عنوان الموضوع : المعلمـــــــون الأوائل"الشيخ ابراهيم بوحنيك" شخصية جزائرية
مقدم من طرف منتديات العندليب
الموضوع كاملا بالصور - اشهار لمنتدى
بسم الله الرحمن الرحيم
قــال اللـه تـعـالـى" يرفع الله الذين امنـــــوا منكــــم والذين أوتوا العلم درجات "
المعلمـــــــون الأوائل
أدرك يقينا أن الحديث عــــــــــن أولئك الأفذاذ القلائل في عدة سطور لا يفي بالذي يجب أن يكتب والذي أريد أن أقول.إلا أن هذا لا يمنعني من الوفاء للأوفياء.
هم السابقون الأولون في العلم الديــن أدركوا حقيقة وجودهم فأملوا على الحياة إرادتهم وأخضعوا الأيام لمشيئتهم فكيفوها كما أرادوا فأوجدوا العزم الصـــــــــوال فكانوا الفجر الذي أذهب ظلمات ليل مذلهم في مجتمع متداع شارف النهاية والاندثار فالواقع مزر والتخلـــــف مستشر والمثالب طافيــة علـى سطوح الحياة وفساد وشرور مستأسدة.
فقاموا بفلح كيان المجتمع بالقيم والمثل وترشيد حسه بالجمال والحــق وتبصير عقله بالبيان و المنطق والمعرفة وترويض روحه بالفضيلة والطهر .
إذ نفخوا في ضرم فأنبعث فجــــر وكانت طلائع نور وأمل فأنبعث رجال أولوا بأس وعوا للجهاد معناه رجال من طينة بن مهيـــدي و بن بولعيد كأحمد بوزقاق محمد شهرة وعبد الرزاق براشد الذين لبسوا للحياة أكفـــــانا وأقبلــــوا إلـى أمــــر أرخص متاع فيه النفوس فأقضوا مضاجع الرعاع.رجال عاشوا وسط المعارك والكمائن والقصــــــــــف العشوائي فأحترمهم الموت وماتوا ميتة الشرفاء.
هم من أنشأوا عقولا سلكت للعلم سبلا فارتقت وبلغت الدرجات العلى من المعرفة والتحصيل ومدت للعلوم حبائل و وقائع.
أولئك من أمتحن الله قلوبهم للتقوى فصبـــروا ومــــا وهنوا وما استكانوا لما أصابهم من يحموم معتد عتل أثيم بل كانوا أكثر جلدا سعيا لهدف سام وغاية نبيلة وهدف شريــف فلــــم تكـــن الدنيا لتثبطهم عما عاهدوا الله عليه.فسهروا على إعداد جيل علموه رشد ما علموا من قيم ومبادئ لغة الإسلام الخالد حيــــن كــانت العــربية تعد أجنبية في زعم الغزاة لا يستحق ذووها إلا النبذ والاحتقار ويوم كان القابضون على دينهم وكان بأكفهم الجمر.
هؤلاء هم أخدان لغة الضاد وسدنة الدين فهم صفوة الرجال الذين كـــانت حياتهم كلها جهاد وهجـــرات إلى الله...
أليست الهجرة لطلب العلم جهاد والجهاد هجرة إلى الله أوليس تعليم النشء وإصلاح المجتمع جهاد والجهاد هجرة إلى الله أوليس قتال من غصب الأرض وهتك العرض واستباح دم الأمة جهاد والجهاد هجرة إلى الله.
بلى إنها لأسمى المعاني و الأعمال يتسامى بها الرجال.فرحــم الله من قضى وهو على ميثاق الأتقياء وأمد الله في عمر ونفع من لم يزل على نهج وعهد الأوفياء
سيرة الشيخ إبراهيم بوحنيك
ميلاده ونشأته :
كان مولد الشيخ إبراهيم بن علي بوحنيك خـــــلال 1920 ببلدة عمر(تقــــرت) حيث نشــــأ وســط أسرة محافظة ومتواضعة وجراء ما كانت تعانيه الجزائر من ويلات الاستدمار نزحت هذه الأسرة إلــــــــى المغير طلبا للرزق أين احترفت الفلاحة(زراعة النخيل) وكان ذلك خلال ثلاثينيات القرن الماضي فعكف أخـــوه الأكبــر الحاج الطيب طيب الله ثراه على تنشئته تنشئة صالحة فكان له الدور الرائد في مسار حياته فهو الذي حفزه علـى طلب العلم وهـــو الذي تكفل بأهله مدة تعلمه ومدة مطاردة قوات الاحتلال له فكان نعم الأخ ونعم الرافد.
مرحلة التعلم :
تعلم الشيخ القرآن وأتم حفظه كبقية أترابه مبكـرا في ذلك العهد بالزاوية الصائمية على يدي شيوخ هم أحمد فقيه، أحمد لبوز، محمد ريزوق، الطاهر بوزوايد، ثــم انتقل للتعلم عل يدي العالم العامل والمصلح الشيخ علي خليل رحمه الله.
وبتحفيز من الصلحاء ودعم من أخيه الحــاج الطيب انتقل إلى تبسة عام 1942 رفقة نفر من البلدة لأخذ مزيد من العلم في مدرسة تهذيب البنين اين تتلمذ على يد العلامة الشيخ العربي التبسي وقـــد صاحبه كــــل مـــــــــــن السادة لزهاري ثابت،أحمـــد صحراوي(سي حميدة)، بوحفص الصايم، محمد حسن الصايم، سعيد بن أحمد بوشمـال .مكثوا عام يدرسون غـــــادروا المدينة بعده اثر تفشي الوباء وظروف الحرب العالميــــــــة الثانية .وبالمغير عادوا لمزاولة الدروس عند الشيخ علي خليل.
وعملا بما علم قام الشيخ إبراهيم بفتح قسم لتعليــــم القرآن بالبيت الذي سكنته العائلة فأقبل عليه الكثير يتعلم فأفاد وأفاض . وكثيرا ما تباهى بقراءته المؤثرة الرجل الميسور الصالح الحاج الشاوي فيصطحبه إلى مدينة سطيف للقيام وإمامة صلاة التراويح خلال شهر رمضان الكريم بأحد المساجد.
ومع حلول عام 1946 كان الشيخ على موعد هجرة لطلب العلم وكانت الوجهة جامــــع الزيتونة المعمور بتونس فشد الرحال قاصدا مع نخبة من الطلبة منهم السادة محمد حسن الصــــايم،بــوحفص الصـايم ،إبراهيم قسوم لزهاري ثابت ،موسى براشد ، طلحة طلحة ،السايح صحراوي
درس بالزيتونة لمدة سنوات يكد ويجتهد حيـــى نــــال شهادة الأهلية ثم واصل الدراسة بهــا بالمستوى الأعـلـــى.
خلال هده الفترة اتسعت المدارك وأخذت الأفاق مداهــــــا وبالاحتكــــاك بكثير من الوطنين من مختـلف النخـــب والاتجاهات السياسية واكتمل الوعي السياسي لديه وأخذت عبــارات الوطن الحرية، الجرائر، العربية، الدين كلمات تأخذ عمقها ويتردد صداها وقد ارتسم وترسخ في الفكر ما يعيشــه شعب من ضنك عيش وما يقاسيه وطــــــن بسبب فرنسا أم شقائنا.
ناضــــــــــل رفقــة العديد مـن المناضلين في إطــار الحركــة الوطنيــة ومـن بين هـؤلاء المناضلين السادة سعيد بوشمال،إبراهيم ثابت،عبد القادر قرميط،شريف زغيدي.
لــــم تكـــــن عطلة الصيف تعني له الراحة والاستجمام بل كانت توعية وتنوير وبعـث نفوس وشحذ همم، فتعيش المغير جـــوا ثقــــافيا وحـــراكا سياسيا متميزين.فكان دائم الارتياد للمنتدى السياسي بمحل سي شريف زغيدي رفق مناضلين فــــــي الحركة الوطنية منهم السادة محمد العايش،عبد القادر قرميط، لزهاري ثابت،سعيد بوشمال لمطالعة الصحف العربية الواردة وللنقاشات السياسية وما يمكن تقديمه لوطن له دين الوفاء
مشـــــواره التعليمـــي :
لما أنهى الدراسة بالزيتونة عام 1953 شد الرحال عائدا إلى الوطن الجريح وقد استوي على عرش وعيــــه فلم يكن ليعود ليتفرج على محنة وطنه ويذرف الدموع على مأساة قومه بل عاد للجهاديين إعداد جيل وجهاد عـــدو بلغ طغيانه المنتهى في الجزائر .
فبدأ مشواره الرسالي في إطار جمعية العلماء المسلمين الجزائريين فور عودته من تونس حيث أعاد فتح مدرسة الفتح رفقة الشيخ لزهـاري ثابت مديرا الذي عاد بدوره من القل أين كان يعلم فـي نفس الإطــار بعد ذهاب كـــل من الشيخ لعروسي والشيخ محمد بن عبد الرحمان المسعدي فعمل على تعليم الأجيال مبادئ الدين والقيم وأصــول اللغة العربية وغرس حب الوطن في نفوسهم ومن ضمن من علم بهذه المدرسة التـــي أسست على تقوا من الله وطــاعته السادة الشيوخ إبراهيم قســوم، عبد الرزاق قســـوم،أحمد بوزقــاق،عثمـــان بوزقــاق، موســى براشد، محمد شهرة.
مــع ركب الثورة التحريرية :
واثر انــدلاع ثورة التحرير المبــاركة سنة 1954 ووصول لهيبها البلـــدة بعد أشهر قليلة لم يتوانــــــى لحظة في الانضمام إليها فكان أحد أعضاء لجنة مكونة من السادة مصرلي قانة، الشيخ عبد المجيد حبة، الشيخ لزهـــاري ثابت ،محمد بالصحراوي(حمة ساسي)،الحاج عبد القادر زغيدي،قرميط عبد القادر،العيد بالرمضان، سي عبد الله بن عمر قسوم،سي الطيب بوزقاق الدراجي بدرة و محمد حبة .عملت هذه اللجنة على تنظيم وتوعية الجماهير ودعم ومساندة الثورة إلى غاية 1957 سنة اكتشاف أمرها لدى سلطات الاحتلال فاضطر الجميــــــــع إلى مغادرة البلدة والتخفــــي على أنظار العدو فهناك مـــــن اتجه إلى الجزائر ومنهم من غادر الوطـــــــــن أما الشيخ إبـــــراهيم فقد اتجه متخفيا إلى مسقط رأسه بلدة عمر ثم ليتوجـــها بعدها إلــــى تمــاسيــن (تقـــرت) أيــن استقــــر وواصـــل نضاله الثــــوري رفقة الســادة المناضلين منهم الشيخ المولدي بن حميـــــدة،عبـــد الحميد عقــــــــــال،الشيخ التجـــــــــاني عبد الحميد (اللغة)،معاذ إدريس ،مصطفى حبة.بمساندة ودعم وتأييد من شيخ الزاوي التجانية سيدي أحمد التجاني.
كما قام الشيخ بالتدريس والتعليم فتعلم عليه الكثيرون إلى غاية توقيف القتال واستعادة الجزائر سيادتها عـــاد إلى المغير لتقر عينه بأهله بعد طول غياب وليواصل مهمة التعليم بكل جد وإخلاص وتوليه مهمة القضاء مــــــع الشيخ العروسي الذي عاد إلى البلدة ليستقر بها لسنوات.
كان الشيخ ممن أدركوا أن الحياة كفاح وأن عمـــل الفـرد أو الجماعة مـزيج من العمــــــل الصالح والعمل النافع فانصرف يعلم وينشئ بكل ما أوتي من جهد وإخلاص إلى أن أنهى مسيرته التعليمية الحافلة بالعطاء بمدرسة الشيخ "علي خليل" التي فيها تعلم خيرة الأجيال.وتقديرا لما قام به من أعمال أبى الرفقاء إلا أن يكـرموا رجلا قضى زهرة شبابه في خدمة التعليم فأقيم على شرفه حفل تكريما كرم فيه خير تكريم ونوه فيه الرفقاء بمـــــحمود الصفات وجليل الأعمال وجميل الأقوال ونبل الخصال التي تميز بها الشيخ أول معلم أنهى مشواره التعليمي امتــــد لأكثر من ثلاثين سنة .
علاقات الشيخ مع رجال الفكر :
ارتبط الشيــخ بعلاقات طيبة مع الكثير من رجال الفكر و الثقافة منهم الدكتور عبد الرزاق قسوم . الدكتور محمد الصالح بــاوية . الأستاذ الأديب محمد الأخضر عبد القادر السائحي . الأستاذ الأديب احمـــد طيب معــــاش .الأستاذ الدكتــور محمد الهادي حسني. الشيخ لزهــاري ثابت . الشيخ عبد الجميد حبة .الشيخ زهير الزاهري .الأديب الشهيد بشير بالرابح .
ابرز من تعلم على يد الشيخ :
لكم سعد الشيــخ برؤية ثمرة أعماله فــــي كثيـــر من الأجيال تعلمت منه الاحترام فاحترمته وتعلمت منه الأخلاق فتخلقت وعرفــــت من قدر العلم فتعلمت وأقرت بالفضل وأكنت التقدير وابــــــرز من تعلــم على الشيخ في مختلف الأجيال .
الشيـخ عبد الرزاق قسوم .الشيخ عثمان بوزقاق . الشهيد احمد بوزقاق . الشهيد محمد شهرة . الأستاذ العقبي حبة . الأستــاذ محمد لحسن زغيدي . الأستاذ سعد مردف . الأستاذ عمر بوحنيك . الأستاذ عبد الغني بوحنيك . محمد بن لخضــــر زغيــــدي .المهنـــــدس إسماعيل بوزوايد . المهندس حواس زغيدي ... وكثير من الإطارات والكفاءات .
تقدم به العمر وهو منصــــرف إلــــى العبادة الروحية المطالعة الدينية في ختم كتاب الله وكان اشد ما يزداد تعبدا وتقربا من الله في شهر رمضان . أتـــــم أركــــان الديـــن بأن حج البيت عام 1985 م رفقة سادة منهم الحاج جلول تماسيني . الحاج موسى حوفاني الحاج جلول زغيدي .
وهكذا مضت حياة الشيخ كلها عبادة تقوى و ورع وصبــــر وزهــد لم يشك يوما حياته مهما قست وطأتها وحتى كأنه لا يعرف أولها من آخرها ... مواظبا صلاة الجماعة مواصلا التلاوة مجالسا الكتاب .
يحضر مجالس الصلح . يدعى لمختلف المناسبات كاستقبال كبــار ضيوف البلدة يوقره العارفون لقدره وهنا اذكر ذلك التبجيل و التشريف الذي خصه به الأستاذ الدكتور عبد الــــرزاق قسوم بارا بصداقة والده المجاهد سي عبد الله و اعتزازا بمعلمه إذ ولاه مهمة عقد قران لنجله نضال وســـط جمهـــــرة من الأساتذة والمفوهين بالجزائر العاصمة.
وفــــــــاته :
وفاته كانت يوم الثلاثاء الفاتح من جويلية عام 2016 الموافق لـ 28 جمادى الثاني 1429 هـ .
وبعد عمر امتد لثمانية و ثمانين حولا وصراع مع داء عضال و وهن جسد حل الخطب الجلل و أرتحــــل الشيـخ بعدما كان ملء السمع و البصر يمنح وفائه ويهب من طيبة نفسه وفيض تفاؤله وفسحة أماله للإخوان و الخـــلان كل ما يبهج النفس و يشرح الصدر . فتناعت البلدة رحيله . فاحتشدت جموع الناس وسارت إلى صعيد الأموات لقضــاء حق عزيز .
وبكلمات فيها كثير من الأسى و التأسي أبّنه فريق من الرفقاء كان أولهم الشيخ لزهاري ثابت ثم الشيــــخ عثمــان بوزقاق تلاه الأستاذ سعد مردف وكان آخر المؤبنين الأستاذ عبد الحميد قادري .
ذاكرين جهده شاكرين فضله مادحين سيرته مترحمين على روحه باكيـــن فقده .ليوارى جسده الثرى ويغدو اسمه ذكرا طيبا وتغدوا أعماله ذكرا محمودا فالناس موتى و أهل العلم أحياء .
كما ورد سيل من برقيات التعازي و المواساة إلــــــى أفراد الأسرة من رفقـــاء و أصدقــاء منعتهم ظروف توديع أب روحي مثلا به يؤتسى .
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
بارك الله فيك
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
جزاك الله خيرا
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
الشيخ إبراهيم بوحنيك من مشايخ العلم الذين نفنخر بهم . أفنوا حياتهم في البذل والعطاء.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
في أواخر السبعينات حظينا في الصف الثاني من التعليم الابتدائي بمدرسة علي خليل بمعلم حسن المظهر بدا طلق المحيا لين الجانب ، وكان الرجل متأنقاً ببدلته الجميلة ، و قامته الفارعة وكان لمظهره ذاك من الهيبة ما استولى على النفوس فملك الأسماع و الأبصار ، و على تقادم العهد و توالي السنين لم أعد أذكر تلك الملامح على ما كانت عليه و لكن صورة الجلال و الجمال الذين طالعنا بهما معلمنا الجديد تركت ظلالها إلى يوم الناس هذا ،كما أن أسلوبه العذب في التأثير على صغار الصف كان كفيلا بأن يترك في طباعنا شيئا من اللين و الرقة لازمنا عهودا طويلة ، فقد كان معلمنا يبدأحصة الأخلاق و قد جلس على مكتبه كمن يتأهب لتلاوة آيات من الذكر ثم يضع بين يديه كتابا غير سميك أظننه مشتملا على شيئ غير قليل من مواد التربية المقررة ، فكان يشرع كل مرة في قراءة قصة طريفة عن خلق من الأخلاق الكريمة ، ثم يضع الكتاب جانبا لينطلق في استثمار العظات و القيم من تلك القصة بأسلوب رقيق أخاذ تتجاوب معه القلوب قبل العيون و الأسماع كان أستاذي المغفور له " ابراهيم بوحنيك " ذاك الرجل البهي الودود المشرق الذي غذانا بأخلاقه و طبعنا بطباعه الكريمة منذ عهدنا الأول بالمدارس جزاه الله عنا خير ما جزى مربيا عن مريديه و طلابه و تغمده برحمته و ألحقه بالأنبياء و الصالحين . سعد مردف