وهذا المقال يكشف عن الكثير ويعني الكثير.
بعث إليَّ صديق مثقف نصَّ هذا الموضوع وأود أن أشرك القارئ في ما جاء به.
الموضوع يتعلق بالسفير الإيراني السابق في البحرين محمد فرازمند، فإنه قبل أن يغادر السفير البحرين بعد انتهاء فترة عمله, عبّر عن بعض آرائه ومواقفه في لقاء مع سفير عربي في البحرين. السفير العربي أطلع السفير الأمريكي في البحرين آنئذ وليم مونرو على ما قاله, والذي قام بدوره بإبلاغ الإدارة الأمريكية بما قال.
فيما يلي نص ما كتبه السفير الأمريكي في فبراير ٢٠٠٧ تحديدا:
«قام سفير عربي في البحرين بإبلاغ السفير بما قاله السفير الإيراني محمد فرازمند قبل مغادرته. وقد اعترف فرازمند صراحة بأنه سعيد بمغادرة البحرين في هذا الوقت بسبب الصعوبة التي يواجهها في تمثيل النظام الإيراني الحالي, ولأن العلاقات الإيرانية البحرينية وصلت إلى حد الأزمة».
وأشار فرازمند إلى أنه كان ينتمي إلى معسكر خاتمي / رفسنجاني, وأنه كان من المنتقدين للرئيس نجاد. ومثالا على ما كان أحمدي نجاد يفعله بالبلاد, أشار إلى مبلغ ٢٠ مليار دولار أمريكي كانت مودعة في صندوق أجيال المستقبل, قام الرئيس بتبديدها بتوزيعها على مشاريع لا جدوى منها في مدن إيرانية. ولم يبدِ فرازمند تقديرا كبيرا لوزير الخارجية متقي. وقال إنه سوف يعود إلى طهران ويلتزم جانب الحذر إلى أن تتغير الأوضاع.
وأبدى فرازمند إحباطه بسبب التدهور في علاقات إيران بالبحرين، وقال إنه حين أتى إلى البحرين قبل ثلاث سنوات, كانت العلاقات تتطور. كانت البحرين قد منحت ترخيصا لإقامة مستشفى إيراني, وسمحت بإقامة مشروع مشترك مع بنكين إيرانيين (أصبح يسمى بنك المستقبل), ورحبت بالزوار من المسؤولين ورجال الأعمال. والآن, تم إلغاء الترخيص للمستشفى, وتم منع تأشيرات الترانزيت, وأصبح من الصعب الحصول على تأشيرات لرجال الاعمال. وذكر مثالا عما جرى مؤخرا بشأن مؤتمر كان من المفترض أن تكون شركة إيرانية أحد رعاته الأساسيين، لكن في آخر لحظة, تم رفض منح تأشيرة لرئيس الشركة مما أدى إلى إلغاء مشاركتها. وقال فرازمند للسفير العربي: «لقد وصلنا إلى نقطة سيئة جدا في العلاقات بين البلدين» وأنه يغادر البحرين وهو محبط للغاية.
وقال فرازمند إنه لم يكن راضيا عن المرشحين الذين قدمتهم «الوفاق», الحزب الشيعي الرئيسي, في الانتخابات البرلمانية. في كثير من الحالات قدموا مرشحين ضعفاء هزموا شيعة آخرين أكثر كفاءة كانوا نوابا في البرلمان في السنوات الأربع الماضية. كما انتقد أيضا قرار «الوفاق» بمقاطعة جلسة افتتاح البرلمان، وقال إنه قرار بلا معنى. وسئل عما إذا كان صحيحا ما ردده البعض من أن إيران قدمت أي أموال إلى المرشحين الشيعة, فنفى فرازمند ذلك نفيا قاطعا. وقال لو أن إيران كانت قد فعلت ذلك, لكانت قد دعمت المرشحين الأكثر كفاءة. وسئل, من أين تحصل «الوفاق» على تمويلها؟ فقال: إن الشيخ عيسى قاسم أصبحت له مكانة دينية تتيح له الحرية في أن ينفق أموال «الخمس» التي يجمعها كما يشاء, وشمل ذلك الإنفاق على «الوفاق».
تعليق: (لم يكن من الواضح ما إذا كان يشير إلى أن هذه الأموال تم جمعها فقط محليا, أم انها شملت أيضا أموالا من الخارج وخصوصا من إيران).
هذا هو ما كتبه السفير الأمريكي مونرو.
لقد التقيت شخصيا بالسفير فرازمند في فترة عمله بالبحرين في مناسبات عدة ودارت بيننا مناقشات. والحقيقة انه لم يكن يخفي أبدا أنه ينتمي إلى معسكر خاتمي / رفسنجاني، لكنه كان يتطلع دوما إلى دور كبير لإيران.
على ضوء ما قاله عن الأوضاع السياسية في البحرين, من الغريب جدا أنه حتى الآن, لم نسمع أن الشيعة الليبراليين قد أقدموا على أي مبادرة كي يشرحوا للشيخ عيسى قاسم أن سياسته فشلت. لم نسمع أنهم أبلغوه بأن إحاطة نفسه بالموافقين فقط والذين يسيرون خلف ما يرى ويقول, قد ألحق ضررا بالغا بصورة المواطنين الشيعة. ذلك أنه في عالم السياسة, فإن الأخذ والعطاء هو الوسيلة الأساسية لتحقيق أي انجاز.
إن الشيخ عيسى قاسم أساء كثيرا إلى الشيعة من أتباعه حين خضع خضوعا مطلقا لأوامر وتعليمات الحكومة الإيرانية الحالية. فقد جعل هذا الكل في الدول المجاورة والدول الإسلامية يشكّون في نواياه ويرفضونها.
وقد أظهرت تطورات الأحداث أن خطبه وتصرفاته اللامسؤولة لم تجلب لشعب البحرين إلا الفوضى والاضطرابات. ولم يكن لهذا أن يحدث لولا أن هذه البلاد لا يدير شؤونها دكتاتور, وإنما يدير شؤونها حكماء يعملون على مداواة الجراح.
إننا نأمل أن يحاول الشيخ عيسى قاسم قراءة ما ذكرناه في هذا المقال من دون تحيز.