عنوان الموضوع : الرد الشافي على أصحاب الفتن
مقدم من طرف منتديات العندليب

أخرج مسلم في ( صحيحه ) عن حذيفة بن اليمان – رضي الله عنهما – قال :
قلت : يا رسول الله ! إنا كنا بشر فجاء الله بخير فنحن فيه فهل من وراء هذا الخير شر ؟ قال ((نعم ))، قلت : هل وراء ذلك الشر خير ؟ قال (( نعم )) قلت فهل وراء الخير شر ؟ قال : (( نعم )) قلت : كيف ؟ قال (( يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس ))
قال : قلت : كيف أصنع يا رسول الله – أن أدركت ذلك ؟
قال : (( تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع )).

•ومما أرشدت إليه الشريعة عند جور الولاة عدم طاعتهم فيما أمروا به من الظلم؛ لكون ذلك طاعة لهم في معصية الله؛ ولا طاعة لمخلوق أياً كان فيما فيه معصية لله تعالى.
ويدل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ جَيْشًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ رَجُلاً، فَأَوْقَدَ نَارًا، وَقَالَ: ادْخُلُوهَا، فَأَرَادَ نَاسٌ أَنْ يَدْخُلُوهَا، وَقَالَ الآخَرُونَ: إِنَّا قَدْ فَرَرْنَا مِنْهَا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لِلَّذِينَ أَرَادُوا أَنْ يَدْخُلُوهَا: لَوْ دَخَلْتُمُوهَا لَمْ تَزَالُوا فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ لِلآخَرِينَ قَوْلاً حَسَنًا، وَقَالَ: لاَ طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ.
ورووا أيضاً عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ عَلَى الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ فِيمَا أَحَبَّ وَكَرِهَ، مَا لَمْ يُؤْمَرْ بِمَعْصِيَةٍ، فَإِذَا أُمِرَ بِمَعْصِيَةٍ فَلَا سَمْعَ وَلَا طَاعَةَ.
قال ابن بطال رحمه الله ناقلاً عن الإمام محمد بن جرير: قال محمد بن جرير : في حديث علي وحديث ابن عمر البيان الواضح عن نهي الله على لسان رسوله عباده عن طاعة مخلوق في معصية خالقه ، سلطانًا كان الآمر بذلك ، أو سوقة ، أو والدًا ، أو كائنًا من كان . فغير جائز لأحد أن يطيع أحدًا من الناس فى أمر قد صح عنده نهى الله عنه . فإن ظن ظان أن في قوله ( صلى الله عليه وسلم ) في حديث أنس : ( اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشى ) وفي قوله في حديث ابن عباس : ( من رأى من أميره شيئًا يكرهه فليصبر ) حجة لمن أقدم على معصية الله بأمر سلطان أو غيره، .. فقد ظن خطئًا، وذلك أن أخبار رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لا يجوز أن تتضاد ، ونهيه وأمره لا يجوز أن يتناقض أو يتعارض ، وإنما الأخبار الواردة بالسمع والطاعة لهم ما لم يكن خلافًا لأمر الله وأمر رسوله، فإذا كان خلافًا لذلك فغير جائز لأحد أن يطيع أحدًا في معصية الله ومعصية رسوله، وبنحو ذلك قال عامة السلف. [شرح صحيح البخارى ـ لابن بطال 8/ 214]
•ومما أرشدت له الشريعة عند جور الأئمة والولاة: الصبر على جورهم وظلمهم وعدم الخروج عليهم أو التأليب على نزع الطاعة منهم.
دل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا فَلْيَصْبِرْ، فَإِنَّهُ مَنْ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْرًا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً.
وروى مسلم في صحيحه عن عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الأَشْجَعِىَّ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ ». قَالُوا قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: « لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ، لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلاَةَ، أَلاَ مَنْ وَلِىَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِى شَيْئًا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ؛ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِى مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، وَلاَ يَنْزِعَنَّ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ ».
والصبر على جور الأئمة، وترك الخروج عليهم أو قتالهم، ولزوم جماعتهم أصل من أصول أهل السنة والجماعة، فلا تكاد تري مصنفاً، ولامُؤَلفاً في السنة يخلو من تقرير هذا الأصل وتقعيده، والحض عليه، وقد بلغت الأحاديث حد التواتر في ذلك.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وهذا كله مما يبين أن ما أمر به النبي صلى الله عليه و سلم من الصبر على جور الأئمة وترك قتلاهم والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد، وأن من خالف ذلك متعمدا أو مخطئا لم يحصل بفعله صلاح بل فساد، ولهذا أثنى النبي صلى الله عليه و سلم على الحسن بقوله: "إن ابني هذا سيد، وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين". ولم يثن على أحد لا بقتال في فتنة ولا بخروج على الأئمة ولا نزع يد من طاعة ولا مفارقة للجماعة. [منهاج السنة النبوية 4/ 531].
وقال رحمه الله أيضاً: وَلِهَذَا كَانَ مِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ لُزُومُ الْجَمَاعَةِ وَتَرْكُ قِتَالِ الْأَئِمَّةِ وَتَرْكُ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ . وَأَمَّا أَهْلُ الْأَهْوَاءِ -كَالْمُعْتَزِلَةِ -فَيَرَوْنَ الْقِتَالَ لِلْأَئِمَّةِ مِنْ أُصُولِ دِينِهِم. [مجموع الفتاوى 28/ 128].
روى الإمام الآجري في كتابه الشريعة: عن عمر بن يزيد، أنه قال: "سمعت الحسن – أيام يزيد بن المهلب يقول – وأتاه رهط – فأمرهم أن يلزموا بيوتهم ويغلقوا عليهم أبوابهم، ثم قال: والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا؛ ما لبثوا أن يرفع الله عز وجل ذلك عنهم، وذلك أنهم يفزعون إلي السيف فيوكلون إليه، والله ما جاؤوا بيوم خير قط، ثم تلا: "وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ". وروى الخلال في " السنة "( ص 133 ): يقول حنبل رحمه الله تعالي: "أجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلي أبي عبد الله ـ يعني الإمام أحمد بن حنبل ـ رحمه الله تعالى ـ وقالوا له: أن الأمر قد تفاقم وفشا ـ يعنون ـ إظهار القول بخلق القرآن، وغير ذلك ولا نرضي بإمارته ولا سلطانه ! فناظرَهم في ذلك، وقال: عليكم بالإنكار في قلوبكم، ولا تخلعوا يداً من طاعة، ولا تشقوا عصا المسلمين، ولا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، وانظروا في عاقبة أمركم، واصبروا حتى يستريح بر، ويستراح من فاجر، وقال ليس هذا ـ يعني نزع أيديهم من طاعته ـ صواباً، هذا خلاف الآثار". ا.هـ.
قال ابن أبي العز رحمه الله في شرحه للطحاوية: وأما لزوم طاعتهم وإن جاروا، فلأنه يترتب على الخروج من طاعتهم من المفاسد أضعاف ما يحصل من جورهم، بل في الصبر على جورهم تكفير السيئات ومضاعفة الأجور، فإن الله تعالى ما سلطهم علينا إلا لفساد أعمالنا، والجزاء من جنس العمل، فعلينا الاجتهاد في الاستغفار والتوبة وإصلاح العمل, قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30], وقال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 165], وقال تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [النساء: 79], وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129]. فإذا أراد الرعية أن يتخلصوا من ظلم الأمير الظالم، فليتركوا الظلم. ا.هـ.
وفي هذه الأمور مجتمعة يتبين الموقف الشرعي الصحيح في مقابلة الظلم والجور الحاصل من ولاة الإسلام وأئمتهم، فلم ترشد إلى حمل السلاح في وجوههم؛ أو خلع البيعة منهم، أو الخروج بالتظاهرات بالتنديد على أفعالهم.
وفي امتثال هذه التوجيهات الشرعية ضمان لأن تسير المجتمعات الإسلامية إلى بر الأمان في هذه الأزمنة التي عمت فيها الفتن وطمت.


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

بارك الله فيك


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :