عنوان الموضوع : أبناء وبنات ...........
مقدم من طرف منتديات العندليب

بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اما بعد


حديث الثقة

تكثر في أوقاتنا تلك شكوى الكثير من الآباء والأمهات من فقدان أطفالهم الثقة في أنفسهم، وعدم قدرتهم على تحمل المسئولية، ويتخوفون من انعكاس ذلك على مستقبل أطفالهم، ولاشك أن الثقة في النفس من أهم الخصال التي يسعي الوالدان لزرعها في نفوس أطفالهم منذ الصغر، ونرى كثيرًا منهم يتأففون لعدم قدرة أطفالهم على إتمام عمل ما لفقدانهم الثقة بأنفسهم.

ولقد كان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يعلم أن أطفال اليوم رجال الغد، لذا أولى عناية بصغار الصحابة، لأنه أدرك بحس المربي أن الحمل الذي سيتركه لهم ثقيل، ويحتاج إلى نفوس واثقة، في الله أولاً، وفي نفسها وإمكاناتها وقدراتها ثانيًا، ولهذا استوقفني حديث نبوي؛ رأيت فيه مثالا حيا لزرع الثقة في نفس الأطفال بصورة عملية نبوية فريدة ..

عن ابن عباس – رضي الله عنه - كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما قال يا غلام ، إني أعلمك كلمات : أحفظ الله يحفظك ، أحفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف.

في هذا الحديث نجد ملامح تربوية كثيرة , وأول ملمح هنا قول "ابن عباس" رضي الله عنه" [ كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ]، فرسول الله – صلى الله عليه وسلم – رغم مهامه الكثيرة والصعبة كنبي – صلى الله عليه وسلم - ، وقيادته لأمة بأكملها ، ترك كل هذا ليأخذ صغيرا على راحلته ، ويعلمه كلمات مهمة له ، ذلك هو ( فن المصاحبة ) والذي لا يجيده الكثير من المربين في زماننا هذا.

فلكي نغرس تلك الثقة المفقودة في نفوس أطفالنا، يجب أن نصاحبهم ونكون مدخلا لهم لعالم الكبار، فأثر ذلك في نفوسهم عظيم، فرغم مرور السنين لم ينس "ابن عباس" – رضي الله عنه – تلك الكلمات المهمات، ونقلها للأمة لكي تتوارثها جيل وراء جيل حتى يرث الله الأرض بمن عليها.

وأثر تلك المصاحبة أن استوعب "ابن عباس" – رضي الله عنه -، تلك الكلمات، وفتح قلبه لها، فدخلت واستقرت، لتخرج لنا ( حبر الأمة )، فلقد علم الرسول – صلى الله عليه وسلم – مفتاح قلب "ابن عباس" رضي الله عنه.

وهذا هو المراد من الموعظة أن تدخل القلب لتستقر فيه، لا أن تكون مجرد كلمات عابرة على الآذان لذا كان الرسول يتحين تلك اللحظات ليزرع فيها الثقة والخصال النبيلة في نفوس أصحابه، فعن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال : [ كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا ].

وملمح أخر نستقيه من الحديث، هو قوله – صلى الله عليه وسلم – [ يا غلام ، إني أعلمك كلمات ]، فلنأتي بطفل أيًا كان عمره، ونختصه بحديث أو سر ما، ذلك يؤكد ثقته في نفسه، وأنه يمكن الاعتماد عليه، وهذا ما فعله الرسول – صلى الله عليه وسلم – مع "ابن عباس – رضي الله عنها "، فقد انفرد به على الراحلة، وأودعه كلمات مهمة له ولباقي الأمة، وحمل الصغير الأمانة، وبلغها للأمة كلها بدون أن ينقص منها أو يزيد، فحاول أن تجعل بينك وبين طفلك كلمات، تبني بها ثقته في نفسه.

وبعد ما تم زرع الثقة في نفس "ابن عباس"، تاقت نفسه واستعدت لاستقبال تلك الكلمات الخالدات ليوم الدين، لتستكمل زراعة الثقة والاعتماد على الله أولاً وقبل كل شيء، ثم النفس .. [ أحفظ الله يحفظك، أحفظ الله تجده اتجاهك ] .. رقابة ذاتية على النفس، وذلك النوع من الرقابة لا يتم على النفس إلا عندما تستوثق في ربها، ومن قدراتها.

[ إذا سألت فسأل الله.. وإذا استعنت فاستعن بالله ]، وهنا غرس الرسول – صلى الله عليه وسلم – التوكل على الله، والتوكل أيضًا لا يخرج إلا من نفس واثقة، فكانت تلك الكلمات تطبيقا عمليا لتنمية الثقة في النفس التي بدأها الرسول قبل نطقه لتلك الكلمات.

ويأتي ختام الكلمات [ واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء ، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف ]، قاعدة لمن يثق في نفسه وفي اختياراته، امض ولا تلتفت لتدبير البشر، فقد دبر الله – عز وجل – الأمر، ورفعت الأقلام وجفت الصحف، فامض في طريقك واثقاً في تدبير الله لك.

بتلك الكلمات الذهبية استطاع خير البشر زرع ثقة في نفوس أصحابه، فخرجوا غير عابئين بما سيلقونه من صعاب، فأضاءوا الدنيا بنور إيمان قلوبهم، ونحن الآن في أمس الحاجة لمثل أولئك الواثقين، فلنزرع بتلك الكلمات والقواعد، ثقة لا متناهية في نفوس أطفالنا.






>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :


10 خطوات لتحبيب ابنتك بالحجاب


الطيبون يحبون حجاب ابنتهم , ويحرصون على سترهن وتحبيبهن في الطاعات والصالحات, لكن بعضهم قد يخطىء في طريق ذلك فيستخدم العنف أو يتهاون فيه فيتساهل .. وكلا الأسلوبين يحتاج إلى تقويم ,من أجل ذلك أختصر لك عشر طرائق عملية لتحبيب ابنتك في الحجاب ليس بينها الضرب ولا الضغط ولا الصراخ.

ولسنا بحاجة أن نقول إن هذه الخطوات يمكن أن يقوم بها الأب والأم معا أو منفردين .. ويمكن أن تتشارك الأسرة كلها فيها.

1- ابدأ مع ابنتك منذ الصغر ولا تنتظر حتى تكبر فتأمرها بالحجاب , فإنك إن انتظرتها حتى تكبر تكون قناعاتها قد بدأت في التبلور ومن ثم يصعب عليك إيصال ما تريد خصوصا إذا خالف هواها , ولتتبع التدرج في ذلك – لأنها لاتزال طفلة صغيرة.

2- اظهر الإعجاب بالحجاب , فتحدث عنه كثيرا أمامها بإعجاب , وقل إنه " وقار " وأنه " يضفي بهاء ونورانية على الفتاة .. وأن لابسات الحجاب يدللن بمظهرهن على حسن التربية وحسن النبت الطيب.

3- أخبرها بأنه أمر الله , وأعلمها أنها ستفعل هذا العمل لله وحده وليس للناس وان الله يراها في كل وقت وحين , وعرفها بأن الله يرضى عن المرأة المستورة المنفذة لأمره سبحانه , واقرئها آيات الحجاب من القرآن الكريم , وأكد عليها في الحديث عن إرضاء الله سبحانه.

4- اعرض لها النماذج المحجبة الناجحة الوقورة الفاضلة , ابتداء من زوجات النبي صلى الله عليه وسلم والصالحات من بعدهن ثم الصالحات من الأجيال التالية ثم الناجحات في هذا العصر من النماذج المتميزة.

5- قارن لها بين تلك النماذج السابقة وبين الأخريات السافرات اللاتي لا يخضعن لأمر الله وكيف أن سفورهن تسبب في سقوطهن في المهالك.

6- حدثها عن سلوك المرأة الصالحة , وعن ثواب الالتزام بالعمل الصالح , وجزاء النساء الصالحات , وكيف أن المرأة الصالحة تكون دوما سببا في الخير والهداية لبنات جنسها .

7- احرص على أن تصاحب ابنتك الفتيات الصالحات المحجبات المحتشمات , ولا تتركها بين السافرات الغافلات , فإنها ستتشرب الخير من أهل الخير.

8- اجعل لابنتك من أمها قدوة صالحة فيما يخص الحجاب والستر , واجعل لها مع أمها جلسات خاصات بالحديث عن الحجاب وكيف تحجبت , وحكايات الحجاب للفاضلات في ذلك.

9- اجعل أمها تصطحبها للقاءات الخير ودروس العلم وحلقات القرآن في المساجد , إذ ينبغي أن تكون محجبة أثناء ذلك كله ومن ثم تتدرب على ذلك وتحبه وتتعود عليه.

10- استخدم الهدية والمكافأة التشجيعية على ارتدائها التحشم والستر والحجاب , وعرفها أن المكافأة الكبرى إنما هي من الله سبحانه وأنها الجنة العالية.




__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثاني :

أبناؤنا وشاشة التلفاز

للإعلام دور كبير في تكوين شخصية الطفل والتأثير عليه سلباً أو إيجابا ًفي عصر المعلومات وانتشار الأطباق الفضائية وذيوع ثقافة الصورة , ولاشك أن الطفل أسبق من غيره في التعرف وحب الاستطلاع كما أثبتت ذلك كثير من الدراسات العلمية وذلك لرغبته في أن يكون له صورة مختلفة عن البيئة التي يعيش بداخلها والعالم الذي هو في محيطه.


ولهذه القوة الجامحة المسلّطة من الإعلام على الطفل ولرغبة الطفل للتعرف والاطلاع تكونت علاقة وثيقة بين أطفالنا وشاشة التلفاز والتي تعد من أهم وأبرز مخرجات الإعلام الخطيرة , وهذه العلاقة وان كان في تكوينها فائدة كبيرة بالنسبة للإعلام من جهة المورد المالي , ونشر الأفكار والرؤى والتي يتأثر بها فكر المشاهد , وفائدة هي الأقل والأقل جداً للطفل وتكمن في نضوج فكرة وتنوع ثقافته وتعريفه على عالمه الخارجي .

إلا أن الضرر الناتج منها على الطفل كبير جداً وتزداد مساحة ذلك الضرر بازدياد التوسع الإعلامي الرهيب وتنوع البرامج الخاصة للأطفال , وقدرة أصحاب تلك البرامج في الخروج بأعمال إبداعية تسحر الباب الأطفال , وتجذب أفئدتهم وتشدهم للمشاهدة ساعات طويلة بدون ملل أو انقطاع , وتتنوع أضرار شاشة التلفاز وتبعاته السلبية وآثاره الهدامة على أطفالنا بتنوع اهتمامات الأطفال ووضعهم الأسري والاجتماعي والصحي وسأذكر منها ما يلي:

أولا: ضياع الوقت وإهداره فيما لا ينفع .
إنما يعرض عل شاشة التلفاز من برامج الأطفال وما يصاحبها من إغراءات ومغامرات وقصص الخيال وغيرها من ما يسحر عقل الطفل ونظره قد نجحت في سلب كثير من أوقات الأطفال خاصة في تلك السنين الأولى التي ينضج فيها عقل الطفل وينمو.

وفي دراسة امريكية تقول: إن الطفل يشاهد التلفاز بمعدل 23 ساعة في الأسبوع الواحد, وفي دراسة مصرية وجدت إن أطفال مدينة القاهرة يشاهدون التلفاز بمعدل 28 ساعة في الأسبوع الواحد , وسواء صدقت تلك الإحصائيات أم كان فيها نوعاً من المبالغة إلا إن المهم هو إن شاشة التلفاز فعلاً أخذت من أوقات أطفالنا الشيء الكثير وأصبحوا اسري لما يبث من مشاهد وبرامج على تلك الشاشة الجذابة , وصار ذلك الوقت مما يحسب سلباً على صحتهم وفكرهم وحياتهم بشكل عام.

ونحن بذلك الوضع نشارك في إيقاع الظلم على أطفالنا وأوقاتهم الثمينة خاصة ونحن نعلم عن قيمة الوقت , وحرص شريعتنا الغراء على الاهتمام به , وأن المؤمن مسئول أمام الله عنه ومجازاً به , فكيف اذاً نربي أطفالنا على هذه القيمة الهدامة وهي " ضياع الأوقات فيما لا ينفع" ونحن نعلم إن أمامهم مستقبل يريد منهم جل أوقاتهم , وأمة ترقب من يتواصل مع منجزاتها ومشاريعها البناءة وقد قيل : " إن الأفضل بناء الطفل بدلاً من إصلاح إنسان".

ثانياً : نشوء الأمراض النفسية والجسدية .
إن مواجهة الطفل لشاشة التلفاز لأوقات طويلة يعرضه لأمراض نفسية وجسدية متعددة , وتختلف هذه الأمراض باختلاف مدة مكوث الطفل أمام الشاشة وقربه وبعده منها , وتأثره لما يعرض فيها من عدمه ومن تلك الأمراض حصول القلق والاكتئاب والشيخوخة الكبيرة والتي تنتج من التعرض للموجات الكهرومغناطيسية المنبثقة من شاشة التلفاز.

إضافة إلى ما يحصل من أضرار جسمية كزيادة الوزن وترهل العضلات وآلام المفاصل والظهر واني أعجب من إهمال كثير من الآباء والأمهات لأبنائهم بجعلهم أسرى لذلك الوحش الذي يأكل من أجسامهم ليل نهار وذلك بجلوسهم الطويل والممل أمام تلك الشاشة الجذابة .

ثالثا ً: زيادة معدل الخوف .
وذلك نظراً لزيادة المشاهد المرعبة على شاشة التلفاز(دماء- جرحى – قتلى – أسلحة -حيوانات مفترسة – أشباح ....الخ) وكل ذلك يولد لدى الطفل شعور بالخوف المتكرر والدائم أحيانا وينزع منه الأمان الذي يستحق أن يتمتع به , بل هو حق واضح على الوالدين خاصة والمجتمع بشكل عام أن يمنحوه أطفالهم.

ومكوث الطفل أمام هذه الشاشة باستمرار يجعله يُؤمن بطبيعتها وإنها حتمية الحصول فتؤثر على مسيرته المستقبلية وشخصيته القادمة الأمر الذي يصاب من خلال ذلك الشعور بالازدواجية في الشخصية والعقد النفسية المتكررة وهي تنمي فيهم أيضا الصفات السلبية كالحقد والكراهية وحب الانتقام.

رابعاً : فقدان الثقة لدى الطفل .
إن الطفل وهو يشاهد تلك الأفلام التي أخذت طابع العنف والاستبداد والقتل والخيانة تكوّن له نظرة سلبية تجاه أسرته ومجتمعه مما يؤدي إلى نزع كل أواصرالثقة وحبال الظن الحسن مع الجميع ويبدأ يتلبس بلباس الشك معهم وهذا يعني أيضا أن كراهيته لكل ما حوله قد تتكون من خلال ذلك الشك والظن السيئ بأفراد مجتمعه.

وقد يتسبب الوالدين في حصول ذلك الشعور السيئ وهما بذلك يناقضان أهم أعمالهم الموكولة إليهم تجاه التربية ألا وهو بناء الثقة في نفوس أطفالهم وإشعارهم بأهميتهم , وإبعادهم عن أجواء الشك وإساءة الظن .

خامسا ً: من الآثار السلبية لشاشة التلفاز على أطفالنا تبلد مشاعر الطفل وعدم مبالاته لكل من حوله وعدم الاكتراث بكل ما يقدم له من أهله أو اقرأنه ودوام إحساسه بعدم أهمية ما يُفعل لأجله أو ما يواجهه في حياته.

إن ما يراه الطفل من صور ومشاهد على شاشة التلفاز تساعد على جذب كل حواسه وآلياته ساعات طويلة وعلى فترات مختلفة ومن صور ذلك التبلد وعدم المبالاة عدم سماعه لمناداة والديه له وعدم أحساسة بكل ما يقع حوله أو يتحرك , إضافة إلى عدم اهتمامه بأدواته وأغراضه الشخصية وعدم ترتيبه لها , وفوضويته في حياته.

سادسا ً: الإقدام على تناول التدخين أو المخدرات أو السموم وغيرها.
في كثير من المشاهد التي تعرض وللأسف الشديد تظهر التدخين على انه حل سريع ومهم للقضاء على المشاكل النفسية والهموم الاجتماعية وهناك أيضا من المشاهد ما يعرض المخدرات بأنواعها وكيفية بيعها وشراءها وترويجها.

وأيضا كيفية تعاطيها وما يصور من أنّ من يتناولها يعيش في عالم آخر سعيد وكل تلك المشاهد يتقبلها عقل ذلك الطفل بدون وعي مسبق أو حصانة قبلية أو حتى تحذير أو تعليم من الوالدين يوازي ما يراه الطفل من تلك المشاهد فيحصل ما لا يُحمد عقباه وقد يصبح ذلك الطفل أسيراً للمخدرات والسموم , وقد أثبتت الدراسات أن من أهم طرق الانحراف لدى الفتين والفتيات في طريق المخدرات هو شاشة التلفاز وما يعرض فيها.

سابعاً : التسبب في إيجاد فجوة كبيرة بين الوالدين والطفل .
إذ أن تأثير شاشة التلفاز على وقت الطفل المشاهد يكمن في بقائه لفترات طويلة أمامها الأمر الذي يجعل مشاكسات الطفل وعبثه في حياته وأثاث المنزل تقل بنسبة كبيرة وهذا مما يريح الوالدين وخاصة الأم في مسألة المتابعة في المنزل والتنظيف إلا إن هذا يسبب الكثير من المشاكل بين الوالدين وطفليهما كعدم اهتمام كلا الطرفين بالآخر وعدم فهم نفسية الوالدين لطفلهما وقلة الوعي والحصانة التربوية من الوالدين للطفل وهذا كله يزيد من مساحة البعد بينهما.

ثامناً: ومن آثار شاشة التلفاز السلبية على الطفل إثارة الغرائز لديه مبكراً .
وهذا سببه مما يعرض في أفلام الرسوم المتحركة من قصص العشق والغرام ودفاع البطل عن حبيبته في أفلام الاكشن واللباس الفاضح وصور الضم والقبلات بين عناصر الفلم ذكوراً وإناثا وكل تلك الصور والمشاهد يتشبع بها عقل الطفل ويبدأ في تقليد ما يرى مع إخوانه وأخواته في المنزل أو في لباسه وتصرفاته ومعاملاته وهذا ينشئ خطراً عظيماً على ناشئة الأمة وذلك بعنايتهم بكل هم سافل أو أمر منحط حتى لا تجد من بينهم (إلا من رحم ربي) من يسمو بنظرته أو يرقى باهتمامه.

تاسعاً : ومن الاثار أيضا إفساد اللغة العربية لدى الأطفال .
إن ما يعرض من صور ومشاهد على شاشة التلفاز يصحب دائماً بلغة هشة إما أن تكون لهجة بلد معين ليست حتى بلهجة بلد ذلك الطفل , أو عربية مكسورة في الأداء والقول , ومن المؤسف أن تجد اهتمامات منتجي تلك الأقلام باللغات المحلية والدارجة على ألسن الناس وتغافلهم عن اللغة العربية الفصحى , وهذا مما يؤدي أيضا إلى انحراف لسان الطفل إضافة إلى انحراف فكرة وتوجهه واهتماماته .

عاشراً : ومن الآثار أيضا أن يتربى الطفل على العادات السيئة, والأنماط المشينة والأخلاق المنحطة .

من خلال متابعته الدائمة لشاشة التلفاز ومن تلك العادات والأنماط السهر على المعاصي والآثام , وعشق الفنانين والفنانات , والتعلق السيئ بالأفكار الهدامة , وتتبع العناوين المغرضة والتي يدعو أكثرها إلى التفسخ من الدين وضرورة الانحلال من تعاليمه وعقائده فينشأ الطفل على تربية مهزوزة ومزدوجة تكون آثارها وخيمة على الطفل وعلى أسرته ومجتمعه.

الحادي عشر : حب الطفل لأدوار الخطر وعشقه لروح المغامرة .

وتنتج تلك المشاعر مما يراه من مشاهد متعددة تحكي قصص الجواسيس ورجال المخابرات والشرطة والأفلام البوليسية المختلفة , فيبدأ الطفل بتكرار ما يشاهده وفعله على ارض الواقع بدون تفكر في التبعات وعواقب الأمور مما يؤدي ذلك كله إلى خطر عظيم قد يؤدي بالطفل سواءً كان ذلك الخطر موتاً أو إصابة بليغة أو أضراراً بالآخرين وممتلكاتهم وهذا ما نعانيه الآن من شباب الأمة وواقعهم المتمثل في قصص التفحيط والغرام المتبادل وسرقة المنازل وحوادث القتل...الخ تلك المناظر المؤثرة.

الثاني عشر : ومن الآثار أيضا تجميد عقل الطفل عن التفكير والإبداع , وتعطيل خياله عن الاختلاط وحب الاستطلاع .

ذلك أن من المعلوم لدى أهل التربية هو أن عقل الطفل باستطاعته أن يبدع ويفكر وينتج أيضا لصفائه من المدخلات السلبية والأفكار المنحرفة , وما يعرض على شاشة التلفاز وخاصة للطفل بكل الأفلام الكرتونية التي ترسل رسائل سلبية لعقل الطفل المتمكنة في أن الخيال له حدود , وان الاختراع لا يستطيعه إلا القليل , وان العمل صعب ومكلف , وان نتاجه قليل , وكذلك تلك المشاهد التي تبرز الغباء وتحسنه لهم بصور طريفة ومضحكة فيتربى عقل ذلك الطفل على ما يستقبل من رسائل غاية في الخطورة , وهو بذلك يصبح طفلاً غير منتج وليس له القدر ة في أن يفكر أو يبدع .

الثالث عشر : حرمان الطفل من اللعب .

وذلك نتيجة ضياع وقته كله أمام شاشة التلفاز, وهذا يؤدي إلى ضيق صدر الطفل وكرهه لأصدقائه ورفضه لهم المشاركة في اللعب معهم , وحب الانطواء والعزلة , وسعيه وراء كل ما يبعث للراحة والدعة , وحبه للكسل والخمول ونبذه للعمل والسعي والحركة .

الرابع عشر : صعوبة تعامله مع التجارب والأحداث التي تواجهه في حياته .

وينتج عن ذلك عدم قدرته للمواجهة مع الآخرين وانعدام قدرته على حل المشاكل الحياتية التي تواجهه بين الفينة والأخرى وذلك كله بسبب ركونه إلى المشاهدات التلفزيونية والتي بعثت فيه الأمراض المتعددة والمختلفة الصحية منها والنفسية والاجتماعية وغيرها.

وأخيراً فإن علينا أن نعي خطورة هذه الشاشة الجذابة على عقول أطفالنا وأوقاتهم واهتماماتهم, وان نقدر حاجتهم لها بقدر ما يشبع رغباتهم في المشاهدة, وأن لا نستهين بما تقدمه لهم من برامج وعروض مختلفة.

ومرة أخرى فاني أقول أن على الوالدين أمانة عظمى في السعي بأولادهم إلى أمكنة الأمان وحمايتهم من كل ما يؤثر عليهم سلباً في حياتهم وتربيتهم بأن يكونوا عدة لدينهم ومجتمعاتهم.

وفقني الله وإياكم لطاعته, ورزقنا الإخلاص في القول والعمل والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله.





__________________________________________________ __________

>>>> الرد الثالث :

الصدق مع الصغار


أبناؤنا يتعلمون الصدق حين نصدق معهم ، وصدقنا معهم يدفعهم إلى الثقة بنا والاطمئنان إلينا، لا تظنوا أن الصغار يميزون ، بل هم يدركون إن كنا معهم صادقين أو كاذبين .

حدثتني والدتي أنها اشتكت - وهي صغيرة - ألمًا دائمًا في بطنها ، فلما فحصها الطبيب وجد أنها تحتاج أن تصور صورة شعاعية لتقصي سبب المغص والألم، وكانت الصورة لا تتم إلا بعد أن يتناول المريض شربة من الملح الإنجليزي ذي الطعم البشع والرائحة الكريهة .

فلما رأت أمي شكله وشمت رائحته استبشعته ورفضت تناوله .

حاولت جدتي إقناعها بأن طعمه ليس كرائحته ، ورغبتها في تذوقه ، فما تذوقت بعضًا منه حتى ازدادت عزمًا وتصميمًا على ألا تشربه مهما حصل ، فغضبت جدتي وسعت إلى إجبارها على تناوله وهي رافضة متمنعة.

فلما أعياها الترهيب لجأت إلى الترغيب ، فراحت تحاول إقناعها مؤكدة أن هذا الدواء لذيذ الطعم ، وهي لا تزداد إلا عنادًا وتصميمًا .

سمع جدي الشيخ على الطنطاوي - رحمه الله الضجيج فجاء من غرفته مستطلعًا الأمر، فلما وقع على تفصيله طلب من جدتي أن تترك الأمر له ، ثم التفت إلى والدتي فقال لها : " يا بنيتي ، سأكون صادقًا معك ؛ لذلك لن أقول لك إن هذا الدواء ذو طعم لذيذ ، إنه كريه ولا يمكن شربه ، بل إن طعمه لا يطاق ، وقد احتجت يومًا لتناوله فلم أفعل لشدة كراهته ، وآثرت احتمال الألم على تجرع طعمه الكريه ، ولكني آمل أن تكوني أشجع مني وأقوى وأمضى عزيمة فتفعلي ما لم أقدر أنا عليه ، ويتم لك الشفاء بإذن الله " .

قالت أمي " عندما صدقني والدي شربته جرعة واحدة وأنا سادة أنفي مغمضة عيني ؛ لشعوري بأنه مقدر لمعاناتي غير مستخف بآلامي .

إن الأطفال أذكى مما نتصور ؛ فهم سرعان ما يكتشفوننا إن كذبنا عليهم ، فيلجؤون إلى الأسلوب ذاته في تعاملهم معنا ، فيكذبون هم علينا .

والكذب من أبشع الطباع ، ولكنه من أسهلها اكتسابًا ومن أصعبها علاجًا ، وكثيرا ما يلجأ إليه الأطفال للحصول على كسب أو الهروب من عقاب .

ونحن - رغم صدق أهلنا معنا وصدقنا معهم - حاولنا اللجوء إلى الكذب ( في بعض المرات) خوفًا من العقاب ، فما تساهل جدي - أبدًا - في هذا الأمر ، إلا أنه عالجه بالحكمة البالغة فإذا شك أن أيًا من أحفاده كذب استدعاه فوعده ، إن صدقه القول ، ألا يعاقبه ، فيفهم منه حقيقة المسألة.

ثم يكتفي بتوجيهه وتعليمه حتى لا يقع في الخطأ مرة ثانية .

بهذا الأسلوب الجيد علمنا قول الصدق ، فما زلنا نصدقه ونصدق أمهاتنا - آمنين من العقوبة طامعين في العفو جزاء الصدق حتى صار الصدق طبعًا من طباعنا ، ثم صرنا - من بعد - نصدق ولو أيقنا بالعقاب .

وكبرت فتزوجت وصرت أمًا ولم أنس هذا الدرس ؛ فكنت أبحث - مع أبنائي - عن الجانب السلبي في أي أمر فأعترف به بصدق غير مواربة ولا متهربة ، ثم أعمد إلى الجانب الآخر الإيجابي فأغلبه عليه وأستعين على الإقناع به بالترغيب والتشجيع . وأي أمر - مهما كان صعبًا وسلبيًا - لا يخلو من الإيجابية والخير؟.





__________________________________________________ __________

>>>> الرد الرابع :

أبناؤنا والتقنية


الكل يلاحظ التطور الكبير في التكنولوجيا من هاتف نقال، إلى جهاز حاسب آلي، إلى جهاز حاسب آلي محمول، إضافة إلى أجهزة الألعاب المتطورة، وهذا شيء جميل إذا استطعنا أن نحدد الاستخدام الصحيح لها، وأن لا نتركها في متناول الطفل كيفما يشاء، فهي إما أن تكون له، وتنمي من مهاراته وسرعة استجابته، وأما أن تكون وبالاً عليه وعلى أهله ومجتمعه؛ لأنها ستجعله كسولاً، تفكيره فقط ينحصر في الألعاب.

وقد اعتمدت بعض الأسر مراقبة الأطفال أثناء قضاء وقت فراغهم على أجهزة الحاسب الآلي، بالنقيض للبعض الآخر ترك "الحبل على الغارب" لأبنائهم بممارسة العمل على الأجهزة في كل وقت ومكان، وقد يشكل خطراً كبيراً على تربية الأبناء من حيث الدخول على المواقع الممنوعة والمشبوهة أخلاقياً أو ظهور الدعايات أو الإعلانات المخلة بالأدب في مواقع أخرى.

كما أن هناك بعض الألعاب الجماعية التي قد يمارس فيها بعض الدردشة والطفل بتلقائيته، يتلقى من كل شخص أي أمر بدافع الفضول وحب التعرف، وذلك من خلال ما أثبتته الدراسات.

فمراقبة الأطفال باتصالاتهم على الانترنت وتوجيههم إلى الطريق الصحيح واجب على كل أسرة، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) إلى آخر الحديث الشريف .

فما الواجب التقني التربوي علينا لحماية أطفالنا من شيطان الانترنت؟.

أولاً: متابعة الأطفال في كل وقت أثناء تصفحهم في بحر الانترنت وتقديم النصح والإرشاد وعدم استخدام أسلوب النهي، فمبدأ الترغيب أفضل من الترهيب.

ثانياً: وضع أجهزة الحاسب الآلي في أماكن عامة بالمنزل حتى لا تكون للطفل سرية ممارسة التصفح.

ثالثاً: تحديد المواقع المفيدة للطفل وتوجيهه لزيارتها والعمل على الانترنت بقدر الحاجة الفعلية لتعليم الطفل.

رابعاً: عمل الإعدادات التي تساعد في الدخول إلى المواقع الحسنة والتي تمنع الدخول إلى المواقع السيئة من خلال الأمان في خيارات الانترنت.

خامساً: الاشتراك في المواقع التي توفر وتجمع المواقع المفيدة فقط وتخصص إعدادات الانترنت وجهاز المودم إلى الدخول إلى هذه المواقع فقط.

وأخيراً: أسأل الله العلي القدير أن يوفقنا وإياكم إلى ما فيه خير لنا ولأبنائنا، وأن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما ينفعنا.





__________________________________________________ __________

>>>> الرد الخامس :

تربية الأبناء.. علم ومسئولية

ثبت في "الصحيحين" وغيرهما، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيته ) وهذا حديث عظيم، من الأحاديث التي يستفاد منه جملة أحكام تتعلق بعلاقات أعضاء المجتمع كافة، بدءاً برئيس الدولة وانتهاء بخادم المنزل.

وفي وقفتنا التالية نحاول أن نسلط الضوء على جانب من الجوانب المستفادة من هذا الحديث، وذلك موضوع مسؤولية الوالدين عن تربية أبنائهما، وهو موضوع لا يختلف اثنان على أهميته، وإن كان الاختلاف واقعًا من حيث تطبيقه .

- التربية علم:
بادئ ذي بدء لابد من القول: إن التربية عموماً لم تعد عملية عشوائية، متروكة للرغبات والعادات، بل أصبحت علماً له أصوله وفصوله، وقواعده وأُسسه، التي يقوم عليها، ويستند إليها، ومن ثَمَّ كان من الأهمية بمكان أن يكون المربي على علم، واطلاع على تلك القواعد والأصول التي تقوم عليها عملية التربية .

وإذ تقرر هذا، حُقَّ لنا أن نقول: إن على الوالدين الحريصين على تنشئة أبنائهما تنشئة سليمة وسديدة، أن يضعوا خطة عملية، تراعي ظروف المربِّي وإمكانية المربَّى، وإن شئت قل: إن على الوالدين أن يكونا صاحبي مشروع تربوي هادف، وصاحبي هدف تربوي واضح، وصاحبي رؤية تربوية واقعية .

فالتربية المطلوبة إذن، هي تلك التي تُعدُّ الطفل - وَفْقَ منهج واضح ومدروس - لدخول مدرسة الحياة بكل قوة، وحيوية، وفاعلية، دون خوف أو وجل أو تردد...تلك التربية التي تهيئ الطفل ليفتح نوافذه لكل الرياح، لكن دون أن يسمح لتلك الرياح أن تقتلعه من جذوره...تلك التربية التي تحمله وتدفعه للمضي قُدُماً دون التفات إلى الوراء...تلك التربية التي تنير له السبيل ليصل إلى نهاية المشوار.

فهذه التربية المرجوة التي نهدف إليها، ونعمل من أجلها...لا تلك التربية التي تنشئ الطفل على الدلال والدعة والخمول والكسل (( أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ )) (الزخرف:18) .

- خطوات عملية:

وإذا مضينا قُدمًا من التنظير إلى التفعيل، كان علينا أن نقول: إن للتربية الصحيحة مناهج ينبغي على المربي أن يضعها نصب عينيه، ويسعى لتفعليها فيما هو مقدم عليه.

ويأتي في مقدمة ذلك القدوة الحسنة، فهي أسُّ التربية وعمادها، وذلك أن الطفل يتعلم بالقدوة الحسنة أكثر مما يتعلم بالكلام وغيره، وهذا أمر مشاهد وملموس لا يحتاج لإقامة الدليل عليه. فلتحرص أخي المربي على تفعيل هذا الجانب، ولتعلم أن أبناءك لا يمكن أن يكونوا قارئين لكتاب الله إلا إذا رأوك فاعلاً لذلك، وأن أولادك لا يمكن أن يكونوا صادقين إلا إذا كان حديثك حديث صدق، ومثل هذا يقال في السلوكيات الإنسانية كافة.

ومن الخطوات العملية التربوية، أن نلحظ ميول الأطفال واتجاهاتهم، ومن ثَمَّ نسعى لتنميتها وتشجيعها، وإن لم تكن تلك الميول والرغبات داخلة في دائرة اهتمامنا.

ويفيد التذكير في هذا السياق، أن جميع الأطفال يولدون ولديهم قدرات متساوية، لكننا نحن الذين نمسخ تلك القدرات بأساليبنا التربوية الخاطئة، سواء أكان ذلك في البيت أم في المدرسة؛ وقد أكدت الدراسات العلمية في هذا المجال أن الأطفال الذين يتلقون الدعم والتشجيع من آبائهم يكونون أكثر سعادة ونجاحاً في رحلة الحياة.

- تفاعل وحوار:
ثم إن التربية الجيدة ليست تلك التربية التي تجعل الطفل يشعر نفسه وكأنه جندي يعيش في ثكنة عسكرية في حالة ترقب وحذر، ينتظر تلقي الأوامر والنواهي لتنفيذها، وإنما تلك التربية التي يستمتع معها الطفل بصحبة والديه، ويشعر أن اختياراته وآرائه موضع احترام واعتبار وتقدير .

فمثلاً من خلال المصاحبة في الرحلات والمناسبات يستطيع المربي أن يقدم خدمة تربوية لمن هو في كنفه ورعايته، ولا ريب فإن التعليم من خلال المصاحبة والمشاركة العملية يعطي من النتائج الإيجابية ما لا يتحقق من طريق آخر .

- مفاهيم خاطئة:
على أن من الأمور التي يجب الاهتمام بها، والتنبه لها هنا، أن يتخلى المربي عن أسلوب التلقين في التربية، بل عليه أن ينصرف إلى تنمية القدرات الإبداعية وتطويرها لدى الطفل، وعلى المربى أن يضع في حسابه أن نظرية الطفل المبدع بالفطرة قد انتهت، وأصبحت في ذمة التاريخ، ذلك الطفل الذي يولد مزوَّداً بالموهبة.

وقد أثبت العلم أن الإبداع أصبح علماً يمكن تكوينه وتطويره، وقرر كذلك أن تطوير أي قدرات خاصة مرهون بالجهد الذي يبذل في هذا الاتجاه أو ذاك .

أيها المربي - رعاني الله وإياك - ضع نُصب عينيك، وأنت تقوم بعملك التربوي أن تزرع في نفس طفلك - بعد مفاهيم الإيمان الصحيح - مهارة الاعتماد على النفس، والثقة بها، والاعتزاز بها، وعليه فلا تفعل شيئاً بالنيابة عن طفلك يمكنه القيام به، بل خذ بيده ليقوم بالعمل بنفسه، وادفع به ليقتحم أبواب الحياة بكل قوة (( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً )) (مريم:12) ثم لا عليك بعد ذلك في أي السواحل ألقت به الأمواج .

وأختم مقالتي إليك، بما قاله الشاعر والمفكر الإسلامي إقبال - رحمه الله - في هذا المجال: "يا مربي الجيل الجديد: ألق عليهم دروس التواضع، والاعتزاز بالنفس، والاعتداد بالشخصية، علمهم كيف يشقون الصخور...ويدكُّون الجبال، فإن الغرب لم يعلمهم إلا صنع الزجاج" ثم تأمل في قوله: أحب احتراقي بنار اشتياقي ولا أرتضي عيشة الخاملين.

فناء الفراشة في النار يعلو حياة الجبان طـوال السنين.

نسأل الله لنا ولك السداد والرشاد والتوفيق لكل خير (( وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب )) (هود:88) والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيد المرسلين .