عنوان الموضوع : إلى أين تتجه قاطرة الحراك السّياسي في الجزائر؟
مقدم من طرف منتديات العندليب
إلى أين تتجه قاطرة الحراك السّياسي في الجزائر؟
عبد الغني بلقيروس
2016-05-13
أحدثت حُزمة الإصلاحات الدسمة التي أعلنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطابه الأخير دينامكية سياسية مثيرة للانتباه في الساحة السياسية الجزائرية، واستقبلتها القوى السياسية والمواطنون بتباين واضح، ومن تلقاها بارتياح، ومن قرأها بتحفظ، ورافض لها على طول الخط.
وكانت حجة المرحبين ـ ومعظمهم من أحزاب الموالاة ـ أن تحقيق الإصلاحات المعلن عنها، كفيل بضمان الوصول إلى معايير الديمقراطية والتعددية السياسية والإعلامية في الجزائر، في أجواء سلمية لا تهدد البلاد بالعودة لأجواء عشرية التسعينات الحمراء، كما أن إشراف رئيس الجمهورية بنفسه على متابعة تنفيذ الإصلاحات كفيل بإعطائها المصداقية الكافية.
أما المتحفظون والمشككون وجلهم من الأحزاب الإسلامية المرخص لها، وبعض شخصيات التكنوقراط، فيرون في طرح حُزمة الإصلاحات بدون جدول زمني تنفيذي دليلا على رغبة القائمين عليها في تمييعها، كما أن إشراف رموز من السلطة على لجان الإصلاحات يطعن في مصداقيتها ويزيد من الشكوك في عدم جدية السلطات الحاكمة في تطبيقها على أرض الواقع.
إذ كيف تكون إصلاحات يراد منها تغيير ممارسات أركان النظام الحالي التي أجمعت القوى السياسية والشخصيات الوطنية على فشلها، وفساد بعض رموزها، بل وأقر رئيس الجمهورية ضمنيا بذلك ثم تشرف هي بنفسها على تغييرها؟ (فيك الخصام وأنت الخصم والحكم).
كيف لحكومة يرأسها أحمد أويحيى، الذي دأب دائما على الإعلان عن رفضه لأي إصلاحات حقيقية تمس جوهر الحكم سواء في الأشخاص أو في السياسات، أن يشرف على تغيير الأوضاع والسياسات الفاشلة التي صنعتها حكومته أو على الأقل فشلت في إصلاحها؟
كما أن السجل الثري للسيد أحمد أويحيى ـ الذي سمى نفسه برجل المهمات القذرة ـ في التزوير الانتخابي وفي انتهاكات القوانين الأساسية للمواطنين لا يؤهله إطلاقا لأن يضع رجله في أي أجواء نظيفة يراد للبلاد السير إليها. وقد اشتهر السيد أحمد أويحيى بتحريضه العلني في لقاء حزبي لإطارات حزبه ـ التجمع الوطني الديمقراطي ـ على رشوة الأصوات الصحافية الراصدة لممارساتهم السلبية، ببطاقة تعبئة للهاتف الجوال أو بوجبة غداء أو عشاء، وهي بحسبه كفيلة بإسكاتهم وتلجيم أقلامهم، فهل ننتظر خيرا من هذا الشخص وأمثاله.
وهناك طرف ثالث من المعارضة السياسية تمثله جبهة القوى الاشتراكية وبعض السياسيين المحترفين كالسياسي المحنك والمناضل عبد الحميد مهري، ورئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور، يرفضون حزمة الإصلاحات من حيث الشكل والمضمون، حيث يدعون ابتداء لانتخاب مجلس تأسيسي يناط به إعادة هيكلة السلطات، والإشراف على تطبيق اختيارات الشعب لنمط الحكم ورجاله.
وينطلق أصحاب الموقف الأخير من موقع معرفتهم بالتركيبة المعقدة لدهاليز النظام الجزائري ولتوازنات القوى والعُصب داخله، فرغبة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في التغيير الجذري للممارسات والأشخاص في نهاية حياته السياسية ـ وهو الأمر الذي زادته الحالة الصحية تأكيدا ـ تقف دونه عقابيل كثيرة ليس أقلها رفض بعض العصب النافذة في الجيش لهذا المسار خوفا على الامتيازات والريوع المتوارثة في العقود الأخيرة.
كما أن بعض البارونات داخل قيادة الحزب الحاكم جبهة التحرير الوطني، وداخل قيادة ابنه غير الشرعي التجمع الوطني الديمقراطي لا يمكن أن يسمحوا بسهولة بزوال سلطتهم وريوعها التي ألفوها ولم يعودوا يطيقون صبرا على فراقها.
كما أن هناك فئات طفيلية ألفت الارتزاق من أموال الشعب باسم الشرعية التاريخية والشرعية الثورية، كمنظمة قدماء مجاهدي الثورة التحريرية ومنظمات أبناء الشهداء وأبناء المجاهدين، والنساء الجزائريات مقابل دعم النظام في الاستحقاقات الانتخابية، وفي الأحداث المصيرية التي قد تهدد بقاء المصالح المشتركة، وبالتالي فزواج هذه الفئة والسلطة كاثوليكي النمط لا طلاق بعده، لأنها بدفاعها المستميت عن بقاء النظام بأسقامه وعلله تدافع عن نفسها ومصالحها.
ومن هنا تتضح عوامل التباينات السياسية في استقبال حزمة إصلاحات الرئيس بوتفليقة، فالفئة الأولى ترى في الإصلاحات السياسية والاقتصادية وسيلة لإطالة عمر النظام الحالي وشراء للسلم الاجتماعي، وتهدئة ولو مؤقتة للغليان الطافح، خصوصا في أجواء أعاصير الثورات الشعبية التي تحيط بالبلاد العربية هذه الأيام، والتي كنست في طريقها أنظمة لا تقل عسكرة عن النظام الجزائري، وهي عين ما يخيف المشككين في حقيقة الإصلاحات والقائمين عليها، وينسف بثقة الرافضين لوجود النظام الحالي وروافده.
وعلى الرئيس بوتفليقة إن أراد لإصلاحاته نجاحا ولاسمه ذكرا حسنا أن يقطع دابر التشكيك بتغيير رموز الفشل والفساد، وعلى رأسهم من يسمون بأصحاب المهمات القذرة ومن يدور في فلكهم، وإسناد دفة الإصلاحات لأيد أمينة ونظيفة تحظى بقبول جميع الأطراف، وأن تكون الإصلاحات عميقة وتشمل الرجال والسياسات، وتفتح باب الحريات السياسية والإعلامية، مع القبول بمبدأ قبول اختيار الشعب والنزول عند إرادته، حتى لا نعود مرة أخرى إلى المربع الأول.
' كاتب وباحث جزائري
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :