عنوان الموضوع : مقال رائع حول الإسراء والمعراج
مقدم من طرف منتديات العندليب

ا
السلام عليكم إخوتي الأساتدة المحترمين أود أن أهدي لكم هذا المقال الرائع جدا عن الإسراء والمعراج لصاحبه الشيخ محمد الفحام إليكم المقال
معجزة الإسراء والمعراج
الحمد لله حمداً يسمو بنا إلى علياء الشهود، ويرقى بأرواحنا إلى أعلى مقامات العبودية للمعبود، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلهاً قال وهو أصدق القائلين: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ). وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمداً عبده ورسوله من جعله الله تبارك وتعالى معدناً للهداية، ومظهراً للعناية، ومهوىً لأفئدة ذوي الرعاية مَن أيَّده الله تعالى بالمعجزات، وثبّت قلبه بالكرامات، وأعلى مقامه بخوارق العادات، حتى عرج إلى أعالي السموات، وسرى بضيائه فجاوز عالم الممكنات، فرأى ربَّه منزها عن الكيف والانحصارات، ثم رجع من حضرة قدسه بأنوار التسليمات، متجددَ الهمة ماضي العزيمة بلطائف الأسماء والصفات حاملاً بين جوانحه سرَّ العروج بالصلوات المباركات، رابطةً بين العبد وخالق الأرض والسموات.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على مَن أعْزَزْتَهُ وأثنيت عليه في آياتك البينات، وأمرتنا بذكره وتعظيمه مفتاحاً لذلك في أسرار التحيات.
وبعد؛ فإن الحديث من معجزة الإسراء والمعراج حديث عن جانب من جوانب الخصوصيات النبوية, والمسلمات العقائدية، التي ميَّز الله تعالى بها حبيبه الأعظم صلى الله عليه وسلم عن غيره من الخلق. ذلك أن لله خواصَّ حتى في الأشخاص، فَلَرَسولُ الله صلى الله عليه وسلم خيرُ خلقِ الله وأكرمُهم على الله، وأعزهم عند الله، فهو الذي قال في حقه ربه وبارئه: (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى). وهو الذي أقسم بحياته فقال جل ذكره: (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ). وهو الذي أمر بتوقيره وتعظيمه فقال: (فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). وهو الذي شرفه بتشريف منيف ما خُصَّ بمثله رسولٌ مرسل، ولا نبي مقرب فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ).
وقَدَّر أن لا يُنسى هذا التشريفُ لحبيبه أبدَ الدهر فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً). وهو الذي حذّر من الانحدار في صيغ التكريم والخطاب له صلى الله عليه وسلم، وأَوْعَدَ على ذلك فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ). بعد أن أمر بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ). وَقَرَّرَ سبحانه وتعالى أن الأدب مع جنابه الشريف عنوانٌ للتقوى، ومفتاحٌ للفلاح، وبابٌ من أبواب السمو العِرفاني فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ). لذلك فلا عجب أن يضيفه سبحانه إليه بإضافة التشريف ليستضيفه عنده بدعوته إلى حضرة قدسه مُبيِّناً ذلك في تبيانه آياتٍ تُتْلى إلى قيام الساعة: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ). بعد ما تقدم أقول: قضى المولى تبارك وتعالى بحكمته أن تسبق المِنَحَ محنٌ، كي يدفع عبده المحبوب إلى روضة مقام هو من أهم المقامات التي تُعين العبد على التعرف، ألا وهو مقام الاضطرار، ومن أجل تمكُّنِ العبدِ منه جعل جل ذكره خُلَّص عباده من الأنبياء هم المظهرَ له.
من ذلك ابتلاءُ السيد الأعظم عليه الصلاة والسلام بقومه المشركين الذين جحدوا برسالته، وأنكروا دعوته, وحاربوه بالقول والعمل، إلى مستوى التضييق في كل شيء حتى في أبسط الأمور وأيسرها، ولا أدلَّ على ذلك وأوضحَ صورةً مِن قصة هجرته إلى الطائف في تمسكهم بوثنيتهم وشركهم، حتى أحكموا ذلك بالإيذاء والشتم وأعلنوا عن أنهم جبهة قوية اتجاه دينه، وحامية صلبةً مقابل أتباعه، وصرحٌ منيعٌ يحول دون إيصال النور إلى أحد...
ثم إنهم ترجموا ذلك كلَّه بأن أغروا به سفاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وقعدوا له صفين على طريقه، فلما مرَّ صلى الله عليه وسلم بين الصَّفَّيْنِ جعل لا يرفع رجليه ولا يضعهما إلا أرضخوهما بالحجارة حتى أدموا رجليه صلى الله عليه وسلم. وكان عليه الصلاة والسلام إذا أزلقته الحجارة _أي وجد ألمها_ قعد إلى الأرض، فيأخذون بعضديه فيقيمونه، فإذا مشى رجموه وهم يضحكون، كلُّ ذلك وزيد بن حارثة رضي الله عنه يقيه بنفسه، حتى لقد شُج رأسه شجاجاً، فلما خَلُصَ منهم ورجلاه تسيلان دماً عمد إلى حائط من حوائطهم فاستظل فيه، وقد خرج من دائرتهم يائساً من إيمانهم موقناً بعدم إصغائهم غير أنه بقلبه العامر لم ييأس من عناية الله الذي اصطفاه واجتباه، وخصّه برسالاته واحتباه، فعلم بيقين أن الله تعالى مُنجزٌ وعدَه، وناصرٌ نبيه، ومُظهرٌ دينه بحوله وقوته فسلَّم إليه، وفوَّض وتوكل عليه، واحتسب الأجر عنده وذلك بعرض الحال داعيا متضرعاً (اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين؛ أنت رب المستضعفين وأنت ربي، إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني، أم إلى قريب ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب عليَّ فلا أبالي، ولكنَّ عافيتَك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تُنْزِلَ بي غضبَك أو يَحُلَّ عليَّ سخطُك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك).
إن السيد الأعظم صلوات الله وسلامه عليه كان من أجلى المظاهر على التحقيق بالفاقة والافتقار إلى الله تعالى، فكان أن أغناه الله وأكرمه، ثم حباه بضيافةٍ علوية كريمة، ليسمو به كعبدٍ أخلص في عبوديته حتى جعل منها معراجا رقَّاه إلى العلياء، يصور حقيقة هذا المقام بروعة التصوير القرآني وبتعبير لغوي رقيق قولُه تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ). سبحان... أسرى... بعبده. كلمات ثلاث كلُّ واحدة منها تشير إلى جلال المعجزة وقدسيتها وقدر صاحبها، وجلال مُقدِّرها؛
سبحان: إشارة إلى تعظيم الله وتقديسه في سياق مكرمة لنبيه ومصطفاه وحبيبه ومجتباه الذي إن قهره العدو وجفاه فإن خالقه قربه وأدناه، وأخزى عدوه ورده إلى ظلمة هواه، وأعلم أهل الأرض والملأ في علاه أنه هو ربه ومولاه.
أسرى: إشارة إلى أن الله العظيم جل ذكره رفع عبده محمداً صلى الله عليه وسلم بالحسِّ والمعنى في وقت الظلام لنعلم أن القصة إنما هي قصة بدر البدور، ونجمٍ لا كالنجوم نجمٍ يَهتدي الضال برؤيته ويسعد المؤمن بصحبته.
بعبده: أن العبودية الخالصة التي تبوِّء صاحبها سُدَّة الشرف والسمو إنما تكون بخالص التوحيد الذي سما بأعلى درجاته عليه الصلاة والسلام يوم عرض الحال على الله تعالى في ذروة أحوال البلاء والإيذاء فكان في ذلك أعظم شأناً وأشد قرباً وأعلى مقاماً.
فيا أيها العقلاء: آمنو وأيقنو بأن نبيكم صلى الله عليه وسلم هو صاحب تكريم رباني، وسلِّموا في ذلك، فإن المعلِن عنه إنما هو ربكم القادر على كل شيء فإننا كمؤمنين موقنون في أن الأمور العقائدية مآل التصديق بها إنما هو الخبر اليقين من الأدلة المتواترة في كتاب الله وسنة حبيبه الأعظم صلى الله عليه وسلم ثم اعلموا أن قصة الإسراء والمعراج إنما هي قصة معجزة النبي في جملة خوارق العادات التي أيَّده الله تعالى بها، وهي فصل هام من فصول العقيدة الإسلامية في القسم المتعلق بالنبوات، فمن أراد إلغاء هذا الفصل فقد أراد إلغاء القسم بأكمله، ومن فعل ذلك فقد أراد سَلْخَ معنى النبوة من شخص النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام ولا يعني هذا إلا شيئاً واحداً ألا وهو خدمةُ أعداء الإسلام من المستشرقين وأذنابهم الذي لا يألون جُهداً في إبعاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عن دائرة النبوة، وهل يعني هذا كله إلا إلغاءً للإسلام بِرُمَّتِهِ، فمَن بربك يمثل حقيقة هذا الدين سواه صلى الله عليه وسلم، ومَن غيره يليق به أن يكون مجلىً لِحَقائق الإسلام، ومظهراً لجوهره، ومن غيره يبقى في دائرة العناية الإلهية ...؟؟
ألا هل من سامع؟! ألا هل من مجيب؟! ألا هل من عاقل مُتَفَهِّم؟! مِن أولئك الذين نصَّبوا عقولهم أرباباً من دون الله فجعلوا منها موازين _بزعمهم دقيقة!_ والعجب العجاب أنهم يَزِنُونَ كلَّ هدي وتعليم نبوي وكلَّ أساسٍ من أسس العقيدة الإسلامية بميزان فكرهم الشخصي ليقبل ما يشاء ويطرح ما يشاء. إني لأقول لهؤلاء ومن نحا نحوهم ولفَّ لفَّهم، إن كنتم لا توقنون أن تلك المعجزات حاصلة عقلاً فإن مشكلتكم ليست عندها، وإنما في جانب آخر هو من أخطر الجوانب إنه جانب الإيمان بالله القادر على كل شيء والذي لا يعجزه شيء إذن فالمشكلة إيمانية، فتعالوا نجلس على مائدة الحوار لإقناعكم بأن الله عز وجل قادر غير عاجز، وذلك بأنه موصوف بكل أوصاف الكمالات ومنزه عن ضدها، وأنه هو الخالق البارئ والمصور، والمدبر والمقدر، وأنه هو الذي أوجد تلك النظم للكون من عرشه إلى فرشه، ومن سمائه إلى أرضه وأنه الذي يقهر الأشياء بفرض نظامه عليها لا تقهره الأشياء بل (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ). فهل من العقل أن تُقلَبَ المفاهيم وهل من صفاء العقيدة اعتقاد العجز الإلهي عن خرق تلك النظم وهو خالقها.
فهل من عاقل يقول: إن الله تعالى خلق نظام هذا الكون وجعله من اللوازم العقلية عليه فلا قدرة له على خرقها؟؟.. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً؟!
أم أنه نور الإيمان يفرض علينا كمخلوقين _متَّع الله قلوبنا باليقين وضيائه_ أن نعترف بأن الذي خلق النظام للأشياء على نحو كذا قادر على خرقها لمن يشاء من عباده متى شاء، ذلك أنه جل جلاله وتعالت حكمته: (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ). لأنه متصرف في ملكه وهو أدرى بما خلق ومَن خلق (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ). "اللهم بلى" أليس من روائع الإيمان وثمرات العلم الحقيقي أن نعترف موقنين بأن الذي نظم الكون ضمن دائرة ما يسمى _مثلا_ بقانون الجاذبية _فلا قدرة للإنسان على العروج صعداً فيه إلا بربط الأسباب_ أليس ذلك يقادر على أن يخرق تلك النظم لحبيبه الأعظم صلى الله عليه وسلم فيعرج إلى السموات ويخترق حجبها من غير افتقار إلى تلك الأسباب.. وتسألني كيف؟ فأقول: ألم تدرك بعدُ أن النظم كلها والأسباب بأكملها بل وغيرها مما نعلم ومما لا نعلم وما استأثر بعلمه مما خلق وأوجد.
أجل والله إنه لحقٌّ، اللهم إنا نشهدك أنَّا نبرأ إليك من هرطقات أولئك الذين ضلوا وتاهوا حتى عن أوضح الحقائق في كتابك العظيم القائل: (وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً). والقائل أيضاً: (وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ).
وإنا لنسألك يارحيم يارحمن، يا ودود يا جواد، أن نلقاك على عقيدة نبيك وأصحابه الكرام لنكون من سعداء الدارين ياحنان يا منان فإنك خير مأمول وأكرم مسئول.
وصلى الله على سيدنا محمد صلاةً تفتح مغاليق القلوب وتردنا بنورها إلى علَّام الغيوب.
الشيخ محمد الفحام




>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================

>>>> الرد الأول :

اللّهم صلّ و سلّم على سيدنا و حبيبنا محمد صلى الله عليه و سلّم
بااااااااااااارك الله فيك و جزاك كل خير

=========


>>>> الرد الثاني :

جزاك الله خيرا.

=========


>>>> الرد الثالث :

شكرا جزيلا
بارك الله فيك و سدد خطاك


=========


>>>> الرد الرابع :

شكرا جزيلا
قال أحد الملاحدة : أعطوني معلما جيدا أعطكم أمة راقية .
المعلم دائما يحاول أن يكون واسع الأفق.

=========


>>>> الرد الخامس :

شكرا جزيلا أخت فتيحة 10

=========


أشكركم شكرا جزيلا أحبتي في الله على مروركم العطر وأدعيتكم المباركة ولكم بالمثل أضعاف مضاعفة