عنوان الموضوع : نقاب كامل.. وتدين ناقص اخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب
نقاب كامل.. وتدين ناقص !!!
الأسبوع الماضى، كتبت مقالا عن ظاهرة النقاب التى تنتشر فى مصر الآن.. بعد أن تحررت منه المرأة المصرية منذ 90 عاما. ذكرت أن الإسلام لم يأمر المرأة بتغطية وجهها إطلاقا.. واستندت فى ذلك إلى رأى مجموعة من علماء الأزهر الذين وضعوا كتابا بعنوان «النقاب عادة وليس عبادة» قامت بتوزيعه وزارة الأوقاف المصرية. وقد أكد نفس الرأى فقهاء مصريون كثيرون من أهمهم الإمام محمد عبده (1849ــ1905).. والشيخ محمد الغزالى (1917ــ1996) العالم العظيم الشجاع الذى خاض معركة عنيفة ضد الفقه البدوى، كما سماه، الذى يريد عزل المرأة خلف النقاب.. حاولت شرح التأثير السلبى للنقاب على المرأة والمجتمع. وضربت مثلا بالمجتمع السعودى حيث يفرض النقاب هناك على النساء جميعا بالقوة.. ودللت بالإحصاءات الرسمية السعودية أن المجتمع السعودى، من حيث الانحرافات والاعتداءات الجنسية، ليس أفضل من المجتمعات الأخرى بل ربما يكون أسوأ.. وبالتالى فان حبس المرأة خلف النقاب لم يمنع الرذيلة.
وبعد نشر المقال فتحت موقع الشروق الإلكترونى.. فوجدت مفاجأة.. فقد تدفقت على الموقع عشرات الرسائل من أنصار النقاب، لكنها بكل أسف لم تحمل حجة واحدة يمكن مناقشتها، إنما اجتهدت كلها فى توجيه أكبر قدر من الإهانات والشتائم لشخصى.. دون الالتفات إطلاقا إلى رأيى أو آراء الفقهاء الذين استشهدت بهم.. وأمام ضراوة الهجوم وبذاءته انبرى للدفاع عنى مجموعة كبيرة من القراء، وأنا هنا أشكرهم من قلبى وأفخر بثقتهم وتقديرهم. والحق أن هذه الشتائم لم تزعجنى لأننى كطبيب تعلمت فى الجراحة أن عملية فتح الخراج بالمشرط، على ضرورتها لشفاء المريض، لابد أن يصحبها خروج الصديد برائحته الكريهة.. على أننا هنا أمام ظاهرة تستحق التأمل فعلا.. فهؤلاء الذين تنافسوا على إهانتى، يفترض أنهم متدينون، بل إنهم يعتبرون أنفسهم أكثر التزاما بالدين من سواهم. الأمر الذى يقدم فرصة جيدة لدراسة أنماط التفكير التى يتبعونها. وقد لاحظت ما يلى:
أولا: أنهم يعتقدون، باطمئنان كامل، أن الإسلام طبعة واحدة وقول واحد ورؤية واحدة للعالم.. كل ما يخالف رأيهم ليس من الإسلام فى شىء. وكل من يخالف رأيهم إما جاهل أو منحل أو متآمر على الإسلام لحساب جهات أجنبية.. وبالتالى فهم يعتبرون أن واجبهم، ليس مناقشة المختلفين معهم وإنما ردعهم وإهانتهم والتنكيل بهم إن أمكن.. لأنهم أعداء أو متآمرون وليسوا أصحاب وجهات نظر مختلفة.. والحق أنه ليس هناك ما هو أبعد عن الإسلام الحقيقى من هذه الرؤية الأحادية المتطرفة.. فالإسلام هو الدين الوحيد الذى يشترط لاعتناقه الإيمان بالأديان الأخرى.. وقد أذهل المسلمون العالم، على مدى سبعة قرون، بقدرتهم على استيعاب الثقافات الأخرى وإعادة إنتاجها فى الحضارة الإسلامية العظيمة..
ثانيا: أنهم يتوقعون منك أن توافق على حبسهم للمرأة خلف النقاب، أو على الأقل تمتنع عن الاعتراض، أما إذا اعترضت فسوف يتهمونك فورا بالترويج للعرى والإباحية.. إنهم يعتبرون النقاب المقابل الوحيد للانحلال.. ولنا أن نتخيل كيف ينظر هؤلاء إلى السيدة غير المحجبة وكيف يتعاملون معها.. بل وكيف ينظرون إلى الأقباط.وأى صورة يقدمونها للإسلام أمام الأجانب إذا كانوا يعيشون فى دولة غربية.
ثالثا: إنهم يمارسون نوعا من التدين لا يعتمد على تجربة روحية ذاتية بقدر ما يعتمد على المقارنة والتميز.. فالطريق إلى الفضيلة الدينية عندهم لا يمر بتدريب النفس على الإحسان وكبت الشهوات وإنما يتحقق أكثر بإبراز تفوقهم الدينى على الآخرين، وهم يكتسبون من اختلافهم قوة نفسية تؤدى بهم إلى الاستعلاءوالغطرسة.. فهم وحدهم المتدينون الحقيقيون، العارفون بأحكام الدين وحكمته، وأمام الآخرين اختياران: إما أن يتبعوا أفكارهم دون مناقشة أو يبوءوا بلعناتهم وشتائمهم. وهم يعيشون فى عالم متوهم يريحهم من التفكير فى مشكلاتهم الحقيقية.. العالم عندهم يتكون من معسكر المسلمين الذين يجب أن يشاركوهم آراءهم بحذافيرها.. ومعسكر أعداء الإسلام من العلمانيين والكفار والمنحلين. ولا ثالث بينهما. وهذه الرؤية الثنائية، على سذاجتها وتطرفها، تدفعهم بسهولة إلى الكراهية والعداء بدلا من المحبة والتسامح وتقبل الاختلاف.. وهى القيم التى يدعو إليها صحيح الدين. رابعا: لاحظت أن معظم رسائلهم تحفل بأخطاء شنيعة فى النحو واللغة.. واستنتجت من ذلك أن ثقافتهم الدينية سمعية وليست مقروءة، يستمدونها غالبا من القنوات الفضائية، المدعومة بأموال النفط، التى تعمل على نشر الأفكار السلفية الوهابية. بالأمس، فتحت إحدى هذه القنوات، فوجدت الداعية الشهير يحكى الواقعة التالية:
«إن رسول الله عليه الصلاة والسلام دعى إلى بيت أحد الناس فأكل كل ما قدم إليه من طعام ماعدا البصل ولما سأله صاحب الدعوة عن سبب ذلك.. أجاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأنه لا يأكل البصل النيئ حتى لا تنفر الملائكة من رائحة فمه أثناء نقل الوحى..».
هذا هو مستوى المادة الدينية التى تبثها تلك القنوات فى عقول البسطاء.. ولا أظنه يحتاج إلى تعليق..
خامسا: لاحظت أن الدين عندهم عملية إجرائية، لها خطوات محددة، لا تتعدى أبدا الشكل والعبادات. وبالتالى فإن هؤلاء المتدينين لا يجدون أى تناقض بين إهانة الناس ونقائهم الدينى. هذا التدين الناقص، الذى يفصل العقيدة عن السلوك، ينتشر فى بلادنا كالوباء.. فكم شخصا نلقاه اليوم فنجده حريصا للغاية على شعائر الدين ولكن ما أن نتعامل معه فى الأمور المادية حتى نكتشف أن سلوكه يناقض مظهره.. لقد أصبحنا فى مصر، للأسف، أكثر حرصا على مظاهر الدين وأقل تدينا.. وكنا قبل انتشار الأفكار الوهابية، أقل اهتماما بمظاهر الدين وأكثر تدينا بالمعنى الحقيقى، أكثر عدلا وأمانة وتسامحا..
أخيرا، فان أخطر ما فى هذا التدين الناقص فصله التام للخاص عن العام.. فالذين تنادوا واجتمعوا ليمطروا موقع الشروق بالشتائم، متخيلين بذلك أنهم يدافعون عن الإسلام.. يعيشون فى مصر حيث يعانى ملايين الناس من الفقر والبطالة والجهل والمرض، حيث يموت الناس فى طوابير الخبز أو تصارعا على مياه شرب نظيفة.. لكن التدين الناقص يجعلهم عاجزين عن التحليل الموضوعى لأى ظاهرة.. فالفقر فى اعتقادهم، إما عقاب أو اختبار من الله. لا يستطيعون أبدا أن يروه كنتيجة طبيعية للفساد أو الاستبداد..
يبقى أن هذا التدين الناقص منزوع السياسة تماما. فقد تعلم هؤلاء من شيوخ الوهابية أن طاعة الحاكم المسلم واجبة حتى لو كان ظالما وفاسدا.. مما يجعلهم فعلا قابلين للاستبداد. وهم يخرجون فى مظاهرات غاضبة احتجاجا على قرار الحكومة الفرنسية بمنع الحجاب فى مدراسها بينما، فى بلادهم ذاتها، تزور الانتخابات بانتظام ويقضى عشرات الآلاف من المعتقلين (معظمهم إسلاميون) زهرة شبابهم فى السجون دون محاكمة.. ويهان الإنسان المصرى ويعذب بوحشية وقد ينتهك عرض زوجته أمام عينيه فى مقار الشرطة وأمن الدولة.. على أن كل ذلك لا يثير غضبتهم الدينية أبدا.. لأن الدين الذى تعلموه لا يشمل الدفاع عن القيم الإنسانية العامة.. الحرية والمساواة العدالة وإنما يقتصر فقط على الشكل والعبادات.. كما أن مقاومة الظلم والاستبداد فى مصر.. مسألة مكلفة يفقد فيها الإنسان حريته وكرامته وربما حياته.. أما الاختباء خلف اسم مستعار وسب الناس عبر الإنترنت فهو نضال سهل لا يكلف شيئا.
لقد أكدت لى هذه التجربة، مرة أخرى، أن هناك معركتين فى مصر: معركة من أجل الإصلاح الديمقراطى ومنع توريث بلادنا من الرئيس مبارك إلى ولده وكأننا مزرعة دواجن.. ومن أجل انتزاع حق المصريين فى الحرية والعدالة.. ومعركة أخرى موازية لا تقل أهمية.، تدافع فيها مصر عن قراءتها المنفتحة المتحضرة للإسلام.. أمام غزو الأفكار الوهابية الرجعية المتخلفة الكفيلة بإلغاء تراثنا الحضارى وتحويل بلادنا العظيمة إلى واحدة من إمارات طالبان..
الكاتب :علاء الأسواني
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
كاتب المقال يقول أنه طبيب
فما دخله في الامور الشرعية ؟؟؟
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
القضية شائكة جدا رغم ان لامر واضح في هذا الشأن
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
علاء الأسواني با أخي بالإضافة الى كونه طبيبا يعدّ مثقفا ومناضلا ملتزما بقضايا وطنه الثقافية والسياسية...وكان مع الثوار في ميدان التحرير من أول يوم كما يعتبر أديبا تشهد له أعماله الأدبية بعلو كعبه في هذا الشأن , وهو في هذا المقال يبدي رأيه في طريقة تفكير التيار السلفي الوهابي وكيفية تعامله مع النصوص الدينية والواقع وهي قضية فكرية لا يحتاج تناولها الى مناقشة الأدلة الفقهية الجزئية .أما مسألة النقاب التي يتخدها كمثال على طريقة التفكير تلك فيستند فيها الى علماء دين بارزين آخرين ذكرهم بلإسم من أمثال الشيخ محمد عبده و كذا الشيخ محمد الغزالي وغيرهم ممن ناقش الأدلة الفقهية المتعلقة بهذه المسألة من الكتاب والسنة.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
غـيـره كـثير ( سمعنا ) صرخاتهم .. ولكن لاجدوى
السلفيه إن شاء الله سوف تنقذ مصر من خزعبلاتها وبلاء مثقفيها ..
ومسألة التطاول على النساء السعوديات فهو ليس بالجديد وقد ذكرني بتقارير قناة الجزيرة
السلفية ( صاعدة ) في مصر .. وسوف نعين اخواننا في مصر على تجاوز ( زمـن ) العسكر إلى غير رجعة ان شاء الله
فانتبه انت لبلدك وحاول ( علاجه ) عقديا واجتماعيا قبل كل شي
فبلدك اولى بطاقتك ..
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
شتان بين سلفية محمد عبده و الشيخ محمد الغزالي أو ما يسمى بالسلفية الإصلاحية والتي أعادت الإعتبار للأجتهاد على أساس مقاصد الشريعة وبين السلفية الوهابية المنغلقة على حرفية النصوص وهو ما أدى بهم الى إصدار فتاوي وأراء دينية أقل ما يقال عنها أنها تافهة مثل تحريم لبس القبعة وتحريم الجلوس على الكرسي بالنسبة للمرأة وتحريم الإحتجاجات و الخروج على الحاكم والقول بسكون الأرض و عدم دورانها على الشمس...هذا بالإضافة الى تعصبهم الشديد بحيث ينكرون ويضللون كل من خالفهم الرأي حتى لو كان من رجال الدين فما بالك اذا كان ماركسيا أو علمانيا...فهؤلاء بالنسبة لهم كفار لا يجوز حتى الإستماع اليهم...
ملاحظة: قبل أن تدافع عن السلفية الوهابية فعليك بتغيير إسمك المستعار ذلك أنهم يعتبرون الفلاسفة أشد أعدائهم في الدين خذها مني نصيحة.