عنوان الموضوع : "سوق الوعد الصادق" أو الأخطبوط الإقتصادي الوهمي اخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب
الحدث الجزائري
تبددت آمال الكثير من المواطنين، ممن باتوا يلقبون بـــ "ضحايا سوق الوعد الصادق للسيارات" الذي ذاع صيته قبل نحو سنة بمدينة سور الغزلان بالبويرة في استرجاع أموالهم بعدما أودعوا سياراتهم في السوق بغرض بيعها بأثمان تفوق قيمتها الحقيقية، فيما لا يزال البعض الآخر يحاول إقناع نفسه بأن مستحقاتهم ستعود إليهم كون أن ما يعيشه مالك الشركة، "مولاي صالح" من مشاكل مالية، أوصلته أروقة العدالة، لا تعدو أن تكون سوى أزمة سيولة ستفرج عن قريب...
"الحدث الجزائري" تمكن عبر تحقيق استقصائي دام أسابيع من اختراق إمبراطورية "سوق الوعد الصادق" واطلع على العديد من الوثائق الرسمية والإدارية المتعلقة به التي تبيّن بوضوح وبالأرقام مراحل تطور الشركة من مؤسسة محلية بسيطة لم يكن مالكها "مولاي صالح" إلا مجرد "معيد بيع معتمد للسيارات" إلى "أخطبوط اقتصادي وهمي" التهم أموال المئات من الضحايا المقدّرة بعشرات الملايير من خلال خطة تجارية مبهمة دامت أكثر من سنة كاملة دون أن تتحرك السلطات المختصة لاستباق أي طارئ قد لا يحمد عقباه...
تاريخ انطلاقة إمبراطورية "الوعد الصادق"
وتشير وثائق رسمية اطلع عليها "الحدث الجزائري" أن "السوق اللغز" تم إنشاؤه بصفة رسمية بعد أشهر من بداية نشاطه بمدينة سور الغزلان بولاية البويرة، تحت مسمى شركة ذات مسؤولية محدودة ذات رأسمال قدره 10 ملايين دج، وهي "الوعد الصادق للمال والأعمال" تحوز على السجل التجاري الحامل لرقم : 13 ب/0283887-00/10 والصادر بتاريخ 10/12/2015، والذي يتضمن 11 نشاطا تجاريا له صلة بـ"تجارة التجزئة للسيارات الجديدة (معيد بيع معتمد) و "تجارة التجزئة للسيارات القديمة".
رسميا "الوعد الصادق" يملكه 3 أشخاص أحدهم عسكري متقاعد
وتكشف ذات الوثائق أن "شركة الوعد الصادق للمال والأعمال" لا تعود ملكيتها للمدعو "مولاي صالح" وحده البالغ من العمر 43 سنة، والذي كان بائعا بالجملة لمادة السميد وأستاذ سابق في الرياضيات، بل يحوز هذا الأخير على شريكين اثنين ويتعلق الأمر بكل من عمارة عز الدين (36 سنة) وهو عسكري متقاعد من القوات الجوية يحمل رتبة رقيب أول، و زياني فريد (32 سنة) وهو معماري ومهندس دولة وله خبرة في مجال تجارة العقارات، وذلك بحسب العقد التعديلي لتأسيس الشركة والمسجل بفهرس 1030/2015 بتاريخ 05/12/2015.
بداية موفقة واستقطاب متعاملي الماركات الألمانية والأمريكية
وبعد أشهر قليلة من نشاط سوق الوعد الصادق المقتصر آنذاك على شراء وبيع السيارات الجديدة والمستعملة، والذي عرف منحا تصاعديا بفضل الامتيازات التي منحها للمتعاملين معه، تمكن في ظرف قصير من استقطاب رؤوس أموال كبيرة واعتمد صاحب السوق على اقتراض رؤوس أموال لآجال متباينة، كانت في البداية تتراوح ما بين 10 إلى 15 يوما على الأكثر، إلى غاية أن حقق المعني بالأمر أهدافه الأولى ليقوم بتعديل المواقيت والآجال الممنوحة للمتعاملين معه، والتي وصلت إلى 55 يوما كاملا، وهو ما مكّن السوق من توسيع نشاطه كميا ونوعيا بسبب تضاعف حجم المعاملات وتزايد عدد المدخرين في شكل هرمي من القمة إلى القاعدة، مع دخول متعاملين كبار على غرار أصحاب نقاط بيع السيارات الجديدة الذين دعموا حضيرته بالعديد من الماركات الألمانية مثل BMW و AUDI وبعض الماركات الأمريكية مثل جاكوار...
من سوق للسيارات إلى مكتب أعمال وبداية المتاعب
ودخلت "شركة الوعد الصادق" نفق المشاكل عندما قرر مالك السوق، بعد أن جمع الملايير من رؤوس أموال المدخرين، في ديسمبر 2015، إنشاء شركة ثانية عبارة عن "مكتب أعمال" حسب السجل التجاري الذي اطلع عليه "الحدث الجزائري" تحت رقم 13ب/1283887-01/10 الصادر بتاريخ 26/12/2015، وبدأت الشركة تغرق في مشاكل مالية كبيرة، بعدما شرعت بحكم السجل التجاري الجديد في شراء العقارات والفيلات والمساكن والأراضي الفلاحية والمحلات التجارية ومواد البناء والتنظيف بكميات هائلة والأجهزة الالكترونية وقطع الغيار والمواشي والأبقار والمواد الغذائية بالجملة والعتاد الطبي والألبسة وحتى شراء العملة الصعبة (الأورو والدولار بكميات هائلة) عبر مختلف الولايات، وهو ما قاد إلى تذبذب في السيولة النقدية أثر على عدم احترام آجال الاستحقاق بالدين بالنسبة للنشاط الرئيسي للشركة وهو شراء السيارات، ولم يتلق المواطنون الذين أودعوا سياراتهم بالسوق أموالهم كون أن صاحب السوق وشركاؤه قاموا بتوظيف رؤوس أموال المدخرين.
مولاي صالح اقتنى خلال شهرين عقارات بنحو 50 مليار بأموال ضحاياه
وتفيد الوثائق الرسمية أن حجم المعاملات العقارية المسجلة على مستوى ولاية البويرة وحدها والتي تم شراؤها من طرف سوق "الوعد الصادق" خلال شهري ديسمبر وجانفي 2015، بلغ 46 مليار و750 مليون سنتيم، منها 18 مليار سنتيم تم اقتنائها باسم صاحب الشركة "مولاي صالح" وليس باسم مؤسسته، وتنحصر هذه العقارات في كل من 11 ألف متر مربع من العقارات المبنية ونحو 130 ألف متر مربع من أراضي البناء وأزيد من 234 ألف متر مربع أراضي فلاحية.
تساؤلات عن تأخر وزارة الداخلية في الفصل في ملف "الوعد الصادق"
تفيد تقارير رسمية اطلع عليها "الحدث الجزائري" رفعتها اللجنة الولائية للأمن برئاسة والي ولاية البويرة ناصر معسكري، إلى وزارة الداخلية والجماعات المحلية بعد أشهر قليلة من بداية نشاط سوق الوعد الصادق، تضمنت العديد من المعطيات التي تؤكد غموض نشاط الشركة، وخلصت إلى التحذير من احتمال "اندساس" أموال من عائدات إجرامية ضمن نشاط "مولاي صالح" عن طريق المدخرين كونه لا يهتم بشخصية الزبائن ولا بمكان توافدهم أو مصدر أموالهم وبالتالي إمكانية تحول هذه الشركة إلى "مغسلة للأموال المشبوهة" وكذا إمكانية استغلال هذه الشركة لـ"غرس مبالغ مالية مزوّرة" نتيجة كثرة المعاملات ومحدودية الطاقم العامل بها ما سيعرض هذا السوق ليكون قبلة وهدفا لمزوري العملة، بالإضافة إلى احتمال أن يتم تداول السيارات المسروقة أو المزورة أو المهربة في هذا السوق.
ورغم التحذيرات التي أطلقتها اللجنة الأمنية للولاية خصوصا مع عدم ظهور في الأفق أي نشاط تجاري مربح يمارسه صاحب الشركة على الأقل بصورة علنية وهو ما يشكل خطرا حسبها على الزبائن وعلى المنطقة ككل، نبهت بان عدم تلقي الضحايا أموالهم قد يخلق اضطرابات واختلالات بالمنطقة وقد تمتد آثاره إلى مناطق أخرى وما سيتبعه من أعمال شغب وفوضى، إلا أن وزارة الداخلية والجماعات المحلية لم تفصل في الملف إلا قبل أسابيع فقط، أين أمرت مصالح الولاية بغلق السوق وتشميع المقر، ما سمح لهذه الشركة بمزاولة نشاطها لمدة قاربت سنة كاملة.
مصالح الأمن تطالب البنك المركزي بالتدقيق في مصادر أموال الشركة
وطالبت اللجنة الولائية للأمن، في تقرير رسمي وزارة المالية من خلال البنك المركزي، بضرورة الإسراع في التحقيق في حركة رؤوس أموال شركة "الوعد الصادق" ومصادرها مع تحريك دعوى قضائية بشأن طريقة عمل المؤسسة فيما يتعلق بجمع الأموال من المدخّرين وهي عملية حصرية تقوم بها المصارف ولا يمكن أن تتم خارج المنظومة البنكية.
"الوعد الصادق" صورة طبق الأصل لشارل بونزي وعادل الدريدي
وخلص تقرير اللجنة الأمنية للولاية، التي تضم مختلف الأجهزة الأمنية، إلى أن هذا النشاط معروف على المستوى العالمي بنظرية "شارل بونزي" وهي تركيبة مالية احتيالية خداعية ولا يوجد فيها لا استثمار ولا تنمية، بل هي شركة تحايل مالي تجمع كل أركان الجريمة الاقتصادية، موضحة أن المآل والنهاية سيكون الإفلاس وسيظهر ذلك النصب يوم تأكيد العجز التام وفق معادلة المبالغ الداخلة أقل بكثير أو لا تكفي لتسديد مستحقات الضحايا، ومن بين مثل هذه الفضائح العالمية المشهورة نجد، قضية برنار مادوف، رجل الأعمال الأمريكي وتداعيات الأزمة العالمية لسنة 2016، وقضية عادل الدريدي بتونس في جوان 2015 الذي كان مسير شركة "اليسر للتنمية".
هكذا تهرّب صاحب "الوعد الصادق" من دفع الضرائب
و سعى صاحب "الوعد الصادق" منذ أن أنشأ السجل التجاري الثاني بصفة "مكتب أعمال" إلى التهرب من دفع الضرائب بطريقة جد ذكية، مستغلا هذا السجل لممارسة "نشاط موازي" يتعلق بالمتاجرة في العقار، بغرض الإفلات من الرقابة الجبائية بشان مؤسسته الأم، مرتكبا بذلك العديد من المخالفات بحسب ما أحصته المصالح المختصة، على غرار إخلال الشركة الأم "الوعد الصادق للمال والأعمال" بكافة التزاماتها الجبائية منذ تاريخ حصولها على البطاقة الجبائية الحاملة لرقم : 001310389014348 وكذا عدم حيازة الشركة لرصيد بنكي حيث لم يتم فتحه إلا بعض ضغوطات الإدارة في الأسابيع الأخيرة وعدم مسك جميع الحسابات بالإضافة إلى عدم إيداعه لخمس (1/5) ثمن المعاملات المتعلقة بالعقود التوثيقية المنصوص عليها قانونيا (H56).
وهو ما صنفته مصالح الضرائب بحسب وثائق رسمية اطلع عليها "الحدث الجزائري"، في خانة "المحاولات المتكررة للتهرب الضريبي" وتكييفها لنشاط الشركة بــ"المشبوه" وقررت إثرها إحالة ملف الشركة الخاص باقتناء العقارات على مصلحة مراقبة الأسعار وإعادة التقييمات وإخضاع الأعضاء المؤسسين الثلاثة للشركة إلى التحقيق المعمق في مجمل الوضعية الجبائية الشاملة (VASFE)، مع إحالة ملف الموثقة، الواقع مقرها بمدينة سور الغزلان والتي تكفلت بانجاز عقود بعض معاملات الشركة، على مصلحة التحصيلات للتدقيق في قانونية العديد من العقود التوثيقية الصادرة من طرفها، إلى جانب فتح تحقيقات معمقة طبقا للمادة 33 من قانون الإجراءات الجبائية بغرض مباشرة المتابعات القضائية في مجال التهرب الضريبي.
عدم تفطن مصالح التجارة ساهم في استمرارية "الوعد الصادق"
واستغل صاحب الوعد الصادق، منذ بداية نشاطه بسور الغزلان بصفته "معيد بيع معتمد للسيارات الجديدة" عدم تفطن مصالح الرقابة التابعة لمديرية التجارة للشروط المطبقة على هذا النشاط، ليقوم بإنشاء "سوق يومي لبيع السيارات الجديدة والقديمة" بدون حصوله على رخصة قانونية من السلطات المحلية، مخترقا بذلك ما هو منصوص عليه في المرسوم التنفيذي رقم 07/390 المؤرخ في 12/12/2016.
ولم تتفطن نفس المصالح إلا في الأشهر الأخيرة لتقوم في شهر مارس الماضي، بإحالة ملفين اثنين على محكمة سور الغزلان، الأول يتعلق بممارسة نشاط تجاري خارج عن موضوع السجل التجاري والثاني يخص ممارسة نشاط تجاري دائم دون القيد في السجل التجاري، كما ارتكب "الوعد الصادق" العديد من المخالفات كلعب الشركة دور الوسيط في العمليات التجارية بين بائع السيارة والمشتري وهو نشاط لا يدخل ضمن ما هو مدون في سجله التجاري.
إطارات وموظفون وأطباء وصحفيون ضحايا "الوعد الصادق"
وعرف سوق "الوعد الصادق" منذ إنشائه العام 2015 استقطاب عشرات الآلاف من المواطنين من الزوايا الأربع للوطن، ونظرا للإغراءات التي كان يقدمها مولاي صالح فإنها جلبت إليه الكثير من الإطارات من أطباء وصيادلة وصحفيين وحتى محامين ممن يتقنون لغة القانون، إذ انخرط هؤلاء في حملة مدح صاحب السوق معلنين مساندتهم له وأودعوا سياراتهم في شكل ادخارات أملا في الحصول على فائدة مالية معتبرة بعد فترة وجيزة، قبل أن تتبخر أحلامهم عقب غلق السوق وفرار مولاي صالح إلى العاصمة، تاركا وراءه الآلاف من الضحايا و هو تائهين...
وفي الوقت الذي رفض عدد كبير من هؤلاء الإطارات التحدث إلى "الحدث الجزائري" بحجة أن الشركة سيعاد فتحها وسيستلموا مستحقاتهم عن قريب، يتساءل عدد آخر عن سرّ عدم تحرك مصالح الأمن أو السلطات الولائية لجرد وإحصاء الضحايا ومستحقاتهم، مشيرين إلى أن معاملاتهم مع "الوعد الصادق" لم تكن محل توثيق ضمن عقود عرفية أو رسمية بل يحوزون فقط على وصل بسيط بإيداع مركباتهم وتاريخ استلامهم للأموال فقط، وهو ما يصعب من مهمة استرجاع مستحقاتهم عن طريق العدالة.
المصدر
https://www.alhadath-dz.com/%D8%A7%D9...%88%D9%84.html
https://www.alhadath-dz.com/%D8%A7%D9...%8A%D8%B1.html
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :