عنوان الموضوع : تائهة – أريدأم لا أريد ؟! مشكلتي
مقدم من طرف منتديات العندليب

المشكلة ليست مشكلتي إنها استشارة نفسية ومعها الجواب
وضعت للفائدة فقط ولمن يبحث عن حل لمشكلة من هذا النوع

السؤال
أعاني من الوَحدة، وأُريد أبناءً يَملؤون عليّ حياتي، ولكني لا أقبل أيَّ شخص؛ أملاً في أن يأتي الأفضل.
أستغفر كثيرًا بنيَّة الزواج، ولكن لا أجد فائدة، فلا يتحقَّق مرادي، وأُصاب باليأس، هل أقبل أيَّ واحدٍ مَهْمَا كان؛ كيلا أعيش وحيدة؟
لماذا لا أجد ثمرة الاستغفار؟! لماذا لا يتقدَّم لي مَن أحلُم به؟ هل الاستغفار وتحقيق الأحلام كذبة؟! كم من فتاة أخبَرتني أنه تحقَّق حُلمها بعد الاستغفار! هل هنَّ كاذبات؟! هل أُضيِّع الوقت بتصديقهنَّ؟!
أحبُّ الأطفال، ولا أُريد الوَحدة، ولا أُريد أن أختارَ لهم أبًا سيِّئًا، هل أنا أحلُم؟ وهل لا بدَّ من الاستكانة للواقع؟!
أقول أحيانًا: لدَي وظيفة، وأُريد تَرْكَها بمجرَّد زواجي وإنجابي أطفالاً، وأحيانًا أخرى أقول: لا داعي للأطفال، لماذا أُنجب أطفالاً يعانون مشكلات الحياة؟ وما هو مصيرهم: جنة أم نار؟
بداخلي الكثير من الصراعات، فأَشعر أحيانًا برغبة قويَّة، كأنَّ شخصًا ما يَدفعني للانتحار، وأحيانًا أخرى أخاف من الموت، وأحيانًا أقول: إني في النار، وأصبَحت أُسيء الظنَّ بالله، وأصبَحت أُفكِّر: لو أنَّ الاختلاط كان في عقيدتنا، لَما كان هذا هو الحال، وأحيانًا أخرى أقول: إني سأفشل مثل فشلي السابق، فأنا مُطلَّقة، وأحيانًا أخرى يَنتابني خوف شديد جدًّا، ومُؤلِم جدًّا من لا شيء، فيظلُّ قلبي يدقُّ ويدق بسرعة دون توقُّفٍ، وأظلُّ مُعطَّلة لا أستطيع أن أنامَ من الخوف، وإذا نِمتُ لا أريد أن أستيقِظَ.
أهْمَلت عملي ونفسي وصلاتي، ولا أستطيع أن أفعلَ أيَّ شيءٍ، كأني مشلولة ومُعَطَّلة، أُريد فقط أن تَقِفَ دقَّات قلبي عن هذه السرعة، فهذا مؤلِمٌ، وأظلُّ على هذه الحال أسبوعين؛ لا أنام، لا أصحو، لا أستطيع الصلاة، لا آكُل، لا أتكلَّم، لا أُفَكِّر، أمور غريبة، واللهِ هذا حقيقة.
ولا أستطيع أن أُخبر أحدًا، فلا أُريد أن أكون مجنونة، تَعِبت من نفسي، ما الذي أُريده أنا؟
أريد أبناءً أم لا أريد؟ أريد أن أتزوَّج أم لا أريد؟ أُريد وظيفتي أم لا أريد؟!



الإجابة
الله المستعان!
تَتنازعكِ عدَّة رغبات غريزيَّة، وتَتقاذَفكِ مجموعة من الصراعات الداخليَّة، وتَنتابكِ بعض الاضطرابات النفسيَّة، فتتأَرْجَحين بين الحزن والخوف، وتتخبَّطين بين اليأس والأمل، ولكن هل لذلك من نتيجة؟
لن يتغيَّر الوضع، ولن يتحسَّن الحال بتشتيت أنفسنا، وتفريق فكرنا، وتبديد طاقاتنا بين العيش في الأحلام والاصطدام بالواقع، فما الواجب عليكِ إذًا؟

دَعينا نُلخِّص مُعاناتكِ، ونُرَتِّبها على قدر الاستطاعة:
- الرغبة الفطرية في الزواج والحُلم بالأمومة.
- صفات الخاطب بعيدة عن الواقع.
- هل الاستغفار لجَلْب الرزق كذبٌ؟
- الخوف على الأطفال والرغبة عنهم.
- دافع الانتحار مع الخوف من الموت.
- مقارنة مجتمعنا الإسلامي بالغربي.
- الخوف من تَكرار الفشل.
- الشعور بالاكتئاب والتحيُّر.
1- لا أعلم فتاة سويَّة لا ترغب في الزواج، ولا تَحلم بالأمومة؛ وما أجمل منظر الفتاة دون الرابعة من العُمر، تحنو على دُميتها، وتضمُّها، وتَعتني بها، وتُغنِّي لها، وتروي لها القصص، وكأنها تعلَّمت كيف تكون أُمًّا، وكيف تُظهر عاطفتها ومشاعرَها.
هذه فِطرة وطبيعة كلِّ امرأة يا عزيزتي، فلستِ بِدْعًا من النساء، ولست الوحيدة في عالمكِ، وعليكِ تقبُّل هذه المشاعر واستغلالها، وإشباعها مع أطفال العائلة، والتودُّد إليهم، وإغداقهم بعطفكِ وحنانكِ ومشاعركِ الطيِّبة، ولستُ أعني أن تستغني بهم عن إنجاب الأطفال، أو أنَّ ذلك يَكفيكِ، لكنَّ تنمية العاطفة وإثراءَها، وحُسن توجيهها - من خير ما يُعين على تجنُّب الإصابة بالإحباط الناتج عن الحِرمان.


2- لَم تَذكري صفات الخاطب التي تَحلمين بها، ولا أستطيع أن أُوَجِّهكِ، أو أُناقش بُعدَها أو قُربَها من الواقع، لكنَّ الزواج كغيره من الأرزاق، قد تَشترط الفتاة شروطًا بعيدة كل البُعد عن الواقع وتحصل عليها، دون أن تكون على درجة من الخُلق والجمال، وقد تبقى الجميلة صاحبة الدين والخُلق والصفات الطيِّبة بلا زواجٍ لعُمر طويل، والأرزاق بيد الرزاق وحده، لا حِيلة لعبد فيه ولا تصرُّف.
وبوجه عام، أنصح كلَّ مَن تجاوَزت الخامسة والثلاثين بتقديم بعض التنازلات في غير الدِّين؛ حيث لا يَقبل الدِّين التنازلَ، وتكون هذه التنازلات في عمر الخاطب مثلاً، وحالته الاجتماعية والمادية والخِلقية، وغيرها مما لا يؤثِّر دينيًّا أو خُلقيًّا عليه.
كما أنْصَحكِ وكلَّ فتاة - كبيرة كانت أو صغيرة - بالتعامل مع مَن حولكِ، وتجنُّب التقوقع واعتزال الناس؛ فالأخذ بالأسباب مطلبٌ شرعي، وكما قال عمر - رضي الله عنه - عندما تجنَّب دخول الشام وبها الطاعون: "نَفِرُّ من قدر الله إلى قدر الله"، فهذا من الأخذ بالأسباب ومن الإيجابيَّة التي يَجدر بكلِّ مسلمة تَحلُم بالزوج الصالح أن تتَّسمَ بها، فعليكِ بتلبية الدعوات، وزيارة القريبات والصديقات، والتجمُّل أمام النساء بما أباحَ الله لكِ، وبما لا يخالف شرعَ الله، وكم من امرأة في مثل عُمركِ أو تزيد، أكرَمها الله بزوج طيِّب الخُلق، حميد الصفات، ولن أخدعَكِ إن أَخْبرتكِ أنَّي تَلَقَّيت نبأَ زواج إحدى صديقاتي في الثامنة والثلاثين قبل شهرين، بعد أن طُلِّقتْ مرتين، وأكرَمها الله برجل صالحٍ على درجة عالية من الخُلق والدين، فلا تَفتحي على نفسكِ بابَ اليأس، ولا تَزيديها عذابًا فوق العذاب، وانظري إلى غَدكِ برُوح الأمل وحُسن الظن بالله؛ فقد ورَد في الحديث القدسي: ((أنا عند ظنِّ عبدي بي))؛ متفق عليه.

3- تَستغفرين وتستغفرين، ولا رزق يلوح في الأُفق، وتُخبركِ صويحباتكِ أنهنَّ يَستغفرْنَ ويأتيهنَّ الرزق على الفور!
لا أُخفي عليكِ أنِّي دُهِشْت أمام هذه العبارات، وتَحيَّرت: من أين أبدَأ حديثي؟ فوجَدت كلامًا بديعًا رائقًا لابن الجوزي - رحمه الله - وَدِدتُ لو تُشاركينني قراءَته: "رأيتُ من البلاء أن المؤمن يدعو فلا يُجاب، فيُكَرِّر الدعاء وتطول المدة، ولا يرى أثرًا للإجابة، فينبغي له أن يعلمَ أنَّ هذا من البلاء الذي يحتاج إلى الصبر، وما يعرض للنفس من الوسواس في تأخير الجواب، مرضٌ يحتاج إلى طبٍّ، ولقد عرَض لي من هذا الجنس، فإنه نزَلت بي نازلة، فدَعوت فلم أرَ الإجابة، فأخَذ إبليس يجول في حَلبات كيده، ويقول: الكرم واسع، والبخل معدوم، فما فائدة التأخير؟!
فقلت له: اخْسَأ يا لعين، فما أحتاج إلى تقاضٍ، ولا أرضاك وكيلاً!
ثم عُدت إلى نفسي، فقلت: إيَّاك ومساكنةَ وَسوسته، فإنه لو لَم يكن في تأخير الإجابة إلاَّ أن يَبلوَك المُقَدِّر في محاربة العدوِّ، لكفى في الحِكمة.
قالت (يعني نفسه): فسَلني عن تأخير الإجابة في مثل هذه النازلة!!
فقلتُ: قد ثبَت بالبرهان أنَّ الله - عز وجل - مالك، وللمالك التصرُّف بالمنع والعطاء، فلا وجه للاعتراض عليه".
يا لها من حِكمة! ويا له من فكر ثاقبٍ، وعقل راجح!

لو منَعنا أحدُهم وأعطى غيرَنا، أكان لنا أن نعترضَ؟ فكيف نُنصت لمثل هذا الحديث؟ وأنَّى نَستجيب لتلك الوسوسة؟
أيتها الفاضلة، تَنبَّهي إلى مصيبة كبيرة يحاول إبليس أن يَجرَّكِ إليها ويُوقعكِ فيها، ولعلَّها السبب الرئيس لتشرُّب الشعور بالقنوط وسوء الظنِّ بالله، لو منَّ الله عليكِ بالزواج وبالأطفال، ثم حادَثتْكِ بعض الفتيات ممن تأخَّر زواجُها، وشكَت لك ما تعاني، أكنتِ ستَنصحينها بالاستغفار والدعاء؟! فإذا قالتْ لكِ بعد أيام أو شهر أو سنة: لقد كذَبتِني، فقد دَعَوتُ واستَغْفَرتُ ولَم أرَ لِما تحدَّثتِ عنه أثرًا، فبِمَ كنتِ ستُجيبينها؟ أظنُّكِ ستقولين لها: الصبرَ الصبر؛ فقد تأخَّرت إجابة دعوتي أيضًا؛ حتى ظننتُها غير آتيةٍ.
أنتِ الآن مكان تلك الصديقة، وهنَّ مكانكِ، وعُذرًا إن ذكَّرني حديثُكِ هذا بقول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يُستجاب لأحدكم ما لَم يَعجَل، يقول: دعوت، فلم يُستجب لي)).
نحن ندعو الله بما نرى فيه الخير لنا؛ سواء صحَّتْ نظرتنا، أم جانبَت الصواب؛ لأننا عبيدٌ نَحكم بنظرة قاصرة، لَم تُحِط عِلمًا إلاَّ بما آتاها الله من علمٍ، ولَم تطَّلِع على الخير المَحض، ولَم تُدرك سُبل تحصيله؛﴿ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ ﴾ [الأعراف: 188].
فلا تَخلِطي - رجاءً - بين التعبُّد إلى الله بالدعاء، وبين الاعتقاد بأن تحقيق مطالبنا الدنيويَّة حقٌّ مُكتسب.
حَزِنتُ أن تكون نظرتنا لإجابة الدعاء نظرة دنيويَّة قاصرة؛ ورسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((ما من مسلمٍ يدعو بدعوة ليس فيها إثمٌ ولا قطيعة رحمٍ، إلاَّ أعطاه الله بها إحدى ثلاث؛ إمَّا أن يُعَجِّل له دعوته، وإمَّا أن يَدَّخرَها له في الآخرة، وإمَّا أن يَصرفَ عنه من السوء مثلها))؛ رواه أحمد، والحاكم، وصحَّحه الألباني.
فوسِّعي نظرتكِ، وعَمِّمي فكركِ؛ ليشمل الدنيا والآخرة، وقبل الانتقال للنقطة التالية أختم بقول أحد السلف - رضوان الله عليهم - والذي يَنطق بالإيمان ويَصدح بالإخلاص والرضا: "ندعو الله بما نحبُّ، فإذا وقَع ما نَكره، لَم نخالف الله - عزَّ وجلَّ - فيما أحَبَّ".
رَحِمه الله، فقد قال ذلك عند وفاة ولده وفلذة كبده!

4- خوفكِ على الأطفال قبل أن تُرزقي بهم، أشعرني أنَّكِ تعانين فراغًا كبيرًا بأنواعٍ شتى؛ منها: الفراغ العاطفي، والفكري، والعقلي، وما أشدَّه من سلاح فتَّاك!
فتَدارَكي نفسكِ، ولا تشغلي بالكِ بمَن تكفَّل الله بهم وبرزقهم، ولا تَسمحي لمزيد من الوساوس أن تتحكَّم فيكِ، وتُحَرِّك قلبكِ في اتجاه القنوط، فهذا طريق يَعجِز مَن سلَكه أن يعودَ.
ويَطيب لي أن أدعوكِ للانضمام إلى مجلس طالبات العلم؛ لتشغلي وقت فراغكِ بما ينفع، ولتتعرَّفي على صُحبة طيِّبة قد يَجعلها الله لكِ خيرَ معينٍ، ونِعم الناصح الأمين:



5- الخوف من الموت شعور فطري، وقد يَنتاب المرءَ نتيجة خوفه من لقاء الله عند تذكُّره بعضَ معاصيه، أو تقصيره في حق ربِّه، وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن أحبَّ لقاءَ الله، أحبَّ الله لقاءَه، ومَن كَرِه لقاء الله، كَرِه الله لقاءَه)).
فقلت: يا نبيَّ الله، أكراهية الموت؟ فكلُّنا نَكره الموت؟ فقال: ((ليس كذلك، ولكنَّ المؤمن إذا بُشِّر برحمة الله ورِضوانه وجنَّته، أحبَّ لقاء الله، فأحبَّ الله لقاءَه، وإن الكافر إذا بُشِّر بعذاب الله وسَخَطه، كَرِه لقاء الله، فكَرِه الله لقاءَه))؛ متفق عليه.
فقد يدلُّ الخوف من الموت على سلامة القلب وخشيته لله، وأمَّا هاجس الانتحار، فلا أراه إلا من تأثير الحزن وتَغلغُله في النفس، وهو نتيجة حتميَّة وتطوُّر منطقي لسلسلة من الآلام النفسيَّة التي مَرَرتِ بها، والمِحنة العاطفية التي تعرَّضتِ لها، فإذا ما أتاكِ ذلك الوسواس، فاستعيذي بالله وسَلِيه الهدايةَ، وأشْغلي لسانكِ وقلبكِ بذِكره - عزَّ وجلَّ - فيَطمئنَّ قلبكِ، وتَهْدَأَ نفسكِ؛﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].
ومن العلاجات لهذا الهاجس، ألاَّ تَبْقَي وحدكِ، وألاَّ تَنفردي بنفسكِ، فالمرء ضعيف بنفسه، قويٌّ بإخوانه، والشيطان أقوى على العبد عند انفراده واختلائه بنفسه.


6- لو كان الاختلاط مباحًا عندنا، لَما كان هذا حالنا، بالطبع هذا صحيح، فالحال كان سيفوق ما نحن فيه من متاعبَ، ويتعدَّى المشكلات لِما هو أسوأ منها بكثيرٍ، وواقع الحال في البلاد الغربية وما تُنبئ به الإحصاءات الأخيرة حول زيادة معدَّل الجريمة - يُبَشِّر بالسوء؛ فذلك المجتمع الذي لا يُبالي فيه الأب هل عادَت ابنته إلى المنزل مع عشيقها أم لَم تَعُد من الأصل؟
ولا يُبالي فيه الزوج هل رافَقتْ زوجُه صديقَه أو أخاه؟ ولا يرى الأب أبناءَه بعد سنِّ الخامسة عشرة لأيام وليالٍ، وليس له عليهم حقُّ الطاعة؛ فيفعلون ما يشاؤون، ويُحضِرون للبيت مَن يريدون من الأصدقاء، ولا حقَّ للأمِّ أن تَعترض أو تتدخَّل - ذلك المجتمع البائس.
أُريدكِ أن تضعي نفسكِ مكان زوجة لا تتحكَّم، بل لا تُبدي رأيها في حياة أبنائها الذين ظلَّتْ تحلُم بقدومهم سنوات، وعكَفَت على تربيتهم سنوات، وسَهِرت على راحتهم سنوات، فلم تجد إلاَّ العقوق، ولَم يكن لها إلاَّ إبداء الأَنَّات، وإخفاء التأوُّهات.
ذلك المجتمع الذي يَعِجُّ بالاختلاط، فيرى الرجال النساء، وتَسعد النساء بصُحبة مَن تشاء من الرجال؛ ليس للزواج، وإنما لممارسة أنواعٍ شتَّى من الرذائل التي تأْنَفُها البهائمُ العَجماء!
إن كنت تَرَيْنَ في ذلك المجتمع الفاسد حلاًّ للمشكلات، ونهايةً للأزمات، فقد جانَبتِ الصواب، وبَعدتِ عنه كلَّ البُعد، فليس الخبر كالمعاينة، واسْمعي إن شئتِ بكاء الغربيَّات وشِكايتهنَّ من حياة تُحتقر فيها المرأة بأنواعٍ شتَّى من التحقير، وتُقهر بكلِّ أنواع القهر، وكأنها ما خُلِقت إلا لتتذوَّقَ المذلَّة، وتتجرَّع المَهانة؛ صُبحَها ومساءَها!
تذكَّري أيتها الكريمة أن الذي يعلم من أنفسنا ما لا نعلم، ما حرَّم علينا أمرًا إلاَّ كان في ذلك الخير المطلق؛ عَلِمنا ذلك أو جَهِلناه، تذكَّرناه أو نَسيناه، ثقي في ذلك كلَّ الثقة، واحْمَدي الله الذي نجَّاك من ذلك البلاء، وعافاكِ مما لا طاقة لكِ بتحمُّله.


7- الخوف من تجربتك السابقة لا مُبرر له، لو جلستِ مع نفسكِ لإحصاء الدروس المستفادة منها، وللتعلُّم من كل أخطائكِ التي ارْتَكبتِها بغير وعي كافٍ.

رُبَّ أَمْرٍ تَتَّقِيهِ
جَرَّ أَمْرًا تَرْتَجِيهِ
خَفِيَ المَحْبُوبُ مِنْهُ
وَبَدَا المَكْرُوهُ فِيهِ


لعلَّكِ تتعجَّبين إن أخْبَرتكِ عن بعض الصديقات التي رزَقها الله بزوج صالحٍ تتمنَّاه كلُّ فتاة بِكر صغيرة، ما كان ليفكِّر في الزواج بها لولا أنها مُطلَّقة أو أرْملة، وهذا من لُطف الله بعباده، يَبتليهم بالمِحن، ليُطَهِّرهم بها من الذنوب، وتكون تلك المِحن من أسباب حصول رِزقٍ ما كان ليكون لولاها!


8- إهمال العمل والنفس، التقصير في الواجبات، الشعور بتعطيل الحياة، تَسارُع نبضات القلب، عدم القدرة على النوم، فِقدان الراحة، نَقْص الشهيَّة للطعام، قلة الحديث - كلُّ هذه من علامات زَحْف مرض الاكتئاب، وهذه نتيجة حتميَّة للمبالغة في إهمال النفس والاستسلام لنوبات الحُزن المتكرِّرة، ولست أدري إن كنتِ من تلك الفئة التي ما زالت تنظر إلى العلاج النفسي نظرة قاصرة بعيدة كل البُعد عن الحقيقة، أم أنه بإمكانكِ زيارة طبيبة نفسيَّة متخصِّصة؟
والأمر أكثر سهولة مما يتوقَّع الكثير من الناس، فالاضطرابات النفسية كغيرها من الاضطرابات الجسديَّة، يسَّر الله لها علاجات بلا أعراض جانبيَّة، أو لا تكاد تُذكَر، ثم يزول الشر - بإذن الله - وما زِلتُ أتعجَّب ممن يكون أمامهم سُبُل العلاج قد قرَّبها الله ويسَّرها، ثم لا يرفعون عن أنفسهم هذا العناء، ويُصِرُّون على الحياة تحت وَطْأة الهموم والأكدار، أليس هذا بغريب على مَنْ مَنَّ الله عليه بنعمة العقل؟
أدرَكت الآن أني قد أطلتُ في الجواب، وأختم حديثي معكِ بقول الشاعر:

أُعَلِّلُ النَّفْسَ بالآمَالِ أَرْقُبُهَا
مَا أَضْيَقَ الْعَيْشَ لَوْلاَ فُسْحَةُ الأَمَلِ!


ومَن كان أملُه في الله، لَم يَخِب، ومَن توكَّل عليه حقَّ التوكُّل، كفاه.





>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

كثيرة لدينا هاته المشاكل
و جميلة هي ايضا الحلول المقترحة لها من طرف هؤلاءالذين يردون عليها
و الاجمل من كل ذلك .............انتقاؤها من طرفك و جمعها و وضعها على شكل مواضيع ...يستفيد منها كل ظمآن و حيران تاهت به الدنيا و ضاع في دروبها الكثيرة
جزاك الله كل خيرو اقر عينيك بما تحبين
ســــــــــــــــــــــــــــــــــــلام

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

بارك الله فيك

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

بارك الله فيك


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

جزاكم الله خيرا على مروركم الطيب

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

الخيرة فيما اختـــــار الله



تعبنا تاع الصح


دعواتكم