عنوان الموضوع : آل سعود و تاريخ التدخل الغربي في جزيرة العرب خبر مؤكد
مقدم من طرف منتديات العندليب


آل سعود و تاريخ التدخل الغربي في جزيرة العرب


منقول




توطئة

يعتبر النظام السعودي المنفذ البارع لهندسة العلاقات الغربية مع المنطقة على أرض الواقع، وأكثر الانظمة التصاقاً بالادارات الغربية منذ بداية نشوء هذه العائلة على المستوى السياسي في هذه المنطقة المهمة من العالم وبما ان بريطانيا هي المهيمنة على المنطقة ابتداءاً من بداية القرن الثامن عشر وحتى الحرب العالمية الثانية عندما خرجت من هذه الحرب تلعق جراحها نجد ان النظام السعودي قد تفنن في التقرب من بريطانيا للحصول منها على الاعتراف به كممثل لمصالحهم مقابل حمايته ودعمه بالاعانات المالية قبل ظهور النفط كأقوى محفز للدول الكبرى في تغيير نظرتها تجاه المنطقة وشعوبها واهتمامها بتحقيق السبق في الحصول على موطئ قدم على هذه الأرض المقدسة التي قدّر لها ان تكون كالبقرة الحلوب التي يدر ضرعها ذهباً اسوداً يذهب بكل سهولة إلى اسواق أوربا مغيراً وجه الاقتصاد العالمي ووجه السياسة بصورة عامة سواء فيما يخص التوازن الدولي أو التعامل مع شعوب المنطقة وما يتعلق بها من قضايا حيوية تبتدأ من حرية الفرد حتّى خصائصه الذاتية والموضوعية والتي ورثها عبر التراكم الحضاري لها، لذلك يجد بعض الباحثين عن تاريخ العلاقات البريطانية مع النظام السعودي وحركتها كثيراً من التحقير في فهم الاحداث التي وقعت في المنطقة، أما عندما يكون الباحث منصفاً فستكون رموز هذه العلاقات في حقيقتها واضحة المعالم وسيكتشف من خلال ذلك حقيقة هذا النظام الذي أقامته عائلة مبتورة التاريخ لم يستطع أي من الباحثين ان يؤكد الادعاءات التي يوردها رموز العائلة أو اصدقاؤهم في أصل هذه العائلة التي تشير الحقائق إلى أنها ربما تكون غريبة عن منطقة الخليج والجزيرة وزرعت في المنطقة في خضم الصراعات الاوربية في المنطقة وهذا الرأي تؤيده الحوادث التي اكتنفت المنطقة والصراع القبلي في منطقة نجد والحجاز والذي أخذ يتطور باستمرار وعلى نهج لم يحمل من السمات الاصيلة في حياة شعوب المنطقة فالحق يقال ان شعوب المنطقة شهدت صراعات على مساحة التأريخ كله لكن هذه الصراعات كانت تتسم بالبساطة وتنتهي عادة إلى ان تحل المشاكل العالقة بين هذه القبائل على اسس عرفية أو دينية تحمل الكثير من القيم التي توارثها الابناء عن الاجداد أما طريقة التصفية الواسعة التي نفذها بنو سعود بتخطيط فيلبي وغيره فلم يحفظ لنا التأريخ شواهد له.

لا نريد في هذه الدراسة ان نغوص في بحر طويل من التفصيلات في علاقة بريطانيا مع بني سعود ولكننا أردنا ان نبرز بصورة رئيسية المبادئ التي حكمت هذه العلاقة وطبيعة بني سعود التي تتصف بالاستعداد لتنفيذ أوامر بريطانيا حرفياً وصولاً لكشف خيانتهم التي أدت إلى كل الظواهر الاستبدادية التي ظهرت في المنطقة وضياع حقوق شعوب المنطقة.





>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

نبذة مختصرة عن تأريخ التدخل الغربي في المنطقة:

يعتبر البرتغاليون أول من تمكن من فرض نفوذه على المنطقة، فقد سيطروا على منطقة الخليج خلال القرن السادس عشر، وسيطروا على تجارة الحرير مع إيران. وقد حاول الاتراك المهيمنون الرسميون على المنطقة عرقلة هذه الجهود للبرتغاليين إلاّ أنهم فشلوا. ويعتبر القائد البرتغالي المشهور (البوكيرك) اول من تنبه إلى أهمية الخليج الجغرافية وسيطرته على طرق المواصلات البحرية، فقد انشأ البرتغاليون ثلاثة قواعد استندوا عليها في تأمين طرقهم التجارية وهي جزيرة هرمز، وملقا، وسوقطري إلاّ أن هذه السيطرة لم تصمد امام المحاولات التي ابدتها الدول الاستعمارية للسيطرة على المنطقة وجهود ابناء المنطقة مما أدى إلى نهاية سيطرتهم بعد طرد العمانيين لهم وخروجهم من مسقط عام 1650 م وتابعوهم إلى أفريقيا وطردوهم من موزبيق.

وقد تنبيه الانكليز إلى اهمية المنطقة لذلك كانوا أول من وصل إليها بعد البرتغاليين، وتم أول تماس مع المنطقة في عام 1583 م عندما وصل إلى الخليج أربعة مغامرين انكليز وهم التاجران ( رالف فيتش وجون نيو بري) ومعهما تاجر المجوهرات (ديليم ديدز) والرسام الانجليزي (جيمس ستوري) وبدأوا رحلتهم من طرابلس الشام وسافروا إلى البصرة براً ثم ابحروا في الخليج العربي إلى هرمز.

وبعد عودة (رالف فيتش) قدم تقاريره المشجعة على الامكانات التجارية العظيمة في هذه المنطقة مما شجع شركة الهند الشرقية ـ الانكليزية على ان ترسل اسطولاً تجارياً عام 1600م. بعد ان خسر البرتغاليون مركزهم في المنطقة اصطدم الانكليز مع الهولنديين وتغلبوا عليهم في المنطقة.

وقد نقل الانكليز مقر شركة الهند الشرقية ـ الانكليزية من ميناء بندر عباس إلى البصرة بعد ان هاجمت السفن الفرنسية ميناء بندر عباس بقيادة الاميرال (د. ايستنغ) ودمرت الوكالة الانكليزية بالمدافع.

وقد حاول الانكليز استغلال ظاهرة القرصنة في مياه الخليج لاحكام سيطرتهم على المنطقة بحجة حماية المياه من القرصنة العربية في الوقت الذي كان يدير القرصنة في مياه الخليج الانكليزي الكابتن (كايد) رافعاً العلم الانكليزي.

وقد تقاسم النفوذ على سواحل الخليج القواسم والانكليز حتّى عام 1820 م حيث حسم الأمر لصالح سيطرة الانكليز على الخليج بعد استسلام القواسم وفرض معاهدة الصلح البحري العامة مع مشايخ الخليج.


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :


العلاقات البريطانية مع بني سعود:

يحاول الكتاب الذين أرخوا للعلاقة بين بريطانيا وبني سعود ان يعتبروا ان بداية العلاقة بينهما تبدأ من عام 1902 م أي بعد استيلاء ابن سعود على الرياض ولعل السبب في ذلك يعود لأمرين:

الأول: لان الكتاب الأوربيين يحاولون دفع عار هزيمة آل سعود في الرياض عندما طردهم ابن الرشيد حيث درج الاوربيون على عدم تحمل اية هزيمة.

الثاني: ابراز امكانات الانكليز في تأهيل ابن سعود في الكويت وكيف استطاع ان يحتل الرياض عام 1902 م وطرد بن الرشيد الامر الذي يسجل نقطة لصالحهم واعتبار انجاز ابن سعود انتصار لهم.

اما حقيقة الامر فان الاتصال الرسمي للانكليز كان عام 1865 عندما زار (بللي) الرياض والتي أدت إلى ان يتوصل إلى ابرام معاهدة مع بني سعود كما يقول (اندورين) في تقرير له، ويقول جون .س. ولينكسون في كتابه حدود الجزيرة العربية الذي أورد خبر زيارة (بللي): (ومهما يكن فإن فيصل وبللي قد توصلا إلى اتفاق رسمي أو غير رسمي فإن وثيقة عبد الله تمثل استمرارية تعود إلى الوراء وهي الأساس الذي بنى عليه ابن سعود حجته للوصول إلى اتفاق مع بريطانيا، ان هذا الوضع القائم يعود إلى الوراء حتّى بدايات سنوات 1850 م وما بعدها، وبخصوص ازمة البحرين فلقد حلت عن طريق موافقة فيصل بالكف عن مساندة اعداء ومنافسي شيخ البحرين…

ومن جانبها ـ بريطانيا ـ ساعدته في دفع الخراج والزكاة ولم تشجع على اثارة أي مشكلات للزعيم…والذي على علاقة مودة ببريطانيا)[1] [2]

الكويت وتأهيل ابن سعود:

أ ـ اهمية الكويت في السياسية البريطانية:

للوهلة الاولى يتصور ان هذا الموضوع اجنبي عن دراستنا في تناول العلاقات البريطانية مع بني سعود ولكن الحقيقة ان تسليط الضوء على هذا الموضوع يقودنا لحل كثير من الألغاز في هذه العلاقة.

بقيت الكويت منطقة مستقلة تحت حكم آل الصباح الذين هم فرع من العتوب. وقد طور الكويتيون تجارتهم وجعلوا من الكويت مرفأً حيوياً وامتدت تجارتهم على سواحل الخليج الشرقية والغربية وحتى الهند وكذلك مع اجزاء من افريقيا ودمشق وبغداد.

كما لم تكن للاتراك سلطة فعلية على الكويت إلاّ أن الاتراك يعتبرون الكويت امارة تابعة لهم ونتيجة لذلك فإن الكويت لم توقع على معاهدة الصلح البحري العامة التي وقعتها بريطانيا مع شيوخ الساحل العماني عام 1820 م رغم وجود العلاقات القوية بينها وبين بريطانيا، إلاّ أنهم وقعوا في عام 1899 م معاهدة سرية تشبه إلى حد كبير المعاهدات التي وقعها امراء ساحل عمان وفيها نفس التعهدات. واستمرت المعاهدات بينهما حتّى عام 1924 م الذي اعترفت فيه بريطانيا باستقلال امارة الكويت في ظل الحماية البريطانية.

ادى حصار البصرة من قبل الفرس واحتلالها في 5 نيسان عام 1776 م إلى ان تحل الكويت محل مدينة الزبير مقراً لوكالة شركة الهند الشرقية الانكليزية وبقيت عامين قبل ان تنتقل إلى البصرة.

كما ان للانكليز علاقات تجارية مع الكويت تعود إلى عام 1793 م وقام الانكليز بفتح مستودعات في الكويت لبضائعهم وقام اول ضابط انكليزي في جزيرة فيلكة عام 1821م.

وفي عام 1896م استطاع مبارك بن الصباح ان يقضي على أخيه محمد ويتولى المشيخة مكانه الامر الذي اغضب الاتراك واعتبروا مبارك من المتعاونين مع الانكليز فقام الاتراك بدفع آل الرشيد إلى محاربته ونشبت الحرب بين الطرفين وقد تعاون الشيخ مبارك مع عبد الرحمن بن فيصل آل سعود لطرد آل الرشيد من الرياض، ووقعت المعركة الرئيسية بين قوات مبارك وقوات ابن الرشيد قرب قرية الصريف الواقعة على بعد عشرين ميلاً شمال شرق بريدة في القصيم بتاريخ 17 آذار عام 1901 م حيث هزم مبارك واضطر للانسحاب بفلول جيشه إلى الكويت.

وكانت قوات ابن الرشيد تطارد مبارك حتّى الكويت وتحركت تركيا للقضاء على مبارك وحليفه السعودي عبد الرحمن في الوقت الذي رست فيه السفينة الحربية الانكليزية (لابوينغ) بالقرب من الميناء ووجهت مدافعها نحو المدينة وانزلت زورقاً إلى البر ليعلن ان مبارك صديق لصاحب الجلالة ملك بريطانيا وان حمايته واجب على بريطانيا وتم انذار ابن الرشيد على مغادرة المنطقة وتم ابلاغ السلطان العثماني بهذا القرار وعدم مناقشته فاضطرت تركيا إلى الرضوخ وطلبت من ابن الرشيد مغادرة المنطقة.

ب ـ الفصل المثير في الكويت:

بعد طرد آل سعود من الرياض اتجهوا نحو البحرين وبعدها وصلوا إلى مشارف الكويت حيث منعت السلطات التركية اجتماع الرجال مع النساء والاطفال فقد اذنوا للنساء والاطفال في الدخول إلى الكويت وبقي الرجال مع آل مرة في المنطقة ما بين جبرين والاحساء ثم بعد ذلك تم السماح لهم بالدخول إلى الكويت، وهنا يبدأ فصل جديد في حياة هذه العائلة. فبعد انجاز المهمات التي أوكلت لها في خلق حالة الصراع في منطقة نجد بين القبائل والتي أجادها بنو سعود بدأت المرحلة الثانية وهي تأهيل عبد العزيز بن سعود إلى تنفيذ الصفحة المهمة وهي الاستيلاء على الرياض.

وقد أخذ مبارك على عاتقه تأهيل عبد العزيز بن سعود على كيفية التحاور ومعنى العلاقة مع بريطانيا والمهمات المطلوبة منه يقول لزلي مكلوغلن: (كان مبارك بصورة دائمة يستضيف ابن سعود في مجلسه الذي لم يكن فيه المراجعون وطالبوا الحاجات فقط كمجلس أي حاكم آخر في المنطقة وانما كان فيه كذلك مبعوثو الدول الاجنبية الكبرى المعنية بمنطقة الخليج لقد كان درساً سياسياً ثميناً لابن سعود)[3]

ومبارك هذا قبل ان يقتل اخاه محمداً ـ الذي كان يميل إلى الأتراك ـ قد سافر إلى الهند للتجارة وقد قضى عدة سنوات هناك حيث جند كعميل بريطاني حيث وضعت أموال طائلة تحت تصرفه، وكان يجد المال في أي وقت يشاء وحين يسأل عن مصدر الثروات يقول ان كرم الله لا حدود له[4].

وعند عودته إلى الكويت احتضن مبارك عبد العزيز بن سعود وجعل منه مقرباً له ودربه على فنون العلاقات وبعد الانقلاب الذي قام به مبارك ضد أخيه وسيطرته على الامارة جعل عبد الرحمن آل سعود على رأس حملة ضد ابن الرشيد كما وضع تحت تصرف عبد العزيز ابن سعود ألف مقاتل لغزو الرياض إلاّ ان ابن رشيد استطاع هزيمة مبارك وانسحب الاخير إلى الكويت مطارداً.

ظل ابن سعود يحث مبارك على مقاتلة ابن رشيد إلاّ أن مبارك يعرف حدوده التي لا يمكن تجاوزها لذلك اتجه عبد العزيز بن سعود إلى مفاتحة القنصلية البريطانية عن طريق بعض العملاء وبعد دراسة طلبه تقرر الايعاز إلى مبارك الصباح ان يقدم العون لابن سعود للقيام بانقلاب في الرياض لذلك تم اعاد قوة صغيرة قوامها 40 رجلاً كي لا تثير الانتباه وسارت متوجهة إلى الرياض حيث استطاع عبد العزيز بن سعود الاستيلاء على الرياض لتبدأ مرحلة جديدة في المنطقة.


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

بريطانيا تثبت حكم ابن سعود:

بعد استيلاء ابن سعود على الرياض بدأت بريطانيا بتثبيت حكمه اتجاه الاخطار المحدقة به حيث لا زال ابن الرشيد رغم سقوط الرياض قوياً ومدعوماً من قبل الاتراك وله قدرة على تعبئة القبائل ضد ابن سعود إلاّ أن بريطانيا لم تستعجل حسم الأمور لأن بينها وبين تركيا معاهدات تخص الوضع في الخليج والجزيرة ولا تريد ان تثير حفيظتها فهي من جهة تحاول تهدئة شعوب المنطقة وتعبئتها ضد تركيا والذي أوكل هذا الدور للشريف حسين بصورة رئيسية ولابن سعود بصورة جزئية ومن جهة ثانية تريد ابقاء ابن سعود يؤدي دورة بهدوء دون وضعه في خضم هذه المعادلة لان الدور الرئيسي المكلف به يبدأ بعد انتهاء الحرب العالمية الاولى لهذا أمرته بريطانيا بالتفاهم في هذه المرحلة مع الاتراك وتنفيذاً لذلك ارسل مبعوثه عبد اللطيف ما نديلي إلى البصرة ونجح في ابرام اتفاقية مع الاتراك يف مايو سنة 1914 م.

وحاول جون .س. ولينكسون ان يظهر ان بريطانيا غير عارفة بهذه الاتفاقية وان ابن سعود كان يتصرف باستقلالية حيث يقول: (وكان تقييم بريطانيا لهذه المعاهدة ان ابن سعود رفض تسليم الاحساء إلى الاتراك وان الاتراك هددوه بتسليح ابن رشيد وربما كان ذلك التهديد هو الذي دفع بابن سعود للتوصل إلى تلك الاتفاقية)[5]

ولكن هذا القول مخالف للواقع ويناقض ما قاله (ولينكسون عن نفس الموضوع حيث قال (ان شكسبير عندما رأى ابن سعود في المرة التالية كان يماطل وعندما ذهب إلى الكويت في ابريل لم يلق أي تشجيع… واعقب ذلك خطاب في 29 ابريل 1914 م إلى ابن سعود.. ينصح فيه ابن سعود بأن بريطانيا لا يمكن ان تقدم شيئاً لمساعدته لأن لها اتفاقية مع الاتراك)[6].

ثم ماذا يقول (ولينكسون) عن هذا التناقض فقبل توقيع هذه الاتفاقية مع الاتراك تم توقيع اتفاقية مع ابن سعود في مارس 1914 م والتي ابرمها (السير ارثر باريت) في العفير مع ابن سعود والتي نصت على ان يقوم عبد العزيز بالوقوف مع بريطانيا ضد الاتراك وتم التأكيد فيها على حماية ابن سعود ومنع التعدي عليه من أي طرف.

في حقيقة الامر لم يكن هناك أي تناقض فبريطانيا تريد في هذه المرحلة ان يكون ابن سعود ـ الذي كان يبدو مستعجلاً بسبب ضغط مؤسسته الدينية ـ هادئاً ولا يؤثر على مخططها في احتواء القوى المؤثرة في المنطقة وخاصة ابن الرشيد الذي تدعمه تركيا والشريف حسين الذي قطع العهد معهم على تعبئة شعب المنطقة لصالحهم اما الدور الرئيسي فسيكون لابن سعود بعد الحرب العالمية.

كانت بريطانيا تحاول ان تعبأ ابن الرشيد الموالي لتركيا لصالحها وهذا ما كشفه (فيلبي) حيث يقول: (كانت مهمة شكسبير ان يحشد قوى عبد العزيز وابن الرشيد بامر من بريطانيا ضد الاتراك ولكنه لم يستطع ان يثني ابن الرشيد المدعوم من تركيا)[7].

وبعد ان أدرك الانكليز ان ابن الرشيد اصبح يشكل خطراً على بنائهم في الرياض وعدم استطاعتهم حرفه عن الاتراك اصبح القرار هو التخلص منه ولما كان ابن سعود لا يستطيع مواجهة ابن الرشيد الذي استطاع تعبئة قبائل شمر تم إيكال مهمة تهيئة قوات ابن سعود وتنظيمه لمواجهة ابن الرشيد إلى الكابتن (شكسبير).

التقى شكسبير مع ابن سعود في الرياض عام 1913 م ليمثل بريطانيا عنده. وقد قام شكسبير بواجبه في تنظيم قوات ابن سعود والمؤلفة من القبائل والاخوان وعندما التقت هذه القوات مع قوات ابن الرشيد كان شكسبير يرافق ابن سعود وهو الذي عبأ قواته واسلحته ميدانياً وقد قاد المدفعية بنفسه ولولاه لكانت قوات ابن سعود قد دمرت تدميراً كاملاً.

واثناء هذه المعركة التي جرت في 25 يناير عام 1915 م في جراب قتل شكسبير من قبل الشمريين وقطعوه بسيوفهم كما قتلوا سكرتيره أيضاً وخرج عبد العزيز متعادلاً مع خصمه ونجا من الهزيمة


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


اتفاقية دارين:



بعد نشوب الحرب العالمية الاولى لم تعد هناك اية التزامات لبريطانيا اتجاه تركيا ولكي تلملم اوراقها في المنطقة باتجاه التهيأ لمرحلة ما بعد الحرب وتنفيذ استراتيجيتها بتمكين ابن سعود من السيطرة على المنطقة والذي اعدته لتأمين هذا الهدف أرادت ان تربطه قانونياً في سياستها لذلك تم إبرام اتفاقية الذل التي تعتبر تتويجاً لجهود السياسيين والخبراء البريطانيين في المنطقة وقد ابرمها مع ابن سعود (برسي كوكس) الذي وصل إلى العقير في 26 ديسمبر عام 1915 م بصحبة (فيلبي) وقد تم توقيع المعاهدة في جزيرة دارين المواجهة للقطيف والتي سميت المعاهدة باسمها وقد تضمنت المعاهدة البنود التالية:

أ ـ تعترف الحكومة البريطانية وتقر ان نجداً والحسا والقطيف وجبيلا وتوابعها والتي يبحث فيها وتعين اقطارها فيما بعد ومراسيها على الخليج الفارسي وهي بلاد ابن سعود وآبائه من قبل وبهذا يعترف بابن سعود المذكور حاكماً عليها مستقلاً ورئيساً مطلقاً على قبائلها وبأبنائه وخلفائه بالإرث من بعده على ان يكون ترشيح خلفه من قبله ومن قبل الحاكم بعده وان لا يكون الحاكم المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه خاصة فيما يتعلق بشروط هذه المعاهدة.

ب ـ إذا حدث اعتداء من قبل احدى الدول الاجنبية على أراضي الاقطار التابعة لابن سعود وخلفائه بدون مراجعة الحكومة البريطانية وبدون اعطائها الفرصة للمخابرة مع ابن سعود وتسوية المسألة فالحكومة البريطانية تعاون ابن سعود بعد استشارته إلى ذلك القدر وعلى تلك الصورة الذين تعتبرهما الحكومة البريطانية فعالتين لحماية بلدانه ومصالحه.

ج ـ يتفق ابن سعود ويعد بأن يتحاشى الدخول في مراسلة أو وفاق مع اية أمة اجنبية أو دولة وعلاوة على ذلك بأن يبلغ حالاً إلى معتمدي السياسة من قبل الحكومة البريطانية عن كل محاولة من قبل أية دولة أخرى في ان تتدخل في الاقطار المذكورة سابقاً.

د ـ يتعهد ابن سعود بأن لا يسلم ولا يبيع ولا يرهن ولا يؤجر الاقطار المذكورة ولا قسماً منها ولا يتنازل عنها بطريقة ما ولا يمنح امتيازاً ضمن هذه الاقطار لدولة اجنبية أو لرعايا دولة اجنبية بدون رضى الحكومة البريطانية وبأن يتبع مشورتها دائماً وبدون استثناء على شرط ان لا يكون ذلك مجحفاً بمصالحه الخاصة.

هـ ـ يتعهد ابن سعود بحرية المرور في اقطاره على السبل المؤدية إلى المواطن المباركة وان يحمي الحجاج في مسيرهم إلى المواطن المباركة ورجوعهم منها.

و ـ يتعهد ابن سعود كما تعهد آباؤه من قبل بان يتحاشى الاعتداء على اقطار الكويت والبحرين ومشايخ قطر وسواحل عمان التي هي تحت حماية الحكومة البريطانية والتي لها صلات عهدية مع الحكومة المذكورة والا يتدخل في شؤونها.

وتخوم الاقطار الخاصة بهؤلاء ستعين فيما بعد.

ز ـ تتعهد الحكومة البريطانية وابن سعود على عقد معاهدة اكثر تفصيلاً من هذه على الأمور التي لها مساس بالفريقين.

بعد توقيع هذه المعاهدة توضحت الأمور بشكل جلي واظهرت بريطانيا مخططها بشكل مكشوف حيث ظهر ان المنطقة أصبحت تابعة لها بكل ما تملكه وعين ابن سعود رسمياً بموجب هذه المعاهدة موظفاً ذليلاً لبريطانيا وكان عليها ان تكمل الصفحات الاخرى على ضوء الاتجاه الذي ظهر من خلال هذه المعاهدة.


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

القوى المضادة لبني سعود في المنطقة والتي فتتها الانكليز:

كانت التحديات التي تواجه بني سعود في المنطقة والتي عمل الانكليز على تقويضها لصالحه هي: ابن الرشيد المسيطر على حايل والشريف حسين المسيطر على الحجاز والاخوان اللذين يشكلون العمود الفقري لجيش ابن سعود.

أ ـ ابن الرشيد:

يعتبر ابن الرشيد من أقوى الشخصيات المتنفذة في الجزيرة العربية وقد استطاع ايقاف التوسع التركي في الشمال وكذلك منع كل تدخل للأتراك في شؤون الاحساء والحجاز… كان ابن الرشيد يعتبر موالياً للاتراك لذلك كان يعتبر في حقيقة الامر من الاعداء الأشداء للانكليز الذي كان بنو سعود يمثلون نفوذهم الحقيقي في المنطقة.

في اجتماع لابن سعود مع الاخوان الذين طالبوه بالهجوم على الشريف حسين قال ابن سعود: (أما فيما يتعلق بمحمد بن رشيد فالحقيقة ان الانكليز قد الحوا عليّ بمهاجمته لماذا اخفي ذلك عليكم، لكن الانكليز ليسوا من يقطف ثمرات هذا الهجوم، انهم سيزودونني من أجل ذلك بالذخيرة والسلاح وسنكون بعد ذلك في وضع احسن لتصفية الحساب مع الحسين).[8]

وتأسيساً على ذلك وجه الانكليز اهتمام ابن سعود للتخلص من ابن الرشيد وبدأ الصراع بين بني سعود وابن الرشيد.

كان ابن الرشيد يسيطر فعلياً على المنطقة وكان بنو سعود يعرفون قوة ابن الرشيد وسلطته لذلك تصرفوا بحذر شديد. كان بنو سعود يسيطرون على الرياض عندما حاولوا في عام 1883 م تحدي سلطان ابن الرشيد المتزايد في نجد فقد حشد محمد أكبر ابناء سعود قوات معظمها من قبيلة العارض فهاجمتها قوات مشتركة من جيش ابن الرشيد وحسن المهنا ودحرتها فانسحب محمد إلى الخرج واعد حملة أخرى في نفس السنة إلاّ أنه لم يهاجم ابن الرشيد وانما هاجم قبيلة مطير في الصحراء والتي قتل فيها اخوة عبد الرحمن.

وفي عام 1884 م أحس آل سعود بالخطر فأرسلوا محمد إلى حايل يحمل رسالة ودية إلى ابن رشيد فاستقبله وأعاده إلى الرياض وهو يحمل هدية وأعاد اليهم الأقليمين اللذين كان ضمهما إلى أملاكه في السنة السابقة.

وفي عام 1885 م عندما حدث شقاق بين بني سعود حيث القي القبض على عبد الله وسجن في الرياض من قبل أولاد أخيه ابناء سعود استغل ابن الرشيد هذه الفرصة فتوجه إلى الرياض بجيش كبير ودخلها وأخرج عبد الله من السجن وأخذه معه إلى حايل لتأمين سلامته وعين (سالم الصبحان) حاكماً للرياض.

وفي عام 1886 م حدثت اضطرابات في الخرج بين أبناء سعود والسكان المحليين فأرسل سالم الصباح جيشاً بقيادة (شُنَيْف) فقتل هذا القائد ثلاثة من أبناء سعود وهم محمد وعبد الله وسعد وقام ابن الرشيد بزج الابن الآخر هو عبد العزيز في السجن عندما كان في زيارة إلى حايل.


وفي عام 1889 م وافق ابن الرشيد على عودة عبد الله بن فيصل إلى الرياض مع أخيه عبد الرحمن وأعاد له الحكم إلاّ أن عبد الله بن فيصل توفي بعد عودته إلى الرياض فاستولى أخوه الاصغر عبد الرحمن على الحكم على الرغم من جور أخيه الاكبر محمد.

حاول عبد الرحمن على طريقة بني سعود ان يغدر بسالم الصبحان عند زيارة الأخير له حيث هجم عليه حراس عبد الرحمن وقتل بعض ضباطه ونجا سالم من ذلك…

في هذه الفترة حدثت تطورات في القصيم فقد اساء ابن الرشيد إلى اهلها فكتبوا إلى عبد الرحمن ان يحالفهم ويعدونه بالولاء ويطلبون إليه العون والمساعدة، وقبل ان يتم هذا الحلف سارع ابن الرشيد إلى الرياض وحاصرها ولم يستطع اقتحامها فاقترح على عبد الرحمن التفاوض وتم تسوية الأمور المتنازع عليها وعاد ابن الرشيد وبقي عبد الرحمن على عرشه في الرياض وعمل ابن الرشيد عند عودته إلى تسوية حسابه مع أهل القصيم وجرت معركة (مليدة) في 21 كانون الثاني سنة 1891 م انتصر فيها ابن الرشيد…

كان عبد الرحمن آل سعود يستعد لمساعدة حلفائه من أهل القصيم إلاّ أنه تأخر كثيراً عن المعركة مما دفعه الخوف من ابن الرشيد إلى ان يجمع عائلته ويهرب من الرياض بإتجاه الصحراء الشرقية…

قام ابن الرشيد بدخول الرياض ودمر سورها وتحصيناتها وترك محمد بن فيصل أميراً عليها نيابة عنه وبعد سنة عين مكانه رجلاً من حايل يسمى عجلان… وفي عام 1897 م توفي بن الرشيد وخلفه ابن أخيه عبد العزيز بن متعب بن رشيد وبوفاته خسر الاتراك حليفاً قوياً.

رأى الانكليز ان الوضع قد تغير وبالامكان اعادة الجولة بعودة بني سعود إلى الرياض وخاصة بعد تأهل عبد العزيز بن عبد الرحمن الذي أكمل تدريبه على يد مبارك والمستشارين الانكليز.

قام متعب بن رشيد بعد استلامه السلطة بالتحرش بالكويت فقام بالاتصال بالكويتيين الذين اختاروا المنفى في البصرة ثم زحف بجيشه على الكويت ثم اصطدم في الطريق مع عشائر المنتفك فاشتبك معهم ودمرهم ثم طاردهم حتّى السماوة الواقعة على نهر الفرات ثم عاد إلى حايل لقضاء فصل الصيف…

على أثر ذلك حشد مبارك قوات كبيرة من قبائل المنتفك وعشيرة الظافر والامراء السعوديين وانضمت اليهم قبائل العجمان ومطير وعندما علم ابن الرشيد بذلك اخذ مساره مسرعاً نحو الغرب… طلب عبد العزيز من والده ومبارك ان يسير بجيش ليجرب خطه في الرياض فدخلها من خلال خرائب أسوارها المهدمة إلاّ أنه لم يستطع ان يؤثر في الحصنين اللذين لجأت إليهما حامية ابن الرشيد لتقاوم الحصار… أما القوات الرئيسية فقد التقت مع ابن الرشيد في معركة حاسمة في ميدان (بريدة) بالقرب من بريدة وكانت النتيجة هزيمتهم أمام ابن الرشيد وتتبعهم بقسوة وعندما سمع عبد العزيز بهذه الهزيمة انسحب من الرياض.

في نهاية عام 1901 م استعد عبد العزيز مرة أخرى لاحتلال الرياض وتم تجهيزه من قبل مبارك مع اربعين من اصحابه واستطاع في 15 ك 2 عام 1902 م من الاستيلاء على الرياض وبعد ان استقر فيها استقدم والده وعائلته إلى الرياض وبدأ الصراع من جديد بين ابن الرشيد وعبد العزيز ابن سعود الذي استطاع وبدعم من الانكليز ان ينهك ابن الرشيد في معارك ضارية اضطرت ابن الرشيد ان يطلب من والي بغداد التركي معاونته.

وبالفعل تم رفده بكتائب نظامية من المدينة المنورة بقيادة صدقي باشا ومن بغداد بقيادة فيضي باشا … وبعد ان التقى الطرفان هزمت قوات ابن الرشيد واضطر الاتراك للتفاوض مع ابن سعود لانقاذ جنود الحملة التركية من ورطتهم في الصحراء. وفي عام 1906 م جرت معركة حاسمة بين ابن سعود وابن الرشيد قتل فيها ابن الرشيد وانهزمت قواته وانتهى ابن الرشيد كقوة تهدد بني سعود.

ب ـ الشريف حسين:

ولد الشريف حسين في الاستانة عام 1853 م ثم انتقل مع عائلته إلى مكة بعد اسناد منصب الشرافة إلى جده محمد بن عون سنة 1855 م .. وبعد انتقال الشرافة إلى عمه الشريف (عون الرفيق) توترت العلاقة بينهما وأخذ الشريف حسين يكيل التهم لعمه الذي كان ضعيفاً الامر الذي انعكس على الامارة مما أدى إلى استياء الناس في الوقت الذي استاء عمه من تصرفاته وخشي من تدخله في شؤون الولاية وشكى ذلك للسلطان عبد الحميد مما أدى إلى استدعاء الشريف حسين من قبل السلطات التركية ووضع تحت الاقامة الجبرية وبقي في الاستانة خمس عشرة سنة ومنح رتبة وزير وعين عضواً في مجلس الشورى.

وبعد وفاة الشريف عبد الإله تم تعيين الشريف حسين عام 1908 م شريفاً لمكة مثلما اعد عبد العزيز في معامل الكويت الانكليزية!! وتم افهامه دوره في عملية ترتيب الاوضاع في المنطقة كذلك تم اعداد الشريف حسين في الاستانة وقد اكتسب خلال فترة خمس عشرة سنة خبرة في السياسة والعلاقات وعرف مفردات السياسة التركية في المنطقة إلاّ أن الشريف حسين يختلف عن عبد العزيز في أنه كان يطمح بالاستقلال عن السلطة التركية وفي معنى آخر انّه كان متمرداً على السلطات التركية لا بل أن السلطان التركي كان يخشى منه من ان يهدد عرشه ويطمع في الخلافة لذلك فإن الانكليز لم يجدوا فيه ما يثير اهتمامهم على المدى البعيد في تنفيذ مخططهم للاستيلاء على الجزيرة وهم الذين يبحثون عن مواصفات خاصة للمؤهل لهذا الدور وفي طبيعة الامر ان هذه المواصفات غير متوفرة في الشريف حسين.

كان السبب المباشر في الخلاف بين الشريف حسين والسلطات التركية هو مد السكة الحديدية إلى مكة الذي كان يعارضها الشريف حسين لأنها ستؤدي في الحقيقة إلى تسهيل نقل الامكانات العسكرية التركية لاخضاعه في حين اعلن ان سبب رفضه ان القبائل ترتزق على نقل الحجاج واثقالهم بواسطة الجمال كما انهم يعملون كمطوفين اثناء موسم الحج فانشاء سكة الحديد سيحرمهم من ذلك.

ولدى زيارة الامير عبد الله إلى الاستانة لشرح وجهة نظر والده الشريف حسين حول مشروع السكة الحديدية تم اعلامه بشروط اتفاق مع والده لمباشرة العمل بالمشروع وهذه الشروط هي:

أـ يحصل الشريف حسين على ثلث دخل المشروع وهو حر التصرف به.

ب ـ تكون الامارة له ولأولاده من بعده مدى الحياة.

ج ـ وضع قوة كافية تحت إمرة الشريف لتنفيذ المشروع.

د ـ وأخيراً وضع ربع مليون جنيه تحت تصرف الشريف لانفاقها على العربان والبدو)[9].

رفض الشريف حسين هذه المقترحات وبقيت الأمور على حالها من التوتر. وعند مرور الامير عبد الله بالقاهرة في طريقه إلى الاستانة في شباط 1914 م اتصل بالمعتمد البريطاني في القاهرة العثمانية فاعتذر (كتشنر) بحجة العلاقة التقليدية بين بريطانيا والدولة العثمانية إلاّ ان (كتشنر) لم يهمل هذا التطور فاتصل بوزير خارجيته اللورد ( كراسي) وعرض عليه الامر، ثم ان الامير عبد الله حاول اقناع مساعد كتشنر (ونالد ستورس) لمطاليب والده واقترح نقطتين يمكن التعاون في ضوئهما بين الجانبين وهما:

(أولهما: قيام بريطانيا بالدفاع عن السواحل الحجازية ضد أي هجوم تركي حال اندلاع القتال مع والده، وان يقوموا بفتح طريق بورسودان للاتصالات والمخابرات.

ثانيهما: يعترف الحجاز مقابل ذلك بالمصالح البريطانية في المنطقة وتسهيل تجارتها وترجيحها على باقي الدول).

كان ستورس غير مخول باعطاء قرار حول ذلك لذا ابدى تحفظه اتجاه هذه النقطتين إلاّ ان الإدارة البريطانية رغم تحفظاتها على تخريب العلاقة مع الدولة العثمانية بسبب الظروف الموضوعية التي تحيط بالعالم فانها قبلت هذا الاستعداد لدى الشريف حسين إلاّ أنها اخفت تعاطفها مع هذا الاستعداد لديه.

وبعد أن ادرك الانكليز ان الدولة العثمانية قد أصبحت في موقف يشير إلى أنها ستدخل الحرب إلى جانب المانيا استثمرت رغبة الشريف حسين بالتقرب لها والدخول في حلف مع الادارة البريطانية لذلك أصدر كشتنر الذي أصبح وزيراً للحربية أوامره بالاستفسار عن موقف الحسين عند دخول الدولة العثمانية الحرب إلى جانب المانيا، وتم الاتصال في تشرين الأول عام 1914 م مع الامير عبد الله الذي أظهر رغبة والده في التعاون مع بريطانيا، وعلى أثر موافقة الشريف حسين ابلغته بريطانيا بتعهدها بتقديم الدعم للعرب ضد أي اعتداء خارجي وعدم التدخل في شؤون الحجاز الداخلية… وقد توجت الاتصالات البريطانية مع الشريف حسين في اتفاق (هنري مكماهون) المندوب السامي البريطاني في القاهرة والشريف حسين للمباشرة في العمل المشترك ضد الدولة العثمانية، وفي عام 10 حزيران عام 1916 اطلق الرصاصة الاولى للثورة ضد الدولة العثمانية من شرفة داره ايذانا بإعلانها.

كانت العلاقة بين الشريف حسين وبين عبد العزيز بن سعود تسودها عدم الثقة والتوتر وكانت الأسباب المباشرة هو النزاع الحدودي وكان أول احتكاك عسكري جرى بين الطرفين كان في عام 1910 م عندما حاول الشريف حسين بسط نفوذه على قبائل عتيبة القاطنة في الحدود المشتركة مع نجد ولم يجرِ اصطدام عسكري فقد تم تسوية الأمور.

وبعد ان أعلن الشريف حسين الثورة على الدولة العثمانية طمأن البريطانيون ابن سعود بعدم تأثير ذلك على دوره في المنطقة وابلغ (كوكس) عبد العزيز ابن سعود في 8 أيلول عام 1916 م بأنه (ما من تفاهم يجري بيننا وبين الشريف في الوقت الحاضر والمستقبل سيؤثر على تمسكنا بنصوص المادتين الاولى والثانية من معاهدة العقير)[10]

كما ان الشريف حسين من جانبه حاول تطمين ابن سعود واخذ بإرسال الاموال له اعتباراً من آب 1916 م وقام ابن سعود بارسال رسله للشريف حسين يعرض عليه المساهمة معه بالقتال بشرط ترسيم الحدود معه مما اغاض ذلك الشريف حسين ورد عليه باتهامه له بالجنون أو الثمالة. ونتيجة لهذه الاهانة التي تلقاها ابن سعود اتصل بالاتراك خلال الشهور الأولى للثورة اعقبها بالاتصال بالشريف علي حيدر ـ الذي اختارته الدولة العثمانية للتعاون ضد الشريف حسين إلاّ ان توجيهات بريطانيا بعدم القيام بأي إجراء ضد الشريف حسين أنه يعمل الان جانبهم أوقفت بن سعود عند حدوده واضطره ان يدافع في الكويت في خطاب القاه هناك في 20 تشرين الثاني 1916 م عن الشريف حسين وثورته.

ولكن رغم تطمينات الإدارة البريطانية لابن سعود إلاّ أنه كان يخشى مع مرور الوقت وانكشاف سياسة بريطانيا اتجاه الشريف حسين وتنصلها من العهود التي اعطتها للشريف حسين وانكشاف معاهدة سايكس ـ بيكو ورفضها اعلان الشريف حسين نفسه ملكاً على العرب ادرك ابن سعود ان دور الشريف حسين لا يتعدى تعبئة العرب ضد الدولة العثمانية لذلك ازدادت ثقته بالسياسة البريطانية فأخذ من جديد يثير المشاكل الحدودية وهذا الامر في الحقيقة يؤدي إلى إحراج بريطانيا لأنها لا تريد في هذا الوقت اعلان تخليها عن الشريف حسين لأنه لا يزال يمثل العرب في المجهود الحربي البريطاني ولا تزال قوى المعارضة للدولة العثمانية تلتف حوله لذا عمدت الادارة البريطانية في هذه الفترة إلى توجيه ابن سعود لتحقيق قدر من الود بينه وبين الشريف حسين وقام المكتب العربي ـ البريطاني بارسال (السير رونالد ستورس) إلى بغداد للتشاور مع السير (برسي كوكس) واجتمع معه ومع (المس بل) في مارس 1917 م واقترح عليه الاجتماع مع ابن سعود غير ان ستورس توفي اثناء سفره إلى الرياض من جهة أخرى ابلغ الشريف حسين المندوب السامي في القاهرة باعمال ابن سعود فاضطرت الادارة البريطانية إلى ارسال بعثتين من بغداد والقاهرة للاجتماع بابن سعود في تشرين الأول عام 1917 وكان فيلبي يرأس بعثة بغداد بينما ترأس (ستورس) بعثة القاهرة التي لم تستطع القدوم إلى الرياض في حين كان فيلبي في نهاية تشرين الثاني عام 1917 م يجتمع بابن سعود وافهمه بضرورة تجنب النزاع مع الشريف حسين للموقف الحالي للشريف ودعمه للجهود البريطانية في المنطقة.

وفي عام 1918 م وصل (فيلبي) بلاط ابن سعود لتبدأ مرحلة جديدة في دور ابن سعود فقد عمد (فيلبي) إلى تهدئة الأمور بين ابن سعود والشريف حسين في هذه المرحلة.

كان الشريف حسين الذي ابتعدت قواته عنه بسبب انشغالها في قتال القوات العثمانية في الشمال وحصار المدينة يبدي مخاوفه تجاه ابن عبد العزيز إلاّ أن الادارة البريطانية كانت تحاول تهدئته وتطلب من ابن سعود ضبط النفس لكن الأمور كانت تسير باتجاه معاكس لذلك فابن سعود كان الضغط الذي تمارسه عليه مؤسسته الدينية في توسيع نفوذها يجبره على تجاوز هذا الموقف العام الذي رسمته بريطانيا لذا بدأت دعوة مؤسسته الدينية تشتد على الحدود المشتركة وقد أقنع ابن سعود الشريف (خالد بن لؤي) أمير واحة خرمة باعتناق توجهه الديني مما أدى إلى اعتقاله من قبل الشريف حسين وبعد اطلاق سراحه صعّد من موقفه المناهض للشريف حسين واعلن تكفيره واستقلاله عنه فارسل الشريف حسين عتاباً إلى ابن سعود وأبلغ الشريف حسين المعتمد البريطاني في جدة في 13 مايس 1918 م بالاعتداءات واعلن عزمه على احتلال المنطقة وطلبه التأييد من بريطانيا.

قام الشريف حسين بارسال حملات في أوائل حزيران عام 1918 م غير ان حملاته التي بلغت ثلاثاً فشلت وهزمت من قبل (خالد بن لؤي).

ادت هذه الهزائم إلى ان تلتف عشائر المنطقة حول (خالد بن لؤي) في الوقت الذي كان ابن سعود يراقب الوضع دون التدخل حسب التوجيهات البريطانية التي كان يسيرها في بلاطه (فيلبي) في حين يسير الصفحة الثانية من الخطة البريطانية (لورنس) ومن الطبيعي ان هناك تناقضاً في ظاهر السياستين لم يفهمها عبد العزيز بن سعود فكتب في 25 تموز (لقد أصبحت الحكومة البريطانية وكأنها حكومتان الاولى حكومة مصر والتي تسير بكلمات الشريف وتؤمن به وتنفذ مطامعه وحكومة العراق التي كانت تستقبل اعدائه بذراعين مفتوحين وتمنعنا من معاقبتهم)[11].

حاولت الادارة البريطانية من جديد تهدئة الأمور بين الطرفين وصدر توجيه من وزير الخارجية (بلفور) إلى السير (ونجت) للتأكيد على الشريف حسين بضرورة ضبط النفس ولكن حسين لم تعجبه هذه السياسة لأنه ادرك ان الانكليز يقفون بجانب ابن سعود فوجه تحذيراً لأهالي (الخرمة) بعدم التواطئ مع (خالد بن لؤي) وأخذ يتهم ابن سعود بسبب امداده أهالي خرمة وهاجمه في منشور نشر في جريدة (القبلة) كما ان خالد بن لؤي واتباعه طلبوا المساعدة من ابن سعود وحاول قائد ابن سعود الضغط على الاخير للهجوم على الشريف حسين مما اضطر الادارة البريطانية إلى الدعوة لتهدئة الأمور والضغط من جديد على ابن سعود وتحذيره من التأثير في الموقف دون توجيهات الحكومة البريطانية.

وبعد ان انتهت الحرب العالمية الاولى وتوقيع الهدنة في 11 تشرين الثاني 1918 م كان لابد للحكومة البريطانية ان تعيد حساباتها تجاه المنطقة حيث أصبحت هي القوة المهيمنة في المنطقة ورغم انها في الحقيقة قد اجهضت آمال الشريف حسين في معاهدة سايكس ـ بيكو عام 1916م ومعرفتها ان الشريف حسين لا يمثل الا جزءاً محدوداً من السياسة البريطانية ، إلاّ أنها لا تريد ان تتصرف في هذه المرحلة عكس وعودها التي اعطتها للشريف حسين وهذا ما جعلها تقنع المؤتمرين في (فرساي) على حضور وفد الشريف حسين للمؤتمر الذي رأسه الامير فيصل والكولونيل (لورانس) كمستشار[12].

ولكن من جانب آخر اعلنت بريطانيا انها لا تريد ان تتدخل في صراع المنطقة فقد ابلغت الحكومة البريطانية معتمدها في جدة الكولونيل (ولسن) بأنها قررت (على ضوء التطورات الاخيرة…

أن لا تتدخل بعد اليوم في النزاع الحالي بين الملك حسين وعبد العزيز بن سعود)[13].

وكان هذا في الحقيقة اول مؤشر على بد تخلي بريطانيا عن الشريف حسين بعد سقوط المدينة شعر الشريف حسين بأن بريطانيا تريد تضييق القيد على رقبته فقام الامير عبد الله بمراسلة عبد العزيز بن سعود فطمأنه بأنه سيلتفت إلى تهدئة الأمور الداخلية وتأديب مثيري الفوضى قاصداً بذلك (خالد بن لؤي) واتباعه إلاّ أن الشريف حسين رأى ان ليس امامه إلاّ القتال فارسل ابنه الامير عبد الله نحو الحدود وانتهى عند منطقة (البديع) متخذاً منها مركزاً لحركة قواته في الوقت الذي تمركزت قوات ابن سعود بقيادة (سلطان بن بجاد) التي انضمت الى قوات (خالد بن لؤي) في منطقة تبعد 20 كم عن واحة تربة.

بعد ذلك قام الامير عبد الله باحتلال منطقة تربة الامر الذي دعا خالد بن لؤي للقيام بهجوم على قوات عبد الله واعادة تربة وهروب عبد الله.

طلب الشريف حسين من الحكومة البريطانية التدخل لحماية الحجاز فعقد على اثر ذلك اجتماع برآسة (كرزن) وكان ضمن الموجودين في الاجتماع (فيلبي) الذي اجتهد في تقليل خطر ابن سعود على الحجاز ففشلوا في الوصول إلى اتخاذ قرار حيال الموقف.

كان (كرزن) يخشى من اندفاع ابن سعود نحو الحجاز في هذا الوقت الامر الذي يهدد كل الجهود البريطانية في تهدئة الأمور في المنطقة قبل موعد الحسم لذلك استطاع ان يقنع الادارة البريطانية بوجوب ايقاف ابن سعود عند حدوده فتم توجيه الجنرال (اللنبي) في القاهرة في معالجة الموقف وايقاف المساعدات إلى ابن سعود. وقد صدر الامر إلى الكولونيل (ارنولد ولسن) في بغداد بقطع المنح المالية عن عبد العزيز لكن هذا الامر في الحقيقة لم ينفذ فقد تجاهل (ارنولد ولسن) هذا الامر يقول فيلبي: (ووضع التبليغ في جيبه ونسي كل شئ)[14].

في الواقع ان هذا التجاهل لم يكن تصرفاً شخصياً لـ (ارنولد ولسن) وانما كان مطابقاً للسياسة الواقعية للإدارة البريطانية الرامية للتخلي عن الشريف حسين ودعم ابن سعود ولذلك نجد ان الإدارة البريطانية قد تجاهلت كل استغاثات الشريف حسين لها واعلنت الحياد لمعرفتها بامكانية ابن سعود ووجود (فيلبي) معه في دحر الشريف حسين.. ومما زاد الطين بلة اعلان الشريف حسين في منتصف آذار 1924 م الخلافة والذي عارضته القوى الدولية والمحلية الامر الذي اتخذته الادارة البريطانية ذريعة للتخلي نهائياً عن الشريف حسين وصدرت الاوامر من (فيلبي) لقوات عبد العزيز بن سعود بالتوجه إلى الطائف في آب 1924 م وتمكنت من احتلالها بعد مجزرة رهيبة ثم توجهت إلى مكة ولم يجد تنازل الشريف حسين عن العرش لابنه علي من ايقاف تقدم قوات ابن سعود لاحتلال مكة والتي دخلتها في 16 تشرين الأول 1924 م وبدخولها انتهت الصفحة التكتيكية في خطة بريطانيا في المنطقة

ج ـ مشكلة الاخوان:

بعد فشل عبد الكريم المغربي في دعوته في مطلع القرن العشرين مع قبائل المنتفك في جنوب العراق اتجه إلى نجد وفي طريقه مر بالارطاوية فوجدها منطقة ملائمة لعمله فاستقر بها وبدأ عمله مع قبائل البدو واستطاع ان يغير طبيعتهم البدوية واقنعهم بالاستقرار والزراعة ففي عام 1914 م وردت مجموعات من قبائل (مطير) إلى الارطاوية للتزود بالماء واستطاع عبد الكريم المغربي التأثير عليهم بعدها انتقلت القبائل إلى الأرطاوية واستقرت بها وقام بفرض التدريب على القتال وفنونه على افراد القبائل… وقد توافقت طموحات أو قل دور عبد العزيز مع الاخوان: فالاخوان كانت لديهم رغبة في السيطرة على بقية القبائل في الجزيرة لفرض آرائها ومعتقداتها وعبد العزيز كان عليه حسب الدور المرسوم له هو تعبئة شعب الجزيرة تحت سيطرته وتنفيذ اهداف بريطانيا .. المشكلة التي بقيت معلقة بين الاخوان وعبد العزيز هي ان الاخوان يعتبرون التعامل مع الانكليز كفراً في حين ان عبد العزيز يعتبره عمله الرئيسي ومن أجل ذلك اختارت بريطانيا عائلته لتتسلط على المنطقة وبعد ان استطاع ابن سعود ان يضم الاخوان إلى جانبه عين (فيصل الدويش) شيخ قبيلة (مطير) أميراً على جيش الاخوان وتمكن من استغلال هذه القوات في تنفيذ مهماته.

أول اختلاف ظهر إلى السطح بين الاخوان وابن عبد العزيز كان عام 1918 م عندما احتل الشريف حسين (الخرمة) فطالب قادة الاخوان الذهاب إلى الخرمة للثأر من الشريف حسين في حين كان ابن سعود ينفذ السياسة البريطانية التي يمليها عليه (فيلبي) ولكن استطاع (فيلبي) وعبد العزيز ان يقنعوا الاخوان بضرورة الهجوم على ابن الرشيد.

اما الحدث المهم الذي يعتبر نقطة تحول في العلاقة بين ابن سعود والاخوان هو الاعتداء على الكويت في عام 1920 م فبعد وفاة مبارك جاء من بعده ابنه سالم الذي يكن الكراهية لابن سعود ولعل مرد ذلك الكره يعود لان ابن سعود استطاع ان يصبح رجل بريطانيا في المنطقة مما قطع اماني حكام الكويت في أخذ هذا الدور لذلك نجد ان (سالم الصباح) استقبل عدداً كبيراً من قبائل العجمان التي نزحت إلى الكويت مما اغاض ابن سعود والانكليز كما ان سالماً طلب معونة ابن الرشيد فقام الأخير بارسال مجموعة من الفرسان بقيادة الشيخ (ضاري بن طوالة) وهذا الأمر بحد ذاته يعتبر تهديد للمصالح البريطانية التي بدورها دفعت ابن سعود للتحرش بابن الصباح… ففي 1 حزيران 1920 م ارسل سالم قوة لمواجهة (فيصل الدويش) قائد الاخوان في مكان يسمى (حمض) استطاع ابن الدويش هزيمتها وقتل الكثير من الكويتيين الأمر الذي دعا ابن سعود بأن يتنصل من مسؤولية ذلك وادعى بأنه لم يأمر فيصل الدويش بذلك كما ان (مور) المعتمد البريطاني في الكويت رد على شكوى ابن الصباح رداً مائعاً ويطلب منه مسايرة ابن سعود.

وكعادة الانكليز في تأديب من يحاول ان يخرج على طاعتهم بتوجيه من ليس له طاقة عليه ثم يتدخلون بانقاذه لذلك وجه ابن سعود قوات الاخوان بقيادة (فيصل الدويش) إلى الكويت، وجرت معركة حاسمة بتاريخ 10/10/ 1920 م في منطقة الجهراء وقتل فيها الاخوان كل من يجدونه بحجة الكفر ولم يستطع سالم ان يصد هذه القوات فولى هارباً إلى قصره ونزل عند شروط الاخوان وطلب الحماية من الانكليز وعودته إلى بيت الطاعة.

قبلت بريطانيا طلب سالم بحمايته واتهم (مور) فيصل الدويش بأنه قاتل بدون صدور أوامر من عبد العزيز فرفض ابن الدويش وقادة الاخوان هذا المدعى في الاجتماع مع (مور) بأنهم قاتلوا بأمر عبد العزيز وبما ان عبد العزيز يأتمر بأمر بريطانيا فإن قتالهم للكويتيين جاء بأمر من بريطانيا …

بعد هذه الحادثة بدأ الاخوان يدركون أنهم كانوا ضحية مخطط بريطاني ينفذه عبد العزيز واصبح واضحاً لديهم ان عبد العزيز يريد ان يتخلص منهم بتعليق كل المجازر التي حدثت في المنطقة على رقابتهم، وكان هذا واضحاً عندما أعلن عبد العزيز أسفه لما حدث من مجازر في الطائف وادعى أنه لم يأمر بذلك.

بعد أن رجع الاخوان إلى الأرطاوية عقيب احتلال الحجاز اجتمعوا وأعلنوا استنكارهم لاعمال عبد العزيز بن سعود، لما سمع ابن سعود باجتماعهم رجع إلى نجد وعقد اجتماعاً للاخوان ولم يحضره (سلطان بن بجاد) الذي فقد ثقته تماماً بابن سعود، ثم قام ابن سعود باصدار فتوى من مؤسسته الدينية ترد على استنكار اعمال ابن سعود وتبرر اعماله الاجرامية.

في 28 اكتوبر قام (نايف بن مزيد) ابن عم الدويش بمهاجمة مخفر (بصية) الذي أقامه الانكليز في الاراضي المسيطر عليها ابن سعود مما دفع ابن سعود إلى اخبار المندوب السامي البريطاني في بغداد بتمرد ابن الدويش عليه، فقامت الطائرات البريطانية بضربهم وقضت على الكثير منهم وضربت القبائل التي انضمت إلى الدويش.

قام عبد العزيز بن سعود بعقد مؤتمر حضره (800) شخص وتخلف عنه قادة الاخوان وحاول في هذا المؤتمر ان يستعطف الاخوان عن طريق مسرحية تم اعدادها وهي اعلان رغبته بالإستقالة مما حدى بالحاضرين ان يعلنوا طاعتهم له ووقوفهم معه ضد الدويش الذي قام بحملة اعلامية ضد ابن سعود.

بعد ذلك حشد ابن سعود جيشاً قوامه (40000) رجلاً، ثم التقى بجيش ابن الدويش البالغ (4000) رجلاً في (السبلة) في 29/3/ 1929 م واستطاع ابن سعود هزيمة الاخوان وقتل منهم (3059) رجلاً وفر الباقي وعلى رأسهم (سلطان بن بجاد) وجرج في هذه المعركة فيصل الدويش وتم أسره، وبعد شفائه هرب ابن الدويش من الأرطاوية وقصد (الوفرة) القريبة من الكويت حيث يعسكر العجمان هناك وقاد الجموع من جديد ضد ابن سعود وشن عدة هجمات ضده .

أخذ ابن سعود يعد العدة لمواجهة ابن الدويش بعد ان قامت الطائرات البريطانية بشن حملاتها على القبائل التابعة إلى الدويش وقد منع الانكليز فيصل الدويش بعد ان طورد من الدخول إلى العراق مما اضطره إلى الهروب إلى الجهراء في الكويت، وطلب عبد العزيز من المندوب السامي في بغداد بمحاصرة جموع ابن الدويش وحصرهم في أماكن معينة ليتسنى له مهاجمتهم فقامت المصفحات البريطانية بمحاصرتهم على الحدود وقامت الطائرات بشن الهجمات عليهم مما اضطر فيصل الدويش إلى الاستسلام بالجهراء في 9 يناير 1930 م.

والملاحظ هنا أن عبد العزيز لم يكن له دور في استسلام بن الدويش وانما كان ذلك من قبل القوات البريطانية حتّى أنه لم يصطدم معه مباشرة في أية معركة.