قال: حدثنا مجالد عن الشعبي قال :
قال لي شريح:
يا شعبي عليك بنساء بني تميم فإني رأيت لهن عقولا .
قال:
وما رأيت من عقولهن؟؟.
قال:
أقبلت من جنازة ظهرا فمررت بدورهم فإذا أنا بعجوز على باب دار وإلى جنبها جارية كأحسن ما رأيت من الجواري فعدلت فاستسقيت وما بي عطش.
فقالت:
أي الشراب أحب إليك ؟.
فقلت :
ما تيسر .
قالت:
ويحك يا جارية ائتيه بلبن فإني أظن الرجل غريبا .
قلت:
من هذه الجارية؟.
قالت:
هذه زينب ابنة جرير إحدى نساء حنظلة .
قلت:
فارغة أم مشغولة؟.
قالت:
بل فارغة .
قلت:
زوجينيها .
قالت:
إن كنت لها كفئا .
ولم تقل له كفوا وهى لغة تميم فمضيت إلى المنزل فذهبت لأقيل فامتنعت مني القائلة فلما صليت الظهر أخذت بأيدي إخواني من القراء الأشراف علقمة والأسود والمسيب وموسى ابن عرفطة ومضيت أريد عمها فاستقبل فقال:
يا أبا أمية حاجتك .
قلت:
زينب بنت أخيك.
قال :
ما بها رغبة عنك .
فأنكحنيها فلما صارت في حبالى ندمت وقلت :
أي شيء صنعت بنساء بني تميم وذكرت غلظ قلوبهن فقلت أطلقها ثم قلت لا ولكن أضمها إلى فإن رأيت ما أحب وإلا كان كذلك فلو رأيتني يا شعبي وقد أقبل نساؤهم يهدينها حتى أدخلت على فقلت:
إن من السنة إذا دخلت المرأة على زوجها أن يقوم فيصلى ركعتين فيسأل الله من خيرها ويعوذ من شرها فصليت وسلمت فإذا هي من خلفي تصلي بصلاتي فلما قضيت صلاتي أتتني جواريها فأخذن ثيابي وألبسنني ملحفة قد صبغت في عكر العصفر فلما خلا البيت دنوت منها فمددت يدي إلى ناحيتها فقالت:
على رسلك أبا أمية كما أنت ثم قالت:
الحمد لله أحمده وأستعينه وأصلي على محمد وآله إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك فبين لي ما تحب فآتيه وما تكره فأزدجر عنه وقالت إنه قد كان لك في قومك منكح وفي قومي مثل ذلك ولكن إذا قضى الله أمرا كان وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله له إمساك بمعروف أو بتسريح بإحسان أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك
قال فأحوجتني والله يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع فقلت:
الحمد لله أحمده وأستعينه وأصلي على النبي وآله وأسلم وبعد فإنك قد قلت كلاما إن تثبتي عليه يكن ذلك حظك وإن تدعيه يكن حجة عليك أحب كذا وأكره كذا ونحن جميع فلا تفرقي وما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة فاستريها .
وقالت شيئا لم أذكره: كيف محبتك لزيارة الأهل؟.
قلت:
ما أحب أن يملني أصهاري .
قالت:
فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك آذن لهم ومن تكرهه أكرهه .
قلت:
بنو فلان قوم صالحون وبنو فلان قوم سوء .
قال فبت يا شعبيب أنعم ليلة ومكثت معي حولا لا أرى إلا ما أحب فلما كان رأس الحول جئت من مجلس القضاء فإذا بعجوز تأمر وتنهى في الدار فقلت:
من هذه ؟؟.
قالوا: فلانة ختنك فسرى عني ما كنت أجد فلما جلست أقبلت العجوز فقالت :
السلام عليك أبا أمية .
قلت :
وعليك السلام من أنت؟.
قالت:
أنا فلانة ختنك .
قلت:
قربك الله.
قالت :
كيف رأيت زوجتك ؟.
قلت:
خير زوجة .
فقالت لي:
أبا أمية إن المرأة لا تكون أسوأ منها في حالتين إذا ولدت غلاما أو حظيت عند زوجها فإن رابك ريب فعليك بالسوط فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم شرا من المرأة المدللة .
قلت:
أما والله لقد أدبت فأحسنت الأدب ورُضت فأحسنت الرياضة .
قالت:
تحب أن يزورك ختانك ؟.
قلت:
متى شاءوا.
قال: فكانت تأتيني في رأس كل حول توصيني تلك الوصية .
فمكثت معي عشرين سنة لم أعتب عليها في شيء إلا مرة واحدة وكنت لها ظالما أخذ المؤذن في الإقامة بعد ما صليت ركعتي الفجر وكنت إمام الحي فإذا بعقرب تدب فأخذت الإناء فأكفأته عليها ثم قلت:
يا زينب لا تتحركي حتى آتي.
فلو شهدتني يا شعبي وقد صليت ورجعت فإذا أنا بالعقرب قد ضربتها فدعوت بالسكت والملح فجعلت أمغث أصبعها وأقرأ عليها بالحمد والمعوذتين .
وكان لي جار من كندة يفزع امرأته ويضربها فقلت في
ذلك :
كنتم زعمتم أنها ظلمتكم كذبتم وبيت الله بل تظلمونها
فإن لا تعدوا أمها من نسائكم فإن أباها والد لن يشينها
وإن لها أعمام صدق وإخوة وشيخا إذا شئتم تأيم دونها