عنوان الموضوع : اذا كنت مسلماً كما تدّعي، وحريصاً علي اداء شعائر دينك، فانه يفترض فيك ان تكون صائماً
مقدم من طرف منتديات العندليب
في الثامنة والنصف صباحاً، يصل الي المطعم الايطالي، الذي يعمل به في وسترن رود. كان الوقت صيفاً فردوسياً، وبرايتون، كعادتها في فصول الصيف، متألقة. كل صباح، حين يغادر الشقة التي يقيم بها، يحتاج الي المشي علي قدميه لمدة نصف ساعة كي يصل الي المطعم. المطعم ليس كبيراً، لكنه متميز ويحظي بسمعة طيبة بين رواد المطاعم في برايتون، واشتهرت اطباقه ووجباته السمكية. هو لم يسبق له وان اشتغل في مطعم من قبل، لكن صديقاً له، يعمل بالمطعم، ابلغه بوجود وظيفة شاغرة به، وبامكانه التقدم لها، ففعل، في نفس اليوم، وحظي بالوظيفة. في بداية الامر عمل في غسل الأواني بالمطبخ، ومساعدة الطباخين. بعد فترة قصيرة قرر المدير تحويله من المطبخ للعمل كجرسون بالصالة، بعد ان اكتشف انه يتحدث الانكليزية بشكل جيد، وانه لطيف في تعامله مع الناس. كانت تجربة جديدة له، لكنها لم تكن صعبة. كان كل همّه ان يعمل ويعمل ويعمل كل ايام العطلة الجامعية كي يتمكن من توفير اكبر قدر من المال حتي يتمكن من التفرغ لدراسته فيما بعد. يبدأ دوامه اليومي الساعة الثامنة والنصف صباحاً ويستمر حتي الثالثة والنصف بعد الظهر. فترة الراحة التي تبدأ من الثالثة والنصف وحتي السابعة يقضيها علي شاطيء البحرالقريب، وحين تنتهي يعود للعمل بالمطعم لفترة المساء والسهرة والتي تستمر حتي منتصف الليل. كان العمل مرهقاً له، لكنه تعوّد عليه، وصار مجرد روتين يومي ينهك جسده لا غير. معظم العاملين بالمطعم كانوا من العرب: ثلاثة مغاربة، ومصريان، وليبيان، وتونسي. الطباخ كان ايطالياً من صقلية، وكذلك المساعد. صاحب المطعم برتغالي، ومدير المطعم قبرصي يوناني. وجد نفسه في هذا الخليط العجيب والجميل فأحس بالارتياح، واندغم بسهولة في روتينه اليومي بين الشقة والمطعم وشاطئ البحر الي ان وصل سيدنا رمضان الديار وحط برحاله في المدينة وتقرر الصيام، فتلخبط الروتين كله. كان نهار الصوم طويلاً، والجو حاراً، والعمل في مطعم من الصبح الي الليل آخر ما يتمناه الصائم. انقسم العاملون المسلمون في المطعم الي فريقين: فريق صائم ويتكون من خمسة افراد. وفريق غير صائم ويتكون من ثلاثة افراد. كان هو من الفريق الصائم. تطوع الفريق غير الصائم بالعمل في فترة الصباح وبعد الظهر، وترك افراد الفريق الصائم للعمل بالفترة المسائية. الا ان الامر لم يشمله لانه كان يعمل بالفترتين. لم يعد يقضي فترات الراحة علي شاطئ البحر، وبدلاً من ذلك صار يذهب الي حجرة زميل مصري يسكن بالقرب من المطعم. حيث ينام لمدة ساعتين ثم يعود مع زميله للعمل بالمطعم. كان العمل مرهقاً جداً، وكاد مرة ان يغمي عليه من شدة التعب والعطش. تعاطف معه زملاؤه غير الصائمين، وكانوا كثيراً ما يقومون نيابة عنه بالكثير من الواجبات. ذات يوم سبت شديد الحرارة والرطوبة، كان المطعم مزدحماً بالزبائن في فترة الغداء، والضجيج يشبه خلية نحل، حينما لاحظ شابا في العشرينات من عمره، يدخل صحبة صديقة له. كان الشاب عربياً خليجي الملامح، طويلاً ووسيماً، والفتاة اوروبية علي شيء من الجمال. طلب من الشاب الانتظار قليلاً ريثما تخلو منضدة. بعد دقائق قليلة، قاد الشاب والفتاة واجلسهما الي منضدة شاغرة، ثم قدم لهما قائمة المأكولات بالمطعم، وغادرهما لاحضار ما طلبا من شراب. حين عاد بالشراب وصبه في كأسين امامهما، طلب الشاب منه ان يأتيه ببيتزا، واشترط ان تكون بدون (ببيروني)، وطلبت الفتاة (لازانيا). سجل طلباتهما في ورقة، وقصها ثم سلمها للمطبخ. وعاد الي مواصلة تلبية طلبات الزبائن الاخرين. حين جهزت البيتزا واللازانيا اسرع باحضارهما الي منضدة الشاب وصديقته، وتمني لهما وجبة طيبة وغادرهما. بعد لحظات قليلة، لمح الشاب الخليجي يرفع يده في الهواء طالباً منه الحضور اليه. توقع ان يكون الشاب في حاجة الي شيء ما، فأسرع نحوه. قال له الشاب بالانكليزية انه لا يريد اكل البيتزا التي احضرها له لا نها تحتوي علي الببيروني، لانه مسلم محرّم عليه اكل لحم الخنزيراو مشتقاته، وذكّره بانه نبّهه منذ البداية بانه طلب بيتزا دون ببيروني! اعتذر للشاب، وقال له ان البيتزا التي امامه علي المنضدة والتي يرفض اكلها لا تحتوي علي ببيروني! نظر الشاب اليه نظرة غاضبة، ثم انطلق يرغي بكلام لا اصل له ولا فصل، هجين من العربية والانكليزية، فهم منه ان الشاب غاضب جداً لشعوره بانه اهين. انتظر قليلا، وبصبر، حتي سكت الشاب، وبأدب ابلغه ان المسألة عادية، وليس مقصوداً منها اهانة احد، وان المسألة وما فيها لا تتجاوز ان تكون سوء فهم. تساءل الشاب عن مصدر سوء الفهم ذاك! فرد عليه بأدب قائلاً انه يعتقد ان الشاب هو مصدر سوء الفهم لانه اعتقد، عن غير قصد، ان البيتزا تحتوي علي ببيروني في حين ان الحقيقة هي ان البيتزا لا تحتوي علي ببيروني، وبامكانه الاستعانة بصديقته ان شاء!! التزمت الفتاة السكوت، في حين اصرّ الشاب علي حضور مدير المطعم. غادر الشاب وصديقته واتجه نحو المدير حيث ابلغه القصة. نظر المدير الي الشاب من بعيد، ثم توجها معاً نحوه. حين وصلا المنضدة المطلوبة بدأ الشاب اعادة رواية القصة علي مسمع المدير الذي وقف وأنصت بأدب. وحين انتهي الشاب من قصته، استأذن المدير من الشاب تفحص البيتزا. رفعها بين يديه وقربها من وجهه ثم اعادها علي المنضدة، وقال للشاب ان البيتزا لا تحتوي علي ببيروني. انفجر الشاب في غضب شديد حتي بانت عروق رقبته نافرة صلبة. لكن المدير التزم الصمت، والتزم موقفه بأن البيتزا لا تحتوي ببيروني، وان لا شيء بامكانه فعله. استأذن المدير الشاب في الانصراف، الا ان الشاب اوقفه وقال له انه متأكد من ان البيتزا تحتوي علي ببيروني، وهو كمسلم لن ولن يتناول تلك البيتزا. رأي وجه مديره يتحول الي كرة محمرّة من الغضب، ثم راح ينظر في عينيّ الشاب شزراً، وسمعه يقول له بصوت مسموع له ولمن كان جالساً من حولهم من زبائن:
ـ بامكانك ان تضحك علي نفسك ما شئت لكن ليس بامكانك استغفال الناس والضحك عليهم. اذا كنت مسلماً كما تدّعي، وحريصاً علي اداء شعائر دينك، فانه يفترض فيك ان تكون صائماً ممتنعاً عن اكل وشرب اي شيء كلية حتي غروب الشمس طيلة شهر رمضان.!
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
شكرا على الموضوع
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :