بسم الله الرحمن الرحين
رمضان كريم مبارك وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام
سأصبح يا اخوتي مديرا لإكمالية... هو منصب في منتهى الأهمية... لمن عرف قدر المسؤولية... لكن الأمور أصبحت دراماتيكية... فبُعيد النجاح دخلنا متاهة قانونية... وبعد مد وجذر انتهت القضية... بقرار فصل من الوظيفة العمومية... في أحقية الأستاذ بمنصب المديرية... وتفعيل المادة المكررة من قانون التربية الوطنية... ورُخص لمستشار التربية... هذا العام وبصفة استثنائية... باعتماد نجاحه دون أقدمية... فالحمد لله ربنا على الهدية... والشكر لرجالٍ قدموا التضحية...
فبعد انتهاء المعارك الكلامية... ونشر المحاضر النهائية... استلمنا استدعاءات المديرية... بفرحة لم تكن عادية... وبدأنا رحلة الصيف المارتونية... قطعنا فيها مئات الأمتار الكيلومترية... من جبال الأتاكور وطاهات الأبية... حيث الشمس تعانق الأسكرام الأزلية... وترسم أروع غروب في الكرة الأرضية... من تامنغست مهد العشق وجمال البرية...
كنا خمسة زملاء في قضية... الى ورقلة سافرنا في سَرِيٌة... ولمعهد الورتلاني كانت الأمنية... فأخذنا طريق المنيعة البرية... ومررنا بغرداية الواحة الصحراوية... التي تشهد بين فينة وأخرى أحداث دموية... هي أحداث مريرة جد مستعصية... قيل إنها فتنة مذهبية... بين مالكية واتباع مذهب الاباضية... وقالوا أيضا هي فتنة عرقية... بين ميزاب وعرب البادية... وقيل الكثير عن تحريض القوى الغربية... فحمى الله بلادي الجزائرية... عرب وأمازيغ وكل من عبد رب البرية...
بعد ساعات من السفر مضنية... وصلنا ورقلة منبع طاقتنا النفطية... فنمنا في علي ملاح المدرسة الثانوية... وبدأنا التكوين في الساعات الصباحية... فرغم التعب وقلة النوم في ليلتنا الماضية... الا أن رغبتنا في الحضور كانت جد قوية... وكان جلوسنا في الأماكن قبل الخلفية... فتعرفنا على زملاء شيبتهم التربية... وشباب أهلتهم شهاداتهم الجامعية... لمنصب يطمح له كل شخصية... في حجرة الدرس كان اجتماعنا كحلاوة عسلية... علم وتعلم في منتهى الجدية... لكن أيضا الكثير من التسلية... فمجموعة دوما في الأماكن الامامية... تجدها هناك مهما كانت الوضعية... احتكرت النقاش وبعضه دون أهمية... وفي الخلف جلست مجموعة متأنية... وجودها في القسم تحسبه أحجية... وفي الوسط تمركزت مجموعة متخفية ... بين الصفوف الامامية والخلفية... تبحث لنفسها عن مكانة جوهرية...
عن التغذية ان سألتني والإقامة في معهد التربية ... فغذاءنا غالبا قليل الكمية... والكل هنا اشتكى من النوعية... وللإدارة في الأمر مبررات ذات أهمية... فعدد المقيمين حسبها كبير جدا على الميزانية... ودنانير وزارتنا لا تكفي للإيواء والتغذية... فحفظونا وصية الدهر الابدية... اصبروا وصابروا فالدنيا فانية... وأرضوا بما قسم الله لكم تكونوا أسعد البشرية...
ان كنت في القسم فأنتبه يا مدير الإكمالية... فلما تسمع الجرس في رنة أولية... هرول الى المطعم بغير ابطاء ولا تنتظر الثانوية... فرغم أن التفاح هو الثابت في وجبتنا الغذائية... الا أن الدجاج كان دوما صاحب الأفضلية... وأصبح الديك سيدا وأرتقى لقائد سرية... أما الزبادي فهو تحلية عشاء الرعية... وإيواء المقيمين مقبول الوضعية... أما الدروس فهي لدعم معارفنا التربوية... وتلقي العلوم والتشريعات القانونية... فأغلب التأطير أما مدير أو مسير لمال الإكمالية... فيهم مخضرم أفنى شبابه في المراسلات الإدارية... خبرته كبيرة لها بالغ الأهمية... جزى الله أساتذتنا على النصائح التوجيهية... وشكرا لهم على الدروس والمعارف التعليمية...
المتكونون كانوا أساتذة ومستشارو التربية... جاءوا من بسكرة والوادي واليزي الحدودية... ومن ورقلة وغرداية وتمنراست الأبية... هي ست ولايات صحراوية... ضمت سبعين وستة من خير البشرية... ذكور أغلبهم وقلة أنثوية...
بدأنا التكوين بهمة عالية... مواد أساسية وأخرى كانت تكميلية... فالتسيير والتنظيم الإداري ومعه البيداغوجية... وللتشريع المدرسي مكانة علية... ولهندسة التكوين ومنهجية البحث أهمية... وللتاريخ الوطني أكبر الأولوية... النظام التربوي والتقويم والمتابعة مقاييس ضرورية... أما القانون الإداري فهو مادة قانونية...وللمالية أربعة مقاييس مصيرية... التسيير المالي والمادي للمؤسسة العمومية...والمالية العامة وتقنيات اعداد الميزانية... وآخرها صلاحيات الامر بالصرف في الإكمالية... ولا أنسى التحرير الإداري ومشروع المؤسسة التربوية... وللنظام الداخلي كل الأفضلية... اما الاعلام الالي فهو مستقبل البشرية... هي سبع وعشرة مقياسا باللغة العربية... تكوين مكثف ذو منهجية... من السبت الى الخميس دون راحة بيداغوجية... فحمدا لله على الإسلام ورسالته المحمدية... فرض صلاة الجمعة على أتباع السنة النبوية... نعبد الله فيها دون شريك له في الالوهية... يوم الجمعة نرتاح من الدراسة الروتينية... هو يوم وحيد لراحتنا الأسبوعية...
بعد ثمان أسابيع تكوينية... يُختم تربصنا بمذكرة مهنية... تعتبر لدى البعض ذات أهمية... رغم ان لها واحد كمعامل دون ثنائية... ساعة يتيمة عرض ومناقشة اجمالية... وقبلها كنا في تربص تطبيقي بالإكمالية... أشرفت عليه مديريات التربية... هي ترتيبات تنظيمية ذات صبغة ادارية... تنتهي بامتحانات نجاح نهائية... لابد فيها من بذل جهد وروية... من أجل الترتيب ونيل الأفضلية...
ومسك الختام سهرة احتفالية... كانت بالدف والاناشيد الإسلامية... وربما البعض تمنى رقصات شعبية... هي سهرة احتفالية وداعية... المرطبات فيها والمشروبات الغازية... بوفرة كانت للجميع دون أفضلية... وللخطابة والشعر حصة أسدية... تشكرات أخوية وهدايا أصلية... مُنحت للإدارة والهيئة التدريسية... عربون محبة وتقدير على الجهود المضنية... هي حفلة جميلة بروتوكولية... لتخريج دفعة من الإطارات التعليمية... سهرة احتفالية ذكرتنا بالأيام الملاح... وحتى لا يدركنا نور الصباح... فبعد العشاء ذهبنا لنرتاح... وقبل أن نسمع الصياح... استيقظنا من نوم الافراح ... وحزمنا امتعتنا والكتب الصحاح... وبالهدايا الملاح غادرنا المعهد بقلب مرتاح... وبعد ثماني أسابيع من الكفاح... أصبحنا مدراء بنجاح... هي مسؤولية ودرب للإصلاح...فتحية سلام لكل صديق مع عطر فواح...