نصرالله يقضي على الأسد
حتى الثامن والعشرين من أيار 2012، كان بنيامين نتنياهو، مثله مثل نظيره اللبناني نجيب ميقاتي، ينادي بالنأي بالنفس عن الثورة على نظام بشار الأسد في سورية!
ولكنه، فجأة غيّر رأيه، وأطلق تصريحا من " كعب الدست" ضد مجزرة الحولة الرهيبة معتبرا أن لـ"حزب الله" وإيران يدا فيها كما في الوقوف ضد الثورة السورية، في حين انبرى وزير الدفاع الإسرائيلي إيهودا باراك الذي كان يرفض سياسة النأي بالنفس- إعلاميا- ليطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات حازمة ضد بشار الأسد ونظامه!
ومجزرة الحولة، على الرغم من وحشيتها لم تكن الأولى من نوعها، إذ سبق للنظام السوري أن ارتكب مثلها، في غير منطقة في سورية، على امتداد أشهر الثورة، فلماذا أقحمت إسرائيل نفسها، هذه المرة، بالتزامن مع بروز قرار غربي بطرد السفراء السوريين، وطرح فكرة الخيار العسكري ضد نظام الأسد، للمرة الأولى، على طاولة البحث والتقييم؟
ثمة من يشير بالبَنان الى الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، الذي، من حيث لا يدري، أعلن أن طريق البرّ بين إيران ولبنان أصبحت مقطوعة، عندما شهر تأييده لقرار المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بمنع رحلات الحج البرية، قائلا:" ان عمليات الخطف ممكن ان تحدث في أيّ لحظة ويمكن ان تخلق مشاكل كبيرة وفتنا".
قبل حادثة الخطف التي تعرض لها الزوّار اللبنانيون في حلب، كان ثمة قول يردده الإيرانيون وأتباعهم في "حزب الله"، في القاعات المغلقة:" نحن الآن، ندير السيارة في بحر قزوين ونطفئها على بوابة فاطمة."
بعد كلام نصرالله، لم يعد ممكنا أن تصل السيارة أبدا الى بوابة فاطمة في لبنان، فهي ستكون تحت الخطر في البر السوري، لا بل أيضا في البر العراقي، إذ إن قافلة لبنانية كانت تضم أيضا زوّارا، تعرّضت لعبوة ناسفة في العراق، في اليوم التالي لعملية الخطف في سورية ، مما أسفر عن مقتل 3 أشخاص.
وبذلك، أدركت إسرائيل والمجتمعان العربي والدولي أن فصل سورية عن إيران ، الذي فشل سابقا على الرغم من كل الإغراءات التي انهالت على بشار الأسد ، قد حقّقته الثورة السورية بعملية خطف وحيدة أثارت الرعب في نصرالله، بعدما بدأ الشيعة يتلمسون، أكثر فأكثر، كلفة سياسة "حزب الله" عليهم!
وبفعل هذا الإدراك، أصبحت الثورة السورية، وللمرة الأولى منذ اندلاعها، ذات جدوى استراتيجية، سواء لإسرائيل المتطلعة دوما الى بتر أذرع إيران على حدودها، أم للمجتمع الدولي الراغب بحرق أوراق القوة التي تبتز بها إيران الدول الكبرى، من أجل تمتين وضعها التفاوضي على الطاولة التي تتحاور بها حول ملفها النووي.
ومع إغلاق نصرالله المعبر البرّي السوري، سقطت الجدوى الإستراتيجية من بشار الأسد، فنظامه بدا إبتزازيا فقط، يبيع أحلام الإنفصال عن إيران، ويسلّم أرضه لتكون مقرا وممرا للحرس الثوري الإيراني، وبالتالي فإن الخطر المتأتي من سقوطه، بعد رجفة نصرالله من عملية الخطف ، لا يوازي المخاطر من استمراره!
وهكذا، يكون نصرالله، مع إغلاقه المعبر البرّي السوري، قد فتح، عمليا ، بوابة الجحيم على بشار الأسد!
في التجربة اللبنانية، فإن العماد ميشال عون، يوم كان رئيسا للحكومة الإنتقالية، بقي مطمئنا الى وضعه الى ذاك اليوم الذي أعلن فيه أوري لوبراني الذي كان يدعى " منسق الأنشطة الإسرائيلية في لبنان" أن عون يحفر قبره بيده.
في المحفوظات السرية اللبنانية أن عون، منذ ذاك التصريح، بدأ يقيس بدبابة، المسافة التي تفصل قصر بعبدا الجمهوري عن مقر السفارة الفرنسية في مار تقلا – الحازمية!
ثمة من يعتقد، بفعل رجفة نصرالله، بأن على بشار الأسد أن يُرسل هو الآخر دبابة لتقيس المسافة بين مقرات إقامته (كل ليلة ينام في مكان) وبين المطار!