عنوان الموضوع : دعوة للمصارحة تم الاجابة
مقدم من طرف منتديات العندليب
المحتويات
دعوة للمصارحة على المستوى الفردي: 3
أولا: أسلوب الإسقاط: 4
ثانياً أسلوب التبرير: 5
ثالثاً: اجتناب التفكير في المشكلة: 6
رابعا: عقدة البحث عن الحل والعلاج: 6
خامسا: الورع البارد 8
المصارحة على المستوى الجماعي: 9
آثار تخلف المصارحة: 13
1 – أن تصبح الأخطاء جزءاً من تفكيرنا: 13
2 – فتح المجال أمام المفسدين: 13
3- فشل المشروعات الإصلاحية: 14
دعوة للمصارحة
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، أما بعد:
فلعلنا نقف قليلاً حو ل المعنى اللغوي للمصارحة قبل أن نبدأ في الموضوع.
يقول الأزهري : صرح الشيئ وصرحه إذا بينه وأظهره. ويقال : صرح فلان ما في نفسه تصريحاً أي أبداه.. والتصريح خلاف التعرض. ومن أمثال العرب: صرحت بجدان وجلدان إذا أبدى الرجل أقصى ما يريده.
وفي اللسان : انصرح الحق أي بان، وكذبٌ صرحان أي خالص. ولقيته مصارحةً ومقارحةً وصراحاًً وكفاحاً بمعنى واحد إذا لقيته مواجة. وصرح فلان بما في نفسه وصار أبداه وأظهره.
أي أن هذا المعنى الذي نستعمله صحيحاً لغةً؛ وذلك أن بعض الكلمات قد تستخدم في غير موضعها فمن ثم كان لابد من تحقيق مثل هذا المعنى وصحة استعماله لغةً.
معشر الأخوة الكرام : الصدق خلقٌ محمود ومطلوب شرعاً، قال عز وجل يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين وعد الله سبحانه وتعالى الصدق ضمن صفات عباد الله الصالحين إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات.. إلى آخر الآية وقال صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المشهور" إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار "
وفي الحديث الآخر " الصدق مع البر وهما في الجنة، والكذب مع الفجور وهما في النار ".
وفي المقابل فالكذب خصلة شنيعة وصفة مرذوله يحق على صاحبه لعنة الله ألا لعنة الله على الكاذبين وهو سلم وطريق إلى الفجور الذي يؤدي إلى النار "إن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ".
وفي الحديث الآخر "الكذب مع الفجور وهما في النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً " وحينما يكون المؤمن جباناً أو بخيلاً فإنه لا يمكن أن يكون كذاباً.
وكما أن الصدق صفة مطلوبة شرعاً يستحق صاحبها الثناء، و الكذب مذموم في الشرع مغمرس صاحبة بصفة من صفات المنافقين حتى يدعها، فهما كذلك في الخلق المستقيم والفطرة السليمة، فمازال الناس برهم وفاجرهم يدركون أن هناك تناسب بين الكذب وبين السب والانتقاص، لذا لايطيق أحدهم بأن يوصف بأنه كذاب، وغاية السب والشتم لأي امرئ أن تتهمه بالكذب وحتى أكذب الناس الذي يتخذ الكذب حرفة ويأخذ على ذلك أجراً لا يرضى بأن يوصف بالكذب.
ولئن كانت هذه شناعة الكذب على الناس وممارسته عليهم بهذا القدر من السوء والرفض فما بالكم بمن يمارس الكذب على نفسه، إنها قضية أكثر سوءاً وأكبر خطأً واستخفافاً بالنفس.
إننا أحياناً نمارس الكذب على أنفسنا أفراداً وجماعات، وبصورة تفرض سحباً من الأوهام المفتعلة، وتضع سياجاً يحول دون الرؤية الواضحة الصادقة، فكم نفتعل العمى والعشى ونحن نستطيع أن نبصر الحقيقة بأم أعيننا، ومن واجبنا أن نتسائل من المستفيد والخاسر من حجب الحقائق وافتعال الضبابية حول الواقع؟.
إن مرحلة العواطف والحماسة مرحلة يجب أن نتجاوزها ومرحلة ستر العيوب وإخفاء الأخطاء سلوك يجب أن نتخلى عنه.
ومن ثم كان لابد من دعوة للمصارحة فهي دعوة للمصارحة على المستوى الفردي وعلى المستوى الجماعي.
دعوة للمصارحة على المستوى الفردي:
من سجية النفس أنها ترهب الخطأ وتهاب الانحراف وترفض تأنيب الضمير واللوم الداخلي، وتلك صفة يكفي في استحقاقها كون المرء إنساناً، فالناس مؤمنهم وكافرهم برهم وفاجرهم حين يقعون في الخطأ ويواجهون سياطاً من اللوم والعتاب من أنفسهم -أياً كان هذا الخطأ ومهما كان مصدره ومهما كانت مقاييسه وموازينه- فهم يسعون إلى التهرب من تحميل أنفسهم مسؤولية أخطائهم وتبعتها.
وحين تثقل على النفس سيئة الخطأ وتنوء بحمل نتائج التقصير فإن الإنسان حينئذ يمارس حيلاً لا شعورية مع نفسه لينفي عنها الخطأ أو يخفف تبعاته، كل ذلك يعمله مع نفسه حتى يسلم من اللوم والعتاب الظاهري، لكن هذه الحيل تسهم في إخفاء الحقيقة وفي تكوين ركام من الأوهام تحجب عنه الرؤية الصادقة..
فلئن كان الكذب فجوراً و شناعة حينما يمارسه المرء مع الأخرين، فهو كذلك حين يمارس مع نفسه، بل يزيد مع ذلك استغفالاً لنفسه وسلوك طريق النعامة التي تخفي رأسها وتظن أن الفريسة لا تراها.
إن الطالب الذي يفشل في الامتحان كان جاداً وقد بذل الجهد ولكن الأستاذ كان فاشلاً؛ فالأستاذ لا يجيد شرح المادة، أو كانت درجات أعمال السنة هي السبب، أو أن أسئلة الامتحان كانت مفاجئة وغامضة، أو كان التصحيح غير دقيق، أو كانت نفسيته يوم الامتحان ليست مستقرة فم يوفق للإجابة، وهكذا يفتعل هذا الطالب ألواناً من الحجج والمعاذير يقنع نفسه ويخدعها لكي لا يتحمل المسؤلية، أما لو كان صادقاً مع نفسه لاعترف بتحمل المسؤلية فهو يعرف أستاذه طوال العام فإذا كان الأستاذ على سبيل المثال لا يجيد شرح المادة فقد كان بإمكان الطالب أن يعطي هذه المادة جهداً مضاعفاً حتى يعوض القصور الذي يأتتي من أستاذه، وليست هذه أول مرة يدخل فيها قاعة الامتحان؛ فهو يتوقع أن تأتيه الأسئلة على أي صورة وعلى أي احتمال.
ومن الأساليب التي نستخدمها للتهرب من مواجهة النفس ومصارحتها:
أولا: أسلوب الإسقاط:
وعندما يسلك الشاب سلوكاً غير مستقيم فيواجه بالمناصحة يحتج بأن والده لم يحسن تربيته، أو أنه نشأ في بيت غير محافظ، وحين ترى من شاب مستقيم صالحٍ خيراً وترى فيه عيباً فتناقشه فيه فماذا سيقول لك ؟ سيقول لك إني تربيت مع مجموعة غير جادة، إني كنت مع رفقة كانوا غير حريصين على العلم ولم يحرصوني حتى مضت زهرة عمري وريعان شبابي ولم أستفد، والسبب هو فلان الذي يتحمل المسؤلية فهو الذي رباني، السبب هو استاذي، السبب هو فلان أو فلان من الناس.
إنه يجيد أن يحمل المسؤلية لأي شخص كان ولو لم يكن له علاقة بالأمر من قريب أو بعيد.
في غزوة بني قريظة حين حكَّم فيهم صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ رضي الله عنه فحكم فيهم بأن تقتل مقاتلهم وأن تسبى ذراريهم، كان كل من بلغ الحلم قتل ومع ذلك كان هذا الشاب صغير السن ربما يبلغ الرابعة عشر أو الثالثة عشر أو أكثر أو دون ذلك وقد عاش في بيت يهود من أب يهودي وأم يهودية، وعاش في وسط أحياء اليهود يرضع الحقد على هذا الدين، يسمع من والده ومن عمه ومن أقاربه ذم هذا الرجل وأنه كذاب وغير صادق، ومع ذلك فهل قتل ظلماً ؟
لم يقتل ظلماً فهذا حكم الله من فوق سبع سموات وسيلقى الله عز وجل ويحاسبه، فإن كان أحداٌ يُعْذَر بسوء التربية فسيعذر هؤلاء، فهم أولى بالعذر من غيرهم ممن عاش في بيئة مسلمة، يسمع الكلمة صباح مساء، فلماذا نتهرب من المسئولية ونحملها الآخرين ونسقط تبعاتنا على غيرنا؟
ثانياً أسلوب التبرير:
أحياناً لانرى شخصاً بعينه يمكن أن نحمله المسؤولية، لكن ثمة أعذار كانت هي السبب وراء وقوعنا في ذلك؛ ففلان الذي وقع في المعصيية والانحراف يرى أنه مسؤول عن نفسه ويرى أن والده أو قريبه أو مربيه لا يتحمل المسؤولية ولكن من دجه أخرى يرى أنه عاش في عصر بدت أمامه فتنٌ لا يستطيع دفعها، يرى أنه عاش في مرحلة أو فترة لم يستطع فيها أن ينتصر معها على تلك الفتن التي وجهته، والآخر الذي يمتنع عن مجالٍ من مجالات الدعوة يفترض أن هناك مفاسد يخشى أن تترتب على عمله، ويفتعل أعذاراً وأوهاماً يرى أنه معذورٌ فيها عن قعوده وتخليه، والعذر الأول والأخير لو كان صريحاً وصادقاً مع نفسه هو الكسل وليس غير الكسل.
ثالثاً: اجتناب التفكير في المشكلة:
حين يفشل الفرد في الإسقاط ويفشل في التبرير فقد يسلك أسلوباً ثالثاً فيتهرب من التفكير في المشكلة، ويسعى لأن يشغل نفسه بالتقكير في أي أمر آخر غير مشكلته هذه، فهو لايطيق أن يتحمل تأنيب النفس ولوم الضمير.
رابعا: عقدة البحث عن الحل والعلاج:
حين يفشل المرء في ذلك كله يعمد إلى أسلوب يتصور من خلاله أنه يبحث عن الحل والعلاج وهو يزيد الأمر تعقيداً، فهناك من يقصر في طاعة من الطاعات أو يقع في معصية من المعاصي ويفشل في جهاد نفسه واستنقاذها فيعمد بعد ذلك للبحث عن العلاج وعبارته التي يرددها: أنا شاب أشكو من كذا وكذا فما الحل؟ هذه العبارة كثيراً ما نراها ضمن أسلئة المحاضرات، أو نقرأها في زاوية الفتاوى أو المشكلات التي تعرض في الصحف، أو في رسالة يحملها البريد.
إن هذا لا يعني الاعتراض على السؤال أو طرح المشكلات، لكن الواقع أوسع من ذلك، إنك ترى هذا الشاب يطرح هذا السؤال في كل مناسبة، ويلقيه في أكثر من لقاء، ويبقى مع ذلك في تطلع إلى الحل، يبقى يثير السؤال نفسه ويطرحه، ولهذا ترى أن السؤال الذي يطرح في هذا اللقاء هو السؤال الذي يطرح في لقاء الغد وربما من الشخص نفسه، وربما بنفس اللغه.
ومكمن الداء هنا انصراف الشاب عن الحل الحقيقي إلى البحث عما وراء ذلك، إن المعصية طريقها واضح لاخفاء فيه، وما نهى الله عز وجل الإنسان إلا عما يطيق تركه، والطاعة طريها لا يختلف عليه اثنان، وما أمر الله عز وجل الإنسان إلا بما يطيق، فلا يزيغ عن طريق الله عز وجل إلا هالك لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها ومع تكرار السؤال والإلحاح فيه دون جدوى يغيب عن الشاب أن الحل بيده، وأن العلاج ببساطة أن يترك ماكان يفعل أو يفعل ما كان يترك، وأن يجاهد نفسه على ذلك، وحين يفشل فلا يعني هذا أن هناك عشرون خطوة نسي هو الخطوة العشرين وهي العقدة والسبب في عدم الوصول إلى الحل، إن مكمن الداء وأساس المشكله هو ضعف الإيمان وضعف العزيمة والإرادة.
ولنعرض أيها الإخوة نماذج من الأسئلة التي كثيراً ما تصلنا حتى لا نحلق في الخيال: سؤال وصلني في احد الدروس يقول : إنني أعق والدي فما الحل ؟ إنني لا أملك أن أقول لهذا الشاب إلا: الحل أن لا تعق والديك، هل هناك حل أخر غير هذا الحل ؟ سؤال آخر يتكرر أيضاً " إنني أسمع الغناء وأريد أن أتخلص منه فما الحل؟ إنني شاب لي صحبة فاسدة وأريد أن أتخلى عنهم فكيف ذلك؟ لا استيقظ لصلاة الفجر فما الوسيلة لحل هذه المشكلة؟ مشكلتي أني أقع في العادة السرية وأجاهد نفسي لكني لا أستطيع تركها فما الحل؟ إنها قائمة كبيرة من الأسئلة تتكرر كثيراً، ويجاب عن السؤال ثم ترى السائل نفسه يعرض السؤال مرة أخرى، وبنفس اللغة وربما على الشخص نفسه، وهكذا يبقى في حلقة مفرغة.
لا اعتراض على أن يطرح الشاب مشكلاته، ولا نرفض أن يسأل أو يبحث عن الحل، ولا نعترض على المتحدث حين يجيب وحين يذكر خطوات للحل، لكننا نخشى أن تتحول القضية إلى عقدة يتصور الشاب بعد ذلك أنه معذور لأنه لم يصل إلى الآن إلى الحل.
زارني شاب جلس معي قرابة الساعة يشكو لي مشكلته، ثم قال :لقد ذهبت إلى فلان من طلبة العلم سبع مرات، وفلان كذا وكذا مرة، وفلان.. فقلت له : هل أنت مقتنع بعد ذلك مما عرضت لك أنه هو الحل؟ قال : لا، قلت أتريد حلاً لم تأت به الشريعة الإسلامية؟! لست أدري، المشكلة هي منك أنت وحدك، المشكلة أنك إنسان ضعيف الشخصية، ضعيف الإيمان، ضعيف العزيمة والإرادة هذه المشكلة أولاً وأخيراً.. فلا داعي أن تضيع أوقات الناس، وتشغلهم بهذا السؤال، إذا لم تستطع فكن صريحاً وواقعياً وأعلنها في نفسك إنني أنا ضعيف، وجاهد نفسك ولا داعي لإضاعة الوقت لأنك حين تبحث عن الحلول وحين تكثر السؤال عن الحل فإن هذا يهوَّن عليك بشاعة الخطأ الذي وقعت فيه، ويخفف عليك اللوم من نفسك وتأنيب الضمير لأنك تتصور أن هناك حلاً لا يملكه إلا رجل رأيته في المنام ولم تره في اليقظة، فأنت تسأل في كل مناسبة وكل لقاء علك أن تجد من رأيته في المنام وقد ترى ملك المرت فبل أن تجد ذلك الرجل.
لسنا نعترض على السؤال وعلى تناول المشكلات وعلى الحديث عنها، لكن حين تناولها يجب أن تناولها باقتصاد، ويجب أن تتصور مكمن الداء وأساس المشكلة، وحينما نجيب عن السؤال وعن المشكلة فيجب أن نوقف السائل على أن الحل بيده، وأن الحل ليس هذه الخطوات المحددة التي أعطيناه إياها.
خامسا: الورع البارد
في مقابل تلك الحجج السابقة هناك من يدرك تبعات العمل الجاد وتكاليفه على النفس، فلا يطيق الصبر ولا يستطيع أن يصارح نفسه بالكسل ويفاتحها بالخمول، فيقول حينئذ بأنه يتورع عن تحمل المسؤولية ويخاف من الأمانة، وكم نرى من نماذج ممن يملك القدرة والعلم والوقت فيضيع عمره سدى وأوقاته هداراًَ، وحين يدعى إلى العمل والمشاركة يعتذر بأنه ليس أهلا لذلك، وأن الأمانة أكبر والمسؤولية أشد مع أنه يعلم أن كثيراً ممن هم في الميدان من هؤلاء دونه بمراحل.
وبعضهم يسلك مسلكاً آخراً؛ فينتقد العاملين ويتحدث عن زلاتهم وأخطائهم، ويرى أن هذا الميدان من العمل فيه أخطاء عدة، والميدان الآخر فيه من الأخطاء كذا وكذا، ومن يحاضرون يخطؤن كذا، ومن يتصدرون حلق القرآن يخطؤن في كذا وكذا، ومن يربون الشباب يخطؤن في كذا وكذا، فيعطيك قائمة من الأخطاء للناس جميعاً.
وكثير مما يقال حول هذه الأخطاء والزلات قد لايكون نتاج اقتناع تام، بل هو صدر عنحيلة نفسية ومن رجل كسول لا يستطيع العمل ولا يطيق الصبر على تحمل أعباء الطريق ومشقته، فحينئذ لا مناص له من خيارين لا ثالث لهما، الخيار الأول أن يقول : إن أولئك عاملون جادون ناصحون، صادقون، وأنا رجل كسول فاشل، وهذا خيار صعب على النفس أن تقوله، فحينئذ يلجأ إلى الخيار الثاني فهو لا يطيق أن يتحمل ولا يطيق أن يضحي وأن يتخلى عن تلك الأوقات التي يقضيها مع أقرانه في الانبساط والأحاديث الجانبية، ويسافر هنا وهناك حيثما أراد فلا يطيق ذلك فحينئذ يعمد إلى حيلة نفسية فينتقد العاملين ويتحدث عن أخطائهم.
إنه يوهم نفسه بكثرة الأخطاء من العاملين حتى لا يرى الحقيقة حتى لا يرى أنه مقصر ومهمل ويصارح نفسه بالحقيقة المرة.
المصارحة على المستوى الجماعي:
كل ما سبق على المستوى الفردي، أما على المستوى الجماعي فنمارس ذلك كثيراً، فمع هذه الصحوة المباركة واليقظة الخيرة لا بد من أخطاء وتجاوزات، ولاتساع نطاق الصحوة وامتداد رواقها لابد من أن تكون الأخطاء مكشوفة والعيوب ظاهرة، وفي المقابل فالتصحيح لا مناص منه ولا سبيل إليه إلا أن يكون تحت ضوء الشمس وبمستوى وضوح الأخطاء.
ولست أدري متى نتجاوز تلك المرحلة التي نمارس فيها دفن الأخطاء ومواراة العيوب والتستر على الحقائق باسم المصلحة؟ ومتى ننتهي من شهر سلاح إثارة الفتنة والبلبلة في وجه الناصح والمنتقد ويصبح هذا السلاح عصاًَ يلوح بها بين حين وآخر؛ فنمارس ألوان الإرهاب الفكري في وجه من يدعو إلى التقويم ومن يدعو إلى التصحيح ويسعى للإصلاح.. إن هذا هو المعوق الأول للمصارحة خوف الفتنة والبلبلة وتفريق الصف فنمارس دفن الأخطاء والعيوب والتستر عليها حتى لا تكون هماك فتنة ولا بلبلة في وسط الصحوة وحتى تأتي اطامة الكبرى والبلبلة الكبرى بعد ذلك.
والمعوق الثاني عقدة القنوات الخاصة :
هناك من ينادي وبصدق أن نقد المربين يسمعه المتربون، ونقد الأساتذة يقرأه الطلاب، ونقد الآباء صار بمحضر الأبناء، ومن ثم يدعو أولئك إلى أن يكون النقد من خلال قنوات وزوايا خاصة، لكن هذه القنوات ليس لها وجود إلا في أذهان أصحابها.
يستطيع الأب أن يوجه اللوم للأم في لقاء خاص، ويستطيع مدير المدرسة أن ينتقد الأساتذة وحدهم، لكن قطاعات الصحوة أكبر من ذلك كله، والحديث عن أخطائها لا يمكن إلا من خلال كلمة تسجل وتسمع في الآفاق من الجميع، أو مقالة تطبع وتقرأ من الكافة، وحين يسمع الجميع عن الخطأ فهذا مدعاة أن يعلموا أن قضيتهم في أيدي أمينة فهناك من يتحدث بالنيابة عنهم.
إن أخطاءنا لم تعد سراًً ولم تعد خافية، فنحن مثلاً حين نتحدث عن أخطاء المربين فسيسمع ذلك المتربون حتماً ولا بد، ويقرأونه لأنه لا مجال للحديث إلا تحت ضوء الشمس.
إن خلاصنا الكرام من عقدة التلازم بين الخطأ والانحراف، فنتصور أن من وقع في الخطأ فهو منحرف، وأن من أخطأ مرة فهو فاشل، إن خلاصنا من هذه العقدة التي نفترضها يريحنا كثيراً من هاجس التخوف من المصارحة، فنتحدث بوضوح فنقول هذه أخطاؤنا ونحن مع ذلك ناجحون، هذه هي أخطاؤنا ومع ذلك لم نفكر بالفشل فهل نصل إلى هذا المستوى من النضج والتفكير؟ فنتحدث عن الأخطاء ونحن نشعر أننا ناجحون؟ نتحدث عن الزلات ونحن نشعر أننا ناصحون، نتحدث عن الهفوات ونحن نشعر أن تجاربنا ليست فاشلة.
إن هذا النتاج الذي نراه الآن بأم أعيننا نتاج جهد الجميع، وهو دليل واضح على النجاح، ولكن فشلنا في تجربة لا يعني أننا فاشلون وخطؤنا لا يعني أننا قد فقدنا الصواب حتى النهاية.
المعوق الثالث : استثمار الأعداء :
إن مما يعيق المصارحة عن البعض التخوف من استثمار هذه الأخطاء والاتكاء عليها من قبل أعداء الصحوة، مع أن هذه الأخطاء لم تعد سراً أو أمراً لا يدركه إلا الخاصة. وسيأتي بإذن الله مزيد من الحديث عن هذا الجانب عندما يأتي الحديث عن المنهج القرآني.
المعوق الرابع : لا ينجو أحد من الخطأ :
إن البشر من طبيعتهم الخطأ والقصور فهو ملازم لأعماهم وجهودهم، لكن ذلك ليس مسوغاً لارتكاب الخطأ والتهاون فيه، ولو ساغ ذلك لاحتج من يقع في الكبائر بأن بأن كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.
إن العصمة لغير الأنبياء مطلب مستحيل، بل اعتقاد ذلك خلل في المنهج وانحراف في المعتقد؛ فلا بد من الخطأ والتقصير وهو ملازم للبشر، لكن هذا شيء وكونه وسيلة للدفاع عن الأخطاء شيء آخر.
أخيرا : بعد هذه المعوقات للمصارحة سواءً كانت على مستوى فردي أو مستوى جماعي، وبعد تلك الأعذار وتلك الأساليب والحجج التي نفتعلها لتكون عائقاً لنا وحاجزاً عن الوصول للحقيقة، بل نسلكها لتكون وسيلة ممارسة الكذب على أنفسنا نقف وقفات مع المنهج القرآني.
إننا نقرأ القرآن فنجد فيه عتاباً لمن ؟ لنبي الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله عزوجل وفي سورة مكية : (( عبس وتولى. أن جاءه الأعمى... )) الآيات.
فيعاتب الله سبحانه وتعالى نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم في آيات تتلى يقرأها المسلمون جميعاً، بل يسمعها كفار مكة ويجهر بها صلى الله عليه وسلم أمام الناس، ومع ذلك لم يكن هذا منقصاً لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان بالإمكان أن يكون هذا العتاب رؤيا يراها النبي صلى الله عليه وسلم -ورؤيا الأنبياء وحي أو حق- أو كلمة يقولها له جبريل، لكن لحكمة بالغة يأتي هذا العتاب قرآناً يتلى إلى يوم القيامة، عتاباً للنبي محمد صلى الله عليه وسلم؛ ليكون ذلك قدوة ومنهجاً للناس .
ونقرأ في القرآن العتاب بل الوعيد لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في كافة مراحل الدعوة كلها، فنقرأ في القرآن المكي قوله تعالى (( أم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون )).
ويهاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ويستقر هناك ويعيش المسلون ويخوضون أول معركة كانت فرقاناً بين الحق والباطل وهي معركة بدر وصارت تلك المعركة شهادة لكل من خاضها وعاش فيها، وقال الله لهم: " اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم " ومع ذلك يواجَهُ أولئك بعتاب يقول الله عز وجل فيه (( ما كان للنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم. ولولا كتابٌ من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم )).
ثم تدور الأيام فتأتي بعدها غزوة أحد، ويعاتب أولئك أيضاً في عتاب صريح وإيقاف على مكمن الداء وأساس المشكلة (( أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم )) ثم يقول الله عز وجل (( ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخر ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين. إذ تصعدون ولا تلون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غماً بغم لكي لا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم )) (( وطائفة قد أهمتهم أنفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية يقولون هل لنا من الأمر من شيء قل إن الأمر كله لله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك ))
ولهذا قال أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ما كنت أعلم أن منا من يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية.
ولا يتوقف العتاب فيتكرر في حادثة الإفك حين أشاع أحد المنافقين فرية فماجت في صف المجتمع المسلم فجاء ذلك العتاب والوعيد الشديد (( ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والأخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم ))
وفي غزوة حنين وهي من آخر المشاهد يقول الله عز وجل (( ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا) الآية.
وهكذا نقرأ في القرآن الكريم آيات عظيمة يواجه فيها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعتاب يسمعه المنافقون أعداء الله ورسوله، ويسمعه اليهود وأهل الكتاب، ويسمعه كفار قريش والمشركون الذين يتربصون الدوائر ويبقى هذا القرآن يتلى إلى قيام الساعة ومع ذلك كله لم يكن هذا مانعاً أن يكون أولئك خير القرون كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم " ومع ذلك لم يكن ذلك كله مانعاً لأن يكون أولئك أمنة لهذه الأمة يقول عليه السلام " النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" ثم إن أولئك كلهم ممن قال الله عزوجل فيهم (( وكلاً وعد الله الحسنى )) ومعيار النجاة إلى يوم القيامة هو اقتفاء أثر ذلك الجيل؛ فقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يارسول الله؟ قال :"من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي".
لقد كان ذلك النقد ضرورة للتربية والبناء، ومع ذلك لم يك معوقاً لذلك الجيل ولتلك النخبة أن تصل لتلك المنزلة، فما بالنا نضع أبراجاً عاجيَّة، ونضع حول أنفسنا أسواراً من الأسلاك الشائكة خوفا من النقد الذي نتصور أنه يعني الفشل، ويعني إثارة الفتنة واستثمار الأعداء لهذه الفرص، إلى غير ذلك من الأوهام التي نفتعلها لنخادع أنفسنا ولنمارس حجب الحقائق عن أنفسنا و الركام والعشى على أعيننا حتى لا نرى الحقيقة، وخير لنا أن نراها.
آثار تخلف المصارحة:
إن إهمال المصارحة وممارسة التستر على العيوب ومخادعة النفس يولد آثاراً سيئة، منها:
1 – أن تصبح الأخطاء جزءاً من تفكيرنا:
إن ممارسة حجب الحقائق سواء كنا أفراداً أو جماعات مدعاة إلى استفحال الأخطاء واستمرارها واستمرائها حتى تتحول هذه الأخطاء إلى جزء من تفكيرنا، فنصبح نتفكر بمنظار هذه الأخطاء و نستنكر على كل ناصح ومنتقد.
2 – فتح المجال أمام المفسدين:
إن إهمال المصارحة يعني فتح الباب على مصراعية أمام من ينتقد وهو لا يريد الإصلاح، فهناك من يرتزق ويكتسب من نقد الصحوة والطعن في رموزها وبرامجها ووسائلها، وحينما نمارس حجب الحقائق ونسكت الأصوات الناصحة الصادقة فإننا نفتح المجال لأولئك لماذا ؟ لأن أولئك الذين يتاجرون لابد أن يجدوا أخطاء تقع فعلاً، فيضخمونها ويبالغون فيها.
وحين تحدث هؤلاء مع الذين لم يتعادوا أن يسمعوا إلا الثناء ولم يعتادوا أن يسمعوا النقد، ويرون أن أولئك يتحدثون عن واقع فسوف يستمعون ويستجيبون لأولئك المنتقدين. لكن لو بنينا منهجاً نقدياً صحيحاً للنقد وكنا صرحاء واضحين وسمعنا للصوت الناصح الذي يتحدث بحكمة؛ فينتقد الأخطاء ويضع الأخطاء في موقعها الشرعي لم يجد أولئك مكانا ًومجالاً لترويج مقولاتهم، ولكان أقلنا تفكيراً وأضعفنا إدراكاً يستطيع أن يقول وبأعلى صوته لأولئك نعم إن ما تقولونه فيه جزء من الحقيقة ولكن هذا لا يعني الفشل، ولا يعني أن كل ما تقولونه هو الحق، وهذا لا يعني سلامة نيتكم ومقصدكم وإرادتكم.
إنه لا سبيل لتجاوز هذه العقبات ولا سبيل لإسكات تلك الأصوات إلا ببناء منهج للنقد واضح وصريح، فتحدث فيه عن أخطائنا تحت ضوء الشمس وفي وضح النهار.
3- فشل المشروعات الإصلاحية:
من نتائج حجب الحقائق السقوط في النهاية؛ لأن الحواجز التي نفرضها تبقى حواجز مؤقتة فلا بد أن يكتشف الناس الخطأ بعد ذلك ولأضرب لكم مثلاً واقعياً.
الجهاد الأفغاني: بدأ في وقت نسيت فيه الأمة الجهاد، حتى صار من يدَّرس الفقه يقفز باب الجهاد لأنه شعر أنه يتحدث عن غير الواقع فقام هذا الجهاد وأحيا هذه الفريضة في الأمة، وكان طبيعياً أن يكون في هذا الجهاد خطأ وقصور وتجاوزات، والجهاد الأفغاني والأمة الأفغانية جزء من الأمة لا يمكن أن نفصل أمراضنا عن أمراضها، فكان طبيعياً أن تمتد أمراض الأمة إلى الجهاد الأفغاني، ومن باب أولى أن تمتد أمراض العمل الإسلامي والصحوة إلى الجهاد الأفغاني؛ فكان في الصف منافقون ومرتزقة وصوليون، كان في الصف من يريد السلطة ومن يريد الفرقة والفتنة، كان في الصف أخطاء ومع ذلك لم تكن تلك الأخطاء مخرجة للجهاد عن كونه جهاداً شرعياًً قام بواجب شرعي، ولم تكن تلك الأخطاء مخرجة لذلك الجهاد عن كو نه جهاداً يجب على الأمة أن تدعمه وأن تقف معه، ولكن ما الذي كان يدور ؟ كنا نتحدث في ذلك الوقت وبعاطفة جياشة عن أولئك المجاهدين، وكأنهم صحابة أو تابعون، ونبالغ في سوق الكرامات والقصص والتي كثير منها لا أصل لها، وكثير منها كان مصدرها أصحاب الطرق وغيرهم ممن يتاجرون بمثل ذلك، ونساهم في إخفاء الحقائق أمام الناس، وحين يقع خطأ ظاهر نسارع في البحث عن تسويغه وتنزيه الصورة، فهذا الخطأ يفتعله الأعداء ويثيره المرجفون، الأعداء هم الذين يسعون إلى تفريق المجاهدين، الأعداء هم الذين يفعلون، الأعداء هم الذين يحركون المؤامرات، وحين يدخل وجل منافق في الصف يقال ليس صحيحاً هذا الأمر لقد تاب ورجع إلى الله عز و جل.
وحينما بدت أصوات ناصحة تحذر المجاهدين وتقول لهم إن في الصف منافقون، تقول لهم لا بد من تنقية الصف، لابد من مراجعة، لابد من مناصحة، وُوجهت تلك الأصوات الناصحة بأن هذا يعني الطعن في الجهاد، وأن هذا يعني الوقوف مع الأعداء في خندق واحد، وأن هذا يعني الوقوف ضد الجهاد إلى غير ذلك، وصارت تُمارس ألوان الإرهاب الفكري ضد هؤلاء بأنهم ضد الجهاد وبأنهم يثبطون ويصدون إلى غير ذلك.
وحينما تواجه هذا المتحدث في لقاء خاص وحديث صريح يقول لك أعترف بأن هناك أخطاء ولكن حين نقول هذه الأخطاء أمام العامة لممن يدعموا الجهاد فمن المصلحة أن نستر هذه الأخطاء والعيوب حينما تقوم الدولة الإسلامية بإذن الله ستتجاوز هذه الأخطاء والعيوب وكان ما كان وحان قطف الثمر وصارت النتيجة التي سمعتم عنها فتخلى الناس عن الجهاد حتى سمعنا ممن ذهب ابنه بإذن الله شهيداً في بلك البقاع من يتندم ويبكي ويقول كيف يذهب ابني شهيداً في هذه الصفوف وسمعنا العامممة يقولون إن أولئك دجالون كذابون أخذوا أموالنا إلى غير ذلك وصاروا يتهمون الدعاة بأنهم خدعوهم بأن الدعاة مغفلين خدعوا، إلى غير ذلك أرأيتم ما النتيجة التي جنيناها ؟ ما رأيكم لو كنا صرحاء منذ البداية وقلنا للناس معشر المسلمين إن هذا جهاد وفيه أخطاء وفيه كذا وكذا.. ولكن هذه الأخطاء لا تمنع من دعمهم لا تمنع من التصحيح وكنا نقول وبوضوح للمجاهدين إن لديكم أخطاء صححوا كذا افعلوا كذا اصنعوا كذا من البداية لكان هذا مدعاة لئن يعي الناس لأن يستعدوا حتى ولو لم يصحح الخطأ بقبول النتيجة المؤلمة التي صار إليها الواقع التي صار الجميع يندمون على بلك الأموال التي يظنون أنهم أ اعوها هدراً وذهبت هداً.
إن هذه النتيجة معشر الإخوة الكرام نحن مسؤلون عنها لأننا مارسنا حجب الحقيقة ولنتجاوز هذا لحدث ولا داعي لإثارة الماضي والرجل الجاد لا ينظر إلا أمامه ولنعتبر من بلك الأحداث ولنكن في المستقبل صرحاء مع أنفسنا صرحاء مع الناس ولنعرف أننا مهما مارسنا حجب الحثائق ومهما مارسنا افتعال الأسوار الشائكة فإن الناس لا بد لهم أن يعرفوا الحقائق فخير لنا أن يكون صرحاء مع أنفسنا أفراداً وجماعات مع الناس ومع أنفسنا ختى لا نحد بلك الثمرة والمرارة المؤلمة.
وأخيراً فمع الدعوة للمصارحة لابد من الاعتدال والتوازن فلا يفرط الفرد ويبالغ في النظر إلى أخطائه فيحمل نفسة أخطاء لا يتحملها بحجة المصارحة أو يبالغ فلا ينظر لنفسه إلا من زاوية واحدة وهي زاوية الخطأ وحده فحينئذ يصل إلى نهاية مفادها أنه لا يحمل إل الأخطاء.
وعلى مستوى الجماعة أيضاً فيس كل ما يعلم يقال ولكل مقام مقال ونحن حين نطالبنبتعد والنقد الواضح في هذا لايعني أن كل خطأ نعلمه أن نتحدث في كل مناسبة وكل لقاء فلكل مقام مقال ولا شك في في ذلك وحينما ندعو للمصارحة فإن هذا لا يعني أن يغيب عن بالنا أيضاً النهج الشرعي في ذلك أمر معروف للجميع وهذا ليس مكان للتفصيل فيه وأما يتكلم ومتى وأين هذا له حديث آخر، ولكن أقصد أننا حينما نتحدث عن الدعوة للمصارحة سواء على مستوى الفرد أو الجماعة فإننا مع ذلك يجب أن نعلم أنه ينبغي أن يبقي في دائرة التوسط والاعتدال فلا نفرط نحن معشر الأفراد في النظر إلى أخطائنا وعيوبنا فنحمل أنفسنا أخطاء لا نتحمله لأن الخطأ في أن نفرط في الحديث عن أخطاء الصحوة بمنسابة أو غير مناسبة مما يكون مدعة للخلل في المنهج الشرعي ونشوء مفاسد تترتب على ذلك.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أسألكم الدعاء أحمد![]()
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
بارك الله فيك
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :