(من أجل حياة زوجية هانئة)
السلام عليكم ورحمة الله
مقدمة
الحمد لله، والشكر له على توفيقه العام، وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
أما بعد..
فإن إقامة بيت سعيد، هدف يسعى إليه كل فرد، وأمنية يود تحقيقها كل أحد...
فكم من بيت ضيق جعلته السعادة رحباً واسعاً، وكم من منزل واسع الأرجاء جعله النكد أضيق من خرم الإبرة..
لماذا الزواج؟..
الزواج من أعظم النعم التي امتن الله سبحانه وتعالى بها على عباده، لما ينتج عنه من الطمأنينة التي تملأ قلب الزوجين، فإذا بحياتهما تمتلئ غبطة، وتشع سروراً، وتستأنس ابتهاجاً، ولذلك قال الله تعالى وهو أصدق القائلين والعالم بمكنون النفوس وبواطن القلوب وأسرار الصدور: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}.
فتأملوا.. كيف قال الله سبحانه وتعالى: {لتسكنوا إليها} ولم يقل: (معها) لأن السكن مع الشيء يكون مع محبتك له وعدم محبتك، أما السكن إلى الشيء فإن فيه معنى أكبر من الأنس والألفة والمحبة والميل والطمأنينة.
وكم حري بالرجل حين انطلاقه للبحث عن مؤانسته ورفيقة دربه الذي ربما يطول، أن يستحضر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة"،
ولذلك قال الشاعر:
أفضل ما نال الفتى بعد الهدى والعافية
قرينةٌ مسلمــةٌ عفيفةٌ مواتيــة
كما أنه حري بالمرأة إنْ تقدم لها رجل أن تنظر إلى صلاح دينه وأخلاقه، فإذا ارتبطت به فلتستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم مخاطباً المرأة وحاثاً لها على حسن صحبة الزوج: "هو جنتك ونارك".
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة من السعادة، وثلاثة من الشقاء، فمن السعادة: المرأة الصالحة، تراها فتعجبك، وتغيب عنها فتأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون وطيئة فتلحقك بأصحابك، والدار تكون واسعة كثيرة المرافق، ومن الشقاء: المرأة التي تراها فتسوؤك، وتحمل لسانها عليك، وإن غبت عنها لم تأمنها على نفسها ومالك، والدابة تكون قطوف، فإن ضربتها أتعبتك، وإن تركتها لم تلحقك بأصحابك، والدار تكون ضيقةً قليلةَ المرافق".
وهكذا الحال بالنسبة للمرأة، فإن من أعظم السعادة أن يكون لها زوجٌ صالح، يؤنس وحشتها، ويعينها في محنتها، ويكون لها ركناً شديداً تأوي إليه وقت خوفها، وخلو حياتها من أنيس.
والعاقل الفطن هو الذي يفهم ـ على عجالة ـ نفسيات شريكه، وما يحبه ويكرهه، وسلبياته وإيجابياته، فيعامله من خلال هذا المنطلق.
الاختيار..
إن المرحلة الأولى في طريق الزواج هي مرحلة الاختيار، ولعل هذه المرحلة هي أشق المراحل
وإن كان الأمر على مشقته سهلاً بالنسبة للرجل، فإنه صعب بالنسبة للمرأة ولذلك كان على أوليائها أن يعينوها على تحقيق مستقبل سعيد واختيار موفق.
ومن أجل ذلك نصَحَنا أنصحُ الخلق للخلق محمد صلى الله عليه وسلم بما ينير الطريق لكل راءٍ، ويبصر كل ذي بصر، وعلَّمنا القواعد التي إن عملنا بها، تحققت لنا السعادة العظيمةُ، والهناءُ الدائم الذي لا يخبو نوره، ولا تنسى لذته، وبين لنا كيف نختار وكيف نوفق في الاختيار، فقال صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولجمالها، ولحسبها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".
فهذا الحديث يحكي واقع الناس، واختلاف دوافعهم حين الاختيار، فكلٌّ يبحث في زواجه عن هدف، وبيّن لنا الهدف الأسمى الذي يستحق أن يُتعب عليه وهو: (الدين)، لأنه رأس الأمر، وعنوان الصلاح، وقائد لكل خير.
وهكذا الحال بالنسبة للمرأة، فالواجب عليها اختيار الرجل الصالح الذي يصلح معه حالها، وفي ذلك جاء الخطاب للناس من الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم بقوله: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".
فالواجب على المرء أن يختار لمولّيته رجلاً صالحاً، إنْ أحبها أكرمها، وإن كان غير ذلك سرحها سراحاً جميلاً دون إهانة أو ظلم.
فهذه أمانة عظيمة لا بد أن يعرفها كل ولي يخاف الله ويرجوه، وأن يعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "من كان له أختان أو ابنتان فأحسن إليهما ما صحبتاه كنت أنا وهو في الجنة كهاتين ـ وأشار بين إصبعيه ـ".
وقيل للحسن البصري رحمه الله: "إن لي ابنة فمَن ترى أن أزوجها؟ قال: زوجها من يتقي الله تعالى، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها..".
أما بالنسبة للصفات الذاتية للفتاة التي سترتبط بها، فيجب أن تسأل عنها أدق الأسئلة من جميع الجوانب لأنك سترتبط بها ارتباطا وثيقاً
وفي منزل الزوجية.. تبدأ الحياة ..
إن الزوج والزوجة شخصان غريبان عن بعضهما، رُبِطَ بينهما بهذا الرباط الوثيق، وظللهما سقفٌ واحد، وحوتهما بقعة واحدة، بعد أنْ لم يكن بينهما تواصل ولا اتفاق، ولذا فمن الضروري التنبه إلى أنهما سيمران بمرحلة خطيرة، إنْ لم يتنبها إلى كيفية التعامل معها فإنه سيسقط الصرح الذي شرعا في تشييده.
وهذه المرحلة هي الأشهر الأولى من تاريخ الحياة الزوجية، فإنها فترة دراسة كل من الزوجين لطباع الآخر، ويغشاها الاضطراب وتغير النفسيات، ودراسة أحد الزوجين طبائع طرف آخر قد ارتبط به، ولم يكن بينهما ثمة صلة قبل ذلك، وقد يوفق أو يفشل.
والكثير يقع منهم الطلاق في هذه الفترة، إما لقلة الخبرة، أو فقد الصبر، وعدم معرفة التعامل مع الأحداث.
فلا بد لكل من الزوجين تفهم طبائع الشخص الذي اقترن به، فيكيّف نفسه وفق ذلك من أجل تحقيق حياة سعيدة، وإيجاد شخص يستأنس به.
و حري بالزوج أن يختار الألفاظ الحسنة وهو يخاطب امرأته، ويضفي عليها صفات المدح تأليفاً وترغيباً وتحبباً إليها، ولا يعيّرها ويذكر ما فيها على سبيل النقص، فإن تجميل اللسان نعمة، والقلوب عند عالمها، وكم ألان اللفظ الحسن طباع الغلظة والقسوة، فإذا بصاحبه مألوف لدى كل أحد.
ألم تر أن بعض الأزواج يمدح زوجته بما يراه الناس نقصاً، فإذا بها تستجمع السعادة في قلبها غبطة وسروراً، ولا ترى ذلك نقصاً ما دام أنه في عين زوجها كمالاً، وفي ذلك يقول القائل:
وأنت التي حببت كلَّ قصيرةٍ إليَّ.. ولم تشعر بذاك القصائرُ
فلماذا بعض الناس يتعلم جمال المنطق مع كل أحد إلا مع شريك حياته، الذي إن صفا عيشه معه فهي السعادة العظمى والسكينة التي ليس فوقها مطلب، قال صلى الله عليه وسلم: "الكلمة الطيبة صدقة..".
فابحث في نفسك.. هل رطبت لسانك بكلمة طيبة ترقق بها قلب زوجتك؟
وانظري في نفسك.. هل جعلتِ الكلام الطيب مدخلاً إلى قلب زوجك؟
هل إذا دخل المنزل سمع كلمة جميلة؟
هل إذا طال غيابه عن المنزل جاءه هاتف يسأل عن حاله، ويسمع منه كلمة طيبة؟، أو رسالة توحي إليه بالاشتياق؟!
وكم هو جميل أن تكون الابتسامة شعاراً بين الزوجين، فإن للابتسامة أثراً بالغاً في تليين القلوب ودفء المشاعر ألم يقل صلى الله عليه وسلم: "وتبسمك في وجه أخيك صدقة".
بيوت.. في مهب الريح
يجب ألا نطالب بتحقيق المثالية الحالمة، في إيجاد بيت لا تمر به رياح المشاكل الزوجية، لأن دوام الحال من المُحال، ولا يعني ذلك أنه لا تبذل الأسباب التي تحول دون وقوع المشكلات وتكدير الحياة، ولكن هذا حتى يوضع في الاعتبار أن لكل طريق عقبات وعوائق، ولا بد من معرفة العائق حتى يُعرف كيف تجاوزه، والتعامل معه.
قد قال البعض: "إن المشاكل الزوجية هي ملح الحياة الزوجية، لما يحدث بعدها من القرب والمودة والألفة، لكن إنْ تبين أن هذا القول صحيح، فلا بد ألا يزيد الملح عن قدره، لأنه سيولد الضغط التي سيؤدي بعد ذلك إلى الهلكة".
تأمل أخي الكريم ... تأملي أختي الكريمة
كانت عائشة رضي الله عنها تشرب من الإناء، فيأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيها ويشرب، وكان يضع رأسه في حجرها ـ وهي حائض ـ فيقرأ القرآن.
وكانت إحدى زوجاته نائمة بجانبه فحاضت، تقول: فانسللت، فشعر بها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أَنَفِسْتِ..؟ ـ يعني: أحضتِ..؟ ـ فقالت: نعم، فأدخلها في فراشه.
فأي (ود) بعد هذا..؟ وأي رحمة بعد هذه..؟.
مع ما يقابل ذلك من ذكاء الزوجة، وتحببها إلى زوجها، تقول عائشة رضي الله عنها: "كان الحبشة يلعبون بحرابهم في المسجد، فيحملني النبي صلى الله عليه وسلم على ظهره لأنظر إليهم، فيقول: انتهيت..؟ فأقول: لا. حتى أعلم مكانتي عنده".
والزوجة الطيبة هي التي تفعل ما يحب زوجها، وتتجنب ما يكره، ويجب أن تحفظ هذا، ولا تحتاج أن يكرر عليها ذلك في كل وقت.
هنا أمر يفعله بعض الناس وهو: (إفساد المرأة على زوجها)، وهذا من أعظم الآثام، فليحذر المسلم أن يكون من أهل هذا الطريق فيبوء بالوعيد الشديد، قال صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من خبب امرأة على زوجها"، أي: أفسدها.
فكم حدثت مشكلة صغيرة بين زوجين، فلا زال بعض الناس ينفخ فيها حتى كبرت، تأتي امرأة فتقول: لا تتنازلين، يفرض شخصيته عليك، وهكذا من الكلام المفسد، حتى يدمر البيت.
وقد تكون الدافعة على الدمار أماً أو أختاً أو صديقة عمل، فلا تكن المرأة ضعيفة عقل، فتدمر بيتها بكلام أناس ربما يحسدونها على حياتها.
وعلى الزوج والزوجة عدم التشدد في الرضى، إن استرضى أحدَهما صاحبُه، فلا تستكبر المرأة ويوسوس لها الشيطان.
ولا يتعنّت الرجل كذلك، فإذا أقرت بالخطأ فليكن صدره واسعاً، ما دام أنه أمر لا يقدح بالدين أو الأخلاق.
على أنه لا بد أن يُعرف، أن المرأة سيئة الخلق ليس للرجل أن يمسكها، لأنها تفسد أكثر مما تصلح.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة يدعون فلا يُستجاب لهم: منهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها".
وعلى المرأة أن تعرف أن خدمة زوجها واجبة عليها، وواجب عليها أن تطيعه بالحلال (أما في الحرام فلا)، ولذا فالواجب عليها أن تقوم بالأعمال التي يحتاجها في بيته، وتتواضع له، وتترك التعالي عليه، ولا تفسر ما يقوله لها أنه من باب الإهانة، فلربما أمرها بفعل شيء في منزله أياً كان هذا الشيء ـ لكن ليس فيه معارضة للدين أو قدح للأخلاق ـ، بل يدخل في عموم حقه عليها، فلا تستكبر وتفسره بأنه كسرٌ لشخصيتها، ولعله من المناسب أن يُعرف أن مسألة الكرامة زائلة بين الزوجين إلى حد بعيد، فلا تفسر المرأة بعض ما يطلبه زوجها أنه إهانة.
وكم هو مهم أن يُعرف: أن الحياة الزوجية لن تسير على ما يرام، إذا كان كل من الزوجين يريد أن يتصرف من منطلق القوة، وعليه فإنه لا بد من وجود شخص ليّن، ولا شك.. أنها المرأة!!.
فإن كل عاقل يعرف أن لينَ الرجل وقوةَ المرأة
هي الفطرة.. فلماذا الهروب والمكابرة؟!
على أنه لا يعني كون الرجل قوياً أن يكون ظالماً، فقوةُ الشخصية لا تعني الظلم والقسوة.
أيها الزوجان مهلاً..
إن الزوجة الصالحة هي التي تعرف عظيم قدر زوجها، وكبير حقه عليها، فلا تألوا جهداً في سبيل راحته وسعادته، ولتتأمل قوله صلى الله عليه وسلم: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرْتُ المرأة أن تسجد لزوجها".
إن هذا أعظم بيان لحق الزوج على زوجته، وعجباً ممن تمر به هذه النصوص فلا يقف أمامها موقف المتأمل الخائف ألا يكون قد عمل بها.
فعلى المرأة أن تحسن عشرة زوجها، فتحفظ سره، وتحافظ على ماله لأنها مستأمنة عليه، ولا تكشف سترها لغيره، وترقق قلوب أولاده عليه، وتترك الجلافة والغلظة، فلو أسدى إليها خدمة أو قدم لها هدية (مثلاً)، فلتشكر صنيعه، ولتثني عليه خيراً، ولا تذم ما قدمه، ولا تقبح ما يفعله لأجلها وأولادها، وعليها أن تبحث عن مواطن إرضائه فتسارع إليها.
ولتكن عوناً له على العفة والنأي عن الفتن، فلا تهجر فراشه وتنأى عنه بنفسها، قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه، إلا الذي كان في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها".
ولتصاحبه في الدنيا معروفاً، فتأتي ما يحبه وإن كانت لا تحبه، وتُعرض عما لا يحبه وإن كانت تحبه، محتسبة الأجر من الله سبحانه، ومستحضرة أنه ضيف عندها يوشك أن يرتحل فلا تؤذيه بقول أو فعل، قال صلى الله عليه وسلم: "لا تؤذي امرأةٌ زوجها في الدنيا، إلا قالت زوجته من الحور العين، لا تؤذيه ـ قاتلك الله ـ فإنما هو عندك دخيل، يوشك أن يفارقك إلينا".
سئل النبي صلى الله عليه وسلم: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت".
وليعلم أن كرامتها من كرامته، فكيف يكون هو من يهينها؟..
وعليه أن يحسن المعاشرة بالمعروف، فيقومها على طاعة الله، ويمنع عنها كلَّ ما يخدش حياءها قولاً وفعلاً، مسموعاً ومرئياً، لأنها هي التي ستربي الأبناء، فتكون قدوة لبناتها، موجهة لأبنائها في غيابه، وأكثر من يخالطهم، لانشغاله في أمر المعيشة والحياة.
وعليه أن يوقرها أمام أولاده حتى يهابونها ويوقرونها، لأنه إذا كسر شخصيتها عصاها الأبناء، وعند ذلك يضيعون ويتيهون ويتصرفون بالسوء، لعدم وجود من يخافون منه أو يعملون له حساباً.
وعليه أن يكون رقيقاً في تعليمه لها وتوجيهه، دون تعنت أو غضب أو إذلال، قال صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم"..
إذن لماذا تزوج المرء.. أَمِنْ أجل اسم الزواج فقط..؟!
ولا نعني بالرحمة والرقة أن يترك لها الحبل على الغالب، وأن يتهاون فيما لو اقترفت إثماً أو عيباً في أعراف الناس، لكن المقصود.. الرحمة في التعليم والتوجيه.
وعليه أن يكون رجلاً غيوراً عليها، ويوقن ويعتقد من صميم قلبه أنها له وحده، فلا تتبرج ولا تخالط الرجال الأجانب، أو تكون خراجةً ولاّجة.
فكما أن منتهى السعادة عند المرأة أن يكون زوجها لها وحدها، ولا تشاركها فيه زوجة أخرى، فكذلك منتهى السعادة عندها، حين تحس أن زوجها يغار عليها وأنها له وحده، فالرجل الذي لا يغار على زوجته يجعلها تحس بالنقص، حيث لا تجد رجلاً قوياً يخاف عليها.
وعليه أن يتقي الله فيها، فلا يكشف سترها الذي كانت عليه عند أهلها، فيطالبها بكشف الوجه، أو رفع الستر، فإن هذه دياثة، ولا يجوز لها طاعته في ذلك، ومثل ذلك غير مأسوف عليه.
وليعلم الزوج أنه مهما حاول أن يبلغ الكمال في إصلاح زوجته، فلا بد من النقص والخلل، وما دام الخلل ليس في الدين ولا الأخلاق فيُصبَر عليه، ومن المحال أن يجد امرأة كاملة ليس فيها نقص من جهة.
قال صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقيمه كسرته، وإن تتركه لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء".
وقال: "المرأة كالضلع، إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعت به، استمتعت بها وفيها عوج".
وقال: "إن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها".
فاحمدوا الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وليكن من شكرنا للحلال، العفاف عن الحرام، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي".
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقيم بيوتنا على السعادة، وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، ونسأله سبحانه أن يجعل ما قلناه خالصاً لوجهه الكريم، وأن يهدي به كثيرا من عباده.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.