عنوان الموضوع : افريقيا واشكالية التمدين ؟؟ تاريخ جزائري
مقدم من طرف منتديات العندليب
الاستعمار وإشكالية التمدين في القارة :
تتجاهل أوروبا اليوم إفريقيا وشعوبها ولا ترى تاريخها يبدأ إلا بلحظة معرفة أوروبا واتصالها بالقارة السوداء.ما يعني نفي الآخر وفق إستراتجية أوروبية قائمة على ان الغرب باعتباره مشروعا وافقا حضاريا وجد ليسعف الأمم التي دونه تحضرا على الارتقاء إلى درجة المدنية في تجاليتها العامة السياسية والاقتصادية " . فالحركة الاستعمارية بتعبير أدق نشاط وعمل اجتماعي بل خلق وترميم للدول وتأسيس للامبرطوريات . حسب المنظور الكولونيالي .
أن جميع الدول الاستعمارية رفعت شعار الأبوية السياسية Political Paternalism ؛ أي أنها جاءت إلى أفريقيا من أجل مهمة عالمية حضارية، وهي نشر المدنية بين الأفارقة ، ويبدو أن البعثات التبشيرية أسهمت بشكل بارز في تعضيد هذا الاعتقاد ، لقد نشرت إحدى البعثات التبشيرية بياناً حماسياً لأعضائها في إحدى جرائد ساحل الذهب جاء فيه: «إلى الأمام يا جنود المسيح حيث بلاد الكفر والوثنية ، كُتُب الصلوات في جيوبكم ما هي إلا بنادق في أيديكم ، خذوا البشرى السعيدة حيث أماكن التجارة ، انشروا الإنجيل مع البندقية!».
كما نقرا هذا في الرسالة التي وجهها الامبرطور نابليون إلى مكماهون الحاكم العام في الجزائر بتاريخ 20/06/1865 يؤكد فيها قوله :" بممارستنا عدالة محقة تجاههم وبرفعنا مستوى حياتهم وعيشهم ، عبر تنمية تربيتهم وشعورهم الأخلاقي ... سنبين لهم أن علم فرنسا لم يدخل إفريقيا من أجل استعبادهم ". ويضيف :" وأية سياسة لفرنسا أكثر لباقة من ان تنح ... للأجناس المتعددة بالمشرق والمتضامنة فيما بينهم رغم التباعد ضمانات لا رجعة فيها من حيث التسامح ، والعدالة ، مراعاة الطبائع ، العبادات .."
ويؤكد في هذا الصدد Clemenceau 25/11/1915 و G-leygues باعتبارها رئيسيين للجنتي الشؤون الخارجية لمجلس الشيوخ والنواب وذلك بالقول : " إن سياسة ليبرالية واثقة ، هي وحدها الكفيلة بصهر الرؤى العامة للسياسة الفرنسية وأهدافها ، ولأنها أيضا القادرة على الاستجابة للأحاسيس الجماعية لوطننا التواق إلى رخاء مختلف القوى الحية لممتلكاتنا الكبرى بإفريقيا ، وذلك بإشراك المصالح وتقريب القلوب ".
وما يمكن استنتجه ان الهدف من هذه التصريحات البحث عن المشروعية الدولية لتبرير الظاهرة الاستعمارية " وإلا بما يفسر التناقض بين الدعوة إلى التمدن وممارسة نقيضها في التجارب الاستعمارية الغربية ؟؟؟ .
بل بما أصبح التمدين وسيلة من وسائل استمرار الاستعمار والمحافظة على مصالحه "وإلا بما يفسر الانتقال الاضطراري الحاصل باستراتيجيا الاستعمار من الاستيطان والإدماج إلى الشراكة ثم الحماية وفيما بعد الوصاية والانتداب وصولا إلى صيغة الاتحاد أو الرابطة الفرنسية كما تمت الدعوة لها "
لقد كان التمدين حسب خطاب الاحتلال فضاءا ضروريا لتنفس الاقتصاديات الرأسمالية في الكتابات الاستعمارية في سوق الاستهلاك ومصدرا للمواد الأولية ومجال لإحلال قيم على حساب أخرى .
كانت إفريقيا قبل قدوم الاستعمار مليئة بحكومات مستقلة لها ثقافتها وحضارتها ، فانتزعت منها أفرادها واستخدمتهم كعبيد وأرقاء ، فمنذ 1444 وصلت إلى ميناء لشبونة أول حمولة من الأسرى الإفريقيين ، لبيعها في سوق النخاسة فكانت افريقيا مصدرا للعبيد فكان اكتشاف أمريكا نكبة على الأفارقة نتيجة عمليات السبي التي مست الرجل الأسود ، فتصل التقديرات إلى مائة مليون أفريقي مات عدد كبير منهم في أثناء النقل أو بسبب المرض والمقاومة والتمرد. إضافة إلى أعداد الأفارقة الذين راحوا ضحية حروب القراصنة . ومع بداية القرن 19 أجازت الدول الأوروبية لنفسها استعباد القارة ومعاملة سكانها معاملة البهائم ففي الكونغو ارتكبت بلجيكا سنة 1884 مذابح راح ضحيتها الملايين من أهليها. إلى جانب عمليات السلب للأراضي ففي ساحل العاج والكونغو بلغت الأراضي المغتصبة 45% و 75 % من مساحة البلدين إلى جانب استغلال اليد العاملة الرخيصة ففي جنوب افريقيا كان يساق إلى مناجم الذهب 400000 عامل من سكان الريف إلى مناجم الذهب في الترنسفال كما تساق البهائم . " فضلا عن قلة الأجور التي يؤديها لهم أصحاب الشركات فإن هؤلاء العمال لا يتمتعون بالضمان الاجتماعي في أحوال المرض والعجز والتسريح "
إلى جانب حروب الإبادة التي شنتها بريطانيا منذ سنة 1952 على قبيلة الماو ماو في كينيا فقتلت عشرات الآلاف وألقت في السجون ما يقارب 60 ألف تم ادعت أن وحوشا مفترسة ظهرت في المنطقة وتخطفت الآلاف إلى مصارعهم . إلى جانب ظاهرة التمييز العنصري والذي كان شائعا في كل القارة ففي روديسيا الشمالية حيث كان الاستعمار البريطاني وهي اكبر بلد منتج للنحاس كان لا يتعدى أجر العامل الإفريقي 49 شلنا في الشهر بينما راتب العامل الابيض 809 و1400 شلنا .
وقد حاول البريطاني " رفري ميور في كتابه " سر توسع أوروبا الدولي " تبرير أمته من المظالم فوجد نفسه أمام حقائق لا سبيل لسترها فقال :" نعم انه تاريخ التوسع الدولي البريطاني أمثلة معدودة على الظلم كالأشغال الشاقة التي كانت تفرض على الأهالي كاناكا الواقعة على المحيط الهندي ، ولكن الانجليز لم تبدر منهم مظالم كالتي وقعت في الكونغو ، ولم يرتكبوا فظائع مثلما ارتكب غيرهم في البوتومايو ، ولم يقوموا بمثل المجازر التي اقترفها الالمان في الهريروس بإفريقيا الجنوبية الغربية .هذا فضلا عن إن الانجليز ترفعوا عم مساوئ تجارة الرقيق التي اشتهرت في بكونيا " . 1
ويقول نيكروما في كتابه نحو تحرير المستعمرات :" إن نفس وجود بريطانيا بإفريقيا ، الذي طبع فرضا الإيثار والإحسان وإنكار الذات هو الذي حصد في سنة 1939 بنيران المدافع النساء النيجريات الفقيرات العزلاوات عندما خرجن يطلقن الاحتجاج السلمي على الضرائب الفادحة .." ويواصل نيكروما قوله : " إن وجود بريطانيا هو الذي اكره العمال الافرقيين الفقراء على أن يشتغلوا بالمناجم والمزارع يوما ويتعطلون يوما ، على أن يتقاضى الواحد منهم تسعة بنسات في اليوم الذي تزيد ساعاته على العشر ساعات . ووجود بريطانيا هو الذي اضطهد وسجن ونفى زعماء العمال... ووجود بريطانيا هو الذي جلب على شعوب المستعمرات الحرب والظلم والاستبداد، والفقر والمرض والأمية الفاشية الدائمة ووجود بريطانيا هو الذي استنزف دماء أبناء المستعمرات حتى الموت بالاستغلال الوحشي كي يطعم الأسد البريطاني باللحم الأحمر " 02
ولم يكن الاستعمار الفرنسي خير من البريطاني فيقول الورتلاني :" إن الحكومة الفرنسية أباحت مدينة فاس ومراكش لمدة ثلاثة أيام لجنود السنيغال والفرنسيين ، وشملت الإباحة النفوس والأموال والأعراض ، فعاثوا في المدينة فسادا . وحكمت السلطة على بعض الشباب بالإعدام بتهمة اشتراكهم في الثورة . وحددت يوم عيد المسلمين موعدا لتنفيذ حكم الإعدام ".
أما البرتغال فلقد ارتكبت الفظائع في القارة حيث قتلت في انغولا في يوم واحد الآلاف ، فهي لاتتورع عن قتل أيادي الانغوليين وأرجلهم ، وعي تنهال عليهم بدبابيس ملئت بالمسامير . وقد تتعرض عائلات الضحايا للقتل إن هي قامت بمحاولة دفن القتلى.
ويكفي هنا الإشارة إلى انه في سنة 1905 قام اثنان من رجال الإدارة الفرنسية بنسف عامل إفريقي بالديناميت في مدينة برازافيل لمجرد اللهو والتسلية.
كما عمل الاستعمار على تهديم الشعوب من خلال إفسادهم اجتماعيا ونزع منهم رغبة التحرر و الإنعتاق ، وترويج الأخلاق الفاسدة كالمخدرات وإقامة أنظمة إدارية واقتصادية واجتماعية فاسدة تكرس التفرقة والتواكل والخيانة والاستسلام ، معتمدا في ذلك على المدارس التي يقيمها تحت ستار نشر العلم والتربية .
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
شكراااااااااااااا جزيلا موضوع رائع
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
مواضيك وطروحاتك رائعة جدااااااااااااااااااااا
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
مشكوووووور أخي
إذا ممكن إحالة أو مرجع بارك الله فيك في أسرع وقت من فضلك
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :