عنوان الموضوع : حتى لا ننسى وتجرفنا العاطفة ... هذا ما جنت الجزائر من فكر التكفير والتفجير خبر
مقدم من طرف منتديات العندليب

الاعلامي والفنان عبد القادر بن عماش: مررنا بمرحلة في الجزائر كنا نحبس على ما نكتبه
فاطمة عطفة
2016-05-04




إعلامي وفنان جزائري وباحث متعمق في التراث الموسيقي والشعري الجزائري، وهو يمتاز بمساعيه الرائدة في توثيق ملاحم الشعر الجزائري والأغاني الشعبية المرافقة له أو المقتبسة من بعض تلك القصائد في مراحل متعددة من مقاومة الغزو الأجنبي سواء كان الإسباني أو الفرنسي.
ويعود لهذا الباحث الرصين الفضل في تجميع مدونات شاعر كبير يعده أمير الشعراء في عصره أيام مقاومة الحملة الإسبانية، وفي المجال الإعلامي كان له عمود يومي يطل من خلاله على مشاهد مختلفة من تجربته ومشاهداته في فنون الواقع والتراث. وقد جمع هذه المقالات في كتاب كما يبين لنا في حديثه. إنه الموسيقي والإعلامي والباحث في التراث الفني الجزائري الأستاذ عبد القادر بن دعماش الذي تفضل مشكورا بالحديث عن مخزونه الثقافي سواء بالموسيقى المغربية أو الأندلسية وصولا إلى زرياب وجذور الموشحات.
* البدايات الموسيقية في الجزائر، كيف كانت بالنسبة لك، وخاصة أن الظروف لم تكن مواتية في تلك المرحلة المبكرة؟
- 'مع بداية الاستقلال الوطني في سنة 62 وكطفل عشت كحال جميع الأطفال فرحة الاستقلال واندمجت في فرق الكشافة والفرق الشعبية. كانت الجزائر في ذلك الوقت تعج بمظاهر الفرح من موسيقى ومسرح وغيره، وأنا وليد تلك الفترة بالذات، ابتداء من سنة 66-69 اندمجت في فرق موسيقية، وبدأ العمل المهم في تكوين فكرة عمل خاصة بالتراث الموسيقي والأدبي.
لدينا في الجزائر الكثير من الشعراء الكبار ولهم إنتاجات ضخمة وهامة. لقد اهتممت بهذا الموضوع، وخاصة أني نشأت في ولاية مستغانم، وهي تقع في الغرب الجزائري ومسقط رأسي من مدينة مزغران وهي التي لعبت دورا كبيرا في تاريخ الجزائر خلال مقاومتها للغزو الإسباني في القرن السادس عشر. أنا مقيم في هذه المدينة بالذات، وهذه المدينة كان فيها شاعر كبير وهو يعتبر أمير الشعراء في المغرب العربي في القرن السادس عشر، وكتب الكثير من القصائد، اسمه سيدي الخضر بن خلوف عاش ما يقارب مئة وعشرين سنة وكتب في كثير من المواضيع. لقد اهتممت بشخصيته وبدأت أقرأ له دواوين وأخذت أتكلم عنه وعن أعماله أمام الآخرين، وخاصة أني مطرب للأغنية القومية والشعبية والتي لها وزن كبير في تاريخ الموسيقى والثقافة الجزائرية، كما أني أغني الأغنية الأندلسية. إذن، أنا كنت أتكلم بالأمور عن دراية ومعرفة، ودخلت فيما بعد في المدرسة الوطنية العليا للإدارة وتخرجت منها. ثم وضعت اهتمامي بالعلم والمعرفة في الميدان الموسيقي، وفي ميدان الشعر الشعبي، وتبليغ رسالة شعراء القرون الماضية للأجيال الحالية والقادمة عن طريق البرامج الإذاعية والمتلفزة، وكذلك عن طريق الكتب. وهذه الفترة أحاول أن أخصصها لكتابة الكتب وإنتاجها. فيما مضى كنت أقدم البرامج الشفهية الإذاعية والتلفزيونية وأقدم محاضرات، ولكنها لا تبقى في الذاكرة. ولقد تبين أن البرامج الشفاهية هي نقطة سلبية بالنسبة للثقافات الشعبية ككل. ولذلك توقفت عند ضرورة أهمية كتابة الكتب، وكذلك تسجيل وتكوين وإنتاج موسوعة كبيرة للتراث الموسيقي الجزائري. لقد أنتجت عدة مجموعات، كل مجموعة تحوي عددا من الأقراص المضغوطة، ومع كل مجموعة يوجد كتاب يحتوي على جميع القصائد والنصوص. كذلك لدي كتب تحتوي على السيرة الذاتية لجميع الفنانين الكبار منذ بداية القرن العشرين وحتى الآن، وهي تتألف من عدة أجزاء، طبع منها ثلاثة أجزاء وكل جزء يحتوي على السيرة الذاتية لخمسة وسبعين فنانا مع صور ومعلومات كاملة عن كل منهم. هذه الكتابات ليست كالأعمال الإذاعية والتلفزيونية، فهي ستكون في متناول الجميع. شدني الشعر الشعبي وانشغلت به منذ صغري وألفت ديوانا أسميته المهم في ديوان شعر الملحون، صدر الجزء الأول في 2016 وسيصدر بعد أسابيع قليلة الجزء الثاني. هناك أيضا أعمال أخرى كثيرة، فقد كنت أعمل في الصحافة المكتوبة حيث أكتب في عمود يومي واسمه (قطرموندي) ونحن مررنا بمرحلة في الجزائر تقولين شيئا فتحبسين عليه، لذلك أنا قلتها بطريقة أخرى أشبه بقناع فني، وبقي هذا العمود لمدة سنوات. لقد كتبت من خلال هذا العمود ملخصا له ونشرته في كتاب يحمل نفس العنوان، وهو موجود الآن في المكتبة متضمنا الأفكار التي تتعلق بالإبداع والحركة الثقافية في فترة معينة من الزمن'.
* هذه المسيرة الجميلة التي ارتبطت بالمرحلة الوطنية والتحرير والشعر والموسيقى، هل تمنح الفنان عبد القادر تميزا عمن يتعلم الموسيقى بشكل أكاديمي؟ واهتمامك بالتراث هل بدأ من البيت أم المدرسة؟
- 'تفضلت بعبارات حول الثورة الجزائرية والفترات التاريخية التي مرت بها الجزائر، هي مجرد فترات فالثورة التحريرية كانت حاسمة جدا للجزائريين وتلعب دورا كبيرا كعمود ومرجع أساسي لكل ما نفعله الآن وخاصة في هذه الفترة بالذات، لأن ابن الجزائر عاش فترة سوداء في السنوات الأخيرة، والثورة الجزائرية، إلى جانب ثورات أخرى في التاريخ، تبقى كرمز أساسي بالنسبة للجزائري. ونستطيع القول إنه يستلهم شخصيته الحالية من تلك الثورات ومن تلك المراحل المتعددة التي مرت بالجزائر. بالنسبة للشعر الشعبي وعلاقتي بالشعر والثورة الجزائرية والثورات الكثيرة التي كتب فيها الشاعر الجزائري، لدينا في عام 1830 عند دخول فرنسا للجزائر قصائد كثيرة كتبها الشعراء الجزائريون الذين تعرضوا للضرب والحبس بسبب هذه القصائد، هذا الإنتاج الأدبي بقي حتى الآن شاهدا على تلك المرحلة. ومن أولئك الشعراء الشاعر سيدي الخضر الذي ذكرته سابقا. قصائده وكتاباته تبقى مراجع أساسية لمعرفة التاريخ الجزائري. الشعر يبقى نموذجا وشاهد عيان حيا لتاريخ وحياة دولة وأمة، الشاعر الجزائري لعب ذلك الدور لإيصال رسالة ثقافية واجتماعية وسياسية وعسكرية، وهذه الأعمال تستحق القراءة والعمل على استخراج هذه الرسالة النبيلة التي أرسلها لنا ذاك الشاعر الشعبي والذي يستحق بدوره أن نعترف به ونشكره على ما قدم لنا من معلومات قيمة عن زمن مضى. هناك علاقة كبيرة بين سورية والجزائر منذ عهد الأمير عبد القادر العلامة الكبير، وكونه شاعرا خلف الكثير من الأشعار في الساحة الأدبية الجزائرية وكتبت عنه كذلك العديد من القصائد'.
* هل تسعى مع مساعدة الدولة إلى توثيق هذا التراث من الشعر الشعبي في الجزائر؟ وما مدى مساهمة الأمم المتحدة بحفظه؟
- 'هذا بخصوص موضوع التراث اللامادي، والجزائر رائدة الآن في هذا الموضوع ونحن نعمل الكثير بخصوص هذا الموضوع وأنا اختصاصي هو التراث المادي الآن. التراث اللامادي في الأمم المتحدة اعترفت منذ 2016 بنوع خاص يسود في الجزائر وفي الصحراء بشكل خاص يدعى الأهاليل والذي غدا اليوم مصنفا عالميا في إطار معرفة التراث اللامادي، وهذا موضوع جديد بالنسبة لأعمال اليونيسكو والتي لم تكن تهتم إلا بالتراث المادي والذي هو النوع المعروف ويمكن الوصول له من خلال المراجع والكتب. لكن التراث اللامادي لا نستطيع أن نراه، فهو يأتي من العادات والتقاليد التي لا تكون مشخصة وليس لها مكان، وموسيقاها كالموسيقى الشعبية والتراثية تكون في أماكن معينة وهي كالشعر يستخرج منها معلومات كثيرة'.
* بالنسبة لعلاقة الموسيقى التراثية ما بين مدن الجزائر ككل ومنطقة المغرب العربي أقصد التقارب بينكم كموسيقيين مغربيين مع موسيقيي المشرق العربي؟ وكيف ترى هذه العلاقة ما بين بلدان المغرب بشكل خاص، وما بين المغرب والمشرق العربي؟
- 'بالنسبة للمغرب العربي الكبير حتى ليبيا تقريبا، لدينا تراث واحد وشعراء معترف بهم على مستوى المغرب العربي كله تقريبا، اللغة القومية والشعبية واحدة فالشاعر الذي يتكلم في فاس هو نفسه الذي يتكلم في الجزائر وتونس، أي نفس الأشعار. هذا بالنسبة للكتابة الأدبية الشعبية، أما على صعيد الموسيقى فهي تقريبا نفسها. مثلا، موسيقى المالوف والموسيقى الأندلسية تمشي من فاس إلى طرابلس في نفس الظروف، في الأمس اختتمنا مهرجان مغاربي للموسيقى الأندلسية وناقشنا هذا الموضوع وعرضنا جميع الأطباع الموسيقية التي نعمل بها والتي هي موجودة في تونس والجزائر وكل أقطار المغرب الكبير بما فيها موريتانيا. ولكن نستطيع أن نقارب موريتانيا مع تيندوف ومع تمرست وغيرها ففيها ذات التقاليد الموسيقية والنوع الموسيقي، وهو التيندي والأهاليل وغيرها من الطبوع الموسيقية المشتركة بين كل هذه الدول. وهناك طبوع موسيقية مستلهمة من الموسيقى العربية، عندما نتكلم مثلا عن الموسيقى الأندلسية والتي ترعرعت وتكونت في الأندلس في إسبانيا. ولكن أصل الموسيقى الأندلسية عربية وهي التي نعرفها منذ القرن الخامس والسادس عشر ونزوح العرب من الأندلس إلى المغرب العربي وخاصة للجزائر. لقد أتوا ومعهم موسيقى أندلسية ولكنها موسيقى من نوع الزجل وهو القومي، أما النوع الأصلي والذي هو الموشحات، وأصل الموشحات آت من بغداد ومن دمشق ومن ذلك الزخم الذي كان في فترة ازدهار الفنون لدى العرب بصفة عامة. نحن نعلم هذا الأمر منذ عهد زرياب وهو من العراق، هذه الموسيقى أتت بالعربية الفصحى وبالمقامات الموسيقية العربية ووصلت إلى الأندلس، وعادت كأغنية شعبية باللغة العامية، وعادت موسيقاها متشبهة بالموسيقى الأجنبية، وذلك لأن إسبانيا موجودة في أوروبا'.
* هل يعتبر تطور وازدهار الموسيقى دليلا على نهوض الأمم والعكس صحيح؟ أم أن الموسيقى وتطورها منفصل عن عصور الازدهار والانحطاط؟
- 'هي ليست طريقة حسابية وثابتة عبر التاريخ، ففي تاريخ أوروبا هناك موسيقى ازدهرت واشتهر عدد كبير من الفنانين والمبدعين في فترة ما بين القرن العشرين والتاسع عشر، وكان هذا الازدهار في فترة احتلال عسكري وتدهور للمجتمع في الجزائر. الموسيقى لا تتماشى مع الوضع السياسي والاستعمار، فهي تسير في الجزائر وفي جميع الدول المغاربية على خط واحد، فنحن نملك البعد التاريخي، حتى الآن نحن نحافظ على الموسيقى الأندلسية منذ عشرة قرون ونحافظ على التراث الشعبي منذ ما قبل الإسلام وما يسمى بعصر الجاهلية تقريبا ولحد الآن، نرى أن المغاربي محافظ على ثقافته ولا يتمسك بالأشياء التي تؤدي لتغيير أسلوبه الموسيقي'.
* هل قمت بكتابة الشعر؟ وبالنسبة للمقطوعات التي تقدمها أي منها لديها خصوصية أكثر لديك؟
- 'كل المقطوعات التي قدمتها وأقدمها هي مثل أولادي، فكل ميدان أعمل به أخصص له قوة كبيرة وجزءا كبيرا من وقتي بصفة عامة، أما بالنسبة للشعر فأنا أكتبه ليس كما يكتبه الشعراء الكبار، ولكن حاولت في بعض الأحيان وفي لحظة إلهام مثل كتابتي لشعر الأطفال وكتابة شعر للأغاني القصيرة التي لديها قوة في تراث الموسيقى الجزائرية. نحن لدينا على مستوى الموسيقى شعراء كتبوا الكثير من القصائد، لكن الآن نحن في عصر السرعة والقصيدة القصيرة واللحن السريع والقصير'.
* الموسيقي له وضع معين ويعاني من عدم تفهم لوضعه على الصعيد العائلي والاجتماعي، هل سببت لك الموسيقى بشكل عام مشاكل على هذا الصعيد؟ أم أنك كنت محظوظا بوجود تشجيع لك، سواء من قبل الأهل والزوجة أو الأصدقاء؟ وكيف تنشئ أولادك على حب الموسيقى؟
- 'أنا لا أعرف شخصا على مر التاريخ كانت لديه الظروف الكاملة في هذا الموضوع، ولا بد لجانب من الجوانب يجعل جزءا من الجسد يغادر على حساب الأجزاء الأخرى. لحسن حظي جميع أفراد عائلتي من الجامعيين، وقد أخذوا العلم والمعرفة كوسيلة ولم يبتعد أحد منهم عن الميدان الثقافي، إنه ميدان صعب لكنه مفيد وجميل'.


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :