عنوان الموضوع : سنوات الجمر عفوا الضياع ..! من المجتمع
مقدم من طرف منتديات العندليب

لم يكن ينقص العقل العربي ، أقصد السطل العربي ، سوى أن يستهلك أيضا قمامات المسلسلات التافهة والفارغة من كل العناصر الفنية ، هذا مع رضائنا بمبدأ " الفن للفن " فلا نريد من أي عمل " فني " سوى توافر عناصره الفنية الاحترافية على الأقل من إخراج جيد وسيناريو مقبول وأحداث منطقية ، بحيث لا يتم إطلاق ألف رشاش وإلقاء مئة قنبلة على البطل وتحاصره الفرق العسكرية فينجو منها جميعا .... ولم نعد نريد واقعية " ممدوح عدوان " حين صفع بلادتنا بالزير سالم " معلنا أن البطل يموت .. ويخطئ ويدفع الثمن .. وأن المخيال الشعبي المتوارث عن الأبطال هو نوع من الكوميديا الإلهية .. وأن صورة شخصية " الزعيم الملهم " ما هي إلا جزء من العقل الخرافي الذي لم يتصد للوقائع والتاريخ سوى .. بالتخريف.

لم نعد نريد قضية ، ولا تنوير ، ولا تثوير ، ولا بطيخ مبسمر ، كل طموحنا الآن .. احترام البقية الباقية من العقل العربي .. ولكن يأبى هذا العقل في كل حقبة سوى أن يعبر عن أنه مجرد : سطل .

في حقبة ماضية كانت الأفلام الهندية سيدة الشاشة ، وكان هناك نوع من الهوس بهذه الأفلام ، فكانت العائلة تجتمع كل يوم جمعة لتتابع فيلم الأسبوع ، وكان يعرض في يوم الراحة قصدا لأن مدة الفيلم لم تكن تنقص عن أربع ساعات ، فمتابعته تحتاج فعلا ليوم عطلة وراحة ! ليس هذا فحسب .. فالفيلم الهندي عادة مليء بالأحداث والمفاجآت والخوارق والمعجزات .. وهذه كلها تحتاج إلى تفرغ تام حتى يتم هضمها .. فالبطل الذي يتمتع بقدرات خارقة من تجاوز الحرائق وضرب عشرات الأشخاص والطيران لبعض الوقت في الهواء وسرعة في الركض تفوق سرعة الضوء ليصل في الوقت المناسب لينقذ حبيبته من المجرم الحقير والذي فجأة تتدخل امرأة في المشهد لتكشف أن الرجلين شقيقان وأنها حبلت به ولم يعرف به أحد حين كانت في غابات إفريقيا قبل أن تعود إلى الهند على ظهر سفينة كبيرة ابتلعها حوت ضخم ثم ظهر الابن الضال فجأة حيث أرضعته كلبة ماوكلي فتى الأدغال .. وهكذا ..

وكنت ألاحظ أن الأفلام الهندية يتخللها الكثير من الأغاني والرقصات ومحاولات التقبيل ولكنها كانت خالية من مشاهد التقبيل الفعلية .. فقط مجرد محاولات فاشلة .. وهذا بصراحة كان يصيبني بخيبة أمل .. ومن شدة تضمن الفيلم الهندي للخوارق ، سرى مثل أو مقولة شائعة كنا نقولها تعليقا على أية رواية أو حادثة غير منطقية ، فنقول : مثل فيلم هندي.

في مقابل هذه الأفلام الخارقة ، كان هناك على الضفة الأخرى سطوة للأفلام المصرية ، وكانت أغلبيتها تتمحور حول مقولة ( الجوازة دي لا يمكن تتم ) وأكثر قصصها تدور حول البحث عن شقة للزواج .. وبعضها كان يتضمن بعض مشاهد العنف والشجار حيث يطير الشخص عدة أمتار لمجرد قيام " عادل إمام " بتوجيه لكمة فتسمع صوت ( دش ) من خارج المشهد والنهاية يجب أن تكون سعيدة دائما يعبر عنها البطل والبطلة بقبلة تجعل النهاية " تبل القلب " قليلا .

بعد هذه الحقبة ، تسللت إلى شاشاتنا بعض المسلسلات المكسيكية ، التي تتكون من مئات الحلقات وليس لها أي محتوى فني أو اجتماعي سوى عرض مؤخرات وصدور الفنانات المشاركات في المسلسل ، وهي ، أي تلك المؤخرات والصدور ، وإن كانت جميلة ، إلا أن ذلك لا يبرر الاهتمام والمتابعة لمئات الحلقات خصوصا من قبل النساء ، هل تذكرون مسلسل ( كاسندرا ) .. سرعان ما ضجت الأسواق بأزياء وفساتين واكسسوارات تحمل اسمها .. شعب يشكو رغيف الخبز .. وانقطاع التيار الكهربائي وتقنين المياه .. يريد أن يقلد كاسندرا.

الآن .. هناك مسلسلات تركية مدبلجة تجمع بين مساوئ كل ما ذكرنا أعلاه : الخرافية والتكرار والعبثية والملل والفراغ . ومع ذلك ، الناس مهتمة ومتابعة بكل حواسها .. بل هناك أخبار عن وقوع حوادث طلاق بسبب هذه المسلسلات وأبطالها وأن هنالك أزياءا بدأت تغزو السوق تحمل اسم الممثلة " لميس " ... هل يوجد شعب ديناميكي أكثر من الشعب العربي !! ولم لا .. إنه يحق له ما لا يحق لغيره .. إنه شعب مرتاح .. وقد أنجز كل طموحاته وحل كل مشاكله وقضى على الفقر والجهل والتخلف والأمية والاستبداد وأنجز كل الاستحقاقات التاريخية المفروضة عليه .. ويعيش في سبات ونبات .. فلم لا يرفه عن نفسه قليلا .. وربما يقول قائل : لأنه لم يفعل .. فهو هكذا !.

سنوات الضياع .. مسلسل تركي مدبلج إلى العربية حتى الدبلجة غير دقيقة والحوار بائس .. مما فاقم من رداءة هذا المسلسل .. ومع ذلك الشعب العربي يريد أن يعرف " يحيى " أن الطفل الذي في بطن " لميس " هو ابنه ولو تطلب ذلك انتظار عشرات الحلقات الفارغة من أي مضمون .. سوى اللامنطق.

انتهت موجة الأفلام المصرية التي يبحث فيها البطل عن شقة ليتزوج من حبيبته ، وما زالت الشقة حلما عصي المنال بالنسبة للمواطن المصري .. والعربي عموما .. ولم تساعد تلك الأفلام في حل مشكلة الإسكان .. وما زال أكثر من أربعة ملايين مصري يقطنون في ( القرافات ) المقابر ... ورغم إنتاج آلاف الأفلام الهندية التي يطير فيها البطل فوق الأرض ما زال المواطن الهندي يبحث عن كسرة خبز وموطئ قدم له تحت الأرض .. في دلالة بالغة على أن أفلام الكوميديا الإلهية لا تزيد الناس سوى مأساة أرضية .

عشرات وربما مئات الحلقات المكرورة والمملة لم تعد تشبه سوى حياة المواطن العربي الممل والمكرور أيضا .

الشعب العربي يتابع بكل شغف سنوات الضياع .. ولم العجب .. أليس عنوان هذا المسلسل يصلح أيضا عنوانا لتاريخ هذا الشعب !!


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mahfoud

الشعب العربي يتابع بكل شغف سنوات الضياع .. ولم العجب .. أليس عنوان هذا المسلسل يصلح أيضا عنوانا لتاريخ هذا الشعب !!

[align=center]أنت محق اخي و لكناين الاذن التي تسمع ؟؟؟؟؟؟ اثابك الله اخي وجزيت خيرا [/align]

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

شكرا على الموضوع

فعلا أخي نأسف للحقيقة المعاشة فالشعب صار يهوى مالا يستحق الهوى ويبتعد عن أعذب الهوى وهو حب القرآن والمساجد

تحياتي...

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


أنت محق اخي ملسلات خراب البيوت


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mahfoud
الشعب العربي يتابع بكل شغف سنوات الضياع ..
ولم العجب ..
أليس عنوان هذا المسلسل يصلح أيضا عنوانا لتاريخ هذا الشعب !!

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mahfoud
شعب يشكو رغيف الخبز .. وانقطاع التيار الكهربائي وتقنين المياه .. يريد أن يقلد كاسندرا.



[align=center]
فعلا بحييك أخي على الموضوع الكبير

تقبل مروري .. ورمضان مبارك على الجميع[/align]


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

أنت محق اخي