عنوان الموضوع : بين هاييتي ودارفور: الفريضة الغائبة لوسائل الإعلام العربية خبر عاجل
مقدم من طرف منتديات العندليب

بين هاييتي ودارفور: الفريضة الغائبة لوسائل الإعلام العربية
عاطف'السعداوي


11/02/2016

من منا لم يسمع عن الكارثة الإنسانية التي حلت بثلث جزيرة تسمى 'هايتي'؟ بالتأكيد لا أحد،''والفضل في ذلك لا يعود فقط''لحجم الكارثة وفداحتها، ولكنه يعود أيضا لوسائل الإعلام الغربية التي أفردت جل وقتها لتغطية تلك المأساة الإنسانية لأيام طوال ولا تزال، عبر تغطية حية تنقل'المأساة بتفاصيلها الدقيقة أولا بأول،'وهو ما جعل كل دول العالم بما فيها دول عربية تهب لنجدتها والتخفيف من معاناتها، عبر جسور جوية ما زالت ممتدة لإيصال كل أنواع المساعدات، أو عبر قرارات سيادية كقرار مجموعة الدول الصناعية السبعة إعفاء هايتي من كافة الديون المستحقة عليها لدول المجموعة.
كان من الصعب مع هذه الرسالة الإعلامية المكثفة التي صاحبت فداحة الكارثة أن تنأى أي دولة بنفسها بعيدا عن سيل المساعدات المنهمر باتجاه هايتي، ولكن المفارقة المثيرة للدهشة والاستغراب في آن، أن منطقتنا العربية حبلى بمآس إنسانية لا تقل فداحة عن'كارثة هايتي ولكنها لا تحظى بعشر ما حظيت به الأخيرة، سواء في''تغطية الأزمة أو في معالجة اثارها، مع الفارق بأن مآسينا العربية من صنع الإنسان، وهو ما يفترض معه أن يكون التدخل البشري لمعالجة اثار ما اقترفت أيدي البشر أكبر من تلك النوعية من الكوارث التي قد يقف الإنسان فيها مكتوف الأيدي أمام إرادة الله وغضب الطبيعة، وهذا ما يستدعي بطبيعة الحال سؤالا آخر: من منا لم يسمع عن مأساة إنسانية يعايشها يوميا مئات الالاف من الفارين من جرائم الإبادة الجماعية في دارفور؟ بالطبع كثيرون، والفضل يرجع أيضا لوسائل الإعلام، ولكن هذه المرة لوسائل الإعلام العربية.
'هذا ما كشفت عنه قناة 'الحرة' الأسبوع الماضي بعرضها'لفيلم وثائقي عن مأساة نازحي دارفور.
بالطبع نعرف جميعا أن هناك'أزمة في دارفور،وأن هناك جهودا هنا أو هناك تجري لحلها ومن بينها مفاوضات الدوحة، لكن مع اقتصار اهتمام وسائل الإعلام العربية بالشق السياسي وحده'لتك الأزمة وتجاهلها عن قصد أو بدونه الشق الإنساني الأكثر أهمية نسينا أو تناسينا معاناة الاف النازحين الدارفوريين في المخيمات التي هربوا إليها خوفا من القتل والاغتصاب والنهب، بعد أن دمرت منازلهم وأحرقت أماكن عملهم وعبادتهم
هذا المعاناة الإنسانية تحديدا هي ما حاول وثائقي 'الحرة'''(كونونغو ... دارفوريون في المنفى) الذي أعده وقدمه الصحافي اللامـــــع 'محــــمد اليحــيائي' تسليط الضوء عليها، عبر جولة اســتمرت 5 أيام متصلة في أحد مخيمات النازحين الدارفـوريين في تشاد يدعى 'كونونغو' ناقلا تفاصيل حياة الناس ومعاناتهم في هذا المعسكرعبر شهادات من تحدثوا إليه من قاطني المعسكر أو من مسؤولي وكالات الإغاثة الدولية.
نوه الفيلم بأن أكثر من 300 ألف قتيل هم ضحايا الصراع الدائر في دارفور منذ أكثر من سبع سنوات، وهذا ما يفوق بكثير عدد قتلى زلزال هايتي، وان الاف النساء تعرضن للاغتصاب وأكثر من 3 ملايين يعيشون في مخيمات للنازحين، كما نقل الفيلم شهادات عدد كبير من الناجين والهاربين من جحيم دارفور مصحوبة بلقطات أرشيفية لأعمال قصف وحرق ونهب شهدها الإقليم.
لم ينجح اليحيائي فقط في إبراز هذا الجانب الإنساني من أزمة دارفور فحسب، بل نجح بامتياز في أن يوجه رسالتين على نفس القدر من الأهمية:
الرسالة الأولى وجهها لوسائل الإعلام العربية وتتعلق بتقصير الإعلام العــــربي لا سيما الفضائيات في إلقاء الضوء على الجوانب الإنسانية فـــي تلك الأزمة، وكان هذا جليا في اكثر من مشهد من مشاهد الفيلم لعل أبرزها هو أحد شيوخ المعسكر الذي تحدث اليحيائي إليهم والذي أكد في حديثه أنه تخوف في البداية من وجود صحافي عربي في المعسكر، لأنه في اعتقاده كل الصحافيين العرب يتعاملون مع الرئيس السوداني وينقلون وجهة نظره فقط ويؤيدونها، بينما يتجاهلون مأساتهم ومعاناتهم وهو ما يجعلهم يتحسسون بمجرد سمع أن هناك صحافيا عربيا بالمعسكر.
المشهد الثاني كان كلام المتحدثة باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في تشاد في الفيلم إنها حاولت دعوة وسائل إعلام عربية لزيارة تلك المخيمات وبث تقارير مستقلة، إلا أن أحداً لم يلب الدعوة، وأرجعت ذلك'لسبب أن الإعلام في العالم العربي يهتم بقضايا أخرى، أو لأن رؤيته لما يحدث في دارفور مختلفة، لذا كان من حق اليحيائي أن يؤكد أكثر من مرة خلال الفيلم أن 'الحرة' هي أول قناة تبث بالعربية تصل إلى هذا المعسكر
الرسالة الثانية وجهها الفيلم للحكومات ومنظمات العمل الخيري بالمنقطة العربية، عبر إبرازه للتقصير العربي الكبير''في إرسال مساعدات إغاثة لقاطني تلك المخيمات، فباستثناء المساعدات الإماراتية والسعودية والقطرية، فإن بقية المنظمات الغربية هي من يوفر الاحتياجات الغذائية والصحية والتعليمية لسكان تلك المخيمات، ولكنها مع' ذلك يبدو أنه حتى تلك المساعدات الغربية'لا تفي بالغرض، حيث أبرز الفيلم صورا لأطفال جوعى يتنازعون على الغذاء، وأطفال آخرين يدرسون في خيام وبيوت من طين، ونساء يعملن ويجمعن الحطب لكي يعلن أسرهن.
و|ذا كان الشـــاعر السوداني الشهير محجوب شريف قد خلع عمامته - ربما باعتبارها كل ما يملك-''خلال حفل نظمته منظمات خيرية'بالخرطوم في ايار(مايو) الماضي وسلمها لمنظمي الحفل لوضعها في مزاد علني تعود قيمته لدعم'نازحي دارفور، فإن أطرافا عدة في العالم العربي تملك الكثير ويمكنها أن تقدم ما هو أكثر بكثير للتخفيف من معاناة هؤلاء النازحين.
يستحق الفيلم درجة عالية من الإشادة كونه لفت أنظارنا إلى مأساة إنسانية يعايشها يوميا'أكثر من 19 ألف إنسان، كما يستحق صاحبه التقدير لأنه أهتم بنوعية من القضايا الشائكة تعج بها منطقتنا العربية وتحتاج إلى تسليط الضوء عليها،''لكنها لاعتبارات عدة اغلبها سياسية وبعضها مهنية'لا تحظى بالاهتمام الكافي.
'
' مدير تحرير مجلة الديمقراطية بت'الأهرام'


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :



__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :