{{ الـر ايــس حميدو أو ابن حميدو ... أمير البحرية الإسلامية الجزائرية }}
بسم الله والحمد لله والصلاة على رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) وبعد
كل مسلم غيور على دينه وعلى تاريخ أمة الإسلام والمسلمين
كل أجدادنا العظماء من قادة وعلماء وفاتحين وربانيين
المجاهدين العظماء الأتقياء الأنقياء الذين باعوا الثمين بلا ثمن
سلاطين البحار ( الإخوة بربروس )
كل مزيفي التاريخ من ( مستشرقين ، ومستخربين ، وكل رويبضة ممن هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا )
الريس حميدو ، أو ابن حميدو ، أسم لما يذكر ويسمعه الكثيرين من المسلمين ، يتبادر إلى أذهانهم شخصية ممثل كوميدي ( أفضى إلى ما قدم ) ، قام بتمثيل هذا الدور الذي يتناول دور بحار ساذج ، وتتناول الأفلام السينمائية مواقف وأحداث تقع لهذا الرجل في إطار هزلي وكوميدي ساخر ... هذا ما صوره الإعلام اليهودي لنا في بلاد الإسلام ، ولكن الحقيقة كانت غير ذلك ، بل كانت مفاجأة ، بل قنبلة مدوية ، فابن حميدو الحقيقي
هو بحار مجاهد من أبطال هذه الأمة العريقة
ولد في أرض البطولة والإقدام
ومات مجاهدا مرابطا في سبيل الله
- وما هذه السطور القادمة ، إلا كلمات أخذت أجمعها من هنا وهناك لندرة مادة الموضوع ، وندرة المراجع والمصادر اللازمة لتوثيق المادة على أكمل وجه ، وتحريا للأمانة فقد قمت بجمع الموضوع من عدة منتديات ومواقع متفرقة وخصوصا ( المنتديات الجزائرية ) لأنهم أهل الحدث ، ورجعت إلى إحدى المراجع الرئيسية في تاريخ الجزائر التي لدي ( تاريخ الجزائر في القديم والحديث – مبارك بن محمد الميلي ) ووقفت على بعض الأخبار المتعلقة بـ ( ابن حميدو ) رئيس وهي موافقة لما تم إيراده من معلومات في المنتديات الأخرى .
- عملي في الموضوع :
- قمت بإيراد مقدمة وخاتمة للموضوع .
- قمت بعمل إعادة صياغة وترتيب لبعض مواد الموضوع ، وذلك من خلال تقسيم الموضوع إلى العديد من الفقرات ، وإضافة بعض العناوين لتنظيم المادة ، والتيسير على القارئ .
- قمت بإضافة العديد من الصور الوثائقية لدعم المادة .
* توطئــــــــــــة *
... الحدث التاريخي هو نواة التاريخ وسبب قيامه ، والتاريخ في صفحاته متعدد الاتجاهات ، والأبطال هم الذين يصنعون تاريخهم ، ومثلما وجد أبطال من الملوك والأمراء والقادة والفرسان والشعراء من الرجال والنساء الذين وفاهم التاريخ والمؤرخون حقهم ونالوا مكانتهم المميزة في الذاكرة الشعبية ، وشاعت سيرهم وحفظت أخبارهم في سجلات المؤرخين وعند الخاص والعام ، فإن كثيرين غيرهم من المغمورين في التاريخ الذين لا يقلون عن هؤلاء بطولة وتأثيرا لم يأخذوا حقهم في الشهرة في الذاكرة الشعبية ولم تنل سيرهم وأفعالهم حظها في الذيوع، أو أن انتشارها ظل محصورا في إطار مكاني محدود وفي أفق معرفي ضيق.
وقد يكون مرد ذلك لعدة أسباب منها طغيان أحداث كبرى واشتهار شخصيات أخرى في زمنهم ، مما كانت شهرتهم على حسابهم ، أو سقوط أماكنهم ومناطقهم في دائرة الإهمال والنسيان لبعدهم عن مواطن الحضارة ومراكز المعرفة ، ولا يعني ذلك أنهم مجهولون تماما .
قد يكون هؤلاء المغمورون معروفين لدى أهل العلم من المتخصصين والباحثين أو يكونون مشهورين في بلدانهم أو طوائفهم أو جماعاتهم، لكن سيرتهم لم تتجاوز الإطار الجغرافي أو الزماني الذي صنعوا أحداثه . ومن اجل هؤلاء الأبطال المغمورين في التاريخ نقدم لكم :
أمير البحار الإسلاميــــــة الجزائريـــــة
( حميدو ) رئيس ( رحمه الله )
الريس حميدو
* اسمــه ومـولـده ونـشـأتــــه *
- هو محمد بن علي الملقب بحميدو . ولد في يسّر بمنطقة ألقبائل سنة 1770، وقيل ( 1773م ) ،كان أبوه خياطا بسيطا ، وهو من عائلة جزائرية تعود جذورها إلى مدينة يسر ألتي تبعد 37 كلم عن تزي وزو
- لم يكن الطفل حميدو مهتما بحرفة أبيه بل كان معجبا بالقصص و الحكايات التي يسمعها عن رياس البحر في ذلك الوقت و يوما قال لأبيه :" .. سأصبح رئيسا للبحر عندما اكبر .." لكن والده أجابه بأنه لا يستطيع أن يصبح قائد أسطول لأنه جزائري و ليس تركي ( حيث كان الشائع منذ وطأت أقدام آل " آل بربروس العظام " أن الأتراك هم الذين يتولون المناصب الهامة في البحرية ) .
- عشق ( حميدو ) البحر وتوجه إليه منذ صغره فكان يتردد على السفن و يشارك البحارة في رحلاتهم مثل الرايس شلبي الذي أعجب بشجاعته و بحنكته الفريدة .
- قدر عدد البحارة الجزائريين في عهد الرايس حميدو أشهر قادة البحرية الجزائرية إلى أكثر من 130 ألف بحار، ومن أشهر السفن الحربية الجزائرية وقتها ( رعب البحار، مفتاح الجهاد، المحروسة ) وغيرها .
- سطع نجم البحرية الإسلامية الجزائرية في ذلك الوقت وتمكن الأسطول الجزائري من الوصول بعملياته إلى اسكتلندا والمحيط الأطلسي ، حيث قتل الرايس حميدو سنة 1815 في معركة مع البحرية البرتغالية والأميركية .
* الريس حميدو أميرا للبحر *
- في سن الخامسة و العشرين أصبح حميدو رايس وترقى من بحّار إلى ضابط ، ثم إلى أمير للبحر وأصبح يقود أسطولا في مياه مرسى وهران .
- كان صعود الرايس حميدو وتسيّده على إمارة البحرية الجزائرية يتوافق مع قيام الثورة الفرنسية ومجيء نابليون للحكم ، وما أعقبه من فوضى عارمة في أوروبا ، تمكن خلالها الرايس حميدو من انتهاز هذه الفرصة لتقوية الأسطول الجزائري .
- في إحدى معاركه البحرية استطاع أن يستولي على واحدة من أكبر سفن الأسطول البرتغالي وهي سفينة «البورتقيزية» المزودة بـ 44 مدفعا وعلى متنها 282 بحارا.
- ثم أضاف إليها سفينة أميركية هي «أمريكانا» ، هذا بالإضافة إلى سفينته الخاصة ، وأصبح أسطوله الخاص هذه السفن الثلاث ، ومن أربعة وأربعين مدفعا فرضت سيادتها على البحر لأكثر من ربع قرن .
* أميركا تدفع الضريبة للجزائر " يا لعزة الإسلام " *
- في زمن قيادته للبحرية الجزائرية فرض الرايس حميدو ضريبة على الولايات المتحدة. فبعد أن نالت أميركا استقلالها عن بريطانيا بدأت السفن الأميركية ترفع أعلامها لأول مرة اعتبارا من سنة 1783م، وأخذت تجوب البحار والمحيطات.
وقد تعرض البحارة الجزائريون لسفن الولايات المتحدة، فاستولوا في يوليو 1785م على إحدى سفنها في مياه ( قادش ) ، بعد ذلك استولوا على إحدى عشرة سفينة أخرى تابعة للولايات المتحدة الأميركية وساقوها إلى السواحل الجزائرية .
- نظرا ولحداثة استقلال الولايات المتحدة ولعدم امتلاكها قوة بحرية رادعة ، فقد كانت عاجزة عن استرداد سفنها بالقوة العسكرية ، لذا فقد اضطرت إلى الصلح وتوقيع معاهدة مع الجزائر في 5 سبتمبر 1795م ، تدفع بموجبها واشنطن مبلغ ( 62 ألف دولار ذهبا ) للجزائر لقاء حرية المرور والحماية لسفنها في البحر المتوسط ، وتضمنت هذه المعاهدة 22 مادة مكتوبة باللغة التركية .
- تعد هذه الوثيقة من الوثائق النادرة والفريدة ، فهي تعد المعاهدة الوحيدة التي كتبت بلغة غير الإنكليزية التي وقعت عليها الولايات المتحدة الأميركية منذ تأسيسها حتى اليوم ، وفي الوقت نفسه تعد هي المعاهدة الوحيدة التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بدفع ضريبة سنوية لدولة أجنبية ، وبمقتضاها استردت الولايات المتحدة أسراها ، وضمنت عدم تعرض البحارة الجزائريين لسفنها .
* الـحـرب مـع أمـيـركـــــا " لا تستغربوا الإسم " *
- عندما جاء الرئيس جيفرسون إلى الحكم رفض دفع الضريبة المقررة ، لذا فقد قامت البحرية الجزائرية بالرد والاستيلاء على السفن الأميركية العابرة للبحر المتوسط .
- على اثر ذلك أرسلت الولايات المتحدة الأميركية قطعة بحرية إلى البحر المتوسط لأجل الانتقام للهجمات التي تعرضت لها سفنها في سنة 1812، وكانت هذه القطعة بقيادة ( كومودور دوكاتور ) ، وكان من المهام المكلف بها هذا القائد إجبار الجزائريين على تقديم اعتذار للولايات المتحدة واسترجاع الأسرى الأميركيين وإنهاء دفع الضريبة المفروضة على السفن الأميركية في البحر المتوسط والسماح لها بحقوق الزيارة .
* وفــــاتـــه ( رحمـه الله ) *
- من أجل ذلك أرسل الرئيس الأميركي بعض سفنه للقضاء على الرايس الكبير، ونشبت معركة كبرى بين قطع الأسطول الأميركي تسانده بعض قطع الأسطول البرتغالي على قول بعض المصادر ضد الأسطول الإسلامي . وبالرغم من تفوق السفن الجزائرية ، فإن قذيفة مدفع قوية أصابت الرايس حميدو مما أدى إلى مصرعه . وكان ذلك في يوم ( 16 يونيو 1815) ، وأمّ حاكم البلاد حينها الداي ( عمر باشا ) شخصيا صلاة الغائب التي أداها الجزائريون على روح بطلهم الرايس حميدو، وأعلن الحداد في كل أنحاء الجزائر لمدة ثلاثة أيام .
* تخليدا لذكرى أمير البحار الإسلامية الرايس حميدو *
- في قلب العاصمة الجزائرية ، وتحديدا في ساحة الشهداء ينتصب تمثال شامخ لواحد من أشهر ربابنة البحر الجزائريين .. إنه الريس حميدو بن علي ، احد امهر رؤساء البحر الجزائريين ، الذي فرض السيطرة الجزائرية على البحر المتوسط وأرغم الدول الأوروبية على دفع إتاوات وضرائب لضمان حق المرور في البحر المتوسط .
تمثال الريس حميدو بالجزائر العاصمة
- ورغم أن الريس حميدو مشهور في التاريخ الجزائري ، وهناك ضاحية في غرب العاصمة الجزائرية تحمل اسمه ، إلا أن الكثيرين في العالم العربي يجهلون سيرة هذا الربان الجزائري الشجاع .
- وتقديرا لهذا المجاهد الكبير قام السلاح البحري الجزائري بإطلاق أسمه على إحدى الفرقاطات البحرية الهامة في سلاح البحر الجزائري ، والمسلحة بـ 16 صاروخ ، ويسيرها 60 ضابط وبحار .
البارجة الحربية ( 801 ) الريس حميدو في حوض الصيانة في روسيا
* الريس حميدو في التاريخ *
مثالا رائعا وخالدا لأبطال الأمة الإسلامية
والبذل والعطاء من اجل هذا الدين
مثالا للمجاهدين العظماء الذين باعوا الثمين بلا ثمن وغدوا وأصبحوا بلا وطن
جزاه الله عنا وعن الإسلام خيرا
" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون "
نسأل الله عز وجل أن يتقبلنا وهذا البطل الضرغام في الشهداء إنه ولي ذلك والقادر عليه
* وما أروع الخاتمة وما أفضلها من خاتمة *
هكذا كانوا & وهكذا كنا
* ضرائب الدول الأوروبية للجزائر *
- كانت الدول الأوربية تدفع اتاوات للجزائر في عهد رياس البحر، وأورد المؤرخ الفرنسي ليون فالبير قائمة بالمبالغ التي كانت تدفعها دول أوروبا إلى الجزائر لحماية سفنها في البحر المتوسط على النحو التالي :
- مملكة الصقليتين : تدفع مبلغ 44 ألف بياستير سنويا منها 24 ألفا نقدا والباقي في شكل بضائع .
- مملكة توسكانيا الإيطالية : تدفع 23 ألف بياستير كلما جددت قنصلها بالجزائر .
- مملكة سردينيا الايطالية : تدفع مبلغا كبيرا من المال كلما جددت قنصلها بالجزائر .
- البرتغال : تدفع مبلغ 44 ألف بياستير سنويا .
- إسبانيا : تدفع مبالغ مالية كلما جددت قنصلها .
- النمسا : تدفع هدايا دورية مباشرة وعن طريق الدولة العثمانية .
- إنجلترا : تدفع 600 جنيه إسترليني كلما جددت قنصلها .
- هولندا : تدفع 600 جنيه إسترليني .
- أمريكا : تدفع 600 جنيه إسترليني، ثم ارتفعت إلى 62 ألف دولار .
- مملكتا هانوفر وبريم الألمانيتان : تدفعان مبالغ مالية كبيرة كلما جددتا قناصلها .
- السويد والدانمرك : تدفعان مبالغ مالية كبيرة سنوية في شكل مواد حربية قيمتها 400 بياستير .
إخواني في الله إن تاريخ أمتنا مليء بالأمجاد والبطولات في كل وقت وكل زمان ، وفوق كل أراضي العالم كان هناك من أبطال الأمة وقادتها وعلماؤها وربانيوها من يكتبون تاريخنا بمداد من الذهب على صفحات من النور ، يسطرون أروع التضحيات والبطولات ، يسطرونها بدمائهم وأرواحهم وأشلائهم ، إنه لحري بنا أن نطلع على تاريخنا فكله
وخير كثير لم تتحلى به أمة ممن كانت قبلنا
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين
اللهم أذل الشرك والمشركين
اللهم عليك بمن حارب الدين
اللهم استعملنا لنصرة لدينك
اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك
( أمير البحار : خير الدين بربروسة )
طــ منشورات مؤسسة فيصل للتمويل تركيا ( الطبعة الأولى / 1408هـ - 1988م )
- تاريخ الجزائر في القديم والحديث
.