عنوان الموضوع : الطفل والتلفزيون قضايا المجتمع
مقدم من طرف منتديات العندليب

الطفل والتلفزيون

بقلم أ.عبدالمجيد إبراهيم قاسم




لقد أصبح التلفزيون اليوم من أهم وسائل الاتصال, ومن أكثر أدوات التأثير فعالية في حياتنا, وبات من النادر أن نجد بيتاً لم يخترق التلفاز جدرانه, أو أسرةً لم يقتحم أسوارها، وأضحى مصدراً رئيساً للمعرفة والثقافة؛ والتسلية والترفيه, إلا أنه في الوقت نفسه أصبح مصدر قلق للآباء والأمهات؛ وخاصةً بعد أن تنوَّعت القنوات وتعدَّدت المحطّات.
وبحكم طبيعة الطفل المولعة باستكشاف الأشياء, والمنشغلة بالمتجدِّد والمتنوِّع فقد استأثر التلفاز في نفسه بحيزٍ كبير، واستحوذ من وقته الذي يقضيه في المنزل على الكثير, وبالتالي فقد امتلك شيفرة التأثير في أفكاره ومشاعره، وفي صياغة عاداته وسلوكياته، وتكوين وعيه المعرفي والثقافي والقيمي والسلوكي, وقد أثبتت بعض الدراسات التي تخصُّ الأطفال في مجتمعاتنا بأنهم يقضون أوقاتاً في مشاهدة التلفاز أكثر مما يقضونها في المدرسة, ففي حين أنهم ( يجلسون إلى التلفزيون / 1200 / ساعة سنوياً, فإنهم لا يمضون نصف هذا الوقت في حجرات الدراسة )(1).
كما وأشارت بعض الدراسات الحديثة إلى أن ( متوسط ما يقضيه الطفل الذي يتراوح ما بين السادسة إلى الثانية عشرة أمام الشاشة الصغيرة يتراوح بين / 12- 24 / ساعة في الأسبوع )(2).
وهنا كان من الضرورة التنبّه إلى أبعاد تلك التأثيرات على حياة أطفالنا، ولاسيما بعد احتدام التزاحم بين القنوات المليئة بكل شيء؛ وبكل ما تحمله القيم من تناقض, فالقليل الذي يناسب الطفل، والكثير الذي لا يتلاءم وطبيعة المراحل التي يمر بها أثناء نموه، كتلك الإعلانات المروِّجة للسلع؛ والتي ترسخ لديهم مبدأ الاستهلاك، وتضرُّ بسلوكياتهم وتؤذي خيالهم.
وتشكِّل الإطالة في مشاهدة التلفزيون, وعدم ضبط ومراقبة تلك المشاهدة من قبل الأولياء أهم مشاكل الطفل مع المرئي العجيب, وينتجُ عنها آثار خطيرة ومنها: تأثيرات بعض البرامج التي تحتوي أفكاراً لا تتناسب والمرحلة التي يمرُّ بها الطفل, والتي لا تنسجم مع خصوصية الطفولة؛ وخصوصية المجتمعات التي يعيشون فيها, وتأثيرات مشاهد العنف والقتل التي يشاهد الطفل الكثير منها أقلّها أثناء استعراضه لمحتوى القنوات فقط، حيث إن مشاهدات الأطفال تعدَّت إلى البرامج الموجَّهة للكبار. وقد أظهرت إحدى الإحصائيات ( أن الطفل الذي يشاهد التلفزيون لمدة ثلاث ساعات يومياً يكون قد شاهد / 800 / جريمة و / 100 / ألف مشهد من مشاهد العنف قبل أن يبلغ الثانية عشرة )(3) ولكم تصوُّر تلك التأثيرات السلبية التي تتركها تلك البرامج, وهذا ما يُفسِّر جنوح الأطفال الذين يطيلون المشاهدة لأعمال تحتوي مشاهد عنف إلى العدوانية أكثر من غيرهم من الأقران, وتسبِّب أيضاً مشكلتا الإطالة وإلغاء الرقابة على مشاهدة الطفل للتلفزيون اضطرابات ما قبل النوم وأثنائه, حيث يحتاج الطفل لوقت أطول حتى يستغرق في النوم, ومشاعر الخوف والقلق التي تنتابه نتيجة المشاهد المرعبة التي شاهدها, الأمر الذي يؤثر سلباً على سلوكه في البيت والمدرسة والشارع.
ومن المساوئ التي تُنسب إلى الإطالة في المشاهدة أكثر من غيرها, أنها تُفقد الطفل حسنات التفاعل الطبيعي مع من حوله, وتحرمه من إيجابيات البحث والاكتشاف بالاعتماد على الذات, ومن فوائد المحاورة والنقاش للوصول إلى الحقيقة, كما أن الطفل المُسرف في مشاهدة التلفاز يعاني ضعفاً في التركيز, وتشتُّتاً في الذهن نتيجة تلقي دماغه معلومات مكثفة, لم يجهد في الوصول إليها بشكل منتظم, بالإضافة إلى الاضطرابات في السلوك والجنوح عن الواقع, وعدم تطوّر المهارات التي يحتاجها نمو الطفل الفكري والجسدي والاجتماعي.
كما تعيق الإطالة في مشاهدة التلفاز حركة الطفل، وتحرمه من ممارسة الرياضات والنشاطات وتنمية المواهب والهوايات والتي تتطلب بطبيعتها بذل مجهود أكبر, ثم إنها تضفي الجمود واللامبالاة على مشاعره, وتسرِّب الخمول إلى جسده، وتعمل على خلق اضطراب في نظامه الغذائي.
ولكن بالمقابل فإن هذه الأداة الحضارية التي تملك الكثير من المقدرة التأثيرية تلعب دوراً تثقيفياً وتعليمياً وترفيهياً هاماً بالنسبة للطفل، وتُسهم إلى حدٍ كبير في توعيته؛ إذا سعينا لتوظيفها في مجال ثقافة الطفل وتعليمه بشكل جيّد، وإذا مكَّناه من الاستفادة من البرامج الجيدة والمفيدة مثل برامج التعليم المبسَّطة وموضوعات الحيوان والطبيعة، وأفلام المغامرات الشيِّقة، والقصص العلمية المناسبة, وهنا يسهم التلفزيون إسهاماً مفيداً في البناء التربوي للطفل، وفي تطوير مهاراته اللغوية, ومساعدته على التعلّم والحفظ, كما أن هذه الوسيلة المتطوِّرة بما تتركه من آثار نفسية وتربوية في منظومة حياة الطفل برمتها وما تحتويه من برامج مفيدة يمكن أن تكون مواد يتفاعل الأطفال معها، ويتناقشون فيها مع ذويهم, وأداةً تفتِّح عقولهم وتخاطب ملكاتهم, وتحفِّز ذكاءهم وتكسبهم حب المعرفة والاطلاع، كما أن باستطاعة تلك البرامج أن توسِّع آفاق معارفهم، وأن تجعلهم ملتزمين بالإيجابية في تعاملهم مع الآخرين, وأكثر ثقةً ومعرفةً في مواجهة تحديات العصر.
يحدِّد الدكتور عيسى شماس البرامج بما تتناسب والأطفال فيقول: ( فالأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة يفضلون في الغالب برامج - الحيوان - ، والرسوم المتحركة ومسرح العرائس ، ومع مرحلة الدراسة الأولى تشمل اهتماماتهم موضوعات المغامرات والقصص العلمية، وفي المراحل التالية يتفاعل الطفل مع البرامج الثقافية والاجتماعية والعلمية )(4). فالتلفاز إذاً سلاحٌ ذو حدين يمكننا الاستفادة منه بدرجة كبيرة إذا أجدنا كيفية التعامل معه.
ويلعبُ الوالدان الدور الرئيسي في ذلك, حيث يمكن لهما بالإضافة إلى تنظيم عملية مشاهداتهم بمساحةٍ زمنية محدَّدة, بحيث ألا تتجاوز - الساعتين يومياً - مراقبة أنماط المشاهدة, واختيار المواد التي تحوي قيماً معرفية وسلوكية إيجابية بدقة، وتشجيعهم على اختيارها, ومشاركة صغارهم في المشاهدة والمناقشة فيها، وتوضيح استفساراتهم عنها والإجابة على تساؤلاتهم، والحذر من إبقاء أجهزة التلفاز داخل غرف نومهم مما يلغي عملية المراقبة، سواء على نوعية مشاهداتهم أو الفترات التي يشغلونها لذلك.
كما يمكن للوالدين العمل على إيجاد بدائل يمكنها أن تفرِّغ طاقاتهم, وتعينهم على تنظيم أوقاتهم وإشغال فراغهم بما يفيد عملية نموهم, كتشجيعهم على القراءة والمطالعة وممارسة الفنون المختلفة كالرسم وإكسابهم حبَّ المعرفة من خلالها, وحثِّهم على ممارسة الرياضات والألعاب المختلفة، وإكسابهم المهارات الحركية والذهنية, والخروج بهم إلى المنتزهات، وإقامة الرحلات لهم، واصطحابهم في زياراتهم العائلية ضمن شروطها الخاصة، وتشجيعهم على الاندماج والتفاعل الاجتماعي مع أقرانهم من الأطفال.
باتباع هذه الأساليب، وتكريس تلك العادات السليمة يمكن لنا الاستفادة من هذه الوسيلة المشوِّقة، وتحقيق الأهداف التثقيفية والترفيهية منها، وحماية أطفالنا وحفظهم من الآثار السلبية التي يفرزها التلفاز؛ لأنهم كما كانوا حلم ماضينا فإنهم فرحة حاضرنا وأمل مستقبلنا, وهذا الأمل اليوم مرهونٌ بأيدينا.


مجلة الجندي المسلم
رقم العدد : 137


________________________________________
1 ) تنمية ثقافة الطفل - عبد التواب يوسف - ص82.
2 ) مجلة بناة الأجيال- العدد 57 - التلفاز والأطفال - عيسى شماس - ص44 - 45.
3 ) كتاب العربي الشهري- العدد 50- د/سليمان إبراهيم العسكري – ص 9.
4 ) مجلة بناة الأجيال - العدد 57- التلفاز والأطفال ص45.


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

موضوع يستال مناقشة هالايام والله كثرة قعدة الاطفال الصغار عالتلفاز اكثر من قبل والمشكل يقعدو يتفرجو عالمسلسلات التركية
انا والله نحس روحي غريبة لاني مانحبش نتفرج بزاف من صغري حتى الرسوم متحركة في وقتنا مانتفرجهاش بزاف لكن اختي الان ديما تلفزيون وطيور الجنة وكانت احيانا تتفرج مسلسلات التركية لكن عبر الوقت نحيتهالها.
شكرا

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :











__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :