عنوان الموضوع : من شهداءنا الابرار تاريخ الجزائر
مقدم من طرف منتديات العندليب
50عاما على معركة جبيل ثامر بولاية المسيلة : هكذا استشهد العقيدان سي الحواس وعميروش
شهر مارس أو شهر الشهداء كما يسميه ثوار الجزائر، فقدت فيه الجزائر خيرة أبنائها ومن بين الذين سقطو في ميدان الشرف من أجل عزة وكرامة الشعب الجزائري، ومن الشهداء الكبار الذين سقطوا في هذا الشهر المبارك، العقيدان سي الحواس قائد الولاية الأولى أوراس النمامشة وعميروش قائد الولاية الثالثة وكان ذلك في ربيع سنة 9591 وبالضبط في 82 من شهر مارس من نفس السنة في منطقة جبيل ثامر التي تبعد عن بوسعادة بحوالي 08 كلم الواقعة بدائرة عين الملح بولاية المسيلة.
سي الحواس.. ابن الأوراس الذي عشق تراب بوسعادة هو أحمد بن عبد الرزاق حمودة الملقب بسي الحواس، من مواليد منطقة الأوراس الأشم في سنة 3291 م ببلدة مشونش إحدى قرى الأوراس التابعة إداريا إلى ولاية بسكرة، نشأ في أسرة ميسورة الحال وترعرع في كنف أبويه، حيث تعلم القرآن بالزاوية العثمانية سيدي علي بن عمر بطولفة وتمكن من حفظ القرآن، إلى جانب علوم اللغة والفقه الإسلامي وكان يتقن اللغتين العربية والفرنسية، رغم عدم تلقيه تعليما حكوميا وتوفي والده في سنة 7391 ليمارس مهنة التجارة التي كانت السبب في تنقله من بلدته إلى مدن عديدة بالقطر الجزائري، مما مكّنه من التعرف على عدد من الأعضاء البارزين في الحركة الوطنية أمثال العربي بن مهيدي ومـصطفى بن بولعيد ومحمد الشريـــــف سعدان وغيرهم واستطاع أن يفلت من التجنيد الإجباري المفروض على الجزائريين، بسبب احتلال القوات الألمانية لفرنسا في سنة 0491 ليتزوج ويترك أولادا. لما اشتد ساعده بدأ يحتك بالحركة الوطنية ويكثف من اتصالاته بالعديد من رجالاتها البارزين الذين أثروا فيه وجعلوه يندمج في النضال السياسي ضمن حزب الشعب كعضو بارز فيه ليبدأ نشاطه من قريته مشونش بتوعية شباب قريته سياسيا وتعبئتهم للالتفاف حول الحزب وجمع الاشتركات. وتذكر بعض المصادر أن الشهيد دفع أموالا كبيرة للحزب لدعمه وتقويته وبعد الحرب العالمية الثانية 5491 انتقل إلى تونس ليعود إلى الوطن ويسافر لفرنسا بسبب ترصد الاستعمار لكل خطواته وكان نشاطه المكثف يشكل خطرا عليهم مما اضطره للسفر إلى فرنسا من جهة لتجنب مطاردة الاستعمر له وتعبئة المهاجرين من جهة اخرى للثورة، ليعود للجزائر ليكون من الرعيل الأول الذي فجّر الثورة التحريرية المجيدة في الفاتح من نوفمبر 4591 التي كان من العناصر الفعالة فيها ونظرا لإخلاصه وتفانيه لصالح الثورة والوطن تبوأ مكانة كبيرة واسندت له مهام في الداخل والخارج وبعد فترة من اندلاع الثورة كلف بمهمة إلى فرنسا سنة 5591 لتبليغ المناضلين بتعليمات الثورة في المهجر وبعد تمكنه من وضع نواة الثورة بالمهجر، عاد إلى أرض الوطن ليكلف من طرف قيادة الثورة بالولاية الأولى بتنشيط منطقة الزاب ونواحي بوسعادة والتحق رفقة أفواج من المجاهدين يتصدرهم المجاهد حسين عبد الباقي والصادق الجغروري ورمضان حسوني بجبال الزاب (أقسوم) ببسكرة، ومنها اتصل بالمجاهد مخلف بن قسيم والتومي بن عاشور ليواصل طريقه نحوى منطقة بوسعادة ويتصل بالشهيد علي بن المسعود (بن النوي) وأعيان أعراش منطقة بوسعادة القديمة في كل من جبل امساعد نسينيسة امحارقة. بن بولعيد اختار سي الحواس شخصيا بعد تنظيمه للصفوف بالمناطق المذكورة، اتصل بالشهيد عاشور زيان الذي كان له الفضل في إعداد الجيش وتكوين الطلائع الأولى بمنطقة بوسعادة وكان ذلك بأمر من الشهيد الرمز مصطفى بن بولعيد وقد نجح إلى حد كبير في المهام التي كلف بها القائد الحواس بالصحراء المتمثلة في نشر الحس الثوري الوطني وتكوين مجموعات قتالية قادرة على مواجهة العدو في أي لحظة رغم صعوبة المنطقة الشاسعة المساحة والمكشوفة والعارية واستمر نشاطه إلى غاية استشهاد البطل زيان عاشور في 7 نوفمبر 6591 بواد خلفون ببلدية أولاد رحمة وبعدها اصبح سي الحواس قائدا يعمل على توسيع المد الثوري بالجنوب وبعد كفاح دام لفترة رأت الثورة أن تنظم شؤونها وذلك بعقد مؤتمر الصومام في 02 أوت 6591 الذي تمخضت عنه جملة القرارات في الميدانين السياسي والعسكري والتقى بالعقيد عميروش في جانفي من سنة 7591 م الذي أبلغه بنتائج مؤتمر الصومام ليعود لمنطقته ويقوم بتنظيم الهياكل السياسية والعسكرية وفق قرارات المؤتمر وتوسيع الثورة في منطقة الصحراء وانتقل إلى تونس ليعود منها في شهر جوان برتبة ضابط ثاني قائد للمنطقة الثالثة للولاية الأولى وبعد وفاة علي ملاح الذي عين كقائد للولاية السادسة الذي استشهد قبل الوصول إليها، تولى قيادة الولاية السادسة بعد ترقيته إلى رتبة صاغ أول، أي عقيد وفي أوائل شهر نوفمبر 8591 حضر سي الحواس الاجتماع التاريخي المعروف بمؤتمر العقداء. وبعد دراسة الوضعية العامة للثورة في الداخل والخارج كلف كل من العقيدين سي الحواس وسي عميروش بمهمة الاتصال بقيادة الثورة المتواجدة بالخارج وتنفيذا لتلك المهمة قدم العقيد عميروش في شهر مارس 9591 من الولاية الثالثة والتحق بالولاية السادسة منطلقا من جبال القبائل ثم الأوراس أحمر خدو وجبل الأزرق ثم جبال قسوم نسينيسة، وصولا إلى جبيل ثامر مكان لقائه برفيقه سي الحواس بالمكان الذي وقعت فيه المعركة بينهم وبين الاستعمار الفرنسي. عميروش.. القبائلي الفقير الذي أربك جنرالات فرنسا هو عميروش ايت حمودة ولد في 13 أكتوبر 6291 بقرية تاسفت أقمون بجبال جرجرة وسط عائلة فقيرة وتلقى تعليمه بالكتاتيب ومنذ صغره كان رافضا لكل انواع الوجود الاستعماري وانخرط في صفوف حزب الشعب الجزائري ثم حركة انتصار الحريات الديمقراطية وذلك في سنة 0591 وهي السنة التي اعتقلته فيها سلطات الاستعمار الفرنسي ومنعته من الإقامة في الجزائر العاصمة بالاضافة إلى الملاحقات والمضايقات والتوقيفات اليومية، حيث اضطر على اثرها للتفكير في السفر إلى فرنسا وكان ذلك في سنة 4591 ليواصل نضاله بها لفترة محددة ليعود إلى الجزائر مجددا يشارك في الثورة التحريرية وكان من الأوائل الذين لبوا نداء الثورة في أول نوفمبر 4591 وذلك بحكم نشاطه السياسي الذي قام به قبل اندلاع الثورة التحريرية المسلحة وكان من القادة الأوائل الذين ساهمو في تنظيم الثورة بالولاية الثالثة (القبائل) وقد تدرج في المناصب التي أثبت فيها قدرته الفائقة في قيادة الولاية وتعرض لمرات عديدة لحصارات عسكرية وهجومات مركزة ومتوالية، إلا أن شجاعته وقدرته على فهم اساليب العدو مكنته من التخطيط لكل عملية مسبقا يواجه فيها العدو واستطاع أن يفسد خطط كبار ضباط الجيش الفرنسي من جنرالات وبفضل حنكته كقائد سياسي وعسكري للولاية السادسة ساعدته في سنة 6591 في إزالة العراقيل المصطنعة بين الولايات ونجح في الاتصالات التي قام بها بالولايتين الأولى والثانية ومن نتائجها أنه تم لقاء بينه وبين العقيد سي الحواس في 21 فيفري 7591 تم خلالها تنسيق العمل بين الولايات ومحاربة كل الاشاعات المغرضة وكان متمكنا في المعارك التي خاضها ضد الاستعمار والتي كان يخرج في معظمها منتصرا وكان قد كلف رفقة زميله سي الحواس بالاتصال بقيادة الثورة في الخارج لينتقل إلى الولاية السادسة لملاقاة رفيقه الحواس عبر المسالك التي ذكرناها آنفا بالمكان المسمى جبيل ثامر بالقرب من بوسعادة. معركة جبيل ثامر وقعت هذه المعركة صبيحة يوم الأحد 82 مارس 9591 بين قوات العدو الفرنسي التي كانت مدججة بأحدث الأسلحة مدعمة بالطائرات والدبابات وأعداد هائلة من الجنود من المضليين والمشاة عكس فرقة القيادة التابعة لجيش التحرير التي لم تتعد الخمسين فردا بين ضباط وجنود. والمكان الذي جرت فيه المعركة هو عبارة عن جبل صغير عار من النبات باستثناء الحلفاء المنتشرة، أي بمعنى أن المنطقة كانت مكشوفة تطل من الجهة الشمالية على حوض فسيح مكشوف وكذا بالنسبة للجهة الغربية هي الآخرى خالية من النباتات. أما الجهة الجنوبية الشرقية فتطل على منخفض سحيق يصل المكان بأرض أولاد رابح ومنها إلى جبال بوكحيل الشامخ أحد قلاع الثورة التي سجل فيه المجاهدون بطولات ضد الاستعمار الفرنسي وهنا يتضح أن موقع المعركة غير صالح للقتال واي عمل فيه يعتبر مجازفة لانعدام الأماكن الحصينة والواقية من نيران مدفعية الميدان وكذا الطيران. 84 مجاهدا في مواجهة جيش بأكمله في ليلة 72 إلى صبيحة 82 مارس 9591 كانت فرقة قيادة الولايتين السادسة والثالثة بجبل الميمونة، حيث يتمركز جيش التحرير وبعد استراحة قصيرة انطلقت الفرقة رفقة العقيدين سي الحواس وسي عميروش بمعية إطارات الولايتين المذكورتين باتجاه جبل بوكحيل تتبعهما كتيبة الحراسة، إلا أن سرعة فرقة القيادة على ظهور الخيل والبغال تمكنت من قطع مرحلتين في رحلة واحدة التي اعتاد الجيش قطعها في رحلتين على الأرجل في الحالات العادية مما ادى إلى تخلف كتيبة الحراسة في جبل نسينيسة التي كانت قد قطعت ثلثي المسافة في رحلة ونصفها على الأقدام في الوقت الذي وصلت فيه القيادة إلى جبيل ثامر مع طلوع الشمس وقبل اجتيازها للجبل المذكور، تم اكتشافها من طرف قوات العدو التي كانت في مهمة تفتيش ومسح للمنطقة بحشود ضخمة من الجنود مدعمين بآليات حربية كمدفعية الميدان والدبابات بمختلف انواعها وتشكيلات من وحدات التدخل السريع والمضليين واللفيف الأجنبي مدعمين بمختلف الأسلحة كالطيران المقاتل والمقنبل المدجج بقنابل النبالم بينما كانت فرقة القيادة تتكون من 84 مجاهدا بين جنود وإطارات من بينهم الرائد العربي بعرير وعمر ادريس ومحمد الشريف بن عكاشة والملازم الثاني قويدر بن بوعزة واسماعيل أخليف والملازم الأول محمد السبع وكحللش ومحمد بن سليمان وغيرهم من الضباط وصف الضباط وكان سلاح جيش التحرير عبارة عن أسلحة خفيفة تمثلت في رشاشات واسلحة اوتوماتكية خفيفة ورشاش جماعي من نوع فمبار أمريكي الصنع وكانت المعركة مفاجئة للمجاهدين لأسباب عديدة منها طبيعة المنطقة الجغرافية التي لاتساعد على القتال وعدم تكافؤ موازين القوى بين الجيشين وعدم وصول كتيبة الحراسة للمكان للمشاركة في المعركة لدعم المجاهدين في القتال.
..سجل يا تاريخ
حسب المجاهدين، تعتبر هذه المعركة من أعنف وأقوى المعارك التي عرفتها المنطقة رغم قصر مدتها التي لم تتعد سبع او ثماني ساعات وتميزت المعركة بالضراوة والشراسة منذ بدايتها إلى نهايتها في حدود الساعة الواحدة ظهرا وتمكن الاستعمار الفرنسي من إلقاء القبض على أحد المجاهدين حيا وبعد التعذيب والاستنطاق أبلغ عن وجود العقيدين سي الحواس وسي عميروش رحمهما الله ليرمي العدو بكل ثقله في مكان المعركة وكثفت طائراته القصف بالقنابل المختلفة المدمرة والمحرقة وغاز النبالم والغازات السامة والخانقة إلى جانب القصف المركز لمدفعية الميدان والدبابات ورغم ذلك صمد المجاهدون بقلة عددهم وعدتهم وقاوموا الاستدمار إلى آخر قطرة من دمائهم الطاهرة الزكية وتصدوا للعدو بكل شجاعة ورغم قلة عددهم استطاعأن يكبدوا العدو خسائر فادحة في الأرواح والعتاد ومن بين خسائر العدو طائرتان حربيتان وقتل مالا يقل عن 003 عسكري مابين ضباط وجنود بسطاء. اما خسائر جيش التحرير فاستشهاد العقيدين سي الحواس (أحمد بن عبد الرزاق حمودة) وسي عميروش آيت حمودة وكل أفراد القيادة من اطارات وجنود بينما أصيب الصاغ الأول عمر ادريس بجروح بليغة أسر على اثرها ونقل إلى مدينة الجلفة، حيث أعدم تحت الاستنطاق والتعذيب إلى جانب بعض الجنود في حين تمكن ثلاثة منهم من النجاة بصعوبة رغم إصابتهم بجروح بليغة. فيما فضل البطلان رفقة اخوانهم من المجاهدين القتال إلى آخر قطرة من دمائهم، على أن يلقى عليهم القبض وينكل بهم وبفضل عزيمتهم وصبرهم استطاعوا أن يكبدوا العدو خسائر فادحة كانت وصمة عار في جبينه امام مجموعة متواضعة من المجاهدين لايملكون من السلاح إلا القليل ولكن استطاعوا تلقينه درسا لم ينساه وهكذا يبقى عميروش وسي الحواس وكل شهداء الجزائر رموزا وشموع تضيء على الجزائر.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
مشكور اخي على موضوعك وبارك الله فيك
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :