>>>> الرد الثاني :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أوّلاً أشكر الأخت الفاضلة مياسم الصّمت على دعوتِها لنا لإبداء رأينا المتواضع
بالموضوعين الفائزين بالاستطلاع الأوّلي لهذه المنافسة
كما أشكر صاحبا الموضوعين المُرشّحين على مجهودهِما القيِّم.
،،،،،
طبعا وأوّل ما أثار انتباهي إثر اطّلاعي عليهِما هو
[أهميّة الفكرتين المطروحتين المستوحاتين من الواقع..]
فمن جهة كثيرا ما نسمع بظاهرة زواج الوالد مباشرة بعد وفاة زوجته
-ولا غرابة في ذلك كونه يمثّل حقّا شرعيّا له- ولكنّ الغرابة في إهماله لأبنائِهِ.. )
ومن جهة أخرى كثيرا ما نسمع بظاهرة زواج صغيرات السنّ بوقتِنا الحاليّ
–ولا غرابة أيضا كون الزّواج المبكِّر مرغّبٌ بشِرْعةِ خالقِنا-
في حين تكمن الغرابة في تكرّر هذا الزّواج الذي لا تبنيه روح المسؤوليّة الحقّة.
ولأنّ المطلوب من لجنة التّحكيم يتمحور حول "أهميّة الفكرة المطروحة بالمسابقة"
فلن نكون بحاجةٍ للتّركيز على بناء النصّينِ شكْلاً بل تركيزِنا على مضمونِهِما.
ما دعاني لإخضاعهما لميزان الفصل اعتمادا على مدى
((تأثير الفكرة وخِدمتها لمشاهِدَ واقعيّة من مجتمعنا))
،،،،
وعليه فبالنّظر لأهميّتهِما نجد الفكرتين تُجسّدانِ واقعا مَعيشا كما سبق الذّكر
أوّلاً،
وبالنّسبة لموضوع: "جنون الكِبر" فقد تمكّن صاحبه من رسم مشهَدٍ مؤثِّرٍ-للشخصيّة الضحيّة-
المتمثّلة في الشابّ الذي تعرَّضَ لِسلسِلةٍ من الهزّات النفسيّة التي بدأت بـ:
*فقدانِه والدته (ومرارة الشّعور باليُتم)
*زواج والدِه بعد فترةٍ وجيزة (دون مراعاةٍ لمشاعرِ ابنِه على إثْر فقدان والدته)
*تعرّضِه للظّلم من طرف زوجة الأب
*إضافةً لقسْوة الظّروف التي تترأّسها حالتُه الاجتماعيّة المزرية وتخبُّطِه بين جدران البِطالة.
وما ذُكِر حقّا من أصعب ما يمكن للمرء منّا المرورَ به والْتِحافِ أوجاعِه..
-كان الله بِعونِ أمثالِ هذا الشابّ- الذي تمكّن صاحب النصّ من رسْمِ أحزانه وتبليغها بطريقةٍ
-محسوسةٍ ومؤثِّرة-
فشخصيّا كقارئة تأثّرت لِحالِهِ وتخيّلتُ حتى جلسَتَه على سلالِم البيت وهو يحدّثُ نفسَه
بما يُثقلُه ويَسحبُ بساطَ راحته..
فما أقسى مايستشعرُهُ يتيمُ الأمِّ من ضُعفٍ بعيدا عن قلبِها !!
هذا القلب عامّةً الذي يَحفَظُ قوّة أنفُسِنا ويَسند خُطانا.
وما زاد الطّين بلّة هو انتهاز بعض الأشخاص ضُعفَ غيرِهم لبِناءِ سعادتهم اشخصيّة
وأخصّ زوجة الأب المتسلِّطة التي زادت على حُزن الشابِّ ألما يصعب تحمّله
على من عايش تلك الظّروف،
والأكثَرُ إضرارا أن يُصوَّب سهْم الألم من أقرب النّاسِ إليك؟
- من الأب الذي يُفترض أن يقف لجانب ابنه بعد رحيل والدته أكثر من ذي قبل
محاولاً تعويض حنانها ولو بالجزءِ القليل..
- من الأب الذي استهان بالعِشرة التي أثْمرت أُسرةً لم يحفَظ رِباطها
حينما أهمل ابنه وظلمه وتقبّل ظلم زوجته الثّانيةِ له !
- من الأب الذي اختار سعادتَه بأنانيّةٍ سبِقته لرسم ملامح الحزنِ
بطعنةٍ قطعت أوصال الرّاحة لدىابنه المسكين.
فصاحب النصّ جعل الفكرة موسّعة (خاصّة مع تساؤلاته المطروحة بآخر الموضوع)
والمتضمّنة لمرارة اليُتم والبطالة، والظّلم من أقرب النّاس..
ومن مخلّفات اليُتم تشرّد الأبناء حينما لا يجدون الرعاية من أقرب الأشخاص إليهم،
فيصطدمون بجدران الضّياع التي تزيد قسْوتها صعوبة الحياة من فُقر
وانعدام فُرص كسب العيْش وتسلّط البعض ممّن يستلذّون إهانة الغير وطمس حقوقهم.
واختصارا،
موضوع "جنون الكِبَر" يعالج ظاهرة خطيرة يلخّصها تهوّر الوالد المتوفّاة زوجته في اتخاذ قرارٍ غير مدروسٍ هدم حياة ابنه..
قرار غير عادل قد يحتّم على الابن الخروج للشارع لحمل خِنجَر التمرّد
ضربا لكلِّ ما يُثير بنفسيّته لهيب الحقد على تصرّفِ الوالِد وزوجتهِ الظّالمة
غير المؤهَّلة للانضمام لأُسرةٍ تحتاجُ لِمن يحفظها من التفكّك.
وكحلٍّ شخصيٍّ بمثل هذه الحالات:
طرح فكرة زواج الوالد -الذي فقد زوجته على أبنائِه-
بطريقةٍ تحفظُ مشاعِرهم وبوقتٍ مناسِبٍ يؤهّلهم لتقبّلها،
واختيارِه زوجةً مناسبةً قادرة على النّظر إلى أبنائه بعين الرّحمةِ والشّفقة..
دون تعجّل الأمر
وضرورة توفيقه بين الطّرفين،
لأنّ زواجه بعد وفاة والدتهم قد يؤثّر بنفسيّتهم فيدفع بهم للابتعادِ عنه والحِقد على زوجته الثّانية.
،،،،،،،
طبعا وهذا لا ينفي أهميّة الفكرة المطروحة بموضوع "زواج صغيرات السنّ"
والذي للإشارة لم ينجح صاحبه في رصْعه بما يعمّق أهميّته..
بمعنى أنّه يفتقد لحلقة ما كانت ستزِده قوةَ تأثيرٍ في المضمون
فمن حيث أهميّة الفكرة كما ذُكر أعلاه
[زواج صغيرات السنّ غير المؤسّسِ على روح المسؤوليّة
واستِباق حسن الإقبال يخلّف آثارا غير محمودة من بينها التفكّك الأُسري النّاجم عن الطّلاق]
لكنّ صاحب النصّ أطلق فكرته من رحِمِ العُنوسَة تحديدا..
مع أنَّ العنوسة ليستِ السّبب الوحيد الذي يَدفع بصغيرات السنّ للزّواج المُشارِ إليه
بل هناك أسبابٌ أخرى كظاهرة انسياق شباب اليوم خلف مشاعر المراهقة
التي تدفع بعضهم للضّغط على أوليائهم للزّواج
الظّاهرة نفسها التي توقع بعض الشّباب والعياذ بالله في العلاقات المحرّمة
فتُرغمهم على الزّواج بسنٍّ مبكِّرة إخفاءً لِجَرائمهم أو إخفاءً للعار الذي لحِقَ بأهلهم !
كذلك وجود بعض الأولياء الذين يُسارعون في تزويج بناتهم بسنٍّ صغيرة (للتخلّصِ منهنّ بمعنى -دفعِ ثقلهنَّ بعيدا عن مسؤوليّتهم- وبحُكمهم الجائِرِ النّاقص)
أو بسبب عاداتِ من سبقوهم !
وإن كانت العنوسة سببا مهمّا في حدوث مثل هذا الزّواج الذي يضع المعنيّات بالأمر في واجهةِ مهبِّ رياحٍ قد تهدم حياتهنّ لعدم قدرتهنّ على تحمّل مسؤوليّة بناء أسرة فكان يُستحسن تعْريج صاحب النصّ ولو "في لمْحةٍ وجيزة" على بعض الأسباب الأخرى كي يَزيدَ من توسيعِ فِكرته ويخلق فضاءً أرْحب لتحليق القارئ عبْر زواياه بإشباعٍ مؤثِّرٍ وجالبٍ للانتباه.
عودةً لظاهرة الزّواج المبكِّر للإناث لدى بعض الأُسَر هروبا من شبح العنوسة –كرأيٍ شخصيٍّ-
فيجب على الآباء توسيع نظرتهم لمصلحة بناتهم وعدم جعلها تقتصر على محاولة انقاذهم من مخالب هذا الشّبح
فالأولويّة للزّواج السّليم المُستقِرّ على أركانٍ تحفظُه..ما يدعوهم لضرورة تربية بناتهم على روح المسؤوليّة مواجهةً لحياتهم المستقبليّة
بتلقينهنّ أساسيّات معاملة الزّوجة لزوجها استنادا على هَدْيِ شريعتنا الإسلاميّة..
وتثقيفِهنّ بما يُثري طريقتهنّ في تأديةِ حقوق أزواجهنّ
والتريّث في اختيار طرفهنّ الآخر ليس من باب (التّمادي في الاختيار المبني على المادّة بل ضرورة الاهتمام بأهل الرّجولة والأخلاق الطيّبة التي تضمن لأصحابها أيضا تأسيس أسرة)
ثمّ للعنوسة ذاتها مُسبّبات من بينها
"صعوبة المعيشة التي تلخّصها البطالة وأزمة السّكن والغلاء الذي التهم جيوب الضُّعفاء"
واختصاراً،
فرغم أهميّة فكرة صاحب النصّ الثّاني "زواج صغيرات السنّ" إلاّ أنّه حقيقيةً أخفقَ نوعا ما في تجسيدِها
بما يزيد من قوّتها وتأثيرها كما سبق الذّكر.
وبالتالي فاختياري وقع على الطّرح الأوّل "جنون الكِبَر"
وتبق هذه قراءتي المتواضعة التي تُحسَبُ على شخصي -فلستُ بناقِدة ولا بأديبة-
مع احترامي لآراء زملائي باللُّجنة وتقديري لصاحبيّ الموضوعين.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
اخترت الموضوع الأول: "جنون الكبر"
وهذا تقويم للموضوعين من حيث المضمون والمبنى:
الموضوع الأول
عالجَ قضية موجودة حقيقة في الواقع، ولا تختلف حولها الأراء: من أن كثيرا من كهول وشيوخ هذا العصر، ظهرت فيهم مظاهر غريبة لا توجد حتى في الشباب أولى الرغبات الجامحة، فنجدهم ، يتصيدون الفرص، للضفر بشريكة جديدة من هذا الجيل الجديد. فتجد الأب يترك أبناءه للوهلة الأولى، حتى دون وقوع وفاة لزوجته السابقة، وأنا أعرف نماذج من هذا القبيل، لذا الإشكال هذا إشكال أخلاقي بالدرجة الأولى يجب أن يسلط حوله الضوء ، ثم يعالج وفق آليات لها نجاعتها..
الموضوع الثاني: أراه يطرح قضية تختلف حولها الرؤى ؛إذ هو- حسب ما يبدو من عنوانه- ربط فشل الزواج بصغر السن، هذا وإن كان عاملا من العوامل لكنه ليس السبب الرئيس، ، إذ إن المرأة إذا لم تكن قدر المسؤولية، لا تنفعها قضية السن ولو بلغت 30سنة، وإن كانت قدرَ المسؤولية، قد تصلح زوجة في سن 17سنة ،وكلنا يعرف أيضا نماذج من هذا ،والرجال أيضا ينسحب عليهم هذا، لذا ربط هذا بالسن فيه نوع من تخويف النسوة من الزواج المبكر.
ومادام طرح الموضوع، لغرض اجتماعي ، فنتمنى من أولى الأمر ومن الجمعيات والمؤسسات الفاعلة اجتماعيا ،أن تقدمَ للشباب والشابات دورات تدريبية قبل الزواج حول الزواج بكونه مشروعا اجتماعيا بالدرجة الاولى حتى يكونوا أحسن مسيرين لهذا المشروع نحو النجاح.
ومع ذلك فالموضوعان ، كلاهما ينمان عن حس اجتماعي، رفيع لدى كلا الكاتبين، كما أنها قد كتبا بلغة سليمة، ومنطقية، تعكس وعيَ صاحبيهما، وتفاعلها الصادق مع القضية التي يكتبان حولها.
ومزيدا من التألق لرواد هذا القسم.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أحبّ أن أشيد في مستهل تعليقي بما جاء في الموضوعين. فكلاهما يرصدان ما يعايشه المرء من انتكاسات نفسية، و ما يجابهه من تحدّيات اجتماعية لم يكن يوما طرفا في صناعتها.
* فإقدام الأب على الزواج ثانية -الموضوع الأول- بعد ترمّله سيلقي بظلاله حتما على حياة الأبناء، و قد تضطرهم الأقدار في أحايين كثيرة للهروب من "جحيم" زوجة الأب، و الارتماء في أحضان المجهول.
* أما العنوسة -الموضوع الثاني- فقد غدت، لسبب أو لآخر "شرّا" يترصّد البنات، على وجه الخصوص ليحيل حياتهنّ إلى جحيم، و يهدّد كيان مجتمعاتنا المحافظة.
كلا الموضوعين يستحقان صراحة التّميّز، و الأميز أنّ الكاتبين امتثلا ل شروط المسابقة على حد سواء، و اجتهدا كلٌّ على حدى لرصد الظاهرة المنتقاة و تحليلها ببعض الايجاز غير المخلّ.
و رغم أنني أجد صعوبة بالغة لاختيار أجود هذين الموضوعين، و لأنّ المسابقة تقتضي الإعلان عن فائز واحد لا غير، فإنني أميل بعض الشيء للموضوع الثاني -جنون الكبر- لأنّ هول ما يصيب الأبناء، خاصة القصّر منهم في كنف زوجة الأب يأخذ منّي كل مأخذ.
في الأخير أحبّ أن أنوه بقيمة المواضيع المرشحة دون استثناء و بالجهد المبذول من طرف المشرفين لإنجاح هذه المسابقة
وفّقكم الله جميعا لما فيه خير المنتدى و أعضائه، و جعل ما تقومون به في موازين حسناتكم.
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
سلام عليكم طبتم،..
الموضوعان في حقيقة الأمر يحكيان واقعا اجتماعيا مريرا غابت فيه المشاعر الطيبة والإحساس بالآخرين وطغى عليه الجشع والماديّة المقيتة..
الموضوع الأول:
لامَس شِغاف القلب بصدقية الطّرح، ودقّ أبواب العواطف بقسوته، وبمطابقته التامة لما نرى ونسمع ونعايش..
والمصائب في هذا الطرح-كعادتها-لا تأتي فرادى فتتالت تعضد كل منها الأخرى وتزيد من فظاعة الحنق والحزن.. والشعور بالخيبة..
يتم قاسٍ، أنانية مفرطة، بطالة قاتلة، أب متجاهل، أخت معدمة، ابنة عم مشفقة، خيانةُ ذكرياتٍ طيبة..
وهذا حقيقة ما يعانيه الكثير من الناس في صمت..
وقد استطاع هذا الطّرح جس النبض عن قرب وإيصال وخزات المعاناة المفجعة في أقسى وأقصى وأعتى صورها..
ا.هـ
الموضوع الثاني:
صدقا،.. طرحٌ أصبح الصّبغة المذهّبة للزيجات اليوم في مجتمعاتنا..
وقد طرق الطرح جهتين هامتين في غياب الرؤية السليمة للأسرة وبنائها، وقُدسية الرباط ومكانته الشرعية والاجتماعية..
هم الوالدين التخلص من ابنتهم بحجة ضمان مستقبلها ولا يهم مع من؟ بصرف النظر عن كل القيم والمقامات..
شخص منحرف؟ كبير السن؟ له زوجات سابقات؟ حاله مع الله والناس؟..
في المقابل البنت توضع أمام الأمر الواقع تحت الضغوطات.. من جبهات عدّة أعتاها أسرتها.. فتتخبط بين إرضاء جميع الأطراف وائدة أملها في الحياة وفي قدسيتها..
وهي أسيرة بين أسرة تريد التخلص، ومجتمع يتقن التربص، وزوج محتمل يجيد التملص والتلصص والتقمص
وتدخل-بدل القفص الذهبي-سجنا صدئا تعيش فيه الكوابيس المرعبة تحت الوعيد المستمرّ.. والخروج بأكبر الخسائر..
ا.هـ
ـــــــــــــــــــــ
وبعد قرائتي للطرحين، وجدت نفسي أختار-بصدق- آخرهما (الموضوع الثاني) بعد أن انجذبت في البداية للأول، لكن المأساة في الأخير أشدّ وأنكى لما ينجم عنها،.. والله المستعان..