كرر السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أول أمس خلال جلسة تاريخية لمجلس الأمن وصفه للمجموعات المنشقة عن الجيش بأنها "مجموعات إرهابية مسلحة". ولم يأت السفير في الجلسة التي أجهض فيها مشروع قرار أوروبي عربي حول سوريا على ذكر الضباط والجنود الذين شكلوا الجيش الحر, والذين يخوضون معارك مع الجيش الموالي للنظام.
تأسس الجيش السوري الحر بتاريخ 29 يوليو/تموز 2016 تحت قيادة العقيد المنشق رياض موسى رياض الأسعد الذي حدد عقيدة الجيش الجديد في "الدفاع عن الوطن والمواطنين من جميع الطوائف"، معتبرا أنه "النواة الحقيقية لتشكيل جيش حقيقي لدولة الحرية والديمقراطية لسوريا المستقبل" بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.
وبدأت الانشقاقات المعلنة عن الجيش السوري بخروج الملازم أول عبد الرزاق محمد طلاس يوم 6 يونيو/حزيران. وبعد ثلاثة أيام أعلن المقدم حسين هرموش انشقاقه هو الآخر قبل أن تلقي الاستخبارات السورية القبض عليه.
وفي 3 أغسطس/آب الماضي أصدر العقيد رياض الأسعد -أرفع الضباط المنشقين رتبة- البيان الأول للجيش السوري الحر في إشارة إلى توجه الجنود المنشقين لتنظيم أنفسهم.
ومع مرور الأيام أصبح الجيش الحر لاعبا مؤثرا وارتفع عدد الملتحقين بصفوفه وغالبيتهم من منشقي الجيش النظامي الذين رفضوا أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين. وقرر هؤلاء -يدعمهم متطوعون- الانضواء في كتائب منظمة لحماية الأهالي من هجمات قوات الجيش والأمن ومليشيات النظام.
وفي أبرز المواجهات بين الطرفين، وقعت اشتباكات مسلحة في 27 سبتمبر/أيلول 2016 -استمرت لأربعة أيام- حينما حاولت قوات الأمن والجيش اقتحام مدينة الرستن وتأتَّى للجيش اقتحام المدينة بعد حشد مئات الدبابات والعربات المصفحة، وإيقاع دمار كبير بالمدينة ومنازل الأهالي.
زمام المبادرة
وبالإضافة إلى الرستن، كانت هناك مواجهات مشابهة أخرى، وإن على نطاق أضيق، اندلعت في الوقت نفسه في منطقة حماة. وكانت مواجهات أخرى شبيهة قد سجلت في مناطق أخرى من سورية، لا سيما في ريف دمشق وإدلب ومنطقة الحدود السورية اللبنانية.
وأمام استمرار سقوط القتلى بسوريا، تطور الأداء العسكري للجيش الحر، وبالإضافة إلى تصديه لعدد من هجمات قوات النظام، استطاع أخذ زمام المبادرة ونفذ سلسلة عمليات استهدف بعضها دمشق التي ظلت هادئة طيلة شهور الثورة الماضية.
ففي هجوم نوعي وقع في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، استهدف منشقون عن الجيش السوري مقرا للمخابرات الجوية في حرستا على أطراف العاصمة السورية، في أول عملية من نوعها منذ بدء الاحتجاجات المناهضة للنظام.
واستخدم عناصر الجيش السوري الحر قذائف "آر بي جي" المضادة للدروع ونيران الرشاشات في مهاجمة مجمع كبير للمخابرات الجوية على طريق دمشق حلب البري السريع في نحو الساعة الثانية والنصف صباحا.
في هذه الأثناء، ما فتئت وسائل إعلام رسمية سورية تصف الجيش السوري الحر بأنه "جماعات إرهابية مسلحة" تنشط في أنحاء البلاد، وتعيث فيها فسادا وتستهدف المدنيين وقوات الجيش والأمن على حد سواء، ونقلت هذه الوسائل أكثر من مرة صورا لتشييع قتلى من الجيش سقطوا بنيران "مسلحين ."
العناصر المنشقة
على مستوى العتاد، قال العقيد رياض موسى الأسعد إن الجيش السوري الحر يقاتل بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة.
وأشار إلى أن هذه الأسلحة يتم الحصول عليها من "العناصر المنشقة" ومما يغنمه الجيش الحر من العمليات "التي نقوم بها ضد أجهزة النظام" مفصلا في أن القسم الأكبر من السلاح يتم "شراؤه من أزلام النظام من الداخل السوري".
أما على مستوى القوة البشرية، فقد أفادت دراسة لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن الجيش السوري الحر يضم نحو 37 كتيبة منها ما بين 17 و23 ناشطة عسكريا.
في المقابل، يقول الجيش السوري الحر إن لديه نحو 40 ألف مقاتل من مختلف الرتب لكن الدراسة المذكورة تقدر العدد بما بين 4000 و7000.
"
أفادت دراسة لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن الجيش السوري الحر يضم نحو 37 كتيبة منها ما بين 17 و23 ناشطة عسكريا
العسكري والسياسي
في ارتباط العسكري بالسياسي، أعان المجلس الوطني السوري الذي يضم غالبية أطياف المعارضة عن إنشاء "مكتب ارتباط" مع قيادة "الجيش السوري الحر" الذي يضم العسكريين المنشقين من أجل تنسيق تحركاتهم ضد نظام بشار الأسد.
وذكر البيان أن وفدا من المجلس ضم عددا من الخبراء بحث بالتفصيل مع قيادة الجيش الحر، "الأداء الميداني لوحدات الجيش السوري الحر في مختلف المناطق".
في جانب آخر، أوضح رياض الأسعد أن الجيش السوري الحر "يرفض تدخلا عسكريا على الأرض السورية" داعيا في المقابل المجتمع الدولي إلى تأمين "الغطاء الدولي السياسي والعسكري الجوي فقط ويقدم لنا السلاح كجيش سوري حر حتى ندافع عن أهلنا، ونكون قادرين أن ندافع عن أهلنا بقوة".
وعن المرحلة المقبلة، شدد الأسعد على رفض أي دور سياسي لأفراد الجيش بالمستقبل معتبرا أن "الجيش الحر أسس لحماية الوطن وسيترك السياسة للسياسيين"