عنوان الموضوع : إلى الأمّهات الغاليات: حكايات معبّرة لأطفالك تربية الطفل
مقدم من طرف منتديات العندليب
حيَّا اللهُ كُلَّ مَن تَمُـرُّ بهـذه الصفحـة
سأنقِـل لَكُنَّ هُـنـا بعضَ القِصص ،
مِـن ..
وهو كِتـابٌللشيخ ( محمـود المصـري ) _ حفظه اللهُ وشفاه _
مُؤلَّف من مُجلَّـدَيْـن .
ويحوي عـددًا كبيرًا من القِصص المُشوِّقـة للأطفـال ،
والتي تُعلِّمهم القِيَـم والسلوكياتِ الإسلاميـة ، وتحثهم عليها .
والشيخ في الكتاب : يذكُـرُ القِصَّـةَ ، وفي نهايتها يذكُـرُ الدروسَ المُستفادةَ منها .
سأنقِـلُ لكنَّ حوالي 28 قِصَّـة .
ومَن أرادت المزيـد ، فلترجِع إلى كتاب شيخنا _ حفظه الله .
( حِكايـات عَـمُّـو محمـود ) .
ولتحكي كُلٌّ مِنكُنَّ هـذه القِصَص لأولادها ، أو لإخوانِها وأخواتِها ، أو لتلاميذها إنْ كانت مُعلِّمةً ، أو لقريباتِها ليحكينها بدورهنّ لأولادهنّ .
وأسألُ الله جَلَّ وعَلا أن ينفعنا بها ، وأن ينفعَ أطفالَنا ، وأن يجزيَ شيخنا محمـود المصـري خيرَ الجزاء على هـذا الكتاب ؛ الذي يَعتَبِرُهُ _ هو _ مِن أهَمِّ كُتبِه وأنفعِها .
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
>>>> الرد الأول :
( 1 )
.. القِطَّـةُ الرَّحيمـة ..
-----
في يومٍ من الأيام جلس أحـدُ العُلماء مع بعض إخوانه ، وكانوا يتناولون طعامَ الغَـداء ... وفجأةً وجدوا قِطةً جميلةً تقتربُ منهم ، فألقَى العالِمُ لُقمةً للقطة ، فأخذتها ولم تأكلها ، ولكنَّها ذهبت بها بعيدًا حتى غابت عن أعينهم ، ثم عادت مرةً أُخرى .
فأَلقَى لها لُقمةً أُخرى فأخذتها ، وذهبت بها بعيدًا ، ثم عادت مرةً أُخرى .
وفعلت القِطةُ هـذا الأمرَ كثيرًا ... يُلقون إليها الطعامَ ، فتأخذه وتغيب ، ثم تعودُ سريعًا ، فعلِموا أنَّ مِثلَ هـذا الطعام لا يُمكن أنْ تأكلَه وحدَها .
فأَلقَوا إليها لُقمةً ، ثم ساروا وراءَها ، فوجدوا مُفاجأةً عجيبة .
وجدوا أنَّ القِطةَ تأخـذُ هـذا الطعامَ لِقِطَّةٍ أُخرى عمياء تعيشُ خلفَ هـذا البيت ، فتعجَّبوا من هـذا المشهد العجيب .
فقال العالِمُ : إذا كانت هـذه قِطَّةً عمياء قـد سَخَّرَ اللهُ لها هـذه القِطَّةَ ، لتأتيَ إليها بالطعام ، ولم يَحرمها رِزقَها ، فكيف ينساني ولا يرزقني ..؟!!
** الدروسُ المُستفَـادَة :
-----
1- أنَّ مِن السُّنَّةِ أنْ نجتمعَ على الطعام ، حتى تَحِلَّ البركة ، فطعامُ الاثنين يكفي الأربعـة ، وطعامُ الأربعـة يكفي الثمانية .
2- أنَّ النبيَّ _ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ _ علَّمنا أنْ نرحمَ الحيوانَ ، وأخبرنا أنَّ الُّلقمةَ التي نضعُها للحيوان لنا بها صدقة ... ولقد أخبر النبيُّ _ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ _ أنَّ اللهَ غفر لامرأةٍ سيئةٍ ، لأنَّها سقت كلبًا كان لا يجدُ شَربةَ ماء ، وأخبرَ أنَّ امرأةً أُخرى ستدخلُ النارَ ، لأنَّها حبست قِطة ، فلم تُطعمها ولم تتركها تأكلُ مِن أى مكانٍ آخر .
3- أنَّ الرحمةَ موجودةٌ حتى في عالم الحيوان ... فقد رأينا كيف أنَّ القِطةَ كانت تأخذُ الطعامَ وتُعطيه للقِطةِ العمياء ، حتى تأكلَ وتشبع ، ثم تُفكِّرُ بعد ذلك في طعامها هىَ .
4- أنَّ المُسلمَ لا بُدَّ أنْ يكونَ مُتوكِّلاً على الله ، وأن يكونَ على يقينٍ من أنَّ اللهَ سيرزُقُه ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ الذاريات/22 .
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثاني :
( 2 )
.. العِـوَضُ مِن الله ..
-----
كان ياما كان ... كان هناك صَيَّادٌ اسمُه بِلال ، يعيشُ مع زوجته وأولاده في بيتٍ صغير بالقُرب من نهر النيل ... وكان هـذا الصَّيَّادُ فقيرًا ، فكان يذهبُ كُلَّ يومٍ إلى النهر ليصطاد السَّمك ، ثم يبيعُه في السوق ويشتري بثمنه طعامًا لزوجته وأولاده .
وفي يومٍ من الأيام استيقظَ بِلال ، فوجدَ أولادَه يبكون بُكاءًا شديدًا .
فسأل زوجتَه : لماذا يبكون ؟
قالت الزوجةُ : إنَّهم يبكون من شِدَّةِ الجُوع ، فإنَّهم لم يأكلوا لُقمةً واحدةً من أمس .
فقال بِلال : سأقومُ الآن وأتوكَّلُ على الله ، وأذهبُ لأصطادَ السَّمكَ ثم أبيعَه وأشتري لكم طعامًا .
أحضر بِلال شبكةَ الصَّيد ، وذهبَ إلى النهر ، وقال : بسم الله ، ثم رَمَى الشبكةَ في الماء ... وبعـد فترةٍ قصيرةٍ أخرجَ الشبكةَ فوجدَ بها سمكةً كبيرة . فـرح بِلال بهـذه السمكة الكبيرة ، وذهبَ إلى السوق وباعها في أسرع وقتٍ واشترى طعامًا جميلاً ، وذهبَ إلى بيته مُسرعًا ، ليُطعِمَ زوجتَه وأولادَه .. وبينما هو يسيرُ في الطريق إذْ وجد امرأةً كبيرةً تبكي بُكاءً شديدًا ، فسألها بِلال : لماذا تبكين أيَّتُها ألأُمُّ الفاضلة ؟
قالت : أبكي من شِدَّةِ الجُوع ، فأنا منذ يومين ما أكلتُ لُقمةً واحدةً أنا وأولادي ، ولا أمتلكُ مالاً لأشتريَ به طعامًا لأولادي ... فتأثَّرَ بِلال وقال في نفسه : زوجتي وأولادي يبكون من شِدَّةِ الجُوع ، وهـذه المرأةُ وأولادُها يبكون أيضًا من شِدَّةِ الجُوع ، فماذا أصنع ؟
وقرَّرَ بِلال أنْ يُعطِيَ الطعامَ كُلَّه لهذه المرأةِ وأولادِها ليأكلوا ، وكان عنده يقينٌ مِن أنَّ اللهَ _ عز وجل _ سيُعوِّضُه خيرًا من ذلك .
أخـذت المرأةُ الطعامَ وهى في قِمَّةِ الفرح والسعادة ، وأخذت تدعوا له ، وانطلق بِلال وهو يُفكِّرُ : ماذا سأقولُ لزوجتي وأولادي ؟!!
وفجأةً سمع بِلال صوتًا يُنادي عليه : يا بِلال ! يا بِلال !
نظر بِلال خلفه ، فوجد رجلاً يُنادي عليه ، فقال للرجل : ماذا تُريد ؟
قال له الرجل : يا بِلال ، إنِّي اقترضتُ من والدك خمسة آلاف دِرهم منذ عشر سنواتٍ ، ثم سافرتُ وتاجرتُ بهـذا المال ، وربحتُ كثيرًا ، ولَمَّا عُدتُ مِن سفري بعـد هـذه السنوات بحثتُ عن والدك ، فعلمتُ أنَّه قـد مات ... فهـذا هو المالُ كُلُّه بين يديك ، وأرجو أن تُسامحني على تأخُّري في سدادي هـذا الدَّيْن .
أخـذ بِلال هـذه الثروةَ وهو لا يُصدِّقُ نفسَه .
فذهب واشترى طعامًا شهيًا لأولاده ، وعاد إليهم ليُطعِمَهم ، ثم تاجَرَ بهـذا المال وأصبحَ غنيًا ، وبنَى بيتًا جميلاً ، وكان بعـد ذلك لا ينسى الفقراء والمساكين واليتامَى أبـدًا .
** الدروسُ المُستفادَة :
-----
1- أنَّ الرجلَ مسؤولٌ أمام الله عن إطعام زوجتِه وأولاده ... فقد رأينا كيف أنَّ بِلالاً كان يذهبُ ليصطادَ ، ثم يبيع السمك ، ويشتري بثمنه طعامًا لزوجته وأولاده ... وقـد قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( كفى بالمرءِ إثمًا أنْ يُضَيِّعَ مَن يقوت )) .
2- أنَّ المُسلمَ إذا أنفق نفقةً فلا بُدَّ أن يكونَ على يقينٍ مِن أنَّ اللهَ سيُعوِّضه خيرًا منها ، وأنَّ هـذه النفقة لا تُنقِصُ المال ، قال تعالى : ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ ، وقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( ثلاثٌ أُقسِم عليهِنّ : ما نقص مالٌ من صدقة )) ... وقـد رأبنا كيف أنَّ بِلالاً لَمَّا أَعطَى الطعامَ للمرأةِ وأولادِها عَوَّضَهُ اللهُ خيرًا مِن ذلك أضعافًا كثيرة .
3- أنَّ الرجلَ كُلَّما وَسَّعَ اللهُ عليه مِن المال وسائر النّعم ، فلا بُدَّ أنْ يُوسِّعَ على زوجتِه وأولادِه ... فها هو بلال بعـد أنْ وَسَّعَ اللهُ عليه بنَى بيتًا جديدًا لزوجتِه وأولاده .
4- أنَّ المسلمَ إذا وَسَّعَ اللهُ عليه فلا بُدَّ أنْ يُعطيَ زكاةَ المال للفقراء واليتامَى والمساكين ولا ينساهم أبدًا حتى يُبارك اللهُ له في ماله وأهلِه وأولاده .
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الثالث :
( 3 )
.. فُـستـانُ العِـيـد ..
-----
كان ياما كان ... في إحـدى المُدُن الجميلة كانت الطِّفلة ياسمين تعيشُ مع والديها حياةً سعيدة ، وكانت محبوبةً من الجميع .
وكان والِدُها يشتري لها كُلَّ الملابِس والُّلعَب الجميلة .
وفي يـومٍ من الأيام قالت ياسمين لأبيها : يا أبي أريدُ أنْ تشتريَ لي فُستانًا جديدًا للعيد .
فقال والد ياسمين : ولكنْ يا حبيبتي أنتِ عندكِ ملابس كثيرة ، وكلُّها جديدة .
ياسمين : ولكنْ يا أبي أُريدُ فُستانًا ألبسُه لأول مرةٍ في العيد .
فوافق والِدُها ، وقال لها : غـدًا نذهبُ سويًا ، لنشتريَ لكِ فُستانًا جديدًا .
ياسمين : جزاكَ اللهُ خيرًا يا أحلَى أَب في الدُّنيا .
وفي الصباح خرجت ياسمين مع أبيها ، ليشتريَ لها فُستانًا جديدًا .
وأمام أحـد محلات بيع الملابس ، وقفت ياسمين تنظرُ إلى الفساتين الجميلة ، لتختارَ أجملَ فُستان ... وبالفِعل اختارت ياسمين فُستانًا جميلاً ، ودخلت المَحل لتسألَ عن سِعـره ، فقال لها البائع : إنَّه بمائةٍ وخمسين جُنيهًا .
فقام والِدُها بدفـع ثمن الفُستان ، وأعطاه لياسمين التي كادت أنْ تطيرَ من الفَـرح ، لحصولها على هـذا الفُستان الجميل .
ولَمَّا خرجت ياسمين من المحل مع أبيها وهيَ تحمِلُ الفُستانَ الجديد ، وإذا بها ترى فتاةً صغيرةً فقيرةً في نفْس سِنِّها تجلِسُ أمام هـذا المَحل تبكي ... فسألَتها ياسمين عن سبب بُكائِها .
فقالت البِنتُ الفقيرة : أنا يتيمةُ الأبِ والأُمِّ ، وأعيشُ مع خالتي لأخدِمها ، وليس عندي فُستانٌ جديدٌ ألبسُه في العيد ، ولا أملِكُ إلَّا عِشرينَ جُنيهًا ، فلَمَّا جِئتُ لأشتريَ فُستانًا جديدًا ، وجدتُ أَرْخَصَ فُستانٍ بمائةِ جُنيه ، فبكيتُ لأنِّي منذُ سنتين لم ألبَس فُستانًا جديدًا .
فدمعَت عينُ ياسمين ، وأعطتها فُستانَها الجديد ، وقالت لها : خُـذي هـذا الفُستان هدِيَّةً من أُختِكِ ياسمين ، وأنا عندي فساتين كثيرة ، سألبَسُ واحـدًا منها في العيد .
فرِحت الفتاةُ اليتيمةُ فـرحًا شديدًا ، وقامت مِن على الأرضِ تُريدُ أنْ تُقبِّلَ يدَ ياسمين ، فسحبت ياسمينُ يدَها قبل أنْ تُقبِّلَها ، وسلَّمت عليها ، وقالت لها : ألف مبروك عليكِ الفُستان الجديـد .
فَـرِح والِدُ ياسمين بابنته فـرحةً لا تكادُ تُوصَف ، وقال لها : جزاكِ اللهُ خيرًا يا ياسمين ؛ لأنَّكِ أدخلتِ الفرحةَ على قلبِ هـذه البنت اليتيمة .
وعادت ياسمين مع والِدِها وهيَ في غاية السعادة ، وهيَ تقول : الحمدُ للهِ أَنِّي أدخلتُ السعادةَ على هـذه البنتِ اليتيمة ... وإنْ شاءَ اللهُ سأَدَّخِـرُ من مصروفي ومن ملابسي ، لأتَصدَّق كُلَّ شهرٍ على بنتٍ يتيمة ، لأكونَ مع النبيِّ _ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم _ في الجنة .
** الدروسُ المُستفادَة :
--------
1- إدخالُ السعادةِ على الأبناء ... فقـد رأينا كيف أنَّ والد ياسمين ذهبَ معها ، ليشتريَ لها فُستانًا جديدًا على الرغم من أنَّ دُولابَها ملئٌ بالملابس الجميلة .
2- لا ينبغي على البنتِ أنْ تُكلِّفَ والِدَها فوقَ طاقتِه ، فلو أنَّه لا يمتلِكُ مالاً ليشتريَ لها ملابسَ جديدة ، فعليها أنْ تعـذُرَه ، حتى يُوسِّعَ اللهُ عليه فيشتريَ لها ما تُريد .
3- ينبغي على الأبناءِ أنْ يكتفوا بما يكفيهم ، ولا يطلبون المزيـد .
4- الحِرصُ على إدخال السعادةِ على الآخَـرين ... فقـد رأينا كيف أنَّ ياسمين أعطت فُستانَها الجديد لطِفلةٍ يتيمةٍ ، لتُدخِلَ على قلبِها السعادةَ والسرور ... وقـد قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( أَحَبُّ الأعمال إلى الله سُرورٌ تُدخلُه على مسلم )) ، وقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( أنا وكافِـلُ اليتيم في الجنَّةِ هكـذا )) .
5- ينبغي على الآباءِ أنْ يُشجِّعوا الأبناءَ على فِعل الخيـر ... فقـد رأينا كيف أنَّ والدَ ياسمين فَـرِحَ بها عندما تصدَّقَت بفُستانِها على تلك الفتاةِ اليتيمة ... وكان من المُمكِن أنْ يمنَعَها من ذلك ، وأنْ يغضَبَ عليها .
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الرابع :
( 4 )
.. دَرْسٌ جَمِيـلٌ في مُـراقبـةِ الله ..
-------------
كان ياما كان ... كان هناك غُلامٌ طيِّبٌ يعيشُ في قريةٍ جميلةٍ على شاطئ البحر ... وهـذا الغُلام اسمُه عبد الله ... وكان عبد الله يشتهرُ بالصِّدق والأمانةِ والكرم والشجاعة ... وكان كُلُّ أهل القريةِ يُحِبُّونَه كثيرًا .
وكان عبد الله يذهبُ كُلَّ يومٍ إلى شيخ القرية ليحفظ القُرآنَ على يديه .
وكان الشيخُ يُكرِمُ عبد الله ويُقدِّرُه أكثرَ مِن زُملائه ، فغار زُملاؤه ، وقالوا للشيخ : لماذا تُفضِّله دائمًا علينا ؟
فقال الشيخ : سأطلبُ منكم جميعًا شيئًا لتفعلوه ... وستعرفون بعـدها لماذا أُفضِّلُ عبد الله عليكم جميعًا .
فقام الشيخُ ، وأَعطَى كُلَّ تلميذٍ بُرتقالة ، وقال له : أُريـدُ أنْ تأكُلَها في مكانٍ لا يراكَ فيه أحـد ... وسنلتقي غـدًا هُنا لأعـرِفَ مِن كُلِّ واحـدٍ منكم أين أكل البُرتُقالة .
فأخـذ كُلُّ واحـدٍ من التلاميذ بُرتقالةً وانصرف .
وفي اليوم التالي ، حضر جميعُ التلاميذ ، فسألهم الشيخ : هل أكلتم البُرتقال ؟
فقال الأول : أكلتُها في الدُّولاب .
وقال الثاني : أكلتُها تحت السرير .
وقال الثالث : أكلتُها فـوق السُّطوح .
وأخـذ كُلُّ واحـدٍ من التلاميذ يحكي للشيخ أين أكل البُرتقالة .
إلى أنْ جاءَ الدَّورُ على عبد الله ... فقال له الشيخ : وأنتَ يا عبد الله ، أين أكلتَ البُرتقالة ؟
فأخـرج عبد الله البُرتقالةَ من جيبه ، وقال للشيخ : أنا لم آكُـل البُرتقالةَ يا شيخي .
فقال له الشيخ : ولماذا لم تأكلها يا عبد الله ؟
فقال عبد الله : لأنَّكَ أمرتنا أنْ نأكلَها في مكانٍ لا يرانا فيه أحـد ... فكُلَّما ذهبتُ إلى مكانٍ وأردتُ أنْ آكُلَ البُرتقالةَ علِمتُ أنَّ اللهَ يراني ، فمِن أجلِ ذلك لم آكُل البُرتقالة .
ففرِحَ الشيخُ به فرحًا كبيرًا ، واحتضنه ، وأعطاه مُكافأة ، ثم قال لسائر التلاميذ : ما رأيكُم في عبد الله ؟
فقالوا : لقـد علِمنا أنَّه أفضلُ مِنَّا ، لأنَّه يُراقِبُ اللهَ ويخشاه .
** الدروسُ المُستفادَة :
-------
1- أنَّ المُؤمنَ لا بُدَّ أنْ يحرِصَ على حِفظ وقـراءة القُرآن ؛ لأنَّ القُرآنَ كلامُ الله ، فمَن أَحَبَّ القُرآنَ أَحَبَّهُ الله .
2- أنَّ المُؤمنَ يعلمُ أنَّ اللهَ يراه ويُراقبُه ... ولذلك فهو يَخشَى اللهَ دائمًا ، ويحرِصُ كُلَّ الحِرصِ على أنْ يبتعـِدَ عن معصيةِ الله .
3- أنَّ الشيخَ لا بُدَّ أنْ يختبِرَ تلاميذَه كُلَّ فترةٍ ، حتى إذا كان يُفضِّلُ أحـدَ التلاميذ يعلمُ زُملاؤه لماذا يُفضِّلُه الشيخ ، فيفعلون مِثلَه .
__________________________________________________ __________
>>>> الرد الخامس :
( 5 )
.. دَرْسٌ لـن أنسـاه ..
----------
كان ياما كان ... كان هناك مَلِكٌ يعيشُ في قصرٍ في غايةِ الحُسن والجمال ، ولم يكن له إلَّا ابنةٌ واحـدة ، وكانت من أجمل النساء ، لكنَّها كانت مغرورةً بجمالها ... فقـد تقـدَّم إليها الكثيرُ من الأُمـراء والملوك يُريدون أن يتزوَّجوها ، لكنَّها كانت ترفضُ دائمًا ؛ لأنَّها كانت تقولُ في نفسِها : لا يستحق هـذا الجمال أىُّ رجـل .
وذات مـرةٍ تقـدَّمَ للزواجِ بها أحـدُ الأُمـراء ، واسمُه صالِح ، وكان يعتقدُ أنَّها ستُوافِقُ عليه فـورًا ؛ لأنَّه جميلٌ وشُجاعٌ وكريم .
إلَّا أنَّ الأميرةَ لم ترفض الزواجَ فقط ، بل رفضت حتى رؤيتَه .
غَضِبَ الملِك من ابنتِه الأميرة المغرورة ؛ لأنَّها رفضت الزواجَ من كل الأُمـراء حتى أصبحوا جميعًا أعـداءً له بعـد أنْ كانوا أصدقاءً .
وهنا قَـرَّر الملِك أنْ يُلقِّنَ ابنتَهالمغرورةَ درسًا لن تنساه أبـدًا ... وذلك بأنْ يُزوِّجها من أول رجلٍ فقيرٍ يدخلُ القصر ، ويطلبُ المساعدةَ منه .
وبعـد أيامٍ جاء رجلٌ فقيرٌ يطلبُ المساعـدة ... وكان يبدو عليه الفقرُ الشديد . فنادَى الملِكُ عليه ، وقال له : سأُزوِّجُكَ ابنتي ... ثم نادَى على ابنتِهالمغرورةِ ، وقال لها : لقـد زوَّجتُكِ هـذا الرجلَ الفقير ، فاذهبي معه .
أخـذ الرجلُ الفقيرُ زوجتَه ( ابنة الملِك ) ، وهو لا يُصدِّقُ ما حـدث ، وكان الرجلُ لا يمتلِكُ حِصانًا ولا حتى حِمارًا تركبُه الأميرة ، فأمرها أنْ تمشيَ معه على رِجلَيْها لمسافاتٍ طويلةٍ جـدًا .
ظلَّت الأميرةُ تمشي حتى تعِبَت ... فقال لها زوجُها الفقير : هيَّا أسرعي حتى نصِلَ إلى الكُـوخِ الذي نعيشُ فيه ، فالمسافةُ طويلةٌ جـدًا .
مـرَّت الأميرةُ على غاباتٍ واسعةٍ وكبيرةٍ ، فقالت لزوجِها الفقير : مَن صاحِبُ هـذه الغاباتِ الواسعة ؟
قال زوجُها : صاحِبُها هو الأميـرُ صالِح .
فشعـرت الأميرةُ بالندم الشديد ؛ لأنَّها رفضت الزواجَ من الأمير صالِح ... فلو أنَّها وافقت لكانت تلك الغاباتُ كُلُّها مِن نصيبِها .
ثم مشت الأميرةُ ساعاتٍ طويلةً ، وتعِبت تعبًا شديدًا ، حتى امتلأت عينُها بالدموع من شدة الألم والتعب ... وأثناءَ سيرها مرَّت على مزارع كبيرة واسعة للقمح والشعير ، فسألت زوجَها الفقير : مَن صاحِبُ تلك المزارع ؟
فقال لها زوجُها : صاحِبُها هو الأميـرُ صالِح .
فازدادت الأميرةُ حُزنًا وندمًا ، وقالت لنفسِها : لو كنتُ وافقتُ على الزواج من الأمير صالِح ؛ لكانت تلك المزارع من نصيبي .
واستمرت الأميرةُ في السير بسُرعةٍ وهى تبكي ، مرَّت على مكانٍ كبيرٍ مليءٍ بالخيول والماشية ، فقالت لزوجِها : مَن صاحِبُ هـذه الخيول والماشية ؟
فقال لها زوجُها : صاحِبُها هو الأميـرُ صالِح .
فأخـذت الأميرةُ المغرورةُ تبكي من شدة الحُزن والتعب .
فقال لها زوجُها : لا أُريـدُ أنْ تسأليني عن شئٍ بعـد ذلك ، فأنا زوجُكِ الفقير ، ولكنْ لا بُـدَّ أنْ تكوني راضيةً بحياتِنا البسيطة .
وبعـد أربعة أيامٍ وصلا إلى كُـوخٍ صغيرٍ وسط الغابات ، ففتحه الزوجُ ، وقال للأميرة : هـذا هو عُش الزوجيةِ السعيـد ... هيَّا ادخلي . أخـذت الأميرةُ تبكي ندمًا على ما فعلت من رفضها لكل الأمـراء الذين تقدَّموا للزواجِ بها .
قال لها الزوج : هيَّا نظِّفي الكُـوخَ ، وأَعِـدِّي الطعامَ ، واغسلي الملابس ، فقامت وعملت كُلَّ ذلك وهيَ لا تكادُ تُصدِّقُ نفسَها أنَّها ستعيشُ في هـذا المكان بعـد أنْ كانت تعيشُ في القصور .
قام الزوجُ ، وأحضرَ لها بعضَ البضائعَ لتذهبَ وتبيعَها في السوق وتُساعدَه على أعباءِ المعيشة .
فأخـذت الأميرةُ تلك البضائع ، وذهبت لتبيعَها في السوق وهيَ تبكي .
وبينما كانت الأميرةُ جالسةً في السوق لتبيعَ البضائع ، جاءَ فارِسٌ بسُرعةٍ شديدةٍ ، ودخل بحِصانه في تلك البضائع فحطَّمها .
حزِنَت الأميرةُ وعادت إلى زوجِها ؛ لتُخبره بما حـدث .
فقال لها زوجُها : لا تحزني ، فعِنـدي خبرٌ سيُدخِلُ السعادةَ والسرورَ على قلبك .
قالت له الأميرة : ما هـو ؟
قال لها زوجُها : إنَّ بيتَ الأمير يحتاجُ إلى خادِمـة ، فعليكِ أنْ تذهبي للعمل هناك مِن الغَـد .
وذهبت الأميرةُ إلى القصر ؛ لتعمل خادِمـة ... وبينما هيَ واقفةٌ في المطبخ ، وإذا برجلٍ يقتربُ منها وقـد لبِسَ ثِيابًا جميلةً ، فلَمَّا نظرت إليه الأميرةُ تعجِّبَت ، وعرفت أنَّه زوجُها ، فقالت له : ما هـذه الملابس الجميلة التي ترتديها ؟ وما الذي جاء بكَ إلى هنا ؟
فقال لها : أنا زوجُكِ الأمير صالِح ... فأنا الذي تقدَّمتُ لكِ ورفضتِ رؤيتي ... وأنا أيضًا الفارِسُ الذي جاءكِ في السوق وحطَّم كُلَّ البضائع ... وأنا الرجلُ الفقيرُ الذي أخـذكِ من قصر أبيكِ ... فلقـد فعلتُ كُلَّ هـذا بالاتفاق مع أبيكِ ، لتتعلَّمي درسًا نافعًا لكِ في حياتِك .
وبعـد أنْ تعلَّمتِ الدرسَ وأصبحتِ مُتواضعةً ، فها أنا اليومَ أُقيمُ لكِ هـذا الحفل ؛ لنحتفِلَ سويًا بحفل زواجِنا ... وها هو والدُكِ قـد حضر الحفل .
ففرحت الأميرةُ بذلك ، ودخلت لترتديَ فُستانَها الجميل وزِينَتَها الثمينة ، وأصبحت بعـد ذلك مُتواضعةً مع كل الناس بعـد هـذا الدرس الجميل .
** الدروسُ المُستفادَة :
----------
1- أنَّ المؤمنَ لا ينبغي أنْ يتكبَّر أبـدًا ؛ لأنَّ الكِبْرَ ليس من صفاتِ المؤمنين ... فاللهُ لا يُحِبُّ المُستكبرين ، بل يُبغِضُهم ويَغضَبُ عليهم ... والمًتكبِّرُ يكونُ بعيـدًا عن النبيِّ _ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم _ يومَ القيامة ، بل إنَّه يُحرَمُ من دخول الجنةِ مع أول الداخلين .
قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( لا يدخلُ الجنَّةَ مَن كان في قلبِه مِثقالُ ذَرَّةٍ مِن كِبْر )) .
2- فضلُ التَّواضُع / فالمُتواضِعُ قريبٌ من الله وقريبٌ من الناس .. فاللهُ يُحِبُّ العبـدَ المُتواضِع .. والناسُ يُحِبُّونَ الإنسانَ المُتواضِع .
والتَّواضُع دليلٌ على حُسنِ الخُلُق .. وهو مِن أسبابِ دخول الجنَّةِ والقُربِ من النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .
3- أنَّ العبـدَ إذا علِمَ أنَّه مُخطِئٌ ، فيجبُ عليه أنْ يتوبَ ويتركَ هـذا الخطأ ، ويُصلِحَ من نفسِه ... فهـذه الأميرةُ المغرورة لَمَّا علِمَت أنَّها أخطأت تابت وأصبحت مُتواضعة .