عنوان الموضوع : إلى طبقة المجاهدين: ما هكذا يكرم الوالد وأمثاله للجزئار
مقدم من طرف منتديات العندليب

إلى طبقة المجاهدين: ما هكذا يكرم الوالد وأمثاله
إسماعيل القاسمي الحسني


11/02/2016

لقد انشطرت الأمة العربية إلى محورين على مستوى النخب تحديدا، وليس على مستوى الشعوب، الأول يمتهن الرياء والدجل، مدعيا فن السياسة ومحتكرا لنفسه الوعي الكامل بواقع المتغيرات سواء وطنية أو إقليمية ، مزايدا على غيره في الوطنية والدين والقومية، كأنما هي نياشين يهبها لمن يشاء، وهذا الطرف لسوء حظ الأمة هو من يتولى مقاليد حكمها في هذا الزمن الأغبر، وأما الطرف الثاني فهو الذي يرى باختصار شديد أنه لن تقوم لهذه الأمة قائمة ما لم تفعل خصائصها الحضارية من دين ولغة وموروث، وإن كان ولابد على مستوى الأقطار، فلن يتأتى لها النهوض إلا إذا عرفت تعريفا صحيحا، ثم ضمنت 'المواطنة'؛ هذين الطرفين أحدهما يصارع للبقاء من أجل الامتيازات التي يتمتع بها ولا يلتفت للأمة في أي واد هلكت من بعده؛ والآخر يجاهد من أجل إعادة اللحمة بين الأمة وانتمائها، وذلك بإقامة العدل من خلال منظومة قوانين فاعلة تحت سقف قيمها الأخلاقية، وهي التي كانت بالأساس مرجعية الحضارة الغربية المعاصرة؛ إذن نحن أمام واقع جد واضح، وعلى من يراه أن يختار موقعه، ولكل اختيار ثمن يدفع. فللأول تدفع الكرامة والمروءة والرجولة ، باختصار تدفع الآخرة، وللثاني يدفع الرزق والحرية (البدنية) والولد وحتى الحياة.
أقول هذا ردا على تساؤلات بعض كبار المجاهدين حول غيابي عن حفل تكريم أقيم للوالد رحمه الله وثلة من الشهداء ورفاق السلاح إبان ثورة التحرير المباركة، تقاطر لهذا الحفل 300 من كبار شخصيات الدولة وقدماء المجاهدين وشخصيات عامة (الشروق 6/2/10)، تحت غطاء إعلامي عريض (الأحرار، الخبر، الشروق...) وكذلك كاميرات التلفزيون، ولعل البعض منهم - أو هكذا يفترض- كان ينتظر كلمة يلقيها الكاتب بمناسبة تسلمه شهادة تكريم والده، يفتتحها بالثناء على فخامة رئيس الجمهورية، ثم يمتدح ما طاب لهم المجاهدين الحاضرين الثوار والأحرار، ويداهن ما استطاع السلطات المحلية والشخصيات الوطنية التي تشرف بحضورها متواضعة، بعبارات تليق بمقام علية القوم وسادته، مشيدا طبعا بالانجازات العظيمة التي تمت على أياديهم الكريمة؛ وطبعا هذا لم يحدث، وتوضيحا لمن جاءني إلى مزرعتي متسائلا، وله الشكر على ذلك، وإلى من ابتلع غيابي على مضض وولى وجهه شطر العاصمة، وكذلك لكل المعنيين أقول:
أوضح أولا للقراء، لو أن الموضوع كان حدثا عرضا، لما سمحت لنفسي بتناوله من ناحية المبدأ، ولا حتى محاولة استعراضه عبر هرم إعلامي كـ'القدس العربي' عالي المهنية، ينأى بخطه عن تداول الصغائر، غير أن ظاهرة المهرجانات الخطابية في الجزائر باتت آفة تنخر وعي المجتمع بقدر ما تستنزف أمواله، وحالة مرضية تزداد تعقيدا مع الوقت جديرة حقا بالتحليل.
أتحدى جميع من يوصفون بالشخصيات الوطنية التي حضرت حفل التكريم، سواء المجاهدين أو رجال الدولة، أن يجيبوا عن السؤال التالي بصدق وصراحة: كيف حال الجزائر اليوم شعبا ونظاما ؟، لقد سمعت من بعض القيادات العليا، وبعض كبار المجاهدين في مجالس خاصة حقائق مفزعة عن أوضاع البلد، وقد استشرى فيها الفساد حتى أصبح هو النظام القائم، وعليه تدور مصالح الشعب، ويجزمون بأن الوطن في حالة انهيار تام، معترفين أنهم خالفوا مبادئ الثورة المباركة، وخانوا أمانة الشهداء والمجاهدين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا حتى قضوا، والحال هذه: كيف يستقيم في ذهني أن استلم في مثل هذا الجمع شهادة تكريم الوالد؟ لا تفسير عندي لمثل هذا السلوك بين عرض قناعات في غرف مغلقة، و نقيضها على الملأ، إلا بحال ذلك الذي يرتكب سلوكا مشينا قبيحا ثم يعود إلى المكان الذي فعل فيه ما فعل، للإيحاء ببراءته من ناحية، والتلذذ سرا بما جاء منه.
أتحدى كذلك طبقة المفكرين والكتاب والباحثين وأساتذة جامعيين ممن حضروا بذات السؤال، وهم يحملون نفس القناعة وذات الجواب، إذن هل من المعقول أن يهدروا وقتهم وجهدهم، بل ويوظفون مكانتهم العلمية لتزيين صورة أولئكم القوم؟ ألم يكن حريا بهم أن يرفعوا أصواتهم عالية ' كفاية' ، ويشرحوا لحظتها الأوضاع القائمة، من فساد أطبق رأس الشعب، وظلم فادح ومنتن أزكمت رائحته أنوف العالمين، وفساد مقنن ولت فزعا منه الشياطين، إلى متى هذه المحاباة والمداراة؟ وماذا ينفع الجزائر اليوم لو علق لكل مواطن النيشان وأعطي ورقة 21/27 شهادة شرف وهو لازال يعيش أبشع صور الظلم والاضطهاد؟ بماذا تنفعه هذه المهرجانات الفلكلورية وهو يفتقر لأبسط حقوق المواطنة؟ وإن لم يذد عن حقوقه أمثالكم فمن ذا الذي ينهض بها؟
تذكرت في هذه المناسبة وصية الوالد رحمه الله وهو على فراش الموت، إذ أوصاني بدفنه في المزرعة ثم قال: يا بني إن القوم بعد دفني سيجمعون أمرهم على أن يتخذوا على قبري مسجدا يفرشونه بالرخام ، بحجة أنني شخصية عامة ورمز لكل المنطقة، إياك أن تقبل. فسألته عن السبب فرد قائلا: أما علمت يا بني أن هذا الأمر ليس لي وإنما لكم، حتى لا يقول الناس عنكم قد أهنتم رموزكم ولم تقدروهم حق قدرهم وما إلى ذلك، لن ينفعني رخامكم ولا زينتكم ولا مباهاتكم أمام الناس، ما ينفعني عمل صالح متقبل عند الله برحمته وفضله، وصدقة جارية منها دعاؤكم لي بالمغفرة والعفو والرحمة. وليقس ما لم يقل.
ختاما، لست ضد تكريم الشهداء والمجاهدين كما قد يفهم البعض، لكن شريطة أن يكون لوصل الحبل بينهم وبين الخلف، وليس بناء مجد وهمي على قبورهم، إن المجاهدين المخلصين والشهداء أمة قد خلت لها ما كسبت، ولنا ما كسبنا ، فماذا قدم للشعب من بعدهم؟ أي جرأة تلك التي تصوغ لصاحبها أن يرفع عقيرته بكرامة الشهيد وهو ينتعل كرامة شعب حي منهم أبناء وزوجة الشهيد ذاته؟ بأي وجه ألقى الله حين أشارك في هكذا مهازل أتناول مع القيادات خرافا مشوية، وخلف جدران قاعة الطعام أكواخ مهدمة على رؤوس يتامى تصطك أسنانهم من البرد وقد طوى بطونهم الجوع؟ والله لا كرامة لي حينئذ. أعتقد جازما أنه لا يحق لنا تكريم الشهداء والمجاهدين وقد ولينا أدبارنا لما ضحوا من أجله، ولن ينفعنا بين يدي الله تغنينا ما حيينا بأمجادهم، نطبق صفحات أيامنا بين صمت الجبناء نهارا وسلوك المخنثين ليلا، خيانة ساقطة لشعب ووطن وثورة مجيدة.. وعلى أية حال لقد اخترت عن قناعة وعلم محوري، عسى أن يكون موقفي هذا أعز تكريم وأشرف لوالدي رحمه الله.

' فلاح جزائري


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

سلام عليكم بارك الله فيك على الموضوع القيم شكرا
ثاثرت لقرائته لانني فهمت ما بين السطور ووصلني المعنى من الموضوع

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

إسماعيل القاسمي الحسني
02/12/2009
في ظل هذه الأيام التي باركها الله من شهر ذي الحجة، قام المسلمون بأداء واحد من أخطر أركان الدين الخمسة، انه فريضة الحج التي حدد الشرع شروطها و موجباتها بدقة و تفصيل، و لا شك أن من أهم خصائص هذا الركن أنه يؤدى كفرض مرة واحدة في عمر المسلم متى توفرت له القدرة، خلاف غيره من الأركان التي فرض علينا أداؤها خمس مرات في اليوم أو مرة كل عام.

لن أعرض هنا خصائص فريضة الحج و مميزاتها، و لا أركانها و سننها، بل الذي يستوقفني كثيرا هو الحج النافلة في زماننا، الذي يقوم به بعضنا كل عام، بعد أداء حجة الإسلام هذا الأمر بات ظاهرة في المغرب كما المشرق العربيين ، مدعاة في كثير من الأحيان إلى التفاخر فيما بين الناس، و في أحيان أخرى تحت ذريعة الشوق و الحنين للبقاع المقدسة، في غفلة من أصحاب هذا المنطق عما قد يترتب عنه من إثم و جرم عظيمين.


لن أجادل أولئكم الذي جعلوا من الحج النافلة وساما للتفاخر، فمعلوم لكل مسلم عاقل أن الرياء متى دخل على عبادة حبط عملها و ارتدت على وجه صاحبها، كما لا أرى ضرورة للرد على أولئك الذين يتأولون على الله، باعتقادهم أنه يمكن ارتكاب الذنوب و حتى الكبائر عن سبق إصرار، ثم يحجون بيت الله الحرام لغسل عظامهم، كأنما حجهم متقبل قهرا، و سينقلبون إلى أوطانهم كيوم ولدتهم أمهاتهم جبرا، و الحال خلاف ذلك تماما بل هذا جهل منفلت العقال.


ما يعنيني هنا هم أولئك العلماء و الأئمة و الدعاة و كثير ممن بسط الله لهم في الرزق من المفكرين و المثقفين، الذين يتذرعون بالشوق و الحنين إلى بيت الله الحرام، و مناسك الحج بتفاصيلها، و زيارة قبر الرسول صلى الله عليه و سلم، و أنه لا طاقة لهم و لا صبر حين يؤذن المؤذن كل عام بأداء هذا الفرض، و لا حيلة لهم لإطفاء جمرة الشوق إلا بالذهاب إلى البقاع المقدسة، و الملاحظ هنا أن كثيرا منهم قد دب العجز في جسده، و تهاوت معالم عافيته.


اللافت كذلك، أن هؤلاء قد اختلط عليهم الأمر بين عبادة الله خالصة، و بين الاستجابة لهوى النفس و رغباتها، فهناك فرق شاسع بين الاستجابة لأمر الله و رسوله، و بين تلبية شهوة حتى و إن كان ظاهرها عبادة و قربى لله، و للوقوف على هذا الفارق يتعين على المعني الإجابة عن السؤال التالي : هل تتقرب إلى الله بالنوافل كما يحب هو ؟ أو كما تحب أنت ؟.


فتح الله على يدي رسوله الكريم للعباد فرص التقرب إليه أكثر بسن النوافل، و ما يلفت النظر للمتأمل أنها قسمت إلى نوعين، الأول نوافل تعود بنفعها على المجتمع، و هي التي تحظى بالأجر الأكبر مثل كفالة اليتيم و فك ديون المغبون و إغاثة الفقراء و المساكين و الصدقات و غيرها ، و الثاني نوافل يتوقف نفعها عند صاحبها، من صلاة و صيام و عمرة و حج، غير أنه يغيب عن المعنيين بموضوع المقال، أن المشرع قد وضع سلم أولويات قام على أساسه فقه العبادات، يترجم إرادة المعبود منا، و لا يتأتى لأحد تجاوز هذا السلم تحت أي ذريعة أو اجتهاد مشبوه.


فمثلا ليس مقبولا عند الله و رسوله، أن ينفق العبد مبلغا معتبرا من المال لأداء عمرة رمضان أو الحج النافلة، و من بين أهله أو جيرانه يتامى و مساكين و فقراء معوزين هم أحوج إلى ذات المبلغ الذي يرفع الغبن عنهم، و يقضي حوائجهم الضرورية، و للتوضيح أكثر فان المبلغ الذي يتراوح من 4000 إلى 10.000 يورو عند البعض ممن يزعمون التقرب بالحج، هذا المبلغ ذاته يغطي المصاريف الغذائية لعائلة من اليتامى من 2 إلى 4 سنوات، كما يمكنه بناء سكن أو اثنين يكفي لإيواء أسرة أو اثنتين؛ لا أقول بأن هذه الأعمال الجليلة هي الأولى عند الله فحسب، بل أذهب أبعد من ذلك، إنها ستقف حاجزا خطيرا و قويا بين العبد و قبول نافلة الحج. و لينظر أحدهم كيف يستسهل إخراج هذا المبلغ حين يعقد العزم على الحج أو العمرة، و في المقابل تتمنع النفس بقوة و حدة من إخراج ذات المبلغ لعائلة من اليتامى، بل يلاحظ في حال الأولى سعادة النفس و إقبالها على تلكم النافلة بنشاط منقطع النظير، و تثاقلها و رفضها في الحال الثانية، مع أن هذه الأخيرة قد وعد الرسول صاحبها برفقته في الجنة، مما يفضح نوازع النفس البشرية إلى ما تشتهيه و إعراضها القوي عما يقرب فعلا إلى الله.


و مما تتذرع به النفس في هذا المقام، أن صاحبها يقوم بكل تلك الصدقات من كفالة اليتامى و غيرها، و من حقه أن يتمتع بالحج النافلة، وراء هذا العذر شرك خفي من السهل تمييزه، و بمراجعة بسيطة للعقيدة الصحيحة نجد أن المال مال الله، و ما العبد إلا مؤتمن عليه، أحل له منه ما يحتاجه ضرورة للحياة، منهيا عن الغلو و التعدي، و ما تبقى منه ليس للترف أو غيره، بل لصرفه فيما أمر الله ، و لا يحق للمؤمن و لا يجرؤ على الدفع بين يدي الله بأنه كفل يتيما واحدا أو ألفا، لذلك يفعل في مال الله ما يشاء، فالعبد مهما عمل تقربا إلى الله يبقى يرجو القبول، و لا يطمئن لذلك إلا إذا طمأنه الله ذاته، و كل ما عمل فإنما هو من فضل الله.


و من زاوية أخرى، فان حج النافلة يأتي على حساب آخرين، فلا يمكن الحصول على جواز الحج إلا و قد حرم منه آخر لمحدودية العدد كما هو معلوم، و المعنيون بهذا المقال، تأتيهم الجوازات بطرق غير تلك التي يتحصل عليها سائر المواطنين، مما يدخل شبة بينة في الموضوع، و الله طيب لا يقبل إلا طيبا، هذا في الفرض فكيف في النافلة! لا يحق لمسلم أدى حجة الإسلام أن يوظف معارفه أو أمواله للحصول على جواز حج للنافلة فيحرم بذلك مسلما ينوي أداء الركن، بل هذا ظلم بين تترتب عليه عقوبة ، كيف ينتظر صاحبها أجرا !.


مع الأسف لا تقوم السلطات المسؤولة برصد النسبة المئوية لهذه الفئة تحديدا، و ما يمكنني أن أعتمده في هذه الحال و الأرقام غير متوفرة، من خلال تجربتي الشخصية و المحيط أجزم أن نسبة حجاج ( النافلة) تتجاوز 30%، و هي مرتفعة للغاية، و تمارس ضغطا و تضييقا على ضيوف الرحمن في الأماكن المقدسة، و منهم من يحرم القائم بركنه من السكن و التمتع بالحرمين، و النقل و كثير من الأمور، لو صحت هذه النسبة في الجزائر فقط يكون عدد أولئك يراوح 12 ألفا، و لكم أن تتخيلوا الانعكاسات الخطيرة لهذا العدد الهائل على بقية الحجاج، و على رأسها حرمان نفس العدد ممن يسعون لأداء فرضهم.


أرجو أن ينتبه هؤلاء للجريمة التي يرتكبونها في حق إخوتهم بإتباعهم شهوة أنفسهم، كما أهيب بالسلطات المعنية أن تضع أدوات عملية لرصد هذا السلوك الذي لا يمت لمرضاة الله بصلة، و يعملون على النهوض بتأطير عملية الحج بما يتوفر في زماننا من وسائل تقنية تكبح جماح هذه الظاهرة، و ترفع حظوظ من يسعون لتأدية فرضهم دون أن ينغص أو يحرمهم أولئكم القوم.. و تقبل الله من الجميع.





__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

السلام عليكم ورحمة الله
دائما تبقى زاوية الهامل منبر إشعاع ثقافي ديني وتاريخي بفضل القائمين عليها

قوانين مضحكات مبكيات.. الجزائر نموذجا
*إسماعيل القاسمي الحسني

لا شك أن الأنظمة العربية تتـــشابه سياساتها، لذلك لست أجد حرجا في تناول الجزائر نموذجا بما أنني أحد مواطنيها، وحالها ينسحب على معظم شقيقاتها، فليس المقصود هنا الجزائر استثناء، بل مثلا لا يختلف في كثير من أوضاعه وتفاصيله، عن سائر الدول العربية، وكذلك هموم شعبها إلا بنسب متفاوتة ضئيلة.


قفز إلى ذهني عنوان هذا المقال، بعد مصادقة الحكومة والبرلمان الجزائريين على قانون المرور المعدل ؛ وأهم ما عدل فيه رفع العقوبة من 5 إلى 10 سنوات سجن، والغرامة المالية من 5000يورو إلى 10.000 يورو، بالإضافة إلى مدة سحب رخصة السياقة وإجراءات تفصيلية أخرى يستغني هدف الموضوع عن ذكرها.


سأتناول هذا الموضوع كعادتي من منظور مواطن بسيط، لأطرح السؤال التالي: هل يعقل أن يضع أحـــــد ما قانونا أكثر نفعا لنظام ووسائل لم يخترعها بــــل يعد مســــتهلكا لها من ذاك الذي وضعه من أبدعها وسن نظامها؟ من المعـــلوم أن مخترع وسائل النقل الحديثة وبنيتها التحتية ومؤطر نظــــمها هو العالم الغربي، وما العالم العربي في هذه المعادلة إلا الطرف المستهلك، فكيف يعقل أن يتفتق ذهن المشرع العربي على عقوبات لم يتناولها على الإطلاق بهذه الحدة المشرع صاحب الاختراع والإنتاج والتسويق !.


من دواعي وضع هذا القانون، بزعم مشرعيه الحد من حوادث المرور وإرهاب الطرقات، التي كانت تحصد قبل وضعه حسب التصريحات الرسمية 4000 ضحية سنويا، لكن النتيجة بعد سنوات من تطبيقه، ارتفع عدد الضحايا إلى نسبة 50' أي 6000 ضحية، ما يفهم من هذه النتيجة أن هذا القانون الردعي لم يؤت أكله بل زاد الطين بله، فكيف تأتى للمشرع الجزائري أن يعدله في اتجاه رفع العقوبات إلى حدود لا يعمل بها أي نظام طرقات عبر العالم!؟. ثم كيف لم يلتفت ببساطة إلى احتمال وجود مسببات أخرى، غير عدم احترام السائقين لقانون المرور؟.


لا ظرف يحتوي القانون


أعتقد ـ والله أعلم- أنه من الواقعية والموضوعية، قبل سن أي قانون يجب تهيئة ظرفه الذي يحتويه، بمعنى قبل وضع قانون السير في الطرقات لابد من وجود الطرقات ذاتها، وإلا سيعد الأمر تخلفا ذهنيا، وفي موضوع الحال لا أكشف سرا إذا قلت أنه ليس لشبكة الطرقات في الجزائر من الاسم إلا الرسم، فمعظمها لا يطابق معايير الدول العربية ناهيك عن الغربية فبيننا وبينهم مسافة تعد بالقرون الضوئية. فكيف لم يلتفت المشرع الجزائري إلى التقارير الرسمية التي تؤكد نتائجها أن نسبة 40' من الحوادث، والتي يسعى بحد زعمه إلى خفضها تعود أساسا إلى حالة الطرقات المتهرئة؟ لماذا لا توجد عقوبات تطال المتسبب في هذه الحالة؟ وهنا تعود المسؤولية للسلطة وإخلالها بواجباتها نحو من سنت قوانين لعقابه.


ثم أليس من العدل قبل مضاعفة العقوبة المجحفة على سائقي شاحنات النقل، أن تهيئ لهم أروقة يسيرون فيها؟ فمعلوم لدى الأنظمة التي تملك أبسط صور الاحترام لوجودها، أروقة خاصة في الطرق السيارة لهؤلاء؛ وبالموازاة معها شبكة نقل تخفف من ضغط العدد الهائل لهذه الشاحنات، منها شبكة السكك الحديدية والنقل الجوي للبضائع، أين المشرع من كل هذه الواجبات نحو المواطنين قبل سن قوانينه وتعديلها، فغني عن التذكير بأن نقل البضائع ضرورة رئيسية لا يمكن الاستغناء عنها، وتتزايد بشكل طردي مع تزايد عدد السكان.


إضافة على هذا، تشير التقارير الرسمية، إلى أن نسبة عالية في حوادث المرور تعود إلى قطع الغيار المغشوشة المستوردة من شرق آسيا، التي تغرق السوق الوطنية، وبحكم الضرورة الاستهلاكية يقتنيها المواطن لوفرتها وثمنها الزهيد، في مقابل ندرة قطع الغيار الأصلية وغلائها الفاحش، هذه الوضعية تعود فيها المسؤولية بالدرجة الأولى إلى السلطة، التي سنت هذا القانون المجحف، ضاربة عرض الحائط واجباتها نحو المواطن ليجد نفسه يدفع ثمن تقصيرها في توفير قطع الغيار الأصلية بحادث سيارته وإن خرج منه حيا تصدمه عقوبة السجن والغرامات المالية التي تتجاوز كل قدراته.


ومن بين العوامل المساهمة مباشرة في رفع نسبة حوادث المرور، هو ذلكم القانون الذي صادق عليه البرلمان منذ عشر سنين، وبشكل يناقض مواد الدستور، ناهيكم عن نصوص الشريعة الإسلامية التي نزعم احترامها، والمتمثل في منع المواطنين من استيراد السيارات القديمة (أقل من 3 سنوات)، مما ساهم في تمسك الطبقة (التي كانت) الوسطى بسياراتها منذ ذلك الحين، لتصبح اليوم بعمر عشر سنوات أو يزيد.


لأنه لم يعد بمقدورهم شراء السيارات والشاحنات الجديدة، سألت حينها بعض النواب ليس عن شرعية ولا مشروعية ذلكم القانون، لعلمي القاطع بانعدامهما، ولكن عن الحجة التي استند إليها المشرع، فكانت الإجابة غاية في الغرابة، لقد زعم الوزير المسؤول أنه 'كرامة' لم يعد مقبولا أن تكون الجزائر مجمع خردة أوروبا؛ هكذا بكل صفاقة وجه، والحال أنه يسمح باستيراد الألبسة الداخلية المستعملة، وبشكل مشروع بل وبتشجيع من المشرع نفسه، لا يحتاج الموقف هنا إلى تعليق، لأنه لا يمكن وضع السيارات المستعملة والألبسة الداخلية المستعملة في ميزان الكرامة والعقل السليم.


كل هذه العوامل تعد الفاعل الأقوى في رفع نسبة الحوادث، وقطعا تتحمل السلطة لوحدها مسؤولية التقصير؛ ليبقى عامل آخر يتقاسم فيه المواطن والسلطة المسؤولية، وهو إشارات المرور، يدعي مشرع هذا القانون أن من أهم الأسباب الإفراط في السرعة والتجاوز في الأماكن الممنوعة، غير أنه أغفل بأن نظام إشارات المرور القائم منذ نصف قرن على طرقاتنا، لا يستجيب بأي شكل مع المتغيرات وهذا القانون 'العقاب'، فمن المعلوم أن إشارات المرور الحديثة باتت توضع في حقل رؤية السائق إلى الأعلى، حتى لا يحجبها شيء، كما زيد في أحجامها لترى من مسافات بعيدة مع تغيير في مواد دهنها تتميز بالوضوح نهارا والبريق ليلا، إن لم تكن أصلا مضيئة.


كل هذا تجاوزه المشرع ولا يعترف بأن لوحات المرور الأثرية التي يستند إليها العون في تحرير المخالفة وسحب الرخصة، لازلت على يمين الطرقات، ترتفع بمتر أو يزيد قليلا عن الأرض.، يزيد من صعوبة الانتباه إليها حجمها الصغير وألوانها الباهته، هذا غير إمكانية حجبها عن الرؤية لأتفه الأسباب، يكفي أن تتوقف سيارة بمحاذاتها تمنع عنك قطعا ملاحظتها، لتقع في كمين المراقبة، وتسحب منك رخصة السياقة لتدخل في مفاوضات استرداد الأراضي المحتلة؛ واختصارا أتجاوز وصف حالة الخطوط المتصلة والمنفصلة التي ترسم بمـــادة الجــــــير على الطرقات، لتذهب آثارها وإشاراتها بعد مدة وجيزة، ليبقى المواطن ضحية تحرير مخالفات لعدم تمييزه بين لون الزفت (الرمادي الداكن) ولون الخط المرسوم على سطحه الذي بات رماديا بدوره نتيجة تحلل مواده.


العربة قبل الحصان


من المضحكات المبكيات حقا أن من يزعمون بأن الشعب انتخبهم، يضعون العربة قبل الحصان، والأشد مرارة على نفس المواطن البسيط مثلي، ليس فقط اغتصاب صوتي، ولا هذه القوانين المجحفة، بل المصيبة في أن كل المنتسبين إلى السلطة لا يطبق عليهم هذا القانون، يحظون ببطاقات أخرى غير بطاقات تعريفنا، تحمل صورهم وبياناتهم الشخصية مع الأمر لجميع السلطات الأمنية والمدنية بتذليل مهمة حاملها، وهؤلاء القوم يعدون والمستفيدون من أهلهم بالآلاف؛ والمفارقة العجيبة كذلك أن الأعوان المكلفين بتطبيق هذا القانون على الأرض من جميع الأسلاك المعنية، هم أنفسهم معفيين من عقوباته، أظن أن الصورة باتت واضحة للقارئ تماما، الوحيد الذي يجلد في صمت أعلامه وإعلامه هو المواطن الحر البسيط.


يذكرني هذا الواقع المر، بالرد القوي والمباشر لأحد رجال الجزائر (رحمه الله) عن 'فخامة' الرئيس، يوم أن كان الرجال رجالا: 'لو سخر الله لك ملائكة وزراء لما استقام في الجزائر الأمر مادام الظلم يطبق بظلماته على هذا الشعب'. رحم الله الرجال الرجال.. وعظم الله أجر الصابرين.





* فلاح جزائري
جريدة القدس العربي
17/9/2009
أبو الغيط و : " لن يمر أي كلب من هنا "
* إسماعيل القاسمي الحسني




" لن يمر أي كلب من هنا" عنوان مقال لجنرال الاحتياط الإسرائيلي يوم طوف ساميا، في 20/5/2009 بجريدة 'هآرتس'، مضمونه عبارة عن حوار جرى بين الكاتب وجنرال مصري حول حدود قطاع غزة مع مصر، يؤكد فيه أنه لن يسمح الجنرال المصري لأي كلب (والمقصود هنا الفلسطيني) بالمرور من مصر إلى قطاع غزة المحاصر إذا تلقى أوامر واضحة من القاهرة.

قفز إلى ذاكرتي هذا المقال، عند قراءة تصريحات معالي وزير الخارجية المصري لـ 'الأهرام العربي' يوم 19/12 في معرض رده على موضوع الجدار الفولاذي أبرزها قوله: '.. ولكن المهم أن الأرض المصرية يجب أن تكون مصانة، ويجب ألا يسمح أي مصري بأن تنتهك'.

لا أخفي هنا أني أتحفظ كثيرا مما يصدر عن العدو الإسرائيلي، وقاعدتي في التعامل مع المعلومات التي يكون هو مصدرها هي البحث عن نقيض الخبر وما وراء المعلومة، سواء الدافع إلى نشرها وإن أمكنني كذلك تحديد الهدف المراد، غير أن هذه القاعدة - أقر بمرارة- أنها لا تستقيم مع واقع الحال فيما يتعلق بحكومة مصر، هذه الأخيرة كثيرا ما تنفى أو تحجم عن التعليق علي تقارير إعلامية إسرائيلية تخص شؤونه الداخلية والخارجية، ثم سرعان ما تثبت الأيام صدقيتها قبل أن يؤكدها متأخرا.

أعبر هنا، ودون مزايدة أنني أترفع متكبرا عن تناول تصريحات هذا الوزير، ولن أضيع وقتي وجهدي في تذكيره بالقوانين الدولية، ولا قرارات الأمم المتحدة، ولا معاهدات جنيف، اليت تدعو لفك الحصار عن المحاصرين وتفرض علي الدول المجاورة لهم فتح معابرها وابوابها لانقاذهم وامدادهم بما يعينهم علي الحياة ومواجهة الحصار ولن أدعوه لمراجعة ما صادق عليه النظام المصري ذاته في قمة دمشق في 30/3/2008 بالالتزام بتعزيز التضامن العربي بما يصون الأمن القومي،و تغليب المصالح العليا للأمة العربية على أي خلافات أو نزاعات تنشأ بين بلدانها،ومواصلة تقديم أشكال الدعم السياسي والمادي والمعنوي للشعب الفلسطيني ومقاومته المشروعة (هكذا بالعبارة) ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ولن أجعل من نفسي أضحوكة أمام العالم حين أذكرتلك الحكومة بنص ما وقع عليه نظام مصر نفسه، في قرار جامعة الدول العربية الصادر في 26/1/2009 :' 5- إنشاء هيئة عربية عليا في إطار جامعة الدول العربية تقوم بوضع الآليات اللازمة لإعادة الاعمار - في ضوء التبرعات المالية العربية - بما في ذلك إنشاء صندوق خاص بقطاع غزة. 7- تكثيف جهود الإغاثة والعون الإنساني للمواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة بالتنسيق مع جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، والطلب إلى المجالس الوزارية العربية المعنية بتقديم المساعدات العاجلة على نحو فاعل يلبي احتياجات السكان في قطاع غزة'.

ناهيها عن مصادقة النظام في مصر على الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، الذي جاء في جزئه (1) الباب الأول من مادته 20 نصا:' 3- لجميع الشعوب الحق في الحصول على المساعدات من الدول الأطراف في هذا الميثاق، في نضالها التحرري ضد السيطرة الأجنبية، سواء كانت سياسية أم اقتصادية أم ثقافية'.

كما أعتذر للقراء عن عدم الاستدلال بآراء كبار العلماء الأزهريين التي حرمت غلق معبر رفح، واعتبرت هذا العمل مما يهدم أركان الدين، مستندين إلى صريح القرآن وصحيح الحديث، ولا حتى استعراض اراء خبراء القانون الدولي (المصريين) التي تجرم ذلكم العمل؛ ولن أرد على زعمه بأحقية مصر في ان تفعل ما تريد على أراضيها حماية لأمنها القومي، بواقع الحال الذي يمنعه من إرساء درع صاروخية هناك، أو تثبيت منظومة رادارات علاوة على بناء قواعد عسكرية.

وهو الذي يقر بوجود 200 رأس نووية لدى العدو (أقصد إسرائيل وليس حماس)، ولن أجيبه عن شعارهذا النظام الذي يرفعه 'مصر لن تدافع إلا عن نفسها' كذلك بواقع حاله، حين أرسل جنده لتحرير الكويت، أعتقد الأخيرة ليست محافظة مصرية، واليوم له أكثر من 3000 جندي خارج الحدود قطعا ليسوا في جولة سياحية.

ومن الأسباب القوية التي تمنعني من الاسترسال في هذا الاتجاه، أن عدوى العدو قد انتقلت إلى ضفتنا العربية على الصعيد الرسمي، العدو الصهيوني المجرم يبيع العالم ومن بينهم نحن كلاما مادته الأولية والنهائية هواء، ويمضي على معاهدات واتفاقيات ولكنه لا يقيم لها وزنا، وعلى الأرض يعمل بمقتضى مصلحته وإن خالفت مواثيقه كل المواثيق والقرارات الدولية، ويفرض سياسة الأمر الواقع وإن عارضها بالكلام كل العالم، وبهذا الأسلوب يعتقد أنه يحقق مصالحه وأهدافه.

ذات السلوك يتبناه النظام المصري منذ إعلانه الحرب على العراق، وإلى اليوم يمعن في الفصل بين مواثيقه مع الدول العربية واتفاقياته وبين سياسة الأمر الواقع المناقضة لها تماما، المفارقة الوحيدة، أن العدو الإسرائيلي يعمل على بناء وطن له ودولة، والنظام المصري ليس بذات الهدف إطلاقا. لكل هذا لم يعد يفاجئني أبدا أي قرار مصري، ولا يستفزني أي تصريح من قبله، فالمسألة أصبحت واضحة بالنسبة إليّ على الأقل.

وآخر مظاهرها الكاشفة لهذا الدجل السياسي والفاضحة في آن، أنه يقر ما جاء في تقرير غولدستون وما قبله من اعتبار أبرز الوجوه السياسية والعسكرية للعدو كمجرمي حرب، ويزعم تأييده لكل مسعى ينتهي بهم إلى المحاكمة، وفي الوقت الذي تلاحقهم فيه العدالة في الدول الغربية (بلجيكا.اسبانيا. بريطانيا) يقوم باستقبالهم بصفتهم أصدقاء أهل للترحاب، ويمنع أي تحرك على الهيئات المستقلة أن ترفع ضدهم قضايا في مصر.

ما يدعوني في مثل هذا القرار(بناء الجدار الفولاذي) للوقوف عنده، هو البحث بجدية وجرأة في مسألة الموقف الرسمي العربي من سياسة النظام المصري تجاه غزة، وماذا عن القرارات السابقة الذكر التي صادقوا عليها، سواء في قمة غزة وقمة الكويت، أو على مستوى جامعة الدول العربية، من وزراء الخارجية إلى المندوبين الدائميين !

هل زعماء الدول العربية وزعماء دول العالم الإسلامي لا يملكون أدوات الضغط على النظام المصري للعدول عن قراره؟ أم أنهم يدعمونه وإن كانت النتيجة إبادة لمليون ونصف مليون عربي مسلم أعزل يعيش تحت حصار المحتل الصهيوني؟.

الإجابة عن التساؤل الأول لا يمكن أن تكون بالنفي، فالأدوات لو صدق الدعم لأهل غزة تبدأ بتجميد العلاقات الاقتصادية عمليا (وهذا ما أعلنته بعض المنظمات الغربية كمنظمة تضامن من أجل فلسطين وسلام لأطفال العالم بمقاطعة السلع المصرية) إلى سحب السفراء وإعلان البراءة من هذا الجدار المخزي.

فقد فعل ذات الخطوات بعض هؤلاء الزعماء ليس مع النظام المصري بل مع أنظمة غربية قوية، تربطهم بها مصالح أهم وأخطر، نتيجة مسائل (شخصية) تافهة لا ترقى بأية حال لخطر إبادة شعب، لتبقى الإجابة عن التساؤل الثاني رهينة مواقفهم في الأيام القليلة القادمة، وإن كنت لا أراهن عليها فصمتهم يفسر مواقفهم ويترجمها.

أخيرا أوجه خطابي لقادة الولايات المتحدة، بما أن معظم أنظمتنا العربية مجرد هيئات إدارية وعسكرية تابعة لها، أن السياسة الحالية التي تقمعون بها هذه الأمة لا تخدم بالمطلق مصالحكم على المديين المتوسط والبعيد، وشعور مرارة الإخفاقات المتراكم في أنفسنا لن يستمر على حاله أبد الدهر.

هذا ليس تهديدا بل هكذا تتطور المجتمعات الذي تقتضيه سنة الحياة، التي مهما أوتيتم من قوة لن تغيروها ولن تعطلوها، وعليه تيقنوا أن شعوب هذه الأمة تحمل الدول الغربية مسؤولية دعمها لهذه الأنظمة لتقف في وجه خياراتها المشروعة، كما تحملها كل الخسائر التي لحقت بها سواء الماضية أو الحالية واللاحقة إلى حين التغيير ، ولا أعتقد أن الحساب يكون ساعتها يسيرا، يبدأ بكنس أي كلب حراسة لكم من هنا.



فلاح جزائري
- ط§ظ„ط¨ط±ظٹط¯ ط§ظ„ط¥ظ„ظƒطھط±ظˆظ†ظٹ ط*ط°ظپ ظ…ظ† ظ‚ط¨ظ„ ط§ظ„ط¥ط¯ط§ط±ط© (ط؛ظٹط± ظ…ط³ظ…ظˆط* ط¨ظƒطھط§ط¨ط© ط§ظ„ط¨ط±ظٹط¯) -
القدس العربي












جميلة أسطورة الجزائر
*إسماعيل القاسمي الحسني

مرة أخرى تتعرى الجزائر أمام العالم، في صورة من أبشع الصور وأحطها لؤما على مرأى الدنيا، مرة أخرى تكشف عن سوءتها جهارا دون حياء، ولم تبق ورق التوت ولا حتى ورقة الجزر (هي الأصغر) عسى أن تواري بها؛ هنا لن أخاطب السفهاء ممن يتبوءون مراكز متقدمة في النظام، ولا أولئك الذين يسوقون أنفسهم للناس عبر وسائل الإعلام بأنهم حماة عروبة الجزائر، وحجارة كريمة ترصع تاج الثورة والجهاد على الشعب أن يعتز بهم ويفخر، وهم اللعنة ذاتها التي سلطها الغباء السياسي عليه، ترجمتها أقلامهم في الأيام الأخيرة بمقالات تحت عنوان الانتصار لكرامة الجزائر من العبث الإعلامي المصري، والحال والواقع خلاف ذلك تماما.

لن أوجه إليهم الخطاب جميعا لسبب بسيط وهو أنهم أعجز من فهم ومعرفة متى ينزل كريم كما نزلت الأسطورة "جميلة بوحيرد" إلى مقام الشكوى من وضعها المادي،لان مستواهم الفكري والأخلاقي في آن، أدنى بكثير من معرفة هذا المقام، فهذا الأخير لا يعرفه إلا الرجال الرجال.

كما لن أذهب إلى قراءة رسالة جميلة، التي نشرتها في جريدة وطنية يوم 13/12، موجهة إلى فخامة الرئيس، وما فيها من ضرب موجع فوق الحزام وتحته، وتعرية فاضحة مدوية لما آلت إليه كرامة الجزائر، فهي أشد وهجا من الشمس في رابعة النهار، ومن البلاغة ما يجعل كل تعقيب عليها مجرد إطناب، إن لم يعد ركوبا حقيرا لاستعراض مقيت لمعاني الوطنية الزائفة، والتعاطف الاصطناعي المشين لاستجداء الشهرة.

ثم هي موجهة للرئيس، إن أردت عتابه فما تركت المجاهدة موقعا لعبارة، وأما الدفاع عنه فبحمد الله لم يترك زئير هذه المجاهدة الجريحة في عرينها من سبيل إلى ذلك لخدام السلطان، ناهيك عمن يترفعون من أمثالي على هذا الدور التافه والمذل.

إذن، أنا معني بالرسالة التي وجهتها للشعب والعبد لله واحد من أفراده، التي دعتنا فيها لمد يد العون لها، لأقول لها: لبيك وسعديك، أموالنا أرواحنا أولادنا ملك يديك، ولكن عليك أن تستجيبي لنا.

1- أن تقومي بإعلان رقم حسابك الشخصي، وليس الذي تفتحه لك بهذا النداء أي مؤسسة تابعة لهذه السلطة.

2- أن ترفضي علنا أي مساعدة من السلطة، وثقي أننا سنجمع لك أضعاف ما تحتاجين إليه، ولن تسمحي بأن تخلط أموال عرق جباهنا الطاهرة، بمال لم تعرق حتى جباههم في نهبه.

3- ارفعي زئيرك في وجه رفاقك من الرعيل الأول ،الذين دعوتهم شخصيا من على هذا المنبر مرارا لإنقاذ الجزائر، وذهبت صيحاتي في واد، ويعلم الله أني ما فعلت ذلك إلا خشية أمر كهذه القنبلة التي فجرتيها في وجه الجميع، لم ينته دوركم يا سيدتي الفاضلة ولا جهادكم المقدس، فمازالت الجزائر على حالها لم تتغير إلا الأسماء، طبقتان واحدة فوق القانون تتنعم بخيرات الشعب وأمواله كما أشرت، والسواد الأعظم تحت وطأة قوانين جائرة ظالمة وفقر مدقع.

أفهم جيدا معاناتك لسبب بسيط جدا، لأنني عشت ذاتها مع الوالد رحمه الله، وهو لا يقل قامة عنك إطلاقا، محكوم عليه بالإعدام كذلك عام 1957، الرجل الثاني بعد الشهيدين مصطفى بن بولعيد والعقيد الحواس( القادة الأوائل لثورة التحرير)، وهو ممن أشرت إليهم في رسالتك للرئيس، لم يطلبوا من هذا النظام جزاء على ما قدموا، ولم يستجد الاعتراف له بجهاده من أحد، ومع ذلك نهبت أمواله وصودرت عقاراته على محدوديتها، وبلغ مع أسرته ما أنت عليه اليوم دون مبالغة.

وقبل عامين من وفاته، تكرمت السلطة بالاعتراف له بحقه وخصصت له 70 دولارا شهريا، وجهها لباب الصدقات، وإلى اليوم تعيش زوجه على 70 دولارا شهريا، وأما أبناؤه فلا حق لهم، ومنهم اليوم من يعيش على 3 دولارات يوميا ومن عرق جبينه، ولازالت أملاكهم وأموالهم مصادرة إلى هذه الساعة، لهذا أفهم جيدا المرارة التي تتجرعين، والألم الذي تعانين.

و لكني أؤكد لك هنا، أن الجزائر كيانا وشعبا في حاجة كذلك ماسة مثلك لعمليات تنقذ مستقبله، وأعتقد جازما أن المسئول الأول عن هذه العمليات هم أنت وأمثالك من الرعيل الأول لثورة التحرير، ومن خلال شخصك الكريم أكرر لهم ندائي، أمثال فخامة الرئيس الشاذلي بن جديد، السيد عبد الحميد مهري، لخضر الإبراهيمي، حسين آيت أحمد، الحسين ساسي، محمد بن عاشور، محمد الطاهر آل خليفة، الطاهر لعاجل، ولا يتسع المقام لذكر البقية مع تقديري لهم.

أدعوهم جميعا لأن يتقوا الله في الجزائر، ولم يبق من أعمارهم أكثر مما مضى، وليتداركوا ما يمكن تداركه، فالسقف يوشك أن يقع على الجميع، ويذهب جهادهم وثورتهم هباء، ويسجل تغاضيهم اليوم وصمتهم لعنة عليهم ما بقيت الحياة.


* فلاح جزائري
- البريد الإلكتروني حذف من قبل الإدارة (غير مسموح بكتابة البريد) -
جريدة القدس العربي
17/12/2009












































فلاح يستنفر جهاز الاستخبارات الجزائري
* اسماعيل القاسمي الحسني

ليس بالضرورة كما يعتقد البعض أن أكون عنصرا من جهاز الاستعلامات لأمتلك ما أعبر عنه من شجاعة في طرح ما يتعلق بوطني، وكذلك ليس بالضرورة أن أكون مسنودا من قبل احدى ركائز النظام، مع الأسف هذا ما ذهب إليه بعض من متتبعي مقالاتي في جريدة 'القدس العربي'، معللين تحليلهم باستحالة تناول جهاز الاستعلامات من قبل مواطن عاري الكتفين فتلك خطوط حمراء من تعداها، قذف به إلى ما وراء الشمس.

ولست أدرى بصراحة لما لا يوضع احتمال ولو ضئيل بأن في الجزائر مواطن فعلا بسيط، يملك ما يكفي من الجرأة لقول كلمة يعتقد أنها صواب، لا يحركه كالدمية أي طرف! ويشهد الله أنها هذه الحال والواقع.

جهاز المخابرات ليس بعبعا، ورجاله ومهما قيل ليسوا وحوشا جيء بهم من كوكب آخر، هو جهاز كسائر أجهزة الدولة له صلاحياته وعليه واجبات محددة، والمنتسبين إليه من أبناء الشعب ذاته، يحملون ما يحمل من عقيدة ومبادئ وموروث حضاري، ولا تخلو إدارة أو جهاز أو أي تجمع بشري من الصالح والطالح، ولا يحق لأحد أن يحكم من خلال المفلس على الجميع .

فإرسال الأحكام المطلقة بحد ذاته خطأ فادح، وإن كان من أحد يملك شهادة على جريمة ارتكبها عنصر أو عناصر من جهاز الاستخبارات الجزائرية، فهناك من يشهد بنقيض ذلك، وهنا ليس من الموضوعية أن تلغي الشهادة الأولى الثانية وجوبا، والعكس صحيح، ولست بمعرض الدفاع ولا إثبات هذه أو نفي تلك، إنما ما أراه أهلا للنقاش بموضوعية، وبدافع وطني صرف، هو سياسة هذا الجهاز وليس سلوكيات بعض أفراده.

لقد طرحت عبر هذه الجريدة سابقا تساؤلاتي المشروعة حول دور جهاز المخابرات في الجزائر، خاصة في مواجهة تحديات وتهديدات ترقى في خطورتها إلى درجة المساس بالأمن الوطني ومستقبل البلاد، كان من بينها تعيين أشخاص متابعين قضائيا وغير مؤهلين في مناصب عليا وحساسة في الدولة، المواد الاستهلاكية والأدوية الخطيرة المستوردة من الكيان الإسرائيلي، وإهدار المال العام وتحويله بطرق غير مشروعة ولا قانونية إلى الخارج، وبناء العلاقة المتعدية مع العدو الإسرائيلي عبر عقد شراكة مع شركة 'إيجاس' المصرية' مؤخرا.

وهناك الكثير من هذه الملفات الخطيرة لا يتسع المقال لتعدادها؛ لم تكن هذه التساؤلات في سياق اتهام الجهاز أو استفزازه، بقدر ما كانت استنفارا لرجاله ليواجهوا حقيقة مرة، وهي أنني كمواطن جزائري أصبحت في حيرة من تقييم قدرة الأجهزة الدفاعية عن مصالحي، بل السؤال الأهم: ما مدى صلاحيات جهاز المخابرات في حربه على الفساد؟ وما وزن تقييمه وملاحظاته سواء في تسيير الشؤون الداخلية، أو السياسة الخارجية لدى السلطة السياسية التي تملك القرار؟

بكل ثقة وصدق أقول لو كان رأيي في سياسة وعناصر جهاز المخابرات قائم على الاتهام بالفساد، لما تراجعت عن توجيهه والسعي للاستدلال بموضوعية عليه، غير أنني عرفت من بينهم رجالا يتمتعون بكفاءات علمية عالية، ويعبرون عن روح وطنية قوية، واستقامة وانضباط في السلوك يترجمان وعيا متميزا؛ هذه النخبة من المادة الرمادية والتي لا تخلو منها كذلك مؤسسة الجيش، هي المعنية تحديدا بتساؤلات المواطن.

كما أنها معنية بطروحات الشخصيات الوطنية حول أوضاع البلد بمجملها، من أمثال عبد الحميد مهري، وأحمد طالب الإبراهيمي وحسين آيت أحمد والشاذلي بن جديد ولخضر الإبراهيمي وأحمد بن بيتور وغيرهم كثير، وقد أجمعوا على أن الأوضاع ليست على ما يرام؛ أشك أن نخبة الخبراء من جهاز الاستخبارات تخالف هذا الرأي، لنقف على السؤال التالي: أليس من صميم مهامها الإصلاح؟ أم أنها عاجزة عن ذلك؟ أم أن الحدود القانونية لوظيفتها لا تخول لها ذلك؟
لا شك لدي أن الخبراء الاستراتيجيين من المنتسبين لهذا الجهاز، تحمل ضمائرهم ذات النية في صلاح البلد، وقطعا رؤاهم هي عينها من الزاوية التي من خلالها ترى نخبة الشخصيات الوطنية المستقلة، أقول هذا عن علم.

والمقصود هنا ليست العناصر الدنيا ولا حتى القيادة العليا، بل النخبة من خبراء جهاز الاستخبارات، وهي لا تختلف عن نظيرتها في الجيش الوطني، إذن فالمشكلة ليست هنا، إنما العقدة في عدم الأخذ بعين الاعتبار لرؤيتهم، المؤسسة على دراسات علمية ، ولا برأيهم الذي يرتكز على المصلحة الوطنية، لا يمكنني كمواطن بسيط أن أصدق - مثلا وليس حصرا- بأن جهاز المخابرات لم يؤشر على ملف فلان بالرفض نظرا لملفه القضائي الأسود، كمرشح لمجلس الأمة، أو لأنه لا يملك أي مؤهلات، غير أن من بيده قرار التعيين تجاوز ملاحظة الجهاز، لاعتبارات يراها هو كذلك من المصلحة الوطنية وإن كانت لا تستند إلى منطق واضح ومعلوم.

ينسحب هذا المثل على أشباه رجال الأعمال، ورجال السياسة وعلى أيادي هؤلاء يتم تدمير مقدرات وثروات الوطن على كافة الأصعدة؛ هنا إذن مربط الفرس.

أعلم جيدا ان الجزائر ككل الدول العربية، لم تعرف بعد النظام المؤسساتي، ولا يصح وصفها بالدولة الحديثة التي تقوم على منظومة قانونية راسخة، تحدد بدقة صلاحيات وواجبات الفرد والمؤسسة وبنفس القدر حقوقهما، لكن هل ننتظر أن تنزل علينا هذه الدولة الحديثة من السماء؟ أم تجلبها لنا دبابات دولة أجنبية كما هو حاصل في العراق؟

الجواب قطعا لا هذا ولا ذاك بالنسبة للعقلاء، إنما يبنيها أبناؤها المؤهلون علما وخبرة، والخيرة من هؤلاء للمفارقة، هم من قيادات الجيش الوطني وجهاز الاستخبارات؛ وهم بالدرجة الأولى من تقع عليهم مسؤولية بناء دولة القانون، في هذه المرحلة الحرجة للغاية.

لقد ولى عهد الولاء للشخص أو القائد وما إلى ذلك، ونحن اليوم نقف جميعا أمام أحد الخيارين، الولاء لله، الوطن والشعب، أو الولاء للمصالح والتيارات والشخصيات؛ ولعلنا نتفق جميعا - نظريا على الأقل- بأن الولاء الأول هو الأصل والقاعدة والمبدأ، وأما الثاني فقطعا ليس إلا خراب بيوت مستعجل، ينهار سقفها على الجميع، ولن يكون المعنيون بهذا المقال بمنأى عنه.

لنقف بشجاعة أمام السؤال التالي: هل تتفق النخبة الأمنية والعسكرية في تقديرها لأوضاع البلد مع رؤية الشخصيات الوطنية المستقلة النزيهة؟ إن كان الجواب بالنفي لما تملكه بحكم موقعها من معطيات، فلم لا تعرضها بين يدي هذه الشخصيات حتى تكون الأخيرة داعما ومساندا، بدل المعارض! فهي أهل ومن حقها كما هو من حق الشعب أن تكون على بينة من الأمر؛ أما إن كان الجواب بالإيجاب، فأعتقد أن الولاء الصادق للوطن والشعب يقتضي من هؤلاء الرجال المرابطين والمؤتمنين على مصالحنا ألا يكتفوا بإبداء الرأي ورفع التقارير إلى السلطة السياسية لتضربها عرض الحائط أو ترمي بها في سلة المهملات، بل عليهم فرض القانون حتى على أعلى هيئة سياسية.

ومثلا على ذلك دون حصر فمتى تؤشر مصالح الأمن على ملف شخص ما بالرفض معتمدة على سوء سلوكه أو عدم أهليته، لن تسمح للقيادة السياسية تحت أي ذريعة بترشيحه وتعيينه في منصب كعضو في مجلس الشيوخ، كما يسري هذا الأمر على الأحزاب وكل المرشحين لوظائف تشريعية أو تنفيذية أو دبلوماسية.

لقد نجح بذات الأسلوب جهاز الاستخبارات التركي والنخبة العسكرية، التي يعود الفضل إليها بالدرجة الأولى في النهوض بتركيا بقوة فعلا، حين فرضت استقلالية المؤسسات، والتزمت وألزمت غيرها باحترام قواعد العمل المشترك، تحت سقف القانون وبما يعود بالنفع على تركيا شعبا ودولة، لا يمكن الآن هناك في تركيا أن يستوزر رجل تملأ الجرائد فضائح نهبه للمال العام، كما لا يتأتى لوزير ادخل وكيل وزارته السجن بجرم الاختلاس ألا يقدم استقالته.

كما لا يوجد في مجالسهم النيابية من صدرت في حقهم أحكام قضائية في جرائم؛ حين أضرب المثل بتركيا فإنما عن علم، لقد قمت بزيارتها وعاينت ما لا يمكن ذكره في وسائل الإعلام، إضافة عن التطور الاقتصادي ونموه المذهل، واكتمال للبنى التحية بمقاييس دولية، وانكفاء للجريمة ملموس سواء المالية منها أو الاجتماعية، وغيرها مما له صلة بإقلاع المجتمع نحو التمدن والممارسة الديمقراطية السليمة.

إن الجزائر شعبا وكيانا أهل لينهض خيرة رجالها، بنفس الدور الذي قامت به الأجهزة التركية، والكل يعلم أنها غنية بكفاءات سياسية عالية ونزيهة على استعداد تام للتعاون والعمل، من أجل تحقيق هذا الهدف الممكن، إذا خلصت الإرادة في الولاء للشعب والوطن..أما إن بقيت رهينة الأشخاص والتيارات والمصالح، فليتقبل مني جهاز المخابرات العزاء في الجزائر شعبا ووطنا، إنا لله وإنا إليه راجعون.



* فلاح جزائري
- ط§ظ„ط¨ط±ظٹط¯ ط§ظ„ط¥ظ„ظƒطھط±ظˆظ†ظٹ ط*ط°ظپ ظ…ظ† ظ‚ط¨ظ„ ط§ظ„ط¥ط¯ط§ط±ط© (ط؛ظٹط± ظ…ط³ظ…ظˆط* ط¨ظƒطھط§ط¨ط© ط§ظ„ط¨ط±ظٹط¯) -
جريدة القدس العربي
15/12/2009



هكذا علمني النظامالمصري جدول الحساب
إسماعيل القاسميالحسني

09/01/2010



عليّ في البداية أن أوضح ثلاث نقاط باختصار شديد:
1
ـ حين أصر علىتعريفي بالفلاح، فذلك لتنبيه القيادات السياسية العربية، بأن الثورة التكنولوجية فيعالم الاتصالات، قد نزلت بثروة معلوماتية غير مسبوقة في تاريخ البشرية، إلى أضعفطبقات المجتمع، لتوسع إمكاناته المعرفية، ويرقى بفضل أدواتها وعيه بما يدور حوله فيالعالم.
2
ـ لست هنا بمعرض الدفاع عن حركات المقاومة الفلسطينية، لأنها من ناحيةهي في غنى عني ومن ناحية أخرى أرى في ذلك شرفا لا يتأتى لأمثالي بلوغه.
3
ـ لستكذلك في موقع التهجم على السيد حسام زكي، الناطق باسم الخارجية المصرية، ولولا أنهكذلك لما ذكر اسمه في مقال لي ترفعا مني وتعففا، فواقع الحال الذي تعيشه الأمة،وخاصة قلبها الدامي فلسطين أرضا وشعبا، يفرض على كل عاقل منا إذا تناول شأنه، أنيرقى بجد وصدق إلى مستواه. وهنا أقرر بكل أسف أن انهار سقف منظومة القيم الأخلاقيةلدى النظام الرسمي العربي، لا يعني بالضرورة أنه وقع على سائر الأمة.
في ليلة 6/1 استضاف برنامج البيت بيتك في قناة 'المصرية'، الناطق باسم الخارجية المصريةرفقة السفير محمد بسيوني رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية بمجلس الشورى، لن أردعلى الأخير الذي أكد أن فتح معبر رفح بشكل دائم وطبيعي يعني إضفاء الشرعية علىالنظام القائم في قطاع غزة، يعني طبعا حماس، وهذا لن تقوم به مصر أبدا؛ وهذا الطرحلم يتفضل به في مقاله بـ'الأهرام' 30/12/2009، حيث اكتفى بتعليل بناء الجدارالفولاذي بأنه منعا لتسلل عناصر القاعدة من غزة ـ ولما لا إسرائيل!- حسب تعريفه،إلى مصر، وعليه يجب الحفاظ على الأمن القومي ؛ لن أرد لأنني سأشعر بسقوط شاقولي حرومفزع، وإلا كيف يصدر كلام كهذا عن سفير كان معتمدا لدى نظام إرهابي مجرم لقيط (إسرائيل) محتل عنصري، لا يعرف حدودا ولا دولة له وآخر ما صدر فيه تقرير غولدستونالذي يجرم قياداته، ويزعم أنه لن يعترف بشرعية حماس المنتخبة، ألا يعد هذا تدخلاسافرا في شؤون شعب اختار بحرية من يمثله؟ ثم يدفعون بالقول أنهم أسقطوا الشرعية عنحماس بحجة ما يصفونه بالانقلاب، عليهم إذن أن يتبرأوا من الانقلاب الذي قام به جمالعبد الناصر، وليعتبروا نظامه وما ترتب عنه غير شرعي لذات السبب، وعليهم أن يغلقواالحدود مع ليبيا لأن قائدها كذلك قام بانقلاب غير شرعي وكذلك السودان، إن وصفالانقلاب بغير الشرعي (مجاراة لهم) جريمته لن تسقط بالتقادم، وأولها النظام المصريبعينه. ثم بأي صفة يستضيفون ممثلي حركات المقاومة ويفاوضونهم،؟ بصفتهم مواطنينعاديين بسطاء! فليلقوا عليهم القبض وليزجوا بهم في السجون بحجة أنهم انقلابيون؟ أيسفه هذا وضحالة تفكير.
أعود للناطق باسم الخارجية، الذي كشف في هذا اللقاءأسرارا مذهلة وأرقاما تدعو أي عاقل للتأمل في مضامينها، بأسلوبه المتميز برائحةالكبر المصاحبة لمخارج الحروف، والأسارير المعبرة بدقة عن روح التعالي الأجوف، يعطيمنشط اللقاء سرا غاية في الخطورة والأهمية، مستدلا على ذلك بأنه لأول مرة يعلن عليهفي وسيلة إعلامية؛ يقول : لأول مرة أعلن عن هذا، خرج من قطاع غزة عام 2009 ماتعداده 75 ألف فلسطيني، وزد على ذلك دخلت القطاع 5000 طن من المساعدات الإنسانية فيذات العام مرت عبر 30 قافلة. هذا ملخص عرضه، جحظت أعين الحاضرين من هذه الأرقامالفلكية، وصيغ الكلام في قالب الترفع عن ذكر ما يقدمه النظام المصري لأشقائه في غزةحتى لا يعد منا وإنما هو الواجب القومي الذي نهض به النظام دون تغطيات إعلامية، ومعكل هذا يتحملون ما يكال لهم من الجهلة أمثالي، الذين يتصيدون أي شيء ولو كذباوبهتانا سعيا للشهرة والأضواء على حساب مصر، كما فعل جورج غالاوي ورفاقه 'الصيع' على حد وصف السفير الأول. و بما أنني رجل فلاح سطحي التفكير، ولا يملك العلاقاتإياها ليعرف من المصادر المعنية دلالات تلكم الأرقام الضخمة، وحتى أكون أكثرموضوعية وواقعية، لم أجد من سبيل إلا الذهاب إلى محطة الحافلات بقريتي الصغيرة،والتي تعداد سكانها 15 ألف (يعني 01' من عدد سكان غزة)، وأسأل مراقب المحطة عن حركةالتنقل إلى المدينة المجاورة على بعد 14 كلم، فأعطاني معدل 500 يتنقلون يوميا، يزيدوينقص العدد قليلا، فعدت لأرقام سعادته، وقسمت 75 ألف على أيام السنة، فوقع أرضاعدد 205 أو شيئا من هذا القبيل، لا يحتاج الأمر هنا إلى تعليق.
بعد هذا يأتيالرقم الثاني 5000 طن من المساعدات، والتي ينضوي تحت عنوانها كل الاحتياجات من دواءومواد غذائية، واعتبرته يشير إلى الدقيق فقط، يعني 5 ألاف طن دقيق، قسمت الرقمالهرم على عدد سكان القطاع، فانتهى الهرم إلى حصيلة تساوي 3 كلغ للفرد على امتدادالعام، طبعا سيسارع العارفون إلى القول بأن الانروا تتكفل بـ 800 ألف لا تدخلها فيهذا الحساب، طيب بقي 700 ألف، النتيجة7.1 كلغ، يعني ببساطة شديدة 20غ يوميا للفرد،ذهبت أحمل على كتفي هذا الرقم المصري الضخم إلى المدينة المجاورة - أتعبتموني ياأهل غزة- التي يقطنها 150 ألف نسمة، لأسأل أحد تجار الدقيق، وهو واحد من مجموعالخمسين الذي يمارسون تجارة الدقيق(الجملة)، فأحاطني علما بأنه يجلب بمفرده 2500 طنسنويا، يعني رقم سعادته لا يتجاوز رقم تاجرين اثنين في مدينتي التي تمثل عشر سكانغزة، عدتأدراجي إلى مزرعتي كسير الخاطر، وحان وقت الغداء الذي عادة أقدم فيه الأكلكذلك للدجاج، وما بلغت يميني المكيال حتى كاد يغمى عليّ، إن الكيل 200غ للدجاجةالواحدة يوميا، يعني عشرة أضعاف ما يسمح به نظام سعادته لأم في غزة أو أخت أو بنتأو أب أو أخ أو ابن أو جد أو جدة أو حفيد أو حفيدة أو.. أو.. وأوووه زفرة أرسلهاحارقة إلى أن أقف بين يدي الله؛ لا وجود هنا للقياس طبعا، ولا داعي للي المعاني حتىتركب عوجا على الكلمات، وأترك للقارئ إن شاء أن يفترض الرقم يعني الدواء أو أي شيءآخر وله أن يقرأه كيفما يشاء أعترف لكم أنني تعبت حقا.
أخيرا، بالنسبة لي هذاجزء من الهم الذي يؤرقني، بل الجزء الأهم والأثقل، لكن في ثنايا هذه المسألة يتخفىاستفهام مشروع وجاد: هل هؤلاء الدبلوماسيون المصريون يعون ما يقولون؟ يعني هل همواعون حقا لما يقولونه على الفضائيات وكل العالم يراهم ويسمعهم؟ لا شك لدي أنهم منبني البشر هذا صحيح كما أنه لا شك لدي أنهم عقلاء، لكن ألا يستحون من الافتخاربتمرير 20 غ من الدقيق لكل فلسطيني يوميا؟ إن كانوا لا يفقهون ما يقولون فتلكممصيبة مصر، وإن كانوا يعلمون، فلا شك لدي أن المصيبة أعظم.. وحسبنا الله ونعمالوكيل.
- البريد الإلكتروني حذف من قبل الإدارة (غير مسموح بكتابة البريد) -












































بين نصر الله وبلاء الله

إسماعيل القاسمي الحسني

28/09/2009
من اليسير جدا أن نكيل الشتائم لحزب الله وأمينه العام، أو لمن نشاء، ولا يحتاج الأمر هنا لوزير خارجية أو حتى رئيس أكبر دولة عربية، كل ما يجب فعله للقيام بفعل الهجاء هو تعطيل الفكر ليرسل الكلام على عواهنه. ما الذي يمنعني وأنا أقطن في وطن غير لبنان، على بعد آلاف الأميال، ولا تربطني أي مصلحة بالمعنيين من القول، هكذا وبكل بساطة : إن السيد حسن نصر الله رجل مغامر غوغائي شعبوي، عميل لإيران وهلم جرا؛ ما الذي يمنعني من ذلك! لا أحد، لكن السؤال: ما الدافع وأنا على ذات الحال لأن أقول العكس؟ وهو أمر لا يتأتى دون تفكير وأدوات معرفية؟.

لقد تابعت مسيرة هذا الرجل والمقاومة في لبنان طيلة خمسة عشر عاما، بالموازاة مع مسيرة رجال تبوأوا مراكز قيادية سياسية وفكرية، آلوا على أنفسهم منذ سنوات قليلة، تشويه رجال المقاومة في لبنان وفلسطين، وإلصاق التهم - إن عدت تهما- بهم كلما دق العدو الإسرائيلي طبول الحرب. لا يتسع المقام كما تأبى النفس النزول إلى ذلكم المستوى المقزز لذكر بعض الأمثلة، التي تتناغم تصريحات أصحابها وأقلام كتابهم بشكل لافت، مع ما يذهب إليه العدو نفسه، بل تتجاوزه أحيانا كثيرة.

الطائفية
اعتمد هؤلاء القوم ثلاثة أسلحة كعناوين للطعن والتجريح في رجال المقاومة، ليحلبوا ما استطاعوا من الصفات الرذيلة، سعيا جادا وحثيثا منهم للانتقاص من قدر أولئكم المجاهدين، كانت واحدة من أبرز أدواتهم الخبيثة الضرب على وتر الطائفية والمذهبية، بزعمهم أن الشيعة أشد عداء وخطرا على الأمة من غيرهم ، حتى وإن كان هذا الغير هو العدو الإسرائيلي الذي يحتل مقدسات وأراضي المسلمين، ويوغل في ارتكاب المجازر في حقهم.

إذا عدنا للتاريخ، واجهنا هؤلاء بدعوى الواقعية، والتي في نظرهم لا تتعامل إلا بواقع الحال، ولم يعد يجدي نفعا الاستدلال بوقائع الماضي، وإن سلمنا لهم بذلك، نجد أن علماء السنة وبإجماعهم، وعلى رأسهم مفتي مصر والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، دعوا الأمة لأن تشد على أيادي المجاهدين في لبنان وغزة، كلما تعالت صيحات هؤلاء مذكية نعرات المذهبية، كان حريا بهم أن يرشدوا علماء السنة حتى تنسجم فتواهم مع ادعاءاتهم ؛ فكيف لمسلم سني عاقل أن يضع في ميزان واحد، إجماع علماء طائفته بوجوب مساندة رجال المقاومة شرعا في كفة، وفي الأخرى تصريحات بعض ساسته وأشباه المفكرين بإعلان الحرب عليهم ومقاطعتهم، واعتبارهم العدو الأول والأخطر! لو أن هؤلاء القوم مالوا إلى طائفة ثالثة من الأمة ضد طائفة الشيعة، لأمكن البحث والنظر فيما يدعون، لكن أن يقفوا ضد الشيعة وإجماع علماء السنة، إلى جانب عدو الأمة فهذا موقف لا يستسيغه أي عاقل منا، ويسقط حجتهم في أيديهم.


و من المفارقات المذهلة في منطق تفكيرهم، وهم يزعمون الدفاع عن طائفة السنة، ويحذرون من بعبع الشيعة، أنهم ينكرون نصوص القرآن والحديث إذا استدل بها علماؤهم لتصويب مواقفهم، فكيف تأتى لهم الجمع بين هذين الموقفين المتناقضين! ثم أليس أهل السنة في لبنان كالشهيدين فتحي يكن ورفيق الحريري، أولى بالدفاع عن طائفتهما لو شعرا بجدية مزاعم هؤلاء ؟. لقد راجعت بدقة وتأني خطابات السيد حسن نصر الله وبيانات حزبه، وكذلك رفيق الحريري وفتحي يكن، فلم أقف على عبارة واحدة يشتم من وراء معانيها ما يذهب إليه أولئك القوم؛ بل سجلت لهما مواقف كثيرة عبرا من خلالها عن احترامهما وتقديرهما العاليين لرجال المقاومة والأمين العام لحزب الله؛ وفي سابقة ثمنها الجميع أم صلاة الجمعة الشهيد فتحي يكن اصطف فيها سنة وشيعة جنبا إلى جنب، لتقطع دابر دعوى أولئك المغرضين.

العمالة
كما اعتمد أشباه الملأ من القوم، إضفاء صفة العمالة على العلاقة التي تربط النظام الرسمي الإيراني بحزب الله، وكذلك الفصائل الفلسطينية المقاومة، لعلمهم بمدى وقع هذا الوصف على نفوس العامة، التي بفطرتها تأنف من هذا المصطلح وتستهجن الموصوف به، غير أنه سرعان ما ينكشف وهن كيدهم؛ فالعمالة تقتضي بطبيعة المعنى المراد السرية، وهذا أمر مناقض لواقع الحال، فإيران الرسمية أعلنت دعمها للمقاومة من اليوم الأول لثورتها، وكذلك الأمر بالنسبة للأطراف المعنية، لنضعهم أمام السؤال التالي: هل أنتم ضد المقاومة؟ أم أنكم ضد إمدادها من إيران؟ إن كان الجواب عن الأول أنكم ضد مبدأ المقاومة فما شأنكم بمن يمدها! وإن كنتم معها فكيف تستمر بغير مدد؟ وإن كان الجواب أنكم ضد الكل فماذا تركتم لعدو المقاومة؟. ثم أليس من التناقض البين أن توصف أموال الولايات المتحدة، التي يستجديها بكل هوان ومذلة أولياؤهم، بالمساعدات؟ لم لا تنعت هي كذلك بالعمالة! أم لازال يعتقد هؤلاء بأن الشعوب العربية يمكن إقناعها بأن الولايات المتحدة مؤسسة خيرية يرعاها رسول من السماء!؛ إن الواقع القائم والذي لا ينكره إلا مكابر، هو أن مساعدات إيران لشعبين محتلة أراضيهما، يقاومان المحتل من أجل التحرير، وهذا حق أقرته الشرائع السماوية وكفلته القوانين والمواثيق الدولية، أما ما يسمى 'مساعدات' أمريكا لبعض هؤلاء فلاستعباد شعوبهم وتوريث كرسي نظام يوصف كذلك افتراء 'جمهورياً'. لا يمكن لمسلم عاقل أن يضع في كفتي ميزان واحد التعاون مع إيران والتعاون مع أمريكا، فلا وجه للمقارنة بين الدولتين، فالأولى جارة مسلمة لم تشهد عليها البشرية في التاريخ المعاصر ما شهدت به على الأخرى البعيدة، والتي وصف رئيسها غزو العراق بأنه 'حرب صليبية' بكل جرأة، ولعلني مضطر لتذكير أشباه الملأ بأن الولايات المتحدة قد أحصى عليها 'غروسمان' في كتابه 'لماذا يكره العالم أمريكا' خلال مئة عام التي خلت أكثر من 130 تدخلا دمويا عبر العالم، راح ضحيتها أزيد من ستة ملايين قتيل، دون تفصيل تداعياتها؛ألا يظهر هذا جليا محركات وأهداف سلوك نظام الولايات المتحدة؟ وأين سياسة إيران من هذا!.
الهزيمة
غير أن السلاح الثالث الذي رفعوا شعاره، كان أكثر مدعاة للسخرية، ففي حين يقر العدو الاسرائيلي بهزائمه منذ عام 2000 إلى عدوانه الإجرامي على غزة، وتجمع تقارير الخبراء العسكريين ودراساتهم على تدني القدرات والكفاءات القتالية لدى جيش العدو، يقابلها اعتراف موثق بتطور أداء المقاومة كيفا وكما، وتضاعف قدراتها العسكرية ، مع الإقرار لها بتميز خططها القتالية، نجد أولئك السياسيين وأشباه الملأ يتهمون رجال المقاومة بالمغامرين، وأنهم أوردوا شعبهم موارد الهلاك ، وأن النصر دائما كان حليف العدو. في صورة كاريكاتورية مدهشة، عدو يعترف بالهزيمة ويسقط رؤساء وحكومة، وأخ لك ينكر عليه ذلك ويؤكد له بأننا نحن من هزمنا! لا تحتاج هذه الصورة إلى تعليق سوى: هذا الفرق بين نصر الله وبلاء الله. أخشى أنه لم يعد هناك من تفسير لحالة انسلاخ هؤلاء عن الأمة، إلا نجاح الإدارة الأمريكوصهيونية في استنساخ عربي جديد، يقـــوم اليوم بمساعدة الجنرال كيث دايتون في مهمته لاستنساخ فلسطيني جديد، التي بين هدفها الرئيسي في محاضرته أيار(مايو) الماضي بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وهو خلق عقلاً فلسطينياً ينتمي لوظيفته، لا لدينه وأمته وأرضه، ووظيفته التعايش مع كيان العدو في دعة وسلام...قبح الله وجوه أولئك وخيب سعي هؤلاء.

فلاح جزائري




جريمة في حق الرسول باسم الشعب الجزائري

(الجزائر تايمز)
November 3, 2009 08:16 PM

سبق لي أن تناولت بتاريخ 02/10 ،عبر هذه الصفحة المادة 144مكرر2 من قانون
العقوبات الجزائري، في مقال بعنوان: الإساءة إلى الرسول و تقديس الرئيس، أزعم أني شرحت من خلاله بكل موضوعية، أنه لا يستقيم شرعا و لا على أي وجه ، أن تكون عقوبة من أساء إلى الرئيس أشد و أخطر من تلك التي تسلط على من أساء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم؛ و عملا بالتوجيه النبوي خاطبت المعنيين على قدر عقولهم، ذلك بأني لو عرضت حكم الأئمة الأربعة على من يجعل مقام الرئيس أخطر من مقام الرسول ، و المتمثل بإجماعهم بالإعدام دون استتابة، لرماني القوم بالتبعية لابن لادن و الظواهري، و التطرف و ما إلى ذلك من مشاجب اصطناعية يلجأون إليها كلما ضاقت بهم الحيل، غافلين على أن الفقه الإسلامي ليس صنيعة هؤلاء و أن الأئمة الأربعة ليسوا أتباعهم، و من أراد التأكد فما عليه الا مراجعة كتاب الشفا للقاضي عياض، كما حاولت جهد استطاعتي أن أبين أوجه الخلل في تلك المادة و ما تلاها؛ داعيا المسؤولين إلى إعادة النظر فيها بشكل جاد لما تحمله من إساءة بالغة لرسول الله، و تعبيرا جليا لجهل من صاغها، دون اتهامه بالتعمد في ارتكاب هذه الجريمة ، التي يترجم بقاؤها سفه شعب بمجمله و لؤم نخبته و إفلاسها.
أستسمح طاقم تحرير"القدس العربي" و كذلك القراء دون اعتذار، في الهبوط بالأسلوب إلى الدرجة الدنيا، عسى أن تصل الرسالة إلى المعنيين بهذا الأمر، ماذا أقر المشرع الجزائري باسم الشعب ؟ مواطن تلفظ بعبارة مسيئة لرسول الله، و بذات العبارة لرئيس الجمهورية، و نفسها في حق شرطي المرور، أقصى عقوبة مغرما للجرم الأول 1000 اورو،الثاني 2500 و الثالث 5000 اورو، ألا يرى الأعمى هذا الميزان المقلوب !؟ أليس حشفا و سوء كيل ! ليس بوارد في هذا المقال، أن أجتهد في إقناع المشرع بأن من أعاد الإساءة إلى الرئيس تضاعف عليه العقوبة، خلاف من أساء إلى الرسول أمر خطير للغاية، و لا أن كل وسيلة إعلامية كانت أداة للإساءة إلى الرئيس تنسحب عليها و على أصحابها ذات العقوبات، عكس ما يتعلق بأمر الرسول، هذه بديهيات لا يمكنني أن أكررها لعقل فغر صاحبه فاه، فكما هو معلوم من أعقد القضايا توضيح الواضحات، غير أن الواجب الديني و الوطني أملى علي أن أوجه رسائل مع نسخة من المقال إلى كل من: رئاسة الجمهورية، رئيس المجلس الدستوري، رئيس المجلس الشعبي الوطني، رئيس مجلس الأمة، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، موقع وزارة الشؤون الدينية بحمد الله معطل، و كذلك موقعي جريدتين وطنيتين بسبب الهم الأكبر و هو مقابلة لكرة القدم، كما أني لم أعثر على موقع أو عنوان لما يسمى عندنا جمعية علماء المسلمين. فعلت ذلك و أنا على قناعة قاطعة بأن كل هذه المؤسسات تطالع خلاياها الإعلامية يوميا جريدة "القدس العربي"، إلا أني أردت إبراء ذمتي ، و الوقوف على دليل حسي بأنهم لا يستجيبون و لا يجيبون، و كان ذلك كذلك. فلم تحظ مراسلتي بأي رد و لم يلتفت أحد منهم لخطورة الموضوع.
كما أنني اتصلت بشخصيات مسؤولة عليا، و أخرى وطنية دينية بارزة و كذلك بأساتذة قانونيين من أهل الاختصاص، و كلهم عبروا عن دهشتهم و استغرابهم من صيغة هذه المواد القانونية، و تعجبوا من كيفية مرورها ليس على لجنة الشؤون القانونية بالبرلمان فحسب، و التي تضم جميع ممثلي الأحزاب إضافة عن ممثلي الوزارات المعنية ، و هنا وزارة الشؤون الدينية، بل و مرت على كافة نواب البرلمان الذين صادقوا عليها، في الفترة التي كان فيها السيد عبد العزيز بلخادم الذي يحسب على التيار الوطني الإسلامي المعتدل رئيسا للحكومة و حزبه مع حزب اسلماوي يمثلان الأغلبية و هذه المواد مخالفة بشكل فاضح للدستور، ناهيك عن الشريعة الإسلامية، كما أنه لا أصل لها و لا مرجعية و لا مستند، إلا تلك التي تتعلق بالعيب في الذات الملكية في بعض البلاد المتخلفة، و أما عن المادة التي تتعلق بالإساءة إلى الرسول فهي جريمة بحد ذاتها، يعاقب قانونا من سنها و عمل بها، فهي مخالفة للشريعة الإسلامية جملة و تفصيلا ، شكلا و مضمونا.كما أنها مخالفة للدستور، و حنث مهين و فاضح لليمين الدستوري التي جاء فيها نصا:" ..أقسم بالله العلي العظيم أن أحترم الإسلام و أمجده". و مع تحفظي على هذه الصيغة التي رهن فيها القسم بالوفاء للشهداء و قيم الثورة، و ليس طاعة لله و رسوله، أقول: هل من الاحترام و التمجيد أن يرفع مقام الرئيس و مقام شرطي المرور على مقام الرسول ! ؟ بل هذه اهانة و إساءة بالغة لا تغتفر.
أقول بكل حسرة أن جميع هذه المعطيات لم تعد تعنيني كثيرا، كما لا يعني أحدكم التوكيد بأن السماء فوقه و الأرض تحته ، ما يهمني بعد هذه التجربة المريرة، أنني أجد ريح الرياء في الدفاع عن رسول الله، لدى المسؤولين و شخصيات تمثل صوريا النخبة في الجزائر، و إلا كيف تفسر التصريحات النارية لرئيس الحكومة الذي صدر في ولايته هذا القانون، اثر نشر جريدة دانيماركية مجهولة صورا كاريكاتورية مسيئة، أي الأمرين أخطر!؟ أليس مادة قانونية تعتبر وثيقة رسمية باسم الشعب الجزائري، يعتمدها القضاء، أليس هذا الأمر أعظم و أجل ؟ أليس من الجهل المركب حقا أن تفوض بموجب هذه المادة، السلطة التقديرية للقاضي بشأن الإساءة إلى الرسول؟ بأي ميزان سيزن خطورة الإساءة بالله عليكم؟ أي مرجعية قانونية أو قياس سيعتمد عليه حتى يحكم في هذه ب 500 اورو و تلك ب 1000؟ أو في هذه بالسجن و الأخرى بالغرامة المالية فقط؟.و الحال أنه حرم منها في حال الإساءة إلى العلم الوطني، فالحكم القطعي السجن دون اجتهاد أو تقدير.
ثم أليس من خفة العقل، أن تدرج هذه المادة التي تتعلق بالإساءة إلى الرسول، في الفصل الخامس، تحت قسم بعنوان: الاهانة و التعدي على الموظفين و مؤسسات الدولة ؟ استغفر الله، أرسول الله موظف في اعتبار هؤلاء ! أم أنه مؤسسة تابعة للدولة ؟. كيف أجاز لنفسه رئيس البرلمان و كل أعضائه و رئيس الحكومة و وزير الشؤون الدينية و رئيس مجلس الأمة و رئيس المجلس الدستوري و رئيس المجلس الإسلامي الأعلى و كل أعضاء هذه المؤسسات و ختاما رئيس الجمهورية، كيف لهم جميعا أن ينزلوا إلى هذا الموقف الخطير ؟ كيف صاغت لهم أنفسهم أن تخط أيديهم أو ترفع أو تمضي مصادقة على مادة تقر العقوبة على من أساء لأحد رجال القوة العمومية - شاويش حتى- ب 5000 اورو، و الحال مع الإساءة للرسول 1000 ؟ . بكل صدق و جرأة ما كنت أتخيل أن في الجزائر من يعبر عن خبل العقل و هو يسير شؤونها ذات الوقت بهذه الصفاقة.
لقد كنت شاهدا على الثورة التي شنها بعض أعضاء جمعية العلماء المسلمين، في وجه منتسب للطرق الصوفية، و التي بالمناسبة درست معالمها الأخلاقية، و لم يبق منها إلا سجلات تجارية تعشق الظهور و تسترزق بالصمت أو المداهنة للسلطة، حين نشر كتابا يعيد نشر صور للرسول، و أصدرت هذه الجمعية بيانا شديد اللهجة، دون المطالبة بتطبيق هذه المادة 144 مكرر2 و إن كانت متخلفة، و كذلك تنادت شخصيات وطنية مستقلة لإثبات وجودها بإصدار بيانات عبر الجرائد الوطنية، بل حتى وزارة الشؤون الدينية و المجلس الإسلامي الأعلى، كل فعل ذلك في سباق محموم، و تفاخر فيما بينهم عن حجم البيان و قوته، و كذلك دون المطالبة بتطبيق تلكم العقوبة التافهة في حق المعني، و كأنما الأمر لا يعدو مزايدات، و تسجيل نقاط لا يمت بصلة لمصداقية الدفاع عن الرسول صلى الله عليه و سلم. فالكتاب لم يسحب من السوق كما توعدت وزارة الشؤون الدينية،و مؤلفه حر طليق، مع أن الأخيرة و المجلس الإسلامي الأعلى أقرا بأن ما بدر منه يعد أساء إلى الرسول، لكن النائب العام لم يحرك الدعوى تلقائيا لسبب غير معروف !.
مقابل هذا الغبار الذي رفعوه ليسد سماءهم، صمت الموتى، لما بلغهم أن هناك مادة في قانون العقوبات الجزائري، أخطر إساءة إلى رسول الله، و مع اعترافهم القهري بأنها مخالفة لنصوص الشريعة الإسلامية و أحكامها، و بالتالي الدستور الجزائري، و مهينة بحد ذاتها للشعب حين تقر باسمه ، لم يحركوا ساكنا و رموا الأمر وراء ظهورهم و كأنه لا يعنيهم، في سلوك لا يفسر إلا بطغيان عربدة شهوات الدنيا في عالم العقل المختل أصلا ميزان تقديره؛ ذلك بأن الدفاع عن رسول الله عين العبادة و فرض أصيل، و ليس مهرجانات فلكلورية و لا شطحات اشهارية.
أعلم جيدا أن هذا المقال قد يعتمد لدى بعض ضعاف النفوس، مادة تستنفر غرائزهم للتقرب إلى رأس النظام، و اعتباره دليلا تنسحب على صاحبه الإدانة و تطبيق المادة إياها بحجة اهانة مؤسسات الدولة و رموزها، لتحرك الدعوى القضائية ضد الكاتب في استعراض بهلواني لحدود لامتناهية للولاء الأعمى، مثل هذه النفوس لا يمكنها أن ترقى للدفاع عن رسول الله قطعا، و لست أبالي بأحكامها و حكمها ما علم الله الصدق مني؛ مع أن الموضوعية تفرض على المنتسبين لأمة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، كلهم و جميعا من رجال فكر و دين و إعلام و سياسة، أن ينهضوا بقوة لتغيير هذه المواد الفضيحة، فمن المعيب حقا أن أذكرهم بأن قيمة الشعب الجزائري من رئيسه إلى آخر مولود لو عجنوا في رجل واحد، منذ أن وجد هذا الشعب إلى يوم الساعة، ما بلغوا قدرا و قيمة ذرة من أثر النعل الشريف، و أتحدى أيا من علماء الجزائر بل العالم الإسلامي أن يقول: كلا. فان قلتم: هذا حق، قلت: فاعملوا على إصلاح هذه الجريمة النكراء بما ينسجم و عقيدة هذا الشعب، كما أرجو من كل الجمعيات و الشخصيات الوطنية و الصحافة أن تبرأ إلى الله عمليا - بإخلاص دون مزايدات و لا مهاترات و لا شطحات فلكلورية - من هذا الأمر الذي يستنزل غضبه و سخطه... اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.

**********************
اسماعيل القاسمي الحسني
فلاح جزائري








حبر مصري يسيل من 'وادي الذئاب' - اسماعيل القاسمي الحسني
1/20/2010
الاستقلال:مقالات وأراء






أشار سابقا الإعلامي المصري الكبير محمد حسنين هيكل في لقاء خاص مع 'الجزيرة'، إلىعجزه عن فهم سياسة النظام المصري سواء تجاه العالم العربي وقضية فلسطين، أو إيرانالتي ترتبط بشكل مباشر تاريخيا وجغرافيا بمنطقة الشرق الأوسط، غير أنه لم يتوقفطويلا أمام الأقلام التي تساهم بشكل مؤثر وفعال في صناعة الرأي العام، تمهيداوتيسيرا للنظام حتى لا تكون قراراته صادمة بشكل قد يقلب الأوضاع، وأشار بامتعاضشديد لقضية مصطفى أمين أواخر ستينيات القرن الماضي، وكيف أنه عمل لصالح الاستخباراتالأمريكية ضد مصر، غير أن المفكر الكبير الأستاذ فهمي هويدي اعتمد محاضرة أيفيديختر (التي أشرت إليها في مقالات سابقة) أكثر من مرة، في التأكيد على أن الإعلامالمصري قد يكون مخترقا من قبل العدو الإسرائيلي، فقد أقر في محاضرته بالسعي الحثيثلاستقطاب رجال الإعلام والمال،
لما لهما من تأثير قوي في صناعة الرأي العاموتوجيهه لمنع أي انقلاب دراماتيكي مباغت ،قد لا يخدم أو يهدد أمن العدو الإسرائيلي .
و أخشى هنا أن بعض الأقلام في مصر باتت تؤكد ما أعلنه أيفي ديختر، بشكل أكثروضوحا إن لم أقل أكثر جرأة، فقد طالعتنا جريدة 'الأهرام' يوم 01/16 بمقال تحتعنوان: 'داجان..سوبرمان الموساد الإسرائيلي'. وبقراءة هادئة وعميقة، يعتقد القارئبأن المقال ترجمة عالية المهنية لكاتب إسرائيلي يتحدث عن بطولات وانجازات مائيردوجان مدير جهاز الموساد، غير أن الحقيقة خلاف ذلك فالكاتب مصري بامتياز.
ينسبالكاتب لهذه الشخصية بناء على المصادر الإسرائيلية التي اعتمدها، وبأسلوب حقيقةيستدعي التساؤل حول موقفه الشخصي من هذه الانتصارات فيما يلي:1-
لولا هذا الرجل (مائير داجان) لكان البرنامج النووي الإيراني قد خرج إلى النور منذ سنوات.2- قامبتحجيم القدرات العسكرية لسورية وكذلك حزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية.3- كانوراء عملية اغتيال عماد مغنية.4- تدمير المفاعل النووي السوري في دير الزور2007. 5- قصف الشاحنات السودانية المحملة بالأسلحة الإيرانية في طريقها إلى قطاع غزة. كررالكاتب ذات الانجازات بحد وصفه ثلاث مرات في مقاله، طبعا دون أن يقحم أي عبارة أوحتى كلمة توحي بأن هناك قاسما يجمعه بضحايا هذه الانجازات، لغة أو دينا أو تاريخامشتركا، ولم يغفل كذلك ذكر المناصب التي تقلدها ذلكم البطل، وإن كنت لا أعلمأهميتها لدى قارئ جريدة 'الأهرام'.
لن أنزل إلى هذا المستوى الذي اختاره الكاتبلنفسه، وإن كان ولابد من تناول هذا الموضوع، فلن يكون إلا من زاوية الرد على قامةكجريدة 'الأهرام'، التي - مع الأسف الشديد- اختار طاقمها الاصطفاف في موقع أربأبنفسي عن وصفه، وأقل ما يقال عنه أنه لا يستجيب للمقومات الأصيلة للشخصيةالمصرية.
-1
كان على إدارة تحرير 'الأهرام'، حين سمحت بنشر هذا المقال بهذا الشكلالمنافي للانتماء، إذ لم يعتبر ضرب مفاعل سورية وضرب قافلة سودانية تعديا سافراعلىسيادة دولتين عربيتين شقيقتين لمصر، وأن تحجيم قدرات سورية العسكرية هو تدخل فيشؤون عربية داخلية مضر بالمصلحة العليا للأمن القومي العربي، وأن اغتيال الشهيدعماد مغنية جريمة بشعة بكل المقاييس ومدانة على جميع المستويات، وغيرها مما استعرضهالمقال، كان على الإدارة هذه أن تؤكد صدق حيادها (إن جاز وحق لها وصفه)، بالاستطرادفي ذكر بقية انجازات جهاز الموساد بدءا بزرع عميل له على مستوى رئاسة الجمهوريةالمصرية، ومرورا بتجنيد محمد عصام العطار وعزام عزام وشريف الفيلالي وغيرهم، إلىاختراق الأجواء المصرية لمرتين الأولى لضرب محور فلادلفي 2006 على حدود مصر- فلسطين (أبو الغيط: قصف إسرائيل لمحور فلادلفي لن يمر مرور الكرام. 'الشرق الأوسط '1/11/2006. غير أنه مر مرور العظام)، وتليها ضرب القافلة السودانية، أم أن هذه لاتحسب انجازات للموساد وقسط كبير منها تحت يد البطل المزعوم! والتهديد بضرب السدالعالي لا يختلف خطره عن التهديد بضرب مفاعل إيران، في أي دائرة يمكننا تصنيفه؟ أماعن اغتيالات كبار ضباط مصر على أيدي عملاء مصريين فلا يتسع المقال لذكرها ، آخرهاكان يوم 01/14راح ضحيتها اللواء أحمد العيسوي.
-2
كما كان حريا بها (إدارةالتحرير) في ذات السياق، حين أذنت بتسويق هذا المقال، مزكية استناده لصحيفة 'معاريف'، أن توازن كذلك بالاستناد فيه إلى ما أورده آري شافيت في هآرتس 2009/5/7حين بشر بخبرين جيدين، الأول بحد زعمه، هو التحالف الاستراتيجي بين مصر وإسرائيلالذي لم يكن قويا كما هو عليه اليوم ضد مشروع إيران والمقاومة، وأما الخبر الثانيهو قناعة قادة بعض دول الخليج والأردن بأنهم على حافة الهاوية، ولا نجاة لهم إلابإسرائيل التي عليها أن تختار الحبال الصحيحة لتمدها لهم؛ لا شك أن الانجازين يقفوراءهما جهاز الموساد تحت القيادة الفذة لذلكم (مائير داجان).
لعل البعض يخالفنيتحميل الإدارة خطر ما أشير إليه، في اختيارها مادة مكونات الرأي العام، غير أنه لمايطالع في ذات العدد مقال رئيس الإدارة تحت عنوان 'من القاهرة مسارح متعددةوقضيــــة واحــدة'، يجده ليس أكثر من الوجه الآخر لذات العملة، ملخصه أن المقاومةالفلسطينية واللبنانية وسورية وإيران، هم العدو الأول والأخطر على الأمن القوميالمصري. ويبدو من خلال ما سبق ذكره أن العدو الإسرائيلي قد نجح فعلا في تغييرالمفاهيم لدى بعض المفكرين والكتاب، الذين مع الأسف يتبوأون مراكز حساسة في صناعةالرأي العام، أو على الأقل يوجهونه نحو مصالح (العدو الإسرائيلي).
ما فات هؤلاءأو قفزوا عليه هو باختصار شديد الآتي:
1-
لا يمكن تغيير التاريخ، ما كانت مصربعد هزيمة 67 أن تستعيد قواها العسكرية والمعنوية والمادية لولا أن وقفت إلى جانبهادول عربية كانت على رأسها سورية والجزائر، ولولا هذا الدعم الفرض لما استطاعت مصرإطلاقا عبور القناة وإلحاق الهزيمة بالعدو، غير أن النظام المصري حين عرضت عليهالقوى العظمى المال واسترجاع سيناء تحت مظلة مفاوضات السلام وليس نصره العسكري،اختار فض الارتباط مع الدول العربية التي وقفت إلى جانبه (خطاب أنور السادات) بلذهب أبعد من ذلك في كيل الاتهامات والاستخفاف ببقية الأمة، والهدف من وراء هذاالموقف هو التنصل من مبدأ الدفاع المشترك الذي استفادت منه مصر، حين لزم أن تستفيدمنه كذلك سورية لتحرير الجولان، والحال أنها كذلك لا يمكنها استرجاع أراضيها دونمساعدة عربية قوية وفاعلة، هذه الأخيرة ضربها النظام المصري في مقتل ليتنصل منالتزاماته القومية، وها نحن اليوم نقرأ لأحد أبواقه اعتزازه بقصف إسرائيل للمفاعلالنووي السوري(نفت سورية ذلك)، ولست ادري كيف غفل عن الاعتزاز بضرب المفاعلالعراقي! أم لأنه لم يتأت ذلك للعدو لولا ان فتحت له دولة عربية مجالهاالجوي.
2-
أما عن قصف شاحنات سودانية، فنجاح العملية يعود لدولتين عربيتين مرتعبر أجوائهما وعبر مجالات رداراتهما طائرات العدو، ولولا هذا التعاون لما تمكنالعدو من ارتكاب تلك الجريمة، والنظام الإيراني في غنى عن الإشارة لـ1400 كلم، لسبببسيط أنه يتجاوز بسنوات ضوئية في معلوماته حول قدرات العدو، ما يزهو بمعرفتهالكاتب.
3-
أما عن الشهيد عمــاد مغنـــــية، فما فـــات القوم هو السبب الرئيسيالذي جعله هدفا أولا للسي أي أي ورديفها الموساد وأجهزة استخباراتية غربيةكثيرة،
و هو نجاحه الباهر في عمليات ضد العدو على امتداد قرابة ثلاثة عقود، كماقفزوا على حقيقة أن نجاح الموساد في الوصول إليه كان بمساعدة ثلاث أجهزة مخابراتيةعربية، ولولاها لما تمكنوا من الرجل، ولعل حادثة خوست تؤشر بشكل فاضح إلى بعض منهذا التعاون مع العدو ضد الإخوة.
4-
وأما عن تحجيم قدرات سورية العسكرية، وكذلكالمقاومة في لبنان وفلسطين، فلا يسعني إلا التعبيرعن التعجب من الاستناد إلى تحليلإنشائي لصحافي 'معاريف'، وعدم الاعتراف بما جاء في مقالات رون تيرا وهو أهم خبيراستراتيجي لدى العدو، بل أكثر من ذلك وهو إغفال ما ورد في 'الجيش والإستراتيجية'عددنيسان/ أبريل 2009 بقلم زاخي شالوم ، وهو الباحث المتخصص في معهد أبحاث الأمنالقومي، حين أقر بأن العدو لم يعد بوسعه بعد حرب لبنان 2006 وغزة، أن يحقق نصرا علىالمقاومة، وأكد عجز إسرائيل عن مواجهة خطر سورية تحديدا في أي حرب قادمة. ولم أستدلبمصادر سورية أو إيرانية أو حزب الله باعتبارهم لدى هؤلاء مصادر غير موثوقة. والحالأنها الأصدق على ساحة الشرق الأوسط كما تثبت الوقائع والأحداث.
ختاما أقول إنالمسلسل التركي 'وادي الذئاب' الذي كان سببا في تلقي العدو الإسرائيلي صفعتينمهينتين، الأولى بفرض الاعتذار والثانية بمواصلة عرض المسلسل، والذي يكشف همجيةالعدو ووحشيته، وتجرده من الفطرة الإنسانية السوية فضلا عن الأخلاق والقيم، دفعنيللتساؤل: هل أن بعض الحبر المصري يسيل من 'وادي الذئاب'؟
فلاح جزائري
















فخامة الرئيس هذا حقي عليك
2009.12.01 - إسماعيل القاسمي الحسني


فخامة الرئيس السيد عبد العزيز بوتفليقة، قبل أن أحمل صفة مفكر وكاتب كنت ولازلت مواطنا جزائريا قحا، وبهذه الصفة أرفع إليك ندائي، راجيا من الله أن يبلغك، ثم توليه حقه وحقي عليك من الاهتمام.
  • لقد قرأت خطاب الشيخ القرضاوي الذي وجهه إلينا، وأنتم معنيون به، وشعرت بالأسى والأسف، لكبوته الثانية في حق الشعب الجزائري، لا شيء هنا ينقص من قدر الرجل وعلوّ شأنه، غير أنه ضمن خطابه معاني الامتنان على الشعب الجزائري في مقام كان حري به شرعا وحكمة تجنّبه؛ ذلك بأني على علم قاطع أن رجال ثورة نوفمبر الأحرار، لم يكونوا يتلقون الدعم المادي من النظام المصري بمفرده، كما يحاول الآن الأخوة تسويقه، بل كان الدعم يأتيهم من جميع أركان الأرض، لم تكن مصر إلا جزءاً منه، وأما عن التعليم بعد الاستقلال، فما أشهد به شخصيا أنه لم يكن تطوّعا بل توظيفا، وسعيا وراء الرزق، ومن المعيب حقا أن يتبع الإخوة المصريون هذه الأعمال بالمنّ تلوكه ألسنتهم كل حين، وقد أخذوا أجره الدنيوي أضعافا مضاعفة.
  • ثم إن فضيلة الشيخ قرأ نصف الآية: ويل للمصلين. وتوقف كما يحلو للبعض التشبيه، لم يلتفت إلى من أوقد نار هذه الفتنه، ولم ينتبه مطلقا لمن يمارس يوميا عبر فضائياته أنواع القذف والشتم والإهانة لشعب برمّته، من بدء تاريخه إلى اليوم، لم يندد بل لم يشر لا من قريب ولا من بعيد لما تفعله أبواق النظام المصري، غير متفهم بأن ما تعرّض له الإخوة المصريين - وأنا أدينه وأرفضه - إنما نتيجة ردّة فعل، لم يفعل ذلك الجزائريون، مع اعتراضي، من تلقاء أنفسهم، وإلا اتهمنا بالجنون كما يزعم إعلامهم. ما كان على الشيخ أن يعالج الأمر من نصفه الأخير، وإني لأدعوه لفتح كل القنوات الفضائية المصرية وليراقبها لمدة ساعة فقط، ثم ليقل بعدها ما يشاء، وليطلب منّا ما يريد، ولا يمكننا أن نصدق بأن إعلامهم مستقل عن السلطة؛ وهنا أذكر الشيخ ومن ذهب مذهبه، أن هدم أعراض وتاريخ شعب أخطر بما لا يقاس من هدم مقر إدارة، فالأخير مجبور بحفنة من المال، وفي أيام قلائل، وأما الأول من يجبر كسره ومن يبيعه بمال!.
  • فخامة الرئيس
  • ليس المقام هنا لعرض مشاعر الغيظ والألم نتيجة ما تعرض له الشعب الجزائري، من ظلم النظام المصري، ودناءة سلوكه في حقنا وحق رموزنا، ولكنه مقام لدعوتك صادقا ومصرا على أن تنتصر للحق، وليس لغير الحق، أن نمدّ أيادينا للشعب المصري نعم، ولكن للنظام المصري ألف لا، بل أدعو من خلال شخصك الكريم كل القيادات والشعوب العربية لأن تمد أياديها للشعب المصري الكريم والعزيز، وهذا لن يتأتى إلا بالتالي:
  • - أولا: دعوة للوزراء المعنيين طارئة للنظر واختيار بلد آمن مستقر لتحويل مقر جامعة الدول العربية، وليكن تونس كما في الماضي، وليفعلوا عمليا مسألة تنقل هذه الهيئة بين الدول العربية.
  • - ثانيا: دعوة المسؤولين المعنيين كذلك لانتخاب أمين عام لجامعة الدول العربية، وليفعلوا مسألة تجديد انتخابه.
  • - ثالثا: السعي لنقل كل هيئات الجامعة العربية كنقابة المحامين العرب وغيرها من مصر ولتوزع عبر العالم العربي.
  • إن الوضع العربي السياسي المترهل، والذي كان من أقوى مسبباته سياسة النفاق والدجل، التي استأثر بها هذا النظام، تدعوكم اليوم وبإلحاح لأن تنهضوا بهذه المسؤولية التاريخية، في حق الأمة وليس الشعب الجزائري فحسب، فقد عانت من انتكاسات ذلكم النظام وتفرّده بالقرار السياسي العربي مستقويا بالولايات المتحدة ومن ورائها العدو الإسرائيلي، وأنتم أعلم الناس أن الطعنة النجلاء الغادرة »كامب ديفيد« التي وجهها ذلكم النظام لظهر الأمة، أصابت القضية الفلسطينية والعربية في مقتل، وأنتم أغنى الناس عن التذكير بخطاب أنور السادات الذي زعم فيه بكل كبر وعنجهية، أن الشعب المصري ستتدفق عليه مليارات الدولارات، ولم يعد في حاجة إلى كافة الأمة العربية والإسلامية، واليوم هو ذاته وبذات اللغة والسلوك المتغطرس، يقف في وجه قمة غزة، مفاخرا بإفشالها والاستخفاف ببقية القيادات العربية، التي استجابت لضميرها الديني والأخلاقي والإنساني.
  • واليوم يتناهى إلى مسامعنا عبر وسائل الإعلام سعي معمر القذافي، لما سمي خطأ رأب الصدع، وهو الذي حين تعرض لحملة إعلامية من قبل أبواق النظام المصري، دون ما تعرض له الشعب الجزائري بكثير، طرد الجالية المصرية المقيمة في ليبيا، بكل تعسّف وظلم لا أرضاه، ولم يلتفت ساعتها لما يسعى إليه اليوم، وقام بذات السلوك مع الإخوة التونسيين، فبأي وجه اليوم يعرض إصلاح ذات البين! وأبواق النظام المصري لم تتعرض لشخصك الكريم أو أهلك فحسب، بل تطاول سياسيوه عبرها على رموز الشعب الجزائري ككل من الثورة والشهداء والمجاهدين، والعلم الوطني، والسفير الجزائري، وهو وجه الجزائر في القاهرة، اختلفنا معه أو اتفقنا، وكيل السباب والنبز بسوء الألقاب لكل الشعب؛ وقد طلب وزير خارجيتنا من نظيره وقف هذه الهجمة الشرسة، فازدادت سعارا وغلا، وفي نفس الوقت استجابوا فورا لطلب وزير خارجية السودان، ماذا يفهم من هذا السلوك سوى الإمعان في إهانة هذا الشعب!.
  • فخامة الرئيس،
  • لا أدعي علما ولا أهلية النصح، ولكنه رأي مواطن جزائري يعرضه بين يديك، سيسجل لكم التاريخ إدارة ظهركم لهذا النظام البائس، والترفّع عنه موقف عز وفخار وانتصار للأمة العربية، التي أذلّها بسياساته المعارضة لمصالحها باعتراف كبار المفكرين والخبراء في العالم العربي ومن بينهم المصريون، أمثال فهمي هويدي وحسنين هيكل ويحي الجمل وشيخ قضاة مصر المستقيل مؤخرا المستشار الخضيري، والمستشار البسطاويسي، وقد بات معلوما لدينا نحن العامة من الناس، أن هذا الرأي يجمع عليه كذلك بعض القيادات العربية الصادقة والوفية للأمة، من أمثال أصحاب الفخامة والسمو حكام كل من: سلطنة عمان، قطر، سوريا، السودان، لبنان، المغرب، تونس، موريتانيا وحتى ليبيا. كما تشهد على صحة هذا الكلام تسجيلات القمم العربية، لكم في هؤلاء العزوة والسند، في وضع حد نهائي لهذا النظام الذي أصبح وجوده يهدد مصالح الأمة برمتها.
  • أخيرا، أقول لك فخامة الرئيس كمواطن جزائري، بكل جرأة ووضوح وصدق، كما كان لك عليّ حق الانتخاب، لي عليكم اليوم حق سماع صوتي وترجمته عبركم إلى العالم، لن أرضى أبدا بأن تركع الجزائر لنظام مصر، ولن أقبل أن تقدم له الاعتذار باسمي على الإطلاق، لم نفعل شيئا نهان من أجله، ثم يضاعف الهوان بالاعتذار، ولن تحنى هامتي ولن تقصر قامتي دون هؤلاء أبدا ما حييت، وإن عزمت على فعل ذلك بي، حياء من القرضاوي أو القذافي، وهما لن ينفعاك لا اليوم ولا غدا، فعليك أن تعتذر لي أولا.









































عاصفة هوجاء في مكتب الرئيس الجزائري
2010.01.18
إسماعيل القاسمي الحسني




أجدني بعض الأحيان في مواقف غاية في الحرج، بين هل يحق لي أن أستعرض عبر وسائل الإعلام أحداثا بالغة السرية والخطورة عشت تفاصيلها، بحجة حق المواطن في معرفتها وحرية التعبير وما إلى ذلك، وبين تلك الحدود المتعارف عليها بأمن الدولة التي تفرض علينا عدم التعرض مطلقا لمواقف حتى وإن كنا أطرافا فيها...
  • لما تقتضيه المصالح العليا للشعب، لتبقى خزينة ذاكرة الفرد إلى حين أن يعفو عنها الزمن أو تتبدل الأوضاع. وعدم التمييز بين الخيارين يعد ضربا من المغامرة قد ينتهي بنتائج غير تلك التي كان يرجوها الكاتب، بيد أنني أحمد المولى تعالى على أنني مجرد مواطن بسيط لا يخشى أن تسلب منه امتيازات يتمتع بها، ثم لست أجد في عرض ما رأيت بأم عيني بمكتب رئيس الجمهورية الجزائرية، ما يعرض مصالح الدولة والشعب للخطر، بل أعتقد عكس ذلك.
  • في منتصف ليلة الجمعة الماضية رن هاتفي النقال، الذي عادة ما أضعه تحت الوسادة لينبهني لصلاة الصبح، قدم المتكلم نفسه على أنه مستشار الرئيس يدعوني للقائه غدا بمكتبه، طبعا اعتبرت المسألة حماقة من سفيه، فأغلقت الهاتف تماما وعدت إلى النوم، ولم تمض بضع دقائق حتى سمعت قرعا عنيفا على الباب، إنها مصالح الشرطة والدرك، خرجت مفزوعا بلباس النوم، ليبلغني القائدان بأن مصالح الرئاسة تدعوك لفتح خطك الهاتفي، وبالمختصر وجدتني صباح الغد أقف عند بوابة قصر رئاسة الجمهورية، ليصحبني إلى الداخل أحد ضباط التشريفات، ولا شك أن لرهبة المكان هيبة تستنفر الحواس الخمس، تدفعها إلى أعلى درجات التنبه، يطرق الباب بأدب جم ليسمع وراءه الإذن بالدخول، في المواجهة كان الرئيس يقف إلى نافذة زجاجية عملاقة تطل على شواطئ العاصمة، في بهو المكتب صالون فخم يملؤه مجموعة أشخاص لم أعرف منهم إلا أربعة، قائد أركان الجيش ووزيري الخارجية والإعلام ومستشار، والبقية علمت من بعد أنهم مستشارين لدى الرئاسة، لا يتسع كما لا يهم القارئ هنا وصف حالتي لحظتها، وقد عصفت بها مشاعر متنافرة بين خوف تدب برودته بين مفاصل العظام والحاجة الملحة والمفاجئة للذهاب إلى دورة المياه منعها الحياء، المهم تقدم نحوي فخامة الرئيس وقال لي مرحبا بكلمات موجزة وأمرني بالجلوس، ووجه خطابه للمجلس بنبرة حادة: "هذا الرجل )مشيرا إليّ( هو أحد الأدلة على صحة وسلامة ما أريد تقريره، أكيد لم تعرفوه ! إنه الفلاح الجزائري الذي يكتب في جريدة "القدس العربي"، هل عرفتموه الآن.. !؟ أبشركم أيها السادة أنه ظهر فعلا مجرد فلاح، وصحيح لا يحمل أي شهادة عليا ولا ينتمي لأي حزب سياسي أو منظمة جماهيرية، يعني بكل بساطة مواطن عادي جدا، أمرت بإحضاره لسببين، الأول حتى تتأكدوا بأنفسكم من الصورة التي تشكلت بمواقفنا لدى مواطن كهذا، لا شك أنكم طالعتموها في مقالاته، والثاني أريده أن يرانا ويعيش معنا هذا الموقف وله أن يقول بعدها ما يشاء، لا تخف أيها الفلاح لكنك تعرف جيدا أن الحكم عن الشيء فرع عن تصوره، واليوم سترى بنفسك كيف نتعاطى مع قضايا الأمة، وكيف نعبر عن موقف الجزائر من أزمة فلسطين، هذا المجلس أيها الفلاح منعقد منذ الثالثة صباحا في دراسة قرار أعده، وهو من أخطر اللحظات في حياة الجزائر ويعد منعرجا ثوريا نتدارس نتائجه، إنه إعلان انسحاب الجزائر من جامعة الدول العربية ومن منظمة المؤتمر الإسلامي، في حالة ما إذا لم يستجيبا فورا ليس لمطالب الجزائر بل لمطالب الأمة.
  • وزير الخارجية: فخامة الرئيس إن قرارا كهذا، يفسره العرب إحراجا لنظام مصر، ومزايدة عليه في دوره المنوط به من ناحية ومن أخرى يترجمه الغرب إعلان حرب على إسرائيل، ولا يسعنا أن ندحض هذين الرأيين، أقترح السعي مع دول صديقة كسوريا وقطر والسودان وليبيا ولبنان لممارسة ضغط أقوى حتى يتراجع النظام المصري عن سياساته. وما كاد الوزير ينهي مداخلته حتى قاطعه الرئيس بوجه يتفجر غيضا وصوت مدوٍ: كفى ذلا وصغارا، أنت تمثل دولة عظمى في العالم العربي والإسلامي، لسنا مسخرة ولن نكون تبعا لأحد ولم تكن الجزائر يوما إمعة، لم يعد لدينا الوقت للتهرب والمماطلة، فلسطين تضيع من بين أيدينا وشعبها يباد، فإما معها وإما فلن أنتمي لفضاء شكلي هو السبب الرئيس في ضياعها، قلناها من قبل ولن نتراجع، نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة، ثم عليك أنت وطاقمك أن تُفهم الإخوة العرب أنه لا علاقة لهذا الموقف بنظام مصر، ماذا طلبت؟ أن ينقل مقر جامعة الدول العربية إلى المدينة المنورة، هل من الإخوة من يرى القاهرة أولى من المدينة..!؟ هل الملك عبد الله يرفض ذلك..!؟ إنها مدينة وقف علينا جميعا ولا يمكن لمسلم وعربي أن ينكر فضلها، زد على هذا أليس في هذه الأمة من هو مثل عمرو موسى..!؟ بل هناك من هو أحسن منه، وقد طرحت هذا الموضوع قبل خمس سنوات، وتلقيت وعودا بتحسين أداء هذه المنظمة وأمينها العام، غير أننا لا نرى إلا تقهقرا وإفلاسا، حتى بات منتسبوها يشهرون بفضائحها في كتبهم، عرضت شخصيات ذات كفاءة عالية، هناك وليد لمعلم من ذا الذي لا يقر بقدراته، هناك حمد بن جبر آل ثاني، هناك لخضر الإبراهيمي وهناك الكثير، ثم قضية فلسطين ليست قضية نظام عربي جزائريا كان أو مصريا، إنها قضية أمة ويجب أن تبقى كذلك، ولذلك لن أتراجع عن طلب رفع ملفها لجامعة الدول العربية أو منظمة المؤتمر الإسلامي، وأن يكون الحوار مع جميع الفصائل الفلسطينية دون تمييز أو إقصاء، لقد التقينا في الدوحة بعضهم ولا نجد مانعا بل نراه واجبا سماعهم تحت مظلة عربية أو إسلامية، فهم ولا شك يمثلون شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني، ثم ألا يحاورهم اليوم النظام المصري..!؟ بل حتى العدو يفعل ذلك متجاوزا السلطة في موضوع أسيره"
  • في هذه اللحظات تداعت إلى ذاكرتي صور هذا الرئيس وهو وزير خارجية الجزائر في عز شبابه) 35عاما(، صور طرده لممثل النظام العنصري لجنوب إفريقيا من الجمعية العامة للأمم المتحدة، استقبال الزعيم الراحل ياسر عرفات لأول مرة داخل مقر الأمم المتحدة، واعتماد منظمة التحرير الفلسطينية كعضو مراقب، إقصاء عضوية النظام العنصري، اعتماد اللغة العربية كلغة رسمية لدى هيئة الأمم المتحدة، ثم المؤتمر الوطني الفلسطيني عام 82 حين ضاق بهم العالم العربي، مؤتمر إعلان الدولة الفلسطينية 88، الجوازات الدبلوماسية للقادة الفلسطينيين، الطائرة الرئاسية في خدمة ياسر عرفات لسنوات طوال، الجزائر وقضية الجابرية، الجزائر والرهائن الأمريكيين في إيران، الجزائر ووساطتها بين إيران والعراق كان ضحيتها وزير الخارجية آنذاك، الجزائر ورعايتها لملف لبنان وصناعة اتفاق الطائف، الجزائر في67، على غرار حرب التحرير في 54، كم هائل من المواقف التي تترجم دون كبر عظمة هذا البلد ومدى قوته وصلابة رجاله، لم يقطع سلسلتها إلا صوت وزير الخارجية ثانية وهو يسأل الرئيس: "ولكن يا فخامة الرئيس لست أجادل في شرعية المطالب التي تطرحونها، إنما ماذا يكون الموقف لو رفضتها الدول العربية وما قراءتكم لموقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منها؟.
  • الرئيس: اسمع جيدا، لا يمكن بأي حال أن أضع يدي في يد من يخون القضية الفلسطينية، ولن يسجلها التاريخ على الجزائر أبدا، أبَعد أن كانت الجزائر وسوريا الداعمتين الرئيسيتين لتحرير مصر وكثير من الشعوب في إفريقيا، نساهم اليوم في إبادة شعب فلسطين وضياع مقدساتنا..!؟ لن يكون ذلك.. هيهات ما بقي في عرق حياة ينبض، ثم ليس لدينا مصالح حيوية بكل أسف مع الإخوة العرب، سنبقي على صلة عادية كما كل الدول التي لا تجمعنا بها منظمات إقليمية، أما الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي فلا يهمهما إلا مصالحهما واستثماراتهما وهي مضمونة، وبمنأى عن هذا الموضوع كيفما كانت نتائجه، هذا ما يجب عليك أن توضحه لهم، وتذكرهم بوجود الصين وروسيا وكوريا وجنوب إفريقيا، كل هؤلاء وغيرهم أصدقاء يرغبون في ميراث الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إن هما عزما الانسحاب من ساحة الاستثمار للضغط علينا، ثم لماذا يترجم هذا الموقف إلى إعلان حرب على الكيان الإسرائيلي..؟ هنا يجب أن يكون الأمر واضحا، نحن نطالب الأمم المتحدة بتنفيذ قراراتها على أرض الواقع، وأن تلزم هذا الكيان الذي أبدعته على احترامها، عليها هي أن تفاوضه وتلزمه، هل المطالبة بتطبيق قرارات الأمم المتحدة يعد إعلان حرب !؟. عليك أن توضح كل هذا للأخ معمر القذافي قبل انعقاد القمة عنده شهر مارس المقبل، ولكل المعنيين، وليس عندي غير هذا وان اقتضى الأمر إعلان انسحاب الجزائر قبل انعقادها"
  • يرن هاتف الرئيس، ولم أشعر إلا وعيناي مشرعتان في قرميد الكوخ الذي يأويني، وآذان الصبح يشق سكون الفضاء.. ما أجمله من حلم لو كان هنالك رجال كما كانوا لعشناه واقعا حيا، أعلم جيدا أن هناك من يتهم صاحب الحلم بالسطحية، لكن المصيبة أن مرتكزاته وقائع سجلها التاريخ بماء من ذهب.. يا أهل غزة هاشم أشهدكم أني بريء مما أنتم عليه ومن كل المواقف التي لا تترجم رؤياي...




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

سلام عليكم شكرا على الموضوع