* الشهيد والبطل والفدائي عيسى بن بلقا سم منصورية*
قال أبي تمام:
خلقنا رجالا للتجلد والأسى *** وتلك القوافي للبكاء والماثم ******
لقد مرت الأيام أعواما ومرت الأعوام أوهاما نعم ... انه تاريخ وللتاريخ معنى ولبلدنا العريق الجزائر عدة احتلالات فمن الو ندال والأسبان والرومان قديما إلى فرنسا حديثا وهذه الأخيرة عرفت خلالها ثورة الجزائريين , أبطالا كافحوا من أجل حريتها فلو أردنا التحدث عن تاريخنا فلن تسعنا لذلك أسطر الورقة ولا مهارة اليد بوصف هؤلاء الأبطال الذين ضحوا بما يملكونه من أجل حريتها وهذه الثورة لم تقتصر على بقعة معينة من التراب الوطني بل شملت كل أنحائه وعلى سبيل المثال المنطقة المجاهدة القيقبة التي سعت من أجل نفس السبيل الذي سعى إليه كل جزائري فهي قد كان لها الأثر الكبير أبان الثورة لما احتوته بين ضلوعها من أبناء مجاهدين ومكافحين من اجل حرية بلدهم وملبين لنداء الفاتح نوفمبر وقد يعجز كل من القلم واللسان عن تخيل ما قدمه هؤلاء الرجال من تضحيات كبيرة ومن بين الشخصيات البطولية البارزة في منطقة القيقبة الفدائي والبطل والشهيد والرجل الذي تخلى عن فلذة كبده من أجل الالتحاق بصفوف الجيش التحريري وهو ذاك الابن البار لمنطقته ألا وهو الشهيد البطل عيسى بن بلقاسم منصورية المعروف عند أهالي المنطقة باسم عيسى وأقاسى ,ابن بلقاسم بن علي وابن منصورية سعدة ولد سنة 1931 م , بقرية عين التين وينحدر أصله من عائلة ثورية مكافحة إذ أن والده كان من بين المشاركين في الحرب العالمية الثانية وشارك معه في ثورة الفاتح من نوفمبر 1954 م فقد ورث الجهاد وروح التضحية عن أبيه الرجل الشهم , ويروي من أهالي المنطقة وخاصة من طرف أخته وزوجة أبيه رحمها الله وأسكنها جنات خلده أنه نشأ فلاحا موالا مع أبيه وفي بداية الثورة نشط سرا كمعظم أبناء القرية اشتبه في أمره سنة 1957 م فأصبح يتهرب من العدو إلى غاية سنة 1958 م أين التحق بصفوف الجبهة عين من خلالها على رأس الفدائيين ودام على هذا العمل إلى غاية يوم 26 /03/1961 م ونظرا لخبرته الواسعة وعبقريته في تسيير الجيش وكلت إليه آنذاك مهمة إيصال فرقة من أفراد جيش التحرير إلى الجبل حينها ملئت حياته بالمغامرات أين كان يقضي طوال نهاره وليله في الجبل مع رفاقه اثر تواجدهم في ذلك المكان نشبت بينهم وبين العدو معركة طاحنة فرغم عدتهم التي كانت تتكون منه و13 جنديا و3 مشتبه فيهم وخلال هذه المعركة التي استمرت أكثر من ست ساعات فقد فيها العدو الغاشم أكثر من مائة وخمسين جنديا بالإضافة إلى الجرحى لكنه لم يستطع القضاء على الثوار إلا بعد الاستنجاد بالمروحيات التي حاصرتهم ولم تترك لهم منفذا حتى الهروب حيث شاءت مشيئة الله العلي القدير أن يكون مكان استشهاده هو هذا المكان المبين في الصورة والذي يسمى "ثماذلة " وقد سقط شهيدا عند موضع العلم وكانت نهايته بمضغه لوثائقه الخاصة قبل أن يعثر عليها العدو وهذا ما كان صعبا لنا للحصول حتى ولو على صورة من صوره أو وثيقة من وثائقه الشخصية على الأقل تساعدنا على تقديمها لكم إلا هذا المكان الذي أوصلنا إليه رواة المنطقة والذي أطلق عليه اسم أقبور عيسى أوقاسى "بالشاوية " ,بقي في ذاك المكان إلى أن تم نقل رفاته بعد الاستقلال إلى مقبرة الشهداء المتواجدة في منطقة ذراع التكار الناحية الغربية لبلدية القيقبة حالــــــيا .
فبعيون دامعة وقلوب دامية استطعنا أن نرفع القناع عن حياة هذا البطل الشهم الذي كانت حياته مجهولة ولم يتفرغ لها أحد سوى شاعر المنطقة وأديبها السيد ضيف الله خلاف بنبذة قصيرة جدا , والثمرة التي خلفها هذا الشهيد هي ابن وحيد الذي لطالما عاش وترعرع محروما من حنان أبيه هو السيد منصورية الصالح . أطال الله في عمره والذي يفتخر بكونه ابنا لهذا الباسل والأغرب في هذا انه لم يتعلم آنذاك وسعى دوما لتعليم أبنائه ويزرع في قلوبهم حب الوطن كما ورثه من أبيه
رحم الله الشهداء وأسكنهم فسيح جناته وعاشت الجزائر حرة مستقلة
قال تعالى :"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون "
صدق الله العظيم
نختم حديثنا هذا بهذه الآية الكريمة أملة من المولى العلي القدير أن أكون قد وفقت في تقديم ولو جزء قليل من حياة هذا المناضل الشهيد منصورية عيسى بن بلقا سم
والسلام عليكم