عنوان الموضوع : احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ من المجتمع
مقدم من طرف منتديات العندليب

احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين . اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علَّمتنا وزدنا علما ، واجعل ما نتعلَّمه حجةً لنا لا علينا يا ذا الجلال والإكرام .
ثم أما بعد ؛ أيها الإخوة الكرام : الكلمة حول قول نبينا عليه الصلاة والسلام : (( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ)) ؛ وهي جملةٌ من حديثٍ خرَّجه الإمام مسلم في كتابه الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجزْ ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ، فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ ؛ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ)) .
وهذا الحديث كما أوضح وبيَّن أهل العلم اشتمل على كلماتٍ جوامع وأصولٍ عظيمة وفوائد جمة ، والوقفة في هذه الكلمة مع قول نبينا صلوات الله وسلامه عليه (( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ )) ؛ وهي كلمةٌ جامعة نافعة مفيدة للغاية حوَت ما فيه سعادة العبد في دنياه وأخراه ، وفيها أمَر النبي عليه الصلاة والسلام بأصلين عظيمين وأساسين متينين لا سعادة للعبد ولا فلاح في دنياه وأخراه إلا بهما :
§ الأمر الأول : في قوله عليه الصلاة والسلام (( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ)) ؛ وهذا فيه حثٌ على بذل الأسباب النافعة فيما يفيد المرء وينفعه في أمور دينه ودنياه .
§ والأمر الثاني في قوله : (( وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ )) ؛ وفيه عدم الالتفات إلى الأسباب والاعتماد عليها ، والدعوة إلى الاعتماد والتوكل التام على الله سبحانه وتعالى طلباً لعونه وتوفيقه وتسديده .
وقوله في هذا الحديث (( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ)) ؛ الأمور النافعة المأمور في هذا الحديث بالحرص عليها يشمل الأمور الدينية كما يشمل الأمور الدنيوية ، وذلك لأن العبد يحتاج إلى الأمور الدنيوية كما أنه يحتاج إلى الأمور الدينية ، فوجَّه عليه الصلاة والسلام العبد إلى أن يكون حريصاً على الأمور النافعة له في دينه ودنياه ، وأن يُتبِع هذا الحرص ببذل الأسباب ؛ مجاهدةً للنفس على سلوك المسالك الصحيحة والطرائق القويمة التي يتوصَّل من خلالها إلى المقاصد العظيمة ، وأن يكون في ذلك كله مستعيناً بالله تبارك وتعالى ، لأن العبد لا حول له ولا قوة إلا بالله ، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن .
والأمور النافعة التي تتعلق بالدين ترجع إلى أساسين عظيمين وهما : العلم النافع ، والعمل الصالح ؛ {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ }[التوبة:33] والهدى : هو العلم النافع . ودين الحق: هو العمل الصالح .
والعلم النافع : هو المستمد من كتاب الله وسنة نبيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه ، وهو العلم المزكي للقلوب المصلِح للنفوس المحقِّق لسعادة الدنيا والآخرة ؛ فيجتهد العبد في هذا المقام مع نفسه في تحصيل العلم النافع ، ويجعل لنفسه في كل يومٍ من أيامه نصيباً من هذا العلم ، ولا ينبغي أن يفوِّت على نفسه يوماً من أيامه يكون خُلْواً من العلم النافع . وكان نبينا عليه الصلاة والسلام كل يومٍ إذا أصبح بعد أن يسلِّم من صلاة الفجر يقول : ((اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا ، وَرِزْقًا طَيِّبًا ، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا)) ؛ وهذا يبيِّن أن العلم النافع من أعظم أهداف المسلم في يومه ، فلا ينبغي للمسلم أن يمرَّ عليه يومٌ من أيامه لا يحصِّل فيه علماً نافعاً . وهذا يفيد أنَّ المسلم ينبغي أن يرتب لنفسه برنامجاً مع العلم النافع في كل يوم من أيامه يحصِّل منه نصيباً وإن قَلَّ ، ولا يفوِّت على نفسه العلم النافع في أي يومٍ من أيامه .
ثم يحرص على العمل ؛ والعمل هو مقصود العلم كما جاء عن علي رضي الله عنه : ( يهتف بالعلم العمل ، فإن أجابه وإلا ارتحل ) . فيحرص على أن يكون له حظه ونصيبه من العمل المقرِّب إلى الله سبحانه وتعالى ، وأهم ما يكون في هذا الباب العناية بفرائض الدين وواجباته ، وفي الحديث القدسي : (( مَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ )) . ولا يليق بالمؤمن أن تمرَّ أيامه ولياليه مضيِّعاً لفرائض الإسلام وواجبات الدين ، بل يجب عليه في كل يومٍ من أيامه أن يكون في أشد الحرص على العناية بالفرائض والاهتمام بواجبات الدين ، ويدخل في هذا المقام تجنُّب الحرام والبعد عن الآثام طاعةً لله سبحانه وتعالى وطلباً لرضاه وخوفاً من عقابه جل في علاه .
وفيما يتعلق بمنافع العبد الدنيوية جاء الحديث حاثاً على الحرص عليها ، فإن قوله ((احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ)) يتناول ما ينفع من أمور الدنيا كما أنه يتناول ما ينفع من أمور الدين وما يقرِّب إلى الله سبحانه وتعالى . والعبد لا غنى له عن حاجاته الدنيوية التي هي سببٌ لتحقيق مصالحه ومقاصده الدينية ، فيهتم بها لكن لا يطغى هذا الاهتمام على ما خُلق لأجله وأوجد لتحقيقه وهو عبادة الله تبارك وتعالى كما قال الله عز وجل : { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:56] .
وعلى كلٍّ ؛ فهذا الحديث معدودٌ في جوامع كلِم النبي صلوات الله وسلامه وبركاته عليه وهو مليءٌ بالفوائد العظام والتنبيهات الجليلة التي لا غنى للمسلم عنها فيما يتعلق بأموره الدينية والدنيوية .
وأسأل الله الكريم أن يصلح لي ولكم ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأن يصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأن يصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا ، وأن يجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير والموت راحةً لنا من كل شر ؛ إنه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو أهل الرجاء وهو حسبنا ونعم الوكيل .
والله تعالى أعلم . وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله

وصحبه أجمعين .





https://www.al-badr.net/web/index.php?page=lecture&action=download&file=mp3&le c=4491



>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

سلام عليكم بارك الله فيك الاخ

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

اللهم مصل وسلم على سيدنا محمد
بارك الله فيك على هذا الطرح الذي يذكرنا
وان الثقة بالله وحسن الظن به ليس لهم ا حدود هما التي نستمد منهما الطاقة ونحرص على ماينفعنا من القول الصالح والعمل الصالح

__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

جزاك الله خيرا


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :


__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :