عنوان الموضوع : التَّحزُّب المحمود والتَّحزُّب المذموم عند شيخ الاسلام ابن تيمية اخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب
التَّحزُّب المحمود والتَّحزُّب المذموم
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله -:
(أما لفظ ((الزعيم))؛ فإنه مثل لفظ الكفيل والقبيل والضمين، قال تعالى: {وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعيرٍ وأنا بِهِ زَعيمٌ} ، فمن تكفل بأمر طائفة؛ فإنه يقال: هو زعيم، فإن كان قد تكفل بخير كان محموداً على ذلك، وإن كان شراً كان مذموماً على ذلك.
وأما ((رأس الحزب))؛ فإنه رأس الطائفة التى تتحزب؛ أي: تصير حزباً، فإن كانوا مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله من غير زيادة ولا نقصان؛ فهم مؤمنون، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، وإن كانوا قد زادوا في ذلك ونقصوا مثل التعصب لمن دخل في حزبهم بالحق والباطل والإعراض عمن لم يدخل في حزبهم، سواء كان على الحق والباطل؛ فهذا من التفرق الذي ذمه الله تعالى ورسوله، فإن الله ورسوله أمرا بالجماعة والائتلاف، ونهياً عن التفرقة والاختلاف، وأمرا بالتعاون على البر والتقوى، ونهيا عن التعاون على الإثم والعدوان)
منقول
الحمد لله لم اتحزب يوما ولن اتحزب ....
كلمات الشيخ محمد البشير الإبراهيمي في حكم التحزّب
قال: " أوصيكم بالابتعاد عن هذه الحزبيات التي نَجَمَ بالشّر ناجمها، وهجم ـ ليفتك بالخير والعلم ـ هاجمها، وسَجَم على الوطن بالملح الأُجاج ساجِمُها، إنّ هذه الأحزاب كالميزاب، جمع الماء كَدَراً وفرّقه هَدَراً، فلا الزُّلال جمع، ولا الأرض نفع "([1])،وقال أيضا: " إنّنا نعدّ من ضعف النتائج من أعمال الأحزاب في هذا الشرق كله آتيا من غفلتهم عن هذه الأصول، ومن إهمالهم لتربية الجماهير وتصحيح مقوِّماتها حتى تصبح أمّة وقوة ورأيا عاما .. "([2]) ويقول: " ... إذا كان من خصائص الاستعمار أن يُضْعف المقوِّمات ويُميتَها، ثم يكون من خصائص أغلب الأحزاب أنّها تهملها ولا تلتفت إليها، فهل يلام العقلاء إذا حكموا بأنّ هذه الأحزاب شرّ على الشرق من الاستعمار؟ "، ويقول عن الجمعية: " جمعية العلماء جمعية علمية دينية تهذيبية فهي بالصفة الأولى تعلّم وتدعو إلى العلم وترغّب فيه وتعمل على تمكينه في النفوس بوسائل علنية واضحة لاتتستر، وهي بالصفة الثانية تعلّم الدين والعربية؛ لأنهما شيآن متلازمان، وتدعو إليهما وترغّب فيهما، وتنحو في الدين منحاها الخصوصي؛ وهو الرجوع به إلى نقاوته الأولى وسماحته في عقائده وعبادته؛ لأنّ هذا هو معنى الإصلاح الذي أُسّست لأجله ووقَّفت نفسها عليه، وهي تعمل في هذه الجهة أيضا بوسائل علنية ظاهرة، وبمقتضى الصفة الثالثة تدعو إلى مكارم الأخلاق ... "([3])، ولما كانت الجمعية غير سياسية، وكانت الأحزاب السياسية تشوش على المتعلمين المتجمعين حول الجمعية بما تسميه جهادا ضدّ فرنسا، قام إنكار الجمعية عليها، فقد قال فيها الإبراهيمي ـ رحمه الله ـ: " وفي باب الأعمال لم نر منهم إلا عملا واحدا، هو الذي سميناه:جناية الحزبية على التعليم والعلم. هؤلاء القوم قطعوا الأعوام الطوال، في الأقوال والجدال، وجمع الأموال، وتعليل الأمّة بالخيال، ومجموع هذا هو ما يسمونه سياسية ووطنية ... كثرت مواسم الانتخاب حتى أصبحت كأعياد اليهود، لايفصل بعضها عن بعض إلا الأيام والأسابيع، وكان ذلك كله مقصودا من الاستعمار، لما يعلمه في أمّتنا من ضعف، وفي أحزابنا من تخاذل وأطماع، وفي مؤسساتنا ومشاريعنا العلمية من اعتماد على الوحدات المتماسكة من الأمّة، فأصبح يرميهم في كل فصل بانتخاب يوهن به صَرْح التعليم، ويفرّق به الجمعيات المتراصّة حوله، والتعليم هو عدو الاستعمار الألدّ لو كان هؤلاء القوم يعقلون ".
ثم تحدّث عن أثر الحزبيات في تمزيق صفّ الطّلبة فقال: " ولو أنّ مدارسنا اشتدت أصولها، وامتدت فروعها، وكانت تأوي في الجانب المالي إلى ركن شديد، وترجع في الجانب العلمي إلى رأي رشيد، لكان وبال هذه النعَرات الحزبية الشيطانية راجعا إلى أصحابه وحدهم ... هذه إحدى جنايات الحزبية على التعليم، زيادة على جنايتها على الأخوة والمصلحة الوطنية العامة"([4]). ولعلّ أصرح كلمة تُبيِّن أن جمعية العلماء لم تنهج النهج السياسي هي وصية رئيسها الشيخ عبد الحميد بن باديس ـ رحمه الله ـ لطلبته حين جمعهم بالمسجد الأخضر في قسنطينة فقال: " اتقوا الله! ارحموا عباد الله! اخدموا العلم بتعلّمه ونشره، تحمَّلوا كل بلاء ومشقة في سبيله، ولْيَهُن عليكم كل عزيز، ولْتَهُن عليكم أرواحكم من أجله. أما الأمور الحكومية وما يتصّل بها فدعوها لأهلها، وإياكم أن تتعرَّضوا لها بشيء "([5]).
وهو يقول هذا عن دراية بما يُدبَّر للمسلمين من مكائد، ولذلك قال: " ... حُوربت فيكم العُروبة حتى ظُنّ أن قد مات منكم عِرْقُها، ومُسخ فيكم نُطقُها، فجئتم بعد قرن، تَصْدَحُ بلابِلُكم بأشعارها فتثير الشعور والمشاعر، وتهدر خطباؤُكم بشقاشقها، فتدكُّ الحصونَ والمعاقلَ، ويهز كتَّابكم أقلامها، فتصيب الكِلَى والمفاصل.
وحورب فيكم الإسلام حتى ظُنّ أن قد طُمست أمامكم معالمُه، وانتُزعت منكم عقائدُه ومكارمُه، فجئتم بعد قرن، ترفعون عَلَم التوحيد، وتنشرون من الإصلاح لواء التجديد، وتدعون إلى الإسلام، كما جاء به محمد e، لا كما حرَّفه الجاهلون، وشوّهه الدّجّالون، ورضيه أعداؤه.
وحورب فيكم العلمُ حتى ظُن أن قد رضيتم بالجهالة، وأخلدتم للنذالة، ونسيتم كل علم إلا ما يَرْشَحُ به لكم، أو ما يمزج بما هو أضرُّ من الجهل عليكم، فجئتم بعد قرن ترفعون للعِلم بناءً شامخاً، وتشيِّدون له صرحاً سامقاً، فأسستم على قواعد الإسلام والعروبة والعلم والفضيلة جمعيتَكم هذه؛ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
وحوربت فيكم الفضيلة، فسِمْتُم الخسف، ودُيِّثتم بالصَّغار حتى ظُن أن قد زالت المروءة والنجدة، وفارقَتْكم العزّة والكرامة، فَرَئِمْتُم الضَيْم، ورضيتم الحَيْف، وأعطيتم بالمَقَادة، فجئتم بعد قرن تنفُضون غبار الذّل، وتُهَزْهِزون أسس الظلم، وتُهَمْهِمون هَمْهَمَة الكريم المحنَّق، وتُزَمْجِرون زمْجَرَة العزيز المهان، وتطالبون مطالبة من يعرف له حقًّا لا بدّ أن يعطاه أو يأخذه "([6]).
وشرح ـ رحمه الله ـ سبب اختياره الدين على السياسة للنهوض بالأمّة في الوقت الذي كانت تؤاخذ الجمعية بعدم دخولها في السياسة، فقال: " وبعدُ، فإننا اخترنا الخطة الدينية على غيرها، عن علم وبصيرة وتمسكاً بما هو مناسب لفطرتنا وتربيتنا من النصح والإرشاد، وبثّ الخير والثبات على وجه واحد والسير في خطّ مستقيم، وما كنّا لنجد هذا كله إلا فيما تفرَّغنا له من خدمة العلم والدين، وفي خدمتهما أعظم خدمة، وأنفعها للإنسانية عامة.
ولو أردنا أن ندخُل الميدان السياسي لدخلناه جهراً، ولضربنا فيه المثل بما عُرف عنا من ثباتنا وتضحياتنا، ولقُدنا الأمّة كلها للمطالبة بحقوقها، ولكان أسهل شيءٍ علينا أن نسير بها على ما نرسمه لها، وأن نَبْلغ من نفوسها إلى أقصى غايات التأثير عليها، فإن مما نعلمه، ولا يخفى على غيرنا أن القائد الذي يقول للأمّة:
( إنّك مظلومة في حقوقك، وإنّني أريد إيصالكِ إليها )، يجد منها ما لا يجد من يقول لها: ( إنّك ضالة عن أصول دينك، وإنّني أريد هدايتَك )، فذلك تلبِّيه كلها، وهذا يقاومه معظمُها أو شطرُها.وهذا كله نعلمه، ولكنّنا اخترنا ما اخترنا لما ذكرنا وبيَّنا، وإنّنا ـ فيما اخترناه ـ بإذن الله لَمَاضون، وعليه متوكِّلون "([7]).
([1]) عيون البصائر (2/292).
([2]) البصائر (العدد:4/ 13ـ شوال ـ 1366هـ )، وأرجو من القاريء أن يتنبه هنا لمنهج ( التصفية والتربية ).
([3]) سِجِلّ مؤتمر الجمعية ص (76ـ77).
([4]) آثار محمد البشير الإبراهيمي (3/116ـ117).
([5]) آثار الإمام ابن باديس (4/98).
([6]) البصائر (رقم83/ رجب ـ 1356هـ).
([7]) الصِّراط السَّوي ( رقم15/ رمضان ـ 1352هـ).
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :