عنوان الموضوع : أو من يتذكر العلامة الشيخ عبد القادر بن إبراهيم
مقدم من طرف منتديات العندليب

العلامة الشيخ عبد القادر بن إبراهيم النائلي1888 ـ 1956
بقلم: حفناوي بن عامر غول








شهدت الفترة الممتدة ما بين 1900 إلى غاية 1956 الكثير من الأحداث، ميزها ميلاد وانبعاث الحركتين الوطنية والإصلاحية بالجزائر. رغم الظروف الصعبة التي كان يعيشها الشعب تحت سلطة (المستدمر) ومرور سبعون عاما على دخول الجيوش الفرنسية الغازية إإلى الجزائر.
وكان المسعدي كغيره من العلماء والمفكرين ورجال الإصلاح على علاقة مباشرة بتلك الأحداث ولم ينقطع عنها باعتباره احد ابرز المساهمين والمؤثرين فيها. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، إن عصر المسعدي كان له الأثر البالغ في تكوين شخصية باعتباره شاهدا على العصر. وهناك أحداث مباشرة مست حياته الخاصة كوقوفه ضد المستعمر والمكائد والدسائس التي كان يقوم بها أعوان فرنسا للإيقاع به والتزامه بالتعليم الحر وتأثره البالغ بقانون 8 مارس المشؤوم. والشيء المهم التحاقه بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين والتي أصبح عضوا عاملا في صفوفها وربط علاقات متينة مع شيوخها خاصة الشيخان عبد الحميد ابن باديس والبشير الإبراهيمي الذي كان يتبادل معه الزيارة والرسائل.
أما مسقط رأسه مدينة مسعد عاصمة اولاد نائل التي اختارها يوما الرومان لإقامة مركز عسكري متقدم في سنة 291 بقيادة القائد كستليوم ديميدي. فلم تكن في تلك الوقت بعيدة عما يقع من أحداث الشيء الذي جعلها موضع رقابة دائمة من طرف الحكام العسكريين كمنطقة عسكرية تابعة للقيادة الحربية بغرداية باعتبارها شهدت أحداث، خاصة منذ زيارة الأمير عبد القادر إلى اولاد نائل ووصول الجنرال يوسف إلى مشارف مسعد في31 مارس 1845 حيث قام السكان بمعركة عين الكحلة بجبل بوكحيل ضد قوات الجنرال يوسف. ثم ظهور مقاوم شرس وهو الإمام الثائر عبد الرحمن بن الطاهر المسعدي المعروف بالشيخ المرابط والذي دعي إلى مقاومة المستعمر كما انه عقد في تلك الفترة ملتقى حضرته شخصيات دينية وسياسية في1923 بمنطقة (بريش) بصحراء مسعد من اجل توحيد الصفوف وإعلان المقاومة في المغرب العربي حضره عدد من مشائخ ذالك العصر من كل الأقطار وممثلين عن تونس وليبيا والمغرب وقد سجل الشيخ بيوض الذي حضر اللقاء والذي دام ثلاث أيام، ذلك في كتاب عنونه (ثلاث ليالي في الصحراء). وقد قبضت فرنسا على عبد الرحمن بن الطاهر الذي عاد من ليبيا بعد دعمه للمقاومة هناك، أثناء إحدى المعارك رفقة 250 فارسا وأودعته سجن سركاجي حيث تمّ إعدامه في 14 جويلية 1931 المصادف لعيد فرنسا ودفن بمسعد. بالإضافة الى المقاومة التي قام بها اولاد سيدي سعد خاصة معركة عين الناقة بسبب قتل الأهالي لضابط فرنسي بمنطقة المجبارة يدعى النقيب "ويصال" في 12أكتوبر 1854.
كما ان وضع مسعد الاقتصادي والاجتماعي احسن حالا مما كانت عليه الجزائر سياسيا. اذ شهدت المجاعة التي ضربتها سنة 1945 وعرفت بعام (التشيشة).بالاضافة الى سياسة المستعمر في تفقير الشعب وتجهيله. وبالرغم من انه (..حدثت بعثرة في التراث وتحطيم المدارس وتحويل المساجد الى كنائس فارتبكت العلوم ونصب معينها وهاجر العلماء وتشتت وحدة القبائل التي كانت تربط بينها الثقافة العربية الإسلامية وانحط المستوى العلمي من الناحية العربية انحطاطا كبيرا وأخذت الكتاتيب القرآنية تتوارى تدريجيا حتى أوشكت على الزوال وحاولت السلطات الفرنسية ان تعوض هذه الكتاتيب بالمدارس الابتدائية ولكن تلك المدارس لتفي بحاجة الراغبين في التعلم).. الا أننا نستطيع أن نقول انه على عكس الظروف الاجتماعية الصعبة والحالة السياسية والاقتصادية التي كانت تعيشها الجزائر ومناطق الجنوب آنذاك الا ان البيئة الثقافية كانت مزدهرة بل وعرفت أزهى فتراتها. وانتشار الزوايا في كل ربوع الولاية.
كما ان ظروف التنشئة الصعبة مع المكانة العلمية والأدبية والدينية التي بلغها فيما بعد المسعدي كانت شبيهة الى حد كبير مع الظروف والمعاناة التي عاشها وقاساها علي بن محمد بن العباس ابوحيان التوحيدي (312–414هـ) الذي لحقه الظلم من ذوي الجاه والسلطان وتفضيلهم من هو ادنى منه مرتبة أدبية وعلمية واقدامه على حرق كتبه. وما جعلني أتطرق الى التوحيدي هو وجوه الشبه التي تربطه مع المسعدي. بالإضافة الى ذلك ان كلاهما كان يستعمل الألفاظ والعبارات ذات الجرس والوقع الجميل على الإسماع أما عصر التوحيدي فهو اقرب الى عصر المسعدي حيث ان الفوضى والاضطرابات السياسية وتغلغل الأعاجم في جسم الدولة العربية والإسلامية' وعاث سوس الفساد في ذاك الجسم العظيم الذهبي وتناثر عقد البلاد العربية الإسلامية وانتقصت من أطرافها والأهواء مشتتة والنفوس شعاع متطاير في كبد السماء 'وقد عاث البويهيون في العراق خرابا وفسادا وفعلوا الأعاجيب في اقتسام الملك.
وقد شهدت مسعد ظروف -كما سبق وان ذكرنا- اشبه بتلك التي وقعت في عصر التوحيدي فقد بلغ الحال من الشدة والضيق وقلة ذات اليد الى ارتفاع الأسعار والتي وصفها ابن كثير بقوله (..ان الناس أكلت الكلاب وصار الجراد زاد الناس فبيع كل خمسين رطلا بدرهم..). كما انه من المفارقات العجيبة بالرغم من تدهور الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية فان الحياة الفكرية والثقافية عامة قد نشطت. وكما كان التوحيدي شاهدا على عصره وناقدا وناقما رافض ومرفوض معا نجد كذلك المسعدي وقد لخص لنا ذلك في كتابه (دكتاتورية غير متناهية) والتي صور فيها مظالم حاكم مسعد.
ووجه الشبه الموجود بين المسعدي والتوحيدي هو ماامتلكوه كذلك من الخط الجميل في الكتابة. كما ان التوحيدي في آخر مراحل حياته احرق كتبه وهو ماعلق عليه محمد رجب السامرائي بقوله (..ويظهر التوحيدي لنا بين الفترة من 347 الى 400 هـ أديبا فقيرا من رواد القصور مريضا بجملة من الأمراض النفسية لعل أبرزها شعوره بالخيبة والخذلان وان انتقاله من حياة النفاق في أوساط الارستقراطيين الى التصوف دليل على انه وصل الى مرحلة اليأس والشؤم حتى نراه قد قدم على حرق كتبه إعلانا ونتيجة على تمرده على الحياة التي يعيشها..) اهـ لينتهي المطاف بعد تلك الرحلة العلمية الشاقة الى الموت فقيرا معدما في إحدى زوايا مدينة شيراز اعتقادا منه بقلة جدوى تلك المصنفات التي جعلها طعما لألسنةاللهب المتطاير في الفضاء او كما وصفها ياقوت الحموي (ضنا بها من لا يعرف قدرها بعد موته تلك التي صرف بها رحيق العمر واتخذها الغاية بعد ان كلت عن أداء الوسيلة).
الا أننا يجب ان نقر ونعترف بان الفرق الموجود بين الشخصين ويعتبر مميزا في شخصيتهم ان التوحيدي كان يحاول جاهدا للتقرب من الحاكم وعقد العزم على الوصول اليه في حين نجد المسعدي ترفع عن ذلك مما جعله يكسب عداءه وهو ما نفر الناس منه لأنه عدى ضد الحاكم والسلطة الفرنساوية.
فالمسعدي هو الإمام اللغوي الأديب الفقيه الشيخ عبد القادر بن ابراهيم بن الشيخ الطعبي السعداوي عرشا, المسعدي مولدا, النائلي, ولد سنة 1888 في دوار عرش أولاد طعبة في سفوح مسعد. في بيت متواضع من بيوت أولاد سعد بن سالم إحدى البطون النائلية المتمركزة في جنوب الجلفة.
عرف بالمسعدي نسبة لمسقط رأسه. ولد في أسرة كريمة عرفت بالتقوى والصلاح, حيث كان أبوه أحد أعيان عرش أولاد سعد بن سالم.
وقد حرصت والدته على تربيته وتنشاته على القيم والمباديء الاسلامية, وكانت تخدمه بنفسها سواءا صغيرا أو كبيرا. وأدخله والده الكتاب وحفظ القرآن في سن مبكرة (سبع سنوات). وكان عصامي يجتهد لتعليم نفسه فبدأ يطالع ما وجده من الكتب, حيث قرأ القطر, ولامية الأفعال لابن مالك, والقاموس المحيط, والسيرة النبوية لابن هشام والعقد الفريد والكثير من المؤلفات الأخرى. اكسبته علما غزيرا وكان يحضر ندوات العلم وحلقات الدرس التي كانت تقام عبر المساجد, ويستمع ويسجل ثم التحق بمقاعد الدراسة ليتحصل على الشهادة الابتدائية, الا اننا لا نعرف من شيوخ المسعدي الا اثنين اولهم الشيخ الطاهر بن العبيدي العبيدي الذي درس عليه بتقرت النحو والفقة والتوحيد وبقي عنده طيلة ستة اشهر. ورغم ذلك لم يأثر فيه شيخه بسلوكه الصوفي وختم الالفية في حضرته بقراتهم عليه في صفر 1328 وعمره انذاك 24 سنة. فقال المسعدي بمناسبة ختم الألفية:
السعد أقبلا والسرور تكاملا
والمجد حل بالفخار مزمــــــــلا
والأقحوان تبسمت أكمامــه
والروض باكره الغمام وعلـــــــلا
فتمايلت أغصانه طربا لـه
وتصادحت أطياره وتهلــــــــلا
والقوم سكرى والمدامة بينهم
ومدير هذا الكأس بدر كمـــــــلا
شمس تراها بالكواكب لفعت
والزبرقان بحبـها قد أعضــــــلا
فسما بسهم ريشة كمل بدا
أثار نقعا بالفؤاد وما انجلــــــى
وبميم مبسمها الشهي وروده
ما بين بارق والعندليب تنهـــــلا
إنا المتيم في هواها وليس لي
صبر على وجد يذيب الكلكـــــلا
مشبوبة تحت الأضـالع ناره
تذكـو إذا ما ذقت ذاك المنهــــلا
هي المها وجدها أب لهــا
وأمها أخت لها يا ذا العـــــــلا
ألفية بها القلوب تألفـــت
والقلب خامره الغرام تمايــــــلا
فاسع إليها وطف بها سبعا تفز
واجي العويص ولا تكن متجاهـــلا
شدنية بدوية حضريـــــة
لو شامها لب الأريب تخبـــــلا
قد صاغها بدر البهى شمس النهى
بثاقب يحكي السهى لا أفـــــلا
علامة دوامة وغضنفـــــر
حاز الفضايل والفواضل أجمــــلا
عنيت ذاك الحبر بحر العلم مـن
له المزايا على الكريم وإن عـــلا
محمد الخير بن مالك مالــــك
ورقاب أهل الفضل تشهد بالــولا
أهدى لنا درا نفيسا نــــوره
يسبي العقولا كأنه رشف الطــلا
وكم يعجبني قول الشيخ الطاهر بلعبيدي في إجازته للمسعدي حين يقول:
ثم المجاز عبد القادر من
فاق بفضل الله في أدنى زمن
تحسبه في غاية التحرير مجددا بلاغة الحريـــري
يقول من أبصره وأنصفا
الله يعطى ما يشاء وكفــى
إلى أن يقول:
أجزته بكل ما لفقته
من نثر ونظم لقد نمقته
وكـل ما أفهمــت
وما تلقيت وما رقيـت
وكا ما قرأت أستاذنا
العربي بن موسى وما أذنا
أو غيره من كل ذى علم همى
بالوادي أو تونس أو غيرها
اما معلمه الثاني فهو الشيخ محمد بن على حساني(1868 1910)الذي درس عليه اللغة الفرنسية والتي أجادها باتقان,, ليصبح نابغة عصره في اللغة والفقه والحديث. حيث قرا شكسبير وترجم فيكتور هيغو.
وقد ساهم في تعكير صفو حياته الضربات الموجعة التي كان يتلقاها خاصة في وفاة رفيقيه والده واخية حيث حيث كان شديد الالتصاق بعائلته وكان والده ابراهيم واخوه محمد من اشد المقربين اليه وقد تاثر كثيرا لوفاتها-توفي والده ابراهيم بن الشيخ شهر اوت 1940 وكانت المدة التي تفصل بينه وبين محمد شهرين ونصف- عوقب بالسجن في حكم الكومندان شومر، كما بالنفي الى مدينة الجلفة من طرف الكولونيل مسوتي وحكام رباط مسعد مثل السيدين بوكس والفسيان جرمة.وفرضت عليه الاقامة الجبرية بمنطقة (المعلبة) بعض الوقت وذكر ذلك في رسالته الى صديقه بن عياش بن الطيب يذكر فيها انه أقام بالمعلبة وقد سئم البقاء فيها..
كان واسع الخيال ولم يكن مثل معاصريه الذين كانت ثقافتهم تقليدية ترتكز على الثقافة الدينية واللغوية. عرف (.. باتجاهه السلفي الإصلاحي، أوى إلى شبه عزلة صوفيه.. من أغزر الكتاب كتابة وأطولهم نفسا.. اشتهر بحفظه الجيد وغزارة علمه. له قلم فياض وأسلوب يجمع بين النقد والفكاهة..)
وقد نبغ المسعدي في كثير من العلوم حيث كان يعتمد عليه في الفقه وكانت فتاواه مصدرا للتشريع آنذاك. كان يعلم بالجامع الكبير بمسعد. كما درس بالجلفة، ويدرس لطلبته كتب الصلاة والفرائض من سيدي خليل ومن بين اشهر تلاميذه الامام الشيخ محمد بن عبد الرحمن الرايس، والشيخ بن عياش والقاضي عرابي عطا الله هذا الاخير الذي كان يكيد له الدسائس وعين من عيون الاستعمار حيث كان سببا في قضاءه 23 يوما في السجن بعد وشاية من القاضي وزاره في سجنه المحامي. لاقايارد من البليدة الذي كلفه اخوه بقضيته.وقد عرض المسعدي شكواه ضد القاضي الى حاكم رباط مسعد في رسالة مشهورة كتبها في 10 جوان 1939. وعرف عنه وقوفه ضد المستعمر الفرنسي الذي كان يرصد تحركاته ويكيد له عرف خلالها الى جانب محنة السجن والاعتقال، النفي والمتابعة وكانت الادارة الفرنسية ترصد تحركاته اولا بأول في تقارير مكتوبة مسجل عليها (هذا الرجل خطرا على الأمن العام وعلى فرنسا). وكان المسعدي ناقما على الوضع وعلى اهله وذكر ذلك في احدى رسائله للديسي حيث يقول (..ولاحي الله هذا الزمان ولا بياه، زمان سادت أراذله،وشاطت أباطله،عفت فيه القوافي ولم يبقى منها سوى الرسوم العوافي –ثم يضيف– على اني بين اظهر بني نائل، ولم استظهر من نائل، وبين بني سعد ولم يسعدني سعد..) وهو ماجعل الديسي يتجاوب معه ويرد عليه في احدى رسائله، حيث وصفه بقوله: (بدر بني سعد وان لم ينصفوه قبل وبعد،اذ لو انصفوه لتوجوه بل وزوجوه، من تحسد عليه مسعد، وان كان اهلها بعلمه لم تسعد...) الى اخر الرسالة. وقد عبرالمسعدي عن ذلك في احدى قصائده:
اصبحت في مسعد وليس يسعدني
دهــر بلا صـحـب ولا ديـــن
كـانني جـئت اغـتـال العـقـول
او اعلـمـهم طيش السـراحي
او كأنني مصحف في بيت طاغيــه
هلباجة من أهيل ذمة الديـــن
ورغم انه كان منكبا على القراءة والكتابة والتعليم الى انه كان يرحل من حين لاخر لزيارة شيوخه او حضور اجتماعات خاصة رحلته الى زاوية الهامل لالقاء دروس وزيارة صديقه الديسي المدرس بالزاوية.والالتقاء بالاعلام والشيوخ الذين كانوا يزورون الزاوية بانتظام،وللمسعدي قصيدة قالها حينما وافى ختم ملحمة الحريري للسيد الخليل نجل المصطفى القاسمي بعد ان سئل ان يقول في ذلك شيءمنشعره وكان بصحبة ولده محمد، فقال:
محمد بشرني بعز واقبـال اذا
ماحللنا فيث عريسة رئبال
اذا مانزلنـا بين ليث واشبـل
بهم تدفع الاوا وابلغ امالي
هم العروة الوثقى هموا كعبة الندى
هموا قبلة الرجى هموا صفوة الاءال
وكان بالمناسبة يلتقي بشيخه الطاهر العبيدي ففي احدى وثائقه نجد بانه اجاز صديقه الروحي ابن عياش بن الطيب بالحديث المرفوع الى السند حيث يذكر (كتبت وانا اضعف خلق الله البر الرحيم عبد القادر بن ابراهيم لطف الله بي في الدارين امين حدثنا الشيخ الطاهر بن العبيدي بالهامل حدثني الشيخ المكي بن عزوز بسنده المتصل الى سيدنا معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يامعاذ اني احبك فقل دبر كل صلاة اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وقال الشيخ بسنده وانا احبك الخ وانا اقول لك ياعبد القادر اني احبك الخ وانا اقول لاخي الروحي يابن عياش بن الطيب اني احبك فقل دبر كل صلاة اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك وقد اجزته به واجزت له روايته عني لمن يحقق بذلك حسبما اجازني الشيخ رضي الله عنه فليشدد يده بهذا الكنز الذي تنقطع دونه امال الرجال من سند صحبة سيد اهل الكمال والحمد لله على كل حال ذالك فضل الله يؤته من يشاء والله ذو الفضل العظيم) وهذا يدل على ان المسعدي سمع عن العبيدي في الهامل.
كما كان كثير التردد على مدينة افلو لزيارةصديقه البشير الإبراهيمي في منفاه. اما العاصمة فكلنتزيارته لحضور اجتماعاتجمعيةالعلماءالمسلمين لقاء صديقة الإبراهيمي في بيته.
عين مفتي الجلفة سنة1928. ووجدنا رسائل عديدة تاتي الى الشيخ من مختلف الاقطار وحتى من عند العبيدي والديسي يسالونه في بعض المسائل. ومن اشهر فتاويه ماشكل على علماء ميزاب من ميراث المخنث وهي الفتوى التي بلغ بها صيته المرابع المجاورة خاصة الاخوة المزابيين وكان سؤال عن فتوى من بن الحاج بكير بن يحي "مزابي في القرارة"
كما عرف عنه كاتبا في صحف جمعية العلماء اذ لما تأسست جمعية العلماء أصدرت قرارا لها في 1933 يقتضي بتخصيص جزء من الشهاب تنشر فيه خطبها ومحاضراتها وفتاويها وجميع منشوراتها العلمية ثم أنشئت الجمعية فيما بعد جرائدوفي سنة 1935 صدرت البصائر. فنشر فيها عدد من المقالات والاراء وقد حدثني الباحث والمحقق (ضيف) صاح انه اطلع في جريدة على رسائل تحمل عنوان كتبها المسعدي وللاسف الشديد لم اطلع عليها.
وعرف بانه ومترجما لإتقانه اللغتين العربية والفرنسية اذ عرف عنه انه اول من ادخل أدب شكسبير وفيكتور هيغو إلى نواحي الجلفة وخاصة منطقة مسعد.
كما انه كان من الاوائل الذين التحقوا بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، حيث شارك في الاجتماع التاسيسي المنعقد بتاريخ 17 ذي الحجة 1349 الموافق 5 ماي 1931 بنادي الترقي بالعاصمة. حيث تم وضع القانون الاساسي للجمعية والمصادقة عليه، والموافقة على تشكيل المكتب الاداري للجمعية. كماكان يحضر لاغلب الندوات التي تقيمها الجمعية وحتى الاجتماعات الرسمية ومنها حضوره الجمعية العامة لجمعية العلماء المنعقدة في العاصمة من1الى 30/11/1934 بناء على الدعوة الموجهة اليه من رئيسها بتاريخ 17/10/1934. كما شارك في الاجتماع المخصص لانتخاب المجلس الاداري العام لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين لعام1946
وصفه شيخه العلامة الطاهر بن العبيدي بقوله: "الامام العلامة الهمام. خيثر المفهوم القاذف بجواهر المنطوق والمفهوم الخطيب المنشئ" ويصفه كذلك الشيخ بن العبيدي "غرة جبين الآداب, ودرة الجحاجحة الألباب الرواي من الكلام صحيحه والزاوي من اللسان العربي فصيحة, الضرغام الذي إن تكلم أفهم وإن كتب أرهب وإن ناضل قضم وقصم وإن نازل قهر وطهر" ويصفه الشيخ عبد الرحمن الديسي بقوله: "قسر البراعة وأفضل من أقر على أنامله البراعة بدربني سعد.. خير جليس وأفضل أنيس".
وقد ترك العديد من المؤلفات ما زالت مخطوطات منها:
1- شرح لامية الأفعال لابن مالك
2- طرفة البيان على نظم تحفة الإخوان
- وهو شرح على رسالة البيان للدوديرّ
3- الكلام عن الولاية في الإسلام
4- تفضيل البادية بالأدلة البادية [وهي رسائل أدبية تبادلها مع عبد الرحمن الديسي]
5- الصلاة
6- البدعة في الإسلام
7- شرح لامية العرب للشنفرى
8-مظالم حاكم رباط مسعد المتوالية دكتاتورية غيرمتناهية.
وفتاوى كثيرة مختارات أدبية جمعها من أمهات الكتب.
9- ديوان شعر مخطوط
10-شرحعلى تحفةالأفاضل للشيخ العبيدي
11- طرفة البيان على نظم تحفة الاخوان وهي شرح لمنظومة العبيدي التي نظمها في البلاغة للدردير.
بالاضافة الى دروس مكتوبة عبر كناشات كان يستعملها. اما الرسائل فلاتعد ولاتحصى ضاع منها الكثير كان يتبادلها مع اعلام عصره اصدقائه من الادباء والحكام والاعيان وكانت اغلبها ادبية وذاع صيتها لما فيها من عيون الادب والحكمة والشعر وفنون النثر وهي من نوع الرسائل الاخوانية المتبادلة بين شيخ وتلميذه وشيخ وصديقه. ولم تكن بعيدة عن ماعرفته تلك الفترة من أحداث خاصة وانه في عدد من الرسائل نجد أراء سياسية بما فيها عدد من الأحداث الدولية خاصة التي شهدها العالم الاسلامي كالانقلاب الذي قاده كمال أتاتورك ضد الخلافة العثمانية. واغلبها تبادلها مع الشيوخ الامام عبد الحميد بن باديس، محمد البشير الابراهيمي، الطاهر بن العبيدي السوفي (1886-1968) واخوه احمد العبيدي (1307/1397) ومحمد بن عبد الرحمن الديسي(1854/1921).
منها رسالة من الابراهيمي بخط يده وبختم جمعية العلماء تحت رقم 337 مؤرخة في 02 رمضان 1366/20 جويلية 1947 حيث جاء فيها (الاخ المحترم الشيخ عبد القادر بن ابراهيم حفظه الله. بعد السلام عليكم ورحمة الله فقد بلغتني رسالتكم ففرحنا بقدومها فرحتنا برؤية وجهكم اما ماذكرته عن استعدادكم للانتقال حيث تعمل للعلم وللدين فقد سرنا ذلك جد السرور وقد بلغني من جماعة الجلفة انهم راغبون في قدومك اليهم ونحن نوافقهم عن ذلك ونخضك على القدوم الى الجلفة وفتح دروس الوعظ والارشاد ونحن واثقون انك تخدم الحركة الاصلاحية لا في الجلفة وحدها بل في كل مايحيط بها من قرى واعراش.بارك الله فيك واعاننا واياك على الخير وعليكم السلام من اخيكم محمد البشير الابراهيمي). اما مراسلاته مع شيخه الطاهر بن العبيدي فلا تعد ولاتحصى منها الرسالة التي يصفه فيها شيخه بـ (غرة جبين الآداب ودرةالجحاجحة الانجاب الراوي من الكلام صحيحه والزاوي من اللسان العربي فصيحه الضرغام الذي ان تكلم افهم وأفحم وان كتب أرعب وارهب وان ناضل قضم وقصم وان نازل قهر وظهر الأديب الذي لايجاري ولا يماري ومادراك ماهو بلغ القصاري..) فيرد عليه المسعدي (الحمد لله سلام أبهى من عقود الجمان وأزهى من روض الجنان وأذكى من الأس والأقحوان يهدى الى جناب الدراكة الملاذ العلامة الأستاذ ذي الأيادي والأيدي شيخنا سيدي محمد الطاهر بن العبيدي أبقاك الله على مدد الايام بجاه سيد الأنام وبعد يا مولانا ان عبيدكم لفي غلق عظيم ووجد جسيم لانقطاع الأخبار واندراس الآثار وقد كتبت لكم جوابا عن جوابكم ولذيذ خطابكم ورجوت الاطلاع على بعض أحوالكم مع انك يامولانا أهل الصفح الجميل والفخر الاثيل
بان الحبيب فعقل الصب مخبول
والطرف منهمل والحزن موصول
والقلب مضطرب بالنار ملتهب
والدمع منسكب والصبر مفلول
فالقلب في ضجر والطرف في سهر
والخد في مطر والدمع مطلول
والفكر في هجس والوجه في عبس
والسمع في خرص لن يسمع القيل
قد بات يرعى السهى عن وده ماسها
والنار قد مسها والطبع مجبول
اذا بدا كوكب الخرقاء قلت له
ابلغ شبيهك اني فيك مقتول
أراه يكسر طرفا وهو منحرف
مستهزئا قائلا اني لمشغول
كيف السبيل الى وصل الذ به
والبعد خيسني والعقل مذهول
كيف القرار وقد قال الوشاة لقد
بان الحبيب بحب الغير مكبول
بان الحبيب وقد شطت مرابعه
فلن يبلغها حاف ومنعــول
الا ان يقول:
فان رضيتم فذاك السؤل يااملي
وان هجرتم فممقوت ومقتول
حاشاك ياذا الوفى والجود ان لكم
جاها عريضا وبالمعهود تكميل)
فأجابه الشيخ العبيدي بما نصه:
وردا لكتاب فراق صوب صوابه
وخطوب اشواقي خطت بخطابه
والسعد اسفر والزمان مساعـد
فولجت روض الوصل من اعتابه
لما فككت ختامه الفيته
درا نفيسا يوم حسر قرابه
لله درك يانبيل العصر في
رعي الذمام بصكه وكتابه
وفدتك نفسي من همام مصقع
خاض القريض وماعبا بعبابه
خضت الخضم في العروض وانت
في ادب العريض تجيد جوب صعابه
اما اللسان فكنت قايد جنده
وعريف دولته وقيل صحابه
ان قال هذا القطريف هل من نابغ
كفء يكف الخصم سيف جوابه
ركض العلوم وجابها واجادها
من قام في نادي الفخار سطابه
قلنا فعبد القادر الحبر الرضى
جواب ءاكام العلا ورحابه
لازال في اهل اللسان مجددا
عهد البلاغة ينتمي لجنابه
مرفوع اقدار سليل سلامة
بالمصطفى روحا لوجود لبابه
صلى عليه الله طبق سلامه
والاءال والصحب الدعاة لبابه
اما بعد.. الجهبد المقدام القطريف الهمام بدر الادب واللسان عضب الصيقل واللسان ذو الفضل الباهر والفخر الباهر ولدنا الشيخ سيدي عبد القادر بن ابراهيم... وبعد فانه ورد كتابكم الاخير مقلدا قلايد المعاني لابسا حلل رقيق المباني فتمتعت به وشاهدت حسته وبريقه واقتطفت داني روضه وكرعت رحيقه... فلله دركم في الصناعتين غير انكم تعتامون من الكلام الدرر الغالية وتصطفون منه مايزدري نفحه بنفحات... اللهم كما سترتنا في الدنيا بحلمك وفضلك وكرمك فاسترنا في الاخرة يا واسعالفضليا أكرم الاكرمين يارحم الراحمين)
فاجابه المسعدي بمايلي: (روح التحقيق وانسان عين التدقيق وامام اسعد فريق خاتمة العلماء الاعلام وسيد السادات الجهابذة الفخام ذو الشرف الباذخ والقدر الشامخ البدر الزاهر صاحب الفخر الباهر والمعاني الرائقة الفائقة والمحاني الأنفة العابقةالمخصوص من الله بالايادي والايدي مولانا العلامة شيخنا الطاهر بن العبيدي بعد اهداء سلام ممزوج بشوق زهجر رعده على اطلال القلب وانهملت سحائبه على صفحات خدود الصب وتراكمت عليه غمائم الاشواق فاسالت منه العزب وعلقت في وجهه الشرق والغرب اعلم سيادتكم العلية ان الوصول اليكم في هذه السنة صار دعوة خلانية ومادراك ماهية نزغة شيطانية تقشعر منها الجلود ويشهد ببهتانها الحجر الجلمود مع اني والله الذي لااله الا هو لالتظى من الوجد واحن اليكم واجن العرب الى ربى نجد وكيف لا وانت الروح والراح والمورد العذب الذي يجب المفر اليه والرواح لكن قضى الله ليس لاحد منه مفر وعلا يق الشيطان بخلا يق الانسان لاتبقى ولا تذر تدعو العباد الى الفساد لشهاده واجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الاموال والأولاد فمنها تفرقنا الاول الذي أورثني كامد من النكاد والعباد وصيرني حلا بهذا البلد طريدا عن تلكم البلاد ومنها وهو اهمها اني لما رمت الأوبة وإخلاص التوبة ورد علي من اخي تلغراف فاذا هو إجحاف بلا إنصاف قائلا لاتبرح من مكانك واييس كما ييس اخوانك فقلت والله ماهم لي بإخوان وحاش لله ان يكون للشيطان على عباده من سلطان فرددت عليه قائلا مالمانع من القدوم وأردت بذلك اختبار سره المكتوم فرد ردا رديئا وشهابا خلته ليس مضيئا ولما سنعت من ناديه ذلك الهرج وتحققت ان في بعده ذالك البهرجة وتبها سرابا بقيعة وعلمت انها ءال للخديعة تركته كلالة ولم ازده في ذلك اشارة ولا مقالة وكتبت اليك لتعلمه ان كلامه مره بالقدوم كلام بلا معنى وشجرة بلا مجني ولقد عزمت على المسير من غير خفير وجعلت الله حسبي ونعم النصير فاقسم على والدي فعاقني عن مقصدي فقلت اكلت عرى عزمي وتزايد بالشوق همي.
لقد منعوني الروح والراح والمنى فجد بي الوجد المجد لذى الضنا
وقد منعوني الانس والشمس ان ارى بدور تدور والبدار الى المنا
وقد منعوني الزور بالزور منهم فصرت بهم حلا وقد حل بي العنا
وقد منعوني بالبعاد فابدعوا وعادوا وحادو عن جنائي لذى الجنا
وفد منعوني عن رشادي ومرشدي ورفدي ورصدي للمعاني وماعنا
وقد منعوني وابدعوا بي وارعدوا سحب ضلال بهم النحب ماونا
وقد منعوني بالقلا واقاويلا وجوب الفلا يجني البلا وبه القنا
وقد منعوني الوصل فاتصل الجوى وجو جناني بالجنون لقد منا
وقد منعوني والمنون منيبة وجل منا ان احل بمن تنا
وقد منعوني والجفا بي جريرة فجروا علي والجرير بي انثنا
وقد منعوني جفني القريح قراره ودمعي دمى والخد خدده الرنى
وقد غدت عيني بنعي غدافهم اذا بان باب البين وانصدع البنا
وقد جارت العذال جادت عواذرى فلله مااحنى واهنا واحسنا
وقد حاد من قاد العباد لعذلنا وخاب فحاب الغاب وارتكب الحنا
فان قلت كيف الحال فاحلل مقالتي انا يوسف ويوسف قد غدا انا)
اما الرسائل المتبادلة مع محمد بن عبد الرحمن الديسي فلا تخلوا من السجع والصنعة كما ذكر د.بن قينه (حيث يختار الكلمات ذات الجرس الموسيقي والرنين القوي..) منها الرسالة التالية التي بعثها للديسي: (...الى جناب العلامة المصان والغرة في جبين الزمان الشيخ سيدنا محمد بن عبد الرحمن لا برح بعون في امن وآمان. فاني قد اطلعت أيدك الله على العروة الوثقى والحصن الحصين الا وهو "كتاب توهين القول المتين والغول المبين" ومن اعجب مايتعجب منه المتعجبون ان في القرن الرابع عشر قام حامل لواء المشقشقين المارقين الضالين المضلين لفصم عرى الدين المتين بضلاله المبين فقلت ياللعجب العجاب اليس من الاشراط اذا لعن اخر هذه الامة اولها وولدت الامة ربتها من غير ارتياب كيف وهذا الطريد قاسم بن سعيد ومااحراه بان يسمى حاسم بن طريد قام لحسم احمية الدين الهادين يمشع عليهم بما هو اهله فما اصاب سوى عسه نيله ونابز بابز بالالقاب وتاه فيما للخزعبلات من الشهاب وهل ضر السحاب نبح الكلاب وجعجع بسفاهة فبات فيه ودمدل ورطن بالتمويه وكل اناء يرشخ بما فيه وفاه بما فض فاه وأبان عرما رض منه البنان وطار طيران الفرائس حول السراج وملا راويته من الملح الاجاج وبحث على حتفه بظلفه وجدع مارن انفه بكفه وجر على قومه حرب الباسوس وحباس وسود الكراس بما حبا منه الانفاس وطن طنين الذباب وطن ان قد خلا له الجو فانساب واوطا عشواء فقابت بهة في القاب اذا ماراد الله اهلاك نملة سمت بجناحيها الى الجو تصعد وضاهى نسيج العنكبوت وينطق بحيث يجب السكوت وجاء بشقاشق اعقبته الوبال وحيث وجب ان يصلي بال واعرب عما لاهل مذهبه من الشر المرموز فاعقبتهم عاقبة قوم العجوزوماكان في خلدي ان تظهر لنا دناقة الدروز قوم تدينو ببغض الصحابة اهل الانابة المشهود لهم بالجنة قوم انكروا الراي وهم حكموه فلعمر الله ان هذا لهو الجنون ةالجنة زعم هؤلاء البغاة الاشراران ايمة السنة دعاة للبرار وهل على الايمة الا الطاعة ولزوم الجماعة فتبا للخوارج كلاب النار الذين رضو من دينهم بالوقوف على شفا جرف هار فانهارولوتنه الغبي اللعين لما اظهر ماعليه قلبه منطوى ولكن ران على قلبه هواه فاعماه فظن انه قال ماتمناه فوقع به نهوره من حيث لايرجوا الخلاص وانى له ولات حين مناص فلاعجب من هؤلاء فانهم قلدوا جابرا وماهو في زعمهم الا شعبة من ابن عباس اترى ان جابرا تلقى بعض عثمان وعلى من ذلك النبراس الحبر النقاد ام اتاه على اجتهاد ولعمري ان هذا لمكذوب عن جابر فما هو الا مذهب كاسر بن خاسر عن ضل بن ضل عن هيان بن بيان عن اللعين الطريد عن قاسم بن سعيد عن هواه عن طيشه عن عماه فلا حولة ولاقوة الا بالله فلله درك يامولانا لانت موسى العصى وهذا فرعون الضلال اليس هذه العصى واليد البيضاء وتلك العصى والحبال.
ان السلاح جميع الناس تحمله
وليس كل ذوات المخلب السبع
واذا كان لكل فرعون موسى ولكل دجال عيسى فها انت وذاك فجرد ذو الفقار وناد في كل ناد على المارقين الاشرار:
الله اكبر سيف الحق قد بهرا
وكوكب الاهتدا في الافق قد ظهرا
عضب الزبيدي لهام المارقين فرا
وذو الفقار سطا للملحدين برا
من كان ينكر فلينظر مصادمه
بمصرع الذل والخزيان قد نحرا
بكف شهم في المجد غايته يعلو
السها شرفا والشمس والقمرا
الا ان يقول:
صوغ ابن بجدة فخر الاكرمـين
وذا محمد المرتضى الديسي الذي ظهرا
يابن الكرام جزاك الله مكرمة فابق
بقـا الشمس دوما لاتخف ضــررا
اوهنت مااستمتن الكلب الطريد وهل
يمسى مع الصبح ليل احسنا البصـر
ويضيف:
لله در الذي للديس نسبته
اذ سل عضابه قوم الضلال فرا
الباحثون على حتف يظلفهم
الناكصون على اعقابهم زمرا
هذا ماسطرته يد الوجل مصباحا بالحجل والمملوك وان لم يكن من رجال هذا الميدان فقد انقبض على قدر ماعنده من الايمان وقد بعثنا بالكتاب لشيخنا الهمام ذي الايدي والايادي العلامة الطاهر بن العبيدي الوادي).
ليأتي فيما بعد جواب الطاهر بن العبيدي على الكتاب. (..فانه ورد لي الكتاب في بطن الكتاب وكلا الكتابين طالعت ولتلك المعاني الشاهقة بعون الله طلعت عن مطالعة القول المتين حتى جرمت وقلت انه غول او غول مبين اما صاحب التوهين فقد ابردا الغلة وشفا العلة وها انا قد اصبت الظالم بسهم فاضربوا لي معكم بسهم:
للحق نور لم يكن بالغاب
والناقمون عليه في الغاب
ومن الذي يقدر على حرب الهدى
والحق انكى من اسود الغاب
وانظر بعين الفكر شماخيهم
اذ قام يدعونا لشبه ضباب
واستل سوطا باليا وسطا به
واهمز في الميدان مثل ذباب
واتى يحط من الايمة قدرهم
فانحط بين نعالنا والتراب
ان دام هذا الفاضل المهذار
في اقوامه ظفروا بكل سراب
الا ان يقول:
لله درك صاحب التوهين قد
نوهت قدر السادات الاصحاب
ورفعت شان ائمة الدين الالى
دعموا الفروض بسنة وكتاب
وطمست عين باطل قد فتحت
وقطعت كل مدجل كذاب
لازلت مفتوح البصيرة دافعا
بالعلم ملحوظا عظيم جناب).
وكتب اخوه الارشد وصنوه الاسد الشيخ سيدي احمد بن العبيدي مايلي: (وبعد فانه ورد على حضرة شيخنا العلامة كتابكم يحمل بنود سلامتكم ادامها الله عليكم ومعه الكتاب الذي زينه النحرير ذو الديانة المتينة سيدي محمد بن عبد الرحمن واطلعني الاستاذ عليه فقلت راميا مع من رمى والله ولي التوفيق
الحق لا يخفى على البصراء
والمنكرون له على عرجاء
طارت بهم ورمتهم في هوة
اردتهم في الهلك والانكاء
قوم رضوا افكارهم شرعا و
قاموا في وجوه الدين بالاغواء
هذا وشماخيهم عبد الهوى
جاء الانام بحجة عمياء
ابدى لنا القول المتين وانه
والله اوهى من دقيق هباء
نقض الايمة بالسفاهة ياترى
نبح الكلاب يحط عرش سماء)
كما ان هناك رسالة من الديسي الى المسعدي، مؤرخة في 18 شوال 1333 جاء فيها (ولدنا العزيز ذو التحقيق والتبريز سيدي عبد القادر بن ابراهيم الهمام، امتع الله بمعارفكم وعلومكم المسلمين والاسلام. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته اما بعد فاننا بخير وداعون لكم به وراجون منكم مثله هذا...)
ومنها كذلك رسالة الديسي عندما اطلع على تشطير المسعدي لقصيدة الحميدية التي نظمها الديسي بسبب إلغاء الخلافة الإسلامية والتي مطلعها:
ثنائي على عبد الحميد حميد
وحزني عليه ماحييت جديد
فكان تشطير المسعدي:
ثنائي على عبد الحميد حمــــيد
وشوقي إليه طارف وتلــيد
وصبري فان والتحسر زائـــــد
وحزني عليه ما حييت جديد
ووجدي به يحي وشجوى خالــد
وقلبي عامر وفكري شريــد
وطرفي ربيع السرور محــــرم
ودمعي يحكي جعفر ويزيد
محمد بن عبد الرحمن لازال يأمن وأمان بعرن الرحيم الرحمن. ولما تصفحت منشورها وتتبعت سطورها قال قل قلت: لا عجب أن
ومالي لا أبكي عليه وأنـــــه
منار الهدى أخنى عليه مبيد
له همة تعلو وتشهدانــــــه
لامة خير المرسلين عميـــــد
قال الديسي في رسالته: (من احيا الله قلبه بنور المعارف واذاقه حلاوة اسرار دقائق اللطائف العلامة حقا المهذب تحقيقا وصدقا سيدي عبد القادر بن ابراهيم لازلت باللطائف تهيم وامتع الله بكم الاسلام ونفع بعلومكم الانام وبعد اهداء سلام كلطف اخلاقكم وطيب اذواقكم فانا بخير وداعون لكطم بالخيروقد وصلنا تشطيركم البديع المزري بازهار الربيع الذي اسشهد له من صميم الفؤاد بيالفضل واقول قياما بالقسط ولو على النفس بانه ارجح في الاصل على ان تشطير القصيد اصعب من انشاءه لما يلزم له من التوطئة ومراعاة الالفة المناسبة في ابتنائه.........).
وللمسعدي تشطير اخر لمنظمونة العقبية وهذا بعد طلب صديقه ابوالقاسم بن جابو ربي بصري (1881-1937) حيث يقول المسعدي عن سبب تشطيره: "قد أطلعني الهمام الأروع والإمام الأروع والدي الروحي ومحبي سيدي الحاج ابو القاسم بن جابوربي متعه الله بأنجاله وأقر عينه ببلوغ آماله على قصيدة وأي قصيدة بل جوهرة فريدة لإمام العصر الفخر العلامة المصان سيدي أرمي البحر بالدر, فقال: أريد أن تخمس أو تشطر فقلت: من لي ومن لي وعزمت على التقهقر فأقسم ألا يكون إلا ما أراد.... فبادرت إلى إبرار يمينه وأن أدى إلى دخول الأسد وعرينه.
ومنها كذلك رسالة الديسي للمسعدي: (...فخر الواسطة ومن هو في عقد ادبائها وفضلائها الواسطة، المحب الودود والمرموق المودود العلامة سيدي عبد القادر بن ابراهيم منحت الفهم والتفهيم والتبجيل والتكريم..) وكان جواب المسعدي: (الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. الهمام المصقع الذي لايجارى في رهان والامام المفلق الذي لايلز في قران. علامة الزمان وخلاصة العرفان خاتمة المحقيقين الاعلام المدققين والنهاية في علو الشان..) فجاء جواب الديسي: (...قس البراعة وافضل من اقر على انامله اليراعى. بدر بني سعد وان لم ينصفوه قبل وبعد اذ لو انصفوه لتوجوه واستقاله ان اقول مولوه او زوجوه..).
فكان جواب المسعدي: (...افضل من اسلمت اليه العلوم زمامها واكمل من نشرت عليه الفهوم اعلامها..)
ثم انقطعت المراسلات بين الشيخين ويؤكد المسعدي: (..ثم بعد سنة انشا في ذلك مقامة سلك فيها غير مسلكه القديم فجاء بابهى من الدر النظيم.) وهي مقامة تفضيل البادية بالادلة البادية وهي عبارة عن مقامة في اربعة اوراق يقول فيها الديسي (احمد من فضل العرب على سائر الأمم وميزهم بأكرم السجايا وارفع المزايا واشرف الهمم وخصهم بان بعث منهم من فخرت به الغبراء على الخضراء سيدنا ومولانا محمد الذي أعطى السيادة المطلقة في الدنيا والشفاعة الكبرى في الآخرة صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه وأتباعه صلاة دائمة تترى... هذا ومن العجائب التي يحكها عيسى بن هشام.....). يقول الدكتور عمر بن قينه: "..وهي رسالة اعتبرها الكاتب مقامة لا تزيد عن اربع صفحات قام الكاتب بشرحها تصيد فيها مفردات لغوية وتلميحات أدبية تاريخية مما يجعلنا نتأكد بأنها مقامة اقرب الى الصنعة والتقليد منها الى الإبداع والإنشاء الأدبي الذاتي... -ويضيف– ومن أهمية هذه الرسالة انها توضح لنا تحول في فكر الشاعر يتمثل في عدوله عن رأي سابق في تفضيل المدينة ورغم اننا لم نستطع تحديد تاريخ الرسالة فإننا اهتدينا الى انها تحمل رأيه الأخير والنهائي في المفاضلة بين المدينة والبادية."
اما رسائله مع احمد العبيدي فهي كثيرة، منها الرسالة المؤرخة في 30 ربيع الثاني 1328. ونصها: (..الألمعي الأديب اللوذعي الأريب الفاضل الكامل الفريد الحلاحل الدراكة الأمجد الفهامة الأسعد من مثله عديم او نادر الشيخ سيدي عبد القادر..
ورد الكتاب فجدد الافراحا
وازاح عني الحزن والاتراحا
فتمايلت اعطافنا بقدومه
كتمايل النشوان يسقي الراحا
لما فككت ختامه الفيته
مسك الختام على الاحبة فاحا
الفاظه كالتبر علق في نحور
الغانيات فافلق الاصباحا
قد توجته فصاحة وبلاغة
تاج العلو وقلدته وشاحا
لما لا وقد جادت به افكار من
نطق الثناء بذكره افصاحا
اعني سمي القدر عبد القادر
الخل الوفي الجهبذ الجحجاحا
فحل القريض صاحب الجاه العريض
الفاضل الحبر الرضى النصاحا
..هذا ماجادت به قريحتي الجامدة وذهني الفاتر المهين والله يتولى هدى الجميع آمين واذا سالتم عن الحال فانا بخير والحمد لله تعالى...)
وأجابه المسعدي بما يلي: في21 ماي1915 (...اشرف سلام مزدوج بالمحبة والوداد وازكى تحية تزرى بالعقود الدرية وكل كوكب وقاد يتمسك بها عرف بحد العباق وتتمايل بها اعطافين المحبين والرفاق لدى التلاق يحدو بها حادي العيس ويسجد لبراعتها سحبان وايل فما عرش بلقيس او جماعة باريس اخص بها مطيل سهادي وسالب رقادي الحلاحل الاروع والحبر الاورع ملبس عرايس الالفاظ حلل المعاني ومنير حناديس الظلمات بشوس علمه الواضحة المباني. الاديب الاريب اللوذعي الالمعي النجيب العلامة الاوحد الشيخ سيدي احمد نجل العبيدي الاسعد جعل الله هلال محرك بدرا وأبقاك لنا كهفا وذخرا بجاه من وطى البساط بنعله عزا وفخرا وبعد. فقد ورد الجواب الكريم والإحسان العميم فكان ابهى من الدر الذكيم والروض الوسيم كيف لا وقد جادت به قريحة سحبان العصر وإنسان عين الدهر مفجر الصخر بلا فخر فوضعته سيدي على الرأس والعين وقمت له إجلالا على القدمين وقبلته قبل فض ختامه مرتين وفضضته فاذا هو السحر الحلال والوبل الهطال وتحققت فيه ان من البيان لسحر وان من الشعر لحكمة تحقق وتدري والا فكيف يجمع سر الضب والنون الا كل نفاث في العقد او من قلد العصا واليد البيضاء فهو جدير بان لايجاريه احد ولعمري كيف يجارى مثلكم في رهان او يلز معه في قران مع ان هذا هو العجب العجاب والبحر العباب والحق الذي ليس معه ارتياب ولما وقف عبدكم على تلك الابيات وراى تلك المخدرات منكشفات خالها جنة الرضوان او ثار كسرى انو شروان فاخذه الطرب والانشراح واشتد مااملت عليه الافراح:
اذه شموس ام ذا بـدر لاحـا
ام عرف مسك بالبشائر فاحا
ام عقد در علقته غــــادة
بالخندريس فأدارت الاقداحا
فسقت فاصمت كل صب مرنق
قد اشترى بالروح منها الراحا
ام ذي طروس في خدور سطورها
حـور البلاغة تخلب الارواحا
بل ذي سطور لابن بجدة عصره
من بدر فضله بالمفاخر فاحا
علامة له العلوم علامة
قد افصحت بمدحـه إفصاحا
لم لا وذا شقيق شمس العلم
من قد اخجل الإصباح والمصباحا
جئت القريض مسائلا عن كنهه هل أنت حر
فقال كيف وصاحا
..وهانا لعمر الله ما أنا بأهل القريض ومن لي بمجاراة ذا الجاه الباذخ العريض الا اني تطفلت على من دابه الاغضا لا كن العذر سيدي لبنت ساعة لاسيما لمن هو مثلي مزجي البضاعة.....).
وله كذلك مراسلات مع عدد من العلماء منها رسائل متبادلةمع الاديب يحي بن السعيد بن عبد السلام (...-....) تلميذا الديسي وحاكم قبيلة زنينة. خاصة تلك المتضمنة القصيدة الفريدة التي يقول فيها المسعدي:
وقفت على سفح الديار الدواثر
بنسج الشمال والدبور الدوائر
مرابع بالربيع ليلى تحلها
رسوما لها اجرت ربيعا محادر
ومنها الرسالة التي كتبها المسعدي لصديقه يحي معتذرا له لما تخلف في دعوة دعاه إليه معاتبا إياه وبها القصيدة الرائعة التي جاء فيها:
ارخيت من شرخ الشباب عناني
ووطئت من مرح النشاط عناني
وركضت خيل اللهو في مرح الهوى
ولم أرعو مما عناه عنانـــي
وكم أستملت الصخر حتى فجرتــه
وأجبت خدنا بالخدور دعانــي
فقفا خليلي على ربع عفــــــا
بالله من هذر العذول دعانـــي
هذا زمان ليس يعذر معـــذرا
فلزور أهل الغدر كيف يدانـي
مالي بحمل خطوبه من منـــة
كلا ولا للصبر عند, يــدان
أرنو بعين لا تزال غريقــــه
ومن الجفون الوجد ألقـم ران
وله رسائل مع الشيخ محمد العاصمي (1888–1951) منها ماكتبه هذا الاخير للمسعدي: (فضيلة العلامة والأخ الكريم الشيخ سيدي عبد القادر بن إبراهيم دام محبا... فقد اتصلت برسالتك الجامعة المانعة بما وهبتم من قلم سيال وفكر فياض ومعلومات طافحة بكل مختار من القول لا فض فوك على ان ما لمست أثره في هذه الرسالة اكد ما أفضتم فيه شفاهيا وموقفكم حسب المفاهمة الشفاهية وهذه الرسالة موقف صريح فحواه تحديكم من يرى خلافه... والملحوظة إزاء ما تحدثتم به عن مطرفات مكشوفة ان المسالة مما يحير الفكر من جهة ما يشاهد من إهمالها مع إعلان المتطرفين فيها على وضح النهار ومهما يكن من الامر فالمساعي مبذولة فيما يخص ما نرجو لأمثالكم الذين يسيرون في طريق المسالمة والتسامح من حرمته تتفق ومقامكم العلمي الذي من شانه نزوغ صاحبه نزغه سالمة من كل أنواع الصراع العنيف.... وارجوا ان تحيطني علما بمصير قضية نجلكم وماليها واني محافظ على كل حال على وعدي لكم في مسالة التعليم ولن أزال مواصلا السعي في شانه.والذي أوصيكم به دوما انتم الحقيقة بمحتاجين للوصية وهو ملازمة المسلك الديني العلمي الصرف الذي هو مبادي كما تلمون صرف الأوقات في بث العلم والدين مع التجافي والتباعد عن الركض في مضمار عبدة الدنيا وما عند الله للأبرار خير وأبقى..).
وله رسائل مع عمر دهينة (...-...) المدرس بمليانة منها رسالة جاء فيها : (..الاخ الكريم السيد عبد القادر بن إبراهيم سلاما وتحية وبعد بلغني اليوم مكتوبكم فكان سروري عظيما لما حمل لي من أخباركم المرضية... ثم لما أبديتموه من الثقة نحوي والمحافظة على العهد عهد صداقتنا الخالصة. قد كنت اكدت لكم عند افتراقنا في الصيف الماضي ان تخبروني بما عسى يطرى لجنابكم من اذى او ظلم من طرف الذين لايؤمن أذاهم وكانت نيتي في ذلك ان ابلغ شكواكم الى اناس من أصدقائي لهم علاقات ببعض الجرائد الفرنسية فينشرون الخبر على أعمدتها ليذاع في الناس ويصل الى الدواير الحكومية فيكف الظالمون عن ظلمهم... جدوا في عزيمتكم وعلى الله حسن النجاح...)
*****2
ومن رسائله كذلك تلك التي بعثها الى القائمين على النادي الاسلامي بعد استقالته من التعليم في النادي في 14 اوت 1938 تحت عنوان "نداء وإعلان الى جماعة الإصلاح والإحسان" جاء فيها: (...أيها الإخوة الكرام أحييكم تحية مفارق بكل أسف وامتعاض انه لا يعزب عن علمكم ما وصلت إليه الحالة من التحرج من جراء الارهاقات والخلافات الناشئة عن فساد النيات واختلاف المشارب وتباين المقاصد وتضارب الأغراض السيئة وضعف الإيمان التي آدت إلى تشتيت الكلمة وانحلال الرابطة والتباغض والتدابر طمع في الأمر.... اخواني تسميتم مصلحين.. فهلا بدأتم بصلاح انفسكم ثم بصلاح ذات بينكم فان لم تفعلوا ولن تفعلو فلن يصلح من امركم شيء دهر الداهرين وابد.. اخرجوا من بينكم كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم مناع للخير عتل بعد ذلك زنيم. اطردوا كل من فيه شائبة خيانة من من موالاة.... فشاء السر او سعي بين افراد الجماعة بالفساد جانبو بالله عليكم كل من رابكم حاله او ماله ولاتخافوا فالله لومة لائم ان كنتم تؤمنون بالله حق الامان ولاتعتمدوا في امركم الا على من صلح باطنه وحسن ظاهره والا فتعالوا نكبر على جمعيتكم اربعا تكبيرنا على الاموات فهذه نصيحة اوجبها الشرع واوحدها الطبع..) إذا رعينا الى تاريخ رسالة المسعدي في 14 اوت 1938 فإننا نتأكد بان المسعدي لم يدرس بالنادي الإسلامي سوى الشهر الذي ذكرت وهذا اعتمادا على رسالة الإمام عبد الحميد ابن باديس والموجهة إلى الشيخ محمد شونان رئيس شعبة جمعية العلماء المسلمين بالجلفة بتاريخ 22 جويلية 1938). وقد سبق ان قبل المحاضرة بالنادي الاسلامي بالجلفة في 16 ديسمبر 1937 وقد امضى على بنود الشرط وجاء فيه: (...قبلت المحاضرة بالنادي الاسلامي في الجلفة على الشروط التالية الاول ان تكون المحاضرة بالنادي في ليال ثلاث في كل جمعة مادمت ساكنا بمسعد فاذا انتقلت الى الجلفة فخمس ليالي الثاني كل ماياتي من قبل الحكومة فالادارة تتولاه بنفسها الثالث....).
يبقى ان نقف في الاخير امام تلك الرسالة التي كتبها اعيان الاغواط للمسعدي. وهي جديرة بالقراءة والعناية والتمحيص خاصة وانها تعبير عن الانقلاب الذي وقع في حياة المسعدي. ورغم انه لقب بالعقبي لعداوته الشديدة لرجال البدع والطرق الذين انحرفوا بتعاليم الدين الاسلامي الحنيف مما جعلهم يقفون له بالمرصاد ويقيمون ضده حلفا مع الادارة الاستعمارية. الا اننا نستغرب منه وهو يقوم بكتابة التوسل بالشيخين الجيلي والشاذلي بعد المراسلة التي بعثها علماء الاغواط الى المسعدي. والتي جاء فيها (..نخبة الادباء وتاج الاذكياء العلامة الجليل ذو الغور السني المتمسك بطريقة شيخنا واستاذنا الامام الجيلي سيدي عبد القادر بن ابراهيم حفظكم الله ورعاكم.. وبعد.اخي فان العارف بالله تعالى سيدي الحاج البشير بن الحاج رحمه الله كان في قيد حياته ونحن محدقون به أنشدنا بديهيا بمحل سكناه بيتين متوسلا بهما الى الله تعالى بالإمامين الجليلين سيدي عبد القادر الجيلي وسيدنا ابي الحسن الشاذلي رضي الله عنهما وأوصاناوقتئذ بقراءتهما والمداومة على التوسل بهما وقت اجتماع الميعاد القادري والبيتان هما:
بالجيلي والشاذلي رضي الله عنهما *
فرج كروبي ياولي حتى افوز بهما.
وكنت سالته عن قائلهما فقال الى العبد الفقير وعلى هذا فالرجاء من كمالكم وحسن اخلاقكم تذييلها بابيات اوخر بما يفتح الله عليكم من انشادكم الرائق ولكم الفضل... والسلام من ودودكم المخلص.... علي بن محمد السفاري وفقه الله)
فكان ان رد المسعدي:(....بالجيلي والشاذلي*رضي الله عنهما/ فرج كروبي ياولي*حتى افوز بهما/ اني وقفت ضارعا* اشكوزمانادهما/واعتكرتخطوبه*وقد توالتغمما/ فلامجير يرتجى*ولاحمى ليحتمى/ الا الذي ارجوه من*حماهما نعم الحمى/ وقد سالت بهما*ومنحوىاصلهما/ومنغدا يقفوهما*ومن نحا نحوهما/ وماحوى جاههما*وماحمى حماهما/ومنرءاولاهما*اولهماقد انتمى/حقق رجائي فيك*ياارحم كل الرحما...) وهي تبلغ 20 بيتا.
اما المسعدي الشاعر، فقد ترك عديد من القصائد لو جمعت لتشكلت اجمل الحلل لما تحويه. منها أول قصيدة قالها المسعدي بحضرة الأستاذ الطاهر بن العبيدي.
بكرا زرت بالشمس في حلل البها
حللا كساها نجل بحدة في المـــــلا
آذه شموس أم دروس قد بــدت
سحرا حلالا في المحافل قد حــــلا
قد صاغها شمس الهدى بحر الفدى
مشفى الصدى أعني الهمام الأفضلا
علامة التحقيق ذو اللفظ الأنيــــق
المكودي الألمعي الأجمـــــلا
لا سيما وقد كساه المرتضـــــى
حللا زرت بالشمس في عـــلا
العالم القطريف من حسناتـــــه
تسمو النجوم وفي العديد الطيسـلا
إنسان عن العلم والحلم الـــذي
أعار إياسا وأحنف نائــــــلا
إن المعاني عن معانيه قــصرت
كل البيان في نطقه قد خيــــلا
وكذا العروض عروض حلـــــها
ليس البديع إلا الذي قد حصــلا
والفقه فقه والأصول سجيـــــة
والنحو نحو بالكلام تكمــــــلا
فالعلم روض فاتح أكمامــــــه
من وابل الدرس الذي قد أرســــــلا
وهو الخلاصة للخلاصة مخلـص
ومخلص للناس من أصل البـــــلا
بحر الحقيقة والشريعة سيــــدي
نجل العبيدي الطاهرالحلا الحـــــلا
يا ربنا أدم بقاه معلمــــــــا
للخيروأبلغه الذي قد أمــــــــلا
مالي سواه في الأنام وسيــــــلة
للعلم إلا جـده المزمــــــــلا
صلى عليه الله ما قطر الحبـــى
والآل والصحب الكرام ومن تـــــلا
نجل إبراهيم أهدى السلام إليكــم
ولرحله يحييكم قد أنـــــــــزلا
صفر النقاب عن الكمال مؤرخــا
السعد بان بالسرور مكمـــــــلا
وقال المسعدي معتذرا عن تخلفه للسيد حسين المترجم الحربي:
اليوم قد أدركتني حرفة الأدب
وشؤمها أعاقني عن معتلى الرتــــب
دعى حسين جزاه الله صالحه
لأن أجوب الفلا في صحبــــةالأدب
وما درى أن حظ العلم ثبطني
فما أفكر في جاه ولا نســــــب
لو اعتصمت براس النيق أدركني
طوفانه من عيون الهم والكـــرب
ولو أقمت مقام الحوت في لجج
لخفت موت الظمأ أو مسة القــلب
عاث الزمان بحظي ثم عاندني
بجده عند أطوار من اللعـــــب
وما درى أن مثلي لا يروعه
وقع الزمان ولا هش إلى طـــرب
وطنت نفسي على حب الخمول ولو
رمت الظهور لنا جافي من كثـب
فاعذر حسين أخاك في تقاعسه
واركع هديت معين العلـم والأدب
واجمع إلى العلم حلما كي يعادله
كما جمعت معاني العجم والعربـي
ومنها تهنئة السيد المترجم بالزواج:
قران السعد أقبل بالتهانــي
يبشر بالسرور وبالأمـــــاني
فظلل البدر مقترنا بشــمس
لقد عم الحبور بذا المكــــان
أزف إليك أعلام بشــــري
بإقبال يدوم مع الزمـــــان
بعيش راق في أفق المعالي
وفضل فاق في أفق المعـــاني
ومرتبة تجاوز كل عــــزي
تقوم لها البشائر بالتهانــــي
وقال في مدح الشيخ الحاج بن عمر بن حرز الله:
تشـرفت المرابع والنوادي
وسر العرب حاضرهم وبـاد
وأقبلـت المــادة في حلاها
تسير الخيزلي والسعد جــاد
وغنتنا البشائر عن لحون
أعدن معبدا وقيان عــــاد
بإقبال الخلاصة من قريش
وأكرم من على متن الجيـــــاد
هماما من بني الحركات يسمو
ويسبق للعلى سبق الجـــــواد
بني نائل لقد سدتم وشدتم
صروح المجد والشرف التـــلاد
فلو أن القبائل من لجين
لكنتم عسجدا عند النقــــــاد
ولما لا والرسول أب وأم
ومنكم كل مهدي وهـــــــاد
ومما نظمه في تهنئة جلول بمنصب قاض وقد وافى ذلك نزول غيث عام:
بمسعد حل الفضل وارتكز الفخر
الست ترى الأقطار قد عمها قطــر
تباشرت الآفاق واخضرت الربى
أ لست ترى ثغر الأقاحي يفتـــر
وقد قام اسرافيل في الصور نافخا
جهارا وميت الحق حق له نشــر
بإقبال بدر التم نجل بن عامـــر
وفرع الذي لولاه ما خلق الــبدر
رأيناه في دست القضا متربعـــــا
ونعم القضا لمن يحق له الأمــر
وقد نسخت به الضلالة والعمــا
وولي ظلام الجور يطرده الفــجر
وشاد منار العلم، أعلى بنـــوده
فأضحت جنود الجهل قد عمها كسر
ومما قاله في المظلوم وشاهد الزور:
عجبت لحاكم بالجور لكن
عجبت لشاهد بالزور أكثر
فذلك غره بالمال نفـــع
وهذا ماله عذر فـــيذكر
عجبت لشاهد الزور لكن
عجبت لحاكم قد جار أكـثر
فذلك قال قولا غير صدق
وهذا حرف الشرع المسطر
عجبت لظالم يزهو بظلــم
ومن يبتغي الإنصاف أكثــر
فهنا لماله في الوقـت راع
وذاك بكثرة الأنصار يظـــفر
ومما قاله في تقريض كتاب "كتاب التوهين" للشيخ الديسي:
الله أكبر سيف الحق قد بهــروا
وكوكب الاهتدا في الأفق قد طهروا
غضب الزبيدي لهمام المارقين فـرا
وذو الفقار سطا للملحدين بـــرا
من كان ينكر فلينظر مصادمــــه
بمصرع الذل والخزيان قد نحــرا
بكف شهم في المجد غايتـــه
يعلو السها شرفا والشمس والقمرا
هذا أبو الصقر غزا والفاروق هدى
والمرتضى همما والبحر قـل دررا
يكفيك ما صاغ من معقوله حججـا
ومن عرمم نقل يخجل الزهـــرا
صواغ ابن بجده فخر الأكر مين وذا
محمد المرتضى الديسي الذي ظهرا
يا بن الكرام جراك الله مكرمـــة
فابق بقا الشمس دوما لا تخف ضررا
أوهنت ما استمتى الكلب الطريد وهل
مع الصبـحشماخـى قـــام
أرخيت من شرخ الشباب عنانـــي
ووطئت من مرح النشاط عناني
فمن العجائب أن أرى متوانيــــا
أبحق في جنب الكرام تــــوان
هل يبتغي الإنصاف حقا منصـــف
عند الصديق ولو أتى بمثـــان
هذا وشرع الود قد قال اغـــــــدروا
أولا فأسباب الوداد مثانــــى
فلكم سلام والأحبة كلهـــــم
ما غنى شاد عند رب مثـــان
وأغرورقت عين المحب لذكــره
ذاك الحمى وتلاوة لمثــــان
وقد فارقنا المسعدي يوم 30 أوت 1956 ورثاه شيخة الطاهر بن العبيدي، حيث يقول:
مسعد حسرتي فقدت السعادة
وخلعت تاج العلى والسيادة
كنت بين القرى محط رحال
في بني نائل كقصر إشــادة
كان نور العلم فيك شريفا
إن فقد العلوم فقد السعادة
كان عبد القادر نجل ابراهيم
فيـك أنـواره وقــادة
وهو في الذوق والفهوم وفي
الانشاء بحر يجري صنوف الإفادة





>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :









__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

أشكر الأخت الكريمة على هذه الكلمات و جعلها الله لنا و لكم في ميزان الحسنات و أسأل الله أن ينفع بها كل مسلم

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :