدة، وآخرون كثيرون يفكرون في قضاء إجازاتهم في منتجعاتٍ ما، فالله المستعان!
يتبع
7
7
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
السياحة بين المباح والمحذور
وإن مما يتذرع به بعض الناس للسفر والرحلات: دعواهم الاصطياف والسياحة، وما أدراكم ما السياحة؟ لفظة براقة، وعبارة أخاذة، لها دلالاتها الشرعية، فكم كان أسلافنا يجوبون الأرض شرقاً وغرباً جهاداً في سبيل الله، ودعوة إلى دين الله بأقوالهم وأفعالهم وسلوكهم وأخلاقهم وحسن تعاملهم، فنعم لاستثمار السياحة في هذا المقصد الشرعي.
إننا جميعاً مع السياحة بمفهومها النقي المنضبط بضوابط الشريعة والآداب المرضية، غير أن مما يبعث على الأسى أن في الأمة منهزمين كثر، عبوا من ثقافة الغير عباً حتى ثملوا، وزعموا -وبئس ما زعموا- أن السفر والسياحة لا يمكن أن تتحقق إلا بأيامٍ سوداء، وليالٍ حمراء، ومجانبة للحياء.
إن الولوغ في هذه المياه العكرة، والانسياق وراء أمراض الأمم المعاصرة، وأدواء المجتمعات المنحرفة وإفرازاتها المنتنة؛ لا يمكن أن يقبله ذوو النفوس المؤمنة والمجتمعات المحافظة.
نعم لسياحة التأثير لا التأثر، والاعتزاز لا الابتزاز، والفضيلة لا الرذيلة، والثبات لا الانفتاح والانفلات؛ كيف وقد ثبت -بما لا يدع مجالاً للشك- أن أعداء الإسلام يستهدفون أبناء المسلمين السائحين للوقيعة بهم، والنيل من أخلاقهم وعقيدتهم، عن طريق الغزو الفكري والفساد الأخلاقي، ويستغلون كثيراً من السائحين اقتصادياً وخلقياً، ويجرونهم رويداً رويداً إلى حيث الخنا والفجور، والمخدرات والخمور.
بل قد يرجع بعضهم متنكراً لدينه ومجتمعه، وأمته وبلاده!! أين العقول المفكرة عن الإحصاءات المذهلة من مرضى الإيدز، ومن عصابات وشبكات الترويج للمسكرات والمخدرات؟!
إننا نناشد المسافرين والسائحين أن اتقوا الله في أنفسكم وفي أسركم وفي مجتمعاتكم وأمتكم، ونذكركم قبل أن ترفعوا أقدامكم فكروا أين تضعوها؟
نعم. سافروا للخير والفضيلة والدعوة والإصلاح، فلا غضاضة عليكم، وكونوا ممثلين لبلادكم الإسلامية، مظهرين لدينكم داعين إلى مبادئه السمحة، حيث يتخبط العالم بحثاً عن دينٍ يكفل له الحرية والسلام، ولن يجده إلا في ظل الإسلام.
فكونوا -أيها المسافرون- سفراء لدينكم وبلادكم وأمتكم، مثلوا الإسلام أحسن تمثيل، وحذار أن يفهم العالم عن المسلمين وشبابهم أنهم أرباب شهوات، وصرعى ملذات!
بل أفهموه بسلوككم وعرفوه بأخلاقكم أنكم حملة رسالة، وأرباب أعلى وأغلى هدفٍ وأشرف غاية، وأصحاب شخصية فذة، وشريعة خالدة، ودينٍ يرعى العقيدة والقيم، والمثل والأخلاق والفضائل، ويدير الحياة عن طريق الحق والعدل والسلام، ويبحث عما يكفل للعالم الرقي والتقدم والحضارة.
ألا فاتقوا الله -عباد الله- واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفسٍ ما كسبت وهم لا يظلمون.
اللهم انفعنا وارفعنا بالقرآن العظيم، وبارك لنا في سنة سيد المرسلين، وثبتنا على الصراط المستقيم، وأجرنا من العذاب الأليم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنبٍ فاستغفروه وتوبوا إليه؛ إنه كان حليماً غفوراً.......
يتبع
7
7