دولة غنية وشعب فقير
الوجه الأوّل لجزائر العزة والكرامة :
في الوقت الذي تعيش فيه العديد من الدول المتقدمة على وقع أزمة اقتصادية ومالية خطيرة والتي أجبرتهم على اتخاذ العديد من إجراءات التقشف للخروج من مرحلة الخطر، سجلت الجزائر مع نهاية العام 2016 ارتفاعا كبيرا في احتياطي الصرف بالعملة الأجنبية.
وحقق احتياطي الصرف الأجنبي للجزائر رقما قياسيا جديدا، حيث بلغ 178.30 مليار دولار، وفقا لآخر الإحصاءات التي نشرت بداية الأسبوع الجاري من طرف الهيئات المالية الدولية، وسجلت هذه الاحتياطيات زيادة بـ19.1 بالمائة على مدى سنة واحدة، في حين قدرت قيمة ارتفاعها منذ بداية العام الجاري بـ23.3 مليار دولار.
ويمثل هذا الرقم الجديد لاحتياطات الجزائر للصرف بالعملة الأجنبية الذي يستثنى منه الذهب، 111.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلد، واحتفظت الجزائر بالمرتبة الـ13 عالميا من حيث مستوى وقيمة احتياطات الصرف والمرتبة الثانية في الدول العربية بعد المملكة السعودية التي بلغ احتياط صرفها بـ 525.23 مليار دولار.
وبالرغم من التساؤلات العديدة والجدل القائم، لا تزال كيفية تسيير احتياطي الصرف من طرف الحكومة الجزائرية غامضة، والمعلوم فقط هو أن جزء كبير من هذه الأموال العائدة من صادرات المحروقات، تم وضعها في سندات الخزانة الأمريكية.
وبالرغم من تحذيرات الخبراء، لا تزال الحكومة الجزائرية ترفض تغيير إستراتيجيتها في وضع احتياطات صرفها بالعملة الأجنبية في الخارج، وأكثر من ذلك لم تقم حكومة أويحيى بتوفير صندوق سيادي للجزائر للسماح بتوفير الاستثمار والمشاركة في أسهم الشركات بالخارج، بالإضافة إلى أن تراكم احتياطات الصرف هذا يأتي في سياق اقتصادي واجتماعي كئيب يعيشه البلد، فمعدل البطالة في ارتفاع مستمر خصوصا لدى فئة الشباب وعدة قطاعات على غرار الصحة والتربية تعرف أوضاع صعبة للغاية.
إلى جانب أن الاقتصاد في الجزائر لا يتسم بروح المنافسة، ويخلق فرص قليلة جدا للعمل ولا يجذب المستثمرين الأجانب، وضاعفت الحكومة الجزائرية لإستراتيجية اقتصادية واحدة، برامج الاستثمار العمومي، والتي تستفيد منها أساسا المجمعات الدولية، ولم تمنح للشركات العمومية سوى مشاريع التهيئة وبدون نتيجة بالرغم من أنها تضخ لها سنويا الملايير من الدولارات.
الوجه الآخر الحقيقي لجزائر البترول والغاز :
منتمون لأسرة واحدة ولم يأكلوا منذ عشرة أيام
الجوع يدخل 8 أطفال العناية المركزة بالجلفة
اهتزت مدينة حاسي بحبح، شمال ولاية الجلفة، على حادثة دخول ثمانية أطفال من أسرة واحدة إلى مستشفى المدينة وهم في حالة يرثى لها بسبب الجوع، وبدت أجسامهم هزيلة ووجوههم شاحبة، حيث لم يذق الأطفال الأكل لأكثـر من عشرة أيام، قبل أن يتم إنقاذهم من الموت المحقق في آخر لحظة.
استقبلت مصلحة الاستعجالات بالمؤسسة الاستشفائية العقيد بوفرة ببلدية حاسي بحبح، ليلة أول أمس، أفراد العائلة التي تنحدر من بلدية بويرة الأحداب، أفقر بلديات ولاية الجلفة، بعدما افتك بهم الجوع وسوء التغذية نتيجة الفقر والعوز، وتم تحويل أفراد العائلة على جناح السرعة لمصلحة طب الأطفال حيث تم إعطاؤهم مصلا وبعض الفيتامينات للخروج من حالة الغيبوبة التي كانوا عليها.
ووصل أفراد العائلة إلى المستشفى، حسب شهود عيان، بقوى واهنة وبدت أجسام الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 أشهر و13 سنة وكأنها مأخوذة من صور المجاعات في إفريقيا. واتصلت إدارة المستشفى بمكتب الهلال الأحمر الذي قدم بعض المأكولات للأسرة، غير أن أجسام أفرادها لم تقو على هضمها، ما اضطر الأطباء إلى الاستعانة بـ''السيروم'' المغذي، وهم حاليا متواجدون تحت العناية المركزة من أجل إجراء الفحوص ومتابعة حالتهم. وحسب مصادرنا، فإن تقرير الطبيب المتابع لحالات الأطفال الثمانية، نفى أن يكون الأطفال قد تعرضوا لتسمم غذائي، حيث ستظهر النتائج النهائية يومي السبت أو الأحد.
وذكر مقربون من العائلة التي تسكن في الريف خارج المدينة، أن أفرادها كانوا يقتاتون لأكثر من عشرة أيام من الأعشاب والماء فقط لسد رمقهم، حتى تدهورت حالتهم.
وأكدت جدة الأطفال، في تصريحها لـ''الخبر'' بمصلحة طب الأطفال، أن ابنها، والد الأطفال، يشتغل عند أحد الخواص براتب زهيد لم يمكّنه من التكفل بأولاده وبمصاريف البيت. وأضافت محدثتنا وعلامات الأسى بادية عليها تأثرا بحال أحفادها، أن الأطفال لا يدرسون ولم يتلقوا أي تطعيم منذ ولادتهم.
وشهدت مصلحة الأطفال بالمستشفى سيلا من الزوار من سكان المدينة بمجرد انتشار الخبر، في هبّة إنسانية للاطمئنان على أفراد العائلة، وقصدوا المستشفى وهم محمّلين بالأكل للأطفال.