عنوان الموضوع : تزاوج الدين مع السلطة المصلحي الأخبار
مقدم من طرف منتديات العندليب
السلام عليكم
نسمع كثيرا لمقولة تزواج المال مع السلطة والكل يعرف الكثير عليها
لكن تزاوج الدين مع السلطة للمصلحة هل نعرف عليه الكثير.....
تزاوج الدين مع السلطة والمصلحة
بدأت ظاهرة الاستخدام السياسي للدين في كيان الدولة الإسلامية التي أعقبت الدولة الأموية، ومنذ الدولة العباسية مرورا بالدولة الفاطمية، وإلى الدولة العثمانية - وكان الخلط جليا بين الديني والسياسي، وساد إضفاء الشرعية الدينية على السلطة السياسية واستمر الوضع حتى بداية الهيمنة الاستعمارية على الوطن العربي، واختلف التاريخ السياسي للمغرب العربي عن نظيره في المشرق العربي إذ قادت الحركات الدينية النضال التحرري في المغرب العربي، بينما كانت في المشرق العربي أحد أركان السلطة التابعة للقوى الاستعمارية، ويرجع الفضل في ذلك إلى سلطات الاحتلال البريطاني إذ أن لندن كانت الأكثر دراية وخبرة في أهمية الاستخدام السياسي للموروث الديني لضمان الشرعية للأنظمة السياسية، وعلى هذا الأساس رسمت بريطانيا الخارطة السياسية في منطقة الجزيرة العربية والهلال الخصيب، وقسمت المنطقة إلى دول صغيرة، وراعت في تقسيمها للجغرافيا السياسية فصل المناطق الحضارية عن المناطق ذات الغلبة القبلية والطبيعية الصحراوية، وإذا كانت المملكة العربية السعودية قد حظيت بحصة الأسد من هذا التقسيم فهذا الأمر يرجع إلى عوامل عدة، أهمها كان القضاء على الثورة العربية وقيادتها في الحجاز من خلال التقاء طموحات عبدالعزيز آل سعود في إقامة دولة مترامية الأطراف في الجزيرة والخليج العربي مع المخططات البريطانية الرامية إلى إجهاض الثورة العربية وتدمير قيادتها التاريخية في الحجاز، ومن هنا لم تجد بريطانيا غضاضة في دعم المشروع السعودي ولكن في الحدود التي لا تشكل هاجسا أمنيا لها في المستقبل، أو تهدد المخطط البريطاني المرسوم للمنطقة حتى نهاية القرن الـ 20·
لذا دعمت وشجعت بريطانيا الملك عبدالعزيز آل سعود في الاستعانة بالحركة الوهابية وإعادة تأهيلها واستخدامها لجعل مشروعه أمرا ممكنا، حيث دعمت لندن التمدد السعودي غربا وجنوبا، وحددت له مساره في الشرق والشمال، حيث محمياتها في ساحل الخليج العربي والعراق ووقعت مع الملك عبدالعزيز معاهدة "دارين" في 26 سبتمبر 1915 (والتي وقعها عن بريطانيا المعتمد البريطاني في منطقة الخليج والعراق السير بيرسي كوكس، وعن الجانب السعودي الملك عبدالعزيز نفسه)·
ومن أبرز بنودها، تزويد الجانب السعودي بأسلحة حديثة منها 1000 بندقية حديثة، و20 ألف جنيه استرليني، وتزويده سنويا بـ 5 آلاف جنيه وكميات من الأسلحة المتطورة، وذلك نظير عدم اتصال الجانب السعودي بأي دول غربية أخرى وعدم التعرض لإمارات الخليج في حينه·
ومن هنا تجلى الاستخدام السياسي للدين في بناء الدولة السعودية الثالثة، وارتبط بقاء السعودية وطوال القرن الماضي يعتمد على التناغم في ثنائية السلطة، "العلماء" و"العرش"، تصالحاً وصداماً·
وكانت بريطانيا قد ساهمت في إخماد تمرد "الإخوان الوهابيين" على سلطة عبدالعزيز فيما عرف في "السبلة" في مارس 1929، خصوصا بعد محاولاتهم التعرض للكويت والعراق الواقعتين تحت الحماية والانتداب البريطاني، وتراجع دورهم في المخطط البريطاني، وذلك بعد أن أسهموا بفاعلية في سقوط دولة الشريف الحسين بن علي في الحجاز، فكان لابد من وضعهم تحت السيطرة ومنع توسعهم في مناطق النفوذ البريطاني، أو تهديدهم لسلطان الملك عبدالعزيز ابن سعود (وذلك تنفيذا لاتفاقية أيار 1927 بين ابن سعود والإنجليز التي حلت محل معاهدة دارين)· وبعد ذاك التاريخ أخضع علماء الدين للسياسة في المملكة في وقت ورثت واشنطن التركة الاستعمارية البريطانية واشترت شركاتها امتيازات التنقيب عن النفط في المملكة العربية السعودية من الشركات البريطانية، وأدى ظهور ما عرف بالمعسكر الشرقي أو الاشتراكي، لنشوء تحالف بين الأصولية الدينية والإمبرالية الأمريكية، إذ رأت الجماعات الدينية بأن التحالف مع واشنطن يحمي المجتمع من الغواية "الشيوعية"، ورسمت واشنطن سياساتها الخارجية في المنطقة بدعم الأصولية في مواجهة قوى التنوير والتقدم والقوى اليسارية والقومية واليبرالية والإصلاحية، وتجلى ذلك فيما عرف بمشروع الأخوين "جون وألان فوستر دلاس" للشرق الأوسط الكبير· (وكان أحدهما على رأس جهاز المخابرات المركزية الأمريكية والآخر وزيرا للخارجية)، وحكم هذا المشروع مجمل التطورات السياسة في المنطقة منذ نهاية الحرب الباردة·
وإذا كانت هذه السياسة قد نجحت في السيطرة والحد من انتشار الأفكار الديمقراطية والتحررية في منطقة الخليج والجزيرة العربية وباكستان وإيران، وسيدت الأطروحات الدينية الجامدة والمحافظة، فإن ملامح الصدام بين الطرفين قد بدأت في التبلور منذ انهيار الكتلة الاشتراكية عام 1991م، خصوصا في منطقة الخليج والجزيرة العربية، ووصلت الذروة في الصدام المباشر بين تنظيم القاعدة والولايات المتحدة الأمريكية، عندها أدركت واشنطن أن حليف الأمس أصبح عدو اليوم، وأن ساعده وعوده قد قوي ونما لدرجة الخشية من سقوط أنظمة الخليج العربية قاطبة في يد المتطرفين الإسلاميين الذين باتوا يحكمون سيطرتهم على صنع القرار في هذه الدول وباتت السلطات المحلية تخشى الصدام مع هذه القوى التي هي أحد مصادر شرعيتها، إذ أن القوى الأصولية الإسلامية في تحالف وبشكل لا يمكن الفكاك منه مع السلطات العائلية والعشائرية، والبديل لا يبدو أن الأنظمة في دول منظومة مجلس التعاون الخليجي قد أعدت نفسها له أو لتقبله، وهو البناء المؤسساتي والديمقراطي وسيادة القانون وحقوق الإنسان بالمفهوم الحديث، أو التحالف مع القوى الليبرالية والتقدمية والإصلاحية، لأن أنظمة الخليج ذات الطابع العشائري والوراثي ترى أن هذه القوى تشكل خطرا على مصالحها ونفوذها من خلال مطالبها في بناء أنظمة مؤسساتية متطورة تحد من صلاحيات الأمراء والشيوخ وحلفائهم من المشايخ، والدليل على ذلك ظهور بعض الدساتير والمظاهر الديمقراطية التي تقنن الأمر الواقع، ولا تفي بمطالب المرحلة والإصلاح·
فالمراقب يلاحظ أن قوى المجتمع المدني الحداثية ستبقى "مهمشة" وأن الأنظمة لن تقطع "شعرة معاوية" مع قوى الإسلام السياسي، والأخيرة نمت وتطورت أساليبها ولم تعد ترضى بأقل من السيطرة على الأنظمة وربما الحكم، فبات الصدام بينهاحتميا، وإن كان التدخل السوفياتي في أفغانستان، قد أوجد متنفسا لأتباع حركة جهيمان العتيبي بعد أن تم احتواؤها في مهدها، وتوجيه ناشطيها لمحاربة الشيوعيين في أفغانستان طوال الفترة الماضية الممتدة من (1980-2016) فإن هذه الكوادر وأعوانها الآن قد وجهت أنظارها إلى داخل أوطانها·
واشنطن تدرك هذه الحقيقة المرة وتعرف أن قوى التقدم والمجتمع المدني مقتنعة "باللباس الأمريكي الجديد"، والتظاهر بأنها تريد دعم هذه القوى في مواجهة تحالف الأنظمة والأصولية الإسلامية، ولكن هل يمكن "للعطار الأمريكي" أن يصلح ما أفسده الدهر والبرغماتية في السياسة الأمريكية التي ساهمت في إضعاف القوى الليبرالية والتقدمية على حد سواء؟
ومن هنا فإن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مرشحة إلى حدوث أمرين لا ثالث لهما:
1- صدام مباشر بين الأنظمة والأصولية الدينية سيسفر بالضرورة عن ظهور جمهورية أو جمهوريات إسلامية سنية على غرار الأنموذج الإيراني·
2- الأمر الثاني (وهو بعيد الاحتمال) التحول إلى الأنموذج الغربي من خلال إيجاد ممالك دستورية بكل معنى الكلمة، بإمكانها أن تحتوي مطالب بعض القوى الأصولية وتهذبها وتستجيب لطموحات القوى الليبرالية والتقديمة والإصلاحية·
·· ونقول بعيد الاحتمال لأن الأنظمة الخليجية بطبيعة الحال - لن ترضى بأن تملك ولا تحكم - وهذا ما نشهده من محاولات إصلاح هامشية ودساتير مشوهة تحاول أن تؤجل انهيار الوضع القائم وتلميعه، فمقولة: "نملك ونحكم سنوات أفضل من أن نملك ولا نحكم عشرات السنين" هي السائدة في الخليج والجزيرة العربية·
الولايات المتحدة الأمريكية تدرك حقيقة الواقع المر في منطقة الخليج والجزيرة العربية، فبدأت حربها الاستباقية باحتلال العراق للحيلولة دون تحول حوض الخليج العربي إلى بحيرة إسلامية تضاف إلى حوض البحر الأحمر حيث تسيطر القوى الإسلامية على السودان، والصومال وجيبوتي·
ولكن هل احتلال العراق سيحل المعادلة في الخليج العربي، بين قيام حكومات دستورية وديمقراطية حقيقية أو ظهور جمهورية إسلامية سنية تسيطر على منطقة الجزيرة والخليج العربيين؟· صحيح أن الولايات المتحدة الأمريكية قد حاولت أن تنفس من حالة الإحتقان في منطقة الخليج العربي وإسرائيل وتوجيهه إلى العراق حيث الوجود الأمريكي المباشر كما حصل في أفغانستان على أمل أن تبادر دول الخليج العربية نفسها في خلق فرص حقيقية للإصلاح السياسي والاقتصادي، إلا أن المؤشرات الأولية تشير إلى عكس ذلك أي أن الاحتلال الأمريكي للعراق والانفلات الأمني هناك وعدم الرغبة والجدية التي تظهرها دول المنطقة تجاه إيجاد فرص إصلاح سياسي حقيقي، سيؤدي إلى دعم قوى التطرف الديني والقومي وتحالفها، ودخول المنطقة إلى حقبة من عدم الاستقرار قد تمتد إلى منتصف القرن الجاري·
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :