عنوان الموضوع : بنو هلال بين السياسة والبحث عن الكلا والمرعى
مقدم من طرف منتديات العندليب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



إنهم بنو هلال..

هم .. يشكلون السواد الأعظم في الأمة العربية، ويتواجدون في معظم أجزاء المشرق والمغرب العربي وشمال وجنوب الجزيرة العربية..

لشدة بأسهم وغريب شجاعتهم وكرمهم الحاتمي في التاريخ تحوّلوا إلى أسطورة.. ويشير البعض إلى قبور في الصحراء يبلغ طولها أكثر من عشرين قدما ويقال أنها لبني هلال وهذي مجرد اساطير.

هم.. من كان لهم سوق عكاظ بعد هوازن.

هم الذين ناسبوا الرسول صلى الله عليه وسلم إذ تزوج منهم زينب بنت خزيمة الهلالية التي ينتهي نسبها إلى هلال بن عامر بن صعصعة ... وكانت تسمى أم المساكين.

هم الذين بعد معركة حنين ((أوطاس)) الشهيرة وفد منهم وفود على النبي صلى الله عليه وسلم مع وفود هوازن وكان صلى الله عليه وسلم يسمي هوازن وبني هلال بالأخوال، وذلك من الشرف التليد.

هم أول من سن الجائزة ولم تكن معروفة من قبلهم.

هم أول من نظم الشعر النبطي الشعبي ونظّر له.

هم أخوال عبد الله بن العباس وخالد بن الوليد رضي الله عنهما.

فمن هم هؤلاء الذين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس وغيروا مجرى التاريخ و الجغرافيا في مناطق واسعة من الكرة الأرضية .

من هم هؤلاء خلّفت تغريبتهم وحروبهم الطاحنة مع الزناتي حاكم تونس من الأشعار والقصائد ما يشيب له الرأس وقد بلغت أبيات الشعر ما يقارب المليون بيت تعرف بالتغريبة؟

بعض المؤرخين اليمنيين يقولون أن بني هلال بن عامر ليسوا من هوازن، وإنما بطن من كندة حضرموت فهم كهلانيون وليسوا حميريين.

وذهب ابن خلدون إلى أن بني بنب بن عامر بن صعصعة من هوازن وأن هوازن مضرية.

فهل بنو هلال عدنانيون أم حميريون أم غير ذلك؟

لقد وقع في سيرة بني هلال تصحيف كبير من بعض مؤرخي المماليك كالمقريزي وغيره، بينما عملت مسلسلات تحكمها خلفيات السياسة والشعوبية والجهل على طمس حقيقتهم كلية وإعادة رسمهم كما أريد لهم أن يكونوا، وأغلظ عليهم البعض حكم التاريخ كما فعل ابن خلدون وغيره، فوصفهم بالأجلاف المفسدين الذين دخلوا بلاد المغرب فلم يتركوا فيها حجرا على حجر.

ولأنهم تحولوا إلى أسطورة شعبية ، فقد تلاعب الحكواتيون وساردو القصص بسيرتهم فزادوا فيها وأنقصوا منها، مثلما حدث لسيرة أبي زيد الهلالي والجازية وغيرهما.

ووسط ذلك كله، يبقى الهلاليون ملحمة يمجّدها البعض حدّ الدهشة ويظلمها آخرون حد الغمط.

اقتفاء آثار القوم في تغريبتهم وخروجهم من ديارهم الأصلية بالجزيرة العربية ميممين وجوههم ناحية بلاد المغرب العربي أمر يقتضيه البحث عن النسب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:

" تعلموا من أنسابكم ما تصلون بعه أرحامكم".

نسبهم وموطنهم:

و قبل البدء لا بد من بيان أن العرب العدنانيين والذين ينتمي بنو هلال إليهم هم مجموعات من قريش وبني هلال وبني سليم ، أما العرب القحطانيون فمنهم جهينة ولخم وجذام وغيرهم.

أما بنو هلال الذين ملأوا الصحراء وملكوها فينتسبون إلى هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.

لذلك فهم فهم ينتمون الي قبيلة بني عامر التي تنتمي بدورها إلى هوازن بن قيس بن عدنان كبرى القبائل العربية من حيث العدد والتفرعات على الاطلاق.

وكان بنو هلال وبنو سليم يقيمون قبل ظهور الإسلام في نجد، وهذه المنطقة كثيرة الأودية والهضاب، وعرفت باعتدال مناخها وندرة أمطارها. فبنو سليم مما يلي المدينة وبنو هلال في جبل غزوان عند الطائف وربما كانوا يطوفون رحلة الصيف والشتاء أطراف العراق والشام...".

وكانت القبائل الهلالية في اغلبها قبائل بدوية ظاعنة وتنتقل ما بين البصرة ومكة من ناحية، وما بين مكة ويثرب من ناحية أخرى ومن المعلوم عنها أنها كانت تدين بالوثنية مثل بني هلال وبني سليم، فبنو هلال يعبدون صنم ذو الخلصة مع خثعم وبجيلة القحطانية.

سبب رحلتهم:

قيل في سبب هجرتهم من موطنهم الأصلي بالجزيرة العربية الكثير.. والكثير قيل أيضا عن سبب تركهم لمصر متجهين إلى بلاد المغرب العربي، ومن ذلك أن الحاكم الفاطمي أراد التخلص منهم.

فعن رحيلهم من الجزيرة العربية إلى مصر يقال أنهم شايعوا القرامطة ضد الفاطميين، وأن الفاطميين لما قضوا على القرامطة رحّلوا أشياعم من الهلاليين إلى بلاد مصر.

ويقال أيضا أن أهالي برقة (تونس) بقيادة زعيمهم (الزناتي) انفصلوا بالقوة وخرجوا على سلطان الدولة الفاطمية والتي كانت تحكم شمال افريقيا... وكان السلطان الفاطمي متعبا من هذه الثورات التي قامت عليه من كل أنحاء أفريقيا كـ (ثورة الزنوج) وثورات في صعيد مصر وثورات فالمغرب والاخيرة الزناتي وأهالي برقة ... لم يستطع ان يردها لحكمة
فأجتمع هو وحاشيته اهل مشورته وتناقشوا كيف يستردون "برقة" دون خسائر .. لأنه إذا كانت هناك خسائر قد يؤدي هذا إلى سقوط الدولة الضعيفة .. فأشاروا عليه أن يستعين ببدو الجزيرة العربية
ويطمعهم في أرض برقة وخصوبتها وانبساط مراعيها ... ويجعلهم يغزونها ويسقطون ثورة الزناتي ويعيدون حكمها إلى السلطان الفاطمي .. ويكون لهم الأرض وما عليها بينما يكون الحكم والسياسة للسلطان.

ووقع الاختيار على أكثر من قبيلة ولكن القبيلة الوحيدة التي أعلنت موافقتها هي قبيلة بني هلال وعلى رأسها اكبر قادتها (أبو زيد الهلالي)
ويذهب مؤرخون آخرون إلى أن السبب هو القحط الذي حل بديارهم ومضاربهم في الجزيرة العربية ، فعندما وقع القحط العظيم سنة 442هـ، أو 446 هـ، واستمر سبع سنوات سميت بالشدة العظمى ، صل الأمر إلى أن أكل الناس بعضهم البعض من شدة الجوع في الحجاز ونجد ومصر والشام وسائر الأقطار تقول الأشعار المتوارثة من بني هلال في قبيلة عتيبة عن تلك الشدة

ثمان سنين ما هوى نجـد قطره ....ولا خيل الرعد الرزين وســـــار
ولا هبت العليا ولا هبت الصبا ... ولا طار من اشعاف البكار غبار
نحط الكحــــل في شمخ الذرع ... تسرح وتضوي به وهو ما طــار
حفرنا للجـــــم تسعـــــين قامه ....ولقيـــنا جــــــم بعــــــــــيد وغار

و يذكر ابن فهد في إتحاف الورى سنة 440هـ "وفيها كان بمكة غلاء وبلاء" ويستمر الغلاء والجوع حتى سنة 450هـ وخلال هذه السنوات كانت هجرة بني هلال إلى شمال أفريقية. ويقول شاعرهم:
هذي ثمان سنين ما لاح بارق
ولا مزنة غرا ولا بذار

لما وقع هذا القحط ازدادت الوطأة فكر الهلاليون ومن دخل في جمعهم من قبائل أخرى في الرحيل بحثا عن الماء والكلإ.
فهاجروا متخذين ساحل بحر القلزم طريقا لهم حتى العقبة دخولا إلى مصر.
يقول شاعر يذكر رحيلهم من (اللوى، وزرود) وعند ياقوت الحموي "زرود رمال بين الثعلبية والخزيمية بطريق الحاج من الكوفة" وما زالت معروفة بهذا الاسم وبها بئر بهذا الاسم كان مورداً للبادية وهي في منطقة حائل واللوى هو ما يعرف الآن ببقعاء جنوب غرب زرود.
احلنا ولا خلينا في نجد حسوفه
سوى عيلم بين اللوى وزرود
ألفين وردوا الماء والفين صدروا
وألفين ما بين العدام ورود
والعدد المذكور في البيتين ستة آلاف يقارب ما ذكرته كتب التاريخ في أن بداية وصولهم لأفريقيا كانوا في عدد قليل لا يتجاوز ثلاثة آلاف فارس واستمر تزايدهم حتى بلغوا في السنة الأخرى سبعة آلاف فارس وخمسمائة وفي أول رمضان من عام 449ه دخل بنو هلال القيروان.

وكانت قبائل الهلاليين من الشدة والقوة والبأس بمكان، وليس ذلك غريبا فقد رمت صحارى الجزيرة العربية شال أفريقيا بأشرس وأقوى القبائل العربية والتي منها بنو هلال وفزارة وتميم، وكان من شدتهم أن عائشة أم المؤمنين قالت عن تميم وهي إحدى القبائل التي هاجرت منها بطون مع أنسبائها الهلاليين، قالت عائشة: لو تأخر الإسلام قليلا لأكلت بنو تميم العرب.

وعندما طلب سعد بن أبي وقاص المدد من عمر رضي الله عنهما في القادسية , أرسل له رجلا واحدا من تميم هو القعقاع بن عمرو , وقال لا يهزم جيش فيه هذا .

دخول الهلاليين بلاد المغرب العربي:

وصل بنو هلال وأحلافهم وأشياعهم إلى مصر، ومكثوا فيها زمنا طال أو قصر، يذهب البعض إلى أنه فترة وجيزة استراحوا فيها من عناء السفر ووعثاء الصحراء وتزودوا، ويقول آخرون أنها مائة سنة قضوها في مصر قبل رحيلهم إلى تونس ومن ثم إلى باقي بلاد المغرب إيغالا.

ولرحيلهم من مصر أيضا أسباب، فقد قال البعض أن وجهتهم الحقيقية منذ البدء لم تكن مصر بل تونس وما بعدها، كون مصر كانت من المناطق التي لا تختلف عن الجزيرة العربية في القحط والشدة آنذاك.

أما البعض فيُرجع الأمر إلى أسباب سياسية أملتها الخلافات القائمة بين الدول آنذاك، ليكون بنو هلال بذلك مجرد ورقة يلعبها الحكام وينتقمون بها بعضه من بعض مستغلين بأس وقوة هذه القبائل التي لا يصمد أمامها متراس جيش ولا حشد قبيلة.

لذلك يقال أن المستنصر بعث وزيره على هؤلاء أحياء الهلاليين في مصر من جشم والأثبج وزغبة ورياح وربيعة وعدي سنة إحدى وأربعين وأرضخ لأمرائهم في العطاء ووصل عامتهم بعير ودينار لكل واحد منهم وأباح لهم إجازة النيل‏.‏ وقال لهم‏:‏ قد أعطيتكم المغرب وملك المعز بن بلكين الصنهاجي العبد الآبق فلاتفتقرون وكتب اليازوري إلى المغرب‏:‏ أما بعد فقد أنفذنا إليكم خيولاً فحولاً وأرسلنا عليها رجالاً كهولا ليقضي الله أمراً كان مفعولاً فطمعت العرب إذ ذاك وأجازوا النيل إلى برقة نزلوا بها وافتتحو أمصارها واستباحوها وكتبوا لإخوانهم بشرقي النيل يرغبونهم في البلاد فأجازوا إليهم بعد أن أعطوا لكل رأس دينارين فأخذ منهم أضعاف ما أخذوه وتقارعوا على البلاد‏:‏ فحصل لسليم الشرق وأقامت هيب من سليم وأحلافها رواحة وناصرة وغمرة بأرض برقة‏.‏ وسارت قبائل دياب وعوف وزغب وجميع بطون هلال إلى إفريقية كالجراد المنتشر لا يمرون بشيء إلا أتوا عليه حتى وصلوا إلى إفريقية سنة ثلاث وأربعين‏.‏

وإذن فإن خلاصة الأمر عند من يذهب هذا المذهب أنه حصل تمرد من قبل والي أفريقيا المعز بن باديس فما كان من الخليفة الفاطمي الا ان رماه بقبائل بني هلال ومن معهم طبقا لنصيحة وزيره اليازوري فكانت ماسمي فيما بعد في التاريخ الاسلامي هجرة بني هلال التي دخلت بدورها إلى التراث العربي فيما سمي بتغريبة بني هلال ، الملحمة العربية الوحيدة التي تروى من المغرب وحتى البحرين.

ولسبب ما يطعن البعض في صدقه يستعمل مؤرخون مثل ابن خلدون ألفاظا تصوّر دخول الهلاليين إلى المغرب العربي بالنكسة التي تشبه اجتياح إعصار، ومن تلك الألفاظ قولهم: (هلكت الضواحي والقرى بإفساد العرب وعيثهم ، وكثر النهب واشتد الحصار.

وللعلم فإن شراسة وبأس عرب الصحراء كانت من الشمائل المحمودة ولم تكن نقيصة معيبة،ولم تك أقوى القبائل تقطع الطريق أو تغير على غيرها للتسلية أو للظلم، فقد كانت تتعفف عن ظلم الضعيف الغريب وابن السبيل، وكان ما بينها من الإغارات عبارة عن حروب ممتدة وثارات مستمرة يكبر فيها الصغير ويشيب ويورثها لخلفه من بعده.

ولعل بلدان المغرب العربي التي لم يكن فيها عرب من هذا القبيل آنذاك، كانت تعتبر هذه الشراسة نقيصة، لذلك أرختها على أنها من الهمجية والتخلف، وليس الأمر كذلك بمنظار التاريخ العربي الذي ليس فيه من عز دون السيف والرمح وحمحمات الجياد، وهي أمور يتميز بها الفرسان وتقاس بها القبائل.

ولم يكن بنو هلال أول من دخل بلاد المغرب العربي وشمال أفريقيا، فقلد سبقهم الفاتحون في القرن الأول الهجري ففتحوا كثيرا من بلاد المغرب حيث استوطن الكثير منهم بعد ذلك.

غير أن الفاتحين كانوا يحملون رسالة ويثلون الدين الجديد، وكان ذلك يعني أن يكونوا سفراء رحمة لغير من يقاتلهم ويقف في وجه فتوحاتهم، بينما لم يكن الهلاليون فاتحين لذلك كان الغالب عليهم هو الطبع البدوي الصحراوي الشرس الذي يعتمد على إدخال الرعب إلى قلب المجاور لإملاء نوع من الهيبة التي تقتضيها السيادة والظهور والمنعة.

دخل بنو هلال المنطقة وقيل ما قيل عنهم، لكن دخولهم ذاك كان رغم كل شيء زيادة في انتشار العربية وحماية الإسلام ،فقد أدى دخول جموع قبائل قيس عيلان المتمثلة في بني سليم وبني هلال وجشم وعدوان وفزارة و المعقل وبعض البطون من عدد من القبائل العربية القادمة من الجزيرة كبني تميم وغيرها ، أدت إلى تعريب المنطقة الواقعة بين الإسكندرية والمغرب بنسبة عالية وانتشرت بطون بني هلال وبني سليم وتوزعت وفرقتها الحروب والكروب .

وآخر مواطن القبائل الهلالية كان إفريقية، وذلك عندما نزلوا في العاصمة القيروان كما كان نزولهم إليها من الصعيد المصري. وسوف لن تكون تونس المحطة الأخيرة لهذه القبائل في هجرتها بل نجد لها أثرا في ليبيا و الجزائر والمغرب الأقصى وموريتانيا وكانت لهم منازل بالأندلس.

بل لقد وصل الزحف العربي إلى السودان فبعث السلطان البرنو (في السوادان الغربي) إلى سلطان المماليك في مصر يشكو اجتياح أعراب جذام وغيرهم لبلاده وإفسادهم فيها ويطلب معاقبتهم"، ونستشف من خلال هذه الاستشهاد أن بني هلال وصلوا إلى السودان بل أنهم تدفقوا شرقا حوالي سنة 794 للهجرة حتى شمال دارفور. أما عن الوجود الهلالي في غرب السودان فإنه يظهر أكثر وضوحا إذ أن معظم الروايات الشعبية في غرب السودان للسيرة تكاد تتفق على أن بعض جموع الهلاليين قد دخلت السودان قادمة من الجزيرة العربية، ومن ذلك عبروا النيل الأبيض واتجهوا إلى غرب السودان، ثم واصلوا رحلتهم إلى بلاد تونس لمحاربة المغاربة.

من كتاب (عرب المغرب العربي ألقاب وأنساب)
منقول


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

شكرا لكم شكرا لكم

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

هل ينتسب حاملي لقب حليلو وبن عبد الرجمان قديما الى بنو هلال

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

متى حكمت زناتة تونس؟؟؟
إذا كانت الروايات الشعبية لا تفرق بين الصنهاجي و الزناتي فكيف يمكن الإعتماد عليها
لعلمك زناتة وقفت مع بني هلال ضد صنهاجة


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

شكرا اخي الفاضل سؤال يستحق المناقشة

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

انعم واكرم في بني هلال