عنوان الموضوع : روافد التأثير الإسلامي إلى الأمازيغية
مقدم من طرف منتديات العندليب
روافد التأثير الإسلامي إلى الأمازيغية
مع حلول الإسلام في أفريقيا ودخول العرب استعربت غالبية الأمازيغ بتبنيها اللغة العربية بلهجاتها المغاربية
ينسب النسابة الأمازيغ أصلهم إلى مازيغ بن كنعان بن حام بن نوح عليه السلام.
بالعودة إلى تاريخ ابن خلدون، ينقسم البربر إلى برانس وبتر. وإبان الفتح
الإسلامي كانت أوربة من البرانس أقوى قبائل المغرب، فهي التي حاربت مع
زعيمها كسيلة المسلمين، وهي التي استقبلت إدريس الأول وبايعته وكان ملكها
من ملك الأدارسة.
تشبت البربر بالإسلام والدفاع عنه في نص ما قاله ابن خلدون:
(وأما إقامتهم لمراسم الشريعة وأخذهم بأحكام الملة ونصرهم لدين الله، فقد
نقل عنهم من اتخاذ المعلمين لأحكام دين الله لصبيانهم، والاستفتاء في فروض
أعيانهم واقتفاء الأئمة للصلوات في بواديهم، وتدارس القرآن بين أحيائهم،
وتحكيم حملة الفقه في نوازلهم وقضاياهم، وصياغتهم إلى أهل الخير والدين من
أهل مصرهم التماساً في آثارهم وسوءاً للدعاء عن صالحيهم، وإغشائهم البحر
لفضل المرابطة والجهاد وبيعهم النفوس من الله في سبيله وجهاد عدوه عادات
الأمازيغ"
الأمازيغ اتخذوا عاداتهم العريقة روافد
كيفوها مع متطلبات الإسلام فاندمجت ـ إلى درجة الانصهار ـ التعاليم
الإسلامية مع العادات الأمازيغية، فزاد الدين رسوخا في كل مجالات الحياة،
إذ لم يقتصر على الانتقال بالترجمة من الكتب العربية إلى الأمازيغية وحسب،
بل أُدمج في العادات، وبها تهيأ لإغناء المعجم الرمزي، فـ...الأمازيغ لم
يفهموا الإسلام بكيفية عميقة إلا عن طريق الترجمة من العربية، كما أنهم
يتخذون أنواع العادات والفنون والاحتفالات وسائل للتلقين والاستيعاب...
إننا بحق أمام ما يجب أن يسمى روافد التأثير الإسلامي إلى الأمازيغية، ومن
أهم ذلك، العادات التعليمية التي نذكر منها: التعليم الليلي وعرس القرآن
وبخاري رمضان والمولد النبوي ....
العادات والتقاليد الاجتماعية روافد التأثير الإسلامي إلى الأمازيغية
-التعليم الليلي
للمسجد ـ تِيمْزْكِيدَا ـ في حياة الأمازيغيين أهمية قصوى يؤكدها اعتباره
النادي العام لأهل القرية ولا يختلف عنه إلا من لا خير فيه، ولأستاذ
المسجد احترام، وهو الإمام، والمؤذن ـ غالبا ـ وقارئ الحزب، ومعلم الدروس
المسائية لعموم أطفال القرية، الذين وجدوا في التربية الإسلامية
بالأمازيغية عادات تحفزهم للتلهف على حضور دروس المسجد الليلية، المختلفة
عن الدروس النهارية التي تعلم الملازمين دراسة القراءة والكتابة باللغة
العربية وحفظ القرآن، فالليل يخصصونه للمراجعة عندما يتفرغ أستاذهم
للدراسة الليلية التي تهتم كل مساء بتعليم الأطفال ذكورا وإناثا، وبالرعاة
والحرفيين الذين لا وقت لهم للدراسة نهارا. وبهذه الدروس يتعلمون قواعد
الإسلام، وأحيانا قد يضطر بعض الأساتذة لتغريم المتخلفين.
وللأطفال عادات يمارسونها تشوقهم إلى هذه الدروس الخاصة، كاعتيادهم
الانطلاق بعد صلاة المغرب في عموم أزقة القرية مرددين إنشادات جماعية
بأصوات طفولية موحية تحث الصغار على الالتحاق بالمسجد لتلقي الدروس
الدينية، التي لا يتخلف عنها ذكورهم وإناثهم ما لم يبلغوا سن الاحتلام،
وعادة ما يلتقي الجميع في الطريق المؤدي إلى المسجد فيكونون صفا واحدا
حاملين الحطب ـ ليستعمل في الإنارة وتدفئة ماء الوضوء ـ وهم يرددون مرددات
خاصة بتلك المسيرة. وقد ثمن ديكو دي طوريس هذه الدروس في إحدى ليالي سنة
1550م، التي شاهد فيها كيف يعلم بها الأمازيغيون أولادهم، وبعدما وصفها
بدت له معقولة جدا إذ بعد أن يرعى الأطفال قطعانهم طوال النهار يجتمعون
عند المساء في منزل معلم، وعلى ضوء نار عظيمة يوقدونها بالحطب الذي حملوه
معهم يستظهرون دروسهم.
عرس القرآن
هناك عادات هيأها الأمازيغيون لتنتقل عبرها الأفكار الإسلامية من العربية
إلى الأمازيغية بطرق غاية في التشويق والإيحاء. ومن أبرز تلك العادات
سْلُوكْتْ التي تدعم الحضور الإسلامي في البيئة السوسية، فأثناءها يقرأ
القرآن جماعيا، وتنشد قصيدتا البردة والهمزية للإمام البصيري، وكل ذلك
باللغة العربية، وقد يتم فيها الشرح بالأمازيغية، لأن كل الفقهاء
الأمازيغيين يفسرون معاني القرآن على قدر الطاقة.
إن سّلُوكْتْ احتفال خصصه الأمازيغيون لـالطّلبة كي يحضروا في جميع
المناسبات، ويؤكدوا على حضور الإسلام في كل الممارسات، ولحضور مناسباتها
يكون الطلبة قد تهيأوا واستعدوا وتزينوا بأحسن ما عندهم، ويستقبل مجيئهم
بغاية الفرح والسرور، ويجلسون في أحسن مكان وعلى أجمل فراش، وتقدم إليهم
أحسن أنواع الأطعمة... ويعبرون عن فرحتهم بحماسهم في أداء تاحزابت، وإنشاد
شعر يمدح الكرماء في ما يسمونه تّرجيز. ويعتمد حفل سْلوكْتْ على ثلاث
دعائم: تاحزّابت والبوصيري وتّرجيز، ولكل منها دور في التفاعل القوي بين
الأمازيغيين والمتن الإسلامي، وسنوضح معالم ذلك بإيجاز:
تاحزّابت:
تاحزّابت نسبة إلى حزب القرآن الكريم، والمقصود بها نوع من أداء قراءة
القرآن بـ...رفع الصوت بأقصى ما في حلوق الطلبة من قوة وتمطيط في القرآن
جماعة في منتزهاتهم (أدوال)، أو في المواسم التي يتلاقون فيها. ولا نراها
بعيدة عن هدف تحريك مشاعر الأمازيغيين بطريقة إنشادية لمتن لا يعرفون
معانيه، ولكن طريقة إنشاده تخلق بجلالها تواصلا رائعا، ويتجلى تأثيرها
البهيج على ملامح القراء الذين يؤدونها بحماس تجسده حركاتهم الموقعة
بإيقاع طريقة القراءة، ويعبر عنه اندماجهم المطلق في الأداء، وكذلك ترحيب
الناس وتشجيعهم لجودة القراءة. ولعل هذه الاحتفالية هي سر المحافظة عليها
رغم ما واجههم من انتقادات، وقد قاومهم كبار العلماء ولكن لم يفيدوا فيه
شيئا، وقد اهتم الشعر الأمازيغي التعليمي بالمتن القرآني، فنظمت أبيات
ومقاطع بعضها خاص بالرسم القرآني، وبعضها بالتجويد... وكثيرا ما تنشد
بالأمازيغية خلال حفل سلوكت القرآني.
البردة والهمزية :
لا وجود لحفل سلوكت بدون إنشاد رائعتي البوصيري: البردة والهمزية وإذا
كانت تاحزابت قناة للقرآن في مجال التفاعل بين الإسلام والأمازيغيين فإن
البردة والهمزية قناتان للمديح النبوي من تأليف الإمام البوصيري (ت 696 هـ
ـ 1296 م)، اكتسبتا نوعا من القدسية التي يوحي بها تلازمهما لـتاحزّابت
القرآن، ولأن الاعتقاد في قدرات القرآن امتد إلى كتب دينية مثل صحيح
البخاري ودلائل الخيرات ـ للجزولي ـ اللذين يحظيان في شمال إفريقيا
باحترام بالغ، إلا أن أهم مثال في هذا المجال هو: البردة... التي ترجمت
إلى الأمازيغية... وتكتب بها التمائم، وتنشد عند الدفن وتكتب على جدران
المساجد، وتعتبر مع الهمزية ملازمتين لـسلوكت القرآنية أكثر من غيرهما من
جل ما ألف في المجال الإسلامي، ثم إن إنشادهما في نصهما العربي صار من
أروع وأعذب الألحان التي يتأثر بها المستمعون في احتفالهم بالطلبة.
تّرجيز:
الـتّرجـيز صيـغة أمازيغية لكلمة الترجيز في العربية، والمقصود بها في
حفلة سلوكت إنشاد الأشعار العربية بطريقة خاصة، إذ يبدؤها فرد واحد منهم
ثم يرددها بعـده الآخرون، ويتدخل آخر مضيفا أو مجيبا سابقه. ويمثل هذا
الترجيز قمة التفاعـل بين المستمعين الأمازيغيين الذين يجهلون العربية،
وبين الطلبة الذين قد يدركون بعض معاني ما ينشدون، والعلاقة الجامعة
للتأثر بين المستمعين والقراء هي طريقة الإنشاد مما له علاقة واضحة عند
العارفين بطريقة إنشاد حوار العقول الشعرية خلال العرض الشعري في أحواش،
ومن أجمل ما يوحي بوجود تلك العلاقة، ذلك الشعور الغامر الذي يعكس فرحة
التأثر بمقروء سلوكت نهارا، وفرحة التمتع بالشعر المنشد في أحواش ليلا،
تلك العادة التي تواكب قراءة القرآن في تاحزّابت وإنشاد الأشعار العربية
في الاحتفال بـالطلبة في المواسم الكبرى حيث يلتقي عشرات الحفاظ في
مجموعات يخصص لها مكان معين في الموسم. وتتناوب المجموعات على قراءة ربع
حزب من القرآن لكل جماعة على حدة، فإذا وصل دور مجموعة منهم جاء جميع
الحاضرين، ووقفوا عليهم يحصون عليهم الأنفاس... فإذا مالوا ولو خطأ في وقف
أو إشباع أو قصر أو توسط أو غير ذلك من أنواع التجويد صفق لهم جميع
الحاضرين من الطلبة تشهيرا للسامعين بعظم الزلة، وربما سمع التصفيق العوام
المشتغلون بأنواع الاتجار خارج المدرسة فيصفقون هم أيضا لما رسخ في
أذهانهم من فظاعة ذلك
أن الأعراس والختمات القرآنية في الأفراح والاحتفالات عند الامازيغ
ما يدل على
رسوخ إيمانهم و صحة معتقداتهم، ومتين ديانتهم
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :