“الخارجية” راسلت السفير وطلبت منه إخلاء الأرض
السفارة السورية تتحدى العدالة الجزائرية
في تطور جديد لقضية الخلاف القانوني بين ورثة عائلة تمزالي وسفارة الجمهورية العربية السورية
في العاصمة، نفت وزارة الخارجية تصريحات السفير السوري، التي جاء فيها
أنه لم يبلغ بحكم محكمة بئر مراد رايس الصادر قبل ثلاث سنوات.
بينت وثائق حملت توقيعات مدير التشريفات بوزارة الخارجية، مرسلة الى السفير السوري بالجزائر ووزارة العدل، أن السلطات الجزائرية أشعرت البعثة السورية بضرورة احترام قرارات العدالة وإخلاء الأرض محل الحكم القضائي الصادر بصيغته التنفيذية من طرف محكمة بئر مراد رايس في أول أفريل 2016.
وتكشف مراسلة مؤرخة في 17 ماي 2016 موجهة إلى وكيل الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس، مدى الغموض الذي يكتنف هذه القضية التي حطت رحالها في أروقة المحاكم في 2016، بعد أكثر من عقدين من انتظار إخلاء السفارة السورية لأرض استولت عليها بدون مسوغ قانوني، كما ظلت تشغل فيلتين في نفس الملكية ببلدية بن عكنون منذ 1986 دون وجه حق حسب ما تثبته الوثائق التي بحوزة “الخبر”.
ومن ذلك، أن وكيل الجمهورية لدى محكمة بئر مراد رايس أوقف لأسباب لم يبلغ بها الورثة، باعتبارهم المعني الأول بذلك، كما لم يجدوا الجواب الشافي لا عند وزارتي الخارجية ولا العدل.
بالنسبة إلى هذه الأخيرة، فإن كل ما صدر عنها لحد الآن، أنها قامت بكافة الإجراءات القانونية والإدارية، وأن الكرة توجد في مرمى وزارة الخارجية. هذه الأخيرة ورغم اتصالاتنا بالمسؤولين فيها، فإن كل الخطوات الدبلوماسية استنفدت ولا يبقى سوى تنفيذ السفارة السورية لقرارات العدالة. وتكشف الوثيقة المذكورة، أن الخارجية بلغت السفير السوري بالحكم، وهي لا تفهم لماذا قام وكيل الجمهورية بتعطيل تنفيذه، علما بأن السفارة السورية –حسب السيدتين آيت عبد الرحيم وزهية تمزالي- رفضت في حينه استلام وثيقة تبليغ الحكم من طرف المحضر القضائي. واحتوت نفس الوثيقة على استفسار حول مسببات توقيف تبليغ وتنفيذ الحكم الغيابي وما هي المبررات القانونية التي تؤكد وجود خلل في إجراءات التبليغ؟ وفي مراسلة ثانية، تحصلت عليها “الخبر”، مؤرخة في 25 جويلية 2016، أي بعد شهرين من مراسلة وكيل الجمهورية، تقول الخارجية فيها لمدير الشؤون المدنية وختم الدولة في وزارة العدل، مستغربة تعطيل تبليغ حكم قضائي، خاصة وأنها سبق لها وأن بلغت السفارة السورية حسب المراسلات الدبلوماسية بموجب مذكرة شفوية وتمت مراسلتها، أي وزارة العدل، لتأكيد احترام إجراءات التبليغ.
لا طعن ولا معارضة
وما يزيد من تعقيد القضية، أن السفارة السورية، لم تتقدم بأي طعن أو معارضة. وهذا فصل آخر من فصول التخبط الذي يجد ورثة عائلة تمزالي أنفسهم فيها دون توضيح الأسباب. حيث تشير شهادتان لعدم الاستئناف أو المعارضة صادرتين على التوالي في 5 ديسمبر 2016 و2 جانفي 2016، وبعد الإطلاع على محضر التبليغ الواقع في 27 أفريل 2016، من طرف المحضر القضائي الأستاذ بابا عيسي، تشهد من خلالهما مصلحة الاستئنافات والمعارضات بأنه لم يتم أي استئناف وأي معارض من طرف السفارة السورية.
من يقف وراء تعطيل تنفيذ حكم صادر عن العدالة؟ الجواب: إلى غاية كتابة هذه الأسطر، يظل محل بحث وانتظار من طرف الورثة الذين يشككون في وجود نوايا سيئة وراء كل ما يحدث. فكيف تعجز وزارتان سياديتان عن تنفيذ حكم قضائي؟
قضية عمرها 27 عاما
تعود تفاصيل هذه القضية إلى منتصف ثمانينيات القرن الماضي، حين أبرم ورثة عائلة تمزالي بالعاصمة عقد إيجار فيلتين تقعان بشارع قادوش ببن عكنون بأعالي العاصمة، لمدة محدودة بعامين غير قابلة للتجديد، لمصالح البعثة الدبلوماسية للجمهورية العربية السورية، لإيواء مكاتبها والإقامة، بإيجار شهري مصرّح به ومحرر أمام مكتب توثيق بالأبيار يساوي 31500 دينار.
وفور انتهاء صلاحية العقد، شرع الورثة في مطالبة البعثة السورية بإخلاء الإقامتين والأرض المحيطة بها، غير أن ذلك لم يحدث أبدا رغم إلحاح الورثة، طيلة السنوات الماضية، على مطلبهم، إلى أن اقتنعوا بضرورة تطليق لغة التسويف والتفهم والانتظار واللجوء إلى القضاء للاحتجاج وطلب إنصافهم وتمكينهم من حقوقهم.
تقول السيدة أيت عبد الرحيم أشرف أمينة، واحدة من الورثة والمتحدثة باسمهم لـ«الخبر”: “أجّرنا للسفارة السورية فيلتين وتوابعهما بموجب عقد إيجار دخل حيز التنفيذ في الأول من جانفي 1985، وتم الاتفاق فيه على استرجاع قطعة أرضية تقدر مساحتها بـ18980 متر مربع، والموجودة خلف السفارة، أي وراء الفيلتين، من طرف المالك فور التوقيع على العقد”.
وتضيف أيت عبد الرحيم أن الاتفاق مع السفارة السورية، تضمّن أيضا تسييج القطعة الأرضية من أجل فصلها عن السفارة وأن المدخل والمنفذ إليها يكون مباشرة من مخرجها الشرقي. مشيرة إلى أن الورثة حاولوا مرارا وبطريقة ودية تنفيذ محتوى عقد الإيجار واستعادة الأرض المستثناة من الكراء، إلا أن السفارة السورية قامت بتسييجها وضمتها للفيلتين، مما أدى إلى الإضرار بالورثة الذين هم في حاجة ماسة لها لبناء مساكن لهم. ويوم الجلسة التي جرت أطوارها في الفاتح أفريل 2016، نطقت هيئة محكمة بئر مراد رايس برئاسة القاضي معروف شبلي في غياب ممثلي السفارة السورية، بحكمها الذي قضى بإلزام السفارة السورية بإخلاء القطعة الأرضية المملوكة للورثة تمزالي، مع تحميل السفارة المصاريف القضائية.
وطيلة السنوات التي أعقبت صدور الحكم بصيغته التنفيذية وقيام المحضرين بتبليغه إلى السفارة السورية، إلا أن هذه الأخيرة أصرت على رفض الإخلاء تحت ذريعة اعتراضها عليه ووجود أخطاء فيه، وأن وكيل الجمهورية ألغاه.
تصوروا لو أن العكس حدث أي السفارة الجزائرية لا تنفذ حكم محمكة سورية فلا شك أن التنفيذ سيتم بطرق إكراهية وإجبارية فلماذا ذهبت هيبة دولتنا وعلى أرضنا وأصبحنا نترجاهم قبول حكم محكمة بئر مراد رايس؟ أم أننا أصبحنا كما قال المتنبي :
ذَلّ مَنْ يَغْبِطُ الذّليل بعَيشٍ
رُبّ عَيشٍ أخَفُّ منْهُ الحِمامُ
من يَهْنْ يَسْهُلُ الهَوَانُ عليْه
مَا لِجُرْحٍ بِمَيِّتٍ إيــــلامُ
هذا جزاء من يتعامل مع بقايا رموز السفاح الدول العربية كلها قطعت العلاقات مع النظام الاسدي الا الجزائر التي قتلتنا بقوميتها اتجاه الشيعة