عنوان الموضوع : التجارب الاشتراكية في الجزائر وآثار ها...........الجزء الثاني للجزائر
مقدم من طرف منتديات العندليب


التجارب الاشتراكية في الجزائر وآثار ها...........الجزء الثاني


..................................................
..................................................
معركة التعريب
اعتبرت فرنسا الجزائر مقاطعة فرنسية وراء البحر اعتباراً من عام 1884 طبقاً لقرار الجمعية الوطنية الفرنسية –البرلمان – وعليه فإنّ سكان الجزائر اعتبروا فرنسيين منذ ذلك التاريخ، ولكن الصحيح أن فرنسا اعتبرت الجزائر فرنسية منذ عام 1830 تاريخ وصول قواتها إلى الشواطئ الجزائرية واحتلالها الجزائر.
وقد قامت السلطة الفرنسية بعملية إحصاء واسعة لسكان الجزائر وسجلت أسماءهم وأوجدت للجزائريين أسماء جديدة، وهو ما أعتبر ذروة العمل على مسخ الشخصية الجزائرية، ذلك أن بعض الأسماء المحذوفة كانت عربية والجديدة غريبة النكهة والكثير منها مشتق من أسماء الحيوانات، وهذا ما يفسّر غرابة بعض الأسماء في الجزائر، وكانت فرنسا تختار ما هبّ ودبّ من الألقاب والتي كانت مستهجنة من قبيل التيس والعتروس وغيرها من أسماء الأنعام. وقامت فرنسا بمنح الجزائريين بطاقات هوية تصفهم كفرنسيين مسلمين وذلك تمييزاً لهم عن باقي الأوروبيين الذين حصلوا على الجنسية الفرنسية، كما منحت السلطات الفرنسية جنسيتها لليهود الجزائريين الذين كانوا يتعاونون مع السلطات الاستعمارية وكوفئوا بنقلهم إلى فرنسا غداة الاستقلال الجزائري.
وبالتوازي مع فرْنسة الهوية قامت السلطات الفرنسية بإلغاء التعليم الأصلي العربي وفرضت اللغة الفرنسية في المعاهد التعليمية والإدارة إتماماً لدمج الشعب الجزائري في المنظومة الفرنسية.
ولولا المجهودات التي بذلها الاصلاحيون في الجزائر وبعدهم جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في استرجاع الهوية وتكريس عروبة الجزائر لاستكملت فرنسا كل خطوات المسخ.
وقد أدركت القيادة الفتية التي تولت زمام الأمور في الجزائر بعد الاستقلال فظاعة تغييب اللغة العربية فتقدم مجموعة من أعضاء المجلس التأسيسي –البرلمان – بمشروع لفرض التعريب وجاء في مذكرتهم ما يلي:
منذ تأسيس الحكومة الفتية واجتماع المجلس الوطني التأسيسي وقع الكلام كثيراً عن التعريب، ومع أنّه قد مرّ على ذلك نحو ستة أشهر، فإننا لم نشاهد أي أثر للتعريب سوى شيء ضئيل(4).
إنّ الأغلبية الساحقة من الشعب الجزائري تريد التعريب، لأنّ اللغة العربية هي اللغة القومية ومع ذلك ما تزال تعيش على الهامش كلغة أجنبية في وطنها والشواهد على ذلك كثيرة لا تحصى. فالإدارات الحكومية لا تعترف ولا تقبل ما يقدم لها باللغة العربية من طلبات وشكاوى ووثائق، وتجبر المواطنين على تقديمها باللغة الفرنسية، ومن الأمثلة على ذلك أن بعض عوائل الشهداء قدموا من شمال قسنطينة للسكن في الجزائر العاصمة، وقدموا شهادات مكتوبة باللغة العربية إلى بعض الدوائر الرسمية تثبت أنهم من عوائل الشهداء بحق ليتمكنوا من حقهم، فما كان من هذه الإدارة إلاّ أن رفضت معاملتهم ولم تعترف بها, لا لسبب إلاّ أنّها مكتوبة باللغة العربية وعليهم أن يقدموها باللغة الفرنسية. وقد كان من واجب البلدية وغيرها من الإدارات الرسمية، أن توظف من يحسن اللغة العربية لمثل هذه المهمة ليسهل على الشعب قضاء مأربه وتقديم شكاويه بلغته الوطنية والطبيعية، ولا تكلفه ما لا يطيق. وحتى لا يشعر الشعب الذي ضحّى من أجل عزته القوية بالنفس والنفيس أنّ لغته ما تزال كشأنها من قبل غريبة وحتى لا يشعر هذا الشعب – من بقاء سيطرة اللغة الفرنسية – أنّ الهيمنة ما تزال ممثلة في سيطرة لغة المستعمر وأن الاعتذار بالصعوبات التي تحول دون تعريب الإدارات أو إدخال اللغة العربية إليها غير مقبول.
أولاً، لأنّ المسألة قومية ولا يمكن التساهل فيها.
ثانياً، لأننا في عهد الثورة – رغم الظروف الحربية القاسية ورغم فقدان الوسائل من آلات كاتبة ومن كتّاب يحسنون اللغة العربية – كنّا نشاهد أن قادة الثورة يقبلون كل التقارير الواردة إليهم باللغة العربية والفرنسية، وتغلبوا على كل الصعوبات التي اعترضتهم بفضل العزيمة الصادقة والإرادة الثورية الجبارة، فكيف نعجز في السلم تحقيق ما حققناه وقت الحرب، ومن أجل هذا ونظراً لكون الجزائر اليوم دولة مستقلة ذات سيادة، ونظراً لكون الشعب الجزائري شعباً عربياً والوطن الجزائري وطناً عربياً، حاول الاستعمار طيلة فترة وجوده بأرضنا مسخ الشعب وفرْنسة الوطن تنفيذاً لقوانين الحكومة الفرنسية الزاعمة بأن الجزائر ولاية فرنسية، فلم تستطع فرنسا فعل ذلك.
وتنفيذاً لإرادة الشعب الصارمة التي صارعت الإدارة الاستعمارية بالمقاومة السلبية والايجابية وتماشياً مع تصريحات رئيس الحكومة أحمد بن بلة الذي قال: نحن عرب، نحن عرب، نحن عرب ثلاث مرات، ونظراً للتصريحات الصادرة عن مختلف الشخصيات الرسمية المسؤولة في الحزب والحكومة واستجابة للرغبات الصادرة عن الشعب كل يوم وبمختلف طبقاته نقترح:
أولاً، المبادرة بالإعلان الرسمي من المجلس الوطني بأنّ اللغة العربية هي اللغة القومية الرسمية ذات الدرجة الأولى في الجزائر المستقلة، ويجب أن تحتل مكانها الصحيح وتتمتع بجميع حقوقها وامتيازاتها.
ثانياً، يجب أن يعم تعليمها بأسرع ما يمكن جميع دواليب الدولة الجزائرية التنفيذية والتشريعية والإدارية
ثالثاً، يجب المبادرة بتعريب كوادر وزارة التربية الوطنية ووضع برنامج سريع لتعريب التعليم وتعميمه، لأنّ التعليم عليه المعوّل في تكوين كوادر المستقبل وعلى وزير التربية أن يقوم بما يلي:
- تأسيس معهد وطني للتعريب في الحال ويقوم هذا المعهد بما يلي:
- وضع مجموع قواعد عملية تستخدمها الإدارات.
- وضع كتب مدرسية أساسية لتعليم اللغة العربية في مختلف المراحل التربوية من التعليم الابتدائي وإلى الجامعة.
- الحرص على تزكية التعليم التربوي للغة العربية، ونتيجة لذلك يجب أن تصدر الجريدة الرسمية باللغة العربية، ويجب تحسين حالة الترجمة وتعميمها، ويجب تعريب البريد وكل الوزارات.
وفوق هذا وذاك يجب تعريب الشوارع والأزقّة، إذ ما زالت الشوارع تحمل أسماء : بيجو، سانت أرنو، كلوزيل وأورليان وكافينياك ودارمون وغيرها.
توقيع السادة النواب التالية أسماؤهم: عمار قليل، مسعود خليلي، عبد الرحمان زياري، محمد الشريف بوقادوم، عمار رمضان، يوسف بن خروف، بلقاسم بناني، بشير براعي، محمد الصغير قارة، بوعلام بن حمودة، زهرة بيطاط، محمد بونعامة، علي علية، سعيد حشاش، محمد بلاشية، اسماعيل مخناشة، عمار أوعمران، محمد خير الدين، محمد عزيل، عبد الرحمان بن سالم، رابح بلوصيف، عبد الرحمان فارس، أحمد زمرلين، صالح مبروكين، مصطفى قرطاس، الصادق باتل، دراجي رقاعي، محمد عمادة، أحسن محيوز، سليمان بركات، مختار بوبيزم، ونوّاب آخرون.

وبصراحة فإن مطالبة هؤلاء النواب بالتعريب انتهت بالفشل الذريع لأنّ الحكومة الفتية كانت تتذرع بالصعوبات التي تلاقيها في هذا المجال، وإبطاء القيمّين على صناعة القرار في عهد أحمد بن بلة في إقرار قانون التعريب ولدّ بداية التصدع في الجزائر بين التيار الفرانكفوني والتيار العروبي.
وقد أدرك هواري بومدين أهمية التعريب فقرر جعله على رأس الثورة الثقافية التي راح يبشر بها بالتوازي مع الثورة الزراعية والصناعية، وقد سمحت له خلفيته العروبية وعداؤه لفرنسا التي كان يقول عنها: بيننا وبين فرنسا جبال من الجماجم وأنهار من الدماء، تفهم أهمية التعريب وضرورته خاصةً وقد كان من المتحمسين لعروبة الجزائر.
وشرع قطاع التربية في عهده بمحو الأمية باللغة العربية في مختلف مؤسسات الدولة وقطاعاتها، كما تقررّ تعريب العلوم الإنسانية في الجامعة الجزائرية.
لكن عندما بدأ التعريب يأخذ مجراه شيئا فشيئاً، كانت الجامعة الجزائرية قد خرجت أفواجاً من الطلبة الذين درسوا باللغة الفرنسية فقط والذين أصبحوا أساتذة في الجامعات أو تولوا مهمات أخرى في دوائر الدولة، وعمل الكثير من هؤلاء على عرقلة التعريب، وكثيراً ما كانت الجامعات الجزائرية تشهد صراعات حادة بين دعاة التعريب ودعاة الفرنسة.
وما زالت قضية التعريب في الجزائر من أهم المسائل الشائكة التي لم يحسم أمرها، وكانت نتيجة غضّ النظر عن التعريب لأسباب يطول شرحها، أن انقسم المجتمع الجزائري إلى معسكرين: معسكر الأغلبية الذي يقف مع التعريب وصيانة الهوية، ومعسكر الأقلية الفرانكفوني.

علاقات الجزائر الدولية
إجمالاً كانت علاقة الجزائر بكل الدول وخاصة دول المحور الاشتراكي حسنة للغاية، عدا العلاقة بفرنسا والجار المغربي الذي كان مستاءً من تبنيّ هواري بومدين لجبهة البوليساريو.
فإقدام هواري بومدين على تأميم قطاع المحروقات، أدىّ إلى توتر العلاقات الجزائرية –الفرنسية، حيث قاطعت فرنسا شراء النفط الجزائري وكانت تسميه :البترول الأحمر.
والمغرب كان يرى أن الجزائر وبحكم طبيعتها الأيديولوجية الثورية وتحالفها مع عبد الناصر، قد تشكل خطراً على المغرب وقد تمد يدها للمعارضة الوطنية المغربية، وبالتالي قد تهدد العرش العلوي في الرباط، كما أن الثوار الجزائريين كانوا يعتبرون المغرب محسوباً على المحور الغربي، وكان بن بلة يتهم دوائر في الرباط بأنها كانت وراء الوشاية به عندما غادر المغرب متوجهاً إلى تونس عبر طائرة مغربية مدنية، وأجبرت الطائرات الحربية الفرنسية الطائرة التي كانت تقله بالهبوط في مطار الجزائر العاصمة وفي عهد بن بلة وهواري بومدين كانت الجزائر في وادٍ والمغرب في وادٍ آخر، كما كان يقول العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني.
وأهم ما ميزّ العلاقات الجزائرية –المغربية في عهد هواري بومدين هو ظهور جبهة البوليساريو كمنظمة ثورية تريد تحرير الصحراء الغربية من أطماع الحسن الثاني، ومعروف أن الجزائر ساهمت في إنشاء جبهة البوليساريو وأمدتها بالسلاح والمال، وظلت العلاقات الجزائرية –المغربية متوترة إلى أن قام الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد بإعادة العلاقة مع المغرب بعد وساطة قام بها العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز في سنة 1986.

بداية الانهيار
أصيب هواري بومدين صاحب شعار "بناء دولة لا تزول بزوال الرجال" بمرض استعصى علاجه وقلّ شبيهه، وفي بداية الأمر ظن الأطباء أنّه مصاب بسرطان المثانة، غير أن التحاليل الطبية فندّت هذا الادعّاء وذهب طبيب سويدي إلى القول إن هواري بومدين أصيب بمرض "والدن ستروم" وكان هذا الطبيب هو نفسه مكتشف المرض، وجاء إلى الجزائر خصيصاً لمعالجة بومدين، وتأكدّ أنّ بومدين ليس مصاباً بهذا الداء الذي من أعراضه تجلط الدم في المخ.
استمرّ بومدين يهزل ويهزل وتوجه إلى الاتحاد السوفياتي سابقاً لتلقّي العلاج، فعجز الأطباء عن مداواته فعاد إلى الجزائر.وقد ذكر مهندس التصنيع في الجزائر في عهد هواري بومدين بلعيد عبد السلام أن هواري بومدين تلقى رسالة من ملك المغرب الحسن الثاني جاء فيها: إذا لم نلتق مطلع العام فإننا لن نلتقي أبداً، وقد سئل مدير الاستخبارات العسكرية قاصدي مرباح عن هذه الرسالة فأجاب: أنّه يجهل وصولها أساساً باعتباره - كما قال – كنت أنا الذي يضمن الاتصالات مع المغرب باستثناء مرة واحدة ذهب فيها الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي إلى المغرب، في إطار قضية الصحراء الغربية وقد يكون هو الذي جاء بهذه الرسالة.
وقد انتشرت في الجزائر شائعات كثيرة حول موت هواري بومدين وسط غياب الرواية الحقيقية وصمت الذين عاصروا هواري بومدين، وكانوا من أقرب الناس إليه، علماً أن هواري بومدين لم يعرف له صديق حميم ومقرب عدا صديقه شابو الذي توفي في وقت سابق وبقي بومدين من دون صديق.
ومن الشائعات التي راجت في الجزائر أن هواري بومدين شرب لبناً مسموماً، حيث كان يدمن شرب اللبن وهذا السم استقدم من تل أبيب. وقيل أيضاً أنّ العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني كان على علم باختفائه قريباً عن المشهد الدنيوي، وقيل أن المخابرات الأمريكية كانت مستاءة منه جملة وتفصيلاً وقد ساهمت في اغتياله، وقيل أيضاً أنه أصيب برصاصة في رأسه في محاولة اغتيال في ثكنة عسكرية.
وكانت مجلة العالم السياسي الجزائرية والتي توقفت عن الصدور، قد نشرت ملفاً كاملاً بعنوان: "الرواية الكاملة لاغتيال هواري بومدين"، وقد أفادت هذه الرواية أنه تمّت تصفيته من قبل الموساد عن طريق التسميم، لكن الرواية لم تكشف هوية من أوصل السمّ إلى مائدة هواري بومدين في مقر سكنه الرئاسي !
ومهما كثرت الروايات حول وفاة هواري بومدين، فإنّ الجزائر خسرت الكثير الكثير بغياب هذا الرجل المفاجئ الذي كان يحلم أن يجعل الجزائر يابان العالم العربي.
وقد مات هواري بومدين في صباح الأربعاء 27 كانون الأول/ ديسمبر 1978 عند الساعة الثالثة والثلاثون دقيقة فجراً.
وبموت هواري بومدين كانت الجزائر تتهيأ لدخول مرحلة جديدة تختلف جملة وتفصيلاً عن الحقبة البومدينية، وسوف يفتقد الجزائريون في عهد الشاذلي بن جديد إلى الكرامة والعزة التي تمتعوا بها في عهد هواري بومدين.
مات الرجل الفلاح ابن الفلاح ولم يترك أي ثروة، فحسابه في البنك كان شاغراً، كما أنّ أقرباءه ظلوا على حالهم يقطنون في بيوتهم نفسها في مدينة قالمة.
مات هواري بومدين وماتت معه أحلام الجزائر، وبموته بدأت السفينة الجزائرية تنعطف في غير المسار الذي رسمه للجزائر هواري بومدين.
لقد كان هواري بومدين يقول: الذي يرغب في الثورة عليه أن يترك الثروة، وفي عهد الشاذلي بن جديد العقيد الخجول القادم من مدينة وهران انتصر أهل الثروة على أهل الثورة فتاهت الجزائر!





ندوة "دولة الرفاهية الاجتماعية"
28 -30 تشرين الثاني/نوفمبر 2016
الإسكندرية – جمهورية مصر العربية التوزيع: محدود
الرقم: مركز/ندوة 41/17
الأصل: بالعربية
التاريخ: 25/11/2016

التجارب الاشتراكية في الجزائر وآثار تحولها الى سياسات السوق وأثر العولمة وإعادة الهيكلة
الأستاذ يحيى أبوزكريا
رئيس النادي الثقافي العربي - السويد
________________________
* إن الآراء الواردة في هذه الدراسة تمثل وجهة نظر المؤلف، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر مركز دراسات الوحدة العربية.او منتديات العندليب



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

مشكور على هذه المعلومات

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

بارك الله فيك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :



__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :