عنوان الموضوع : مجاجة منطقة العلم والعلماء" السيرة الذاتية والعلمية للعلامة المفسر سيدي آمحمد بن علي آبهلول المجاجي" التاريخ الجزائري
مقدم من طرف منتديات العندليب
إن المتصفح لكتب التاريخ يقف حتما عند صفحة مجدها التاريخ سطورها مكتوبا بأنامل علماء مجاجة الذين طرقوا المجد من أبوابه الواسعة فنبغوا في شتى العلوم الدنية والعلمية كالتفسير القراءات والحديث وهذه العلوم كلها كانت تدرس في معهد مجاجة ،ألا وهو زاوية سيدي محمد بنعلي أبهلول المجاجي .
ورأينا من الأجدر التقديم لدراستنا هده التعريف بمنطقة مجاجة قديما فكان لزاما العودة إلى تاريخ المنطقة ،فكانت منطقة مجاجة وبحدودها الواسعة قبل الإسلام تعرف "ببني وارسيفن" وهو اسم لقبيلة مغراوة من قبيلة زناته ،وهذا ما ذكره بن حوقل والبكري والإدريسي في نزهة المشتاق وهي منتشرة شمال الشلف وبها قرى كثيرة شمال تلها وجنوبها المطل على نهر الشلف كما إنها ثرية بمائها وجناتها وعسلها
أطلق عليها اسم "مجاجة" في العهد الإسلامي ،وكلمة مجاجة عربية في لفظها ومنعها ،أما في اللغة يقال : ،يمج ،مجا جاءت في اللسان مج الشراب ويقال بمج ريقه بمعنى لا يستطيع حبسه ،هذا اللفظة تعود إلى مناقشات بعض مشايخ الناحية إذ كان أحد أفراد العرش رجل صالح من أهل الكشف لقب ب "مج" غاب مدة عن العرش لسبب ما فغاب وغابت أخباره ،حتى أشيع أنه مات، لكن ما لبث أن رجع خفية فقالوا :"مج جاء" فركبت الكلمتان في كلمة واحدة فأصبحت "مجاجة" .كما يقول رأي آخر أن اللفظة جاءت مصادفة للمعني اللغوي الذي أطلق على هذه الرقعة من الأرض الغنية بمروجها الدافقة و أوديتها أي كل شيء يخرج من باطن الأرض.
مما سبق توضيحه نستنتج أن المنطقة اشتهرت بالشرف،وما نالت هذه المرتبة إلا بتقوى وصلاح علمائها ومن هنا أخذت موقعا ودرجة من الرقي العلمي جعل الغير يتهافت عليها لطلب العلم
زاوية سيدي أمحمد بن علي أبهلول:
تأسست هذه الزاوية في أوائل القرن العاشر هجري والفضل يعود إلى الشيخ سيدي علي أبهلول حيث تولى رعايته سيدي احمد بن يوسف ولقبه أبهلول وساهم في تعليمه وتلقينه الطريقة الشاذلية وأرشده إلى تأسيس الزاوية ثم خلفه إبنه الشيخ محمد بن علي أبهلول الذي كان يسافر من أجل العلم بالغا الصحراء واصلا إلى ورقلة وهناك أنشأ زاوية عرب سيدي سعيد الشاذلية والقادرية ليعود بعد هذا المشوار إلى مكانه بالشلف بزاويته التي قام عليها ساهرا ومعلما حتى مات وخلفه أخوه سيدي أبو علي .
سيدي أمحمد بن أبهلول
نسبه :
هو محمد بن علي المجاجي المعروف بأبهلول ،بن أحمد بن عبد الله بن يدر بن محمد بن علي ،ينتهي نسبه إلى الحسين بن فاطمة رضي الله عنها ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم وزوج علي بن أبي طالب كرم الله وجهه .
ذكر الحفناوي أن أصله يعوده إلى الأشراف الحسنيين بالأندلس ،وهذا ما أجمع عليه المترجمون لهذا الولي ومنهم أبو حامد العربي المشرفي صاحب كتاب"ياقوتة النسب الوهاجة في التعريف بمولى مجاجة.
مولده :
ولد سيدي محمد ين علي بمنطقة النخلة وهي قرية لا تبعد كثير عن مقر زاويته بمجاجة سنة945هـ- 1538م أي القرن الحادي عشر هجري الموافق للخامس عشر ميلادي ،من أب يعد مربيا ومعلما ،معروف ببركة عظيمة ودعاء مستجاب. وهو معروف في جميع أنحاء المغرب .
مراحل تعليمه:
رغم الحروب المستمرة في المنطقة إلا أنها لم تؤثر على الوضع الثقافي فبقيت المساجد والكتاتيب تؤدي رسالتها وتمارس وظيفتها ،فتخرج الكثير من العلماء الذين ساهموا في تدريس جميع العلوم المختلفة من تعليم القرآن والكتاب وعلوم الفقه ومبادئ الدين .
ومن الأعلام الذين عرفوا العلم والورع كان الشيخ محمد بن علي الذي نشأ في رعايته الله ذاكرا معلما متصوفا ،عرف بزاويته التي أصبحت مشهورة شرقا وغربا.
لقد نهج الشيخ سيرة طلبة العلم الذين يسافرون ويضربون الأرض لأجل التحصيل عن شيوخ تختلف مواطنهم وطباعهم ثم يعودون بهذا التحصيل إلى الموقع الأصلي لتبليغ الأمانة ومواصلة العطاء هذا ما شهد له به المشرفي في قوله :"انه كان عالما بذل نفسه ونفيسه في تدقيق وتحميص مسائل الفقه والمعقول وعلم الكلام وعلم التصوف."
فهذا كلام تلميذه سعيد قدورة الذي يشهد له بشدة الاعتناء بالعلوم والفنون كالتفسير والحديث والمنطق والفقه ويذكر أنه كان بارعا في التفسير .
التفسير :
عرف سيدي امحمد بن علي ببراعته في التفسير واشتهر ببيان العبارة وحذق اللغة العربية بفروعها وهي علوم ساعدته على فهم القرآن وجودة تفسيره كما روى سعيد قدورة أن الوافدين إلى أستاذه كانوا كثرا لشهرته في علوم التفسير ،حتى وصل قبل موته إلى سورة الإسراء ،فكان يملي تفسيره إملاءا والظاهر أنه كان يفسر باللسان ولا يسجل بالقلم ذلك أن الدين ترجموا له لم يتحدثوا عن كتب أو مخطوطات في هذا الغرض .ولعل تفوقه في التفسير يعود إلى تمكنه من ناصية العلوم التي لها علاقة مباشرة بتلك اللغة والبيان والمنطق.
التصوف :
عرف مصطلح التصوف بمعناه الذي يهتم برقي الروح وتربية النفس وصفاء السريرة وقيل سمي كذلك للبس أهله الصوف على الجسد لخشونته فهم ابعد عن اللين ورطوبة الحياة ونعيمها.ومن الأقطاب الذين تتزين بهم هذه الفترة الزاهدو العابد سيدي أمحمد بن علي أبهلول الملقب بــ:"سفيان العابدين" لعلمه وصلاحه إذ كان يحتكم في تدريسه على كتاب " الحكم و التنوير لابن عطاء الله".
كما عرف أيضا باعتداله وحرمته عند ملوك الأتراك ،وساهم في محاربة التصوف الكاذب والطرق الصوفية المبتدعة ونادى بالتصوف الحقيقي وله قصيدة يبتهل فيها إلى الله فيقول :
لقد فاز أهل الجد بالصدق والوفـا * فحول رجـال الله في حضرة القدس
أجل دأبهم حسـب الإله وطوعـه * وقد أعرضوا زاهدا عن الجن والإنس
وأنفسهم تسمـوا عن كل رتـبة * وغائب عن الأكوان والعرش الكرسي
الولي الشاعر :
الشعر ليس سمة بارزة لدى الأولياء ولكنه غاية لوظيفة وحسن في أدبهم وقد ذكر عن القطب تمكنه من ناصية الشعر والقول في بعض الأغراض كالحماسة والحكم والمدح ،إذ خص في مدحه الرسول صلى الله عليه وسلم ،والدليل على شاعريته براعته في القافية فقد ذكر الباحثون في سيرته أن بعض المسائل الفقهية ترد إليه شعرا فيرد عليها بالشعر :
لقد سأله مفتي الجزائر سعيد الحاج المطماطي عن الحكم في العبيد المسلمين في قوله:
بأي وجه ترى استخدام أعبدنا * والخير منهم بد منهم لنا سرج
كيف التملك والرسول اخبرنا * بعد الشهادة لا ملك ولا حرج
إذا قد بدا فيهم الإسلام قبل فما * لملكهم من سبيل ولا نهـــج
فرد عليه الشيخ سيدي محمد بن علي بأنه لا يجوز تملكهم ونصرتهم فيقول :
كيف يقـبل قول أو يـباح به * ملك جميع عوام الناس ذا سمج
فترد ذا القول يكفي فيه ما شرحوا * أهل الكلام فهم بجمعــنا سـرج
ولو وجدت نصيرا أو يساعدنـي * قمت بنصرتهم وان بدا الهرج
وفي هذه الأبيات يسأله الشيخ المطماطي عن طبيعة الاستعباد في الإسلام بمنطق من بعض الناس في زمننا مازالوا إلى اليوم يعملون بفكرة العبيد والأسياد لهذا يتساءل أما زال في الإسلام بعض القوم يدينون بهذه العادة وقد شهدوا أن لا اله إلا الله . وبأي حق ومن يجز لهم هذا الأمر.
قد كان الشيخ يعيد كل البعد عما لا يناسب الولي كالغزل، فكلامه جامعا يبرز محبة السلام ويحي به القلوب الضائعة في متاهات العصيان.
تلامذته:
سيدي أبي علي المجاجي :
خلف الوالي سيدي احمد بن علي رجالا واصلو رسالته وبقيت الزاوية منارة تشع بالعلم والمعارف ،ومن ضرب بهم المثل في العلم والبطولة والكرم ،العالم العلامة والأمير الخليفة سيدي أبي علي أبهلول الذي تعلم وتربى تحت رعاية أخيه بعد وفاة والديه ،فورث منه العلم والعمل وله "حاشية علي الشيخ خليل مختصرة بالحاجب في الفقه والتوحيد" .
واصل أبي علي وأب التدريس والتفقيه تبعا لسيرة الولي الصالح ،فاجتمع حوله خلق كثير فاستطاع إنشاء دفعة من العلماء والفقهاء منهم سعيد قدورة والمعروف أن الاستعمار لم يبق ولم يذر من نفائس المؤلفات والمخطوطات إلا انه لم يستطع طمس ما في النفس من القيم والمثل لسيرة هؤلاء الرجال .سيدي سعيد قدورة:
هو أبو عثمان سيدي سعيد بن إبراهيم الملقب بقدورة ،تونسي الأصل جزائري المنزل ،يعد من أهم طلبة سيدي محمد بن علي قرأ عليه العلم حتى غدا إماما وقاضيا ،وفضائل مشهورة بالجزائر العاصمة سنة 1030هـ(16) قال عنه الحفناوي :"الشيخ سيدي سعيد قدورة شارح السلم في المنطق :وهو عمدته " وله قصيدة مطولة لوفاة شيخه ومعلمه وهي مرثية.
سيدي عبد الرحمن المجاجي:
هو من تلامذة الشيخ :ما لم بالحديث فقيه ،أصولي مشارك في العلوم ،وهو من العلماء الذين تخرجوا من الزاوية التي اشتهرت في الداخل والخارج ثم رحل إلى تلمسان فاخذ عن أهلها واخذ عن علمائها ثم رحل إلى المغرب وسكن بمدينة فاس .
له تأليف عديدة كما يشير إليها في كتابه الذي سماه " التبريج في أحكام المغارسة والتصبير والتوليج"[1] وله " حاشية" على جمع النهاية لعبد الله بن سعد بن أبي حمزة الأندلسي المتوفى 695هـ
كراماته :
لقد مات الشيخ الولي الصالح سيدي محمد بن علي أبهلول بسبب أرائه الدينية والتزامه الديني وعند موته تظهر له كرمات أي ما تشبه بالمعجزات .ولا تحدث هذه الكرامات إلا لمن عظم قدره عند الله وكان مجتهدا في طاعته وملازما لعبوديته صانعا للمعروف بعد الفرائض .
.
نذكر شهادة العربي المشرفي في كتابه الياقوتة الوهاجة :"إن سيدي محمد بن علي أبهلول قد كسا علم التصوف طلاوة وبهجة وكانت كرامته أوضح من شمس الصحى ،وهو من أشراف الأندلس جمع بين الشرف والصلاح والعلم ،كان رجلا تقيا من أولياء الله وكان مستجاب الدعاء ممن يشملهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ."إن لله رجالا لو اقسموا عليه لأبرهم " .
جهاده :
لقد كان المجتمع العربي وخاصة الجزائري يعاني من الحروب الصليبية الاسبانية والتي كانت بالسواحل ،ولقد عرف ذلك العصر بعصر الانحطاط والذي ساد فيه الاستبداد والظلم المسلط
يعتبر سيدي محمد بن علي من العلماء الصلحاء الذين كان لهم دورا معروف في الجهاد ضد الأسبان ،كما كان محل احترام وتقدير لدى العثمانيين حيث كان تقيا بكرم المجاهدين يرسل طلبته للدفاع عن السواحل في منطقة تنس من هجمات الغزاة ،ولقد واصل أحفاده من بعده الجهاد إلى جانب الأمير عبد القادر الاستعمار الفرنسي ،وساهمت زاويته بقدر كاف في الجهاد وكانت مركز للمجاهدين .
وفاته وسبب مقتله :
لعل الأولياء والعلماء هم أكثر الناس عرضة للامتحان والبلاء ،وكانوا من قديم الزمان يتحملون أذى المفسدين ويتلقون اعتراضاتهم من أدعياء العلم المفتونين .ورغم المتاعب والاعتراضات إلا أن العلم أمانة عند العلماء وهم مكلفون بأدائها لمستحقيها وليس العلم ملكا لهم يستقلونه فيكتمونه إن رأوا الكتمان أرفق لمصالحهم الشخصية منه من لا يوافق أهواء العامة ولا ابخس ممن اشترى الحياة الدنيا بالآخرة .
ومن اجل العلم وإعلاء كلمة الحق للعلمين قتل الشيخ سيدي محمد بن علي مغدورا في ليلة الثلاثاء 19 جمادى الأول من سنة 1008 هـ الموافق ل 1600 ميلادي عن عمر بالغ 63 سنة
وقد وصل في تفسيره بكتاب الله إلى قوله تعالى :" سبحان الذي اسر ى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ،لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير " ولننظر إلى هذه المناسبة ؟
وسبب وفاته قتيلا ،كونه عالما بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن النكر،كارها لتبعية الكتمان مصدقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :"من سئل علما علمه فكتم جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار "وكما انه اشتهر في زاويته بالدراسة في مختلف النوادي العلمية واتسعت سمعته مما جعل الظالمين الذين عامهم الشيطان بوساوسه ،كانوا من الخوارج بني نائل فاسدي العقيدة المعتنقين لمذهب لا يدين بسنة عموم المسلمين
ويذكر الأستاذ حاج هني عشيط أن المكيدة دبرها له الباي التركي المقيم بمازونة غرب مجاجة بان الحجاج العائدين من مكة أهدوا سكينين مرصعين بالذهب الأول للباي التركي والثاني لنائبه بن شاعا وبعد مرور فترة ترك الباي سكينه بقاعة الجلسات حتى يراه الناس ثم أخفاه بعد ذلك وكان يقصد إلحاق التهمة بنائبه، ثم بعث إلى سيدي محمد بن علي يسأله عن فتوى زواجه بزوجة أبيه التي عقد عليها أبوه ومات ولم يدخل بها فأجابه الشيخ قائلا :هذا الشيء منكر ولا يفعلها إلا من كفر بالله فهي أمك ولما سمع الإجابة أتباعه نقلوه إليه واخبروه بفتوى الشيخ ،فأمرهم بان يرجعوا إليه ويقتلوه فهموا إلى الشيخ سيدي أمحمد بن علي في ليلة مظلمة وجدوه يتلوا القرآن تارة ويتهجد في صلاته تارة أخرى فلما رآهم مقبلين عليه قال لهم :ما جاء بكم قالوا :جئناك زائرين قال :جئتم لتلحقوني برب العالمين ثم دعا وقال :إنا لله وإنا أليه راجعون هذا ما وعد الرحمن وصدقه المرسلون ،فنكبو عليه وذبحوه بسكين إلا انه لم يمت وبقي يئن ودمه يسيح فلما أراد المجرمون الفرار أعمى الله أبصارهم ولم يجدوا منفذا للخروج .فتكلم الشيخ وقال اذهبوا انتم مبغضين لي ولأولادي.
وذكر أنه بقي حيا حتى ا لصباح وهو يقول :يا كريم يا حليم يا الله إلا أنت ثم اسلم الروح لبارئها بعدما نطق بالشهادتين .
ويرجح بعض العلماء أن وفاته لسبب سياسي لان الجيوش كانت تتمركز بزاويته لتذهب لمحاربة الأسبان و ما قول الزواج بالمرأة ما هي إلا تضليلا للحقيقة فقط 24
ودفن رحمه الله بجوار أبيه بمجاجة ، ويقال بان الداي التركي بالجزائر العاصمة اخذ بثأره وقتل الباي المقيم بمازونة والمرتكبين للجريمة
رثائه:
وان كانت الحياة هي الاتصال المفهم بالقوة بين الشعر فان الموت والتي حقت على كل نفس مخلوقة هي بدورها ساهمت في اتصال بينهم فكان الشعراء يجيدون الشعر عند وقوع مصاب بأحد من العلماء أو الحكام وهذا ما يطلق عليه بشعر الرثاء
فكانت لوفاة الشيخ والوالي سيدي محمد بن علي أبهلول وقع كبير في النفوس ومصيبة عظمى ويعتبر رحيله خسارة لمن كان يقضده من الأفاضل والأخيار .
وهذا ما جعل تلميذه سعيد قدوره يؤبنه ويخصه برثائه في قصيدة مطولة مكونة من أربعة وخمسين بيتا ذكر فيها بأن الشيخ توفي شهيدا ومغدورا على الحق،وأشاد فيها بمناقبه ونسبه وصولا إلى علمه ومقصد الناس إليه والى زاويته ،كما بين فضل أولياء الله الذين خصهم بعلمه وقيمته
قال السيد سعيد قدورة :«القصيدة من البحر الطويل »
مصاب جسيم كاد يصمي مقاتلي * ورزء عظيم قاطع للمفاصل
ألمت دواهي أذهلت ذي حجي * وأي امرئ من مذهل غير ذاهل
فلم أرى خطبا كافتقاد أحبة * ثووا في الثرى من بين صم الجنادل
ونحن نيام غافلون عن الذي * يراد بن فويح نومان غافل
فمنها بدنيا قد حلت وهي جيفة * وكل امرئ يلهو بها غير عاقل
فكم أنا لأتخذ زاد رحلتي * كأني من دنياي لست براحل
ومالي لم اعمل بما قد علمت * فيا أسفا من عالم غير عامل
أضيع فيما لا يدوم سروره * حياتي كان العيش ليس بزائل
فما زهرة الدنيا وزخرفه * الذي له هادما للذات أسرع نازل
وأي سرورا للذي ضاع عمره * وأنفقه في كل لهوى وباطل
أنوح على نفسي وفقدي أحبتي * فقد هاج قلبي ذكر فقه الأفاضل
ولما أهل العلم بانوا وأقفرت * ديارهم بعد اعتمار المنازل
كان قد ناي عنا قتيلا فأصبحت * عليه عيوني دمعها مثل وابل
لقد فقات عين المكاريم فنزعج * لإطفاء نور وقت فقد القنادل
تبدد شمل الدين وأنهد ركنه * لبدر فقدنا في الخلائق كامل
فقدنا إماما ما له في خصاله * نضير ولا في عصره من معادل
على علم الأعلام غرة عصره * حزن وما حزني عليه بزائل
يحق أوفد العلم أن يشهر و الأسى * لنجم الهوى من أنجم الأرض أفل
أرى الغرب يقضي أمره بعد أسى * أمر أوباش ونهب أرذال
وتخفق في ناديه راية فتنة * تلم بمفضول وتزري بفاضل
فاعني به شيخ الشيوخ امحمد * أبهلول الباهي اجل البهالل
توفي شهيدا في تحنثه الذي * نال به في الخلد أفضل نائل
إمام إذ ما جئت تجدنه * لدى الدرس بحر العلم من غير سائل
فما جئته في الدرس لوجدته * من العلماء العاملين الأوائل
له طيب أخلاقا وحسن سياسية * هو المداري كل قاس وجاهل
فمن الأسرى و الأرامل في الضمأ * ومن للبرايا يوم وصوله صائل
ومن حزن العلم نثرا ومنظما نحوا * ومنطقا وفقها وتوحيدا وفتوى لسائل
لمنزله كانت تشد رحالنا * فمن راكب يسعى إليه وراجل
ومن قاصد يبتغي انكشاف ملمة * ومن وافدا يرجو التماس نوافل
فما خاف في الرحمن لومة لائم * ولم يخش في الحق قتلة قاتل
أمستجلب الخسران والطرد والردى * واقوي البلايا عاجلا غير آفل
ومن قد تعدى طوره سفها ومن * له زين الشيطان قبح الفعائل
أحقا قتلت الألمعي عمدا * على قول حق لا على قول باطل
أحقا دم الشيخ المصون سفكته * إلى إن سقيت الأرض منه بهاطل
أحقا عدو الله أنت تركت * على الأرض ملقيا منه بهاطل
أحقا رفعت السيف حتى ضربته * بقاعة ضرب العدو المخاتل
أحقا صدور المؤمنين جرحتها * وفي فرح خلقت أهل ألاباطل
جنيت على الإسلام أي جناية * وما الله عما قد فعلت بغافل
قتلت امرءا من شانه العلم والتقى * فيا خير مقتول ويا شر قاتل
ستقتل كالحجاج سبعين قتلت * لأنك لم تترك له من ماثل
عدوت على الضرغام يا كلب خديعة * ولم يكن قط كفؤ النائل
عذابك في الدنيا لقتل وروعه * هيهات تنجو لا نجاة لقاتل
وراءك كم من ثائر عند دم الذي * على ثأره جمع القبائل
أبقاك للإسلام كهنا أبو علي * مصونا من الأعداء وجميع العواذل
وقد صار روح الشيخ في جنة العلى * واسكنه في الخلد أعلى المنازل
عليه من الرحمن أوسع رحمة * وازك سلاك في الضحى و الأصائل
النشاطات العلمية في زاوية امحمد بن علي ابهلول :
الزهد : كان سيدي أمحمد بن علي من المشهورين بعلم الحكمة والتصوف ،لان عمره عرف بانتشار طرق الصوفية المبتدعة بالخرافات والشيع .
وأيده في حملته عليهم أمثال " سحنون بن عثمان ،يحي الشاوي وغيرهم ممن ابطلو عمل الطرفين "
الرباط : لم تكن الزاوية تقتصر على حفظ القران فقط بل كانت تدعو إلى الجهاد وإحياء الرباطات على الشواطئ ويحذرهم من أمراء بن زيان الذين كانوا متسابقين للاتصال بالاسبان.
فنون العلم المختلفة :
إن معرفة القران ومعالمه ومعالمه يتطلب معرفة اللغة نحوا منها وبلاغة ،فلهذا ركز اعتماده سيدي أمحمد بن علي وأحفاده من بعده تفسير القران والحديث الشريف وكانوا متحررين في المسائل الفقهية وقضايا الحياة المعاشة عامة. فقد كانت الزاوية تستقطب طلابا من المدن الكبرى كالعاصمة وقد عاقب شيوخ وعلماء العهد بمواصلة نهج الولي سيدي أمحمد بن علي.
*********************************************
مراجع ومصادر حول هذا البحث :
1- تاريخ الجزائر الثقافي لأبي القاسم سعد الله، الجزء الأول والثاني
2- تعريف برجال السلف أبو القاسم الحفناوي
3- الجلالي ابن عبد الحاكم ، المرآة الجلية
4- الياقوت الوهاجة (مخطوط ) للعربي المشرفي
5- محاضرة مخطوطة للشيخ ( حول تاريخ منطقة مجاجة ) محمد بلعالية دومة
6- مذكرة شهادة ليسانس في اللغة العربية و أدابها تحت عنوان الزوايا العلمية في الجزائر زاوية مجاجة نموذجا)
جمع وتقديم: جمال قاسم***** الابيض مجاجة*****
[1] قلت؛الكوثري: هذه المخطوط وقفت على إحدى نسخها كتبت بخط مغربي"مجوهر" ومادتها تدل على علو كعب الشيخ وثقوب نظره في انتزاع الفقه من النصوص والأخبار.اه
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
زدنا -يرحمك الله- من تاريخ هذه القلعة المشرقة المشرِّفة مجاجة؛قلعة المعرفة والجهاد
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
بارك الله فيك
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :