عنوان الموضوع : إلى أب البنات من المجتمع
مقدم من طرف منتديات العندليب

عباد الله:
ها هو الزَّوْج، يعيش لحظاتٍ متوتِّرة، يذهب ويجيء، يقوم ويقعد، مضطرب الحال، متلهِّف الفؤاد، ينتظر خبرَ زوجته التي ضرَبها المخاض، ويتحيَّن عندها بُشرى تُزفُّ إليه، أو همسة عزاء تسعى إليه، وبينما هو على تلك الحال، يأتيه الخبرُ أنْ قُد رُزقتَ بنتًا، فعَبَس وبَسَر، تغيَّر وجهُه، وتقطَّب جبينُه، وعلا محيَّاه كآبةٌ سوداء، ولازم مخبرَه ركامٌ من الضِّيق والأسى.

أما لحظة تفكيره في تلك الحال، فهو أمامَ خيارين لا ثالثَ لهما، إمَّا أن يُمسكَها على هُون، أو يدسَّها في التراب، ألاَ ساء ما يحكمون.

ذلك - عبادَ الله - واقعٌ مظلِم مِن حال الجاهلية الأولى، التي كانتْ تتشاءم بالبِنت، وترى أنَّها عنوان العار، ورمْز التعيير، وكان من مأثور قولِهم لبعضهم بعضًا إذا رُزِق أحدُهم بِنتًا : آمنكم الله عارَها، وكفاكم مؤنتَها، وصاهرتم قبرَها!

بل بلغ مِن جهلهم وجهالتهم: أنَّ الرجل منهم كان يحلِف على زوجه أن يُفارقَها إذا وضعتْ له بنتًا، حتى قالتْ إحداهنَّ تشتكي حال زوجها:

مَا لِأَبِي حَمْزَةَ لاَ يَأْتِينَا
يَظَلُّ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَلِينَا
غَضْبَانَ أَلاَّ نَلِدَ الْبَنِينَا
تَاللَّهِ مَا ذَلِكَ فِي أَيْدِينَا
فَنَحْنُ كَالأَرْضِ لِزَارِعِينَا
نُنْبِتُ مَا قَدْ زَرَعُوهُ فِينَا


فجاء قانونُ الإسلام، وجاءتْ شريعةُ السماء، فرفعتْ تلك البنتَ من قُمقمِ الذُّل والمهانة، إلى قِمم العزِّ والكرامة، وجعل الإسلام للبنت من الفضائل والمِنح، ما تمتدُّ نحوَها الأعناق، وتهفو إليها القلوب والأشواق.

فيا عائلاً للبنات، أبشِر بحِجاب من النار، واستبشر بالجَنَّة دارِ أهل الأبرار، وابتهج بصُحْبة المصطفى النبي المختار.

روى البخاريُّ في "الأدب المفرد"، والإمام أحمد في "مسنده" , وهو حديث حسن عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن كان له ثلاثُ بنات، فصبر عليهنَّ، وكساهنَّ من جِدَته، كُنَّ له حجابًا من النار))، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن كان له ثلاث بنات يُؤويهُنَّ، ويَكْفِيهنَّ، ويَرحمُهنَّ، فقد وجبتْ له الجنة، فقال رجل مِن القوم: وثِنتين يا رسول الله؟ قال: وثنتين)).

وروى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن عالَ جاريتين حتى تبلغَا، جاء يوم القيامة أنا وهو - وضمَّ بين أصابعه)).

وروى الشيخان عن أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله تعالى عنها -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن ابتُلي مِن هذه البنات بشيءٍ فأَحْسن إليهنَّ، كُنَّ له سِترًا من النار)).

قال القرطبي - رحمه الله -: قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ((بشيءٍ من البنات)): يُفيد بعمومه، أنَّ السِّتْر من النار يحصل بالإحسان إلى واحدة مِن البنات.

إخوة الإيمان:
ولعِظَم مكانة البنت، ومنزلتها السامية، وبَرَكتها المتعدية؛ ذَكَرها المولى - عزَّ وجلَّ - في معرِض الامتنان على عباده، ونَعَتها بالهِبة؛ قال سبحانه: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴾ [الشورى: 49].

قال بعض السلف: البُنوة نِعمة، والبنات حسنات، والله يُحاسب على النِّعمة، ويُجازي على الحسنات.

أمَّا أكرم الخَلْق، وخير الرسل - صلَّى الله عليه وسلَّم - فما عاش له مِن الولَد إلا البنات، فكان - عليه الصلاة والسلام - أبًا لأربع بنات، أما حالُه مع بناته، وإكرامه لهنَّ، وعطفه عليهنَّ، فما ظنُّكم بقلْب كان يتدفَّق رحمةً ومحبَّةً لأصحابه، فكيف بنسْله وبنياته؟!

لقد حباهنَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن الرِّعاية أعظمَها، وكساهنَّ من العناية أكرمَها، فعِشْنَ بعدَ ذلك في بيت النبوَّة حيياتٍ هاديات، تائباتٍ عابداتٍ مهديات.

تروي لنا أمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - شيئًا من عَطْف النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحُسْن تعامله مع إحدى بنياته، فتقول: ما رأيتُ أحدًا كان أشبهَ سمتًا ودلاًّ وهديًا برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من فاطمة - رضي الله عنها - كان إذا دخلتْ عليه، قام إليها، فأخذ بيدها وقبَّلها، وأجْلسَها مجلسَه، وكان إذا دخل عليها قامتْ إليه، فأخذتْ بيده، فقبَّلتْه وأجلستْه في مجلسها.

زوَّج النبيُّ أكبرَ بناته زينبَ على أبي العاص بن الربيع، فلمَّا بُعِث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أسلمتْ بنتُه زينب، وبقي زوجُها على الشِّرْك، وكانت زينب - رضي الله عنها - تطمع في إسلام زوْجها، وتؤمِّل ذلك، وهاجر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى المدينة، وبقيتِ ابنتُه زينب مع أبي العاص في مكَّة، فلمَّا كانت غزوةُ بدر، أُسِر زوجُها أبو العاص مع من أُسِر، وكان الحُكم في الأسْرى بعد ذلك أن يُطلق سراحُ كلِّ مَن فداه أقاربُه وعشيرته، فرقَّتْ زينب لحال زوجها أبي العاص بن الربيع مأسورًا، فسعَتْ إلى إطلاقه مع مَن أُطلق مِن الأسرى، فأرسلتْ زينبُ مع عمرو بن الربيع أخي زوجها قلادةً لها، هذه القلادة يعرفها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويعرِف مُهديتَها وصاحبتَها، والمناسبة التي أُهديتْ فيها، إنها القلادة التي زفَّتْها أمُّ المؤمنين خديجةُ - رضي الله عنها - لبنتها زينب، في ليلة عرْسها، والتي احتفظتْ بها زينبُ، ولم تُفرِّطْ فيها؛ تذكارًا لهذه المناسبة التي لا تُنسى.

جاء عمرو بن الربيع، ونثَر قلادةَ زينب بنت محمَّد بيْن يدي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - لفكاك أسيرها، فلمَّا نظر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لهذه القلادة، تحرَّك في كوامنه حنانُ الأُبوة، ورقَّ لحال ابنته رِقَّة شديدة، حتى عرَف الصحابة هذا التأثُّرَ باديًا على وجهه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم الْتفتَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى أصحابه، فقال مشاورًا لهم: ((إنْ رأيتم أن تُطلقوا أسيرَها، وتردُّوا عليها الذي لها؛ يعني: قلادتها التي أرسلتْ بها))، وأمام هذا المشهد المؤثِّر، بادَرَ الصحابة إلى فكاك أبي العاص، وردُّوا إلى زينب متاعها.

عباد الله:
وللبنات على آبائهن حقٌّ معلوم، وواجبٌ محتوم، مَن فرَّط في حقها، فقد ظلم البنت، وخان الأمانة، وفرَّط في الأجْر الكبير الوارد في فضْل رِعاية البِنت والإحسان إليها.

إنَّ أول ما يجب على الأب تُجاهَ بنته - عباد الله - أن يُربيَها على الصلاح، ويغرسَ في قلبها بذرةَ التقوى، وينمِّي في شعورها مخافةَ الله ومراقبته، ويُغذي في وجدانها محبَّةَ الله ومحبَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والاستسلامَ لأوامرهما، مع تعليمها منذُ صغرها الواجبات الشرعيَّة، والآداب الإسلامية.

إخوة الإيمان:
الحياء سرُّ أنوثة البنت، وأصْل في فِطرتها، فاحرِصْ - أيها الأب المبارك - على تأصيل هذا الخُلُق الكريم في نفْس ابنتك؛ ليكون لِقَاحًا لها بعدَ ذلك من الوقوع في المهالِك، فإنْ مشتْ فعلى استحياء، وإن تكلَّمتْ فعلى حياء، وإن عَمِلت منعها الحياء عن مماسَّة مواطن الرِّجال، وصَدَق الحبيب - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الحياءُ كلُّه خير، والحياءُ لا يأتي إلا بخير)).

أيُّها الأب المبارك، خيانةٌ في حقِّ البنت، وغِشٌّ في تربيتها حينما تُسهِّل لها الفساد والانحراف، وتشرع أمامَها أبوابَ الشر، من خلال قنوات السُّوء، والمجلاَّت الخليعة، والقصص الغرامية، التي تُثير الشهوات، وتؤجِّج العواطف، وتقتُل الحياء، وتنخَر القِيَم، وتخادع العقول بالحبِّ البريء، والعلاقات الهادئة مع الجِنس الآخر، وغيرها مِن العبارات التي وَقَع في كماشتها بعضُ بنات المسلمين، اللاتي ما عِشنَ إلا في بيوت طاهرة، وأُسَر متعفِّفة.

أيها الأب المبارك:
اعلم وفَّقك الله أنَّ ملء فراغ البنت ضرورةٌ في هذا العصر، فاحرصْ على ملء وقتها بالنافع المفيد، مِن حِفظ القرآن وتلاوته، والقراءة النافعة، أو إشغالها بالأمور المباحة، والهدايات المناسبة لأنوثتها.

أيها الأب المبارك:
بنتك وفَلِذة كبدك أمانةٌ في عُنقك، وسعادتُها في الحياة، واستقرار عيْشها منوطٌ بحُسْن اختيارك لزوجها، فاحرصْ - رعاك الله - على ألاَّ تُسلمَ صفيتك إلا لِمَن ترضى دِينَه وخُلُقَه، وأمانتَه وسيرتَه، وفي الحديث يقول المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا أتاكم مَن ترضَوْن خُلُقَه ودِينَه، فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريض))؛ رواه ابن ماجه وغيره وصححه الحاكم.

ما أحسن - وأيمُ اللهِ - مَن تاجر بمهْر ابنته، وجعلها سِلعةً وقنطرةً له نحوَ الثراء.
وما أحسنَ إلى ابنته أيضًا مَن تركها خرَّاجة ولاَّجة، لا يَسأل عن ذَهابها ومجيئها.
ولا أحْسن أيضًا مَن تغافل عن حجاب ابنته، وتعامَى عن لباسها، وكأنَّ الأمر لا يعنيه، وكأنَّ الأمر لا يتعلَّق بعِفَّة وطهارة، وخلق وحياء ودين، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]، قال علي - رضي الله عنه -: علِّموهم وأدِّبوهم.

أيُّها الأب المبارك:
حذارِ من التفريق بيْن الذُّكور والإناث، أو تمييز بعضِ الإناث على بعض، فهذا جَوْر بيِّن، حذَّر منه المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله: ((اتَّقوا الله، واعْدلوا بين أولادكم))، وقال لِمَن طلب منه الشهادةَ على أُعطيةٍ خصَّ بها بعضَ ولده: ((أَشْهِدْ على هذا غيري))، وفي لفظ قال: ((لا تُشْهِدْني على جَوْر))، والجَوْر ظلمات على صاحبه يومَ القيامة، والجور مقرون في كتاب الله بالفواحش والشِّركِ بالله - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بهَدْي سيِّد المرسلين، وأستغفرُ الله العظيم.


الخطبة الثانية
الحمدُ لله على إحسانه، والشُّكْر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألاَّ إله إلا الله وحْدَه لا شريك له، تعظيمًا لشانِه، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى رِضوانه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فيا أيُّها الأب المبارك:
اعلمْ - وفَّقني الله وإياك لطاعته - أنَّ مِن حُسْن رعاية البنت وجميل تربيتها: الجلوسَ معها، والتبسمَ لها، والحديثَ إليها .

كنْ أيُّها الأب المبارك قريبًا من ابنتك، تسمع شكايتها، وتتلمَّس حاجاتِها، وتُنصِت لهمومها، وتنمِّي اهتماماتِها، مع غضِّ الطَّرْف عن عثراتها وزلاَّتها، حتى تشعرَ البنتُ بعدَ ذلك بالأمان القلْبي، والاستقرار النفسي مع والدها، وحتى لا تُحدِث فجوةً واسعة، وهُوَّة كبيرة بينك وبينها.

لتستمعْ منك ابنتُك أيها الأب المبارك عباراتِ الحنان، وكلماتِ العطف، ولُغة اللِّين، كن مستمعًا جيدًا لحديثها، لا تمنعها الكلام، ولا تُصادر منها حقَّ الحديث، تذكر أنَّك الأوَّل والأخير في حياتها، فلا تقتُل هذا القُرْب منك، والثِّقة العمياء بك، بالمشاعر الميِّتة، واللُّغة الصاخبة، والتعامُل الفج.

لقد جفَا آباء تُجاه بناتهم، فحَرَموهم المشاعرَ الحانية، والأحاسيسَ الدافئة، فكانتْ نتيجتها أن تلقَّفهنَّ ذئابٌ أوقعوا فريستَهم بمعسول الكلام، وجياشة العاطفة.

ثم لا تنسَ بعد ذلك أخي المبارك، أن تَرفعَ أكُفَّ الضَّراعة لمن رَزَقك هذه الهِبَة، أن يُصلحَها في دِينها ودنياها، وأن يسترَ عليها في دنياها وأُخْراها، فابتهال الأبوين ودعاؤهما لأولادهما من أسباب قَبول الدُّعاء، كما صحَّ بذلك الخبر عن سيِّد البشر - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهي صفةٌ لعباد الرحمن الصالحين، الذين يقولون: ربنا هبْ لنا من أزواجنا وذُرياتنا قُرَّةَ أعين واجعلنا للمتقين إمامًا.

ألا وصلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على الرحمة المهداة، والنِّعمة المسداة، محمَّد بن عبدالله، كما أمركم ربُّكم تعالى فقال - جلَّ في علاه -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

وفقك الله

والله يجزاك الجنه


ولاتحرمنا من طرحك المميز والمفيد

تقبل مروري واحترامي


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى الفضي
عباد الله:
ها هو الزَّوْج، يعيش لحظاتٍ متوتِّرة، يذهب ويجيء، يقوم ويقعد، مضطرب الحال، متلهِّف الفؤاد، ينتظر خبرَ زوجته التي ضرَبها المخاض، ويتحيَّن عندها بُشرى تُزفُّ إليه، أو همسة عزاء تسعى إليه، وبينما هو على تلك الحال، يأتيه الخبرُ أنْ قُد رُزقتَ بنتًا، فعَبَس وبَسَر، تغيَّر وجهُه، وتقطَّب جبينُه، وعلا محيَّاه كآبةٌ سوداء، ولازم مخبرَه ركامٌ من الضِّيق والأسى.

أما لحظة تفكيره في تلك الحال، فهو أمامَ خيارين لا ثالثَ لهما، إمَّا أن يُمسكَها على هُون، أو يدسَّها في التراب، ألاَ ساء ما يحكمون.

ذلك - عبادَ الله - واقعٌ مظلِم مِن حال الجاهلية الأولى، التي كانتْ تتشاءم بالبِنت، وترى أنَّها عنوان العار، ورمْز التعيير، وكان من مأثور قولِهم لبعضهم بعضًا إذا رُزِق أحدُهم بِنتًا : آمنكم الله عارَها، وكفاكم مؤنتَها، وصاهرتم قبرَها!

بل بلغ مِن جهلهم وجهالتهم: أنَّ الرجل منهم كان يحلِف على زوجه أن يُفارقَها إذا وضعتْ له بنتًا، حتى قالتْ إحداهنَّ تشتكي حال زوجها:

مَا لِأَبِي حَمْزَةَ لاَ يَأْتِينَا
يَظَلُّ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَلِينَا
غَضْبَانَ أَلاَّ نَلِدَ الْبَنِينَا
تَاللَّهِ مَا ذَلِكَ فِي أَيْدِينَا
فَنَحْنُ كَالأَرْضِ لِزَارِعِينَا
نُنْبِتُ مَا قَدْ زَرَعُوهُ فِينَا


فجاء قانونُ الإسلام، وجاءتْ شريعةُ السماء، فرفعتْ تلك البنتَ من قُمقمِ الذُّل والمهانة، إلى قِمم العزِّ والكرامة، وجعل الإسلام للبنت من الفضائل والمِنح، ما تمتدُّ نحوَها الأعناق، وتهفو إليها القلوب والأشواق.

فيا عائلاً للبنات، أبشِر بحِجاب من النار، واستبشر بالجَنَّة دارِ أهل الأبرار، وابتهج بصُحْبة المصطفى النبي المختار.

روى البخاريُّ في "الأدب المفرد"، والإمام أحمد في "مسنده" , وهو حديث حسن عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن كان له ثلاثُ بنات، فصبر عليهنَّ، وكساهنَّ من جِدَته، كُنَّ له حجابًا من النار))، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن كان له ثلاث بنات يُؤويهُنَّ، ويَكْفِيهنَّ، ويَرحمُهنَّ، فقد وجبتْ له الجنة، فقال رجل مِن القوم: وثِنتين يا رسول الله؟ قال: وثنتين)).

وروى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن عالَ جاريتين حتى تبلغَا، جاء يوم القيامة أنا وهو - وضمَّ بين أصابعه)).

وروى الشيخان عن أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله تعالى عنها -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((مَن ابتُلي مِن هذه البنات بشيءٍ فأَحْسن إليهنَّ، كُنَّ له سِترًا من النار)).

قال القرطبي - رحمه الله -: قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ((بشيءٍ من البنات)): يُفيد بعمومه، أنَّ السِّتْر من النار يحصل بالإحسان إلى واحدة مِن البنات.

إخوة الإيمان:
ولعِظَم مكانة البنت، ومنزلتها السامية، وبَرَكتها المتعدية؛ ذَكَرها المولى - عزَّ وجلَّ - في معرِض الامتنان على عباده، ونَعَتها بالهِبة؛ قال سبحانه: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴾ [الشورى: 49].

قال بعض السلف: البُنوة نِعمة، والبنات حسنات، والله يُحاسب على النِّعمة، ويُجازي على الحسنات.

أمَّا أكرم الخَلْق، وخير الرسل - صلَّى الله عليه وسلَّم - فما عاش له مِن الولَد إلا البنات، فكان - عليه الصلاة والسلام - أبًا لأربع بنات، أما حالُه مع بناته، وإكرامه لهنَّ، وعطفه عليهنَّ، فما ظنُّكم بقلْب كان يتدفَّق رحمةً ومحبَّةً لأصحابه، فكيف بنسْله وبنياته؟!

لقد حباهنَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن الرِّعاية أعظمَها، وكساهنَّ من العناية أكرمَها، فعِشْنَ بعدَ ذلك في بيت النبوَّة حيياتٍ هاديات، تائباتٍ عابداتٍ مهديات.

تروي لنا أمُّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - شيئًا من عَطْف النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وحُسْن تعامله مع إحدى بنياته، فتقول: ما رأيتُ أحدًا كان أشبهَ سمتًا ودلاًّ وهديًا برسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من فاطمة - رضي الله عنها - كان إذا دخلتْ عليه، قام إليها، فأخذ بيدها وقبَّلها، وأجْلسَها مجلسَه، وكان إذا دخل عليها قامتْ إليه، فأخذتْ بيده، فقبَّلتْه وأجلستْه في مجلسها.

زوَّج النبيُّ أكبرَ بناته زينبَ على أبي العاص بن الربيع، فلمَّا بُعِث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أسلمتْ بنتُه زينب، وبقي زوجُها على الشِّرْك، وكانت زينب - رضي الله عنها - تطمع في إسلام زوْجها، وتؤمِّل ذلك، وهاجر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى المدينة، وبقيتِ ابنتُه زينب مع أبي العاص في مكَّة، فلمَّا كانت غزوةُ بدر، أُسِر زوجُها أبو العاص مع من أُسِر، وكان الحُكم في الأسْرى بعد ذلك أن يُطلق سراحُ كلِّ مَن فداه أقاربُه وعشيرته، فرقَّتْ زينب لحال زوجها أبي العاص بن الربيع مأسورًا، فسعَتْ إلى إطلاقه مع مَن أُطلق مِن الأسرى، فأرسلتْ زينبُ مع عمرو بن الربيع أخي زوجها قلادةً لها، هذه القلادة يعرفها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ويعرِف مُهديتَها وصاحبتَها، والمناسبة التي أُهديتْ فيها، إنها القلادة التي زفَّتْها أمُّ المؤمنين خديجةُ - رضي الله عنها - لبنتها زينب، في ليلة عرْسها، والتي احتفظتْ بها زينبُ، ولم تُفرِّطْ فيها؛ تذكارًا لهذه المناسبة التي لا تُنسى.

جاء عمرو بن الربيع، ونثَر قلادةَ زينب بنت محمَّد بيْن يدي محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - لفكاك أسيرها، فلمَّا نظر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لهذه القلادة، تحرَّك في كوامنه حنانُ الأُبوة، ورقَّ لحال ابنته رِقَّة شديدة، حتى عرَف الصحابة هذا التأثُّرَ باديًا على وجهه - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم الْتفتَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى أصحابه، فقال مشاورًا لهم: ((إنْ رأيتم أن تُطلقوا أسيرَها، وتردُّوا عليها الذي لها؛ يعني: قلادتها التي أرسلتْ بها))، وأمام هذا المشهد المؤثِّر، بادَرَ الصحابة إلى فكاك أبي العاص، وردُّوا إلى زينب متاعها.

عباد الله:
وللبنات على آبائهن حقٌّ معلوم، وواجبٌ محتوم، مَن فرَّط في حقها، فقد ظلم البنت، وخان الأمانة، وفرَّط في الأجْر الكبير الوارد في فضْل رِعاية البِنت والإحسان إليها.

إنَّ أول ما يجب على الأب تُجاهَ بنته - عباد الله - أن يُربيَها على الصلاح، ويغرسَ في قلبها بذرةَ التقوى، وينمِّي في شعورها مخافةَ الله ومراقبته، ويُغذي في وجدانها محبَّةَ الله ومحبَّة رسوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والاستسلامَ لأوامرهما، مع تعليمها منذُ صغرها الواجبات الشرعيَّة، والآداب الإسلامية.

إخوة الإيمان:
الحياء سرُّ أنوثة البنت، وأصْل في فِطرتها، فاحرِصْ - أيها الأب المبارك - على تأصيل هذا الخُلُق الكريم في نفْس ابنتك؛ ليكون لِقَاحًا لها بعدَ ذلك من الوقوع في المهالِك، فإنْ مشتْ فعلى استحياء، وإن تكلَّمتْ فعلى حياء، وإن عَمِلت منعها الحياء عن مماسَّة مواطن الرِّجال، وصَدَق الحبيب - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الحياءُ كلُّه خير، والحياءُ لا يأتي إلا بخير)).

أيُّها الأب المبارك، خيانةٌ في حقِّ البنت، وغِشٌّ في تربيتها حينما تُسهِّل لها الفساد والانحراف، وتشرع أمامَها أبوابَ الشر، من خلال قنوات السُّوء، والمجلاَّت الخليعة، والقصص الغرامية، التي تُثير الشهوات، وتؤجِّج العواطف، وتقتُل الحياء، وتنخَر القِيَم، وتخادع العقول بالحبِّ البريء، والعلاقات الهادئة مع الجِنس الآخر، وغيرها مِن العبارات التي وَقَع في كماشتها بعضُ بنات المسلمين، اللاتي ما عِشنَ إلا في بيوت طاهرة، وأُسَر متعفِّفة.

أيها الأب المبارك:
اعلم وفَّقك الله أنَّ ملء فراغ البنت ضرورةٌ في هذا العصر، فاحرصْ على ملء وقتها بالنافع المفيد، مِن حِفظ القرآن وتلاوته، والقراءة النافعة، أو إشغالها بالأمور المباحة، والهدايات المناسبة لأنوثتها.

أيها الأب المبارك:
بنتك وفَلِذة كبدك أمانةٌ في عُنقك، وسعادتُها في الحياة، واستقرار عيْشها منوطٌ بحُسْن اختيارك لزوجها، فاحرصْ - رعاك الله - على ألاَّ تُسلمَ صفيتك إلا لِمَن ترضى دِينَه وخُلُقَه، وأمانتَه وسيرتَه، وفي الحديث يقول المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا أتاكم مَن ترضَوْن خُلُقَه ودِينَه، فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنةٌ في الأرض وفسادٌ عريض))؛ رواه ابن ماجه وغيره وصححه الحاكم.

ما أحسن - وأيمُ اللهِ - مَن تاجر بمهْر ابنته، وجعلها سِلعةً وقنطرةً له نحوَ الثراء.
وما أحسنَ إلى ابنته أيضًا مَن تركها خرَّاجة ولاَّجة، لا يَسأل عن ذَهابها ومجيئها.
ولا أحْسن أيضًا مَن تغافل عن حجاب ابنته، وتعامَى عن لباسها، وكأنَّ الأمر لا يعنيه، وكأنَّ الأمر لا يتعلَّق بعِفَّة وطهارة، وخلق وحياء ودين، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6]، قال علي - رضي الله عنه -: علِّموهم وأدِّبوهم.

أيُّها الأب المبارك:
حذارِ من التفريق بيْن الذُّكور والإناث، أو تمييز بعضِ الإناث على بعض، فهذا جَوْر بيِّن، حذَّر منه المصطفى - صلَّى الله عليه وسلَّم - بقوله: ((اتَّقوا الله، واعْدلوا بين أولادكم))، وقال لِمَن طلب منه الشهادةَ على أُعطيةٍ خصَّ بها بعضَ ولده: ((أَشْهِدْ على هذا غيري))، وفي لفظ قال: ((لا تُشْهِدْني على جَوْر))، والجَوْر ظلمات على صاحبه يومَ القيامة، والجور مقرون في كتاب الله بالفواحش والشِّركِ بالله - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 33].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بهَدْي سيِّد المرسلين، وأستغفرُ الله العظيم.


الخطبة الثانية
الحمدُ لله على إحسانه، والشُّكْر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد ألاَّ إله إلا الله وحْدَه لا شريك له، تعظيمًا لشانِه، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى رِضوانه، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد: فيا أيُّها الأب المبارك:
اعلمْ - وفَّقني الله وإياك لطاعته - أنَّ مِن حُسْن رعاية البنت وجميل تربيتها: الجلوسَ معها، والتبسمَ لها، والحديثَ إليها .

كنْ أيُّها الأب المبارك قريبًا من ابنتك، تسمع شكايتها، وتتلمَّس حاجاتِها، وتُنصِت لهمومها، وتنمِّي اهتماماتِها، مع غضِّ الطَّرْف عن عثراتها وزلاَّتها، حتى تشعرَ البنتُ بعدَ ذلك بالأمان القلْبي، والاستقرار النفسي مع والدها، وحتى لا تُحدِث فجوةً واسعة، وهُوَّة كبيرة بينك وبينها.

لتستمعْ منك ابنتُك أيها الأب المبارك عباراتِ الحنان، وكلماتِ العطف، ولُغة اللِّين، كن مستمعًا جيدًا لحديثها، لا تمنعها الكلام، ولا تُصادر منها حقَّ الحديث، تذكر أنَّك الأوَّل والأخير في حياتها، فلا تقتُل هذا القُرْب منك، والثِّقة العمياء بك، بالمشاعر الميِّتة، واللُّغة الصاخبة، والتعامُل الفج.

لقد جفَا آباء تُجاه بناتهم، فحَرَموهم المشاعرَ الحانية، والأحاسيسَ الدافئة، فكانتْ نتيجتها أن تلقَّفهنَّ ذئابٌ أوقعوا فريستَهم بمعسول الكلام، وجياشة العاطفة.

ثم لا تنسَ بعد ذلك أخي المبارك، أن تَرفعَ أكُفَّ الضَّراعة لمن رَزَقك هذه الهِبَة، أن يُصلحَها في دِينها ودنياها، وأن يسترَ عليها في دنياها وأُخْراها، فابتهال الأبوين ودعاؤهما لأولادهما من أسباب قَبول الدُّعاء، كما صحَّ بذلك الخبر عن سيِّد البشر - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهي صفةٌ لعباد الرحمن الصالحين، الذين يقولون: ربنا هبْ لنا من أزواجنا وذُرياتنا قُرَّةَ أعين واجعلنا للمتقين إمامًا.

ألا وصلُّوا وسلِّموا - رحمكم الله - على الرحمة المهداة، والنِّعمة المسداة، محمَّد بن عبدالله، كما أمركم ربُّكم تعالى فقال - جلَّ في علاه -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

بارك الله فيك يا مصطفى الفضي واقولها صراحة بانه موضوع رائع يستحق التشجيع فبوركت وسلمت يمينك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

دموع الفتيات هي رسالة للامهات

تاهت الفتاة في زحمة الحياة ، فقد أهملت المتساقطة دموعها ، و نسيت المتكررة صرخاتها ، و أغفلت المكبوتة أحزانها ، فتزاحم الهم صدرها في ، و كبر الألم في جسمها حتى مزقها ،

فذهبت المسكينة تبحث عن حضن يتفقد ألمها ، و صدر لهمومها يتسع ، و عقل يرشدها حيرتها في ، فشكت إلى من لا الشكاية يستحق ، فسقطت برمتها يوم أن أرادت أن لا تسقط دمعتها ، و تألمت دهرا يوم أن أرادت من يتحسس ألمها يوما ،
فلماذا هذا السقوط؟ و لماذا هذا الانحراف و الانجراف؟ إنه فقدان الحنان ، و التباعد بين الأمهات و الفتيات .

إن الأم بالنسبة لبنتها هي حديقة غناء ، تزهو بكل جميل الزهور من ، و ينتشر في أجوائها الورود عبق ، فكل من يعيش حولها بجمالها ينعم ، و يقطف مايناسبه زهورها من ، و بعبيرها يتلذذ ، و يمتع بصره منظرها بحسن ، فيوم أن اختارت الأم أن تستبدل ماخلقت له من أمومة فقدها كل من حولها ، و يوم أن انشغلت الأم بمشاغلها انفرط سير الحياة لكل من يتبعها ، و يوم إن نسيت الأم واجباتها توقفت عقارب الحياة لكل من ينظر إليها و يسترشد بها.

أخواتي الأمهات هذه نقاط و توجيهات لكيفية التعامل مع الفتيات ، و إن أردنا أن نعرف لماذا الفتيات فقط؟ فلأنهن أساس المستقبل ، و هن أسس الحياة الجميلة لحياة موعودة ، لذا تهدم الأمة يوم تهدم لبنة من لبنات الأسرة ، فكيف إذا كانت أهم لبنة؟


كيف نتعامل و نربي صغارنا في مرحلة الطفولة :

1.أول خطوات التربية تتم منذ أن يطرق الخطاب باب بيوتنا ، فاختيار الزوج المناسب الذي يتوافق مع مبادئ الزوجة هو بداية للتربية الصحيحة .

2.التربية هي بمعنى البناء ، و يجب أن تبدأ الأم بتربية صغيرتها قبل ولادتها ، و ذلك بالقراءة الدائمة عن كل ما يهم الفتاة .

3.العطف و الاهتمام بالطفل من قبل الأم هي صور يختزنها الصغير في صدره ، فتزيد من سعادته ، و تبني نفسه مع أمه في مستقبله ، فالنحرص أن نخزن في صدورهم أكبر قدر ممكن من الصور الجميلة .

4.ليست الأمومة هي تحقيق كل رغبات الأبناء ، بل هي دراسة بين العقل العاطفة و ، و خلط بين المصلحة الحاجة و ، و جمع بين اللين القسوة و ، فمنها يخرج قرار الأم الحكيم .

5.التوازن بين لطف الأم و حكمة الأب تقود الأبناء إلى السعادة .

6.الدلال الزائد ثم الحرمان المفاجئ بعد قدوم طفل آخر ينشئ في قلب الطفل الحزن ، و يعلمه على حب التملك و الاستحواذ كل الأشياء ، و يبني في نفسه بغض الآخرين و يجعله يعتقد أن هذا التغير هو كره. فالتكن خطواتنا باتزان ، و عواطفنا موزعة بشكل سليم .

7.قد يكون حرمان الأم من عطف الوالدين سابقا ، إما بقسوتهم أو بفقدهم مؤثرا على لأولاده تربيتها ، فتسعى بعد ذلك لتعويض أبنائها بعض الذي فاتها. أو يكون الخطأ بجهلها بطرق التربية أو اعتقاد أن طريقة والديها بالتربية صحيحة فتجري على الصغار ما كان لآباء و الأمهات ، فحري بنا أن نعلم أن حياتنا مهما بسلبياتها و إيجابياتها فلا نأخذها برمتها و نطبقها على أبنائنا ، فالنأخذ الجوانب المضيئة و نستفيد منها ، أما الجانب السلبي فاليكن عبرة لنا و عضه و نجنبه صغارنا .

8.الاعتماد في حضانة الأطفال على العاملات المنزلية يقطع أواصر الروابط بين الأم و صغيرها ، فالصغير يستمد أكثر العطف باللمس و الحضن و المقابلة و التلطف و حتى الحديث الذي يجهله فهو يأنس به و يعرفه. كيف نعالج هذا الوضع فمن الممكن أن يكون الاعتماد عليهن يجب أن يكون في التحضير أو في أمور ضيقة أو في أعمال البيت و التنظيف أما الأطفال الصغار فلا ، و إن اضطررنا لذلك فالنستعين بالجدات و القريبات حتى نعود من أعمالنا ، أما باقي الوقت فيجب أن يكونوا تحت أعيوننا .

9.الانشغال عن الأطفال الصغار بالوظيفة ، جعل وقت الأم الخاص قصيرا بطفلها ، فحرم الصغار الاهتمام ذلك ، فالنسعى أن نعوضهم عن هذا الفقدان البعد و ، و ذلك بالقرب منهم و بالبعد عن مؤثرات العمل أثناء العودة إليهم ، و النحرص على عدم نقل أعمالنا الوظيفية إلى البيت أو حتى الهموم العملية إلى عش السعادة .

10.عسر الحياة و معيشة المدينة الصعبة ، سبب انقضاء أوقات جليلة بقضاء حاجيات و أغراض و مستلزمات الحياة ، و كل ذلك تأخذه الأم من طفلها وقت ، و من تلمسها لحاجة أبنائها ، فجدير بنا أن نرتب أوقاتنا التي نخرج فيها لقضاء حاجياتنا ، فنختار الأوقات البعيدة عن الذروة و أن نوكل بعض الأعمال للقادر عليها من الأبناء الكبار أو الأزواج .

11.زيادة الأعمال المنزلية ، و البيوت فخامة ، و المنازل اتساع ، جعل أعمالها أصعب ، و الوقت الذي ينقضي في تنظيفها و صيانتها و ترتيبها أطول ، و كل هذا يستقطع من وقت التربية ، لذا يجب ان نعالج أمورنا و أن نختار الأثاث الذي يناسبنا ، و التخطيط الذي يخدمنا و ليس نخدمه .

12.المرأة لديها عواطف مخزنة ، و لديها عواطف متنوعة ، فهي تستطيع أن تمد أولادها بحسب حاجتهم و ظروفهم لما يحتاجونه من العطف و اللطف ، و كذلك لديها خبرة عاطفية تجعلها تميز بين ما يحتاج الصغير و الكبير ، و كل ابن على حسب طبيعته و طريقة تعامله ، و هي على قدرة بأن تمد زوجها بنوع آخر من الحنان لذا فالتختار المناسب لكل صنف ممن حولها .

13.تزخر المكاتب بالعديد من كتب التربية ، و لكن ليس كل مايعرض فهو لنا يصلح ، أو أن ما يصلح لفلان فهو لي صالح ، فالنقرأ تجارب الآخرين و نستنبط منها ما يناسب عائلاتنا و يجعلنا نعيش معهم بطريقة تناسبنا و تناسبهم .

14.الحياة تنظيم و عمل ، و لا يعني ذلك أنها تتم بخطوات مرقمة لا يمكن أن نحيد عنها أو نخرج من إطارها ، فمن الممكن أن نسمع أو نقرأ خطوات في التربية تعجبنا فليس علينا أن نعيشها و نطبقها في بيتنا ، فذلك يجعل التربية كأنها عمل مكينة مبرمجة كل خطوة تتبعها خطوة ، و هذا يجعل التفكير في التربية لوحده خطوة معقدة ، لكن لنحرص أن نأخذ الحياة و التربية ببساطة و بدون تعقيد أو كثرة تفكير فهي سهلة ممتعة ممتنعة .

15.الحذر من أن نعتقد أن سبب سعادة الآخرين هو بما نراه من تعامل ظاهر مع أطفالهم ، فهذا النجاح قد يخفي خلفه أعمال أخرى أعظم و أكبر ، فإن أعجبنا بتجربة نجاح في التربية فالنتقصاها ، فالنحرص أن نسأل عن جوانبها و سلبياتها و إيجابياتها .

16.أطفالنا ليسوا محل تجارب ، لذا فالتختاري ما يناسبهم و يتماشى مع قدراتهم .

17.لنربي في أنفسهم الثقة و نمدهم بالعوامل التي تمهد ذلك في أرواحهم ، فالندعهم يختارون ألعابهم بأنفسهم ، و أن يلبسوا ما يناسبهم ، و أن يصححوا أخطاءهم بمساعدتنا لهم و ليس بنهرهم عنها .

18.الطفل يتلقى من والديه التعاليم عبر نظره لطريقتهم معه ، فلا تعوديه إلا ما تريدين أن يعتاد عليه ، ألم تري أنه إن أعتاد النوم معك استمر على هذه العادة ، و إن حرمتيه ذلك أقض مضجعك و تغيرت نفسيته .

19.ليس ما تشتهيه أنفسهم من المأكل هو الذي يجب أن يجلب ، بل المفيد الذي يزيد من مقاومة الجسم و يغذيهم بالتغذية المفيدة هو المطلوب أن يقدم و يحبب فيه ، مع عدم حرمانهم بالكلية عما تشتهيه أنفسهم .

20.أمي أريد مثل لعبة صديقتي أو ملابس صديقتي ، طلب يتكرر ، و كيف لنا أن نخرج أطفالنا من هذه التبعية للأصدقاء؟ من الممكن أن يكون تعزيز الثقة لأطفالنا و باختياراتهم و رفع معنوياتهم بحسن ذوقهم يجعلهم يتبنون فكرا استقلاليا ، فلنا أن نضع لهم ألعاب أصدقائهم و اختياراتهم مع بعض و نشجعهم على اختيار اختياراتهم .

21.التنافس الأسري بين العائلات و الخلافات قد يكون له اثر سلبي على الأطفال ، فالنحرص أن تكون خلافاتنا مهما كانت بعيدة عن عيون و أسماع أطفالنا ، فهي ربما تؤثر على تقييم و فهم العلاقات العائلية على المدى البعيد .

22.لنهتم ببناء العقول و الأجسام ، و ذلك بتنمية الذهنية المهارات ، و زيادة الحركية التمارين ، فأبناؤنا يدخلون مرحلة الخطر بكثرة ملازمة الشاشات باختلافها .

كيف تتعامل الأم مع مرحلة التغير من الطفولة إلى النضج :

1.تغفل بعض الأمهات عن نقطة التحول الفسيولوجي لبناتهن ، و التغير بالمفاجئ في أجسامهن ، و بالتالي قد يجعل الفتاة تحس بخجل و انطواء و حزن على بداية هذه المرحلة ، و التحول من مرحلة الطفولة النضج إلى ، و جدير بالأم أن فتاتها تلاحظ ، و أن تزيد من تثقيفها ، و أن تقف معها في تحولها هذا ، و أن تسهل الأمر عليها .

2.قد تعيش الفتاة تطورات و تغيرات هذه المرحلة في وقت مبكر هو أقل من فهمها و سنها و قدراتها على التأقلم مع هذا الوضع الجديد ، فيجب على الأم أن تكون همزة وصل بين مرحلتي الانتقال ، و أن لا تعتبر هذه التغيرات هي انقضاء مرحلة الطفولة بشكل عام و أنها وصلت لمرحلة النضج و الفهم الكامل و الإدراك بجميع متطلباتها ، بل يستحسن بالأم أن تقترب من فتاتها برفق ، و توجهها بلين ، و تمشي معها مرحلتها هذه بصبر ، لأن الفتاة بين عيشة الطفولة التي لم تودعها بالكامل و بين التغيرات الحاصلة و نظرة من حولها لها .

3.التغيرات الجسمية قد تجعل الفتاة تعيش هموم عدة ، و ذلك مخافة ما يلحقها تبعات من ، و خشية مايسببها لها نظرات من ، فيستحسن بالأم أن تمهد لفتاتها من قبل بأنها سوف تعيش هذا التحول ، و أن هذا التحول ليس مرحلة كبت و عزلة ، بل هي مرحلة جميلة من المراحل ، و هي مرحلة الأنوثة الحقة .

4.عندما تقص الأم بعض القصص على فتاتها عن حياتها السابقة ، و كيف واجهت تلك التغيرات في سنين حياتها ، فذلك حري أن يجعل الصغيرة لديها تصور كامل لمرحلة التغير ، و كيف التصرف معها ف ، من المؤكد أنها عندما تمر بتلك المرحلة فسوف تصارح أمها بها و تخبرها بهذا التغير الذي طرأ عليها .

5.في هذه المرحلة ، قد تجد الأم أن فتاتها بدأت تتعلق بصورة قوية بصديقتها ، فتخاف الأم من خلفيات تلك الصداقة ، فعليها أن لا تشكك ابنتها بصديقتها أو بسوء اختيارها ، و لا أن تمنعها من مرافقتها ، و لكن عليها أن تغذيها من قبل بأنواع الأصدقاء و الفرق بين الصديق الصالح و صديق السوء .

6.إن لم تكن الأم بقادرة على أن تنزل لمنزلة الصديقة لأبنتها ، فعليها أن تختار أحد بناتها ، و تخبرها بأن تتقرب لصغيرتها ، و إن كانت لا يسبقها أي فتيات ، فعليها أن تختار لها الأنسب من خالاتها أو عماتها ، بحيث تكون بمحل مخزن أسرارها و بمكان المستمع لحديثها .

7.إن مرحلة ماقبل النوم هي مرحلة استرخاء تجعل المرء على سريره كأنه على كرسي الاعتراف ، فالتقترب الأم من أبنتها في هذه الحالة و التستلقي معها ، فتمسح على رأسها ، و تلعب بخصلات شعرها ، و التبدأ بقص القصص عليها ، أو أن تحدثها عن حياتها ، أو مواقف عمرها ، أو أيام طفولتها ، و إن رأت أن تقص عليها بعض القصص من مشاكلها التي ترى الأم أنها لا تؤثر على نفسيتها و استقرارها فذلك جميل ، و كل ذلك من أجل أن تحس الصغيرة بتقارب مع أمها ، و أنها بمنزلة ثقتها بها ، و أنها حديث روحها ، و محل سرها ، فذلك حري أن يجعل البنت تبدأ بسرد حياتها و مواقفها التي تمر بها .

8.لا نستعجل النتائج في أي عمل نقوم به ، نحتاج أن ندرس خطواتنا فترة كل ، و أعمالنا نمحص ، فالنصبر حتى تثمر البذرة التي زرعناها .

9.من واجبات الأم أن تعلم بنتها في هذه المرحلة أمور دينها التي تتوافق مع التغيرات التي حصلت لها ، و أن تفقهها و تبصرها بما تجهل من ذلك .

10.التعامل مع هذه المرحلة لا يعني أن تصطنع الأم طريقة جديدة في التعامل مع بنتها ، فهنا سوف تحس البنت أن هناك تغير جذري بين الشخصية التي عرفتها و بين الشخصية الجديدة التي بدأت تتعامل معها ، لكن يجب أن يكون التغير بشكل يناسب المرحلة ، و بدون أن تحس البنت ، و إن كان هناك عيوب في التعامل من قبل فهنا يجدر أن تغيرها الأم حتى لو لاحظت بنتها ذلك ، فإن ذلك سوف يسعدها .

وسائل و نقاط تقربنا لفتياتنا في مرحلة المراهقة و النضج :

1.هدية مخبأة وسط ملابسها ، أو ملابس جديدة موضوعة دولابها بداخل ، تلك الهدية لن تنساها .

2.طبع قبلة على خدها أثناء نومها ينشر بجسمها إحساسا بالسعادة ، و أعلمي إنها سوف تحس بها يوما من الأيام حتى و إن كانت مغمضة العينين .

3.لا تحرميها من أحضانك ، فبين كل فترة و فترة بقوة احضنيها ، عند سماع سعيد خبر ، أو قدمت لك شيئا جديد فأعيديها لمنبع سعادتها .

4.عالجي أخطاءها بالبحث عن المسببات لا بنقد الأفعال ، فعندما تجدين عليها أي تصرف يعجبك لا ، أبحثي عن مصدر الفعل هذا ، و من أين تلقته؟ ، و ماهي دوافعه؟ فقد يكون خلفه أمور أعظم تحتاج إلى إعادة بناء و تصحيح .

5.تقربي من صديقاتها ، و عنهن اسألي ، و حاولي أن معهن تجلسي ، و أن يأتين لبيت ابنتك. فذلك يبني بينكم جسور محبة و ثقة و ألفة .

6.اتفقي مع مدرستها ، أن تقدم لها جائزة مدفوعة من قبلك ، إذا تفوقت في أي عمل أو أي جهد مدرسي .

7.حافظي على زيارتها في مدرستها ، و قابليها أمام مدرساتها و مديرتها ، و أظهري مدى فخرك بها أمامهم و مدى تساعدها معك في بيتك ، ثم انفردي بأعضاء التدريس و اسأليهم عن كل مايخصها من سلوك و تجاوب و تعاون .

8.عالم الفتيات المدرسي مليء بأشياء كثيرة و عجيبة , فهناك التفاخر و التنافس و المظاهر , كيف تجعلين فتاتك تعيش وسط تلك الأجواء و لا تتأثر بالسيئ منها . هذا يتطلب أن تكوني مطلعة على مايحدث في الساحة من تلك المظاهر , فإذ لم تكوني مدرسة مطلعة , فيجب أن تسألي القريبات من المدرسات عن حال الطالبات , و ما الذي يجذب اهتمامهن ؟ و كيف يتأثر الأخريات ببعض من يروج لتلك المظاهر ؟ , و كيف الحلول التي يعمل بها في المدراس للخرج من تلك المآزق ؟ .

9. من الأشياء التي يجب أن تزرع في نفوس الفتيات , أن العالم من حولنا يعج بالحسن و السيئ , و أن الإنسان الموفق هو الذي يحافظ على دينه و عاداته و تقاليده بدون أن يكون عرضة لكل صيحة أو صرخة تؤثر عليه , و أن أكثر الناس فهماً لتلك الأشياء السيئة و الحسنة هم الذين عركتهم الحياة و لهم تجارب فيها , و أحرص الناس على مصالح أبنائهم هم آباؤهم , لذا فعندما تواجهنا بعض الشكوك أو الخيارات التي يصعب علينا أن نميز الحق و الباطل فيها , فيجب أن نعود إلى من هم عونٌ لنا بعد الله , و هم الوالدين و المقربين من الأخوات و ألأخوان و الصالحين .

10. تعريف الفتيات بالحلال و الحرام , و ثم زرع الرقابة الذاتية في نفوس الفتيات يحرك في نفوسهن الخوف من الله في كل وقت و في كل حين , فالأم قد تغفل , و الأب قد ينشغل , و الأخ قد يلهوا , و لكن يبقى السميع العليم البصير هو الرقيب على كل شيء الله سبحانه و تعالى .

11. إن كانت فتاتك تملك جهاز جوال , فرسالة حب ترسلينها لها تنعش قلبها , و تنير بصرها , و تشعرها بقدر المحبة التي تجمعك بها , فاجعليها مفاجأة بين كل فترة و فترة .

12. إن علمت أي نشيد تفضل فاجعلي نغمة الاتصال القادمة منها هي بنشيدها المفضلة .

13. غزو الروايات يحط رحالة بين الفتيات , فيغري الصغيرة بعيش المغامرة , و يشعر الغافلة بأن الجميع لهم نفس تلك الحكاية , و يحرك القلوب إلى اتجاهات عدة , و يلهيها عن أفضل شيء له معدة , لذا فيجب أن تصل يدك إلي قلبها قبل أن تصلها أيدي كتاب الروايات الماجنة أو الخيالية الغير محافظة , فادفعي إليها بقصص السيرة , و الروايات الإسلامية و العالمية العفيفة , و المجلات الدورية أو العلمية المفيدة .

14. أجعلي كل شيء تريدين إيصالها لها و أنت لا تعرفين مقدار الميول له أجعلي معه شيئاً تضمنين أنه تحبه , فمثلاً إذا كنت لا تعرفين مقدار حبها لأشرطة الأناشيد و متيقنة لحبها للهدايا من الساعات , فادفعي لها بهدية مكونة من ساعة و معها أشرطة , فتلك الهدية المحبوبة سوف تقرب إليها الأخرى التي لا تعلمين مدى حبها لها ...و هكذا .

15. الحياة ليست قائمة على الترفيه فقط , كيف نصل بهم لهذه القناعة و العالم من حولها يعج بطلبات الترفيه و يتفننون بذلك و باقتنائه , وجود المراكز التي تعتمد على التعليم بالترفيه قد فك أزمة , و أوجد بديل يمكن أن يستفاد منه , لذا رتبوا زيارة لمثل هذه المراكز .

16. دخول النت فتح للعلم , و انفتاح على العالم , و توسيع للمدارك و المعارف , و لكن كيف الرقابة على من هم في سن المراهقة , هذه مشكلة يعيشها الآباء و الأمهات , و مصدر المشكلة أن النت مليئة بالصالح و الطالح , فكيف لفتاة غضة الغصن تتفتح عينيها على هذا العالم , و كيف لعقلها الذي غادر قبل فترة قليلة مراحل الطفولة و يسقط في عالم غريب مثل هذا العالم , فهنا يجدر بالأمهات أن تشارك ابنتها عالمها النتي , و تعيش معها رغبتها و إن كانت لا تتماشى مع هواياتها , فتطلب منها أن تشترك لها باسم معرف لمنتداها , أو موقعها المفضل و تشارك بقوة و أن تتناقش مع صغيرتها بأمور موقعهما المحبب , و أن تعيش معها كعضوة فاعلة , فتشارك مع صغيرتها همومها المرحلية , و من الحلول كذلك أن يشارك البيت في خطوط النت التي تتفحص المواقع , و تحجب ما يخالف , و من أجمل مزودي الخدمة التي رأيتها تقدم حجب للمواقع السيئة هو : الشبكة الخضراء , حيث لا تسمح إلا بالمواقع التي تضمن أنها غير مخالفة .

17. اشتركي لصغيرتك بمجلة دورية تناسب عمرها في كافة المراحل , و أقرئي معها فصول تلك المجلة و تباحثي معها و شاركيها إعجابها .

18. كما تحب الفتيات زيارة الأسواق فلماذا لا نجعلهم يطلعون على المكتبات , و أن يتزودوا بأي كتاب يناسبهم و يوافقهم , و يجب أن نزور بهم المكتبات المحافظة و التي لا توقعنا بحرج عندما يختارون كتبهم , أو يريدون أن يكتشفوا كتاباً جديداً لا نعرفه أو يعرفونه .

19. اتفقي مع صغيرتك أن تقوم بدعوة العائلة كلها على وجبة عشاء في مطعم تختاره هي , و أن تقدمي لها المساعدة المالية التي تفي باحتياج هذه الدعوة . فهذا ينمي في قلبها حب الكرم و الألفة و اجتماع الأسرة .

20. تعليم الفتاة بالأوراد اليومية و الحفاظ عليها و على الواجبات اليومية , و تعريفها أن الحفاظ عليها هي بإذن الله وقاية لها بالدنيا و الآخرة من كل مكروه .

21. الحياة لا تخلوا من المنغصات , فعلينا أن نذكرهم عند الإصابة بمكروه أن يلجئوا إلى الله بالدعاء , و الإلحاح عليه في كل وقت , و يستعينوا بعده بأهلهم و أن يقدموا الصالحين من أصدقائهم و أقربائهم في الاستشارة و المصارحة .

22. إن هذه الدنيا دار زرع , فالواجبات الدينية مقدمة على كل شيء , و مع ذلك فيحسن بنا أن نجعلهم أكثر قرباً إلى الله , و ذلك بأداء النوافل و السنن كمثل : صيام الاثنين و الخميس , و ثلاث أيام من كل شهر , و يوم عرفة , و ستة من شوال , و قيام الليل في بعض الأيام , والسنن الرواتب , و سنة الضحى , و الصدقة على المحتاجين , و التقرب للناس بالكلام الجميل , و الحفاظ على قراءة حزب يومي من القرآن , و أفضل الوسائل لحثهم على ذلك أن تكون الأم هي القدوة لهن في أفعالها .

23. البشاشة , و الكلمة الطيبة , و القلب الصافي هما الجمال الحقيقي لأي إنسان , هي آداب و سلوك و فضائل , نغذيها بأن ننشرها بالتعامل بها , و أن نحسنها في نظرهم , و أن نوطنها أنفسهم .

24. الإعجاب بين الفتيات هي مرض عضال أصاب بعضاً منهن , فمن قبل أن تقع فتياتنا بالخطر فيحسن بنا أن نوجد التوازن العاطفي في قلوبهن , و ذلك بإمدادهن بالعطف اللازم , و أن نغرس في نفوسهن ميزان الحب و البغض , و نشعرهن أن القلب هو كأس فإن ملئ بحب الأشخاص فقد افرغناه من حب رب الناس , لذا فالنجعل حبنا ولاءً و كرهنا عداءً , و مقياسنا في ذلك بمقدار قربهم لله و بعدهم عنه .

25. في هذه الفترة قد تجد الفتاة نفسها أقرب إلى صديقاتها من أمها , و ذلك بحكم السن المتقارب فهنا يحسن بالأم أن تتقرب إليها و أن تكون بمنزلة صديقتها .

26. الفتاة في هذه المرحلة بحاجة لأشياء عدة , و من أهما إشباع رغباتها العاطفية و الوصول لقلبها بكل طريقها , فحدثيها برفق و لاطفيها بلين , و أطلقي عليها أسمى آيات الحب .

27. ضعي بين كتبها ورقة مكتوب فيها بعض عبارات الحب و الأمنيات بالتوفيق , و ذلك من أجل أن تجدها عند فتح دفاترها في مدرستها , و لتكتبيها بشكل واضح , و بخط جميل , و زخرفيها بزخارف مناسبة , و عطريها ليفوح منها شذاك .

28. شجعيها بين أخوتها بأعمال مميزة قامت بها , و ارفعي معنوياتها أمام أبيها , و أخبريهم بمدى فخرك بها .

29. لا تعتبري هذه المرحلة هي مرحلة تغير إيجابي بالنسبة لك فتحمليها بما لا تطيق من الأعمال المنزلية , و رعاية أخوتها , بل أجعلي ذلك بقدر طاقتها و مقدرتها و حدثيها أثناء ذلك أنك لا تستغنين عنها .

30. علميها أن تكون صريحة معك في كافة أمور حياتها , و أنك تحبين أن تستمعي إليها , و أنك بخبرتك و عمرك قد تستطيعين حل مشاكلها التي قد تقع فيها مع من حولها .

31. لا تفرقي بين فتياتك بل عامليهم بسواسية , و لكن كلاً بما يناسب عواطفه و رغباته , فالتفرقة تزرع الشحناء , و تسبب الكدر , و تجعل الأبناء كلهم بمحل شك و ريبة من بعضهم .

32. لا تميزي الذكور عن الإناث , فذلك ضرب من ضروب الجاهلية الأولى , و لكن أوصلي لهن المعلومة بأن الإناث يتميزن عنهم , برقتهن و المستقبل المبهج الذي سوف يصلنه عندما يكن أمهات المستقبل , و أنهن أساس كل عماد , و أمل كل فتى , و فخر كل أم .

33. أعطيها الضوء الخضر بأعمال الطبخ و التنسيق و الترتيب , و عندما تخطئ وجهيها بابتسامة , و أنك مررت بمثل هذه المواقف في حياتك السابقة .

34. عندما يتشاجر الأبناء لا تقفي مع أحد منهم , بل وضحي الخطأ كخطأ , و بين أثره السلبي عليهم , و أن المخطئ مهما كان المخطئ يجب أن يعتذر و قبل ذلك يحسن به أن يعترف بخطئه .

35. عند الخروج للأسواق أمديها بالمال الذي يجعلها تشتري ماترغب , و يتوافق من مزاجها , و لا تقيديها بماتريدين أنت و ترغبين , فلكل زمن أغراضه و احتياجاته و مستلزماته .

36. في أثناء التسوق شاوريها ببعض احتياجاتك , و خذي برأيها حتى لو لم يناسبك اختيارها , فزراعة الحب أهم من فقد الدنانير .

37. كوني قدوة لها في الأسواق بلبسك و حشمتك , و بتعاملك مع الباعة بدون خضوع بالقول , أو خروج بزينة , أو سؤال بلا حاجة .

38. عندما تخطئ ابنتك عليك , لا تعذريها بخطئها عليك بداً , بل أبدي لها غضبك , و أنك لا ترضين بهذا الفعل , و أن ذلك مما يغضب رب العالمين .

39. ضعي بجانب سريرها زهرة ندية تجدها بعد أن تقوم من نومها فتستبشر برؤيتها الصغيرة .

40. دعيها تختار لوازم غرفتها بنفسها , لا تقيديها بنمط , أو قيد , أو طريقة , دعيها تبدع , و تفجر طاقاتها , و ترسم مزاجها .

41. أحضري لها وسائل لتمنية هواياتها , و ما يزيدها من البروز في مجالها .

42. تنظيم حفلة مكتملة بمناسبة نجاحها , أو أي مناسبة سعيدة لها , و يتم فيها دعوة صديقتها , ففي ذلك فرح لها و تقارب مع صديقاتها .

43. ضعي اسمها بالجوال باسم جميل تحبه و تعشقه .

44. إياك و نظرات الشك , و أيضاً إياك و الثقة بالشيطان , و التوازن مطلب في كل إنسان .

45. علميهم أن لا أسرار بين العائلة , دعيها تفتح مخزن الصور في جوالك و اللقطات المخزنة فيه , دعيها تعلم أن الإنسان يجب أن يكون واضحاً كالشمس , راسليها ببعض اللقطات و دعيها تراسلك بمثلها , لتعلم أن العائلة الواحدة هي بقلب واحد .

46. هناك خصوصيات لا تحب الفتيات أن يتدخل أحد بها , و لا أن تفرض عليها غيرها , لا مانع في ذلك بل يجب احترامها إذا كانت متوافقة مع الشرع , أما إذا كانت تخالف فتبيين الحق بأسلوب جميل , و تنبيه الغافلة بطريقة لينة هو المطلب .

47. تهيئة الفتاة للحياة الزوجية مطلب مهم , و دور الأم في ذلك عظيم , لذا تثقيفها بكل الجوانب , و باسلوب رقيق يجعلها متهيئة لحياتها الجديدة .

48. لا تكثري المزاح بسب الرجال في حضرتها , و ذلك ببعض ما يتندر به أثناء جلسات النساء , فذلك يجعلها تكره الحياة الزوجية , أو تعتقد أن المزاح في هذا الأمر جد .

49. الثناء على لبسها , و زينتها , و أسلوبها في حديثها , و أدبها مع غيرها , يزيد من ثقتها بنفسها , و يجعلها تستزيد من تلك الصفات الحميدة .

50. ذم الكبر , و الرفعة عن الناس , و البذخ بغير حاجة , و الإسراف , و فسوق الحديث الماجن , و الخلق السيئ يكره الفتاة بتلك الصفات و يجعلها بحذر عنها .

51. آداب الحوار , و الإنصات للفتاة هي فن تكتسبه الفتاة من أسرتها , فالنجعل هذا التعامل الراقي هو أساس من أسس الحياة في بيوتنا .

52. مخاطبة الزوج برقة , و احترام أمام الأبناء , هو نموذج يعلق في ذهن كل فتاة , و درس يعطى بدون عناء .

53. تبين فضل الأب و مكانته في قلب الأم , يجعل الفتاة تعيش باستقرار و هناء .

54. إبداء العذر لكثرة غيبة الأب عن البيت , أو بعده عن فتياته و ذلك للسعي في مصالحهم , أو أنه ماضي في سبيل تحقيق مأمن لهم , لهو عمل يقلل في قلب الفتاة تحسس ذلك الفراغ الذي يتركه بعض الآباء في بيوتهم .

55. الاتفاق مع الزوج على توزيع المسؤوليات , و المهام , و الأدوار , و تقسيم الصلاحيات , يجعل البيت و العائلة في استقرار و أمان .

56. رسم ابتسامة أمام الأبناء في أي ظرف من ظروف الحياة يلبس الأبناء بنوع من الاستقرار المريح .

57. المشاكل الزوجية هي نزعة شيطانية , إن طالتنا فالنستعيذ بالله منه , و إن أخذت من استقرارنا نحن الأزواج فلا نظهرها بأي شكل من الأشكال أمام الأبناء .

58. في الحدائق و التمشيات لا تسبقيها , بل أمشي معها و جاوريها , فهناك القلوب تتفتح , و النفوس تصفوا , فجميل أن تقترب الأجسام لتتعانق القلوب و الأرواح لتتصارح .

59. في الرحلات كوني أنت الساهرة على راحتهم , و أجعلي برنامج السفر من أجلهم , و عيش أيامك سعيدة معهم , زورا الأماكن التي يحبون و في الأوقات التي يريدون.

60. لا تكن علاقتك بفتاتك هي علاقة رسمية , بل أكسري كل الحواجز , ضحكة , ابتسامة , قفشة , مقلب , و أكثر من ذلك , فالأمومة هل كل شيء جميل .

61. مراعاة حالتها الصحية في مرضها , و رعايتها و تقديمها على العمل و الوظيفة و الوقوف بجانبها , هو أمر يشعرها بالاطمئنان , و يخفف عنها الألم . فلا تتركيها في مرضها و ارعيها حق الرعاية .

62. عند خوفها احضنيها , في فرحها قبليها , في مصيبتها واسيها , في كدرها سليها , في همها فرجي عنها , في كل حال كوني أنت القمر المضيء في حياتها .

63. عندما تتزين الأم لزوجها , و ترتب بيتها , و تتبادل كلمات الوفاء مع شريك عمرها , فإن كل تلك الأشياء هي رسائل غير مباشرة للفتاة بكيفية الحياة السعيدة مع الزوج .

64. عند مرضها أرقيها بالرقية الشرعية , و حافظي على أن تتناول علاجها بوقته المطلوب .

65. في حال مرضها اتصلي عليها كل حين و أطمئن عليها , و حدثيها بمقدار الحزن الذي أصاب العائلة بمصابها .

66. في حال سفرها راسليها , و كلميها , و أمديها بمشاعر الدفء التي تجعلها تعلم بمدى الحب الذي تنعم فيه .

67. للفتيات مواهب مختلفة فعاملي كل فتاة بحسب مواهبها .

68. في أعمالك الخاصة اجعليها مستشارة , و في شغلك الوظيفي حدثيه ببعض همومك لتشعر و بأنها أكثر من بنت بل هي بمكان الصديقة .

69. إذا أردت فتاتك أن تتكلم و تحدثك بما في نفسها , فهناك خطوات مهمة لتقول كل مافي صدرها : كوني مستمعة جيدة , تفاعلي معها بنظراتك و بجميع حواسك , لا تقاطعيها حتى تنهي حديثها , و وافقيها على كلامها ثم أبدي لها رأيك بأسلوب رقيق لطيف .

70. من أبتلي ببعض القنوات , فاليعلم أن البنات أمانة , و أن قلوبهن رقيقة , و أنهن يتأثرن بالمعروض أكثر من غيرهن , اختاري مايناسب التعاليم و القيم , و أبعدي عنهن كل سيء يهدم , فهن أمانة و كلاً مسؤول عن أمانته .

71. أعلمي أن تفريج هموم الناس هو بإذن الله تعالى سبب لتفريج همك , قفي مع الناس بهمومهم و أعملي من أجلهم , ليعملوا بإذن الله تعالى من أجلك و يقفوا معك في محنك .

72. من بر بوالديه بره أبناؤه , فكوني بارة بوالديك مقدرة لهم , فسوف تجدين أثر ذلك من أبنائك .

73. الدعاء الدعاء الدعاء هو سبب كل نجاة , و هو الطريق إلى الصلاح , و هو الفوز من كل كربة , و سبيل كل خير




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

بارك الله فيك وجزاك خيرا....................

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

صحيت بارك الله فيك