بين فيضانات نالت الأخضر واليابس، وأدت لنفوق عدد لا يحصى من رءوس الخراف بالمغرب ومرض الطاعون الذي جاء كنتيجة له.. تعيش الأسر المغربية في حالة من الحيرة قبل أيام من الاحتفال بعيد الأضحى، وأصبح الحصول على خروف العيد الصحي وبسعر مناسب هو شاغلهم الشاغل.
فهذه المعادلة أصبح من الصعب تحقيقها بعد أن أثرت الفيضانات على الكم المعروض من الخراف بالأسواق، وجاء الطاعون ليفتك بصحة من نجا منها.
وبرغم محاولات وزارة الفلاحة بالمغرب تهدئة الموقف عبر التقليل من أثر المرض على الثروة الحيوانية، فإن المواطنين لا يزالون متوجسين.
أيت الشريف حسن، أب لأسرة من طفلين، لا يخفي توجسه من الواقع الصحي للغنم، الذي يمكن أن يؤثر على ثمنها، وقال في تصريح لموقع "إسلام أون لاين": "لست مطمئنا تماما من هذا الوضع، وأخشى أن أصادف خروفا مريضا دون أن يكون قد تم تلقيحه، فتحدث لي ولأفراد أسرتي الكثير من المشاكل الصحية التي لا يمكن لأحد أن يتوقع عواقبها".
وتفاديا للوقوع في هذا الموقف يؤكد الشريف: "لهذا السبب، ولأن أثمان الأغنام من المنتظر أن تكون مرتفعة هذا العام، قررت الاشتراك مع خمس أسر أخرى، تربطني بها علاقة مصاهرة، في ثمن بقرة أو عجل، وبذلك يمكنني أن أقتصد في ثمن الأضحية، ومن جهة أخرى أبتعد عن خطر مرض الأغنام، بالإضافة إلى أن لحم البقر صحي أكثر".
من جهتها لا تأبه الحاجة السعدية كثيرا بالمشكلة، فأبناؤها طمأنوها على تدبير ثمن الأضحية، وقالت: "سيشترون لي ماعزا؛ لأنه أقل تأثرا من الخراف بالمرض".
إلا أنها أعربت عن أملها أن يتم إلغاء "الأضحية" لهذا العام، كما جرت العادة في عهد الراحل الحسن الثاني "رحمة بالفقراء"، حسب تعبيرها.
وقالت: "ليس هناك ظرف أقسى من الفيضانات لنقوم بذلك".
وتسببت الفيضانات منتصف سبتمبر 2016 في انهيار بعض المنازل ونفوق أغنام وبهائم، إضافة إلى سقوط عدة قناطر وخراب البنية الطرقية بالبلد.
الأمر الذي دفع الوزير الأول المغربي "عباس الفاسي" إلى طمأنة الفلاحين بأن الحكومة ستخصص مساعدة مالية لتعويض الماشية النافقة.
ولم تذكر الجهات الرسمية عدد الماشية، التي لقيت حتفها بسبب الفيضانات، إلا أن الصور التي بثتها وسائل الإعلام أظهرت عائلات وفلاحين أصبحوا لا يملكون شيئا.
وعن التدابير المتخذة لدعم الفلاحين المتضررين من التساقطات المطرية، أعلنت الحكومة عن تعويض الفلاحين على الماشية المفقودة "بتعويض كل رأس من الغنم أو الماعز، ومنح قنطار من الشعير عن كل رأس مفقود، وتوزيع 5 رءوس من الأغنام و5 قناطر من الشعير عن كل رأس من الماشية الكبرى (أبقار، جمال، خيول)، حيث تكلف هذه العملية 2 .17 مليون درهم.
ولم توضح الوزارة آليات توزيع المساعدة، خاصة أن مبادرات سابقة تعود بنتائج عكسية بسبب انتشار الزبونية في التوزيع من لدن المصالح الإدارية أو التصريح بالخسائر من لدن المعني بالأمر.
إجراءات رسمية
وزارة الفلاحة والصيد البحري بالمغرب، وعلى لسان وزيرها "عزيز أخنوش"، استحضرت هذا التوجس ومدى تأثيره على طلبات الأغنام خلال العيد، حيث أكد الوزير في جوابه عن سؤال في الموضوع: "البرنامج الوطني للتلقيح، الذي انطلق منذ سبتمبر 2016، مكن من تلقيح أزيد من 17 مليون رأس من الغنم".
وأضاف أن هذه الإجراءات ستشمل أيضا مراقبة تنقل الأغنام، ومن بينها إلزامية الإدلاء عند ولوج الأسواق، بشهادات التلقيح المسلمة من طرف الأطباء البيطريين، مؤكدا أنه سيتم الشروع في تطبيق هذا الإجراء مع اقتراب العيد.
ولم ينفِ الوزير ارتفاع ثمن الكيلوجرام الواحد عن السنة الماضية بثلاثة دراهم (0.4 دولار) بسبب ارتفاع ثمن المواد العلفية في السوق العالمية.
في المقابل رأت جمعيات مربي المواشي بالمغرب أن مثل هذه التوجسات ستفرز تراجعا في ثمن بيع الأغنام بسبب ازدياد الطلب على اقتناء العجول بشكل مشترك ليتناسب الثمن مع القدرة الشرائية لأفراد المجتمع بدل ماشية مريضة.
ومن بين الإجراءات التي اتخذتها الوزارة الوصية بوضع الضيعات المصابة بالمرض تحت الحجر الصحي وعزل الحيوانات المصابة وتتبع حالتها الصحية وتعويض الفلاحين عن الحيوانات التي تم إتلافها، حيث ستخصص تعويضات تتراوح ما بين 500 و1500 درهم (63 و 190 دولارا تقريبا) للرأس الواحد، حسب النوع والصنف لتشجيع الفلاحين على التصريح بالمرض.
وبناء على مساعدة سعودية تضامنا مع خسائر الفيضانات بلغت 100 مليون دولار، أمر ملك المغرب بإنشاء صندوق مخصص لمكافحة آثار الكوارث الطبيعية سيمول من الهبة السعودية، بالإضافة إلى 93 مليون دولار من ميزانية الدولة وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تجربة "سل البقر"
ومن جهته أكد الدكتور عبد القادر عمارة، نائب لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب المغربي، أن الدولة يجب أن تتحمل كامل مسئوليتها في التعويض عن جميع الأمراض المعدية في قطاع المواشي لتشجيع الفلاح على تحمل مسئوليته والإخبار بأي حالة وقعت.
وأوضح عمارة في تصريح خاص لموقع "إسلام أون لاين"، أن التعويض غير المناسب مثلا أدى إلى استفحال "سل البقر"، أما إذا كان التعويض مناسبا فسيتحمس الفلاح للتعامل مع المرض بمسئولية، مؤكدا أن وجود اختلالات في توزيع التعويض ميدانيا أمر لا مفر منه، ولكن يمكن تفاديه بالتنبيه والتنديد به إن تطلب الأمر ذلك.
ولم ينف عمارة تأثير مرض المجترات الصغيرة والفيضانات على كلفة الأضحية، بقوله: "أكيد أن مثل هذه الأشياء يكون لها تأثير على العرض، غير أن الحكومة المغربية صرحت بأن العرض الموجود حاليا يناسب الطلب، وبالتالي فلا تكون الزيادة في ثمن الأضحية إلا بنسبة مقبولة".